قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثاني

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثاني

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثاني

كان الوقت عصرا حين وصلت ليكسي أخيرا الى المنزل، فتحت قفل الباب بيد مرتعشة لتتوقف لدقيقة أمامه محاولة أن تهدء من روعها لكي لا تخيف مير، قبل أن تدلف غرفة المعيشة الصغيرة...

كانت مير منهمكة في مشاهدة التلفاز جالسة على كرسيها المتحرك الذي يصيب ليكسي بالكرب كلما رأت أختها الحبيبة عليه، ابتسمت مريديث ابتسامة عذبة وهي تحرك عجلات الكرسي إلى حيث وقفت ليكسي قرب الطاولة تضع مجموعة من العلب، قبل ان تصرخ بفرح:
- شاينيز فود! يا إلهي مر وقت طويل!

تلألأت عينا ليكسي وهي تنظر إلى ابتسامة مير العذبة، شاعرة بالأسى أنها لم توفر لها الحياة التي كانت تستحقها، راتبها كان ضئيلا وبالكاد يكفي لدفع الايجار وشراء حاجيتهما الأساسية فقط، فلم يكن بوسعها أن تقضي وقتا هي ومير خارجا أو ابتياع أي كماليات كشراء ملابس جديدة...

لكن كل هذا على وشك أن يتغير، كانت قد شعرت بالكثير من الحرج حين أودعت الشيك بحسابها، وكادت تصاب بسكتة في المصرف وهي تنظر إلى المبلغ المكون من العديد من الأصفار بذهول، كيف لهذا المبلغ أن يكون عربونا لعرضه الغبي، لكن لايهم فكرت ليكسي وهي تشاهد الفرح في عيني شقيقتها
يمكنها أن تتحمل سنة في الجحيم مع البغيض ليام إذا كان هذا سيوفر عيشا كريما لمير...

بعد العشاء. كانت ليكسي تحاول جاهدة اشغال ذهنها بالعمل، جلت الأطباق ونظفت المطبخ وغرفة المعيشة، مير التي كانت تحدق فيها بريبة قررت أخيرا أن تسأ:
- هل أنت على ما يرام ليكسي؟
التفتت ليكسي بعد أن أعادت مير السؤال مرتين: - أنا على ما يرام عزيزتي، مجهدة قليلا، بعض النوم وسأكون بخير...
- على ذكر الاجهاد كيف كانت مقابلتك اليوم؟

صعقها السؤال الذي أتى في وقت غير مناسب، أجبرت نفسها على الابتسام قائلة: - لقد حصلت على الوظيفة!
صرخت ميرديث من الفرح وهي ترفع يديها إلى السماء في حركة للنصر...
في تلك الليلة في غرفتها بكت ليكسي إلى أن جفت دموعها. لتستسلم للنوم أخيرا، لكن حتى أحلامها كانت كوابيس عن ليام وتهديده المخيف...
في فيلته الراقية بضواحي أورنج كاونتي،.

خرج ليام إلى الشرفة يستنشق هواء الليل المنعش وهو يحرك كأس مشروبه بين يديه، وضع الكاس على الطاولة أمامه واسترخى على مقعد مريح مغمضا عينيه يفكر في القرار الذي اتخده في لحظة غضب...

كانت مصادفة غريبة أن يلقي اهتماما بالمتقدمين للوظيفة المكتبية الشاغرة فهذا كان غالبا عمل مديرة مكتبه والتي كانت على قدر كاف من الخبرة والكفائة، لكن بما أنها اعربت عن رغبتها في اجازة لمدة سنة كاملة لزيارة ابنها الذي رزق للتو بطفل، كان عليه الاهتمام بنفسه بتوظيف الشخص المناسب...

أثارت انتباهه صورة ألكسندرا على أحد الطلبات، غير وارد أن تكون بالكفائة التي تدعيها خصوصا وأنها لم تدرج أي شواهد جامعية، لكنها كانت مثالية لعرضه المشين، شابة وفي صحة جيدة وهذه كانت بداية جيدة، لم يكن لديه وقت لكي يقوم بالتحري الكافي عنها كل ما تمكن من معرفته في غضون 12 ساعة من مديرها السابق والذي أسهب في ذكر مساوئها، عديمة الفائدة، جشعة وساقطة دون أخلاق...

وهذا بحد ذاته جعلها الفتاة المناسبة والتي كانت ستقبل بسهولة بعرضه اللاأخلاقي.

في مكتبه فاجأته فعلا بالرفض، كان مستغربا لما ارتدته والذي أظهرها بمظهر فقير وبائس، لعلها كانت تريد خداعه بصورة الفتاة الشريفة التي تبحث عن عمل لكي تحصل على انتباهه أو ربما تعاطفه أو المزيد من المال من يدري. لكنه كان بارد لا يمكنه التعاطف مع أحد، بينما المال كان أقل همومه وكان مستعدا لدفع الكثير، حتى أكثر مما يمكنها تخيله...

عصر الكأس بين أصابعه، الوقت كان غير مناسب لرغبات جده المتصابي، فهو يعمل على أكثر الصفقات أهمية في حياته وعدد لا يحصى من البرامج التي كان عليه تطويرها لطرحها مع بداية السنة الجديدة، آخر ما كان يريده هو تشتيت انتباهه بالطريقة التي قام بها العجوز...
نهض ليام وقد قست ملامحه ليلوح بكاسه لتتحطم إلى آلاف الشظايا على المنحدر الصخري الذي تطل عليه الفيلا...

عاد إلى مكتبه وحاول أن يركز في البرنامج الذي كان يعمل على تطويره...
لكنه لم يستطع التركيز، فتح ملفها مجددا، وجلس يتأمل صورتها بتمعن، كانت رائعة الجمال رغم أن الصورة لم توفيها حقها، تستطيع أن تكمل تمثيلها المتقن إذا ما رغبت بذلك فهذا يخدم مصالحه أكثر مما يتمنى، آخر شيء يريده العجوز هي فتاة لعوب لا يفارق المشروب يدها على شاكلة والديه...

تغضن جبينه وتصلب فكه وهو يتذكر كونه كان تقريبا المسؤول عنهما وليس العكس، كانا يعيشان خارج الزمن، حفلات لا تنتهي وملاهي ليلية تم العودة إلى المنزل مترنحين، كان عليه الاعتناء بالمنزل والقيام بكل الأعمال، ومجبرا أن يظل ساهرا طوال الليل محاول عدم النوم لكي لا يستلقيا نائمين على عتبة المنزل ويسببا له المزيد من المتاعب، كان أكثر ما يؤرقه هو أن يعرض للتبني بسبب سوء تصرفهما، وقتها ظهر حبه للألعاب الحاسوب ثم تطور الأمر لحد تصميم لعبه الخاصة ومنها تطوير برامج مهمة جعلت دخوله إلى المعهد العالي للتكنولوجيا ببوسطن أمرا هينا، بمنحة جامعية تمكن من أن يصبح مهندسا لامعا ومبرمجا لا يستهان به في عالم الرقميات...

بعدها أتت وفاة والديه في حريق نشب بمنزلهما، وهذا لم يكن مستبعدا في ظل الحياة الغريبة التي كانا يعيشانها...
لكنه ظل لوقت طويل يؤمن أن السبب وراء ادمان والده وتعرفه على فتاة طائشة كوالدته، لم يكن سوى بسبب أب متسلط رفض أن يسمعه أو أن يقف إلى جانبه بل قرر أن يدير إليه ظهره بدعوى أنه ابن مخيب للآمال...

ظهرت نظرت مستهزئة على وجه ليام، هذا العجوز نفسه الذي أتى ليدعم مشاريعه ويساعده على بناء شركة بحجم ليام أند ماكسيموس هو نفسه الذي يطلب منه الزواج والحصول على وريث تحت التهديد...
مرر ليام اصابعه في شعره اللامع قبل أن يقرر أن يذهب للركض حول الفيلا لكي يخفف من توتره فالنوم كان شيئا بعيد المنال بالنسبة له...

حل الصباح أخيرا، تنفست ألكسندرا ملئ رئتيها قبل أن تزيح الغطاء عنها وهي تفرك عينيها المنتفختين من البكاء، تلوت بطنها بخوف حين تذكرت يوم أمس ومقابلة العمل التي انتهت بكارثة لا تزال غير قادرة على استيعاب أنها وافقت على أن تكون زوجة انسان متسلط وحقير تحت التهديد...

سنة اضافية من حياتها ستضيع، لكن لا بأس فهي كانت تتخبط في الديون منذ سنتين على الأقل يمكنها بعد هذه السنة أن تفكر بالعودة إلى الجامعة وانهاء دراستها، يمكنها أيضا أن تبحث عن طبيب لمساعدة مير على السير مجددا، وأخيرا قد تشعر بالقليل من الأمان والراحة...

لكن ماذا عن كونها ستبيع نفسها من أجل المال، لا يهم أقنعت نفسها بتصميم، على الأقل لم يطلب منها أن تكون عشيقته، على الأقل ستكون زوجة شرعية. هكذا حاولت ليكسي أن تفكر بايجابية والمياه الدافئة تنساب على جسدها المنهك بغزارة...
خرجت أخيرا من الحمام ملتفة بفوطتها الصغيرة، كان الهاتف يرن بازعاج، اخدته من على الطاولة الجانبية لسريرها واجابت بصوت مضطرب:
- منزل ليكسي. من معي؟
- صباح الخير ميا بيلا...

قصف قلبها بقوة وهي تنصت إلى صوته البارد والذي أثار الرعب في نفسها وجعلها تتشبت بالفوطة وكأنه قادر على رؤيتها...
- أنت. ما الذي تريده؟ قالت ليكسي بعصبية
سمعت ضحكته الساخرة من الجهة الأخرى وهو يقول: - أليس غريبا مثل هذا السؤال من زوجتي المستقبلية؟
- سيد ماكسويل. لا داعي لهذا المزاح! قالت ليكسي باضطراب.

- أنا لا أمزح رد بصوت قاطع، قبل أن يتكلم وكأنه يأمرها سيأتي سائقي لاصطحابك بعد نصف ساعة، أتمنى أن تكوني مستعدة!
- لا بد أنك تمزح! قالت ألكسندرا غير مصدقة
- بعد 29 دقيقة بالظبط رد بصوت متهكم أتوقع أن تكوني في انتظاره إلى اللقاء!
أغلق الهاتف في وجهها، بينما ألجمت الصدمة كل حواسها...

جلست ألكسندرا مطولا وهي تنظر إلى انعكاسها في المراة ببلادة، ما الذي ستخبر مير به الآن؟ كانت تظن أن لديها الوقت الكافي لتمهد لها فكرة أنها سترتبط، لكن الآن ما الذي كان عليها أن تقوله؟
لم تكن تحتاج إلى الكثير من الوقت للتأنق، أخدت أول جينز وقميص في خزانتها قبل أن تجمع شعرها الذهبي على شكل ذيل حصان وتذهب لتوقظ مير...

كانت مير مستقيظة بالفعل، قبلتها قبل أن تساعدها على الاستحمام وتغيير ملابسها وتذهب لتجهز الفطور.
حالما قضمت ليكسي قطعة من التوست الساخن، علا جرس الباب معلنا عن قدوم الضيف الغير مرغوب فيه...
بعدها بساعة كانت ليكسي وإلى جانبها مير الذاهلة تستقلان طائرة مروحية عليها شعار شركة ليام اند ماكسيموس متجهة نحو أورنج كاونتي حيث يعيش أفظع انسان قابلته في حياتها...

اتسعت عينا ليكسي للمناظر الرائعة والجمال الخلاب لجنوب كاليفورنيا والتي لم تره سوى في الصور...
كانت مير صامتة بشكل لا يطاق، حدقت ألكسندرا في وجهها المضطرب قبل أن تقربها إليها:
- هل أنت بخير مير؟
- أنا بخير ردت ميريديث باضطراب وسأكون أفضل لو شرحت لي ما الذي نفعله في طائرة رب عملك الجديد...

بالنسب لطفلة في عمرها، كانت مير ذكية بشكل كبير، مما جعل محاولة اخفاء معلومات عنها بمنتهى الصعوبة، تنهدت ليكسي بقوة وهي تقول:
- سأخبرك بكل شيء عزيزتي لكن ليس الآن...
كانت ليكسي تحاول الاستفادة من الوقت إلى أن تجد مبررا قويا يمكنه أن يصمد أمام أسئلة مير الكثيرة...

وأخيرا وصلا اِى المدرج الخاص بطائراته، قبل أن يقترب منهما حارسان من الحرس الشخصي لليام واللذان تكلفا بحمل حقيبتيهما واصطحابهما إلى الفيلا...

الفيلا التي يسكنها ليام كانت أقرب ما تكون إلى قصر صغير، لم تكن قادرة على منع نفسها من تأمل المنظر الرائع للهندسة المعمارية وخصوصا أنَّه كان تخصصها، كان واضحا أن ليام قد اهتم بكل تفصيل، ووجدت نفسها تتجول داخل البهو بعين ناقدة، بينما مير تتأمل كل هذا الثراء بصدمة...
اقتربا أخيرا من شرفة واسعة تطل على المسبح والذي كان بدوره يطل على منظر خلاب للمحيط الهادئ.

الآن عرفت لما ليام يفضل العيش هنا بعيدا عن جو نيويورك البارد والخانق، كانت منهمكة في تأمل هندسة الحدائق حين جاءها الصوت القوي الساخر من ورائها ليجعلها تجفل:
- هل يعجبك المكان؟
قال ليام وهو يقترب منها ويضع يده على خصرها بطريقة جعلتها تتجمد قبل أن يقع نظره على العينين الزرقاوين اللتان كانتا تنظران اليه باستغراب...

كانت تنتظر من ليام أن يصرخ في وجهها، أن يسألها عن مير وأن اتفاقهما لم يشمل أختا صغيرة مقعدة، ولكن لصدمتها الكبيرة حين تركها ونزل على ركبتيه أمام مير، صافحها بابتسامة رائعة أصابتها بالعجز للحظات، تجمعت الدموع في عينيها للاستقبال الحار الذي حف به أختها الصغيرة، عكس النظرات المشمئزة التي كان يخصها بها.

قاموا بجولة في المنزل الضخم كان ليام يدفع كرسي مير المتحرك وهو يخبرها عن جمال المقاطعة قبل أن يعدها بجولة ليلية في المدينة...
كان اهتمامه منصبا على ميرديث، وبالكاد أعطى أي إلتفاتة لليكسي، مما جعلها تشعر بالحيرة كيف أن يمكن تجتمع الطيبة والحقارة في انسان واحد...
سرحت في أفكارها بعيدا لدرجة أنهالم تنتبه أنهما وصلا أمام باب مغلق قبل أن يفتحه ليام...

دفع مير إلى الداخل قبل أن يقول: - هذه ستكون غرفتك مؤقتا إلى أن أرتب غرفة تليق باستقبالك، سأبعث إليك بماريا وهي مدبرة منزلي وسيدة لطيفة ستساعدك على الشعور وكأنك في منزلك الخاص...
ربت على شعر الفتاة الأشقر بحب قبل أن يشير إلى ليكسي المصدومة والتي كانت ترمقه بنظرات طغى عليها الاستغراب.

حتى مير لم تستطع إلى أن تقع تحت سحر ليام، حركت يدها ملوحة لهما قبل أن تقترب من نافذة غرفتها الجديدة والتي كانت تطل على منظر رائع للمحيط، تشعر وكأنه حلم...
حين وصلا الرواق، جائها صوته البارد البغيض وهو يسألها بينما نظراته الساخرة تتجول على ملابسها البسيطة باحتقار:
- هل يمكن أن أعرف لماذا لم تخبريني بوجود أخت لك؟!
أعادت إليه نظرت قوية رافضة الانصياع للإذلال الذي كان يحاول أن يشعرها به وهي تقول:.

- أكان هذا ليثنيك عن ابتزازي؟
سكت قليلا وظهرت ابتسامة متسلية على جانب فمه الحسي قبل أن يرد باستهزاء: - لا أظن ذلك، مع أنني مستغرب فعلا أن تحظي بأخت لطيفة كمير، بعض الأطفال حظهم فقط يكون عاثرا!
تمكنت ليكسي من أن تقرأ نظرة محيرة في عينيه، كان ليام ببساطة خليطا من الوسامة المدمرة والشر الخالص، شعرت فجأة بغصة تتكون في حلقها من تعليقاته السامة...

ابتلعت الكلمات التي كانت ستمطره بها بصعوبة، هي مضطرة أن تتعايش مع هذا الوضع لسنة من الآن، وآخر اهتماماتها شرح دوافعها لانسان عديم القلب مثل ليام ماكسويل...
مشت أمامه وهي تقول بعجرفة: - أنا متعبة هل من الممكن أن تريني غرفتي فأنا أحتاج إلى الراحة...
أشار إلى باب في آخر الرواق: - هذه ستكون غرفتك استمتعي! قال قبل أن يعطيها ظهره ويتركها فاقدة النطق من الاهانة المتعمدة.

فتحت ألكسندرا الغرفة التي أشار إليها وحبست أنفاسها من الصدمة، كانت الغرفة أكبر من شقتهما في نيويورك، مكونة من غرفة لتبديل الملابس حيث مجموعة خزائن ضخمة تتوسطها طاولة كبيرة وأريكة بلون أزرق مخملي كان هذا كله غير حقيقي بالنسبة لها...
غرفة النوم فرشت بسرير مغطى بشراشف من القطن المصري الفاخر، مقابله أريكة بنفس لون الستائر وطاولة زجاجية منخفضة.

أما الحمام الرخامي فجعلها تشعر وكأنها كليوباترا، وقاومت رغبة كبيرة في القفز داخل الجاكوزي المليئ ببثلات الورود الحمراء، لا بدَّ أنَّها تحلم قالت وهي تقرص يدها بغير تصديق...
وأخيرا عادت إلى الواقع المر وهي أنها هنا تحت التهديد، مضطرة للزواج من رجل متجمد الاحساس، الشعور الوحيد الذي تكنه له هو الكره...

فتحت ستائر الغرفة لتسمح لأشعة الشمس بالدخول، كانت الشرفة تطل على الحدائق التي كانت تحيط بالفيلا، انتبهت إلى أن ليام كان واقفا قرب حوض السباحة إلى جانب فتاة فاتنة، أشاحت بنظرها تتأمل روعة الغروب، آخر شيء تهتم له هو ليام ماكسويل وعلاقاته المهم هي مير وكيف ستشرح لها وجود هذا الغريب في حياتهما.

قرب حوض السباحة كان ليام مشغول باعطاء أوامره للفتاة الشابة والتي أرسلت من أكبر دور أزياء في المقاطعة، كانت ستهتم بالكسندرا لجعل خزانة ملابسها لائقة بزوجة رجل ثري وذو نفود كليام، الآن كان اهتمامه منصب على مير، كان يريد أن يجعلها تشعر بالسعادة في منزلها الجديد...

غريب كيف شعر باحساس من العطف اتجاه فتاة التقى بها للتو، خيل إليه أنه ينظر إلى نفسه وقد عاد فتى صغيرا في سن 13 مجبرا على العيش مع والدين مستهترين، مير الصغيرة تحت وصاية انسانة دون أخلاق وأنانية كألكسندرا...
الفكرة وحدها جعلته يشعر بالغضب، سيحميها وسيجعل حياتها سهلة وعد ليام، والأهم أن يعرف من ألكسندرا كيف أصبحت مير على كرسي متحرك...

بالكاد كان يستمع إلى ثرترة الفتاة المتواصلة حول الملابس وتصفيفات الشعر والاكسسوارات...
زفر بملل قبل أن يقول بنبرة جافة: - يمكنك الانصراف والعودة غدا فالسيدة متعبة وأشك في أنها قادرة على استقبالك!
مشيرا إلى أحد الحرس الواقفين على مقربة والذي تكلف بايصالها...

بعد أن أخدت ألكسندرا حماما دافئ وغيرت ملابسها إلى فستان بسيط باللون أسود جعلها تبدو كفتاة صغيرة، قررت الخروج أخيرا للبحث عن مير، وصلت إلى الغرفة والتي كانت تبعد مسافة قصيرة عن غرفتها، فتحت الباب وأطلت براسها كانت الغرفة خالية وتسبح في الظلام، انقبض قلب ليكسي وشعرت بالخوف يتسسل إلى كل خلية من خلايا جسدها...
فجاة علا صوت مير من آخر الرواق بضحكة رنانة، اندفعت ليكسي جهة الصوت...

كانت مير على كرسيها وإلى جانبها جلس ليام، والغالب أنهما لم يشعرا حتى بوجودها فكرت بصمت، فقد كانا منهمكين باللعب بإحدى لعب الفيديو التي صممها للتو...
- إنها رائعة سيد ماكسويل...
- ناديني ليام! قال مقاطعا قبل أن يرفع رأسه وينظر إلى ليكسي بنظرة باردة وأخيرا أتيت كنا على وشك النزول بدونك!
وضعت ألكسندرا يدها تمسد طيات وهمية في فستانها قبل أن تقول: - أظنني غفوت قليلا...

تأملها بنظرة احتقار قبل أن يحمل مير الذاهلة بين ذراعيه معطيا إياها ظهره ودون أن يلتفت إليها:
- العشاء يقدم في الساعة الثامنة وماريا لن تكون مسرورة إذا تأخرنا...
تبعته دون صوت إلى الأسفل ومنه إلى قاعة الطعام الكبيرة، والتي كانت ألوانها دافئة بشكل يبعث على الراحة...
ابتسمت لماريا والتي أعادت اليها ابتسامتها بتحفظ لتجلس حيث أشار لها بينما يضع مير على أحد الكراسي إلى جانبه...

كان العشاء رائعا، لكنها لم تستمع بأي منه ووجدت نفسها تحرك الطعام في طبقها دون لمسه، حين علق ليام بسخرية:
- أهذه حمية جديدة للحفاظ على الوزن المثالي؟!
فتحت فمها محاولة الرد، قبل أن تصدمها صراحة مير الطفولية: - ليكسي مغرمة بالطعام، ولا تقوم بأي نوع من الحميات، بل على العكس فهي تأكل كل أنواع الحلويات وخصوصا الشوكولاتة، هي فقط محظوظة لأنها لا تكتسب وزنا بسهولة...

ابتسم ليام للفتاة الصغيرة والتي كانت تتحدث إليه بطلاقة وكأنهما على صلة منذ وقت طويل وهذا أسعده كثيرا وخصوصا بوجود ليكسي والتي كانت تتململ في كرسيها وكأنها مصابة بالرعاش...
انتهى العشاء أخيرا والذي كان بمثابة تعذيب لها وأخيرا تمكنت من وضع مير في السرير قبل أن يقترب ليام ويطبع قبلة على شعرها الحريري متمنيا لها ليلة هانئة...

حالما وجدت نفسها في الرواق كانت تريد الهرب إلى غرفتها لكن صوته الرجولي القوي أوقفها وهو يطلب منها مرافقته، انصاعت لأوامره دون جدال، وتبعته إلى الطابق السفلي حيث غرفة مكتبه...
-تفضلي.
قال وهو يشير إلى صوفا جلدية بلون بني غامق، جلست بانصياع فقد كان اليوم موثرا للأعصاب بشكل لا يطاق وليام لم يقم بأي شيء سوى تغذية هذا التوتر...
- أظن أنني أرغب في معرفة كيف انتهى بشقيقتك حبيسة كرسي متحرك...

ارتعشت ليكسي من الصدمة وهددت دموعها بالانهمار، كان ليام يفتح أحد أقسى جروحها ألما...
احنت راسها محاولة امتصاص الغضب والقهر اللذان تشعر بهما فآخر ما تريده هو نظرة اذلال أو شفقة من عينيه...
حين رفعت رأسها كانت قد عادت إلى البرود المتقن الذي غلفت مشاعرها به قبل أن تقول دون أي نبرة ضعف:
- حادث، تعرضت مير ووالداي لحادث، توفي والدي وأصبحت مير مقعدة، أهذا يجيب على أسئلتك!

ضاقت عينا ليام وهو يرمق ليكسي بنظرة جليدية اخترقت جسدها وجعلتها تشعر بالبرد رغم أن الجو كان مبهجا...
كيف لها أن تصور موت والديها واعاقة اختها بتلك البساطة ودون أي انفعال يذكر فكر ليام بقرف، كانت بالفعل كما وصفها مديرها السابق مرتزقة وساقطة انتزع نفسه من على الكرسي المريح حيث كان يجلس ونظراته مصوبة عليها قبل أن يقترب ملقيا بحزمة كبيرة من الأوراق على الطاولة أمامها:.

- هذه بنود عقدنا المبرم، أتمنى أن تقرئيها وتوقعي على موافقتك، مشيرا إلى خانة في الأسفل
حدقت ليكسي في الحزمة بتعب، لم تكن قادرة على أن تقرا أي شيء، كانت حزينة وبائسة وترغب بالذهاب إلى غرفتها لتحتمي بجدرانها وتبكي كل الظلم الذي تعيشه...
نظرت إلى الاوراق بلا مبالاة، تمكنت من أن تقرا أول خمس أسطر والتي كانت تنص على أنها لن تربح أكثر من القيمة التي اتفقا عليها وهي 100 مليون دولار...

رفعت رأسها إلى ليام المتكئ على حافة مكتبه مكتفا يديه على صدره، يتأمل وجهها المصدوم بتسلية...
- غير معقول!
قالت ليكسي غير قادرة على تصديق أن ماقرأته فعلا حقيقي، 100 مليون دولار! أهذا ما يعرضه عليها لتكون زوجته لمدة سنة؟!
- هل المبلغ غير مناسب لك ميامور؟ أتريدين المزيد؟! شخر ليام وهو يرمقها بنظرات محتقرة
بعد هجومه المباغت وكلماته المسمومة، سكتت ليكسي للحظة قبل أن تقول: - لا بأس إنه مناسب...

سنة واحدة مع انسان بغيض كليام، أنا أستحق كل سنت منها
غمغمت من بين شفتيها قبل أن تضع توقيعها وترحل دون أن تتصفح أي بند من بنود الصفقة أو توجه إليه أي كلمة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة