قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الثالث

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد

رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الثالث

نظرت بحيره لخواتم الخطبه لهما بريق لامع جعلها تبتسم بحب، اطالت النظر والتدقيق بهما، حتى زفرت بخفوت ثم همست: مالك.
التفت نحوها سريعًا وتسارعت دقات قلبه لتفوها باسمه بهذه النبره: نعم!.
سألته باهتمام: انت مشغول، او فيك حاجه نمشي ونيجي في وقت تاني!.
قطب ما بين حاجبيه قائلًا: ليه بتقولي كده؟!.

حولت بصرها نحو الخواتم: مبتختارش معايا ليه!.
نقل بصره هو ايضًا قائلًا: اه، معلش يعني قولت دي حاجات بنات وبلاش افرض رأي .
ابتسمت قائلة بنبرة هادئة: لا انا هكون سعيدة لو نقيت معايا!.
اطال النظر نحوها مدققاً وبداخله يأنب نفسه على ما سيفعله بهذه الرقيقه، من الواضح انها لا تستحق فعلته الحمقاء بها، نظر للخواتم مرة اخرى، لفت نظره خاتم رقيق ويشبها جدًا في رقتها، أخذه دون تردد ثم جذب يديها بتلقائية: خدي البسي ده.

رجفة هاجمت جسدها لفعلته تلك، شعور بالخجل تملك منها فتوردت وجنيتها، وضعت الخاتم باصبعها باصابع مرتعشة، ابتسمت بسعادة: الله ده جميل في ايدي.
مالك ببرود: مبروك عليكي .
نهض من مكانه ثم وجهه حديثه للبائع: هناخد ده خلاص، شوف حقه كام..

دققت النظر به، ومازالت تلك الابتسامة على وجهها، لم تعرف مصدرها ولكن شعور غريب بدء يتملك منها جعلها بسابع سماء، انتبهت لحديثه مع البائع، فقامت بخلعه حتى اشار اليها مالك قائلًا بفتور:
_خلاص، لبستيه،متخلعيهوش مش ضروري نعمل حفلة انا معنديش حد يحضر، والحاجات دي شكليات.
رمقته بضيق، فقررت ان تتجاهل حديثه وان تصر على قرارها وهو أقامة حفل خطبة بسيط، فقالت: مش هانجيب دبلة ليك!.

نظر لها مستنكرًا قائلًا وهو يشير على نفسه: دبلة !، لا بصي انا مبحبش البس حاجة في ايدي عندي حساسية، و زي ما قولتلك الحاجات دي شكليات، يالا اروحك علشان عمك ميقلقش عليكي.
انهي الحديث سريعًا تجنباً للجدال معها فهو يعلم تمام العلم انه سوف يتخلى عن قراره ويلبى طلبها على الفور ولكنه يجب ان يفعل ذلك، يجب ان يمنع حدوث ذكريات بينهم حتي لا تتأثر نفسيتها وقت الانفصال، هو استطاع ان يرسم حدود واهيه دخل عقله ولكنها فتاه ليس عليه ان يكون حاد هكذا معاها..

اخذها وغادر المحل مقررًا ايصالها للمنزل، فساد الصمت طوال الطريق، ولم يتفوه اي منهما بالحديث، لكن بداخل كلاً من هما صراع يكاد يشق صدورهم الى نصفين، اما هي فضغطت باسنانها علي شفتيها من قلقها، فهيئته وحديثه وافعاله يثيران الخوف بداخلها، قررت في نهاية المطاف ان تنهي تلك العلاقة سريعًا قبل ان تبدأ!، أوصلها للمنزل، فهبطت من السيارة سريعًا دون حتى ان تودعه، فاستغرب هو فعلتها تلك ولكنه تابعها بعيناه حتى دلفت للبناية دون ان تلتفت حتى ورائها والقاء نظره عليه فهمس لنفسه: هبلة دي ولا ايه! .

اما هي وصلت للشقة دلفت سريعًا، تبحث عن رأفت في غرف المنزل حتى تبلغه بقرارها وإزالة تلك الغمه من قلبها، ولكنها لم تجده، نظرت في ساعتها وجدته متأخرًا عن معاد وصوله ربع ساعة، جلست فوق اقرب مقعد، وهي تخرج تنهيدة قوية من صدرها، مقررة ان تنتظره، وضعت حقيبتها جانبها فصدر عن ذلك الخاتم الذي يحتضن اصبعها بقوة لمعة غريبة نتيجة لانعكاس الضوء عليه، ابتسمت مثلما رأته أول مرة !، هامسه بحزن: كنت اتمنى انك تفضل في ايدي، بس الصح اللي انا هاعمله!.

وصل امام منزل صديقه مالك، وضع يديه فوق الجرس، وقبل ان يضغط عليه، كانت "ماجي" والدة مالك تفتح الباب، ابتسم فارس قائلًا بمزاح: ايه ده القلوب عند بعضها! .
بادلته ماجي الابتسامة قائلة بهدوء يتخلله عتاب بسيط: ماهو واضح، حتى انت سافرت ولا عبرتنا ولا فكرت حتى تتصل وجاي بعد ده تقولي القلوب عند بعضها!.
رفع فارس احد حاجبيه هاتفًا: اه ده الجميل زعلان مني بقى!.

جذبته ماجي من مرفقه لداخل المنزل قائلة: الجميل له عتاب بعدين، المهم انت جاي لمالك ولا ايه..
هز فارس رأسه نافيا: لا جايلك انتي والله، انا عارف ان مالك مش في البيت، فقولت اجيلك اسلم عليكي انتي وعمرو بما اني شوفت يارا وليله امبارح في النادي..
ربتت على ذراعه قائلة بحنو: كنت هازعل جدًا لو مجتش وشوفتك انهارده..
فارس باحراج: بس اظاهر انك مش فاضية وخارجة، هاجيلك في وقت تاني...

نهض من مكانه لولا يديها التي منعته سريعًا: اقعد مشواري يتأجل عادي، واد عمرو فوق هاطلع اناديه..
هز رأسه بايماءة بسيطة، اما هي فصعدت سريعًا تبلغ ولدها بوجود فارس، اما هو فجالت عيناه ارجاء المكان باحثًا عنها، حتى وجد كراسة الرسم الخاصه بها، ابتسم بسعادة ناهضًا من مكانه متقدمًا بسرعة حتى يفحصها قبل مجيئها، قلب بين اوراقها سريعًا، متمنيا بداخله ان يرى اي رسمة تدل على اشتياقها له، انشغل في تأمل تفاصيل رسمها الدقيقة، لم يلاحظ تلك المتمردة التي تقف على مسافة منه وعيناها تشتعل بنيران الكره لتعديه على ادق خصوصايتها وخصوصا هو!...

تقدمت منه سريعًا وهي تصرخ بقوة في وجهه: انت بتهبب ايه يا قليل الذوق انت.
رفع احد حاجبيه مشيرًا على نفسه: الكلام ده ليا أنا؟!.
جزت على اسنانها بغيظ واضح ثم قالت بحدة: اه انت، هو في حد غيرك، في حد غيرك ماسك كراستي في ايده!.
انهت حديثها ثم قامت بجذب كراستها بعنف، ثم عادت تتحدث تحت نظراته المستنكرة: قليل الذوق بصحيح.

كادت ان تتخطاه ولكن كانت يده تجذبها من مرفقها بعنف، فالتصق ظهرها بصدره، خرج منها صوت ضعيف نتيجة لغرس اصابعه بيديها، اقترب هو برأسه منها ثم همس باذنها: مبحبش طوله لسان يا يارا، وانتي عارفة كده كويس، مش معنى انك عارفة ان بحبك وبموت فيكِ يبقى هاسمحلك انك تجرحي رجولتي ..
رغم انه يأكد عشقه وحبه لها كلما رأها، ولكن في كل مرة لها مذاق خاص، وشعور مختلف يجعلها تبتلع أي حديث لديها وتتوقف الكرة الأرضية عن الدوران، وتختفي الاصوات من حولها، ويبقى صوته هو فقط يتردد في اذنها..

اما هو لاحظ استكانتها بين يديه، فاقترب اكثر برأسه ناحيتها متمنيًا بداخله احتضانها ليرتوى حنينه وشغفه بها، اختار الصمت حتى لا يفسد تلك الهالة التي غرقت هي بها، وذلك الشعور الذي يقسم قلبه لنصفين مجرد قربها منه!...

وبعد عدة دقائق انتبه لصوت جلبة بالاعلى، فقرر الابتعاد عنها رغما عنه، فشعرت هي في تلك اللحظة بالجفاء، اين ذلك الشعور الذي كان يدغدغ قلبها لما اختفى فجأة، مالت برأسها قليلًا للامام لمحاولة استعادة نفسها بعدما ضاعت لمجرد لمسة منه واعترافه بحبه، شعرت انه مازال متمسكًا بها، فعلمت انه مازال هو فارس الرشيدي الذي لم يتخلى عنها ابدًا في اي لحظة ماعدا تلك المرة التي اسمتها بالنكسة، لانتكاس قلبها وقتها، أصابها بخيبة أمل وشعور غريب بدأ يحول ذلك الحب الى كره وحقد ناحيته..

‏تقدمت بخطوات بطيئة للامام وهي تعلم انه سيتركها، قررت الصعود لغرفتها لتحتمي بها وتفرغ تلك الشحنة التي بدأت بخنقها وجعلها ضعيفة مستجيبة لاي كلمة او رد فعل بسيط يصدر عنه!

في جريدة الحرية ...
جلست بتعب بعد يوم عمل مرهق وطويل في أحد جوانب الكافيه التابع للجريدة، مسحت بيديها بعض القطرات المتصببة على جبينها، فاليوم حقًا مرهق، لم تعرف سبب ارهاقه اهو طلبات زملائها ام نظراته التي كانت تحرقها وتجعل حرارة جسدها ترتفع، زفرت بحنق بسبب تفكيرها به طوال اليوم، جعلها تقصر احيانا بعملها، جذبت منديلًا ورقيًا وحاولت مسح تلك القطرات وهندمة نفسها جيدًا فقامت بلملمة شعرها على وعكصته فظهر عنقهاا الطويل بتفاصيلة الرائعة..كانت تراقب نفسها باهتمام وهي تقوم بهندمة نفسها حتى تغادر عملها سريعًا وتذهب لتلك الصغيرة التي يشتاق قلبها لها وينفطر لبعدها عنها تلك الساعات القليلة ..

انتبهت لطرق الباب، رفعت رأسها وجدت زميلتها في العمل، تقف على اعتاب الباب، رمقتها خديجة باستفهام، فتحدثت زميلتها بحزن: خديجة روحي للاستاذ عمار عاوزك؟!.
توترت قليلًا، فهي لا تريد التحدث معه، فتلك المحادثة ستعيد ذكريات مضت،و كم حاولت هي في تلك الاعوام طيها و نسيانها، هزت رأسها باستسلام، ثم قامت دون ان تكمل هندمة ثيابها، فمجرد ذكر اسم عمار جعلها تنسى ما كانت تفعله ..

طرقت باب غرفته بيد مرتجفة، انتظرت لثواني قليلة ثم فتحت الباب ودلفت قائلة: حضرتك طلبتن...
قاطعها بنبرة حادة جعلها ترتجف وتتسع عيناها لما قاله: انا قولتلك تدخلي، مقولتش كده، يبقى تطلعي بره تخبطي، وتستني لما اقولك تدخلي.
نظرت حولها وخلفها ثم قالت باستهجان: انت بتكلمني انا كده يا عمار؟!.

أشار اليها مصححًا بنبرة يتخللها عنفوان لم تعهده منه قبل: استاذ عمار، ويالا نفذي اللي قولت عليه فورًا..
كتمت غيظها بصعوبة خوفًا ان تفقد اخر ذرة تعقل لديها وتنفجر به وتترك عملها، امتثلت لامره وطرقت الباب مرة اخرى، وانتظرت حتى سمعت صوته يأذن لها بالدخول.. دلفت وعلامات الغضب تكتسح وجهها وجسدها ايضا..
رفع بصره لها ليقول بنبرة جامدة: حضرتك اتغيبتي عن شغلك ليه امبارح؟!..

ردت بجفاء: علشان بنتي كانت تعبانة وانا بلغت استاذ جلال ووافق .
رمقها بغضب، فكانت عيناه تطلق شرارات من نيران الغيرة التي اقسمت لو طالتها لاحرقتها، نظرت له باستفهام ماذا قالت حتى يستدعي كل تلك الانفعالات التي بدأت تظهر على وجهه، فهتفت بقلق: في حاجة ؟!
التفت بكرسيه للجهة الاخرى معطيًا ظهر الكرسي لها، اما هو فكان يحاول تنظيم انفاسه، خوفا ان يفقد اعصابه ويقوم بقتلها فهمس لنفسه: اهدى يا عمار، هي اكيد بتستفزني، اكيد..

اما هي فكانت تقف كالبلهاء، حتى انتفضت على صوته قريب منها: انا قولت قبل كده انا المسؤول عن الشؤون المالية والحضور والانصراف يبقى تكلميني انا، مش الاستاذ جلال..وبعدين ماليش دعوه ببنتك وبيتك يا هانم...
ضغط على حروف جملته الأخيرة فخرجت منه غليظة !، الان ادركت لما كل تلك الانفعالات الفجائية، هاجمتها ابتسامة سعيدة لتصورها انها مازالت تسيطر عليه.. فاقترب بوجهه اكثر منها هامسًا: بتضحكي ليه؟!.

التفت بوجهها نحوه، فاختصرت تلك المسافة بينهما، ساد الصمت بينهما، وكانت لغه العيون كفيلة بالعتاب .. زفر بخفة، مغمضًا عيناه وهو يقترب منها بهدوء، وكأن العالم توقف حولهما وأصبحوا وحدهم، اما هي ف ناقوس الخطر بداء يدق عقلها بلا رحمه، فابتعدت خطوة واحدة ليس الا خطوة، فهذه هي استطاعتها في حضرته...

لاحظ عمار تلك النسمة الباردة التي داعبت صفحة وجهه بسبب ابتعادها عنه، بعدما كانت انفاسها الحارة تلطم وجهه بعنفوان مستمتعًا بها الى اقصى حد..
ابتعد عنها قليلًا ومازال يسلط نظره عليها علي وجهها الفتن التي لطالما كان يعشق النظر له، ولكن هذه المرة كانت غامضة مختلفة، انتبهت الى صوتًا عاليًا بالخارج فالتفت برأسها ناحية الباب بقلق، حولت بصرها نحوه فوجدت نظره مازال يرتكز بقوة عليها، ونظراته تحتد اكثر فاكثر...، بلعت تلك الغصة بحلقها !..

اندفع الباب بقوة، وظهرت زميلة لها ترمقها بغل ثم هتفت بصوت عالي: تعالي هنا يا حرامية ...
ضيقت عيناها وهي ترمقها بتركيز: انتي بتكلميني انا يا علياء.
هزت الاخرى رأسها بقوة وهي تتقدم منها تغرس اصابعها بمرفقها: اه انتي يا حرامية، تسرقي سلستي الدهب من شنطتي وتحطيها في شنطتك يا حرامية، الجريدة كلها عرفت انك حرامية .

ابعدتها عنها خديجة لتقول بتوتر: انتي هبلة، سرقت ايه..
قاطعتها الاخرى بصفعة قوية على وجهها، فشهقت خديجة بصدمة، اما الاخرى فتحدثت بغضب: انتي ليكِ عين تشتميني، ووتكلمي مع اسيادك كده يابت، ده انتي حتة بت لا روحتي ولا جيتي، نمشيكي ونجيب غيرك.
وقبل ان تتحدث كان جلال رئيسهم يدلف للغرفة متحدثًا باستفهام: في ايه، ايه الزعيق ده حد يفهمني!.
تحدث زميل آخر لهم: يا ريس، علياء كانت حاطة سلسلة دهب في شنطتها وملقتهاش دورت عليها، لقتها في شنطة خديجة.

حول جلال بصره لخديجة بصدمة: لا استحالة خديجة تعمل كده، اكيد في سوء تفاهم، فين تفريغ الكاميرات!.
قالت علياء بغضب: فرغنا الكاميرات علشان اعرف مين اللي سرقها، الكاميرات وضحت وهي بتخبط فيا عمد ولما دخلت فتشت شنطتها لقيتها...
حاول جلال استيعاب حديثهم، فقال غير مصدقا: لا بردوا مش خديجة، اتكلمي يا خديجة .

نكست رأسها بحزن كعادتها عندما تتعرض لهجوم، فابتسمت علياء بشماتة: انا عاوزه اقدم بلاغ في القسم...
اتسعت عيناها بصدمة وخوف حقيقي، حاولت التحدث ولكن اختفى صوتها كالعادة، فظهر هو صوته القوي الحاد آمرا: كله بره يتفضل على شغله، واللي يستنى خديجة وعلياء..
غادر الجميع حتى جلال مستنكرين حديث عمار ففضولهم يكاد ينهش صدروهم لمعرفة ماذا سيحدث..ومن الظالم ومن المظلوم..!.

في منزل مالك الفيومي
جلسوا جميعا، يحتسون الشاي مستمتعين بحديث فارس عن تلك الدولة التى سافر اليها مؤخرا، اما هي فكانت تنظر له باشمئزاز ...
فقطع حديثه فجأة يسألها باهتمام: في ايه يا يارا، في حاجة في كلامي تخليكِ تبصيلي كده!.
نظرت لها والدتها باستفهام، حتى نهضت يارا قائلة بضجر: مفيش كلامك ممل، زي كل سفرية بتسافرها وتيجي تصدعنا بيها.
ابتسم بسخرية قائلًا: محدش قالك تحضري كلامي!.
هتفت ليلة بتصفيق: بوووم .

وارتفعت ضحكات عمرو مستمعًا كعادته بذلك الشجار الذي سيبدأ الان، نظرت يارا لاختها بغضب، ثم عقدت ذراعيها امامها قائلة: انا شايفه انك مطول وواخد راحتك وصاحب البيت مش هنا!.
نهض فارس ينظر لها بضيق لما تسببت له باحراج امامهم، فجمع متعلقاته سريعًا، حاولت ماجي ان تعتذر له، اوقفها بحديثه ولكن كانت عيناه ترمق الاخرى بضيق يتخلله عتاب: كلام يارا صح عن اذنكوا..
غادر فارس سريعًا، اما هي فكانت تصعد الدرج بسرعة قبل ان توبخها والدتها وتجعلها تعتذر له..

في منزل رأفت.
جلس امامها باهتمام: ها بقى يا ست ندى مالك عاوزه تقولي ايه؟!.
وضعت امامه خاتم الخطبة قائلة بهدوء: بلغ مالك ان انا مش موافقة على الخطوبة دي، ربنا يرزقه ببنت الحلال!.
نهض رأفت بصدمة: ايه، ليه في ايه!.

جذبت يديه حتى يجلس مرة اخرى وتوضح وجهة نظرها: عمو، مالك ده غريب، جاي معايا انهارده يختار معايا دبل كانها تأدية واجب، بيكلمني بطريقة غريبة، زي مايكنش عاوز يتعرف عليا او يكلمني، كلامه في يومين بس عرفته فيهم عبارة عن اوامر، مش عاوز يلبس دبل، رافض يعمل خطوبة، ساكت طول الوقت، فانا قولت احسن ابعد عنه، انا حاسة ان هاتعب معاه جامد، فيبقى بلاش احسن، فهمتني ياعمو..عمو انت معايا؟!..

وضع رأفت يديه على جبينه محاولًا التفكير سريعًا وان يخرج من ذلك المأزق، فقطع تركيزه يديها واقترابها منه: مالك ياعمو، في ايه، انا قولت حاجة غلط.
زعق فجأة في وجهها: اه كل اللي قولتيه غلط، انتي عاوزاه ايه بالظبط، عاوزه عيل توتو، مالك ده راجل مش فاضي للتفاهات دي خطوبة ايه ونيلة ايه، هو حد يعرفنا الا عمك سمير، وانتي نفسك مالكيش صحاب اصلًا، وهو قالك مالوش اهل، مين بقى اللي هايحضر، انا تعبت وعاوز اطمن عليكي، وماسك قضية مهمة وعاوز اكون مطمن عليكي، لو سمحتي يا ندى فكري بعقلانية شوية، بلاش العاطفة بتاعتك دي، قال خطوبة قال...
تركها ودلف الى غرفته، اما هي فنظرت لخاتم الخطبة مرة اخرى وهي تتلمسه: هو في ايه، عمو رأفت متغير كده ليه، ده عمره ما غصبني على حاجة!.

في منزل مالك..
دلف الى المنزل يبحث بعيناه عن عائلته، فوجد ليله اخته تجلس تداعب قطتها ف هتف قائلًا: ليله ... امال ماما فين؟!.
التفت ليله له: ماما فوق في اوضتها زعلانة من يارا، علشان كانت قليلة الذوق مع ابيه فارس..
جلس بجانبها قائلًا: اممم لا انتي تقوليلي اللي حصل بالظبط!.
وضعت يداها امامه تمازحه بلطف: تدفع كام؟!.

ضربها مالك بخفه مازحًا هو الاخر: ادفع كام!، براحتك انا كده كده هاعرف،بس ابقي قابليني لو اخدتي الشوكلاته اللي وصيت فارس يجبهالك مخصوص!..
اندفعت تحضنه بقوة وتقبله في وجنته: حبيبي يا احلى ابيه، انا بحبك اوي.
مسد على شعرها بحنان: انتي اللي تطلبيه ونفسك فيه هاجبهولك، اي نعم انا متجوزتش ولا خلفت، بس بحسك بنتي، وحتى لما تكبري وتتجوزي وتخلفي هتفضلي بنتي الاولى...

امتلئت عيناها بالدموع لتقول: متهايلي لو بابا كان عايش مكنش ه يحبني اوي كده زي مانت بتحبني.
هز رأسه بنفي ليقول مصححًا لها: لا كان ه يحبك اوي، وكنتي هتحسي بحنانه كمان، انا بحاول اعوضك عن حاجة بسيطة من حنانه، ويارب اقدر اعمل كده.
دفنت نفسها باحضانه قائلة: طبعا بتعوضني، كفاية ان على طول حاسة انك الضهر والسند.
ابتسم بحنان ليقول بمزاح: الله الله ضهر وسند امتى الكلام ده يا ست ليله، امال الصغنن كبر امتى.
توردت وجنيتها لتقول بضحك: متكسفنيش يا ابيه..

التفتوا على صوت تصفيق حاد: الله الله، بتحبوا في بعض من غيري!.
مالك بسخريه: ايه ده عمرو موجود في البيت وقاعد معانا، مش موجود مع مريم او بيكلم مريم او بيذاكر لمريم..
ضحكت ليله: اصل ابوها موجود وفي حظر تجول، ف عمرو ياعني منورنا اليومين دول، ده حتى ماما مستغربه وجوده وكل شويه تقوله اخبار مريم ايه.
جلس عمرو بجانبهم: اتريقوا براحتكو، ما هو الحب بهدله..

ثم اسطرد حديثه بحنق: ياخي انا كرهت نفسي بسبب ابوها ده، والله حاسس ان هاتقفش في مره، الكدب مالوش رجلين ...
جملة بسيطة تفوه بها اخيه اثارت الفوضى مجددًا بداخله.. وجعلته يتذكر من جديد تلك الجميلة الهادئة، بات متاكدًا انها لاتستحق ابدا ما سيفعله بها !

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة