قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثالث عشر

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثالث عشر

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثالث عشر

نائمة فوق السرير الأبيض الصغير لزنزانتها القاتمة، تركها أليساندرو لتفكر في ضرورة اعترافها بهويتها الحقيقية، وهو ماكانت ترفضه بشدة منذ قليل، عودة هويتها الحقيقة كان يعني اعترافا صريحا منها بأنها زوجة ليام، كانت سترحل إلى الولايات المتحدة لتخوض حرب وصاية شنيعة على ملعبه، حيث كانت ألكسندرا مايلز الأمريكية الصغيرة النكرة وهو ليام ماكسويل المهندس الشهير التي تستعين به الحكومة الأمريكية لحفظ ملفاتها السرية، وبالطبع تدمير ملفها الخاص...

لامت نفسها كثيرا وهي تنظر إلى سقف زنزانتها الاسمنتي بلونه الرمادي الكئيب، كان عليها أن تحتفظ بأي شيء يدل على العقد الذي وقعته منذ سنوات...
كيف كانت بهذا الغباء وكيف سمحت لنفسها بأن تتخيل أنها في مأمن من ليام وإلى الأبد.
اليوم هي بين نارين، إما أن تعترف بأنها ألكسندرا مايلز وبالتالي تخوض حربها معه، أو أن تفضل البقاء وتواجه السجن...

وضعت يديها في الكتلة النارية لشعرها والتي أصبح لونها شاحبا، لقد مر اليوم أسبوع على حبسها وليس هنالك من أمل في اطلاق سراحها قريبا مالم تتخد قرارها...
تنهدت بحزن وهي تتقلب على السرير محاولة التفكير بايجابية، فبقائها هنا بعيدا عن ماكس كان سيصيبها بالجنون...
قبل 7 سنوات،.

أمسكت يد قوية بيد ألكسندرا الخائفة بينما ممرضتان تدفعان بالعربة نحو غرفة الولادة، كان العرق يتصبب من جبينها بغزارة، موجات الألم الغير محتملة قد انتهت للتو، سمحت لها الراحة الأنية التي تشعر بها أن تنظر الى صاحب اليد الكبيرة، فكه مزموم بشدة يبدو عليه التوتر رغم أنه يحاول اظهار العكس...
ابتسم لها بمحبة وشعرت برغبة كبيرة بالبكاء وهي تتخيل ليام يمسك يدها ويحثها على أن تكون قوية.

- لا تتركنني ألساندرو! قالت وغلبها الألم مجددا
عصرت على يده بقوة وهي تصرخ، كان الألم يتزايد مع كل نفس تأخذه، حاولت إحدى الممرضات أن تسحب يد أليساندرو من يدها دون جدوى كانت تتشبث به بقوة لم يظن أنها تملكها، أخيرا توقفت الممرضة عن المحاولة وهي تمنحه رداء معقم لتقول:
- أظن أنك ستحضر الولادة معنا!

أشارت ألكسندرا برأسها علامة على الموافقة وهي تنظر إلى أليساندرو برجاء. ابتسم لها ابتسامة محفزة وهي يمسك بيدها بثبات، قبل أن يضربها الألم قويا مرة أخرى، بينما دخل الطبيب الذي طمئنهما أن كل شيء على مايرام، بجهد كبير قاوم أليساندرو الموقف وهو ينظر إلى ملامح ألكسندرا المعذبة وهو يحثها على التنفس بعمق...
أخيرا خرج صوت الصغير إلى الوجود...

ابتسمت ألكسندرا من بين دموعها وهي تطلق صراح يده أخيرا لتأخد طفلها المدرج بالدماء بين ذراعيها...
- إنه رائع! قالت ألكسندرا وهي تلثم يديه الصغيرتين
ابتسم أليساندرو وهو يقبل جبينها وينظر إلى الطفل الصغير، يومها وعدها أنه لن يتركها أبدا وأنه سيظل إلى جانبها مهما حدث...

تنفست ألكسندرا بعمق، كانت ذكريات السنوات الماضية تهاجمها بعنف منذ أن عاد، مسحت دمعتين تسللتا رغما عنها، وعادت تتقلب في سريرها في محاولة يائسة للنوم...
في الجهة الأخرى من المدينة،
كانت أشلي قد انتهت من ترتيب ملابسها للرحيل، نظرات ليام كانت مبهمة وهو يحدق في شاشة حاسوبه، أخيرا رطبت حلقها وهي تقول:
- ليام، أنا سأرحل، ليس هناك هدف من بقائي!

رفع ليام رأسه عن حاسوبه وحدق إلى ملامحها باهتمام قبل أن يقول: - أنا أيضا ليس هناك من سبب يدفعني للبقاء سنرحل الليلة أشلي!
لم تجادله ولم تحاول معرفة ما الذي يخطط له، أشارت برأسها علامة على الموافقة وانسحبت إلى الحمام بهدوء...
بينما عادت عينا ليام للتحديق في حاسوبه...

في السيارة التي كانت تنقلهما إلى المطار، ظل ليام بعيدا جدا، كان وجهه متجهما يدل على تفكير عميق، أخيرا قررت أشلي قطع الصمت وهي تمسك يده، انتفض ليام من لمستها ورفع رأسه لينظر إلى عينيها مستفسرا:
- لقد مر أسبوع ليام. وللآن نحن لم نتحدث عن مصير علاقتنا، تنفست بعمق خائفة من النهاية الحتمية لهذه المحادثة لكنها كانت مضطرة.

فركت يديها باضطراب، حيث كانت خاتم الخطوبة يلمع، أخيرا سحبته بحركة عصبية ووضعته في يد ليام، الذي ظل صامتا لبعض الوقت يتأمل الماسة المتلألئة في ضوء السيارة، قبل أن يضعها في جيب سترته باهمال...
أعادت أشلي بعض خصلاتها النافرة وراء أذنها وهي تحاول أن تظهر بمظهر قوي...

- أظن أنه ليس الوقت المناسب لنكون معا، حين تنتهي من كل هذه الفوضى سأكون بانتظارك! سكتت قليلا وهي تلتفت لتتأمل الشارع المرصف بعينين لامعتين.

ظل جو من الصمت مخيما على الطريق، وحتى بعد أن استقلا الطائرة من عاصمة الضباب نحو نيويورك، تعمد ليام الابتعاد عن طريقها وقررت أشلي تصنع النوم هربا من الألم الذي ينهشها، ليام لم يعترض على فسخ خطوبتهما بل شعرت أنه كان موافقا ولو بشكل ضمني على قرارها، هو حتى لم يطلب منها التمهل أو التفكير في الأمر، أخذ الخاتم منها ببساطة ودون أي اعتراض، ربما كانت علاقتهما من البداية ضربا من الجنون، ليام لم يعبر لها عن حبه يوما. تلك الحقائق الكثيرة التي كانت تضرب رأسها وشريط من الذكريات السريعة يعبر مخيلتها عن علاقتهما جعلها تشعر برغبة في البكاء مجددا.

ألقت نظرة أخيرة على الجسد القوي والذي كان يعطيها ظهره، بدا بعيدا بأفكاره وحتى متشنجا، أغمضت عينيها وانغمست في كرسيها الكبير تنشد القليل من الراحة...
في الجهة الأخرى من المحيط،
كان أليساندرو قد أنهى اتصالا جديدا مع المحامي الذي يتولى قضية ألكسندرا، كان يريد بكل الوسائل أن يدفعها إلى تقبل هويتها الحقيقية، مستحيل أن يتركها تدخل السجن، وهذا ماكان سيحصل إذا ماقررت التشبث بعنادها.

محاميه كان صريحا وهو يخبره أن المحاكمة ستكون في الأسبوع المقبل، إذا ما ظلت ألكسندرا على رأيها ولم تقبل بشرط المدعي العام...
كانت الصفقة تقضي بترحيلها إلى الولايات المتحدة وإلا ستتهم بالاحتيال...
تنفس أليساندرو بقوة محاولا التنفيس عن غضبه المتزايد من كل ما يحدث. يشعر للمرة الأولى أنه ضعيف وغير قادر على حماية المرأة الذي يحب، ليام ماكسويل كان قاسيا جدا في حقها...

من يدخل زوجته السجن بحق السماء؟! قال وهو يضع يده في شعره الأسود اللامع بعصبية يا إلهي ما الذي يحدث لي!
لطالما كان أليساندروا شخصا قويا وعقلانيا لم يكن يتسرع في اتخاد أي قرار، لكنه في ظل الظروف الجديدة كان يشعر بالتوتر وضرورة العمل بسرعة، فخصمه كان يتحرك بسرعة فائقة، لقد أدخلها السجن في ظرف يومين من عودته...

أخيرا أخرجه من أفكاره القاتمة صوت الخادمة التي أتت لتخبره بأن كاثرينا وماكس بانتظاره على العشاء...
حرك رأسه وصرف الخادمة بحركة من يده ليعود لتأمل صورة ألكسندرا الموضوعة على مكتبه، كانت سعيدة وماكس بين ذراعيها...
أقسم أنه لن يجعل هذه الابتسامة تختفي مهما كلفه الأمر، أغلق النور الجانبي لمكتبه وخرج متجها نحو غرفة الطعام...

كان ماكس جالسا بحزن، بالكاد نظر إلى أليساندرو حين وصل، ابتسم أليساندرو وهو يقترب ليجلس إلى جانبه، حرك شعر الصبي بفوضوية. لكن الصبي ظل واجما، بالعادة كان يفرح بمثل هذه المضايقات بل يستقبلها بمرح طفولي، لكن اليوم كان الطفل في مزاج هادئ جدا جعل ملامح أليساندرو تتصلب، نظر إلى شقيقته نظرة استفسار لتبتسم له وهي تنظر إلى الصبي بحنان:
- لقد كان يسأل عن ألكسندرا قالت كاترينا بحزن.

زفر أليساندرو بعمق محاولا السيطرة على مشاعره قبل أن يلتفت إلى الصبي ويقول: - أهذا كل ما في الأمر ماكس؟ هل تشتاق إلى أمك؟
رفع الصبي رأسه لينظر إلى أليساندرو والذي تصلب فكه من منظر عيني الصبي الحزينتين:
- لقد رحلت! هي حتى لم تودعني!
اقترب أليساندرو من ماكس وركع على ركبتيه لينظر في عينيه: - أنت تعرف أن أمك تحبك أكثر من أي شيء في الوجود، أليس صحيحا؟
أومأ الصبي موافقا...

- إذاً أنت تعلم أنَّ والدتك تعمل على مشروع مهم، لهذا كان عليها أن تسافر سريعا...
- هي لم تتصل بي!
- ستتصل بك. هذا مؤكد قال أليساندرو في محاولة لجعله يهدئ ما رأيك لو نحاول الاتصال بها غدا؟ موافق؟
حرك الصبي رأسه علامة على الموافقة.
بعد العشاء،
وضع أليساندرو ماكس في السرير...
- هل تريد أن أقرأ لك قصة قبل النوم؟ سأل ليساندرو بعطف أبوي
حرك الصبي رأسه علامة على النفي قبل أن يضع رأسه على الوسادة ويغمض عينيه.

زفر أليساندرو بقوة للمنظر المؤلم، فالصبي كان يشعر بما يحدث حوله، وكان هذا كفيلا بجعله مضطربا وحتى خائفا، أغلق الباب ورائه بعد أن قبله على جبينه، عاد إلى غرفة المكتب ليفكر في الخطوة الثانية، يجب عليه أن يزور ألكسندرا غدا.
في قصره بأورنج كاونتي كاليفورنيا،
عاد ليام بعد رحلة طويلة قضاها بين طائرته الخاصة والهيليكوبتر، كان منزعجا ومتعبا لكنه لم يكن حزينا بالمرة...

تفقد جيب سترته، سحب خاتم الخطوبة ذي الماسة الضخمة والتي لم تعن له شيئا في مطلق الأحوال قبل أن يرمي به على سطح المكتب باهمال...
بحث عن صورة ألكسندرا وأخرجها من درج مكتبه، كانت الصورة من يوم زفافهما بكابري، ظهرت متألقة بفستانها الأبيض، تأملها، كانت تبتسم.
ضربته موجة من الذكريات وهو ينظر إلى الصورة، كانت فاتنة، مغرية بشعرها الحريري والذي كان يتطاير حولها...

وضع الصورة مجددا في الدرج واقترب من الرف ليأخد كأسا ويملأها بالبراندي قبل أن يقترب من الشرفة المطلة على التل الصخري ينظر إلى أمواج البحر بعقل شارد...
لقد عادت ألكسندرا إلى الحياة!
بل كانت حية لسبع سنوات...

هو فقط الغبي الوحيد الذي صدق موتها، لكن هذه المرة لن تهرب منه بهذه البساطة! لسنوات ظل يبحث عنها غير قادر على الاعتراف بموتها وحين قرر أخيرا المضي قدما بحياته، ظهرت كالجحيم لتعيد فتح كل الجروح القديمة، ويعود جرحه الدامي للنزيف مجددا...
نظر بعنف إلى السائل العنبري الذي كان يتلألأ بفعل ضوء القمر، قبل أن يسيطر عليه الغضب ويلوح بالكأس من على التل...
كانت تخدعه! اختطاف الطائرة كان فرصتها للهرب!

مخادعة! سارقة! هذا ما أنت عليه ألكسندرا مايلز! وأنا سأجعلك تدفعين الثمن!
بعد الأفكار السوداء التي طغت عليه لم يستطع ليام النوم كالعادة، فقرر أن يعذب نفسه، ارتدى ملابس الركض وذهب ليعدو على رمال الشاطئ الباردة...
حل الصباح أخيرا،
فتح ليام عينيه بتكاسل، كل عضلة من عضلات صدره تعذبه بألم رهيب، كان قد ركض على الشاطئ لساعات ثم عاد ليكمل تعذيبه في القاعة الرياضية. إلى أن شعر أخيرا بالتعب...

حرك يديه المتيبستين قبل أن يقفز من الفراش نحو الحمام، ليحد من ألمه الجسدي...
حين خرج، كان البخار الساخن قد تكفل بتليين عضلاته والحد من ألمه، ارتدى ملابسه بسرعة وسيطرت عليه فكرة مجنونة في الذهاب إلى كابري...
لم يكن يعرف ما عليه أن يفعله الآن بعد أن زج بها في السجن وتركها هناك، هل يأخد الطفل منها ويرحل ببساطة...
للجحيم! لا! ألكسندرا سرقت منه! عليها أن تدفع الثمن! والسجن كان أقل مما تستحقه!

أخيرا ارتدى سترته ورفع هاتفه ليتصل بطاقم الحراسة لتجهيز وسيلة نقله، سيعود إلى لندن!
في مخفر الشرطة،
جلست ألكسندرا تنظر إلى أليساندرو بعينين غائمتين، كانت قلقة وحتى مرتبكة وهي تتأمل المحامي والذي كان ينظر إلى الأوراق أمامه باهتمام بالغ...
أخيرا رفع نظره عن الأوراق ووضع نظارته جانبا، لم تتوقف ألكسندرا عن التململ وهي تنظر إليه بترقب حذر...
- ما الذي سنفعله الآن؟

- ليس هناك الكثير لنفعله. ألكسندرا أنت عليك قبول الصفقة مادامت متاحة...
- هل تعي أنك تريدني أن أتخلص من هويتي؟ هل تعرف ماذا يعني هذا بالنسبة لي؟

سكتت قليلا محاولة ايجاد كلمات مناسبة لتشرح وضعها: - أنا وقعت عقدا منذ سنوات طويلة، ألكسندرا مايلز وقعت عقدا على التنازل عن ابنها لصالح ليام ماكسويل، مستحيل أن أقبل بعرضهم! لأنني بهذا سأتنازل عن ابني! بحق السماء! هل تقول أنه يجب علي أن أتخلى عن حقي بماكس بكامل ارادتي! أنا أفضل السجن عوضا عن ذلك!

وضعت يدها في شعرها تحاول السيطرة على ثورتها، أخيرا رفعت ألكسندرا عينيها إلى ألساندرو والذي ظل واقفا ينظر إليها بوجه جامد.
- بحق السماء! لا تتصرف هكذا أليساندروا! أخبرني كيف سأتحول من ألانا إلى ألكسندرا بهذه البساطة!
عقد أليساندرو يداه فوق صدره الصلب وهو يتأملها، رؤية ماكس يعاني بتلك الطريقة رغم صغر سنه قد قلبت كل الموازين، لم يعد يفكر في نفسه لكن في حياة الطفل الصغير والتي أصبحت معقدة بالفعل...

إذا ما زج بألكسندرا في السجن، كيف ستكون حالته النفسية؟ الأسوء أن يطالب به ليام ويحرم من ألكسندرا إلى الأبد، الكثير من الأفكار كانت تغزو عقله وهو ينظر إلى ملامحها الجميلة المعذبة...
زفر بعنف قبل أن يقترب ليجلس إلى جانبها، أمسك يديها يمسدهما بحنان قبل أن يقول:
- ليس الأمر كأنني لا أتفهم كل ما تمرين به، لكن فكري بماكس. إنه يتعذب كثيرا، إنه يسأل عنك، لقد مر أسبوع ألكسندرا! تعلمين أنه يحبني كوالده!

زفر بقوة وهو يقول: - عليك التفكير بماكس قليلا، أنت خائفة من أنك ستفقدينه، حسنا بقائك هنا لن يساعد بشيء! ألكسندرا عليك الاعتراف بهويتك الحقيقة، ثم سنتعامل مع كل شيء آخر حين نصل إليه...
كانت كلمات أليساندرو تغزو عقلها بقسوة، ماكس يشتاق إليها، وهي كانت تتألم من أجله دون أن تفكر بأنه يشعر بكل ما يحدث معها، لطالما كان صبيا يتمتع بالذكاء والملاحظة لابد أنه يشعر بأن وراء غيابها سببا مهما.

تنفست ألكسندرا بعمق وهي تغرس رأسها في صدر أليساندرو القوي، طوقها بذراعيه بينما يمسد ظهرها بحنان.
- فكري في الأمر صغيرتي، لنحاول اخراجك من هنا، وبعدها سنفكر في الخطوة التالية.
رفعت رأسها إليه، قبل أن تقول بصوت باكٍ: - غدا أليساندرو! في الغد سأخبرك بقراري النهائي!
في المساء، كانت ألكسندرا جالسة بهدوء على الفراش الصغير لزنزانتها حين أتى الحارس ليخبرها بأن لديها زائرا...

وبما أنه لم تكن تتوقع زيارة من أليساندرو قبل الغد. ظلت لدقيقة تفكر فيمن قد يأتي لزيارتها، قبل أن تنهض وتتبع الحارس دون كلمة...
في غرفة التحقيق كان ليام واقفا ينتظر دخولها بهدوء مريب، طوال الطريق إليها كان قد أعد خططه بوضوح تام، لم يكن لديها مفر من ماكان سيعرضه، فهي لن تستطيع البقاء في السجن لمدة أطول قبل أن تنهار تماما، ولم يكن في مزاج ليشعر بالشفقة عليها...

حرك كتفه بضيق، فتح الباب في تلك اللحظة وظهرت ألكسندرا بعينيها الكبيرتين واللتان كانتا تحدقان فيه بذهول قبل أن تتحول نظراتها إلى كره شديد مسلط نحوه، حاولت التراجع لكن الحارس أغلق الباب بسرعة تاركا إياها وجها لوجه مع السبب في وجودها وراء القضبان...
كتفت يديها فوق صدرها محاولة الظهور بمظهر قوي: - ليام ماكسويل العظيم! لأي سبب قد أنال شرف الزيارة اليوم؟!

حدق ليام إلى وجهها بتسلية وهو يقترب من الطاولة الصغيرة التي توسطت الغرفة، سحب كرسيا ليجلس مستمرا في التحديق بملامحها والتي ظهر عليها السخط، أجاب بصوت قاس:
- أنت حقا تملكين الكثير من الشجاعة! بعد كل ما فعلته بي تجرأين على الوقوف والنظر إلى دون حتى الشعور بالقليل من الندم على ما فعلته أيتها السارقة الصغيرة النكرة!

- إياك! قالت ألكسندرا وهي توجه أصبعا متهما إلى وجهه إياك أن تنعتني بالسارقة مرة أخرى! أنت من عليه الاعتذار! أنت سعيت لتدميري! قالت ألكسندرا بمرارة
ابتسم ليام بسخرية مستمرا في النظر إليها وهو يقول: - أعترف أنه كانل لك نفس التأثير الجميل عليَّ زوجتي العزيزة!

نهض من مكانه مقتربا من حيث كانت تقف قبل أن يتكلم بصوت هادئ وخطير: - أو تعلمين شيئا؟ أنا وحتى بعد كل ما فعلته كنت كريما جدا معك ألكسندرا! جلست في ذلك القصر اللعين أنتظر أن تعتذري، لكنك ظللت ترددين عباراتك التافهة وحججك التي لا ترقى لاقناع طفل، أنت من جلبت هذا على نفسك!

- أوه توقف عن لعب دور الضحية ليام! الدور لا يليق بك! صرخت ألكسندرا بسخط لقد استدرجتني كنت تعرف جيدا ما تفعله وأنت تقودني إلى ذلك الفخ لأنك وببساطة خططت له جيدا! أنا فقط غبية لأني سمحت لنفسي أن أسقط في شركك! كان علي استشارة جيش من المحامين قبل أن آتي لمقابلتك، فأنا تعلمت بالطريقة الصعبة أي وغد تكون!

رفع حاجبه باستهزاء واقترب ليمسك خصلة من شعرها الناري: - لأي قطة متوحشة تحولت! أين هي الانتهازية المفلسة الصغيرة التي تزوجتها؟ لقد أصبحت. سكت قليلا ولمعت عيناه ليقول مختلفة وهذا يروق لي. لطالما أحببت التحدي!
- ما الذي تريده مني! صرخت ألكسندرا بنفاذ صبر
- أريدك أنت! قال ليام بصوت خطير
- ماذا؟
وتحولت الدهشة في عينيها إلى صدمة بالغة.

- كما سمعت، أريدك بالكامل في سريري الملكي الكبير بشعرك المتوهج وعينيك اللتان تملأهما الصدمة! أريدك وهذا ما لن أفاوض عليه! عليك الاختيار بين أن تكوني لي في سريري أو أن تختاري السجن وحيدة!
- إذاً أفضل السجن! قالت ألكسندرا بصوت قاطع
- أحقا! رد ليام بسخرية إذاً أنت تفضلين القيود الرمادية لسجن بلفورد على قيودي الخاصة!
- وما الفرق؟ أجابت ألكسندرا بازدراء كلاهما قيود!
- قيودي من ألماس! قال ليام بعجرفة.

- لكنها ستظل قيودا رغم ذلك!
رفعت ألكسندرا رأسها لتتأمل ملامح وجهه الوسيم والساخر. سكتت للحظة تحاول أن تجد الكلمات المناسبة، كان قربه يشعرها بأنها مشتتة وضئيلة. بينما عاد ليكون المسيطر على حياتها، تماما بالطريقة التي كان يفعل من قبل، تخلت عن حذرها لتسأله بسذاجة:
- هل أنت دائما شرير إلى هذه الدرجة؟
- أنا فقط أصل إلى أهدافي بسرعة ميا بيلا!

- لكنك لن تصل إلى أي هدف الليلة! قالت موضحة فأنا مصرة على الذهاب إلى السجن بدل اقتراحك!
- لا أظن هذا!
قال ليام وهو يقترب منها إلى أن أصبحت بين جسده القوي وظهرها إلى الاسمنت البارد، تسارعت أنفاس ألكسندرا وهدر قلبها بقوة داخل صدرها، كانت ترتعش وقد سيطرت عليها حمى قربه، لابد أنه السجن الذي يجعلها ضعيفة أمام اغرائه، كانت عينا ليام غائمتان من الرغبة حين أحنى رأسه وانقض على شفتيها بقبلة مدمرة...

للحظة كانت ألكسندرا تشعر بأنها بعيدة فعلا عن الواقع، إلتفت يداها غريزيا حول عنقه مطالبة بهذا الوضع الحميم والذي كان يخرج بسرعة عن السيطرة، ضغطها بقوة على جدعه الصلب حتى شعرت أنها غير قادرة على التنفس، جذبته نحوها بالمثل في تلك اللحظة العمياء من العاطفة المتوحشة والتي اختزنت سنوات من العفة والحرمان، نسيت من يكون ليام، كان جسدها الخائن فقط من يتذكره...

أخيرا توقف ليام عن تقبيلها. تراجع خطوات إلى الوراء لينظر إلى وقع قربه المدمر عليها، كان لايزال تنفسه متقطعا وعيناه مليئتان بالرغبة.
- أنت لي! لي فقط! زمجر من بين أنفاسه
كانت قدما ألكسندرا من القطن مستندة على الجدار في محاولة واهية للسيطرة على رعشة جسدها المجنونة، وفي ردة فعل غير متوقعة اقتربت من ليام لتنزل يدها على وجهه بصفعة قوية جعلته يترنح من الصدمة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة