قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الحادي عشر

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الحادي عشر

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الحادي عشر

استمر الصمت الثقيل مخيما على جو الغرفة، حتى بعد رحيل ليام، انهارت ألكسندرا تماما وهي تمسك بيد ابنها النائم بسلام. عيناها مثبتتان على ملامحه الصغيرة وكأنها لن تراه مجددا...

أخيرا كسر أليساندرو الصمت وهو يضع يديه على كتفيها محاولا اخراجها من الصدمة القوية التي كانت تسيطر بالكامل على أعصابها، شعر أليساندرو بارتعاشها البالغ، يعرف جيدا أنه في مرحلة ما ستطلب منه المغادرة وتركها وحيدة، لكنه كان يرفض الرحيل دون أن يسمع الحقيقة، ألانا أو ألكسندرا. لا يدري بما سيلقبها الآن؟

ألانا خاصته التي كانت ستصبح زوجته قريبا متزوجة لسنوات؟ كل تلك الأيام واللحظات التي ظن أنهم تقاسموها كعائلة كانت تخفي عنه سرا كبيرا كالذي قام ليام ماكسويل بتفجيره.
كل تلك السنوات التي كان يأمل فيها أن يقنعها بالزواج كانت هي تتهرب منه بلياقة لأنها كانت فعلا زوجة رجل آخر، الغموض يلف كل شيء حولها وهو لن يبارح هذه الغرفة قبل أن يعرف الحقيقة كاملة...

اللعنة! كان يجب عليها اخباره! له الحق في معرفة كل شيء فهو كان عراب ابنها وأقرب شيء إلى أب بالنسبة للصبي، لا يستطيع استيعاب أن والد ماسيموس قد عاد، ان هنالك احتمالية ولو ضئيلة في أنه سيفقدهما معا، أحاسيسه كانت قوية لدرجة أنه لم يشعر بقوة ضغطه على كتفيها الرقيقتين إلى أن أنَّت من الألم، تغيرت ملامحه وهو يديرها إليه لينظر إلى وجهها الذي استحال شاحبا من الرعب والخوف.

هل هذه فعلا ألانا حبيبته؟ هل فعلا لم يعد لديه حتى الحق في امساكها بالطريقة التي يفعل الآن؟
- ألانا! تكلمي أنا أريد أن أعرف كل شيء!
كانت تنظر إلى عينيه. لكن أفكارها كانت بعيدة للغاية عن هذه الغرفة، عن لندن وعن بريطانيا بأكملها، وكأن الغمامة التي كانت على عينيها انقشعت فجأة وعاد الماضي إلى الظهور واضحا أمامها.
لقد ماتت شقيقتها الصغيرة ميرديث. وفرت هي منذ سنوات بطفل ليام!

شعرت مرة أخرى بمن يهزها بحنان لينتشلها من هوة الماضي. والتي فتحت فجأة دون سابق انذار...
نظرت إلى عينيه المصممتين لمعرفة الحقيقة وكان له مطلق الحق في أن يسألها. بعد كل هذه السنوات، كان يدين لها بأن تخبره من تكون، تنفست ألكسندرا بعمق محاولة ادخال الهواء الذي انعدم من رئتيها قبل أن تنظر إلى أليساندرو بعينين متوسلتين:
- من فضلك أليساندرو، ليس الوقت مناسبا للشرح. هل يمكن تأجيل هذه المحادثة لوقت آخر!

- لا ألكسندرا! قال بصوت واثق أظن أنه الوقت المناسب لأعرف كل شيء! وعليك أن تخبريني الآن!
اصطحبها للأريكة حيث يمكنهما التحدث دون المجازفة بأن تسقط أرضا، كانت ألكسندرا تعتصر أصابعها بطريقة عصبية، أمسك أليساندرو يديها وطوقهما بيده.
- الآن أخبريني بكل شيء! قال بحنان كبير ليهدئها.

- حصل هذا منذ 7 سنوات قالت وهي تبعد يديها عنه لكي لا تشعر أكثر بالذنب للطريقة التي عاملته بها كل تلك السنوات كنت أحتاج إلى المال استرسلت بصوت جاف.

ظهرت الدهشة على وجه أليساندرو للحظة قبل أن يعود للتركيز على ما تقوله: - في الماضي كانت لدي شقيقة صغيرة، للأسف لم أستطع أن أعيلها بطريقة مناسبة. وكان ليام هو الحل! عرض علي الزواج مقابل مبلغ كبير من المال وأنا كنت غبية ووافقت دون أن أهتم بقراءة بنود عقده السخي جدا. لم أظن لوهلة أنني كنت أبيعه طفلي! في الأخير توفيت شقيقتي بسبب جراحة متهورة. وسقطت الطائرة التي كانت تقلنا أنا وليام بسبب عملية اختطاف، فقدت لأيام في المحيط وحين عدت إلى الوعي أخيرا. كان هنالك أشخاص من المكتب الفيدرالي أتوا لزيارتي ووعدوني بحياة جديدة مقابل الابتعاد وللأبد عن ليام...

سكتت للحظة قبل أن تقول: - كنت قد علمت للتو بحملي بماسيموس. عرفت أنني لو عدت إليه كان أول شيء سيقوم به هو أخذه مني. لهذا وافقت!
رفعت راسها لتنظر إلى ملامحه والتي كان يصعب تخمينها، كانت ترغب في معرفة وقع ما تقوله عليه:
- إنها قصة هوليوودية بالفعل! ضحكت بمرارة لن ألومك إن لم تصدق أي كلمة مما أقوله...
زفر أليساندرو وهو يتأمل ملامحها المتألمة قبل أن يقول: - هل لديه أي دافع ليطالب بماسيموس الآن؟

- لديه كل الدوافع التي يمكنك تخيلها! ليام الآن يشعر بالخيانة ولن يوقفه شيء. حتى يسلبني ماسيموس. يا إلهي! لن أستطيع العيش من دون ابني!
وضعت رأسها بين يديها وانهارت في بكاء مرير. بينما طوقتها يدا أليساندرو بثبات، عيناه مثبتثان على سرير الطفل الذي عاش كل تلك السنوات يعتبره أقرب شيء إلى ابن، كيف له أن يترك ليام يأخده دون قتال؟

- حسنا. لا داعي لكل هذا القلق. دعيني أتكفل بالأمر قال بنبرة مطمئنة لن أدعه يأخذ ماسيموس منا هذا وعد!
في جناحه الفخم بالفندق،
كان جالسا بهدوء يستمع لصراخ أشلي المتواصل والتي أعمتها الغيرة بشكل غير منطقي، حين انتهت أخيرا تحدق إلى عينيه الباردتين، جعلتها نظرته تشعر بالخوف قبل أن ينهض ليقترب من حيث كانت تقف ويمسك بكتفيها يهزها:
- أشلي ما حصل البارحة كان صدمة بالنسبة لنا جميعا!

- أحقا أهذا ما تسميه صدمة! لقد تركتني ليام! تركتني في منتصف غرفة فارغة في قصر شبه مهجور! أحرقت هاتفك لساعات باتصالي! دون حتى أن تفكر في الرد علي! ألا تشعر بأي انزعاج لما حصل لي؟ ألا تهتم ولو لذرة أنني كنت وحيدة؟
- هيا لا تكوني ملكة دراما أشلي! لقد كان بجانبك على الأقل اثنان من أكفأ حراسي! هذا بالتاكيد ليس كأني تركتك لوحدك! وبالنسبة لاتصالاتك تعلمين أن الوقت لم يكن مناسبا للشرح!

تنفس بقوة ليعيد السيطرة على أعصابه التي كانت ستنفلت بمجرد ذكر اسمها مرة أخرى: - ألكسندرا تلفظ الكلمة بمرارة شديدة وكأنها ينفث كل حرف منها زوجتي كانت ميتة بالنسبة للجميع ولي لسنوات، لسنوات طويلة ظننت أنها قد غرقت في الحادث، لذا لا تلوميني إذا كانت طريقة تصرفي فظة ناحيتك أشلي! فهذا أقل ما يمكن حصوله لرؤية زوجة ميتة وهي واقفة أمامي!

خف غضب أشلي قليلا للنبرة المهدئة التي كان ليام يخاطبها بها. تلاقت نظراتهما، عيناها كانتا تطلبانه بالأمان، بالمواساة وبالتاكيد أن يخبرها بأنه لن يتركها، شعر ليام أنه عليه اخبارها بما قرره، لكنه لم يكن الوقت المناسب للحوار، أمسكها قريبا منه بثبات وهو يقول:
- لا داعي للقلق أشلي. كل شيء سيكون على مايرام.
حل الصباح أخيرا،.

فتحت ألكسندرا عينيها بثثاقل قبل أن تعود أحداث الأمس لتشعرها بالمرض، تنبهت إلى أنها لم تكن وحيدة. رفعت شعرها المتناثر حولها لتنظر إلى ليام بقامته المديدة والتي كانت تسد أشعة الشمس المتسللة من النافذة، صرخت ألكسندرا رغما عنها، وهي تنظر إليه يلتفت إليها وتصعقها النظرة المزدرية التي كان يرمقها بها...

كان كنمر حبيس متحفز وعيناه الباردتان تلمعان بغضب، يا إلهي في أي جحيم هي الآن؟! وأين أليساندرو لينقذها من غضبه؟ فكرت وهي تنهض من السرير القريب من سرير ابنها والذي لحسن الحظ كان نائما للآن...
استجمعت ألكسندرا كل القوة التي تملكها للتحرك من السرير دون أن تخذلها قدماها، صوبت إليه نظرة باردة قبل أن تفتح باب الحمام وتغلقه أمام وجهه اللعين...

غسلت وجهها لأكثر من مرة. عادت لتنظر إلى المرآة محاولة استحضار المرأة القوية والواثقة والتي كانت عليها قبل أن يقتحم حياتها مجددا...
تنفست بعمق قبل أن تقرر الخروج أخيرا، فهي لن تظل مختبئة في الحمام إلى الأبد!
حين عادت إلى الغرفة لم يعد ليام واقفا قرب النافذة. كان الآن جالسا قرب ابنها. ضربها احساس مريع من الخوف وهي ترى كيف كان ينظر إلى ماسيموس...

بالتأكيد لم تكن مستعدة للسؤال الذي خرج عفويا من فمه: - ما اسمه؟
- ماسيموس ردت وهي تبلع ريقها بصعوبة
- كانت مارغريت ليعجبها الاسم كثيرا! قال بمرارة
تحركت ألكسندرا لتقترب أكثر من ابنها وهي تقول: - كان ليعجب ميريديث أيضا...
في المساء عاد أليساندرو ليهتم بخروج ماسيموس من المستشفى...
- هل أنت مستعدة ألكسندرا؟ قال وهو ينظر الى تعابير وجهها المبهمة
كانت شاردة لدرجة أنه أعاد السؤال مرتين قبل أن ترد...

لثاني مرة اليوم تسمع اسمها الحقيقي والذي كانت قد نسيته مع مرور السنوات، وضعت يدها على رأسها محاولة ايقاف الألم دون جدوى.
- أنا مستعدة.
اقترب أليساندرو من الصغير الذي كان مستيقظا، ووضع العلبة الكبيرة التي أحضرها بين يديه، ارتسمت على وجه ماسيموس أروع ابتسامة وهو يفتح هديته، قفاز بيسبول وبطاقات للاعبي اليانكيز...
- هذا رائع! قال الصبي وهو يمسك احدى البطاقات يتفحصها بسعادة.

ابتسم أليساندرو للصبي، وهو يربت على رأسه الذي علته الضمادات...
- أنت تستحقها أيها البطل!
ابتسمت ألكسندرا بدورها وهي تنظر إلى سعادة ابنها، تمنت لو تكون هذه السعادة دائمة، فقط لو لم تصر بغباء على ترميم القصر، فقط لو أنها أوكلت عملها لأحد المهندسيين التنفيذين، لما كانت إلتقت به، ولكانت تنعم بالراحة إلى جانب ابنها، ألا يكفيها أنها كادت تفقده؟ الآن بوجود ليام في الجوار أصبحت تشعر بالتهديد بالفعل...

- ألكسندرا هل نحن مستعدون للمغادرة؟ سأل أليساندرو وهو يساعد الصبي على ارتداء معطفه
وقبل أن تستطيع الاجابة، كان ليام يفتح الباب، لتلتقي عيناه بعيني ألكسندرا وتشلها المفاجئة...
- هل كنتم ستغادرون من دوني؟ قال ليام بسخرية لاذعة.

خطى إلى الداخل مقتربا من السرير حيث كان ابنه جالسا وكل اهتمامه على بطاقات البيسبول الملقاة بفوضى على السرير، رفع أليساندرو رأسه وتشابكت عيناه بعيني غريمه، للحظة ظل الصمت الخانق مسيطرا على جو الغرفة، قبل أن يقرر ليام كسره والاقتراب من السرير يتأمل بهدوء الطفل المنغمس في اللعب والذي من الواضح أنه لم يهتم كثيرا لدخوله...

أخيرا رفع ماسيموس رأسه محدقا للغريب الذي كان يحجب أشعة الشمس عنه، أظلمت ملامح ليام الوسيمة، وأصبح وجهه مهزوزا، الصدمة لرؤيته مستيقظا شلت حركته للحظات، لم تقوى ألكسندرا على الكلام، يداها كانتا تتحركان بتوتر...
- ليام أرجوك! هل يمكننا التحدث خارجا؟

تحولت عيناه المظلمتين من الصبي إليها ليحدجها بنظرة قاتلة، كان غاضبا للغاية وهي تعرف جيدا كيف يمكن للغضب أن يستحوذ على كل مشاعره ويجعله خارجا عن السيطرة، عضت على شفتيها بألم.
- علينا التحدث عن هذا بالخارج. أرجوك! مشيرة إلى الباب المغلق
لثوان بدا فيها وكأن ليام غير قادر على الرد، كان يبتلع الغصة المريرة في حلقه بصعوبة. حين تمالك نفسه أخيرا ووجد صوته:.

- أليس الوقت متأخر كثيرا ليكسي! قال ليام بتهكم وأعاد اهتمامه الكامل للصبي
شعرت ألكسندرا أنها أصبحت محاصرة بين الغضب الكاسح لليام ونظرات ابنها المستغربة، اقتربت من السرير وطوقت ماسيموس بذراعيها. خائفة من أن يبدأ بالاحساس بالمشاعر العنيفة التي كانت تجتاحهما، مذعورة من أن يقدم ليام على أي شيء خاطئ أو غير محسوب كإخباره بأنه والده...

لكن بدل ذلك كان الصبي مفتونا بالرجل الغريب، تأمله بدوره قبل أن يقول بعفوية طفولية:
- أنت تشبهني كثيرا!
تمنت ألكسندرا في هذه اللحظة لو كان ابنها ورث أكثر من جيناتها، في حين نظر إليه ليام بفخر وهو يقول:
- هذا صحيح!

كانت لحظة من المشاعر الخالصة، لأول مرة منذ أن إلتقت ليام البارد المتعجرف. كانت المرة الوحيدة التي تراه بمثل هذه الشفافية، وجهه الوسيم كان سهل القراءة ومن الواضح أنه كان ممتنا للغاية لكونه أبا...
شعرت رغما عنها باحساس صغير من الذنب يتسلل إلى قلبها. إن لم يكن اتجاه ليام فبالتأكيد اتجاه طفلها والذي حرمته من وجود والده رغم وجود أليساندرو الدائم...

حبست ألكسندرا أنفاسها وهي تجيل النظر بين ليام وابنها، عيناها ترجتاه بصمت أن لا يتفوه بكلمة، وهو بالتأكيد لم يفعل. انحنى ليصبح وجهه مقابلا لوجه ماسيموس، أمعن النظر في العينين الشبيهتين بعينيه قبل أن يبتسم للصبي وهو يسأله بحنان
- مرحبا. أنا ليام.
تركزت عينا الصبي على وجه والده والذي يراه لأول مرة: - أنت تبدو غاضبا جدا! هل أنت غاضب؟

زفر ليام قبل أن يعيد رسم ابتسامة على وجهه وهو يقول: - بالطبع لست غاضبا!
- أدعى ماسيموس...
أغلق ليام عيناه بسرعة وجز على أسنانه قبل أن يعيد النظر إلى الصبي.
- إنه اسم غير اعتيادي! علق محاولا إخفاء غضبه
- لقد سميت به تيمنا بجدي، إنه صقلي كعمي أليساندرو، أمي وعدتني أنها ستأخذني يوما إلى هناك، لكنها تعمل باستمرار، ربما هذه السنة قد نذهب...

كانت هناك لحظة من الصمت المؤلم، أخفض ليام عيناه وبعدها حول نظراته الغاضبة إلى ألكسندرا والتي ظلت متصلبة في مكانها وهي تشاهد تلك النظرات المحرقة المصوبة إليها، لقد رأته غاضبا في مناسبات لا تحصى، يشهد القدير أنها عرفت جيدا معنى أن يكون ليام ماكسويل غاضبا، لكن هذا الغضب المدمر الذي كانت تراه في عينيه كان مختلفا، وعلمت أن هناك المزيد في طريقه إليها...

ارتعش جسدها من الخوف قبل أن تنظر إلى أليساندرو برجاء...
- من فضلك. هلا انتظرتماني في الخارج وهي تشير إلى الصبي!
حرك أليساندرو رأسه بتفهم.
- ليام أنا.
- ليس الآن! قاطعها بحزم وهو يعيد انتباهه إلى ابنه
أمسك بإحدى الأوراق التي كان ماسيموس يلعب بها
- هل تحب البيسبول؟
- أنا سأكون لاعبا محترفا حين أكبر أجاب بثقة.

أشعت ابتسامة أبوية من وجه ليام وهو ينظر إلى القفاز وبطاقات اللعب قبل ان يقول: - ربما قد أخذك يوما ما إلى إحدى مباريات البيسبول. هل تحب اليانكيز؟
- أنا أعشقهم! قال ماكس بحماس
وأخيرا اقترب أليساندرو من ماكس الذي جمع بطاقاته...
- هل أنت مستعد أيها البطل؟ ما رأيك لو انتظرنا والدتك في السيارة؟
أومأ الصبي برأسه علامة على الموافقة وأعاد البطاقات والقفاز إلى العلبة قبل أن يحملها ويقترب من ليام مودعا...

مشى ليام بخطوات واسعة إلى النافذة الكبيرة مديرا ظهره لها...
خيم على الغرفة صمت رهيب، لم تستطع ألكسندرا أن تتحمل الصمت لوقت طويل وأسئلة كثيرة تتدافع إلى رأسها لتحرق أعصابها.
- ليام.
- لا أريد أن أتحدث الآن! صدقيني كل ما أرغب به في هذه اللحظة هو اقتلاع رأسك من مكانه! فالأفضل لكلينا لو تصمتين!
حين التفت أخيرا، كان يبدو عنيفا قاسيا ومصمما على الانتقام.
- متى سينتهي هذا الكابوس؟ تسائلت بهمس.

أعادت النظر إلى وجهه المظلم وعينيه القاسيتين، تعبير الاحتقار الواضح على وجهه جعلها غير قادرة على التفكير بشيء لتدافع به عن موقفها، تنهدت ثم أغمضت عينيها حتى لا ترى تلك النظرة مجددا وركزت أفكارها على الطريقة التي ستحاول بها اقناعه لكي لا يخبر ماسيموس بالحقيقة.
- ليام. همست ألكسندرا بصوت ضعيف
قلص ليام المسافة التي تفصلهما بخطوات سريعة قبل أن يتوقف فجأة لينظر إليها بكراهية شديدة ويضم يديه بعصبية.

- ألم أكن واضحا بما فيها الكفاية ألكسندرا؟! لقد قلت أصمتي! لا أريد أن أسمع أي شيء من تفاهاتك! لا أستطيع النظر إلى وجهك دون الرغبة في خنقك! فلا تصعبي الأمر علي!
بعد هذه الكلمات القوية والتي ألقاها في وجهها دون أي شعور. أخيرا فقدت ألكسندرا السيطرة على مشاعرها وانفجرت للمرة الأولى منذ سنوات:.

- تبا لك أيها الوغد! أتظن أن لديك أي حق في احتقاري أو المطالبة بأي شيء؟! أنت خدعتني منذ البداية وبطرق ملتوية وحقيرة لسرقة طفلي! عاملتني كساقطة صغيرة مهملة لشهور! ثم تسببت في موت أختي! وتأتي اليوم لتلومني أنني غادرت! أوه! كان من الأفضل لي لو هربت كالجحيم منذ أول يوم وقعت عيناي عليك! كنت لأنعم بحياة مستقرة إلى جانب شقيقتي مريديث!

أتذكرها مريديث؟ التي كنت أنت سببا في موتها! تريد مني أن أشعر بالذنب لأنني أخذت ابني وهربت؟ أنت من عليه الشعور بالذنب لكل المعاناة التي جعلتني أمر بها! تبا لك ولأموالك ولاسم ماكسويل الذي جعلك تتحكم في حياتي!

وقف ليام ينظر اليها بذهول. فكرة أنها لازالت تلومه على موت شقيقتها جعلته عاجزا عن الرد، لم يستطع سوى أن يبعدها عن طريقه ويخرج من الغرفة صافقا الباب وراءه، بينما وقعت ألكسندرا على ركبتيها وهي تتجرع ألم الماضي الذي عاد بكل شياطينه للظهور...
بعد دقائق عديدة تلت خروجه. مسحت ألكسندرا وجهها الرطب بيديها قبل أن تحمل حقيبتها وتذهب للحاق بأليساندرو وابنها اللذان كانا ينتظرانها في السيارة...

تلك الليلة حين وضعت ماسيموس في السرير وجعلته ينام، قررت أخيرا العودة إلى غرفتها ونبش الماضي الذي جاهدت لسنوات لابقاءه مغلقا ونفيه إلى أبعد مكان من عقلها...
قبل 7 سنوات،
خطت ألكسندرا إلى داخل الشقة الصغيرة التي أوتها هي وشقيقتها قبل أن يقتحم ليام حياتها والتي كانت قد دفعت ايجارها لسنة كاملة واحتفظت فيها بكل الذكريات فهي كانت تأمل أنها ستعود إليها فور انتهاء عقدها اللعين...

تخطت البهو الصغير إلى غرفة المعيشة، ثم غرفتها مرورا بكل ركن صغير من الشقة والذي يحمل لها ذكريات لا تنسى إلى جانب شقيقتها الغالية، شعرت بقلبها ينقبض وهي تخطو إلى داخل غرفة مير.
أزاحت كرسيا وجلست على النضدد تتأمل صورهما المعلقة بجانب التسريحة كانت طفلة فاتنة وسعيدة، كيف فقدتها بتلك السرعة؟ كيف؟

عصرت قبضتها بألم وهي تنظر إلى كل أغراضها الشخصية، والتي أصر ليام على أنها لن تحتاجها بعد اليوم لذلك تركتها هنا كانت سعيدة بالحصول على أشياء جديدة، وحياة مثالية تفنن ليام في رسمها إلى أن رحلت عنها كليا، كانت تستجمع قوتها لكي لا تضعف وتستلقي فوق السرير الصغير الذي ضم يوما جسد شقيقتها وتبكي إلى أن لا يبقى هنالك دموع في مقلتيها.
لكنها لم تكن قادرة على سكبها وعملاء المكتب الفدرالي ينتظرونها خارجا...

بحثت في أدراجها وفي أدراج مير الى أن اهتدت أخيرا إلى ألبومهم العائلي والذي كانت تحرص عليه كإرث ثمين، وضعته بين أغراضها قبل أن تقفل غرفة مير، ثم المنزل وتتجه نحو السيارة السوداء والتي كانت في انتظارها لتقلها إلى عالمها الجديد...
عادت ألكسندرا إلى الواقع على صوت رنين هاتفها، قفزت بسرعة إلى الجانب الآخر من السرير والتقطت الهاتف، جاء صوته من الجهة الأخرى ليشلها عن الحركة وهو يأمرها بازدراء.

- أريدك جاهزة بعد نصف ساعة من الآن سآتي لأقلك!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة