قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل التاسع عشر

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل التاسع عشر

رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل التاسع عشر

تصلبت ملامح ليام من الصدمة وهو يستمع إلى كلمات ألكسندرا، حامل! لكن بحق السماء هذا ليس معقولا!
انتبه إلى انها أصبحت فاقدة للسيطرة وهي تبعده عنها والدموع تغرق وجهها الجميل، أمسك بها رغم مقاومتها الشديدة ليخرجها من الحمام ويضعها على السرير ببطء، كانت لاتزال تنتحب بقوة وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة قبل أن ترفع راسها لتحرقه عيناها باتهام:.

- إذاً هذا هو انتقامك منذ البداية؟! طفلان بثمن واحد أيها الحقير! كيف تجرأت؟! عاملتني كمومس! عذبتني بطرق لا يمكن أن تصدر سوى عن خيال عقل مريض! وفي النهاية تجعلني حاملا! تبا لك أيها الوغد!
ظلت نظرات ليام القاسية مسمرة عليها، هل تظن فعلا أنه قادر على التفكير بهذه الدرجة من الوضاعة؟ لم تمهله وقتا للاجابة وهي تنتفض مكملة هجومها اللاذع:.

- للحظة ليام. فقط للحظة. تمكنت من خداعي ظننت أنك نادم فعلا على ما فعلته بي طوال هذه السنوات! كان علي أن أتذكر جيدا أي وغد كنت عليه في الماضي! الحقارة لا يمكنها أن تموت بهذه السهولة! ابتسمت بمرارة وهي تضيف كنت فعلا غبية حين صدقت أنه يمكن حتى لشخص مثلك أن يتغير...
- ألكسندرا. قال ليام بجفاف محاولا ايقافها.

- لا أريد سماع المزيد! صرخت وهي تضع يديها على أذنيها رافضة الاصغاء أريدك أن تخرج من هنا! أريدك خارج حياتي إلى الأبد!
عصر ليام على أصابعه بقسوة شديدة، ثم زفر بعنف محاول كبت الغضب الجامح الذي يهدد بالإنفلاث، وإلتف ليعود أدراجه محاولا تفادي أي حوار قد يتحول إلى ما هو أسوء.
حين أقفل الباب أخيرا ارتمت ألكسندرا على السرير تبكي مصيبتها الجديدة، طفل! يا إلهي القدير!

هل يفكر فعلا في انتزاع طفليها ومن ثم طردها خارج حياته؟! هل هذا هو انتقامه؟!
أفكارها مشوشة، أغمضت جفنيها وانتحبت بينما الدموع تسيل ساخنة توخز بشرتها، وهي تتذكر كل الاذلال الذي أذاقها ليام والذي لم يمكن يقارن بسلبها طفليها...
خرج ليام وشياطين الجحيم تطارده، كان يحلل الوضع والغضب يعلو تدريجيا بداخله...

حامل! لكن كيف؟ لقد أخبره الطبيب أنها تعاني من ورم! كيف يعقل أن تكون حاملا! كانت حالتها هستيرية فلم يستطع معرفة كيف علمت بأمر الحمل! هل كانت تظنه يخطط له منذ البداية؟
اللعنة! شتم من بين أسنانه وتحولت يده إلى قبضة عنيفة، دخل غرفته ليلج الحمام ويفتح المياه الباردة على جسده علَّه بذلك يطفئ النيران التي أشعلتها إدانتها في صدره.

لقد نعتته بالنذل والحقير والجبان، هل شعر بالظلم من اتهامتها المجحفة؟ بالتأكيد لا! فهو لم يتصرف سوى كوغد منذ أن إلتقى بها، هل كان يعتقد أنها قد تسامحه بهذه السهولة وأن الحياة قد تعود كالسابق؟ لابد وأن اعتداده بنفسه كان مبالغا فيه! فقط لأنه عاملها بطريقة أدمية خلال الأيام القليلة الماضية. ظن هذا كان كافيا لتنسى سوء المعاملة التي تعرضت له لسنوات! يالك من غبي متعجرف ليام!

ضرب الحائط بقبضته القوية معبرا عن احباطه، اللعنة ألكسندرا إلى أي جحيم تعيدينني؟!
أخيرا أغلق المياه المتدفقة ليغادر الحمام ويرتدي ملابسه سريعا، كان عليه التأكد من شيء مهم بعدها سيكون تصرفه وحشيا إذا ما ثبتت شكوكه...
في مقر شركات ليام أند ماسيموس،.

كان ليام يغلي كالثور الهائج وهو يتحدث إلى مدير المستشفى: - خطأ في فرز العينات! لابد أنك تمزح! أرغب فعلا في معرفة رأي المركز الوطني للصحة في ذلك! صرخ ليام بتهديد أنا سأقاضيكم وسأجعلكم تدفعون ثمن هذا الخطأ غاليا جدا! هدر بقوة قبل أن يغلق هاتفه ويرمي به على سطح المكتب بعنف
طوال أسبوع كان يمشي على أرضية زلقة محاولا ايجاد طريقة لاخبارها، لمحاولة تهيئتها لما كان محتما، وأخيرا اقناعها بضرورة العلاج...

رتب لكل شيء حاول أن يكون مراعيا، لكن مطلقا لم يتخيل أن تكون حاملا للتتهمه بعدها بأنه دبر مكيدة لها لكي يستطيع الانتقام...
سيطرت عليه فكرة العودة إلى تكساس. فقط ليتلذذ بتهشيم وجه السافل الذي كان السبب وراء كل هذه الفوضى...
ركل الطاولة المنخفضة أمامه بعنف وهو يدور في الغرفة كنمر حبيس. توقف الهواء عن الدخول إلى رئتيه لماذا كلما فكر أن حياته قد تصبح طبيعية مع ألكسندرا تنسل من بين راحتيه كالماء؟

عاد ليجلس أخيرا وهو ينفث أنفاسه الحارقة، لقد تقدمت علاقته بألكسندرا في الأيام القليلة الماضية حتى وإن ظلت متحفظة، لكن على الأقل لم تعد ترتعش لمجرد رؤيته، لقد كان يأمل أنه قد يستطيع استعادة ثقتها ومن ثم جعلها تحبه، كل تلك الأحلام تبخرت الآن، كانت تنظر إليه بعداء وكره واضح. تظن أنه تآمر عليها منذ البداية...

نهض بسرعة وسحب سترته قبل أن يفتح الباب وتقف مديرة مكتبه تنظر إليه بدهشة، منظره كان مزريا للغاية وبالكاد تمكن من السيطرة على عصبيته البالغة ليخرج صوته طبيعيا:
- لن أعود! حاولي جدولة مواعيدي المهمة للشهر المقبل مفهوم!
حركت مديرة مكتبه رأسها علامة على الفهم، كان واضحا أنه ليس في مزاج لسماع أي شيء فآثرت البقاء صامتة من أجل سلامتها...
تفرس وجهها للحظة قبل أن يخطو نحو المصعد بخطوات سريعة...

في طريق عودته إلى الشقة في نيويورك كان قد قرر أنه لا مزيد من الهروب ولا مزيد من المراوغة، لم يعد هنالك سبب ليخفي مشاعره عنها، سيخبرها بكل شيء وليذهب كبريائه اللعين إلى الجحيم، إنه يحبها هذه هي الحقيقة مهما حاول اخفاء الأمر، كان حانقا منها وغاضب عليها وعلى نفسه، كلاهما ملام، هو لم يكن سوى جلاد قاسي منذ أن عادت وهي تتصرف بالطريقة التي تعودت عليها منذ سنوات الهروب...
في شقة نيويورك،.

علا طرق على باب غرفة ألكسندرا، رفعت رأسها المثقل من التعب، عيناها متورمتان وشعرها مشعث، نظرت إلى المرآة الكبيرة وهالها منظرها، فتح الباب في تلك اللحظة وظهرت مارغريت بوجهها المبتسم، قبل أن تتغير ملامحها إلى الاستغراب وتخطو إلى الداخل مقفلة الباب بحرص...
- ألكسندرا! هل أنت بخير طفلتي؟

أعادت ألكسندرا شعرها المتشابك إلى الوراء محاولة التخفيف من مظهرها المزري، وهي ترسم ابتسامة متكلفة على شفتيها، تعلم أن مارغريت ليست غبية، الأعمى فقط من ليخطئ بؤسها...
اقتربت من حافة السرير لتجلس بوهن، بينما وقفت مارغريت تنظر إليها باشفاق.
- أوه صغيرتي! ما الذي يجعلك حزينة إلى هذه الدرجة؟

كانت هذه الكلمات الرقيقة هي القطرة التي أفاضت الكأس، لسنوات لم تشعر ألكسندرا أنها قد تحتاج إلى أي شخص لمواساتها. أليساندرو كان رجلا نبيلا ومنحها قلبه دون مقابل، لكن حتى حنانه لم يستطع منحها الحب الذي تتوق إليه، كانت تريد والدتها في هذه الظروف...

تشتاق إلى عائلتها، تريد مير إلى جانبها، وترغب في العودة إلى تلك اللحظات السعيدة حيث كان كل شيء مثاليا، منزلهم الصغير ضحكات مير الرنانة، الحب الذي جمع والديها والذي لم تعش مثله أبدا...
تعالى نشيجها ليصبح شهقات متقطعة وهي تدفن وجهها بين كفيها، اقتربت مارغريت لتجلس على حافة السرير هي الأخرى لتطوقها بذراعيها بحنان...

لم تكن تعلم سبب بكائها لكنها بالتأكيد شعرت بأنها تحتاج إلى المواساة. مسحت على شعرها وهي تضع يدها على ظهرها وكأنها تهدهدها واستسلمت ألكسندرا لهذا الاحساس الجديد...
لم تتكلم مارغريت ولم تسألها عن سبب بكائها بل ظلت هادئة تنتظر إلى أن قالت ألكسندرا بهمس:
- أشتاق إلى مير كثيرا...

تجمدت مارغريت للحظات وانقبض قلبها بألم، هي لم تنسى مير، وكيف ذلك؟! وهي موجودة قريبا من أعز الأشخاص إلى قلبها، شقيقها المتوفي وزوجها الحبيب.
- ليس عدلا كانت طفلة صغيرة!
تنهدت مارغريت وهي تقول بصوت متحشرج: - الرب القدير لديه خطط لنا جميعا صغيرتي وهي دائما للأفضل، كوني واثقة...
- مستحيل أن يكون وفاة والدي وشقيقتي للأفضل! شهقت ألكسندرا بألم ومستحيل أن تكون تصرفات ليام معي من خطط القدير!

- بالطبع حبيبتي، لكن هنالك أشياء بالتأكيد لن نستطيع استيعابها مهما حاولنا، صمتت قليلا محاولة التخفيف من ألم الماضي الذي فتح على مصراعيه قبل أن تقول ليام ليس شخصا كريها كما تظنين!
رفعت ألكسندرا رأسها لتنظر إلى مارغريت بدهشة...
- أبي أخبرني بكل شيء منذ سنوات، شرحت باقتضاب ربما كان ارتباطكما في بدايته صفقة بحثة، مجرد تبادل للمصالح...
- لم أكن أعلم أنني أبيع طفلي! قاطعتها بألم.

- بالطبع. ردت مارغريت متفهمة لكن ليام كان مقتنعا وقتها بذلك، لا تلوميه ألكسندرا! للأسف ليام حصل على مثال سيء للنساء في حياته، النسخة التي حصل عليها للمرأة لم تكن فعلا مشرقة، والدته كانت سكيرة وصولية دفعت بوالده إلى الحضيض، ثم كانت السبب في موته! وزوجته.
شخصت عينا ألكسندرا وهي تستمع لمارغريت في ذهول: - زوجته؟! سألت ألكسندرا باستغراب وانقبض قلبها لا اراديا.

- كان يافعا حين تزوج للمرة الأولى، شابا ذكيا ولامعا وطيب القلب كوالده، وقع في الحب وشعر أنه امتلك العالم، كان يملك اسما معروفا جدا لكن كان مفلسا، ماسيموس قضى على كل ثروته وأبي كان قد قرر حرمانه من كل شيء! ليام لم يعد إلى كنف العائلة إلا حين أصبح شابا، لم يكن يملك سوى ذكائه. لكن هي لم تكن تعلم ذلك، كانت انتهازية وكلبة مال كوالدته. حاول بكل الطرق اسعادها، باع الكثير من برامجه فقط ليرضيها، لكنها كانت دائما تطالب بالمزيد، حين شعرت أنه لم يكن الرجل الذي سيلبي طلباتها الجشعة تركته. وهي حامل ثم أخبرته باجهاضها فقط لتؤلمه!

- يا إلهي! وضعت ألكسندرا يدها على فمها تكبت صرختهاأ ياله من ظلم!
حركت مارغريت رأسها موافقة قبل أن تقول وهي تمسك يدي ألكسندرا المرتعشتين: - أنت مختلفة ألكسندرا، لا أعرف هل فقدت الذاكرة فعلا طوال هذه السنوات كما أخبرنا أم أنك فقط قررت الابتعاد، لكنه تعذب لمدة طويلة، لسنوات كان شغله الشاغل البحث عنك، ومحوالة ايجادك لم ييأس يوما، ورفض بشدة أن تكوني ميتة حتى حين صدقنا ذلك جميعا...

مسحت مارغريت دمعتين تسللتا رغما عنها قبل أن تقول: - توقفي عن محاربة مشاعرك ألكسندرا! حاولي ولو لمرة واحدة الاقتراب منه، وراء تلك القوة والغطرسة الزائفة لازال هنالك ليام الحقيقي، لديه قلب من ذهب ستكونين في أتم السعادة إذا ما وصلت إليه!
تنهدت ألكسندرا بعمق: - لديه خطيبة مارغريت...
- ولديه زوجة فعلية هي أنت! حاربي من أجل من تحبين! ليام يستحق العناء! وطفلك يستحق الحصول على عائلة!

بهذه الكلمات تركت ماغريت ألكسندرا مطرقة رأسها تفكر بعمق.
بعد أيام،
لم يعد ليام إلى الشقة في نيويورك أقفل هاتفه واختفى فجأة، أخيرا قرر فرانكو التدخل، كانت ألكسندرا كعادتها واقفة على الشرفة تتأمل منظر بارك أفنيو بعينين ميتتين، اقترب منها ليقف إلى جانبها ويتأمل المنظر قبل أن يقول بانجليزية صحيحة طغا عليه القليل من لكنته...
- هل قررت العودة لوحدك ألكسندرا؟ أم أن حفيدي أعادك قسرا؟

تسمرت ألكسندرا من الصدمة وأدارت رأسها بقوة لتنظر إليه غير مصدقة، هل كان يعلم؟
رأت الجواب في عينيه الضيقتين وهو ينظر إليها بتمعن...
- يا إلهي! أنت كنت تعلم برحيلي؟
- بالتأكيد! قال فرانكو بصوت بارد هل تظنين أن اختفائك وبقائك مختفية طوال هذه السنوات كان محض صدفة؟! تنفس بعمق قبل أن يقترب من الكرسي على الشرفة ليجلس أنا عجوز لا أستطيع مجارات وقوفك!

قال وهو يدعوها للجلوس. كان قلب ألكنسدرا يخفق بقوة، هل هي الغبية الوحيدة هنا؟ كان جده يعلم بكل شيء منذ البداية!

- بعد وفاة مير الأليمة، كنت في حالة من الصدمة والبؤس الشديدين حولت كل كراهيتك نحو ليام، واتهمته بأنه السبب وراء وفاة شقيقتك وهذا كان ليجعل الحياة بينكما مستحيلة، تركت لك القرار بعد الحادث، أعطيتك تذكرة مجانية إلى الحرية وأنت قبلت بها ورحلت. ليام أصيب بشدة بعد وقوع الطائرة، قلبه كان مفطورا حرفيا، لم يكن لينجو مع زوجة تحتقره، فكرة أن تكوني ميتة كانت خسارة أقل له، من حياة مدمرة إلى جانبك!

بلعت ألكسندرا ريقها الجاف بصعوبة وهي تستوعب الكلمات التي وقعت عليها كالصاعقة، جد ليام كان يعرف بمكانها منذ البداية، ترك لها حرية الاختيار، هل دفع مصاريف تعليمها أيضا؟ وكأنه قرأ افكارها قال بصوته الحازم:
- ليس من الصعوبة البحث في ماضيك! أنا كنت أعلم كل شيء عنك منذ اليوم الذي سكنت فيه تحت سقف منزلي! كنت ستصبحين معمارية موهوبة لولا وفاة والديك! كان من العدل منحك فرصة ثانية!

هنا توضحت كل الأمور أمامها، مكتب التحيقيق الفيدرالي لم يكن سوى غطاء لقرارات جد ليام، هو من أعطاها الحرية، لكن لما يخبرها الآن؟ لم تسترسل بأفكارها كثيرا وهي تسمعه يقول:
- لقد رحل ليام! ربما هو اكتفى أخيرا من الألم الذي سببه دخولك إلى حياته!
أخد ورقة مطوية من جيب سترته ليناولها إياها: - هذا هو العقد الذي بموجبه فقدت كل حقوقك على ماسيموس.
كانت تنظر إلى العقد بعينين ملئتهما الصدمة.

- صحيح. قال وهو يؤكد ما قرأته لقد أصبح لاغيا الآن! ليام ألغاه منذ عودتك إليه!
توقف قلب ألكسندرا عن الخفقان، هذا يعني أنه لم يكن يخدعها، ارتعشت يداها وسقطت الورقة على الأرض وهي تنظر إلى فرانكو بعينين غائمتين، كانت تشعر بالضياع، أكمل فرانكو وهو يتأمل حركاتها باهتمام قبل أن يقول:.

- لقد كنت المسؤول المباشر عن وضعك في حياة حفيدي، ظننت وقتها أن الاستقرار سيضمن له السعادة التي حرم منها منذ طفولته، لكنني أرى جليا أن اتحادكما لا يبعث في نفسه سوى الألم، لذلك قال وهو يخرج من جيبه الآخر مفتاحا قديما ليضعه في كفها ويضغط قليلا هدية وداع مني!

تأملت ألكسندرا المفتاح بصدمة، كانت تعرف هذا المفتاح جيدا، فهي رأته في المزاد، كان مفتاح القصر الذي كانت تقوم بترميمه، لكن قالت ألكسندرا وسرت القشعريرة في جسدها:
- لقد أعادته لي أشلي أمس وهي تتمنى لك رحلة موفقة!
شعرت ألكسندرا وكأنها تلقت صفعة قوية على وجهها، هل قرر ليام العودة إلى أشلي؟ هل سيتركها أخيرا؟

مجرد التفكير في الأمر جعل معدتها تتقلب من الغثيان، ركضت إلى غرفتها ودخلت الحمام مسرعة لتلقي برأسها في المغسلة وتتقيأ بألم.
أخيرا بعد أن توقف الغثيان، شعرت وكأن نصلا حادا يمزق قلبها ببطء، إنها تحب زوجها هذه هي الحقيقة التي لطالما أنكرتها، لن تستطيع العودة إلى حياتها ولو أرادت...
نهضت بتثاقل لتفح صنبور المياه وتنسلخ من فستانها الرقيق لترتمي تحت الرذاذ المنعش علها تستعيد هدوئها...

أخيرا حين عادت إلى غرفتها سمحت لنفسها بالتفكير، لقد اتخدت قرارها بالفعل وعليها فقط تنفيده...
في فيلته بأورنج كاونتي،
كان ليام جالسا في الشرفة وكأس البراندي في يده، بينما الأمواج المتلاطمة للبحر تزيد من تخبط مشاعره، لقد تركها، لا يستطيع للآن أن يتخيل أنه بعد كل تلك السنوات التي بحث فيها عنها كالمجنون، وبعد الحرب الوحشية التي خاضها مع أليساندرو ليستعيدها، قرر أن يتركها ترحل بهذه البساطة...

لقد فقد الحق في المطالبة بها حين أهانها وهددها، كان عليه أن يتوقف أخيرا قبل أن تختفي انسانيته إلى الأبد...
المشاعر المظلمة للتملك التي انتابته جعلته لأول مرة خائفا وغير مسيطر، مستحيل أن يستمر بايذائها فقط لأنها لا تحبه، أصابته الفكرة بالسقم فلوح بالكأس نحو الصخور كعادته ليلتف بجسده وتجمده الصدمة...
- ألكسندرا!

قال ليام وهو يرفع يده نحو عينيه ليفركهما ظنا منه أنه يتوهم. لكنها ظلت واقفة وتعبير حانق على وجهها...
- لقد تزوجت من سكير مغفل!
- ما الذي تفعلينه هنا؟
قال بصوت أجش محاولا استعادة توازنه، كان فاقدا للسيطرة تماما، لابد وأنه أسرف في الشرب هذه المرة. اقتربت منه لتضع يدها على ذراعه لكنه أبعدها بقسوة...
- ارحلي! صرخ بعصبية أنا لا أريدك في حياتي مجددا! أنت لعنة! اذهبي من هنا!

لكنها لم تستمع إليه بل جرته بقوة رغم حجمه الضخم، مقارنة بحجمها الضئيل، إلى أن وصلت الحمام لتفتح المياه الباردة عليه، ارتجف جسده والمياه تنزل باردة على رأسه تبلل ملابسه، قبل أن يرفع عينيه ليتأمل نظرة الاتهام في عينيها الجميلتين، حاول أن يخطو نحوها لكنها منعته وهي تقول بنبرة صارمة:
- سأذهب لأعد القهوة! حين تنتهي سأكون في انتظارك...

خرج ليام بعد أن عاد إليه رشده، يشعر بصداع قوي يفتك برأسه، كان قد نزع عنه ملابسه المبللة بالكامل وغيرها إلى جينز أزرق داكن وقميص وكان يبدو أصغر سنا.
نظرت إليه ألكسندرا وجف حلقها من جاذبيته، شعره لازال مبللا من الاستحمام وقميصه المزرر بدون اهتمام جعله يبدو وكأنه خرج للتو من احدى أغلفة المجلات...
بلعت ريقها باضطراب وهي تضع كوب من الماء وقرصين في يده: - هذا سيخفف الألم! قالت موضحة.

شكرها برأسه قبل أن يبتلع القرصين بحركة عصبية، لقد زال أثر الشراب تماما ولم يعد هناك سوى الألم الذي يعذبه، رفع رأسه أخيرا ونظر إليها بتمعن، شعرت ألكسندرا بالاضطراب من نظراته المتفحصة وأشغلت نفسها بصب القهوة، ناولته فنجانا أخذه منها بصمت، ليرتشف منه وعيناه لا تفارقانها، أخيرا وضع الفنجان على طاولة أمامه ليقول بصوت جاف:
- ما الذي تفعلينه هنا ألكسندرا؟

ارتجفت يداها حتى كادت توقع قهوتها، لتضع الفنجان محاولة تفادي نظراته وهي تمسد فستانها الصيفي بارتعاش، قلبه كان يخفق بقوة من منظرها لو كان يملك الحق، لكان حملها الآن بين ذراعيه ولتذهب كل تلك القيم إلى الجحيم، ضغط على فكه بقسوة وزم شفتيه، كان يبدو عصبيا، فهمت ألكسندرا أنه لا يرغب بوجودها هنا، فازداد اضطرابها لتقول دون تفكير:
- أنت فعلا نذل حقير ليام! كيف تستطيع اغماض عينيك والنوم ليلا؟!

لم يتوقع منها هذا الهجوم المباغت ألم يعطها حريتها؟ ألم يترك لها الفرصة للرحيل؟ ما الذي تريده منه الآن؟ مال إلى الوراء ليضع قناعه المتعجرف ويقول بسخرية متهكما:
- أتوقف عن شرب القهوة بعد الساعة السابعة!
- أيها الوغد!

كانت مشاعرها مختلطة، الغيرة، وهرمونات الحمل أصابتها بالجنون، قفزت عليه لترتمي على وجهه محاولة ضربه، نهض ليام بسرعة ليتلقف جسدها الذي ارتمى عليه بغتة محاولا شل حركاتها الخرقاء، كانت تبكي وتضرب صدره بيديها، وأصبحت مشاعرهما مختلطة.

لم يعرف أي منهما كيف تحولت هذه المشاجرة الغير متوقعة إلى قبلات عصفت بكليهما، حملها بين ذراعيه وهو يقبل كل شبر من وجهها ويلثم دموعها الغزيرة بشفتيه، امتزج طعم القبلات بطعم دموعها مما جعلها أكثر إثارة...
أخيرا حملها بين ذراعيه ليفقدها عقلها بحبه...
بعد ساعات من الحب الجارف، فتحت ألكسندرا عينيها لتجد ليام يتأملها بعشق...
- أخيرا استيقظت أميرتي!

قال ليام وهو يزيح خصلة نافرة عن جبينها، حركت رأسها باستغراب وهي تنظر إلى ملامحه الوسيمة بحب لم تعد تستطيع اخفائه...
- هل نمت لفترة طويلة؟
- لساعتين. قال ليام بابتسامة
- هل كنت مستيقظا لساعتين؟ سألت ألكسندرا وهي ترفع رأسها لتنظر إليه غير مصدقة
- كنت أنتظر استيقاظك شرح بعينين تملاهما الرغبة جعلت قلب ألكسندرا يخفق بقوة بينما تورد خداها بخجل جميل.

هذه المرة حين أخذها كان الأمر مختلفا، مشاعر الحب طغت على كل شيء آخر، كان رائعا مراعيا لكونها حاملا بطفله، أحبها بهدوء وتأن وجعل النيران تحرقهما ببطء مثير، لقد كان الحبيب المثالي...
تنهدت رغما عنها وعيناها تمسحان وجهه بشوق، هذه المرة لم يتكلم لكنه سحبها إليه في جولة أخرى من المشاعر المكثفة والعميقة معبرا لها عن عمق اشتياقه...

حين عادا إلى الواقع، طوقها بذراعه وقبل رأسها لتغفو سريعا وهي تستمع إلى صوت خفقات قلبه القوي والثابت، أغمض ليام عينيه أخيرا وشعر براحة غريبة لم يعهدها منذ سنوات ليغفو كطفل بينما ابتسامة اكتفاء تزين وجهه.
طوال أسبوع،.

كانا ليام وألكسندرا يتصرفان وكأنهما في شهر عسل حقيقي، سبحا معا في الشاطئ الخاص للفيلا، تجولا على درجات هوائية قرب البحر، وفي كل ليلة كان ليام يعبر لها عن حبه بأجمل الطرق والتي جعلتها تنسى سريعا كل الألم الذي عاشته...
أخيرا شعرت بالتعب وهي تتوسد صدره الصلب لتقول بغنج فطري: - ربما حان وقت العودة ليام لقد اشتقت إلى ماكس كثيرا.

عقد ليام حاجبيه وهو ينظر إليها ممثلا الغضب: - بهذه السرعة مللت مني! قال وهو يطوقها بذراعه
قبلت ألكسندرا جانب فكه الصلب قبل أن تنسل من بين ذراعيه برشاقة وتسحب معها الغطاء الحريري لتغطي به جسدها، بينما ظل ليام ينظر إليها باستغراب لتختفي في غرفة تبديل الملابس...

حين عادت كان ليام لايزال مستلقيا، يتفحص هاتفه قبل أن ينتفض غير مصدق، كانت ألكسندرا قد ارتدت أحد أجرأ ملابس النوم التي وجدتها في الخزانة، مثيرة وفاتنة هكذا شعر وهو ينظر إليها وقد تصلب جسده من الاثارة...
- يا إلهي ستفقديني عقلي! هدر ليام محاولا الوقوف لكنها منعته باشارة من يدها.

اقتربت منه تتهادى إلى أن وصلت إليه، حاول أن يجذبها نحوه، لتصدمه حركتها وهي ترفع يديه فوق رأسه لتقيده إلى دعامة السرير، بينما عيناها تشرقان بخبث...
- ما رأيك أن تتوسل هذه المرة من باب التغيير سيد ماكسويل؟
- بكل سرور سيدة ماكسويل!
تشدق ليام وصدره يعلو وينخفض بقوة، قبل أن تنزل ألكسندرا لتضع قبلة مثيرة على شفتيه لتفقده عقله ويضيعا معا في عالم سحري لن يزوره سواهما...

استيقظت ألكسندرا أخيرا وهي تشعر بشيء يدغدغها قبل أن تفتح عينها بتكاسل وتنظر إلى وجه ليام القريب منها، وإلى الوردة الحمراء التي وضعها في كتلة شعرها الشقراء قبل أن يطبع قبلة على أرنبة أنفها الصغير...
داعبتها رائحته المميزة وجعلتها تتنهد بعمق قبل أن تحاول التحرك إلى الأمام وتصدمها الصينية المقابلة للسرير...
- يا إلهي! هل أنت من صنعت هذا؟

حرك ليام رأسه وهو ينظر إليها بعشق حقيقي، وقرب الصينية منها وهو يقول بافتخار: - لمعلوماتك سيدة ماكسويل، أنا طاه محترف، جربي بنفسك! قال وهو يمد لها الشوكة مشجعا
حركت ألكسندرا رأسها باعجاب قبل أن تأخذ الشوكة من يده وتأخذ قطعة من طعامها وتقضمها بريبة.
- إنه رائع! قالت محاولة بلع الطعام بصعوبة
عيناه ضاقتا عليها بمرح وهو يتأمل محاولتها البريئة في مجاملته: - مقرف بكل ما للكلمة من معنى! أليس كذلك؟!

حركت ألكسندرا رأسها ضاحكة قبل أن ترد بحب: - في المرة المقبلة أنا من سأعد لك الفطور!
- وأنا موافق! هتف ليام وهو يحملها نحو الحمام بينما علا صراخها باحتجاج واه
في المساء،.

كان ليام في مكتبه يحاول مباشرة بعض الأمور المهمة والتي استوجبت اشرافه الخاص منتظرا نزول ألكسندرا، والتي كانت منشغلة باعداد العشاء، قبل أن يفاجئ بباب المكتب يفتح بهدوء، رفع رأسه منتظرا دخولها، قبل ان يتصلب من الصدمة وهو ينظر إلى أشلي الواقفة أمامه، لكن كيف وصلت إلى هنا؟
اقترب منها قبل أن يقول وعلامات الدهشة بادية عليه: - ما الذي تفعلينه هنا سألها بحيرة.

عبر الألم وجه أشلي لثوان قبل أن تسيطر على ردة فعلها الضعيفة وتقول بصوت مرح: - ليس هذا نوع الترحيب الذي كنت أنتظره ليام! نحن أصدقاء أليس كذلك؟!
ظلت ملامح وجه ليام متصلبة، لايبدو أنها إلتقت بألكسندرا بعد، لابد وأنها استعملت مفتاحه الاحتياطي للدخول، ضيقت أشلي المسافة بينهما وهي تتهادى في فستانها الرقيق إلى أن وصلت إلى جانبه لتهمس قرب وجهه:
- مابك ليام؟ ألم تشتق إليَّ؟!

كانت أنفاسها الدافئة تلفح عنقه ورائحة الشراب القوية تخترق حواسه، لابد أنها أسرفت في الشرب فكر محاولا ابعادها عنه لكنها رفضت مستمرة في الاقتراب إلى أن تعثر كعبها العالي لتسقط على صدره الصلب مطوقة رقبته بذراعيها...
في المطبخ،.

كانت ألكسندرا قد أطفأت الفرن لتخرج حلوى الليمون الشهية و التي كانت تصنعها لماكس وقبله مير، كان تريد ابهاره بطعام منزلي، تأملت الطاولة المزينة بالشموع والمناديل المطوية بعناية لتطلق زفرة ارتياح...
كل شيء جاهز، تحتاج فقط إلى التخلص من المئزر والذهاب لاحضاره، ألقت نظرة سريعة على المرآة الجانبية في طريقها إلى مكتبه وابتسمت برضى...

أخيرا اقتربت من الباب محاولة فتحه، لتتسمر في مكانها غير قادرة على التحرك، لم يكن الباب موصدا، تمكنت من بعيد من رؤية جسدين متعانقين، كانت أشلي تضع ذراعيها حول عنقه، بينما مال هو نحوها بحميمة. هوى قلبها من المنظر المؤلم وهي ترى حبيبها يقبل أخرى ليتحطم عالمها الوردي بقسوة.

ظلت مسمرة لثوان غير قادرة على تحريك قدميها وكأنهما التحمتا بالأرضية، أخيرا سحبت نفسها بهدوء قبل أن ينتبها لوجودها وتسللت إلى الأعلى لتحمل حقيبة يدهاوتغادر الفيلا مسرعة والدموع تنساب غزيرة تبلل وجهها الشاحب...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة