قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الخامس والعشرون

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الخامس والعشرون

رفعت رأسها تطالعه لتقول بنبرة غاضبة: انت...!.
اقترب عدة خطوات وهو يقول بخفوت: ندى انا...
نهضت من الفراش ترمقه بغضب، لتقترب منه هي وتختصر تلك المسافات بينهم، وقفت امامه مباشرة تطالعه بعيون باكية غاضبة تحمل بين طياتها العديد والعديد من المشاعر، همست بكره وهي تكور قبضة يديها وتضربها في صدره: انت ايه، انت واحد خاين، كذاب، اناني، انا اتخدعت فيك، انت كنت بالنسبالي حاجة كبيرة اوي حتى بعد طلاقي، لكن دلوقتي وفي اللحظة دي...

أشارت بيدها له وهي تقول: حاجة صغيرة أوي أوي..
امسك يديها بين يديه ليقول بأسف: انا مكنتش أعرف انك بنت خالتي والله...
هتفت بإستنكار: والله!، مهما تقول انا عمري ما أصدقك، كفايه بقى كذب...
تشجنت ملامح وجهه وجسده قائلًا: والله ما أعرف، انا اتفاجئت زي زيك ..
ضحكت بسخرية ثم رمقته بحقد: ومكنتش تعرف ان ليك أهل ولا اتفاجئت زي زيك...

أشار على نفسه ليقول: انا عارف ان انا غلطت وغلط كبير، بس والله يا حبيبتي...
نهرته بعنف: اخرس، متقولهاش، انت عمرك ما حبتني، عمر ما قلبك ده..
وأشارت على قلبه: عمر ما قلبك ده حبني لو للحظة واحدة...
صمتت لبرهة ثم قالت بلهجة باكية مرتعشة: لو كان دق ليا، عمره ما كان كسرني كده .

ابتعدت عنه وذهبت صوب الفراش تجلس على حافته، وضعت وجهها بين يديها وبكت بصمت، ضغط على شفتيه ندمًا لما فعله بها، وبما يفيده الندم في حالتها تلك، اقترب منها ثم جثى على ركبتيه أمامها ومسد على خصلات شعرها الذي افتقده كثيرًا ليقول بلهجة حنونة: والله بحبك، بحبك اوي، لما حسيت ان هاتكشف قدامك وهاصغر في عيونك، هربت منك، انا بعترف ان هربت منك، مقدرتش اواجهك..

ابتلع ريقه بصعوبة وأكمل حديثه: عمك واللوا سمير ضحكوا عليا، فهموني انهم كانوا خايفين عليكي من العملية اللي عمك كان ماسكها، انا خفت ارفض ويحصلك حاجة واشيل ذنبك، وافقت وانا كنت فاكر اني ه اقدر انفذ وعدي مع عمك، بس فشلت لما شوفتك، مكنتش قادر احكم على قلبي مكنش ليا سلطان عليه وحبيتك، لغيت عقلي...

رفعت وجهها وقالت من بين شهاقتها المتتالية: لو كنت وقفت للحظة قدام عمي وواجهتني وحكتلي كنت قدرتك، يمكن كنت مشيت معاك وقتها، بس انت ذنبك اكبر من ذنبه ...
مد يديه وحاول مسح دموعها، امسكت يده برفض وهمست: متلمسنيش..
وضعت يديها على شعرها عندما تذكرت انه طليقها فوقفت تجلب حجابها، قاطعها عندما قال: انا رديتك لعصمتي...
التفت له ترمقه بغضب وكره، فقال مصححًا: من قبل ما أعرف انك بنت خالتي، او اعرف انك حامل، رديتك وانا في شغلي وحاولت أوصل لعمك أبلغه بس تليفونه كان مقفول...

هتفت بتعالي ولهجة صارمة حادة:هاطلقني، لاني لايمكن اكمل حياتي مع واحد زيك..
هتف برفض وهو ينهض: لأ، انا مش رديتك علشان اطلقك انا رديتك علشان احارب واوصل لقلبك من تاني..
التوى ثغرها بسخرية وهي تقول: وهاتقدر بقى تقف في وش مامتك وتقولها الي انت عملته، هاتقدر تحكيلها وتكسر قلبها وتكسر فخرها انها عندها ابن زيك..
اقترب منها وهو يقول بثقة: اه هاقدر اواجها لان امي اكيد هاتقدر ان غرضي نبيل من الاول..
هتفت بأستهجان: وتحول لشئ..

بتر حديثها ليقول بتحدِ: قبل ما تتكلمي وتقولي أي حاجة انا هاثبتلك كل كلامي وهاخرج دلوقتي وقدامك وهادافع عن حبي قدام أمي، لان انا راجل يا ندى، وسبب هروبي من الاول كان منك انتِ...علشان متتكسريش كده قدامي..
وقبل ان يخطو خطواته باتجاه الباب، ظهر صوت صراخ قوي: ماماااا..
انتفض قلبه برعب واتجه صوب الباب بلهفة وقبل أن يفتحه كانت ندى تمنعه قائلة: اخرج من البلكونة، انا مش عاوزة حد يعرف اللي بينا، لانى مُصرة ان مامتك لو عرفتك ممكن يجرالها حاجة..

لوهلة نسي صراخ اخته وكاد ان يرد لولا ظهور ذلك الصراخ مجددًا، التفت بعجالة نحو الشرفة واتجه منها الى غرفته ومنها الى الردهة وفي نفس الوقت فتحت هي باب غرفتها فتقابلت أعينهم في لحظة عابرة، قطعها نداء ليله له: ابيه ماما واقعة في الارض مبتردش..
دلف الى غرفة والدته بلهفة حملها من على الارض برفق ثم وضعها على الفراش ومسد على يديها قائلًا بنبرة قلقة: مامااا..
التفت بوجهه لليله: صحي المتخلف اخوكي ده بسرعة..

هزت رأسها بسرعة وهي تتجه الى الخارج في نفس الوقت دلفت يارا بلهفة واتجهت صوب والدتها تهزها برفق: ماما مالها، ماما..
أوقفها مالك قائلاً: اهدي، هاتكون كويسة، هاتي اي حاجة نفوقها بيها..
مدت ندى العطر له، رمقها بحب فتجاهلت نظراته وهي توجهه نظراتها نحو خالتها، دلف عمرو وهو يبتلع ريقة بصعوبة: ماما مالها..
اقترب منها وعدل من وضعية رأسها ومرر العطر على أنفها: ماماااا...

بعد عدة محاولات فتحت ماجي عيونها بوهن، مررت نظرها عليهم، حتى وقعت عيناها على ندى، فظهر شبح بسمة على ثغرها، جميعهم حولوا بصرهم نحو ندى يرمقونها باستفهام، فهمست ماجي بصوت مجهد وكأنها تحارب لالتقاط انفاسها: انتي لسه هنااا ممشتيش صح ؟
اؤمات ندى رأسها وهي تقترب الى جانب يارا تمسد على يد خالتها بحنان: اه يا حبيبتي لسه هنا..
هتفت ماجي بنبرة يتخللها الرجاء: مش هاتمشي صح يا ندى ؟
هتفت يارا بتساؤل: تمشي ليه؟!..

توترت ندى من نظراتهم خاصة نظراته هو، فقالت برقة: مش هامشي دلوقتي، المهم تكوني بس انتي كويسة..
جلب عمرو جهاز قياس الضغط اثناء حديثهم فقال بلهجة معاتبة لندى: ماما ضغطك عالي أوي، حاولي تهدي شوية..
همست بتعب وحزن: ااطلعوا وسبوني لوحدي..
همت يارا وليله بان يعترضوا ولكن أشار لهم مالك بأن يخرجوا، خرجت ندى أولهم واتجهت صوب غرفتها تحتمي بها من اسئلتهم وحديثهم، اما ماجي فقالت برجاء لمالك: مالك روح كلمها خليها تقعد، معرفش هي قررت فجأة ليه كده..

نهض مالك متوترًا ليقول: مظنش هاتقتنع مني انا، حاولي تهدى وتنامي..
وقبل ان يخرج استمع حديث عمرو لها: هاروح انا اقنعها لو اقنعتهالك هاتجوزيني البت مريم ماشي..
ابتسمت له بهدوء وقالت: اعملها انت وبس ومالكش دعوة..
قبل عمرو جبينها ثم نهض واتجه صوب غرفة ندى فأوقفه مالك قائلًا بغيرة: انت بتعمل ايه! .
أشار له عمرو برأسه ثم تحدث بحماس: هادخل اقنعها..
طرق عمرو الباب وانتظر صوتها يأذن له بالدخول..دلف مالك الى غرفته بسرعة ومنها الى الشرفة التي ما زال بابها موارباً، وقف يطالعهم بغيرة ويستمع الى حديث عمرو لها...

_ معاكي عمرو جان العيلة دي وأحسن واحد فيهم كلهم..
ابتسمت برقة ورحبت به برأسها،ف ظهر صوتها ضعيف: اهلًا بيك..
اعتدل في جلسته ليقول: بصي انا في مهمة قومية علشان امنعك انك تمشي بعد ما مالك اخويا أعلن انسحابه من انه يقنعك..
همس مالك من بين اسنانه بغيظ قائلًا: غبي... هي ناقصة عك...
استمع الى حديثه وهو يقول: انتي ازاي عاوزه تسبيننا احنا عيلة فرفوشة أوي وهاتحبينا والله، عندك أنا بحب البت مريم بنت صاحب ابويا الله يرحمه، وهاموت واتجوزها وابوها هايقف في الحكاية لو عرف..

رمقته ندى باستغراب، ولم تختفي ابتسامتها، فأكمل هو: عندك يارا مثلًا فارس صاحب مالك بيحبها وهيموت ويتجوزها وهي بتمثل وبترفض ... اه صحيح أعرفك بفارس بقى ده صاحب مالك بس غيره بيحب الهزار والضحك زيينا بردوا غير مالك أخويا مش رخم زيه..
لم تتعجب كثيرًا عندما ذكر اسم فارس أمامها، انتبهت على حديثه التمثيلي: اوعي تقولي لمالك الكلام ده، اصل ايده تقيلة...
كور قبضته بغيظ شديد قائلًا: ده انا ايدي هاطرقع على قفاك..
أكمل عمرو حديثه: والبت ليله دي بقى مسخرة، احنا عيلة حبوبة أوي أوي..
همست ندى بتساؤل حزين: ومالك ؟!.

ضحك عمرو عدة ضحكات ليقول بمزاح: ده الشرير بتاعنا...
لمحت يده وهو يقف خلف باب الشرفة، رفعت نظرها له ترمقه بحزن وخاصة عندما استمعت لحديث عمرو لها: لا بجد مالك اخويا ده مفيش أحن منه في الدنيا، ده ضهرنا وسندنا، احنا بنعتبره في مقام بابا كده، لانه بابا مات واحنا صغيرين أوي ومالك حاول يعوضنا رغم انه كان صغير بردوا، لو كنتي اضايقتي منه في حاجة، متزعليش هو يبان جامد، بس من جواه طيب أوي...

دلفت ليله وهي تمد يديها بقطعة حلوى: جبتلك ريد فلڤت انا عاملها بايدي...يمكن ارشيكي وتقعدي معانا..
جلست بجانبها وهي تضع الحلوى امامها بفخر، ف هتف عمرو باشمئزاز: اوعي تاكليها دي تقرف، مريم بتعملها أحسن منها..
دلفت يارا هي الاخرى ساخرة: اه نعرفك بقى احنا بعمرو، ده اسمه عمرو مريم، تقريبًا بيقول اسم مريم مية مرة في اليوم..
ضحك عمرو بسخرية ليقول: حقودة أوي..

تجاهلته يارا ووجهت حديثها الجدي لندى: من فضلك تقعدي معانا علشان أول مرة اشوف أمي بالضعف ده لغاية حتى ما تشبع منك، او هي تتقبل فكرة انك تمشي، وبعدين كلنا عاوزينك اهو ولو على مالك متقلقيش أكيد هو عاوز راحة ماما هو طيب على فكرة وحنين أوي..
هتفت ليله بمزاح: طبعًا كله الا ابيه مالك، ده كفايه نظراته الحنينة بس..
ثم صاحت بحماس: ازاي مخدتش بالي، لون عيونك نفس لون عيونه الجامدة بالظبط..انا لازم اصوركوا مع بعض...
هتف عمرو بمزاح: ايه ده تصدقي مخدتش بالي، انتي اللي عينك جاحدة يا ليلة..
لكزته بكتفه بغيظ، فقال بضحك: اقصد جامدة...

هتفت يارا بجدية: يالا نقوم ونسبلها القرار، وياريت متزعليش ماما..
غادروا جميعًا وأغلقوا الباب خلفهم، نظرت للشرفة وجدته غادر هو أيضًا، حسنًا هي تحتاج الرحيل كمن احتاج للبتر لعلاج دائه، الرحيل هو علاجها الاول والاخير في هذه الرحلة، ولكن مع نظراتهم وحديثهم لها، رق قلبها الضعيف، وأيضًا خالتها، هي تحتاج لها تحتاج لحنانها وتستمتع بدفئها وأمانها، نهضت من مكانها واتجهت صوب الباب وهي تقرر البقاء لفترة حتى تتعود خالتها لفكرة رحيلها..اتجهت صوب غرفة خالتها وطرقت الباب..
_ حضرتك صاحية..

اعتدلت ماجي في جلستها وقالت: آه تعالي يا حبيبتي..
تقدمت منها ندى وجلست على حافة الفراش بالقرب منها ثم قالت بهدوء: انا هاقعد علشان خاطرك ممكن بقى تهدي وتكوني كويسة مش علشاني علشان خاطر اولادك...
حاوطت ماجي وجه ندى بيديها ثم قالت: لا علشانك انتي، انا هاكون كويسة وهاهدى علشانك انتي.
ابتسمت ندى بحزن قائلة: مكنتش متخيلة ان هالاقي حد يحبني زي عمو رأفت الله يرحمه..
عانقتها ماجي بقوة قائلة: انا بحبك أكتر منه كمان، انا معاكي وهافضل جنبك وعمري ما أفرط فيكي أبدًا..

انسابت الدموع من عيونها بهدوء وصمت وشددت على عناق خالتها، ابتعدت خالتها عنها ببطئ قائلة وهي تشير على الفراش: تعالي نامي معايا وجنبي انهارده...
هزت ندى رأسها باستسلام واندست بجانب خالتها، مسدت خالتها برفق على شعرها، أغلقت ندى عيونها وهي تخرج من صدرها تنهيدة كتمتها لفترة طويلة...غرقت في النوم عندما حاوطتها خالتها بيديها لتشعرها بحنان افتقدته لاعوام طويلة.

بشقة عمار...
مسدت على شعر صغيرتها بحنان، ثم طبعت قبلة صغيرة فوق وجنتها، ابتسمت بحنان لطيبة وبراءة صغيرتها وسرعة تعلقها بأي شخص لمجرد ان أظهر حنانه لها، تذكرت سعادتها وهي تقفز هنا وهناك بالشقة الجديدة لمجرد انها ستبقى مع عمار، وزدات سعادتها الضعف عندما رأت غرفتها بألوانها المبهجة وأثاثها الطفولي والى هنا عقدت خديجة حاجبيها مفكرة أين ستنام، فراش ايلين صغير جدًا جدًا يكاد يحتوي جسد الصغيرة، أين غرفتها لم يشير لها حل على غرفتها، نهضت بخفة واتجهت صوب الباب تفتحه وتطل برأسها تبحث عن عمار، بحثت في ارجاء الشقة لم تجده التفت نحو ردهة الغرف لم تجد الا غرفتين، غرفة ايلين وغرفة أخرى من الواضح هي غرفته، لكن أين هي، أين محلها من الاعراب، سعلت بخفة عندما فكرت لمجرد التفكير انها ستتشارك معه غرفة واحدة، حتمًا ستذوب كذوبان الجليد عندما يتعرض لحرارة مرتفعة ..تقدمت نحو غرفته بخطوات متمهلة وبطيئة، طرقت باب الغرفة ووقفت تستمع لصوته يأذن بالدخول..

حركت المقبض بدقات قلب مرتفعة ودلفت بملامح وجه متوترة، وجدته يقف في منتصف الغرفة يرتدى سرواله فقط وجذعه العلوي عاري، أحمر وجهها خجلًا وجف حلقها، وتمنت ان تنشق الارض وتبتلعها هربًا من ذلك الموقف، تاهت الكلمات من عقلها ولجم لسانها...
راقب هو انفعالاتها الواضحة كوضوح الشمس، عقد حاجبيه لتوترها وخجلها ذلك، سئل نفسه سؤال لاول مرة يطرحه بعقله، لما خجلها الزائد عندما يقترب منها أو يقبلها او ترى مثلا جذعه عاري!، الم ترى زوجها الراحل هكذا مثلًا، قرر التلاعب بمشاعرها حتى يجد اجابته..
ظهر صوتها أخيرًا متلعثمًا وهي تشير للخارج بأصابع مرتعشة: يعني أوضتي فين، ملقتش مكان..
قاطعها وهو يقترب منها: اوضتك هنا، معايا... دي اوضتنا!.

همست خلفه تكرر كلمته: اوضتنا!.
حرك رأسه بإيماءة وهو يظهر اللامبالاة في حديثه: اه اوضتنا، شنطك جوه في الاوضة الصغيرة دي، ادخلي غيري هدومك ولو حابة عندك الحمام جنبها ادخلي غيري فيه..
تحتاج للصراخ وتركض هربًا من فكرة وجدها معه في غرفة واحدة، راقبته بعيونها المتوترة وهو يجلس على حافة السرير ويعبث بجواله، ثبتت نظرها عليه ورمقته كأنه أبله وليس هي البلهاء بوقفتها تلك ونظراتها الجنونية له، رفع بصره يرمقها بتعجب قائلًا: في ايه يا خديجة ما تدخلي تغيري هدومك يالا..
هتفت بكلمات ليست مترابطة: اه، طيب، أصل... ماشي..

كانت أخر كلمة تفوهت بها عندما وجدت نفسها بالغرفة التي أشار عليها ..وقفت تدور حول نفسها كالمجنونة، تبحث عن حقائبها وهي أمامها ولكن من فرط توترها لم تعد ترى أي شئ ...وقفت للحظات تبحث عن أنفاسها الهاربة لتقول بكلماات متقطعة: خديجة أهدي، مفيش حاجة، ده جوزك وعادي جدًا غيري هدومك ونامي جنبه...

صمتت لبرهة تستوعب حديثها ثم عادت قائلة: وبعدين لو رفضت عمار ممكن يفهمني غلط ويفهم توتري غلط زي كل مرة، انا اغير لبسي واطلع عادي جدًا..
زفرت بخفة وهي تتجه لحقيبتها وجدتها مفتوحة عقدت جبينها بتفكير وهي تحرك جزئها العلوي للخلف قائلة: مين فتح دي..
ظهرت الصدمة على وجهها عندما وجدت قميص قطني قصير ملقى بحرص فوق الثياب، ابعدته بعيدًا وجدت ثيابها مبعثرة شهقت خجلًا وتأكدت انه هو الوحيد الذي فعل هذا، ولكن ماذا يقصد بفعلته تلك ؟!، بلعت ريقها بتوتر عندما اهتدت لإجابة سؤالها...

ضغطت على شفتيها بخجل وظهر على ثغرها ابتسامة بسيطة وتوردت وجنتها ..جذبته بعد تفكير لدقائق تحسم به حيرتها من ارتداءه او لا ترتديه، أبدلت ثيابها بتمهل، التفت بجسدها النحيف تنظر للمرآة، ارتدته من قبل ولم تشعر بالخجل من نفسها هكذا لما هذه المرة تخجل بهذه الطريقة، مشطت شعرها القصير وقررت في أخر الامر ان تعكصه باهمال، فظهر عنقها أكثر وأكثر... مدت يديها تلتقط احمر شفاها ولكن في نهاية الامر نهرت نفسها بتوبيخ من جرأة تفكيرها...

رشت عبقها ثم خرجت وهي تخفض بصرها أرضًا خوفًا ان ترى عيونه ونظراته التي تحرق قلبها قبل جسدها.. اتجهت صوب الفراش وجلست عليه كطفلة صغيرة تنفذ أمر والدتها وكادت ان تلتفت بجسدها وتعطيه ظهرها منعها بيده القوية ..نظرت ليده ولعروقه البارزة بها، رفعت بصرها ببطئ حتى وجدته يتفحصها بهدوء وعلامات الرضا تكتسح وجهه ..رمقته بإستفهام خجول..أجاب هو بعد ثواني ..

_ كنت عاوز اتكلم معاكي في شوية حاجات ...
اعتدلت في جلستها عندما سمعت نبرته الجادة، حركت رأسها بإيماءة كدليل منها على انتباها الكامل له..
_ دلوقتي احنا سبنا بيت بابا ايلين وجينا هنا بيتي، هناك كنت سايبك براحتك تخرجي وتطلعي عادي، بس هنا لأ، مفيش خروج الا بأذني، وكمان ياريت متجادلنيش قدام ايلين لاني مبتحكمش في أعصابي ومش عاوز ابين قدامها عصبيتي، ومن الافضل منتخانقش قدامها.

ابتسمت بامتنان قائلة وهي تمسك يده: بجد متشكرة يا عمار على كل حاجة، على اوضتها وفرحتها بيها، وحنانك عليها، أنا كنت فاكرة ..
صمتت لبرهة تحاول انتقاء ألفاظها: كنت فاكرة انك ممكن تنتقم مني فيها..
أستحقر نفسه عندما تذكر خطته وهي ايذاء الصغيرة التي كانت السبب الاول والرئيسي في زواجها من ابيها، عض على شفتيه من الداخل قائلًا: لا انا لا يمكن كنت اعمل كده..

اتسعت ابتسامتها له وهي تقول: كنت عارفة ان قلبك عمره ما يأذي طفلة وخصوصًا انها بتحبك أوي..
_ وانا بحبها جدًا، وعاوز اوفرلها كل حاجة علشان متحسش للحظة انها يتيمة ..
اقتربت منه بجسدها متناسية أمر خجلها منه لتقول: طول ما أنت جنبنا عمرها ما تحس بكده..
مد يده يحاوط جسدها ويضغط عليه بقوة قائلًا بلهجة حاول اخفاء نواياه: خديجة عاوزك متخبيش عني أي حاجة، علشان لو عرفت ان في ما بينا أسرار متتوقعيش ردة فعلي..

توترت لتقول: يعني حاجة زي ايه؟!
اقترب بوجهه منها ولثم جيدها بقبلات متفرقة غير مراعي لرجفة جسدها تحت جسده هامسًا بخفوت: اي حاجة، اي حاجة يا خديجة..
زاغت عيناها وهي تحاول الابتعاد عنه قائلة: انا... انا هنام..تصبح على خير..

اعتدلت في جلستها ورقدت بسرعة تختبئ منه تحت الغطاء وكأنها تحتمي به منه ومن نظراته لها، ولم تأخذ في حسبانها يده التي امتدت وحاوطت خصرها وجعلتها تتحرك نحوه وتلتصق بظهرها بعضلات صدره القوية ..ويده الثانية تأخذ موضعها تحت رأسها أصبحت لا تحتمي بالغطاء بل احتمت بجسده الذي حاوطها من كل مكان، اغلقت عيانها بقوة عندما شعرت بانفاسه الحارة تلفح عنقها بلا رحمة ..تشبثت بيدها الصغيرة على حافة الفراش تحاول السيطرة على أنفاسها الهائجة، فتحت عيونها بصدمة عندما وجدت يده تجذب يدها وتجعلها تحاوط يده غصب، وكأنه يرسل لها رسالة الان انتِ بمنزلي وملكي وهذا هو مكانك الاول والاخير..

حل نور الصباح عليه وهو جالس مكانه بجانب الشرفة ... أرهق عقله بالامس بالتفكير، لم يجد مخرجًا الا المواجهة، حسنًا ف ليحسم قراره ويواجه والدته وعائلته، اتجه بجسد يصرخ بالراحة نحو المرحاض مقررًا أخذ حمامًا باردًا حتى يستعد لتلك المواجهة الساخنة .
اما هي ف نهضت بخفة من جانب خالتها وخرجت نحو غرفتها تبدل ثيابها بثياب أخرى مريحة لجسدها..نظرت نحو بطنها عندما صدر منها أصواتًا تنم عن جوعها...قررت ان تلبي ندائها وتخرج من غرفتها بحثًا عن اي شئ يسد حاجتها ..هبطت للاسفل وبحثت بعيناها عن المطبخ اتجهت صوب ردهة اعتقدت انه يقع بأخرها وكما توقعت وجدته بالفعل.. خجلت عندما وجدت يارا تعد افطارها..

_ صباح الخير..
رفعت يارا وجهها وابتسمت قائلة: صباح النور تعالى افطري معايا..
جلست ندى على الطاولة الصغيرة الموضوعة بمنتصف المطبخ قائلة: مبتفطروش مع بعضكوا...
جلست يارا بجانبها وهي تضع صحن به عدد من السندوتشات الصغيرة: اتفضلي... انا بصحى بدرى الاول بفطر علشان بمارس رياضتي المفضلة اليوجاا..
قضمت ندى احدى اللقيمات ومضغتها بفمها ببطئ لتقول بعدها: اليوجا !.

هزت يارا رأسها بحماس قائلة: آه، رياضة حلوة أوي، تلعبيها معايا، بتساعد على صفاء ذهنك وروحك..
ابتسمت بحماس قائلة: ياريت محتاجة أعمل كده..
نهضت ياراا وهي تقول بحماس مماثل وأخيرًا وجدت شخص يقدر رياضتها ولا يسخر منها..: تعالى نطلع الجنينة ونلعب هناك الشمس والهوا الصبح تحفة ..
نظرت ندى خلفها بحزن على الطعام مازالت تشعر بالجوع، تقدمت خلفها وهي تقطب جبينها: ليه بتلبسي الحجاب هي مش دي جنينة بيتكوا..
انتهت يارا من ارتداء حجابها لتقول: مالك أخويا منبه علينا منطلعش من غير الطرحة علشان في فلل جنبنا أعلى مننا وبيكشفونا...

ابتسمت بداخلها بسخرية على تحكماته حتى على أخواته، انتبهت على حديث يارا: في اوضاع كثيره جدًا لليوجا، بس اقعدي كده زي علشان انتي حامل..
وضعت يديها على بطنها بتلقائية، مجددًا تشعر بذلك الشعور المبهم الذي لم تعرف ملامحه سعادة ام حزن.. ابتلعت ريقها تتجاهل مشاعرها المضطربة وافكارها الهوجاء..جلست تمامًا مثل يارا.. وانتبهت لتعليمات يارا لها جيدًا حتى تستعيد لو جزء بسيط من صفاء روحها بعد تعكرها في الآونة الأخيرة، مرت دقائق وهي تتنفس براحة لاول مرة منذ ايام ..اغلقت عيونها تستمتع بصفاء الجو وتحاول السيطرة على عقلها...

انتبهت على قرع الجرس، تجاهلته مرة ولكن صدح قرعه المستمر، التفت برأسها لم تجد أحد، حولت بصرها نحو يارا وجدتها تستغرق برياضتها وكأن لم يحدث شئ من قبل يفصلها عما تفعله.. همست بتعجب: يارا في حد بيرن الجرس.
لم تجد أي رد منها، عادت ندى لتقول بغرابة شديدة: طيب يعني اقوم افتح ولا أيه!..طب هزي راسك..
رفعت أحد حاجبيها مستنكرة منها ومن رياضتها تلك، نهضت بخفة واتجهت صوب باب المنزل تفتحه ظهر أمامها فارس.. انتفض للخلف قائلًا برعب كمن رأى وحشًا أمامه وليست فتاة رقيقة رغم صفاء وجهها الا ان الحزن يسود معظم ملامحها: بسم الله ...
رفعت حاجبيها باستهجان: معلش خضتيك .

ابتلع ريقه وهو ينظر لها مصدومًا ويشير لها: ده اللي هو ازاي، انتي هنا، يا جبروتك يا مالك..
تحدثت بسخرية: ايه مصدوم مني، ولا ياحرام كان بيكدب عليك انت كمان وطلع له أهل وحياة تانية ...
رمقته باحتقار في أواخر حديثها الساخر..
انتبهوا على صوت ماجى خلفهم وهي تقف في نهاية الدرج..
_ فارس تعال، ادخل مالك نزل اهو..
التفت بجسدها الصغير ترمق مالك هو الاخر باحتقار،وقعت عيونه عليها فنفخ بضيق هامسًا: بدأنا.
وصل بجانب والدته اقترب منه فارس وهي خلفه..

وقف فارس كالابله يحاول فهم ما يحدث من حوله وحاول عقله استيعاب حديث ماجي المفاجئ له: شفت ندى يا فارس، ايه رايك بقى..
فتح فمه مصدومًا ووجه حديثه لمالك: امك مبسوطة!..
حذره مالك بعيناه بان يبتلع حديثه، ف تفاجئ فارس أكثر عندما وجد ماجي تحتضن ندى وتقول: دي ندى يا فارس بنت أختي اللي كانت ضايعة من صغرهااا..
كتم لفظ بذئ بأعجوبة كاد ان يخرج من فمه، ووجه بصره نحو مالك يستشف صدق حديث والدته فوجده يحرك رأسه بايماءة خفيفة ..
_ ايه رايك يا فارس في القمر بتاعتي دي.

واشارت على ندى بفخر، تهجم وجه مالك ليقول بحدة استغربت منها ماجي: رأيه في ايه مش فاهم، في ايه يا ماما؟!..
تعجب والدته فقالت مستنكرة حديثه: في ايه انت!.
جز مالك على اسنانه ليقول: في اني جعان ممكن افطر..
تحركت ماجي صوب المطبخ قائلة: طيب تعالي يا ندى معايا..
راقبهم فارس ومالك، وما ان اختفوا في الردهة ليقول: ايه ده، ايه ده، انا بحلم ولا ايه..
_ لا مبتحلمش شفت المصيبة اللي انا فيها...
_ وأي مصيبة، ايه ده يا جدع، انا دمي نشف..
_ تعال نطلع فوق في اوضتي احكيلك..

وقعت عيناه على من سلبت عقله وقلبه في سفريته، فقرر مشاكستها..: طب روح انت وانا هاروح اجيب ميه سقعة وأجاي..
التفت مالك يصعد نحو غرفته قائلاً: بسرعة لغاية ما اتصل اشوف الاجازة اتفعلت ولا لأ.
تحرك فارس بالفعل نحو المطبخ ودلف وهو يحمحم بحرج: ممكن يا ماجي اخد مية سقعة ..
أشارت لندى بأن تعطيه: اديله مية من الثلاجة يا ندى..

جلبت ندى احدى الزجاجات المثلجة ثم مدت يدها له ومازالت تلك النظرة المستحقرة تحتل عيناها.. فهمس فارس متوترًا: احم.. شكرًا..
اخذ المياه واتجه صوب يارا بسرعة وابتسامة ماكرة تحتل ثغره..وقف أمامها وراقبها من فوقها فتح الزجاجة ببطئ ثم نثر بعض القطرات فوقهاااا، انتفضت هي وجدته فوقها يبتسم بمكر فتحت فمها لتوبخه ف ألقى المياه بوجهها قائلًا باستفزاز: دي علشان تبقي تقولي لمليكة انك اتخطبتي يا متخلفة .
القى الزجاجة نحوهااا بقوة ف تفادتها هي وقبل ان تهجم عليه بسيل من التوبيخ الحاد واللاذع وجدته يتخاطها ويدلف للمنزل مرة اخرى صاعدًا الدرج بخفة ورشاقة ..
زمجرت من بين أسنانها بحدة، وهي تتوعد بداخلها له بالكثير والكثير ..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة