قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الثاني

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الثاني

دلفت شقه ابنتها وهي تحاول جاهده ان تهدأ انفاسها العاليه بسبب اختيارها للصعود علي الدرج و ليس المصعد...
_ ايه بس يا ماما طلعك السلم، وانتي تعبانه كده.
جلست فوق اقرب مقعد واشارت اليها بالماء، فهرولت الاخرى بسرعه الى المطبخ تلبي طلب والدتها، وبعد خمس دقائق استطاعت اخيرًا التحدث بصوت خافت يتخلله جهد كبير: عرفت من البواب ان الاسانسير عطلان.

ضربت مقدمه رأسها وهى تقول: اه صح نسيت، معلش اسفه يا حبيبتي، دماغي مش فيا!.
نظرت والدتها نحو غرفه ايلين فوجدتها مغلقه، فقالت مستفهمه: هى ايلين نايمه !.
هزت خديجه رأسها وهى تجلس امام والدتها قائله: اه اخدت الدوا ونامت والحمد لله بقت كويسه.
امنعت والدتها النظر بداخل عيناها ثم قالت بقلق: في ايه؟!، عينيكي بتقول كلام كتير أوي، وكمان صوتك وانتي بتكلميني امبارح وعياطك قلقني، استنيت لما ابوكي راح النبطشيه وقولت اجيلك، كلام تليفون ده مينفعش.

عادت الدموع تتجمع بمقلتيها بسرعه، فقالت بنبره يتخللها البكاء: عمار رجع من السفر، وكمان جه وهايبقى مديري في الشغل، وهايمسك الحضور والانصراف والشؤون الماليه، هو ماله بشغل الصحافه انا معرفش، وكان بيكلمني بطريقه زي الزفت ووحشه وهاين عليه يقتلني، كانه مش عمار ابن خالتي، وايلين متعوره جامد في رجليها ومقطعه في قلبي.

تحدثت بكل ما يشغل عقلها وقلبها في آن واحد دون ان تنقطع او تاخذ انفاسها، ربتت والدتها على احدى كتفيها ثم قالت بنبره غامضه: خلاص سيبي الشغل ده.
زفرت خديجه بقوه ثم قالت بعصبيه: مينفعش، هو الشغل تحت ايدي، انا هالاقي منين مكان محترم وكويس، هلاقي منين مكان محدش يبصلي فيه بنظره وحشه علشان ارمله، هالاقي فين مكان يديني مرتب ده ويحترموني كده وانا ممعيش شهاده عاليه، وكمان مصاريف ايلين ومصاريفي، معاش جاسم الله يرحمه على قد ايلين والمدرسه والتزامات البيت من ميه ونور و...

قاطعتها والدتها بحزم: ما قولنالك سيبي البيت وتعالي اقعدي معانا...
نهضت خديجه ثم تحدثت بعصبيه مفرطه: بيت ايه اللى اسيبه، انتي واعيه للي بتقوليه، انتي عاوزني ارجع للظلم تاني والقهر والقرف والضرب، عاوزني ارجع اشرب من نفس الكاس تاني، طب المره دي وربنا اداني فرصه وكانت طوق نجاه بالنسبالي وهربت من جحيمه، عاوزني ارجعله تاني، ياعالم بقى ربنا هايديني الفرصه دي ولا هاموت على ايده.

كادت ان تتحدث لولا ان لمحت الصغيره تقف على اعتاب غرفتها تنظر لخديجه ببراءه وأعين ناعسه، فاشارت برأسها لابنتها، التفت خديجه للصغيرة ثم قالت وهى تحاول مسح تلك القطرات من على وجنيتها: مالك يا ايلين، ايه صحاكي!.
اقتربت منها الصغيره وهى تفرك عيناها قائله: سمعت صوتك عالي اوي، فقومت من النوم.
حملتها خديجه ثم اجلستها على ساقيها قائله: مش هاتسلمى على تيته.
مدت الصغيره يديها ببراءه ل منى: اهلًا يا تيته.

اقتربت منى من يديها ثم انحنت قليلا وقامت بطبع قبله فوق كفها: اهلًا بحبيبتي.
ابتسمت الصغيره، ثم حولت بصرها لخديجه فرأت تلك القطرات مازالت متعلقه بجفنيها، قطبت حاجبيها ثم وجههت حديثها لمنى: هو انتى ليه يا تيته كل ما تيجي، لازم تخلي مامي خديجه تعيط.
رفعت بصرها ترمقها باندهاش عقب جملتها، فهى بالفعل كل مره تأتى الى شقه ابنتها، تغادر وخديجه تبكي، متى لاحظت تلك الصغيرة كل هذا، شعرت خديجه بتوتر والدتها فقالت بسرعه لتغيير مجرى الحديث: تشربي ايه يا ماما؟!

نهضت منى من جلستها وهى تقول: تسلمي يا بنتي انا لازم اروح علشان اخواتك، فكري هاتعملي ايه واستخيري ربنا.
تقلصت ملامحها وظهرت عليها علامات الضيق: فكرت كتير لدرجه ان مروحتش الشغل انهارده، بس مقدميش حل الا اني امسك في شغلي بايدي وسناني..
اقتربت منها ثم قامت بضمها بكل قوتها الى صدرها هامسه في اذنها: خلاص متضيقيش خلقك، واستحملي اي حاجه، وربنا يعمل اللي فيه الخير.

وقفت امام المرآه تلقى نظره أخيره على ثيابها
ف ابتسمت بخجل فاليوم سوف تقابل ذلك العريس المجهول، ارتدت حاجبها ثم خرجت تجلس مع عمها، من القرر وصول ذلك المجهول الساعه التاسعه والان الساعه الثامنه ونص الوقت يمر عليها كالدهر، بدأت تشعر بالتوتر فهى ولاول مره ستتعرض لتلك المقابله، فهى تقريبا تذهب الى جامعتها في وقت الامتحانات فقط، ولا يوجد لديها علاقات الا بعمها وعبده السائق الخاص بها وفتيات الدار التى تقوم بزيارتهم من حين الى أخر، اما رأفت فكان يراقب عقارب الساعه بتوتر وقلق، وبدأت الاسئله تغزو ذهنه مره اخرى وبقوه، هل سيأتي مالك ؟!، ماذا سيفعل ان بلغه مالك بعدم مقدرته بالموافقه ؟!، ماهى الخطه البديله لهذه الفكره ؟!

يأخدها معه إلي الصعيد ولكن ماذا عن امتحانتها والقضيه المكلف بها، ان استطاعوا الوصول اليها تجار المخدرات من الممكن ان يقوموا بتهديده وستصبح هى الضحيه!، وفي منتصف ذلك الصراع استفاق على لمسه من يديها الرقيقه وهي تتحدث: ايه يا عمو ايدك بارده ليه هو انت العروسه ولا انا!.
ابتسم رأفت بهدوء: بتتريقي عليا ياست ندى!.
هزت رأسها بنفي وهى تقول: ابدا، بس شايفك متوتر!..

رمقها رأفت بحنان أبوي: كل مافتكر انك ممكن تتجوزي وتبعدي عني ازعل!.
ابتسمت بخجل قائله: احنا فين والجواز فين، احنا لسه يادوب في مرحله التعارف.
قاطع حديثهم رنين جرس الباب، نظر رأفت الى ساعته،: العريس مواعيده مظبوطه بالثانيه!.
ثم اشار اليها على المطبخ: تروحى هناك ومتطلعيش الا لما اجيلك يالا.

امتثلت ندى لامره اما هو فاتجه الى الباب وقلبه يدق بعنف امالاً ان تسير خطته بنجاح، فتح الباب فوجد مالك يقف امامه يرتدي قميصا من اللون الابيض وبنطلون من خامه الجينز و بيده باقه ورد و شكولا من النوع الفاخر، ابتسم رأفت ثم احتضنه: شكرا يا مالك بجد.
ابتسم مالك بهدوء: متعودتش الاقي حد في محنه ومقفش جنبه، مع كامل اعتراضي للطريقه دي!.

لانت ملامح رأفت بعدما أعلن مالك بموافقته فقال: اعتبرها مهمه ولازم تنجح، المهم الطريقه تعدى على خير، ادخل.
دلف مالك ثم جلس حينما أشار له رأفت، اما رأفت فانحنى بجذعه العلوى هامسًا: هاروح اناديها زي ما تفقنا قبل كده، حاول متكسرش بخاطرها في يوم زي ده.
غادر رأفت يناديها، اما مالك فهمس لنفسه متعجبًا: مين هايكسر بخاطر مين!.

دلفت ندى وكانت ترتدي ثياب مكونه من بنطلون جينز وبلوزه سوده مائله للمناسبات وعليها حجاب من اللون النبيتي وحذاء ذو كعب عالى من نفس لون الحجاب، رمقها مالك بنظره سريعه من اخمص قدميها وصولًا الى وجهها، والى هنا ولم يستطيع ابعاد عيناه عن ملامحها الرقيقه، بيضاء وعيانها باللون العسلي الصافي، انفها اليوناني الدقيق و المناسب بشده لملامحها الطفوليه، ووجهها صافي وهادئ وخالي من اي مساحيق تجميليه، رقيقه تلفت نظر أي شخص، وبدء يسأل نفسه متعجبًا كيف لهذه الجميله ان تظل هكذا من دون احد بحياتها الا يوجد أحد في محيط حياتها يعجب بها او هى تعجب بأحد، هل قلبها صافي مثل صفاء وجهها الذي يجذب الناظرين اليها !، كان في بدايه الامر مجرد سؤال ولكن وجد نفسه يغوص في بحر من الاسئله ويتعلق ذهنه بها حتى في حضرتها، نهر نفسه بقوه وتذكر مهمته، وما اتى به الى هنا!.

اما هى فجلست بخجل بجانب عمها، فقطع رأفت ذلك الصمت متحدثًا: اقدملك المقدم مالك الفيومي، من اكفأ الظباط عندنا في الاداره على مستوى المهنى وعلى الشخصي كمان، انا بعزه جدا..
رفعت عينيها ترمقه وتلقى عليه التحيه، فاتضح اليها طوله حتى وهو جالس، وسيم لدرجه يمكنه ان يصبح رجل مافيا او نجم سينمائى حتما ستقع الفتيات في حبه من النظره الاولى، بدايه من شعره ولونه المزيج بين العسلي والاسود، ذلك الشارب المناسب للوجهه واعطاه هيبه ووقار ووسامه فوق وسامته وعيناه التى تشبه لون عيناها، فهذا هو القاسم المشترك بينهم، اما بشرته فكانت حنطيه، من المقابله الاولي شعرت بانه قد جذبها وجعل ذلك العضو الذي يقع في الجهه اليسرى يدق بقوة ..حاولت ان تقوم بتهدئه نفسها و ان تتحكم في انفاعلاتها التي سوف تفضحها ...

استفاقت على حديث رافت الذي اربكها بالتأكيد: ندى انا هاسيبك مع مالك تتكلموا شويه ووتتعرفوا على بعض.
ماذا ... ماذا حدث جعله يتحدث هكذا؟!، بهذه السرعه يجلسون معًا ووحدهم، شعرت انها تائهه حاولت تستنجد بعمها بعينها ولكنه تركها وغادر، عادت بسرعه تخفض بصرها ارضًاوبدأت بهز ساقيها بتوتر!، أحس مالك بها، ولعن تلك اللحظه اللي وافق فيها على هذه الجريمه!، الى هذا الحد تصل به الوقاحه و يظلم فتاه وهو لديه شقيقتان لما يقوم باذيه نفسه وقبل ذلك اذيتها هيا .. حاول ان يتخطى تفكيره التى في الاونه الاخيره حتما سيقتله،وتحدث: ازيك يا انسه ندى!.
رفعت عيناها تنظر اليه بخجل: الحمد لله!.
خرج صوتها ضعيف ومهزوز...

تحدث مالك وكانه شخص آلى يقوم بالقاء حديثه دفعه واحده دون شعور او احساس: طبعا عمك قالك ان شوفتك قبل كده وعجبتني فقولت اجاي اتقدم!.
أحست ندى بالجموديه بحديثه، لم تشعر حتى بشعور بالاعجاب منه فقالت: اه.
رمقها باستفهام: اه ايه؟!، موافقه نتجوز!.
كان يقصد بحديثه بالغاء فتره الخطوبه، ويعجل من زواجهم، معتقدًا انه بتفكيره هذا انها لن تتعلق به بسرعه!.
رمقته بتعجب ثم قالت باستنكار: جواز على طول!، مش لما نتعرف على بعض الاول، وبعدها نقرر خطوبه ولا لأ.

التزم الصمت لفتره قصيره حتى يستطيع ان يفكر بأمر الخطوبه التى ستوقعه بمشاكل واكاذيب كثيره، وبعدما لاحظ نظراتها فتحدث بضيق حاول ان يخفيه: احنا نتعرف في خطوبه وياريت متكونش طويله!.
عقدت حاجبيها بتفكير، حديثها كان واضح وصريح،قالت فتره تعارف ثم خطبه ثم زواج، لما تعدى هو فتره التعارف وقرر انها ستكون خطبه!، ولما يتحدث معاها كانها عسكري لديه، قررت ان توضح وجهه نظرها اكثر لعله يتفهمها اكثر من ذلك فقالت: هو انا معرفش انت مين، ولا اهلك فين، ولا اي حاجه علشان ياعني نتخطب!.
التزم الصمت امامها ولكنه همس لنفسه بضيق: جينا للغلط وبدايه الكدب.

لاحظت صمته فرمقته باستفهام، تحدث: بصي انا وحيد ومش ليا الا جدتي وخالي عايشه في الامارات، وبتنزل كل فين وفين، فاعتبريني وحيد وعايش لوحدي فعاوز اتجوز بسرعه واقرب وقت، انا زهقت من الوحده اللي انا فيها.
شعرت بالشفقه عليه لانه تقريبا يمر بنفس حالتها فمن الاكيد والده ووالدته متوفيين مثلها، هما الاثنين يمرون بذات القصه، ستعطى لنفسها فرصه التقرب منه، ومعا يقوموا بتعويض ذلك النقص لديهما، فابتسمت بحزن وقررت ان تنهى حده التوتر بينهم وتتحدث باريحيه: وانا كمان مش ليا الا عمي وبس.

بادلها تلك الابتسامه ولكن المختلف هنا انه حزين على ما وصل اليه من كذب فقال: ربنا يخلهولك، بصي بحكم ان ظابط فانا راجل دوغري، بقول المفيد، انا حاليًا فكرت في الارتباط والجواز، وشوفتك و عجبتيني فقررت اتقدم رسمي ويبقى كله في النور واتجوز، وبعدين ياعني مش حاجه غريبه اللي بطلبه!.
هزت رأسها بخجل: طيب ناخد فتره نتعرف على بعض!.
مالك بحسم: فتره دي هانعتبرها خطوبه علشان اقدر اجاي ونخرج مثلًا علشان عمك وكده!.

مطت شفتيها باستسلام، اما هو فكان منشغلًا بسب نفسه على ما يتفوه به، ما هذا الهراء!..
اما رأفت فكان منشغلا في المطبخ بالحديث مع سمير في الهاتف:
_ ها ياعني مش سامع حاجه!.
نهره رأفت بحده خفيفه: انت اتجننت ياسمير هاقف واتصنت، مش كفايه اتهببت ومشيت وراك، انا اصلا مش عارف ايه اللي بهببه ده، والله حاسس ان قليت في نظر مالك.

_ مش احسن لما نهله تعرف مكانها، المهم قضيتك تخلص على خير ونهله تسكت، وانت اطلب نقل..
قاطعه رأفت: لأ انا هاستقيل نهائي واخدها واسافر كندا، هى نفسها تسافرها، هاقضي اللي باقيلي من عمري معاها..
_ انت حر في قرارك يا صديقي!.
اخرج تنهيده قويه من صدره ثم هتف: يالا هاقفل واروح اشوفهم.
أغلق رأفت الاتصال ثم ذهب اليهم فوجد ندى مبتسمه وتتحدث باريحيه مع مالك، أحس قليلا ان الامور بدأت تسير كما خطط له هو سمير ...

بأحد النوادي..
_ ليله، ليله!.
التفت خلفها بسرعه وابتسامه ترتسم ببراعه فوق شفتيها، تقدمت عده خطوات بسرعه وهى ترمقه بحالميه شديده: مازن، ازيك..
زفر بضيق قائلًا: ازيك ايه بس يا ليله، قوليلي وحشتني ولا اي حاجه!.
اصبغ وجهها باللون الاحمر لخجلها من حديثه، فقالت بتحذير خفيف: مازن، احنا قولنا بلاش الكلام ده، انت ناسي اتفاقنا.
شدد على خصلاته البنيه القصيره، قائلًا بحنق: مش ناسي، نفسي بقى تكبري وتدخلي جامعه .
رفعت يدايها سريعًا، تناجي ربها: يارب، انا بعمل اللي عليا، نفسي انجح وبمجموع عالي وافرحكو..

ضحك مازن ليقول بمزاح: لأ هو انتي لو سقطتي انا كده كده فرحان بيكِ، المهم انا جتلك علشان اديكٌ الشوكلت دي .
نظرت الي يده الممدوده وجدت بها علبه بيضاء اللون، محكمه بشريط أحمر، اتسعت عيناها بفرح، ثم تحدث بهمس: علشان بس قمري تعرف تذاكر حلو، بلاش حبيبتي لتتحولي !

كتمت ضحكتها بصعوبه ثم هتفت بجديه زائفه: ايوه كده شاطر، يالا بقى امشي قبل ما يارا تيجي وتشوفنا.
هز رأسه بايماءه خفيفه قائلًا: حاضر هامشي وانتي لو احتاجتي اي حاجه في المذاكره تحت امر البرنسيسه، كلميني واتس، باي.
رفعت يدها تحركها بالوداع، اما قلبها كان يرفض وداعه المؤقت متمنيًا بقائه فتره اكبر...

خفضت بصرها لتلك العلبه مره اخرى تتاملها بهدوء، ولكن قطع تاملها صوت تعرفه ظهرًا عن قلب..
_ بتعملي ايه يا قمر..
رفعت بصرها بسرعه، اتسعت عيناها لرؤيته، لقد غاب اكثر من شهرين دون اتصال او اي اخبار عنه، قفزت بفرح، وتتعالى ضحكاتها: ابيه فارس وحشتني.
تلقاها باحضانه، مبتسمًا: وانتي كمان وحشتيني، عامله ايه؟!.
ابتعدت عنه قليلا وكعادتها تحدثت دون انقطاع: انا كويسه، ده كله متسالش علينا، دي مامي زعلانه منك أوي، بنعرف اخبارك من ابيه مالك، واكلمك واتس تشوف كلام متردش لا لا، انا زعلانه منك خالص.

قرص احدى وجنيتها، مداعبًا اياها: في حد زعلان ابتسامته من الودن دي للودن دي، امال لو مكنتيش زعلانه!.
ضحكت بخفه قائله: انا كده مبعرفش ابوز في وش حد!.
لاحظ انها مازالت متمسكه بعلبه بيضاء اللون بيديها، فقطب جبينه متسائلًا باهتمام: علبه ايه دي، هديه من حد؟!.
تلعثمت قليلا في اجابتها وحاول عقلها باسعافها للخروج من ذلك المأذق: دي، ياعني هديه من...
قاطعها هو قائلا: معلش يا ليله ثواني بس، صاحبي هاسلم عليه..

هزت رأسها بالموافقه، وفور تحركه تنفست الصعداء لخروجها من ذلك المأذق بسهوله دون ان تضطر ان تكذب، التفت خلفها وجدته يتحدث مع صديقه باهتمام، فوضعتها في حقيبتها واحكمت غلقها جيدا..
_ أنتي اتجننتي، إزاي تحضنيه بالشكل ده.
انتفضت برعب: يالهوي في إيه يايارا، في حد يخض حد بالشكل ده!.
تجاهلت حديثها وعادت تكرر ما قالته من جديد ولكن بنبره أشد حده: أنتي مجنونة إزاي تحضنيه كدة، اياكي تتكرر..

قطبت ما بين حاجبيها مستنكرة هجوم يارا العنيف: ده أبيه فارس، أخويا وفي مقام أبيه ...
نهرتها بعنف قائلة: اخرسي مفيش حد زي أخوكي، حتى لو ده.
اتسعت عيناها بصدمة، فوضعت يدها تتحسس جبهتها للاطمئنان عليها: أنتي كويسة يايارا.
نفضت يدها بعيدًا قائلة بحسم روحي غيري هدوم التمرين يالا خلينا نمشي، النادي كله بقى خنقه.

تحركت ليلة محتفظة بتلك النظرة المستنكرة لرده فعل يارا..
أما يارا فجلست تحتسي كوب القهوة لعله يهدأ ضربات قلبها المتسارعة، متجنبة النظر لسارق قلبها وعقلها معًا، لمحته بطرف عينيها يتقدم منها بهدوءٍ وتروٍ راسمًا على وجهه ابتسامة جميلة، حاولت أن ترسم قناع الجمود والقوة على وجهها وعدم الانسياق وراء غزله ونظراته التي تخترقها بسهولة فتربكها وتظهر مدى ضعفها وعشقها له ..
_ وحشتيني والله يايارا..

كادت أن توبخه ولكن قررت عدم الرد والتركيز في القهوة والبخار الذي يتصاعد منها تزامنًا مع تصاعد الأبخرة من قلبها لتفوهه بكلمة "وحشتيني"، ابتسم هو بعذوبة فقرر مشاكستها: بس معرفش إنك بتغيري عليا أوي كدة...

التفتت برأسها نحوه قائلة باستهجان: نعم؟!، ده اللي هو إزاي وأغير عليك ليه، وأغير عليك من مين!.

دوت ضحكاته في أرجاء المكان، فاقترب بجسده قليلًا منها قائلًا بخفوت: من ليلة أختك، اللي هي تعتبر بنتي ومربيها على إيدي، مش أنتي كنتي بتزعقليها علشان وقفت معايا وحضتنتي.

توترت قليلًا، لتقول ببلاهة: أنت سمعتني إزاي، أنت كنت واقف بعيد عننا ...

هز رأسه بنفي، ثم غمز بإحدى عينيه: مسمعتش ومش محتاج أسمع أنا كل اللي عملته وبعمله لما بتكوني موجودة في مكان، بركز مع شفايفك بس...
توردت وجنيتها من حديثه، فنهضت بسرعة تترك المكان بأكمله قبل أن تنصهر وتعترف بحبها لذلك الوقح.
أما هو فازدات ابتسامته، فهروبها بهذه السرعة تؤكد أنه مازال يؤثر بشكل كبير وقوي عليها، ومازالت حضرته لها تأثير طاغي عليها، راقبها بعينيه حتى اختفت تمامًا عن أنظاره، أخرج تنهيدة قوية من صدره تعبر عن مدى عشقه واشتياقه لها، وها قد عاد من جديد ليتذوق مرارة عشقها، ويعود كما كان يراقبها من قريب أو بعيد، مستغلًا أي فرصة تتواجد بها، مقتصرًا أي مسافة قد تبعده عنها، محاولًا مراضاتها حتى تعود الأميرة وتتنازل وترضى عن ذلك الحب الذي كُتب عليه الشقاء والتعب.

دلف شقته بعد يوم طويل وعمل مجهد، لاول مره يخوض هذة التجربه، ماشأنه هو وشأن الصحافه، ابتسم بسخريه على حاله، لقد كرس حياته لاجلها قديمًا، وها هو يكرس حياته الان لاجلها ولكن الفرق واضح، قديمًا كان العشق يحركه اما حاليا كرهه لها مسيطرًا عليه ويحركه كيفما يشاء حتى لو جعله يتنازل عن عمله وطموحاته وما حققه من انجازات خارجًا، وعودته لبلده ودخوله لمجال غير مجاله ويجازف بماله واحلامه...

وصل الى غرفته وقرر ان يأخذ حمامًا ساخنًا لعله يهدأ من تفكيره ووجع قلبه، دلف الى المرحاض وبدأ في خلع ثيابه ولكن توقف للحظات امام المرآه ينظر لنفسه بغرابه شديده، وكأنه لاول مره ينظر لملامحه منذ سنين، تغيرت وصارت حاده اكثر، وعيناه التى كانت تفيض بالحنان على حد قولها قديمًا، أصبحت قاسيه يملؤها الجفاء، ملامح وجهه باتت انحف من قبل والاهم من ذلك تلك العقده التى تتوسط حاجبيه بقيت ثابته لا تتغير حتى عند ظهور ابتسامته، ابتسامته اين هى ؟ حتى هى اختفت مع اختفاء حبها من قلبه المسكين، حاول ان يبعد ذكريات الماضي عنه ولا تتداهمه حتى في وقت استرخائه ولكنها عادت من جديد تسيطر عليه وتعيده لما حدث منذ عامين، عندما تلقى اكبر صدمه بحياته وجعلته بسابع ارض ...

( فلاش باك) ..
دوله الامارات وتحديدًا باحدي الشقق المستأجره لمغتربين.
وقف بعصبيه وهو يقول بصدمه: ياعني ايه يا ماما هو ده كان لعب عيال، ده اتفاق رجاله.
تحدثت والدته عبر الهاتف: والله يابني ما اعرف، لقيته جايلي يديني الدهب والموبايل بتاعها ويقولي كل شئ نصيب، ولما حاولت افهم قالي انه قرر يجوزها لظابط فى الجيش، حاولت اتصل بخالتك تليفونها مرفوع من الخدمه، وانت عارف المسافه من اسكندريه للقاهره ورجلي مش هاقدر اسافر لوحدي اشوفهم...

ارجع خصلاته المتمرده على جيينه للوراء بعصبيه: على جوز خالتي ده عمره ما كان راجل ابدا، انا هاحجز واجاي، ويا نا يا هو...

اغلق اتصاله سريعًا قبل ان تحاول والدته ارجاعه عن قراره، دلف الى غرفته يبدل ملابسه، حتى يعود الى عمله ويقطع مده عمله، دلف خلفه صديقه في الغربه وزميله في السكن سامح قائلًا: يابنى انت بتعمل ايه، ه تترفد ومستقبلك يضيع!..

وقف عمار فاجأه عن تبديل ملابسه، وهتف وهو يشير الى قلبه: و ده يتكسر ويعيش في عذاب بسبب قرار راجل متخلف، مش مشكله يضيع مستقبلي هاقدر ابنيه تاني، بس هى لو ضاعت مش هاقدر ارجعها، انا بحبها يا سامح وهانزل واقف في وش ابوها المتخلف ده!.

قال سامح بأمل: يارب تلحق يا عمار، وميبقاش مستقبلك ضاع على الفاضي!.

همس بحزن دفين: يارب يا سامح، يارب
( بااك )

عاد من ذكرياته على اندفاع الماء البارد على جسده بقوه، مع شهقه قويه صدرت منه هامسا بعدها: غبي كان لازم اسمع كلامه، كان الوجع كان هايبقى اخف واهون من اللي انا حاسه دلوقتي..

عند ندى...
دلف رأفت عليها الغرفه فوجدها تتوسط فراشها وعلى وجهها ابتسامه جميله وبيديها تلك الروايه تقرأ بها كعادتها كل مساء: هتنامي يا ندى!.
اعتدلت في جلستها قائله: اه ياعمو، في حاجه.
جلس رأفت بجانبها: مسالتكيش ايه رايك في مالك.
ندى بخجل: عادي باين عليه انسان مهذب ومحترم، بس الا قولي ياعمو مش كده احنا بنتسرع ده عاوزنا نشتري دبل خطوبه بكره!.

حاول ان يكون ثابتًا ويعطيها اجابه تنهى ذلك التوتر لديها: لا عادي، هو راجل جدًا وبعدين في ناس كتير بتتجوز بالسرعه دي انتي بس الي دايره معارفك مش متوسعه، المهم انا هاسيبك تخرجي معاه بكره تنقوا دبل براحتكوا، علشان تاخدوا على بعض اكتر، مالك محترم وانا بثق فيه زي ما بثق فيكي.
هزت رأسها وسكتت، اما رأفت فتركها وغادر الغرفه وهي جذبت الغطاء عليها ونامت ثم وضعت يديها على قلبها: يارب ريح قلبي من القلق اللي انا فيه ده!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة