قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الرابع والعشرون

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الرابع والعشرون

أطلت سامية برأسها من نافذة السيارة قائلة بابتسامة: كل الشنط في شنطة العربية يا أبله ندى...
ربتت ندى بيديها على يد سامية الموضوعة على حافة الزجاج: متشكرة اوي يا سامية، كان نفسي اقضي معاكوا وقت اكتر من كده .
لم تختفي ابتسامتها لتقول: واحنا كمان والله، بس افرحي حد يظهرله أهل زي أبله ماجي وميفرحش ويزقطط.
اخيرًا ابتسمت ب لطف ورضا وهي تنظر لخالتها الواقفة خارج السيارة مع عصام تشكره..

دلفت ماجي الى السيارة وجلست بجوار ندى بالخلف، فأطل عصام رأسه ليقول: سلام يا ندوش، هانستنى تيجيلنا تاني بس المرادي وانتي معاكي مدام ماجي.
حاوطتها ماجي بيدها تقربها الى صدرها لتقول: طبعًا بعد كده هاجيلكوا معاها، وليا قعدة طويلة مع حبايبي .
ثم اسطردت حديثها وهي ترمق ندى بفرحة: بدام هما حبايبك يبقوا حبايبي..
اكتفت بإرسال ابتسامة رضا وامتنان لخالتها...
أشارت ماجى لعصام وهي تودعه: سلام يا استاذ عصام..
يالا ياعم اسماعيل على البيت..

اؤمى لها اسماعيل ثم انطلق في جهته، اما هي ف أخرجت جوالها تجري اتصالًا بابنتها: الو، يارا، كلكوا في البيت..
صمتت تستمع حديثها ثم قالت بسعادة: بجد جه طيب خليه ميروحش في مكان، انا جاية ومعايا مفاجأة ليكو..سلام...
أغلقت الجوال لتقول بسعادة: ولادى كلهم في البيت، هاتتبسطي منهم اوي..
سألتها ندى برقة: عندك كام واحد.
أشارت ماجي بيديها وهي تقول: أربعة ولدين وبنتين..

هتفت ندى باستيحاء: هو يعني انتي بس اللي من عيلة ماما..
جف حلق ماجي وهي تقول بتوتر: لا في جدتك وخالك موجودين..
ابتسمت ندى بسعادة بالغه: بجد..
هزت ماجي رأسها وصمتت، فقالت ندى بإستفسار: ويا ترى هايحبوني لما يعرفوا ان انا موجودة .
تجاهلت ماجي سؤالها واجابت: هما مسافرين ومبينزلوش، انتي هاتكوني معايا انا وولادي..

حسنًا لقد أدركت نصف القصة هناك خطب ما بشأن جدتها وخالها... تنهدت بصمت ثم اخرجت بطاقتها الشخصية واعطتها لماجي: دي بطاقتي لو حابة تتأكدي من اسمي و ...
حولت بصرها نحو حقيبتها وهي تبعث بداخلها: وثواني هاجبلك شهادة ميلادي..
قاطعتها ماجى وهي تقول بلهجة معاتبة: بس ايه اللي انتي بتعمليه ده، انا يا حبيبتي قلبي ده انتفض كده من مكانه لما شوفتك، وانا بقى بصدق قلبي وماليش دعوة بالاوراق دي..

ابتسمت ندى وهي تحشر نفسها بداخلها لتقول: انا معرفش ليه بعدوني عنك، انا كنت محتاجة حنانك ده..
ربتت ماجى على رأسها قائلة بحنو: هاحكيلك كل حاجة يا حبيبتي لما نروح، بس المهم عندي اوعديني انك عمرك ما تسبيني وتفضلي معايا، متتخيلش فرحتي قد ايه وانتي بين ايديا، انا دورت عليكِ كتير اوي قضيت عمري كله بدور عليكي وانتي كنتي في الاخر عند رأفت كنت مغفلة لما زمان صدقته، كنت اكبر مغفلة ..
سألتها ندى بتوتر: هو انتي عملتي في ماما حاجة وحشة علشان كده بعدوني عنكوا، انا مش لاقية مبرر ابدًا غير كده..

هتفت بنفي قاطع وتجمعت الدموع بمقلتيها: لا والله مش انا، ومقدرش، انا كل اللي عملته ان غلطت زمان و قاطعتها.. وفوقت لما عرفت بموتها.. فوقت متأخر...
انسابت بعض القطرات على صفحة وجهها، ف مسحتها ندى برقة بالغة وهي تقول: خلاص اهدي، ولما تكوني كويسة احكيلي..
احتضنتها ماجي بقوة لتروي عطش سنين افتقدتها في بُعدها والبحث عنها، اما ندى ف كانت تستمد من ذلك العناق الحنان والدفئ بعد أيام قضاتها في جفاء ووحدة وألم...

أبعدها مالك عنه بضيق بالغ: بقولك ابعدي يا يارا من وشي..
وقفت امامه مرة ثانية تهتف بضيق مماثل: يابني يعني هو مشوراك أهم من ماما، اهدى بقى كلها دقايق وتوصل..
زفر مالك بعنف ثم هتف بعصبية: انا سبت شغلي وكل حاجة علشان مشواري دا، ابعدي عني بقى...
قال عمرو من خلفهم ببرود: خلاص يا يارا سيبه، متبقيش زنانه..
التفت له لتقول بتوبيخ: احترم نفسك انا اكبر منك، وبعدين يا محترم انا بقدر كلام ماما ..
هتفت ليله بسخرية خافتة: بتقدريه أوي..

رمقتها يارا بغضب واتجهت نحوها بسرعة، ف ركضت ليله تختبئ خلف مالك الواقف امام باب المنزل يفتحه: الحقني يا ابيه، هاتضربني..
انفجر بوجههم صارخًا بغضب: ابعدوا عني..
ابتعدت ليله بخوف والتصقت بالجدار اما يارا فوقفت متسمرة ترمقه بتعجب على حالته تلك، رن جرس الباب فتحته يارا بلهفة، ف تراجع مالك للخلف عدة خطوات، اتسعت عيونه برعب ودق قلبه بجنون عندما رأها تقف بجانب والدته، صدمة زلزلت كيانه...
ماجي بسعادة: اعرفكوا ندى بنت أختي اللي كنت بدور عليها ...

صدمة أخرى جعلته فاقد للنطق أيضًا، اما هي فرفعت عيونها ترمقهم بخجل وحرج، ف وقعت عيونها عليه، نعم هو مالك، مالك القلب والعقل، يقف امامها ينظر لها نظرات غامضة، لم تعرف تبتسم فرحًا للقائه او تعبس حزنًا لغيابه وطلاقهما وما فعله بها ..لجم لسانها ولجم عقلها عن التفكير، اما قلبها فدقاته ارتفعت شيئًا فشيئًا حتى اقسمت انهم يسمعونها ك طبول الحرب..
انتبهت على هزت خالتها لها وهي تعرفهم لها: دي يارا بنتي، ودي ليله الصغيرة، والمجنون اللي هناك ده عمرو، اما بقى ده ...

وأشارت على مالك بفخر وحب: ده يبقى مالك، ابني الكبير، ظابط ربنا يحميه لينا...
حولت بصرها نحو خالتها بصدمة، حاول لسانها ان يخرج الكلمات ولكن من الصدمة لم تستطيع، حولت بصرها نحوه رأته ينكس رأسه أرضًا، شهقة لم تستطيع ان تكتمها، لو كتمتها كانت ستموت في الحال، جميع الصدمات التي تلقتها تقبلتها بهدوء واستطاع عقلها ترجمتها الا هذه، انقطعت انفاسها وازرق وجهها وشفتاها، ظلام يدور حولها ف استسلمت له بصدر رحب تهرب من ذلك الواقع الاليم ...

وقبل ان تقع ارضًا،كانت يد خالتها تتلقاها وهي تصرخ: ندى...
اقترب عمرو ب لهفة: اوعي يا ماما..
وقبل ان يمد يديه كانت يد مالك تمنعه بقوة قائلاً ب لهجة حاسمة: اوع انت، انا هاشيلها..
حملها مالك برفق وقربها من صدره لعل قربها يهدأ نيرانه التي اندلعت به فور رؤيتها وانكشاف حقيقته امامها، انتبه على حديث والدته وهي تشير للاعلى: حطها في الاوضة اللي جنب اوضتك يا مالك..

صعد للاعلى وهم يتبعونه بلهفة، وضعها مالك برفق على الفراش ثم مد يده وحاول ازالة حجابها جانبًا، فأوقفته والدته قائلة: انت بتعمل ايه! .
اشار على حجابها ليقول بقلق: بشيل الطرحة علشان تعرف تنتفس..
ابعدته عن الفراش وهي تقول: مينفعش هي محجبة ..
اقتربت منها يارا قائلة: انا ه خلعه انا، تعالي يا ليله ساعديني..
اشارت ماجى لعمرو قائلة بعجالة: هات مية بسرعة يا عمرو وبرفن نفوقها...
هز عمرو رأسه واتجه بصمت يجلب ما أمرته به والدته، اما مالك ف وقف يطالعها بحزن وقلق..، رمقته والدته متعجبة: في ايه مالك ما تطلع يا حبيبي .
هتف ببلاهة: ليه؟!.

حتمًا لو كانت غير هذا الوضع ستضحك على بلاهته، فقالت بتعجب اكبر: هو ايه اللي ليه، اطلع علشان نفوقها .
هتف بتوتر: انا بس قلقان، طيب هاتصل على دكتور..
اشار عمرو على نفسه ليقول وهو يعطي والدته المياه: ما انا اهو اي نعم علاج طبيعي بس انفع..
اظهر زجاجة العطر لمالك: جبت دي من اوضتك..
تلقتها والدته وهي تخرجهم: لا انا عارفة مالها، اكيد من الحمل..

وقبل ان تغلق الباب و دفعه مالك بقوة فتراجعت ماجي عدة خطوات، رمقها بصدمة هاتفًا بعيون جاحظة: ايه هي حامل..
نهرته والدته بحدة: انت غريب اوي، في ايه، ابعد كده خليني افوقها..
اغلقت الباب في وجهه، اما هو ف وقف يطالع الباب بصدمة وملامح وجهه غريبة، همس برعب: حامل..
انتبه على يد اخوه وهو يقول: مالك؟!.
ابتعد عن اخيه واتجه الى غرفته، دلف واغلق الباب خلفه، ثم استند بظهره على الباب وهو يقول: ندى بنت خالتي !.
ابتعد خطوتين عن الباب قائلًا: وحامل!، حامل...

انحنى بجذعه الى الاسفل وضغط بيديه على ركبتيه
حاول تهدئة ضربات قلبه التي تطرق بقوة داخل صدره،حاول التنفس بهدوء عندما هربت انفاسه .. رفع وجهه يحدق امامه بصمت ومشاهده معها تظهر امامه كالفيلم السينمائي بداية من حديث رأفت له وطلبه الزواج من ندى، مرورًا بعقد قرانهم وزواجه لها حتى انتفض مكانه ليقول بشراسة: هو مفيش غيره هايجاوبني على المهزلة دي..

خرج من الغرفة واغلق الباب خلفه بعنف ف انتفض عمرو بخوف: ايه ياعم ما براحة .
ابعده مالك عن طريقه ليقول بلهجة قوية: ابعد عن طريقي..
رمقه عمرو بغرابة شديدة وتابعه بعيناه وهو يغادر المنزل، همس بتعجب: ماله ده! .

التقط انفها الصغير عبقه الرائع، فظهر على ثغرها شبح ابتسامة، همهمت بكلمات غير مفهومة من بينها اسمه، فقطبت ليله جبينها وهي تقول: هي قالت مالك..
بعد دقيقة من الصمت وهم يرمقونها بقلق، فقالت يارا: مظنش..
فتحت ندى عيونها ببطء، وبدأت الرؤيا تتضح امامها، رأتهم يبحلقون بها بقلق، نظرت حولها وكانها كانت تتأكد من صدق ما حدث من قبل، وقعت عيونها على الباب، فهمست ماجي: مالك وعمرو بره متقلقيش..

يا ليتها لم تنطق اسمه امامها، انفجرت ندى بالبكاء وارتجف جسدها بقوة وهي تحاول النهوض: عاوزة امشي .
منعتها ماجى بحسم: في ايه يا قلبي، اهدي بس، ايه الي ضايقك..
ظلت تبكي وتهتف بكلمات غير مفهومة وغير مترابطة، استطاعوا ان يفهموا منها: عاوزة اروح بيتي..
هتفت ماجي: ده بيتك يا حبيبتي، طيب انتي ايه زعلك.
قالت ليله: يمكن خافت من ابيه مالك..

لكزتها يارا بيديها، اشارت لهم ماجي بالخروج، فامتثلوا لامرها، حاولت ندى النهوض من الفراش، منعتها ماجي مرة اخرى قائلة: انتي خوفتي بجد من مالك، والله هو يبان صعب، بس من جواه طيب اوي، لسة لما تتعرفي عليه هاتحبيه اوي، مالك ده فيه حنية الدنيا كلها...
همست بنبرة مرتعشة: عاوزة اروح بيتي..
هتفت ماجي بعتاب: ما ده بيتك!.
قالت ندى بنبرة مهزوزة: لا ده مش بيتي...

حاولت ماجى اقناعها رغم تعجبها من تلك الحالة التي انتابتها فقالت بهدوء: طيب انتي مش عاوزه تعرفي اللي حصل زمان ؟ خلاهم يبعدوكي عني ؟
حقًا لا تريد صدمات أخرى ف يكفيها ما عرفته، ولكن ما باليد حيلة فضولها يثير مشاعر اخرى متضاربة لمعرفة كذب عمها وعلاقة مالك بها ... هزت رأسها باستسلام، ف بدأت ماجي تسرد القصة بصوت حزين...

دلف المبنى كالاعصار الذي اجتاح المكان فغير معالمه، انفاسه هائجة،وملامح وجهه غاضبه، بعدما اتصل عليه احد زملائه واخبره بوجود سمير، لم يعرف كيف وصل الى مكتبه، فتح الباب بعنف تحت نظرات زملائه المستنكرة، فاتنفض سمير للخلف يطالع المقتحم لمكتبه بهذه الطريقة، متحدثًا بحدة: ايه ده يا حضرة الرائد..
اغلق مالك الباب خلفه بعنف ثم تقدم صوب مكتب سمير يضرب عليه بكلتا يداه بقوة: انا رائد وانت لوا لما نكون في شغلنا، بس طول ما احنا بره الشغل ف لأ انا هاتعامل كده لغاية ما تقولي ايه اللي انتو عملتو فيا ده، ازاي تخبوا عليا ان ندى بنت خالتي...

اتسعت عيون سمير بصدمة قائلًا: انت عرفت!، ندى فين؟!.
اعتدل مالك في وقفته وعقد ذراعيه امامه قائلاً بنبرة ساخرة: في بيتي، مع أمي.
ابتلع ريقه بتوجس قائلًا: كمان، ازاي، وامتى..
تحدث مالك بعصبية: ليه عملتو كده ؟ بتنتقموا مني ؟ ولا منها ؟ ولا انتو عاوزين ايه ؟ فهمني، اللي المفروض يفهمني مات، فهمني انت..
تقدم منه سمير وجذبه من مرفقه وجعله يجلس على احد الكراسي، وجلس امامه سمير على الاريكة قائلاً: مكناش بننتقم من حد، كنا غرضنا نبعدها عن والدتك بأي شكل..

عقد مالك حاجبيه متسائلاً: ليه؟!.
صمت سمير لبرهة ثم قال: طبعًا انت عارف خالك أحمد كويس!.
هز مالك رأسه فقال سمير: خالك كان بيحب نادية أخت محمود أبو ندى، كانت بنت رقيقة جدًا وفيها شبه بسيط من ندى وتتحب على طول وفي كلية طب، أحمد خالك اتعلق بيها وحبها وهي كمان حبته أوي، احمد اتقدم يخطبها ومحمود ابو ندى مكنش عنده اي اعتراض عليه أخو مراته وهايحافظ على أخته، خطبها والدنيا كانت كويسة لغاية ما عرفنا ان خالك بقى مدمن..
اتسعت عيون مالك قائلاً: مدمن!، خالي؟!.

هز سمير رأسه ثم قال: اه مدمن اتعرف على ناس وهما اللي شدوه للادمان، وقتها نادية اتصدمت وتعبت وانهارت ومحمود فركش الخطوبة ك تهديد يعني له علشان يبعد عن الطريق ده، والدتك ونسمة والدة ندى وجدتك انهاروا لما عرفوا، منكرش ان احمد حارب واتعالج، ورجعوا اتخطبوا تاني، بس أحمد رجع تاني للادمان، نادية لما عرفت وقعت ودخلت المستشفى، محمود ابو ندى وقتها حلف انها مش هاتتجوزه ابدًا، أحمد اتعالج تاني، وحاول مع محمود، محمود كان رده بالرفض دايمًا، نسمة والدة ندى حاولت، والدتك حاولت، جدتك حاولت، حتى رأفت وانا بحكم ان كنت صديق لرأفت ومحمود، بس محمود كان متعنت ورده الوحيد جوازها من أحمد هايجبلها التعاسة وهايحكم على حياتها بالفشل، سنة عدت على الحكاية دي ونادية تعبت اوي في بُعد احمد وتعبت من محاولاتها مع اخوها قررت انها ...
قاطعه مالك قائلاً: تنتحر!.

رمقه سمير باستفهام، فاجابه مالك بحزن: ندى كانت قالتلي!.
أكمل سمير حديثه: انتحرت من هنا والدنيا ولعت من هنا انا لسه فاكر اليوم ده بتفاصيله أحمد كان واقف قصاد محمود في المستشفى والاتنين هاين عليهم يقتلوا بعض كان كل واحد بيجيب اللوم على التاني، واللي كانت في النص هي نسمة والدة ندى، وقتها جدتك من كتر غيظها من محمود وتقريبًا كرهته بسبب احمد، فخيرت ام ندى بانها تطلق من محمود وتروح معاهم او تبقى مع محمود وتنساهم وتنسى ان ليها عيلة، نسمة وقفت ما بينهم مش عارفة تختار مين، وفي الاخر اختارت جوزها، جدتك اتعنت اكتر وحكمت على والدتك انها تقاطعها...

قطب مالك جبينه متسائلاً: انا كنت فين من ده كله..
هتف سمير: والدتك كانت مخطوبة في الاحداث، ومحمود كان متجوز نسمة مبقالوش سنتين بس كان عند نسمة مشكلة في الحمل وكانت بتتعالج .. علشان كده انت متعرفش الاحداث دي...

وضع مالك رأسه بين يديه قائلاً: طول عمري بسمع من امي ان ليها اخت وماتت وبنت اختها ضايعة عمري ما اهتميت لكلامها، وولا حتى فكرت اساعدها..
أكمل سمير حديثه وتنهد بقوة: مرت الايام والسنين وجدتك لسه على قرارها، والدتك كانت اتجوزت وخلفتك، وقبل ما محمود يموت هو و نسمه بسنتين كانوا جايبين ندى، حاولت نسمه ترجعلهم وتصلح اللي فات بس جدتك كانت رافضة، محمود ونسمه راحوا يزوروااا...

قاطعه مالك بحدة: انا عارف الحتة دي من ندى، اللي انا عاوز اعرفه ليه خبيتو عنها ان ليها أهل، وليه جوزتهالي انا بالذات مكنتوش خايفين مني...
أجابه سمير بهدوء: خبينا علشان محمود لما عمل الحادثة ام ندى اتوفت في الحال، لكن محمود نقلوه على المستشفى ولما روحنا انا ورأفت، وقتها هو طلب من رأفت انه يخبي ندى عنكوا لانه كان خايف عليها من جدتك واحمد ليعملوها وحش، ف طلب منه كده، ورأفت حقق وصيته ونفذها الاول كان ده دافع رأفت، بس بعد كده الدوافع عنده زدات واحدة واحدة، منها مثلاً انه حب ندى زي بنته، ومبقاش يتخيل حياته من غيرها وخصوصًا ان رأفت مكنش بيخلف وزوجته اتوفت، ندى كانت كل حياته، منكرش انه لحظات كان بيضعف ويقرر يصارح والدتك، بس كان بيخاف لندى تحبكوا وتنساه وخصوصًا انه دايمًا بيحس منها انها فاقدة للاحساس الحنان واللمة والعيلة، كان نفسه تبقى معاه وتتجوز وتخلف ويبقى جد، الدوافع زدات لغاية ما الفترة دي...

صمت ينظر أرضًا يأخذ انفاسه بتروٍ ثم قال: لما مسك القضية وكان صعب ياخد ندى، وفي نفس الوقت والدتك بدأت تدور تاني، بقت على خطوة واحدة و تعرف ان ندى هنا في القاهرة ومع رأفت كمان، وقتها خوفنا، فانا فكرت اساعده لانه صديقي...ف فكرت يعني..

نهض مالك وتحرك ذهابًا وايابًا قائلًا ب لهجة ساخرة: اممم نجوزها لمالك ونقوله علشان خاطر القضية وفي حد بيهددنا، وخايفين عليها، فالاهبل اللي هو انا يوافق علشان غرض نبيل، وتقولوه اوعى تقول لاهلك ف هو يخبي وامي لو اتشقلبت عمرها ما تعرف ان اللي بتدور عليها بقالها سنين مع ابنها، تفكير شيطاني بحق، بس اللي متعرفهوش ياباشا او محسبتهوش ان انا حبيتها، وان هي حامل مني، ايه رايك بقى ؟!.

توقف مالك عن الحركة وهو ينظر لسمير بحقد، نهض سمير ليقول: انت...
انتفض مالك بوجهه يصيح بغضب: اه مستني ايه مني يعني، دمرت حياتي، دمرتني...
استدار لكي يغادر فامسكه سمير من مرفقه: استنى، احنا كنا بنحسب...
قاطعه مالك بعصبية: بتحسبوا ايه، اللي انتو عملتو دمرتوني، ربنا يسامحكوا بجد...
نفض مالك يده بعيدًا عنه باشمئزاز واتجه صوب الباب، فقال سمير بحزن: انا هاكتبلك على اجازة تحاول تهدا فيها وتكون جنبها...
التفت مالك له يرمقه بإستنكار: كتر خيرك...

انتهت ماجي من سردها للماضي، فقالت بنبرة باكية: خصمتها سنين طويلة، وقلبي كان بيحن ليها بس كنت بخاف على زعل ماما، مر عليا جوازي وحملي في مالك وايام كتيرة حلوة ومُرة كنت بحتجها فيها بس خوفي من ماما كان بيرجعني تاني، منكرش ان كنت مضايقة من ابوكي علشان هو السبب في كل ده ف صبيت غضبي كله عليها هي، كلنا حطنا غضبنا عليها هي، وهي كانت تايهة ووحيدة، محتاجة لينا وفي نفس الوقت لجوزها، محدش قدرها ولا قدر اللي فيها، ابوكي بص لعنده واتمسك بيه، واحنا زعلنا على زعل احمد، وهي محدش فكر فيها، فوقت بعد فوات الاوان، بعد ما ماتت، بعد ما خلاص مبقاش ينفع اخليها تسامحني..

بترت حديثها وتعالت شهقاتها وبكائها وهي تضع وجهها بين يديها تبكي بإنهيار، مدت ندى يديها تحتضنها برقة عكس ذلك الشعور الذي يتفاقم بداخلها، رفعت ماجى وجهها ترمقها برجاء: ارجوكي متبعديش عني، انتي الحاجة الوحيدة اللي باقية منها، وجودك معايا هايخليني أحس انها دايمًا معايا، انا دورت كتير عليكي يا ندى، كنت بنام وبحلم علشان الاقيكي ولما تكوني بين ايديا عاوزه تبعدي عني، انا معرفش ابوكي خباكي عننا ليه بس يمكن يكون خايف عليكي من أحمد، بس والله وحياتك عني ما هاخلي حد يلمسك بسوء ابدًا، انا مش عاوزكي تخافي وانتي معايا، اوعديني انك هاتفضلي معايا وجنبي..

مدت يديها لها ترمقها برجاء، توترت ندى كثيرًا لم تحسم قرارها بالفعل، في حالة من الفوضى كلما حاولت ترتيبها تتبعثر من حولها مجددًا، حقًا هي تشتهي الرحيل ولكن لا تعلم الى أين !؟، ليس لها مأوى، كانت تعتقد انه وحده هو مأوها ولكن اعتقادها كان خطأ من البداية، تود الصراخ بوجههم تود اخبار خالتها بما فعله مالك، ولكن نظرتها له ونبرتها وهي تتحدث عنه تجعلها تبتلع اي حديث، هي أضعف من ان تبقى معه بنفس المكان، هي أضعف من ان تنظر له ولا ترتمي باحضانه، هي أضعف من كل شئ حولها، بدت كالغريق التائه عن مرساه، تريد الوصول لبر الامان، ولم تجده، بر أمانها يبتعد عنها لاميال وكأنه صعب المنال، بر أمانها هو وحده، وهو وحده يصعب الوصول له...

استفاقت من تلك الحالة التي غرقت بها على يد خالتها وهمسها: ها توعديني..
نظرت لها ورمقتها بأسف: معلش سامحيني، هاروح بيتي وانا موجودة لما تعوزيني هاتلاقيني..
هتفت ماجى بغرابة: ايه غيرك كده، قوليلي شوفتي في عيونهم حاجة ضايقتك تحت..
هتفت ندى بتوتر وهي تحيط خصرها: لا، بس ممكن ميتقبلونيش وانا هايكون معايا بيبي..

بترت ماجى حديثها لتقول: ابنك او بنتك ده يبقى حفيدي انا، واللي مش عاجبه يخبط دماغه في الحيط، انتي بتتكلمي كده ازاي، هو انتي مش حاسة بيا ياندى.
رمقتها ندى بهدوء وبداخلها تسخر مما يحدث، خالتها تهتف بشراسة بتملكها لابنها ولم تعرف ان ذلك الطفل هو حفيدها بالفعل..
نهضت تقف امامها تقول بهدوء عكس النيران التي تندلع بداخلها: معلش سامحيني انا هاكون مرتاحة كده أكتر.. هاقضي معاكي الليلة دي وبكره هامشي.

هزت ماجى رأسها باستسلام ثم خرجت من الغرفة دون ان تتحدث، قابلها أبنائها بسيل من الاسئلة، فقابلتهم هي بنظراتها الحزينة، دلفت لغرفتها وانزوت بأحد اركانها تبكي قهرًا على خطأ اقترفته قديمًا تتعاقب عليه حاليًا...وفسرت قرار ندى بحزنها على والدتها وما مرت به من جفائهم وقسوتهم ...

انتهت من وضع ثيابهم في الحقائب واحكمت غلقها جيدا، نظرت حولها ببطء حقا ستشتاق لتلك الشقة رغم ما مرت به، اشتاقت لأخ حنون ك جاسم والد ايلين وتذكرت كلماته لها ...

( فلاش باك )..
_ الاوضة دي هاتبقى اوضتك انتي، وانا هنام وقت ما أكون موجود مع ايلين، خديجة انا اتجوزتك علشان ايلين تكوني أم ليها، لكن انا مكتفي بزوجتي الله يرحمها..
عادت من ذكرياتها وهي تنظر لصورته الموضوعة بجانب فراشها: الله يرحمك، كنت ونعم الاخ...
انتبهت على طرقات الباب، نهضت وفتحته رأت عمار يقف امامها يطالعها بهدوء: خلصتي..
هزت رأسها قائلة: آه، خلصت، هو ممكن اطلب منك طلب؟!.
_ اطلبي..

رفعت عيونها ترمقه برجاء: ممكن توافق ان اروح ازور ماما واخواتي وحشوني اوي..
قاطعها عمار بصرامة وحدة: لا مش هاتروحي هناك، بس هي لو عاوزة تيجي عندك في بيتنا معنديش اي اعتراض.
زمت شفتيها بضيق لرفضه، هزت رأسها باستسلاااام تفاجئت عندما مسك يديها وشبك أصابعه بخاصتها ليقول بنبرة خافتة: هاخاف عليكي لو روحتي هناك لوحدك ...متجادلنيش في حاجة تخص أبوكي تاني..

اقتربت منهم ايلين بسعادة: يالا بقى يا عمار علشان نروح بيتنا الجديد..
حملها عمار وقبل وجنيتها بحنان: يالا يا قلب عمار.
حولا نظرهما لخديجة فقال عمار بابتسامة لاول مرة تظهر لخديجة: يالا يا ديجا..
لم تنطق ولم يقدر عقلها على ترجمة معاملته لها، تغير معها كليًا، وأصبحت مشاعره وكلماته هادئة حنونة ولكن مازالت تشعر بغموض بها...

دلف منزله بإنهاك واضح، وقعت عيونه على غرفتها في الاعلى ابتلع تلك الغصة بحلقه بصعوبة، كيف سيواجهها ؟ وكيف ستسامحه ؟ استفاق على يد ليلة: انت فين يا ابيه من بدري..
همس بصوت مجهد: كنت في شغلي، حصل حاجة ؟!.
مطت شفتاها للامام وهي تقول: ولا اي اندهاشة، بنت خالتي الجديدة في الاوضة مطلعتش، وماما في اوضتها مش عاوزة تتكلم مع حد، ويارا وفارس كل واحد في اوضته وانا هنا قاعدة براقب الوضع..

قبل وجنتها برقة ثم مسد على شعرها: اطلعي نامي وبكرة كملي مراقبتك ليهم...
هزت كتفيها باستسلام ثم ذهبت معه ودلفت غرفتها، دلف غرفته هو أيضًا وجلس بتعب على حافة الفراش ووضع رأسه بين يديه يحاول التفكير كيف يصل اليها، رفع وجهه وهو يرمق الشرفة بتفكير هي الجهة الوحيدة التي ستوصله لها لاشتراك غرفتهم في شرفة واحدة، تقدم من الشرفة ببطء ثم دلف بهدوء، فهبت في وجهه نسمة باردة، التفت برأسه نحو باب غرفتها ثم تقدم منه ومد يديه يدير المقبض بهدوء ومن حسن حظه انه ليس مغلقًا تمامًا، دلف بجسده يبحث عنها فوجدها تنزوي بالفراش تبكي بصمت، فهمس باسمها بلوعة وشوق وحزن واسف همس بمشاعر كثيرة متناقضة، رفعت رأسها تطالعه لتقول بنبرة غاضبة: انت...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة