قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل التاسع

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل التاسع

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل التاسع

كان الوقت متأخرا جدا، وأضواء الشوارع تلمع بلون أصفر باهت حين فتحت ألكسندرا عينيها أخيرا، حدقت إلى الوجوه التي كانت تنتظر استيقاظها قبل أن تجفل وتصرخ برعب:
- يا إلهي أين أنا؟
اقترب أحد الأشخاص الذين كانوا غارقين في تأملها باهتمام، قبل أن يشرح لها الوضع بكلمات مقتضبة:
- نحن عملاء لمكتب التحقيقات الفيدرالي. لقد تعرضت الطائرة التي كنت تستقلينها لعملية اختطاف.

وضعت ألكسندرا يدها على فمها تكبت صرختها. وهي تتذكر النظرة الأخيرة التي ارتسمت على وجه ليام قبل أن تفقد الوعي، كانت مشوشة بدرجة كبيرة، حاولت أن تنهض من السرير قبل أن تحس بأن شيئا يعيقها، تكلف الطبيب بأن شرح لها وضعها بتمهل:
- سيدة مايلز، لقد تعرضت لصدمة كبيرة، حصلت على أثرها على الكثير من الرضوض وكسر مضاعف في قدمك اليسرى. لا شيء خطير. كما أن لدينا أخبارا سارة. فأنت لم تفقدي الجنين جراء الحادث...

لكن عن أي جنين يتحدث وضعت ألكسندرا يدها على جبينها. تشعر بأن كل شيء ضبابي. عادت إلى الاستلقاء مجددا وهي تجيل بصرها من الطبيب إلى الأشخاص في بدلاتهم الرسمية...
جاء الصوت مرة أخرى ليعيدها من شرودها: - سيدة مايلز.
كانت للمرة الثانية تسمع اسمها قبل الزواج هل هذا يعني أن ليام قد توفي؟ انقبض قلبها وشعرت بأن الهواء ينسحب من رئتيها قبل أن يأتي صوتها غريبا وهي تقول:
- هل يمكن أن أرى زوجي؟

- السيد ماكسويل ليس هنا، أجاب الرجل باقتضاب قبل أن يومئ للطبيب والذي رحل في الحال
حين أقفل الطبيب الباب. تمكنت ألكسندرا من رؤية النظرة الغريبة التي كانت يتأملها بها مخاطبها قبل أن يقول:
- أخشى أن الأخبار التي لدي ليست بالتي ترغبين في سماعها.
خفق قلب ألكسندرا سريعا وتحجرت غصة في حلقها منعتها من الكلام، فظلت صامتة تنتظر الأسوء...

- سيدة مايلز. السيد ماكسويل على ما يرام، لكن للأسف ولدواع أمنية نحن سنمنعك من الاقتراب منه مجددا!
- ماذا؟! قالت ألكسندرا غير مصدقة لما تسمعه لكن بأي حق ستمنعني؟!
- سيدة مايلز!
- اسمي السيدة ماكسويل! صرخت ألكسندرا فيه بقوة
صمت قليلا قبل أن ينظر إلى الرجل الواقف قرب النافذة والذي أشار برأسه...

- نحن نعلم بالاتفاق الذي وقعت عليه مع السيد ماكسويل. نعلم أيضا الأسباب التي جعلتك توافقين على عرضه في المرتبة الأولى، لذا فإذا ما وافقت على عرضنا في الابتعاد عن السيد ماكسويل، نحن مستعدون لمنحك حياة جديدة كليا، يمكنك الرحيل أنت وطفلك إلى أي مكان تختارينه. سنتكفل بأقساط جامعتك إذا كنت ترغبين في العودة إلى الدراسة. وسنتكفل بكل نفقاتك الشخصية إلى أن تحصلي على عمل. اعتبريها بطاقة مجانية إلى الحرية!

توقفت ألكسندرا على وجه الغريب وهي تتفرس ملامحه بشك: - لكن. كيف لي أن أثق بأن ما تعرضه علي حقيقي؟!
فتح الرجل محفظة جلدية ووضع الأوراق المختومة بين يديها.
- هل هذا يكفي لكي تثقي بنا؟

تنهدت ألكسندرا بتعب، كانت المعلومات التي تحصل عليها كثيرة جدا، لكنه كان يعدها بحياة جديدة، بعيدة عن كل الألم الذي تجرعته بسبب ليام، يا إلهي إنها تنتظر طفلا. وضعت يديها لا اراديا على خصرها وكأنها تحمي الحياة التي اكتشفها بداخلها قبل أن تقول بصوت مرتعش:
- أنا موافقة...
بعد 7 سنوات على الحادث،
وضع ليام المشروع الجديد الذي كان يعمل عليه جانبا وأعاد تأمل وجه أشلي والتي كانت تنظر إليه برجاء...

- هيا ليام! لا تكن سخيفا! أخبرتك أن رأيك يهمني!
إلتف ليام من وراء مكتبه ليتمكن من الجلوس قرب الفاتنة الشقراء وقد سيطر عليه الضجر.
- قلت لك مرات عديدة أشلي. هذا القصر هو لك. وأنت تملكين مطلق الحرية في اختيار ما يناسبك. إضافة إلى أنه لن يكون المنزل الرئيسي، هذا سيكون منزلنا حين نزور لندن. أنا قد منحتك كامل الحرية في التصرف وواثق جدا من ذوقك أضاف وهو يمسك بيدها ويحثها على الوقوف.

لكن أشلي لم تكن مستعدة للرفض بسهولة. اقتربت منه مطوقة عنقه بغنج واضح وهي تقول:
- مارأيك في عطلة صغيرة إذاً، سنطير إلى لندن في نهاية الأسبوع، وستكون فرصة لتتعرف على المهندسة التي تشرف على الترميم. إنها رائعة! صرحت أشلي
زفر ليام هو يتأمل حماس خطيبته، كان يعلم جيدا أنها لن تتزحزح من مكتبه مالم يبدي موافقته، ابتسم أخيرا وهو يقول:.

- حسنا سنذهب. لكن ما رأيك أن تتركيني أعمل قليلا الآن وهو يوجهها نحو الباب لدي الكثير من الأعمال العالقة التي يجب أن أنتهي منها.
طوقت عنقه بحماس وهي تطبع قبلة رقيقة على شفتيه: - أنت خطيب رائع ليام. أنا أحبك!
- وأنت أيضا رائعة!
قال ليام وهو يضعها خارج مكتبه برفق ويعود إلى تأمل شاشة حاسوبه، كلمة أحبك لم يعد لديها معنى في حياة ليام منذ رحيل ألكسندرا ومير...

أخرجه من شروده صوت الهاتف الداخلي لمكتبه، كانت مساعدته الشخصية تخبره بأن طائرته المروحية قد أصبحت جاهزة.
- حسنا.
قال ليام. قبل أن يدفع بكرسيه وينهض ليأخد سترته ويتجه نحو مصعده الخاص إلى سطح البناية الشاهقة حيث كانت الطائرة تنتظره.

طوال طريق العودة إلى أورانج كاونتي، وحتى وصوله، كان ليام مشغولا في التفكير في مدى عقلانية القرار الذي اتخده، لقائه بأشلي كان محض صدفة بحثة. فهما لم يتقابلا منذ أن كانا بالجامعة. كانت المضيفة لحفلة أقامها والدها السيناتور ماجوير، لجمع تبرعات لحملته الانتخابية. تبادلا كلمات مجاملة وبطاقة أرقامهما الشخصية. بعدها إلتقيا في أكثر من مناسبة. وتكفلت صحف المناسبات والفضائح بالباقي. ابنة السياسي المعروف وعملاق المعلوميات، وأخيرا انتهت الشائعات بماسة ضخمة في يد أشلي وزواج مترقب في أقل من شهر...

لكن أهو فعلا يريد الارتباط مرة أخرى؟ أم كان فقط يحاول طمر الهوة السحيقة بداخله لتوقه الشديد إلى العائلة؟
زفر ليام بمرارة وهو يعيد ملئ كأسه ويتأمل الغروب. كان يحتاج إلى انسانة كأشلي مفعمة بالحياة وسعيدة جدا. فربما قد تنقل إليه القليل من السعادة...
في لندن عاصمة الضباب،.

حركت ذراعيها المتيبستين قبل أن تعيد شعرها الناري المتوهج إلى الوراء وهي تسمع خطوات القادم. ودون حتى أن تدير رأسها لمعرفة هويته قالت بصوت واثق:
- ألم تكن مدعوا إلى حفل الليلة ألساندروا؟ لا أظن أن السير ويليامز سيكون سعيدا بعدم تشريفك لحفلته!
علقت قبل أن تدير رأسها لتنظر إلى الرجل الواثق والذي وقف متكئا على إطار الباب الماهونجي الكبير يتأملها بعينين متسلتين، قبل أن يقول بلكنة مميزة:.

- شعرت بالملل رد بكل بساطة وهو يقترب منها كنت سأرغب في الذهاب لو كنت رافقتني. على الأقل كنت سأجد ذريعة للهرب من ابنته الفظيعة قال بامتعاض واضح لكن ما الذي تفعلينه هنا وحدك في مثل هذا الوقت؟ جميع موظفي الشركة بمن فيهم الحراس قد رحلوا منذ ساعات!
تنهدت ألانا بضيق وهي تسحب المشروع من آلة الطباعة الكبيرة وتلفه بيد خبيرة وهي تقول:
- لقد اتصلت بي أشلي، السيدة التي أرادت تجديد قصر الدوق أندرو. أتذكرها؟

حرك كتفيه بعدم اهتمام، كل ما يتذكره هو شقراء مغرورة حاربته بشراسة من أجل قصر الدوق الذي كان ينوي امتلاكه وبالنهاية نجحت في مسعاها. بل وحصلت على مساعدة في تجديده أيضا.
- نعم قال ببرود أتذكرها!

- ستأتي في نهاية الاسبوع مع خطيبها لمعاينة ما قمت به من تغيرات. وكما ترى قالت وهي تضع المخطط في أنبوب معدني وتأخد حقيبة يدها من على المكتب كان علي البقاء لوقت متأخر. القصر يحتاج إلى الكثير من الترميم، الغرف كارثية. ناهيك عن القاعات التي تحتاج إلى التجديد بالكامل، يا إلهي! روز ستقتلني إنها لا تكف عن التذمر من تأخري المستمر. أوه اللعنة! وضعت يدها على رأسها وهي تتذكر شيئا مهما.

- ماذا الآن سأل أليساندروا وهو يقترب منها لينظر إلى ملامحها المتعبة والمشدودة باهتمام
- لقد وعدت ماسيموس أن أحضر مباراته غدا. وبسبب التعديلات الجديدة لن أستطيع الحضور. فالزوجان ينتظران مني أن أكون في الموقع. سيحزن كثيرا أضافت بيأس
- لا لن يفعل! قال اليساندروا وهو يعيد خصلة نارية وراء أذنها سأكون هناك أنا وكاترينا لتشجيعه!
- أحقا ستفعل! قالت وهي تنظر إليه بامتنان كبير.

- بالطبع. لا تكوني سخيفة فأنا عرابه!
لمعت عيناها بالدموع وكانت على وشك البكاء فعلا. حين طوقها أليساندروا بذراعيه وهو يدفعها للنظر إليه، كانت عيناه بلونهما الذهبي مصممتان وتلمعان ببريق مثير وهو يهمس لها:
- ألم تفكري إلى الآن في عرضي. ماسيموس يحتاج إلى أب. نحن يمكننا أن نكون أسرة رائعة معا.

رطبت ألانا شفتيها بلسانها. كانت تشعر بوخز كبير في قلبها. فهي منذ 7 سنوات لم تعرف معنى الاقتراب من رجل. هي لا تزال شابة وتحتاج إلى انسان يحبها ويهتم بها، لكن لما كل هذا الخوف؟ أليساندروا شخص نبيل، ذكي وكامل الرجولة، لطالما لاحظت النظرات النهمة والمغازلات التي كانت تنهال عليه في أكثر من مناسبة، ولطالما احترمت طريقته في التعامل معها...

لكن مع مرور السنوات تغيرت علاقتهما بشكل جدري خصوصا بعد أن قبلت عرضه للعمل في القسم الهندسي بمجموعته...
تنهدت ألانا وهي تبتعد قليلا عن محيط ذراعيه: - أليساندرو أرجوك...
- ماذا؟ قال وهو يقربها منه مجددا أنا لا أريد أن أضغط عليك ألانا. لكنني رجل. ومشاعري بالنسبة إليك أصبحت واضحة. أنا أرغب فعلا بأن ننتقل إلى المرحلة التالية من علاقتنا!

شعرت ألانا بتوهج في وجنتيها. وشعرت بأن حلقها جاف وهي تتصور إلى المعنى المبطن في كلماته:
- أليساندرو من فضلك الوقت ليس مناسبا. لقد تأخرت كثيرا!
ابتسم وهو ينظر إلى وجها المتوهج وارتعاشها الطفيف.
- حسنا قال وهو يصحبها إلى المصعد ومنه إلى سيارته البنتلي
طوال الطريق ظل أليساندرو محتفظا بالصمت. إلى أن وصلا أخيرا.

- سأحضر في الثامنة لاصطحاب ماسيموس صرح أليساندرو وهي ينحني ليطبع قبلة على خدها ويصحبها نحو باب المنزل
في منزله باورونج كاونتي،
استعصى النوم على ليام كالعادة، ووجد نفسه يتجول في الفيلا الموحشة قبل أن تقوده قدماه إلى غرفة ألكسندرا، مطلقا لم يتمكن من دخولها منذ الحادث، كان قد قرر تجديد الجناح بأكمله منذ سنوات، لكن لسبب خفي استعصى عليه فعل ذلك...

فتح الباب، ووقف للحظات تضربه الذكريات القوية لوجودها الغير المرئي، الجو كان ثقيلا، اقترب من السرير قبل أن يضع رأسه على الوسائد. لتهاجمه الرائحة المألوفة والتي يعشقها بكل قواه...
لا يصدق للآن أنها رحلت. أنها لم تعد موجودة وفضلت اللحاق بميرديث، فقدانهما معا جعل الحياة مستحيلة أمامه لوقت طويل...

يتذكر كيف أنه لم يستطع تصديق وفاتها. وأنه رفض باصرار أي نوع من التعازي. كان يؤمن بأنها ستعود يوما ما إلى ذراعيه. لكن أمله القوي تبخر بمرور الوقت واستسلم أخيرا للواقع وهو أن ألكسندرا قد رحلت إلى الأبد.

أخذ نفسا قويا قبل أن يشعر بشيء دافئ ينساب على وجهه، لأول مرة في حياته كان ليام يبكي، مسح عينيه بقوة رافضا الاستسلام لضعفه. لا يحتاج إلى البكاء ليشعر بالراحة، ربما هو لم يكن يريد أن يشعر بالراحة بسبب ما فعله بها، كان يعذب نفسه لجعله حياتها جحيما. لكونها توفيت وهي تعتقد أنها كانت فقط وسيلته للحصول على وريث!
في لندن عاصمة الضباب،.

فتحت ألكسندرا باب المنزل الكبير، قبل أن تفاجئ بماسيموس الجالس على ركبتيه يلعب بسيارات السباق الصغيرة.
- أمي!
صرخ ماسيموس وركض نحوها معانقا. طوقته بذراعيها وهي تحمله إلى غرفة المعيشة.
- أين هي روز؟ سألت وهي تضعه على قدميه وتبحث عن مدبرة منزلها العجوز
- لقد غفت منذ قليل، كنا نشاهد التلفاز وفجأة اغلقت عينيها ونامت علق الطفل ببراءة.

ابتسمت ألانا له بحب قبل أن تضع حقيبة يدها والأنبوب المعدني على الطاولة وتتجه نحو المطبخ...
- لابد أنك جائع طفلي المسكين!
أومأ الطفل برأسه معارضا: - لقد تناولنا البيتزا على العشاء...
حركت ألانا رأسها بعدم تصديق. فهي كانت تمنع الوجبات السريعة في المنزل وتفضل أن تطهو لهما كلما توفر لديها الوقت.
- ألم أكن واضحة بشان الوجبات السريعة؟! لامته ألانا بلطف.

- لقد أصريت على روز وهي وافقت. لا تعاقبيها قال ماسيموس وهي يتشبت بيد والدته بإلحاح
- لكن عدني أنك لن تطلب ذلك من روز مجددا! قالت وهي تمسك بيده الصغيرة وتوجهه إلى الطابق العلوي.

فور أن غيرت ملابسه ووضعته في السرير، اتجهت ألانا رأسا إلى غرفتها، خلعت سترتها واتجهت نحو الحمام، كل ما كانت ترغب به لليوم، هو حمام دافئ وتستغرق في نوم عميق، لكن الأرق جعلها تتلوى في فراشها محاولات يائسة من دون جدوى، الكثير من الافكار تعصف بأمانها الهش. عرض اليساندرو، حياتها السابقة والتي أصبحت كحلم مجنون يراودها بين الحين والآخر...

غرست رأسها في الوسادة وهي تعد إلى العشرة، ثم إلى المئة وبعدها إلى الألف إلى أن استغرقت في نوم دون أحلام...
حين استيقظت، كان ماسيموس جالسا إلى طاولة الافطار وقد غير ملابسه، واستعد للمباراة، إلتفت ألانا لتأخد كرسيا إلى جانب ابنها قبل أن تبتسم لمدبرة المنزل والتي كانت منهمكة في اعداد الفطائر المحلاة.
- ليلة صعبة؟ قالت روز وهي تضع فطيرة أمام الطفل المتحمس بينما تصب القهوة لألانا.

- للغاية! ردت وهي تأخد رشفة من كوبها
- لقد وعدتني أن تكون متفرغة لي اليوم! قال ماسيموس وهو ينظر إليها برجاء
ابتسمت ألانا لابنها بحزن وهي تقول: - حبيبي أعلم أنني وعدتك لكن حدث شيء مهم في العمل. سيأتي العم أليساندروا والعمة كاترينا لمرافقتك. وسنحتفل الليلة معا ما رأيك؟
- العم أليساندرو سيرافقني!

قال ماسيموس بسعادة كبيرة أدهشت ألانا وروز معا، كانت تظن أن عدم وجودها سيزعجه. لكن على العكس كان سعيدا بمرافقة عرابه له...
شرح الطفل ببراءة أن كل أصدقائه يرافقهم أباءهم إلى المباريات عكسه، غاص قلب ألانا في صدرها وهي تستمع إلى تصريح ابنها والذي خرج بعفوية. للمرة الأولى كانت تنتبه إلى أن ماسيموس أصبح يفتقد وجود أب في حياته...

حملت حقيبتها ونهضت سريعا محاولة اخفاء التأثر الواضح في صوتها: - حظا موفقا حبيبي. أليساندرو سيكون هنا بعد قليل. لا داعي لأخبرك أن تكون فتى طيبا إلى حين عودتي!
- لن أنسى ذلك أمي قال وهو يطوق رقبتها بحب.

حطت طائرة ليام الخاصة أخيرا في مطار هيثرو، وضعت أشلي معطفها فالجو كان باردا قبل أن تقترب من ليام والذي كان مزاجه ناريا، أغلق حاسوبه النقال ووضع سترته بعصبية قبل أن يقترب منها وهو يحاول جاهدا ارتداء قناع البرود...
وضعت أشلي اصابعها على جبينه المغضن ومسدته برفق وهي تقول: - ليس عليك أن تتظاهر أمامي ليام! أعرف أنك منزعج بسبب الرحلة وقد أوضحت هذا لي جيدا!

- على العكس. قال ليام وهو يحاول الابتسام كنت أحتاج إلى بعض الراحة. لم أنم جيدا أمس. قال محاولا تبرير عصبيته الزائدة والآن هيا بنا! قال وهو يدفعها نحو باب الطائرة برفق لا بد أنك متعبة وتحتاجين إلى بعض الراحة...
- أوه لا! ألم اخبرك؟ سنتجه رأسا إلى القصر. لابد أن ألانا قد وصلت وهي بانتظارنا...
- أحقا! قال ليام ومتى كنت ستشاركينني هذه المعلومة القيمة؟ علق بسخرية.

- كنت أريد أن أفاجئك! احتجت وهي تعض على شفتيها المصبوغتين بطريقة مثيرة
أشار ليام إلى احد المضيفين بفتح باب الطائرة قبل أن يمسك مرفقها ويسحبها إلى الخارج...
- ربما في المرة المقبلة ستفضلين إخباري! سنتجه الآن الى الفندق وبعدها يمكننا زيارة القصر!
- لكن.
- لا! قاطعها ليام بحزم يجب على الحراس أن يتفقدوا الموقع قبل وصولنا. أظنك قد اعتدت على البرتوكول المتبع الآن...

تأففت أشلي بصوت مسموع لكنها لم تحتج بينما يقودها ليام نزولا من الطائرة إلى قاعة كبار الزوار حيث ينتظرهما طاقم الحراسة الخاص به...
في قصر الدوق اندرو،
كانت ألانا قد انتهت من اعطاء التعليمات الجديدة بشأن القاعة الرئيسية. والتي اقترحت أن يعاد استعمال الأرضية الخشبية فيها وعدم اتلافها...
- من المهم جدا إعادة استعمال الأرضية فالمالكة الجديدة معجبة بها كثيرا.

قالت ألانا وهي تعيد ربط شعرها الطويل على شكل ذيل حصان قبل أن تترك المنهدس التتفيذي مع العمال وتعود إلى إحدى الغرف التي انتهى تجهزيها، حيث قررت استقبال المالكين...
سمعت رنين هاتفها. ليقفز قلبها بقوة وهي تتصور أن للاتصال علاقة بماسيموس، شعرت بالارتياح حين نظرت إلى رقم المتصل وكان الاتصال من المالكة، أطلقت زفرة ارتياح وهي تجيب:
- أهلا سيدة أشلي. كيف حالك؟
- بخير.

قالت أشلي وهي تنتظر إلى ليام والذي خرج من الجناح الآخر وقد غير ملابسه الرسمية بأخرى أقل تكلفا، ابتسمت له باغراء متعمد قبل أن تعود إلى مخاطبتها:
- عزيزتي ألانا أنا آسفة فعلا لكن أنا وخطيبي الوسيم سنحتاج بضع ساعات أخرى قبل الوصول. قالت وهي تقترب منه لتطبع قبلة على شفتيه
- أوه حسنا! ردت ألانا بصوت مهزوز متى ستصلان إذاً؟ سألت وهي تنظر إلى ساعتها بضيق.

لا تصدق أنها فوتت مباراة ماسيموس المهمة بسبب شخصين غير مسؤولين...
أقفلت الخط وبصعوبة تمكنت من إيجاد كلمات مجاملة. بينما كل ما كانت ترغب فيه هو أن تصرخ بأعلى صوتها في الفتاة المزعجة والتي كانت السبب في تفويت مناسبة مهمة كمباراة اليوم...

عادت إلى باحة القصر حانقة وجلست على إحدى الدرجات الرخامية تتأمل الحديقة الكبيرة والتي غزتها الأعشاب الضارة وغطت المسبح بطريقة متشابكة، عليها أن تنتهي أولا من القصر الذي يحتاج إلى الكثير من الاصلاحات الضرورية، ثم ليأتي دور الحديقة في ما بعد.

قصر الدوق اندرو كان من المفروض أن يصبح مقرا لعقد الاجتماعات المهمة لشركة أليساندروا إضافة إلى الحفلات التي تقام على شرف ضيوفه، لذلك كانت متحمسة جدا حين عرض المالك بيعه، وكانت شبه متأكدة أن أليساندرو من سيحصل عليه في النهاية، لم تتخيل للحظة أنهما قد يخسران المزاد، لهذا كانت قد تحمست له بشكل مبالغ، لدرجة أنها كانت تملك خططا مسبقة وأعدت التصميمات الأولية لإعادة ترميمه مع الحفاظ على قيمته التاريخية، لتفاجأ بأليساندرو يتخلى عن المزاد للفاتنة الشقراء والتي زايدت في اللحظة الأخيرة بمبلغ ضخم، جعله يصرح بأن القصر لا يستحق كل هذا العناء وتركها تربح في النهاية، ولتجد ألانا نفسها تعرض خدماتها الخاصة دون حتى الرجوع إلى أليساندرو الذي ظهرت الدهشة على وجهه رغم أنه لم يبدي أي معارضة على قرارها وتركها تعمل على المشروع، بل ومنحها موافقته رغم أن نشاطها كان بعيدا كل البعد عن اهتمامات شركته...

وجود مكتب هندسي في شركة أليساندروا كان الغرض الرئيسي منه الاهتمام بالهندسة الداخلية للمجموعة وهو ماكانت تشرف عليه منذ سنوات، رغبتها الشديدة في الانطلاق بشكل أكبر في مجال الهندسة المعمارية كان ما دفعها إلى عرض خدماتها على أشلي لإعادة ترميم القصر...

تنهدت ألانا وهي تنظر إلى ساعتها مجددا، كانت الساعة تشير إلى الواحدة والزوجان لن يصلا قبل ساعتين على الأقل، لذلك قررت أن تتناول الغذاء الذي حضرته لها روز، وتحاول الاتصال بأليساندرو قبل العودة إلى العمل...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة