قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قلوب حائرة الجزء الأول للكاتبة روز أمين الفصل السادس

رواية قلوب حائرة الجزء الأول للكاتبة روز أمين الفصل السادس

رواية قلوب حائرة الجزء الأول للكاتبة روز أمين الفصل السادس

أعطي ياسين سكرتير المديرة البطاقة الخاصة التي تحمل تعريف شخصيته ليدخلها للمديرة ويعلمها بوصول ياسين المغربي بصحبة مليكة، خرج لهما السكرتير بوجه بشوش يعلمهما بإنتظار المديرة لهما بالداخل.
دلف ياسين خلف مليكة إلى مكتب مديرة المدرسة التي كانت تقف بإستقبالهما بإحترام وترحاب عالي.

تحدثت المديرة وهي تمد يدها بإحترام إلى مليكة: البقاء لله أستاذة مليكة، أنا جيت لحضرتك في عزا رائف بيه وللأسف مشفتش حضرتك ولما سألت عليكي قالوا لي تعبانة فوق.
أجابتها مليكة بحزن لتذكرها لذاك اليوم الحزين: لا إله إلا الله أستاذه سحر، ومتشكرة جدا لحضورك.
أردفت المديرة قائلة وهي تمد يدها بلهفة واحترام إلى ياسين: ياسين باشا المغربي، المدرسة نورت بتشريف سعادتك لينا يا أفندم.

أجابها ياسين بإحترام: متشكر جدا يا أفندم.
أردفت سحر وهي تشير بيدها للأمام بإهتمام وترحاب: إتفضلوا يا أفندم، نورتونا.
جلسوا ثلاثتهم
تحدثت المديرة بنبرة ودودة: تحبوا تشربوا إيه حضراتكم؟
أجابها ياسين بنبرة صوت جادة: مفيش داعي وياريت حضرتك تدخلي في الموضوع على طول.
بدأت المديرة بالحديث متوجهه بالنظر إلى مليكة: طبعا حضرتك بتسألي نفسك ياتري أنا بعت أستدعيكي هنا ليه؟

وأكملت: الحقيقة أنا هدخل في الموضوع على طول علشان عارفة وقت ياسين باشا الثمين، الموضوع وبإختصار إن من يومين جت لي الميس بتاعت مروان وقالت لي إن للأسف تقارير مروان الشهرية مش كويسة، وكمان بقاله مدة متغير مع أصحابه ومش بيلعب معاهم ولا بيشاركهم في أي أنشطة جماعية للأطفال إللي بتعملها الميس،.

وأكملت بمجاملة: بصراحة أنا لما عرفت أصريت إني أهتم بنفسي بالموضوع، ماهو ده مش أي تلميذ عندي، ده مروان رائف المغربي وعيلة المغربي كلها ليها وضع خاص جدا عندي هنا في المدرسة.
رد عليها ياسين بإحترام: متشكر جدا يا أفندم على إهتمام حضرتك وأكيد هحط إهتمامك بمروان في الإعتبار
إبتسمت المديرة بسعادة ولهفة.

هنا استمعوا لدقات إستأذان على الباب، سمحت المديرة للطارق بالدخول فدلفت مدرسة مروان والأخصائية النفسية بالمدرسة ألقيا عليهم التحية وجلستا
بعد ذلك وجهت المديرة أمر للاخصائية بالتحدث.

تحدثت الاخصائية النفسيه قائلة: حضرتك أنا لما سيادة المديرة بلغتني بحالة مروان جبته عندي في المكتب وإتكلمت معاه، وقتها اكتشفت إن مروان بيعاني من مشكلة نفسية عميقة، ولما سألته إنت ليه دايما حزين وساكت وليه مش بتلعب مع أصحابك زي الأول
جاوبني بعيون كلها حزن وقالي إن مامي قالت لي إن بابي سافر لبعيد جدا وإن كمان مامي طول الوقت بتعيط هي ونانا وعمتو يسرا،.

قالي كمان إن حضرتك بطلتي تخرجيه زي بابي ما كان بيخرجه وإنه بقا حزين ومش عاوز يلعب تاني علشان بباه واحشه جدا ونفسه يشوفه.
كانت تستمع إلى حديث المتخصصة ودموعها تنهمر بغزارة على صغيرها والحالة التي أوي إليها.
حدثت حالها: ماذا يتوجب علي فعله؟
أشعر أني عاجزة أمام أطفالي، كيف أحتويهما وأساندهم وجداري أصبح هش ضعيف ولايمكن الإستناد عليه!
ياالهي، ساعدني وكن بعوني وبجانبي أرجوك.

نظر لها وشعر بحيرتها وألمها، تحدث إليها بمؤازرة: إهدي يا مليكة، إن شاء الله الولد هيبقي كويس، كل مشكلة وليها حل.

رافقها ياسين هي ومروان وخرجوا من المدرسة بعد أن اتفقوا مع المختصة النفسية على القواعد التي سيتبعونها لتخطي الصغير أزمة وفاة والده ومساعدته على تحسن حالته المزاجية والنفسية، ومنذ ذلك اليوم، بدأ ياسين بإصطحاب الأطفال بمرافقة مليكة أو يسرا إلى الأماكن المحببة لدي الطفل، عله يساعده ذلك بالخروج من القوقعة التي وضع داخلها.

بعد يومان
كانت بصحبة ياسين في إحدي المولات الفخمة تجلس بجانبه وتنظر إلى صغيريها مع باقي أطفال المنزل وهم يلهون بسعادة داخل لعبة بحر الكور التي يعشقها مروان وتقف بجانبهم جليسة الأطفال الخاصة ب أنس، إنتبهت على حديث ياسين لها وهو يسألها بإهتمام: مليكة هو رائف الله يرحمه كان مزعلك ولا حاجة يوم الحادثة؟

نظرت له وضيقت عيناها بإستغراب وأجابت نافية: خالص يا أبيه، بالعكس ده كان لطيف جدا في اليوم ده، هو حضرتك ناسي ولا إيه، مش كنت معانا وقت الفطار لحد ما مشي هو وطارق على الشركة.
أجابها بتفهم: أه ما أنا فاكر اليوم ده كويس جدا، أنا قولت يمكن لما راح الشركة اتصل بيكي وحصلت مشكلة بينكم ولا قال لك حاجة ضايقتك أو زعلتك منه؟

أجابته بعيون تلئلئت بالدموع وصوت يملؤه الحنين: أبدا، أنا كلمته الساعه 11 لما قمت من النوم زي كل يوم وعاملني بمنتهي اللطف والرومانسية وبالعكس كان حنين أوي، حتى وعدني إنه هيخرجني ويسهرني بالليل، ثم إستفاقت من حنينها ونظرت إليه بإستغراب وتساءلت بإستفسار: هو حضرتك ليه بتقول كده يا أبيه؟
فاق من حالة الإشتعال الداخلي التي إنتابته من حالة العشق والهيام التي أصبحت عليها حين تذكرت رائف.

وأجابها بتألم لحالة قلبه العاشق المجروح: أصل رائف الله يرحمه وهو بيموت طلب مني أقول لك إنك تسامحيه.
نزلت دموعها بحنين وتحدثت بتأثر: أكيد كان لازم يطلب منك كدة، كان لازم يطلب مني إني أسامحه على عدم وفائه بوعده إنه يفضل معايا لأخر عمري،.

وأكملت بشهقة مرتفعة نتيجة دموعها المنهمرة: بس هو موفاش بالوعد ده وسابني لوحدي بعد ماعلمني إزاي مقدرش أعيش من غيره، سابني بعد ما كان ليا النفس إللي بتنفسه، سابني عايشه جسد بلا روح
وعلشان كدة كان لازم يطلب مني السماح.
وضعت كفي يديها على وجهها وبدأت بالبكاء المرير.

أما هو فكان قلبه يغلي ناااارا من عشق حبيبته الواضح لرجل غيره، نعم هو رائف أخاه الغالي الذي مازال جرح فقدانه ينزف، ولكنه عاشق وليس على العاشق حرج.
تحدث بحده ظهرت بصوته لم يستطع السيطرة عليها: خلااااااااص، مش وقت عياط الولاد لو شافوكي كده يبقي كل إللي بنعمله ده ملوش لازمه وساعتها مروان ممكن يرجع لنقطة الصفر من جديد.
جففت دموعها سريعا وتحدثت بإقتناع: عندك حق يا أبيه، ده لامكانه ولا قته، أنا أسفه بجد.

نظر إليها بحده ثم أشاح وجهه عنها بغضب ورفع كأس العصير الموضوع أمامه ليرتشف منه عله يهدئ بركان الغضب الذي أصابه.

في منزل رائف
دلفت يسرا إلى غرفتها بإصطحاب نرمين التي حضرت لزيارة والدتها، وقد إستأذنت يسرا والدتها ودلفا للغرفه بحجة أنها تريد أن تريها ثيابا جديده إشترتها يسرا مؤخرا
جلست يسرا على حافة تختها وأجلست نرمين بجانبها
ثم نظرت لها بتساؤل: بتهربي مني ليه يا نرمين؟
أجابتها نرمين وهي تبتعد عن نظرها فيسرا أقرب شخص إلى نرمين ولو نظرت بداخل عيناها ستفهم كل ما يدور داخلها دون التحدث.

أجابتها نرمين بعيون زائغه: قصدك أيه بكلامك ده يا يسرا، وأنا يعني ههرب منك ليه؟
تحدثت يسرا بتأكيد: أومال ليه كل ما أجي أكلمك في موضوع زيارتك لرائف الله يرحمه تتحججي وتهربي مني،
وأكملت بإصرار: لكن خلاص يا نرمين أنا إنهارده لازم أعرف أيه إللي حصل بينك وبين أخوكي يوم الحادثه، وايه إللي قلتيه لرائف جننه وخلاه يا حبيبي سايق وهو مش شايف قدامه، إتكلمي يا نرمين.

نظرت إليها نرمين وأرتعشت شفتاها وبدأت بالبكاء وتحدثت بإنكار: ما قولتلوش حاجه إنتي ليه مش عاوزه تصدقي، قولت لكم قبل كده لما طارق سألني إنه كان واحشني وروحت علشان أشوفه مش أكتر من كده.
أمسكتها يسرا من كتفها ولفت وجهها لها وتحدثت: طب متبصي في عيوني كده يا نرمين وانتي بتتكلمي، عيونك بتهرب مني ليه؟!
وأكملت بتأكيد: ولا علشان عارفه إنك مش هتعرفي تكدبي عليا وعينك باصه في عيني؟

نفضت نرمين يد يسرا من عليها بغضب ووقفت وأولتها ظهرها قائله: إنتي عاوزه مني أيه بالظبط، ماتسبيني في حالي بقا.
وقفت يسرا وتوجهت لها ووقفت بوجهها وأردفت قائلة بنبرة شبه مؤكدة: روحتي له وإتخانقتي معاه وطلبتي ورثك صح؟
هنا إنفجرت نرمين وبدأت ببكاء مرير ونظرت إلى يسرا وهي تهز رأسها يمينا ويسارا بندم: مكنش قصدي كل ده يحصل، والله ماكنت أعرف إنه ممكن يحصل له كده،.

وأكملت بعيون شارده: أنا معرفش إزاي ده حصل فجأه إتحولت ومبقتش عارفه نفسي بقول له أيه، فضلت أدوس على جرحه وأقول له كلام يكسره،
ثم أشارت بيدها على حالها وأكملت بندم وألم: أنا تعبانه أوي يا يسرا، من يوم الحادثه وأنا كل يوم أصحي على كابوس يقومني من النوم مفزوعه، بشوفه وهو بيبص لي بحزن ويسبني ويمشي، أنا عارفه إنه مش مسامحني ومات غضبان مني وعليا.
وبكت بحرقه ومراره وأرتمت على الكرسي المجاور لها بإستسلام.

ذهبت إليها يسرا والدموع تهطل على خديها كشلالات وتحدثت بإصرار: قولتي لأخوكي أيه خلاه مش على بعضه ويسوق وهو تايه كده، إحكي لي كل حاجه يا نرمين، إنطقي.
هزت نرمين رأسها برفض ودموع.
أمسكتها يسرا من كتفها وهزتها بقوه وعنف: لا ماأنتي هتحكي لي كل حاجه حصلت وده مش بمزاجك ده غصب عنك،
وأكملت بتهديد: يا إما هدخل عمو عز وياسين في الموضوع وهما يخلوكي تنطقي بطريقتهم.

صرخت بها نرمين وأردفت قائلة بنبرة ملامه: حرام عليكي يا يسرا إرحميني ده أنا بردو أختك.
صرخت يسرا بوجهها وتحدثت بتألم: واللي مات كان أخويا، كان حته من قلبي، كان راجلي وسندي أنا وولادي، إللي مات سايب طفلين لاحول ليهم ولا قوة من بعده، إللي مات ساب أمي إللي إتكسرت وبتموت كل يوم من بعده عنها،
وأكملت بنبرة متألمة: إللي مات سايب مليكه إللي كانت روحها فيه.

إنتفضت نرمين برعب من هيئة يسرا التي تحولت ملامحها إلى غضب لأول مره تراه بعيناها.
فأردفت نرمين قائله بترجي: خلاص هحكي لك، بس اوعديني إن الكلام إللي هقوله ليكي ده ميخرجش من بينا لأخر يوم في عمرنا.
جففت يسرا دموعها ثم نظرت إلى نرمين قائله: إطمني، مهما كان اللي هاتقوليه عمري ما هتجيلي الجرأه إني أقوله لحد وخصوصا ماما، إنتي مهما كان أختي وعمري ما هضحي بيكي ولا أخلي شكلك مش كويس قدام الناس.

إطمئنت نرمين ووضعت يدها فوق وجنتيها وجففت دموعها وبدأت تقص على يسرا ماحدث ليلة الحادث،
وبدأت ببكاء مرير مرة أخري عندما تذكرت وجه رائف وهي تقص له إتهامها إلى مليكه
إنتهت نرمين من حديثها.
ونظرت لها يسرا بذهول غير مستوعبه لما نطقت به شقيقتها
تحدثت بوجع وألم: ياحبيبي يا رائف، ياقلبي عليك يا أخويا، يعني مت وأنت بتغلي من جواك من افتري أختك على مراتك يا حبيبي،.

وأكملت بصوت مرير: ياتري كنت حاسس بأيه وإنت سايق؟ وإيه إللي كان بيدور في دماغك وقتها يا نور عيوني؟
وتحدثت بألم وهي تنظر إليها: يااااااه على سواد قلبك يا نرمين، إزاي قلبك طاوعك تفتري على مرات أخوكي بالطريقه دي! مخفتيش من إنتقام ربنا منك لما تتهميها التهمه البشعه دي؟

هنا تجهم وجه نرمين وتحدثت بكره وغل: أنا ماأفتريتش عليها يايسرا، تقدري تنكري إن كل ما أجى هنا أنا وجوزي الهانم المحترمه تقعد تشاغله بكلامها ونظراتها!
نظرت لها يسرا بعيون متسعه وذهول وعدم إستيعاب لما ينطق به لسان شقيقتها من كذب وأفتراء: إنتي مستوعبه إللي إنتي بتقوليه؟
وأكملت بذهول وتعجب: إنت مريضه يا نرمين ولازم تتعالجي، إزاي بتقدري تكذبي الكذبه وتصدقيها كده عادي؟!

وأكملت بنصح: إتقي الله وإنت بتتكلمي عن مرات أخوكي ومتخليش غيرتك العاميه منها تخليكي تفتري عليها،
وأكملت بسؤال وجيه ومقنع: تقدري تقولي لي واحده كانت مع رائف المغربي زينة شباب إسكندريه كلها، هتسيبه وتبص لواحد زي محمد بتاعك ده ليه؟
فوقي يا نرمين واتقي الله في الكلام على أعراض الناس، حقوق الناس صعبه أوي وربنا مبيسامحش فيها، بيسيب السماح فيها لأصحابها، فياريت متحطيش نفسك في خانة حقوق الناس عليكي،.

وأكملت بنصح: صدقيني إنتي مش أدها،
ثم نظرت لها بإشمئزاز وتحدثت بغضب: أنا المفروض بعد الكلام إللي عرفته ده معرفكيش تاني، لكن للأسف مش هقدر أقاطعك، على الأقل علشان خاطر المسكينه إللي ممكن تروح فيها لو لاقتنا قاطعنا بعض، وأكملت بحده: لكن من النهارده يا نرمين إنتي بالنسبة لي موتي وأندفنتي مع رائف وبابا الله يرحمهم!
وتركتها وخرجت، إرتمت نرمين بإستسلام فوق التخت وأطلقت لدموعها العنان مرة أخري.

داخل منزل سالم عثمان
كان جالسا مع زوجته وشريف إبنه يتحدثون جميعا بشأن مستقبل مليكه، نظر شريف وتحدث بجديه لأبيه: هو حضرتك هتفضل سايب مليكه كده كتير في بيت رائف الله يرحمه يا بابا؟
وأكمل: أنا شايف إن كده كفايه أوي ولازم تجيب ولادها وتيجي تعيش معانا هنا، أظن ميصحش تعيش هناك بعد وفاة جوزها، ولا ايه رأيك يا ماما؟

تحدث سالم بضيق: ومين سمعك يا شريف، أنا كمان متضايق جدا من قعدتها هناك لوحدها من غير راجل أو حمايه ليها، لكن مقدرش أتكلم في الوقت الحالي يا ابني، مقدرش أروح أجيب أختك وولادها من حضن حماتها، وأكمل بحزن: الست لسه حزينه على إبنها ولسه ما اتخطتش أزمة وفاته، نقوم إحنا بدل مانقف معاها وندعمها في مصيبتها، أروح أخد الولاد من حضنها، إحنا كده نبقي بنقضي عليها نهائيا.

هنا تحدثت سهير بأسي وحزن: الله يكون في عونها ويصبر قلبها، دي الست من وقت موت إبنها وهي كل يوم في حال، مره السكر يعلي عليها، ومره الضغط، حقيقي ربنا يتولاها برحمته،
إللي حصلها مش قليل عليها بردوا، دي خسرت إبنها الوحيد، وده مكنش أي إبن، لا ده كان نعم الأخلاق والأدب، كان بار بيها وبيعاملها زي ما ربنا أمره بالظبط،
وأكملت بنبرة حزينه متأثرة: الله يرحمك يا حبيبي، في الجنه إن شاء الله يا رائف.

تحدث شريف وهو ينظر إلى أبيه بتساؤل: أيوه يا جماعه كل الكلام ده أنا فاهمه ومقدره كويس، لكن بردو مقولتوش هنعمل أيه مع مليكه؟

أجابه سالم بتعقل: بص يا ابني، رائف الله يرحمه يادوب بقاله 7 شهور متوفي، إن شاء الله بعد السنوية بتاعته هروح وأتكلم مع سيادة اللوا عز المغربي، وهو يكلم مرات أخوه ويفهمها الوضع، علشان الموضوع ميتسببش في زعل لأي حد، كده نكون إستأذناهم وراعينا العشره، ونكون أخدنا بنتنا وولادها في حضننا.
تحدثت سهير بقلق وحيره: تفتكر عز المغربي وثريا ممكن يدونا الولاد بسهوله كده يا سالم؟!

بصراحه أنا قلقانه ليخلوا الولاد عندهم.
صاح شريف متحدث بنبرة غاضبة: يعني ايه الكلام ده يا ماما؟ أولا هما ميقدروش يمنعوا مليكه من إنها تاخد ولادها، القانون معاها وفي صفها في النقطه دي،
وأكمل بحده: وإذا كانوا فاكرين نفسهم عيلة المغربي، إحنا كمان مش قليلين في إسكندريه وهنعرف نقف قدامهم كويس جدا ونجيب لمليكه ولادها في حضنها.

نظر سالم إلى إبنه وتحدث بتعقل: إهدي يا أبني وفكر بعقل، إحنا مش عاوزين نتكلم بعصبيه ونضايق الناس وإحنا لسه معرفناش ردة فعلهم هتكون أيه،.

وأسترسل حديثه بتوجس: لكن بصراحه أمك عندها حق، أنا عن نفسي قلقان إنهم يرفضوا يسلمولنا الأولاد، ودول عيلة المغربي وليهم وضعهم بردوا، ده كفايه ياسين عندهم، دي قرصته بالدم ووضعه ومكانته في المخابرات مديين له سلطه كبيره ويقدر من خلالها يأذي أي حد أو يقف في وش أي حد بسهوله جدا.

تنهدت سهير بألم وأردفت قائلة بنبرة يشوبها القلق: ربنا يستر، والله أنا ماحزينه إلا على ثريا وزعلانه جدا على إننا هنحرمها من ولاد رائف، يعني مش كفايه عليها خسارة إبنها، كمان هتتحرم من ولاده،
لكن هنعمل أيه، دي بنتنا ولازم إحنا كمان نخاف عليها وتيجي تعيش في حما وأمان أبوها وعلشان كلام الناس.
تحدث سالم بأسي: ربنا يعمل اللي فيه الصالح والخير لبنتنا يا سهير.

بعد مرور عام على وفاة رائف، جاء يوم ذكري وفاته، كانت العائله جميعا مجتمعه داخل المقابر، أمام قبر فقيدهم الغالي فقيد الشباب،
كانت رجال العائله تقف على بعد مترين من جلوس النساء
اللواتي كن يحاوطن القبر بجلوسهن جميعا، ثريا التي تبكي بحرقة أم على فقدان صغيرها، وتحاوطها يسرا الباكيه بذراعيها بحنان، ومن الجهه الاخري تحاوطها منال زوجة عز بجوارها نرمين التي تبكي بصمت تام.

كانت الأنظار جميعها مسلطة على تلك الباكيه ذات الرداء الأسود والوجه الحزين، وهي تبكي على قبر رفيق عمرها الذي تخلي عنها وتركها لوحدتها، كان بكائها مريرا ويدمي القلوب، فقد أصبح الكون بعيونها خاليا بعد رحيله، فقد أخذ برحيله كل شيئ، الحياه، والروح، والبسمه.
كانت والدتها تجاورها وتحتضنها هي وسلمي صديقتها،.

كانت تحادثه وهي تضع رأسها فوق قبره وتستند بيداها عليه بألم وبكاء مرير: كيف حالك رائف؟ أخبرني كيف أصبحت؟ أسعيدا أنت بدوني؟
أتشعر بألمي ومرارة حلقي التي باتت تلازمني منذ إفتقادي لك؟

أم أنك لاتبالي بحالي وما أويت إليه، انظر إلى رائف وتمعن بي جيدا، لقد أصبحت حطام إمرأه رائفي، لقد أصبحت الحياة بدونك قبرا كبيرا بالنسبة لي حبيبي، أنالا أشعر بوجداني رائف، لاأشعر بالحياه، لقد رحلت وأخذت روحي ووجداني وقلبي معك فقيدي، أنا أتألم رائف، أنا حقا أموت بطئا،
مر عام على رحيلك ولم أستطع تجاوز محنتي، لم أستطع التأقلم على الحياه بدونك عزيز عيني، لما هجرتني وتركتني وحيده رائف؟
لما لم تأخذني معك؟

ألم تعدني بأنك لم تتركني مهما حدث، أين وعدك يا رجل؟
إشتقت إليك كثيرا، مر إسبوع على أخر زياره لك بمنامي، أشتاقك حبيبي، تعا إلى اليوم، أريد رؤيتك، إشتقت بسمة وجهك، إشتقك لنظرة عيناك الحنون، أرجوك رائف تعا، سأنتظرك اليوم حبيبي، أريد مجالستك ورؤية عيناك ساحرتي
كان موجها بنظره إليها بغيره وحسرة تملئ قلبه، يحادث حاله: كم أنت محظوظ رائف، فحتي بعد مماتك يا فتي مازالت جميلة الكون تعشقك وتفتقد وجودك.

نظر إليها بحنين: أنا هنا مليكه، إنظري إلي، تفحصيني جميلتي، منذ عدة أشهر وأنا أحاول التقرب ولكنك لا تشعرين حتى بوجودي!
أحبيني مليكه
فقط فرصه أطلبها، فاعطني إياها
وأصدقكي وعدا لن تندمي
سأجعل السعادة دارك، والكون مقدارك، فقط أعطني الفرصه مليكتي وسترين، كيف سيكون عشق الياسين؟

كانت تبكي وتنتحب مغمضة العينان، مستسلمه لألم قلبها وأعتصاره، شعرت بيد تربت على كتفها بحنان رفعت رأسها ونظرت بعيون حمراء ككؤوس الدم من كثرة بكائها،
وجدته أباها الحنون أمسك بيدها وأوقفها ثم نظر لها
وتحدث: يلا يا حبيبتي، كفايه يا مليكه، هتموتي نفسك يا بنتي حرام عليكي اللي بتعمليه ده.

نظرت له وألم يعتسر قلبها ومازالت تبكي بمراره: مش قادره أستوعب إن خلاص حبيبي راح ومبقاش موجود يا بابا، هو أنا فعلا مش هشوفه تاني خلاص؟
وأرتمت داخل أحضانه وهي تبكي بألم.
إقترب منها محمد زوج نرمين وتحدث بتأثر لحالتها المزريه: إهدي يا مليكه وأطلبي له الرحمه، هو أكيد في مكان أحسن حاليا، إنتي كده ممكن تتعبي.
نظرت له نرمين بنظرات صاخبه كالرصاص إبتلع لعابه رعب وأبتعد قليلا.

وقف شريف وأخذها من حضن أبيها وهو يحتضنها بحنان ويمسح على ظهرها بحب وحنان الأخ.
كل هذا تحت أنظار ذلك المستشاط غضبا من إحتضان أبيها وأخاها لها
حيث كان يحادث حاله: كيف سمحتي لهما أن يحتضناكي هكذا؟
أنا من له الحق بإحتوائك وتضميد جراحك حبيبتي، اه مليكه، أتعبني عشقك يا أمرأه، كم عليا التحمل بعد!
وقف عز وتحدث بحزم وصوت يكسوه الألم: يلا بينا يا حاجه ثريا، يلا بينا يا مليكه.

نظرت له ثريا وتحدثت بتألم: روحوا إنتوا يا سيادة اللوا وسيبوني مع حبيبي.
تحدث عز بحزم: كفايه كده يا حاجه ثريا ليك ساعتين بتعيطي، صحتك يا حاجه، الضغط كده ممكن لاقدر الله يعلي عليكي تاني.
ذهب إليها ياسين وجثي على ركبته بجانبها، قبل رأسها بحنان وتحدث: يلا يا أمي علشان أنس كده هيقلق عليك، تلاقيه بيعيط وبيسأل عليك إنت ومليكه، إنتي عارفه هو مش متعود على غيابكم إنتم الاتنين كده.

نظرت له بإنكسار وهزت رأسها بإيماء، أمسك يدها وأوقفها وأتجه بها هي ويسرا لسيارته وأجلسهما، في حين أخذ سالم إبنته وزوجته وذهبا بهما بطريقه لفيلا رائف،
وتحركوا جميعا بإتجاه حي المغربي تاركين قبر فقيدهم وحيدا، فتلك هي الحقيقه الوحيده بحياتنا، الموت.
بعد مده من الوقت كان سالم جالسا بحديقة منزل عز بصحبة بعض رجال عائلة المغربي، عز، وعبدالرحمن وياسين وطارق ووليد،.

نظر وليد إلى سالم وتحدث بجرأه: بعد إذن حضرتك يا سالم بيه أنا كنت عاوز أفاتحك في موضوع مهم جدا بالنسبة لي، وكنت هاجي لحضرتك النهارده البيت أتكلم معاك فيه، لكن بما إن حضرتك موجود هنا ومشرفنا فأنا هتكلم قدام الكل علشان يهمني إنهم يعرفوا قراري ويكون عندهم علم بيه،
نظر له الجميع بإستغراب سائلين حالهم ما هو ذاك الموضوع؟

إلا ياسين الذي إبتسم بسماجه لمعرفته طلب وليد من سالم، وكيف لا يفهم وهو ياسين المغربي رجل المخابرات الأول.
نظر له سالم بوجه مبهم وتحدث متسائلا: خير يا أستاذ وليد، موضوع ايه ده إللي عاوزني فيه، إتفضل قول أنا سامعك.
وليد...
تري ماالموضوع الذي يريد وليد أن يخبر به سالم؟
وما الذي فهمه ياسين من حديث ذلك الوليد؟
كل هذا وأكثر سنتعرف عليه في البارت القادم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة