قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قلوب حائرة الجزء الأول للكاتبة روز أمين الفصل الحادي عشر

رواية قلوب حائرة الجزء الأول للكاتبة روز أمين الفصل الحادي عشر

رواية قلوب حائرة الجزء الأول للكاتبة روز أمين الفصل الحادي عشر

قالت مليكة جملتها وأتجهت ناحية الدرج وبدأت بالصعود، أوقفها صوته القوي وهو ينادي عليها بكل شموخ
ياسين بقوة: مليكة.
إستدارت له وهي تأخذ شهيقا وتخرجه بهدوء لتستقبل تعنيفها على ما تفوهت به أو على الأقل رفضه وأعتراضه.
ولكنها فوجئت بوجهه مبتسم وبشوش قائلا بحنان: مش عاوزك تقلقي من أي حاجة طول ما أنا موجود، وصدقيني مش هيحصل أي حاجه غير إللي إنتي عاوزاها وبس.

وأكمل شارح: إللي حصل إنهاردة ده محاولة مني بمساعدتك ووقوفي جنبك إنتي ومروان وأنس
وأكمل بنبرة حنون: مش معقول هقبل على نفسي إني أضايقك أو أسبب لك عبئ نفسي بوجودي في حياتك، أمسك كتفها وربت عليه بحنان تحت هزة نفور منها بجسدها، عذرها هو عليها وتحدث مبتسما برقة: إطلعي على أوضتك إرتاحي وأنا هبعت لك أنس مع مني علشان ينام في حضنك إنهارده، أكيد إنتي محتاجه لحضنه إنهاردة بالذات.

ثم نظر لها بعيون حانية وتحدث بحنان وأبتسامة جذابة: تصبحي على خير يا مليكه.
إستدار بظهره تارك إياها بشرودها من ردة فعله الغير متوقعه على غضبتها تلك، شردت للحظات في ذلك المبتسم وردة فعله الهادئة التي وبلحظات أدخلت على قلبها الطمأنينة، نفضت من رأسها سريع تلك الفكرة وأكملت طريقها بالصعود إلى غرفتها.

إقترب أباه منه وربت على كتفه وتحدث هامس: أستاااااذ، أرفع لك القبعه يا سيادة العقيد، البت دقيقه كمان كانت هتعيط وتترمي في حضنك وتقول لك أرجوك متزعلش مني و سامحني.
إبتسم ياسين بجانب فمه وأجاب بلؤم: ظالمني يا باشا صدقني.
إبتسم عز ونظر له نظره ذات مغذي
إنسحب عز وطارق وسالم وشريف كل على وجهته.

دلف ياسين لغرفة ثريا وجدها تجلس بجانب يسرا والحزن والألم يسيطران على ملامحها، إستدعي مني العامله بالمنزل وأمرها بأخذ أنس بعد إستئذان ثريا، وصعدت به إلى مليكه ليغفي بأحضانها
سحب الكرسي وجلس بمقابل ثريا وأمسك يدها وقبلها بحنان وتحدث بنبرة حنون: أرجوكي يا أمي مش عاوز أشوف نظرة الحزن دي في عيونك أبدا،.

وأوعي حضرتك تفكري إني ممكن في يوم من الأيام أسعي إني أخد مكان رائف الله يرحمه، أو إني أكون بديل عنه لأولاده، عمري يا ماما ما هعمل كده أبدا، إطمني يا حبيبتي.
ربتت على يده الحاضنه كفيها برعايه وتحدثت بحب: وأنا عمري ما أقلق من ناحيتك بأي شكل من الأشكال يا ياسين، ده إنت عوض ربنا ليا عن المرحوم يا حبيبي
وأكملت بنبرة جادة: أما بالنسبة لأولاد رائف، مين إللي قال لك إني مش عاوزاك تكون ليهم أب وسند؟

واسترسلت بتأكيد: بالعكس يا حبيبي، أنا عاوزاك تعوضهم عن حب ورعاية أبوهم اللي إتحرموا منه بدري، خلي بالك منهم وحبهم زي سيلا وحمزه يا ياسين، عاوزه أموت وأنا مطمنه عليهم يا أبني.
شهقت يسرا وتحدثت بهلع: بعد الشر عنك يا ماما أوعي تقولي كده.
هتف ياسين هو الاخر قائلا: بعد الشر عنك يا حبيبتي، ربنا يبارك في عمرك لحد ما تجوزيهم بنفسك، وأكيد أنا مش محتاج توصيني على أولاد رائف.

ثم أكمل معتذرا: وأرجوكي متزعليش مني بخصوص إللي عملته مع نرمين، للأسف نرمين كانت هتهيج الدنيا وأنا كان لازم أعمل معاها كده علشان نخلص من الموضوع ده كله بسرعه
وأكمل لمراضاتها: وأنا يومين كده لما تهدي هروح لها بيتها وأراضيها وأجبها لك لحد هنا.

تحدثت يسرا بحده وحزم: ولا تروح ولا تيجي يا ياسين، إنت مغلطش في حاجة، هي إللي راحت ل ليالي وطنط منال وولعت الدنيا واللي إنت عملته معاها ده أقل رد على كل إللي هي عملته.
نظرت لها ثريا نظرة عتاب وتحدثت: ماتبقيش قاسية على أختك كده يا يسرا، ماتنسيش إن نرمين كانت متعلقة ب رائف الله يرحمه وأتصدمت في موته.

وأكملت بأسي وتأثر: دي يا قلبي قعدت أكتر من شهر مابتتكلمش من شدة حزنها عليه، رد فعلها كان طبيعي من حبها للغالي الله يرحمه
هزت يسرا رأسها بيأس وفضلت الصمت
نظر لها ياسين نظره ذات معني خوفا على صحة ثريا ووجه حديثه إلى ثريا: إهدي يا حبيبتي أكيد يسرا ماتقصدش، وزي ماقولت لك يومين كده لما تهدي و هروح لها
ثم وقف منتصب الظهر وأكمل بنبرة هادئة: أنا ماشي ولو عوزتوا أي حاجه إتصلوا بيا، تصبحوا على خير.

بعد مدة دلف ياسين من باب منزله
وجد والده يحتضن أيسل وحمزه وهما يبكيان، أما منال كانت تجلس واضعة ساق فوق الاخري وتهزهما بتوتر وعصبيه.
نظر ياسين لأطفاله وزفر بإستياء، ألقي السلام عليهم ثم وقف بجانب أيسل ومد يده لها وأمسكها، وجلس وأجلسها بجانبه
ثم إحتضنها وتحدث بنبرة حنون: ممكن أعرف أميرتي الحلوه بتعيط ليه؟
أجابته أيسل بدموع: يعني حضرتك مش عارف يا بابي بعيط ليه؟

ياسين وهو يضع أنامله على وجنة إبنته يمحي لها دمعتها: مش أنا قولت لك قبل كده مش عاوز أشوف دموعك دي طول ماأنا عايش على وش الدنيا؟
تحدثت منال بتهكم ردا على حديثه: وعاوزها تعمل أيه وهي شايفه مامتها سايبة البيت وماشية وهي حزينة ومكسورة، وبدل بباها مايروح يراضيها ويرجعها بيتها لأولادها، رايح يتمم جوازه على أمها.

ثم نظرت إلى أيسل وتحدثت ساخرة: لا فعلا غلطانه يا سيلا، المفروض تفرحي وتباركي لبابي على جوازه من مليكة هانم
تحدث ياسين بإعتراض وهو ينظر إلى منال بيأس وضيق: ماما من فضلك، الكلام ده مايبقاش قدام الولاد.
أجابته أيسل بدموع: ليه يا بابي، هو حضرتك فاكرنا صغيرين ومش فاهمين إلى بيحصل، أنا وحمزه فاهمين كل حاجه كويس أوي.

نظر لها ياسين وسألها بإستفهام: وياتري بقا إللي إنتوا فاهمينوا ده، فاهمينوا من نفسكم ولا من مامي ونانا يا سيلا؟
تحدثت أيسل بدموع وتهكم: أيا كان السبب إللي حضرتك إتجوزت علشانه إللي اسمها مليكة دي فهو ما يخصنيش، أنا كل إللي يخصني حضرتك هو مامي وبس.
نظر لها ياسين غاضب وتحدث بنبرة حادة: سيلاااا، إتكلمي كويس عن مليكة، مش معني إنك زعلانة منها تتكلمي عنها بقلة إحترام.

وقفت أيسل تنظر لوالدها بغضب وتحركت نحو الدرج وصعدت للأعلي سريع
تحدث عز بهدوء بعد صمته: بالراحة على البنت يا ياسين.
هتفت منال بنبرة ساخرة: أول القصيدة كفر يا ياسين بيه، من أولها كده بتزعل سيلا إللي مافيش أغلي منها في حياتك علشان الهانم!
وأكملت بنبرة تهكمية: أومال لما ترضي عن سيادتك وتسمح لك بدخول غرفتها الملكية، هتعمل فينا أيه؟

نظر إلى والدته بإستغراب وهتف قائلا بنبرة صارمة: من فضلك يا أمي، يا ريت تتكلمي معايا بإسلوب أرقي من كده، ومش معني إني بحب بنتي وبدللها إني ما أعلمهاش الأصول والإحترام وهي بتتكلم عن أي حد
وأسترسل شارح: المشكله هنا مش في مليكة زي ما حضرتك شخصتيها، لا خالص
لو كانت أيسل إتكلمت عن أي حد تاني بنفس الإسلوب كنت هعنفها بردوا
علشان دي بنتي وما أقبلش أبدا إنها تقلل إحترامها وهي بتتكلم عن أي حد.

وأكمل متسائلا بنبرة تهكمية: أظن إنها بنتي وعليا جانب في تربيتها وإصلاحها، ولا أيه يا منال هانم؟
أشاحت بنظرها عنه ولوت فاهها بطريقه ساخره
تحدث حمزه وهو ينظر إلى والده برجاء: بابي، أنا عارف إن حضرتك إتجوزت طنط مليكة علشان تخلي أنوس ومروان يفضلوا عايشين معانا ومايروحوش مع جدهم سالم.

وأكمل موضح وهو ينظر إلى عز: جدو عز قال لنا كده أنا وأيسل، وأنا مش زعلان من حضرتك علشان أنا بحب أنوس ومروان ومش عاوزهم يمشوا
وأكمل بنبرة طفولية: لكن بليز يا بابي روح صالح مامي وهاتها من عند جدوا.
نظر له ياسين بحنان وأشار له بيده ليأتي إليه، أسرع الصبي إليه وأرتمي بداخل أحضانه، قبله ياسين من جبهته وملس على شعره بحنان.

ثم نظر له وتحدث بهدوء: حبيبي، مش عاوزك تقلق خالص بخصوص مامي، مامي هي إللي إختارت تروح تقعد يومين عند جدو تهدي فيهم أعصابها وهتيجي تاني لوحدها زي ما مشيت.
إنتفضت منال من جلستها ونظرت إليه بغضب وهتفت بتساءل غاضب: يعني أيه يا ياسين، أفهم من كلامك ده إنك مش هتروح تجيب ليالي؟

تحدث ياسين وهو يقبل وجنة إبنه بحنان: حمزه حبيبي ممكن تطلع فوق عند أختك تقعد معاها وتراضيها، وزي ما قولت لك يا حبيبي، مش عاوزك تقلق من أي حاجة، كل حاجة هتبقي كويسه إن شاء الله.
هز له حمزه رأسه بإقتناع وصعد بطاعه لغرفة شقيقته كما طلب منه أباه
هتف عز بحدة موجه نظره إلى زوجته: إنت إزاي تتكلمي بالطريقه دي مع ياسين قدام الأولاد، . أيه إللي بتحاولي توصليه ليهم بالظبط.

وأكمل متسائلا بغضب: إنتي عاوزاهم يكرهوا أبوهم يا منال؟
تفاجأت بحديث عز وتحدثت بإستنكار: أنا يا عز، أنا بحاول أكره الولاد في إبني؟
ومين، ياسين إللي بحبه أكتر من روحي وبتشرف بيه قدام الدنيا كلها؟

تحدث ياسين ناهي الحديث الذي سيتحول لإندلاع حريق مشتعل بين ذاك الثنائي: من فضلكم إهدوا يا جماعه، أنا مصدع لوحدي ومش متحمل أي نقاش تاني إنهاردة، أنا بجد تعبان ومحتاج أنام علشان عندي شغل بكره مهم وضروري في الوزاره
وقفت منال وتحدثت بإستهجان ونبرة غاضبة: يعني أيه يا ياسين الكلام ده؟
يعني مش هتروح تتكلم مع خالك وتتأسف له وتجيب مراتك علشان تبات في بيتها؟

أجابها ياسين بنبرة حادة: لا يا ماما مش رايح، وبعدين هو أنا غلط في أيه علشان أتأسف له؟
واسترسل شارح: أنا أتجوزت على سنة الله ورسوله وقدام العيلة كلها، وقبل كل شيئ كلمت خالي وبلغته على سبب جوازي
وأكمل: أينعم هو أعترض ورفض الموضوع لكن دي مشكلته هو مش مشكلتي، أنا بالنسبة لي كدة عملت إللي عليا
تصبحوا على خير.

وصعد لغرفته أخذ حماما دافئا وأرتدي بنطال خفيف للنوم وضل عاري الصدر، وجلس على تخته يفكر في من ملكت قلبه وتفكيره وجميع جوارحه
حدث حاله: متي مليكه؟
متي تشعرين بي وبقلبي وتأتين إلي ترتمين داخل أحضاني بلهفه وشوق وتقولين لي، تعبت من عشقك ياسين، أريدك حبيبي، أريدك وبشدة، أه مليكة لو تعلمين كم أشتاقك أميرتي، لو تعلمين كم أتمني ضمك لصدري، أريد أن أسحق عظامك الرقيقة داخل أحضاني، أريدك مليكة، أريدك.

زفر بشدة أخرج بها لهيبا من داخل صدره المشتعل بالإشتياق، لم ينم طيلة الليل، بات يتقلب بفراشه يتخيلها مجاورة له نائمة على ذراعيه بين أحضانه
أما مليكة التي إحتضنت صغيرها وباتت تبكي وتتذكر حبيبها بكل مراحل حياتها معه، لقاء أول يوم جمعها به، حتى يوم زواجهما، تذكرت كل لحظة حب جمعتها به وباتت تبكي على حالها وما أوصلتها به الظروف، حتى غفت بدموعها.

بعد عدة أيام
في إحدي الكافيهات الراقية المطلة على البحر كان يجلس شريف مع حبيبته سالي وهو حزين
سألته سالي وهي تضع يدها على يده الموضوعة على المنضدة قائلة بإحتواء: أرجوك يا شريف حاول تخرج من حالة الحزن والإكتئاب إللي إنت حاطط نفسك فيها دي، أكيد العلاقه بينك وبين مليكة هترجع أحسن من الأول كمان
نظر لها شريف وتحدث بإنكسار: عمر إللي بيني وبين مليكة ماهيرجع زي الأول تاني يا سالي.

إنتي أصلك ماتعرفيش مليكة، هي أه رقيقة وحنونة جدا، لكن طول عمرها بتحط كرامتها فوق كل شيئ، وبعد إللي كلنا عملناه معاها أظن عمرها ما هترجع تاني زي الأول مع أي حد فينا
وأكمل بنبرة خجلة من حاله: أنا خذلتها يا سالي، موقفتش معاها في مشكلتها، لكن غضب عني والله، ماهو كمان ماكانش ينفع أقف في وش أبويا، وخصوصا إن أنا نفسي مقتنع جدا باللي هو عمله وعارف إنه في مصلحتها.

أجابته سالي بحنان: أرجوك يا حبيبي إهدي، صدقني الحكاية هتاخد وقتها وهتعدي وكل حاجة هترجع لطبيعتها، إنسي بقا وخليك معايا شويه
وأكملت بنبرة هائمة كي تسحبه لعالمها: هو أنا مش وحشاك ولا أيه؟
نظر لها بحب وتحدث: إنتي بتوحشيني وإنتي معايا يا سالي، أنا أسف بجد ياروحي، دوشتك بمشاكلي وإنتي ملكيش أي ذنب فيها.

ثم أمسك بيدها ووضع قبلة رقيقه وتحدث بهيام: بحبك يا سالي، بحبك أوي، أيه رأيك نروح سينما إنهارده بعد الهوا؟
أنا هخلص برنامجي الساعه 8، نروح حفلة 9 قولتي أيه؟
أجابته سالي وهي تنظر له بهيام: أنا موافقه على أي حاجه تقولها، طالما هنكون مع بعض يا حبيبي
تحدث شريف بعيناي عاشقة: يا عيون حبيبك إنتي.

داخل منزل المهندس أحمد العشري والد ليالي
كانت تجلس ليالي بدموعها التي تجري على وجنتيها، وبجوارها والدها و والدتها السيدة قسمت، وأبنتها الاخري داليدا، ومنال زوجة عز
تحدثت داليدا بحده وتعالي: بقا كده يا عمتو، هي دي أخرتها، بقا ياسين يتجرأ ويتجوز على أختي أنا، يتجوز على ليالي العشري وحضرتك واقفه تتفرجي عليه من غير ما يكون لك أي ردة فعل!

أجابتها منال بتبرير بنبرة ساخرة: وأنا كان في إيدي أيه أعمله وماعملتهوش يا داليدا، ولو كنتي عايزاني أسيب البيت أنا كمان وأجي أقعد لكم هنا؟
تحدث أحمد إلى داليدا بعقلانية: وعمتك أيه بس إللي بأديها تعمله يا داليدا، ده ياسين المغربي إللي إسكندرية كلها بتعمل له ألف حساب وبتهيبه، ده أبوه نفسه مايقدرش يجبره على حاجة هو مش عاوزها.

تحدثت قسمت بكبرياء: إذا كان هو ياسين المغربي وشايف نفسه أوي، فاأنا بقا هخليه يندم وييجي يبوس إيدي وإيد بنتي علشان ترضي عنه و ترجع له، وهذله على ما أوافق إني أرجعها له كمان، هو كان يحلم يتجوز واحده زي ليالي
أجابتها منال بتهكم: يبقي هتفضلي مستنيه عمرك كله يا قسمت،.

وأكملت بتعالي: مش ياسين المغربي اللي تكسره واحده ست ويندم عليها، وبعدين يا ريت يا هانم متنسيش إن إللي بتتكلمي عنه ده يبقي إبني، ياريت تحطي ده في دماغك
نظرت لها ليالي وتحدثت بدموع ولوم: حضرتك زعلانه علشان كلمتين ماما بتقول لهم من حزنها عليا، ومش زعلانه على إللي إبنك عمله فيا يا عمتو؟
وأكملت بحده: إبنك خلاني سخرية لإسكندرية كلها، أنا بقيت تسلية النوادي والكافيهات.

حدثتها منال بجدية وعقلانية: بقول لك أيه يا ليالي، سيبك من الكلام الفاضي ده كله، ياسين كتب كتابه عليها وجه البيت نام في أوضتك وعلى سريرك، يعني الجوازه طلعت على الورق بجد زي ما قال لنا،.

وأكملت شارحة بتوضيح: أهو كاتب كتابه عليها من تلات أيام، ومن يومها ما قربش منها ولا من أوضتها، بيروح يفطر عند ثريا زي ما كان بيعمل كل يوم، وبعد المغرب بيروح يقعد شوية مع ثريا ويسرا والولاد، ومليكة مابتنزلش من أوضتها طول ما هو موجود في البيت
نظرت إليها داليدا وتحدثت بتساؤل ذكي: وحضرتك عرفتي منين الكلام ده كله يا عمتو؟

أجابتها منال بثقه: أنا ليا مصادري الخاصة إللي بعرف منها كل حرف بيتقال عند ثريا، إنتي فكراني نايمة على وداني وسايبة الدنيا تمشي كده بالبركة.
تحدثت قسمة بكبرياء وحديث ذات مغزي: عايزة ليالي تقبل وترضخ بإللي مقبلتهوش على نفسك زمان ليه يا منال؟
نظرت لها منال بقوه وتحدثت بنبرة حادة: لا الزمن هو الزمن ولا ياسين زي عز يا قسمت، عز وقتها خاف من تهديدي ليه بالطلاق، لكن ياسين قادر ومبيهموش.

وأكملت بتوضيح: وبعدين ثريا بنفسها هي إللي رفضت جوازها من عز وأخواتها وقفوا معاها وساندوا قرارها، يعني الوضع كله كان مغربي في مغربي
، لكن مليكه لا حول ليها ولا قوة
وأكملت بنبرة حادة: فهمتي يا قسمة هانم، وبعدين بدل ما إنتي قاعده تحيي إللي مات وأندفن إنصحي بنتك وخليها تشوف مصلحتها.

ثم وجهت بصرها إلى ليالي وأردفت بهدوء: شوفي يا ليالي، خليكي قاعدة هنا كمان كام يوم ريحي فيهم أعصابك، وأنا لو ياسين نشف دماغه ومجاش يصالحك، أنا هقول له وأجبره إنه يجي لك، وإنتي بقا تتشطري كده وتتدللي عليه وترجعي بيتك لجوزك وولادك.
نظرت لها قسمة وتحدثت بإستهجان: نعم، أيه إللي إنت بتقوليه ده يا منال، إنتي عاوزاها ترجع له بسهوله كده بعد كل إللي عمله فيها؟

أجابها أحمد بعقلانية: يعني هتعملي أيه يا قسمة، بالعكس، منال بتتكلم صح، إللي حصل حصل وخلاص، ليالي ترجع بيتها وتعيش حياتها مع جوزها، وكفايه إنه معيشها عيشة ملوك، وأكمل بإستحسان: ده مفيش ست فيكي يا إسكندرية عايشة ومتدلله زي بنتك ما هي عايشة
تحدثت ليالي رافضة بإعتراض وغرور: لا طبعا يا بابي مامي بتتكلم صح، أنا لازم أذله الأول وأخليه يندم على اليوم إللي فكر فيه يتجوز على ليالي العشري.

وقفت منال حاملة حقيبة يدها وتحدثت بنبرة صارمة: براحتك يا ليالي أنا عملت إللي عليا ونصحتك، إنتي بقا عاوزه تمشي ورا كلام مامتك إنتي حره، بس ياريت في الأخر متجيش تعيطي وتقولي لي إلحقيني يا عمتو
تحدثت قسمة بتراجع سريع: إستني بس يا منال رايحة على فين، مش لما نتفق الأول
واسترسلت قائلة: بصي يا ستي أنا موافقه إنها ترجع له بس على الأقل يحط لها مبلغ محترم في البنك تضمن بيه حقها وعيشتها معاه.

نظرت لها بإستنكار متحدثه: نعم، أيه التخاريف إللي بتقوليها دي يا قسمة، إنتي عوزاني أروح أقول لإبني الكلام الفارغ ده؟
واسترسلت ناصحة لها: إهدي يا قسمة وخافي على بيت بنتك أكتر من كده، وأحمدي ربنا على إللي بنتك فيه، ده ياسين معيشها عيشه أنا نفسي مش عيشاها.

في منزل سالم عثمان، دلف من باب شقته وجد زوجته تبكي بمرارة، زفر بضيق لرؤيته لها هكذا
جلس بجانبها وتحدث بنبرة حازمة: مش هنخلص من النكد إللي معيشانا فيه ليل ونهار ده يا سهير؟
محسساني إن بنتك حصل لها حاجه لاقدر الله مش إتجوزت
نظرت له ببكاء وهي تشهق قائلة بنبرة ساخطة: جوازة الشوم والندامة يا سالم، البنت مابتردش على تليفوناتي من يومها.

وأكملت بتفسير: سلمي صاحبتها بتقول لي إنها مش مبطله عياط وبتنام على المهدأت
زفر سالم بحده وتحدث ليهدئها: وأيه المشكلة يا سهير، ما أنتي عارفه بنتك حساسه وأي حاجة بتخليها تعيط، شويه وهتهدي وتنسي
وأكمل: بكره تفوق وتفهم و تشكرني إني سلمتها لراجل هيحافظ على حقوقها وحقوق ولادها إللي كانت هتضيع بين طمع نرمين ووليد، وما خفي كان أعظم.

وأسترسل مفسرا: ده وليد بيه ماأستناش لما جثة أبن عمه تبرد في تربتها، جه يجري ويلهث ويسأل في البنك على حسابات رائف البنكية رابع يوم وفاته، وأصحابي بنفسهم اللي بلغوني بكده
وأكمل غاضب: والهانم المحترمه أخته، يدوب عدي تلات شهور وجريت التانيه تسأل وتدعبث على الحسابات، وسألت على حساب والدتها ومليكة والولاد.

وأكمل متسائلا بنبرة عتابية: كنتي عاوزاني أشوف كل ده وأسكت لما ألاقي بنتي حقها وحق أولادها ممكن يتاكل قدام عنيا وأنا واقف مش قادر أعمل حاجه
وأكمل بإمتنان: ياسين بالنسبة لي كان طوق النجاة لبنتي وأولادها يا سهير
ومش ندمان إني أخدت الخطوة دي، ولو رجع بيا الزمن تاني هعيد نفس إللي عملته، كفايه إنها بقت في حماية راجل محترم هيصونها وعمره ما هيطمع فيها ولا في حق ولادها.

ردت عليه سهير بنبرة صوت ملامة: طب كنت عرفت بنتك بكل ده، مش يمكن كانت إرتاحت وعذرتك في تصرفاتك.

أجابها سالم: وليه أقلقها وأخوفها من كل إللي حواليها، وأظن الكلام ده ما بقاش ليه لزوم، بعد جوازها من ياسين مفيش مخلوق هيقدر يقرب منها ولا من أولادها، وأكمل مطمئنا إياها: وإنتي إهدي وأجمدي كده، وبنتك كلها إسبوع وقلبها يحن وتلاقيها قدامك هنا وبتترمي في حضنك، وقف منتصبا قائلا: سيبك من النكد ده يا سهير وقومي جهزي لي الغدا على ماأدخل أخد دش، أنا راجع من الشغل جعان.

بعد عدة أيام أخري
في منزل ثريا عصرا، كان الجميع مجتمع على سفرة الطعام لتناول وجبة الغداء، كانت ثريا تجلس أنس فوق ساقيها وتطعمه
وتجاورها يسرا وإبنتها وولدها ومليكة ومروان
دلف ياسين للغرفة بدون إستئذان قائلا بمرح: إوعوا تكونوا أكلتوا من غيري؟
نظرت له ثريا وتحدثت بإبتسامة وترحاب: تعال يا حبيبي، إحنا لسه يادوب بادئين.

وقفت مليكه بإرتباك من دخوله المفاجئ وهي بدون حجاب وترتدي منامة بيتية محكمة على جسدها تظهر مفاتنها
تحركت سريع للخارج تحت أنظار ذلك المسحور من رؤيتها بتلك الهيئة المهلكة لروحه
عادت بعد مدة قصيرة مرتدية ثياب محتشمة بعد أن إستدعتها ثريا لإستكمال غدائها
جلست مكانها بمقابل ذاك الناظر لها بغضب من تلك الفعله، أمازالت تلك المتعبة التي تعتبره غريب عنها حتى بعد أن أصبحت زوجته.

تحدث ياسين موجه حديثه إلى ثريا: بعد إذن حضرتك يا ماما، أنا ناوي أنقل شوية حاجات خاصة بيا في الجناح إللي جنب مليكة
نظرت له بعيون تشتعل غضبا قائلة بحدة واعتراض: حاجات أيه دي اللي هتنقلها يا سيادة العقيد؟
وليه جنب جناحي أنا بالذات؟

ياسين وهو ينظر لطبق طعامه ولم يعير لغضبها أو لحديثها أية إهتمام، وجه حديثه لثريا قائلا بنبرة هادئة: إنتي عارفه يا ماما إن العيلة كلها عارفه إن أنا ومليكة متجوزين حاليا، وبيتهئ لي كمان إن كان إتفاقنا من الأول إن مفيش حد يعرف بشرط مليكه غيرنا.

وأكمل مبررا: فعلشان كده لازم كل شيئ يبان طبيعي علشان محدش ياخد باله، وأنا شايف كمان إني لازم أبات هنا كام يوم في الأسبوع، علشان ما نلفتش الإنتباه، ده طبعا بعد إذنك يا حبيبتي
أجابته ثريا بهدوء بوجه بشوش: تنور طبعا يا حبيبي، ده بيتك ومش محتاج تستأذن، هخلي مني توضب لك الجناح حالا، وإبعت إنت الحاجات وأنا بنفسي هشرف على رصها وتوضيبها.

هتفت مليكة بنبرة غاضبة معترضة: هو فيه أيه بالظبط يا ماما، يعني أيه حضرتك تسمحي لراجل غريب يسكن معانا في البيت وكمان هتدي له الجناح إللي جنبي؟
إشتعل جسده ونظر لها بعيون تطلق شزرا من شدة غضبه وصاح قائلا بنبرة حادة عنيفة: أنا جوزك يا هانم لو مش واخده بالك، ومش معني إني بسكت على أفعالك وهرتلتك في الكلام إني موافق عليها،.

واسترسل حديثه بنبرة تحذيرية: فياريت تخلي بالك من كلامك وأفعالك معايا بعد كده، لان صبري عليكي بدأ ينفذ.
إنتفضت بجلستها وكادت أن تتحدث ولكن أسكتتها ثريا بنظراتها المتوسلة قائلة: خلاص يا مليكة، من فضلك إسكتي وخلي بالك إن الولاد موجودين معانا على السفرة، نبقي نتكلم بعدين.
إنتفضت واقفتة بغضب وتحدثت: لا بعدين ولا الوقت، يظهر إن مبقاليش الحق حتى في الكلام والتعبير عن رأيي في البيت يا ماما، بعد إذنكم.

وقفت يسرا تنظر إلى طيفها وذهبت خلفها تناديها وهتفت: مليكة، إستني خلينا نتكلم.
زفر بضيق بعد رحيلها وتحدث بنبرة حزينة: أنا مش فاهم أيه إللي جرا لها وخلاها بقت عنيفة معايا بالطريقة دي؟
وأكمل مبررا أفعاله: هو أنا كده غلطان يا أمي علشان بحاول أحافظ على شكلنا قدام الناس؟
واسترسل غاضب: هي ناسية إني راجل وعندي كرامة ولازم أحافظ على شكلي ورجولتي قدام العيلة، إحنا مش عايشين لوحدنا يا عمتي.

أجابته ثريا بوهن وضعف بعدما أصبح كل شئ حولها يضغط على عاتقها: متزعلش منها يا ياسين، غصب عنها يا إبني، إللي بيحصل ده كله فوق طاقتها، وإنت يا إبني عداك العيب في إللي بتقوله
وأكملت كي تهدئ من ثورته: إبعت حاجتك وأنا هرصها لك بنفسي يا حبيبي، ومن ناحية مليكة أنا هتكلم معاها وأهديها
بات يتنفس بهدوء في محاولة منه لضبط النفس لكي لا يزعج عمته أكثر من ذلك.

دلفت لها يسرا داخل غرفتها وجدتها ترتمي على تختها وهي تبكي بحرقه، جلست بجانبها وأخذتها بأحضانها وباتت تربت على ظهرها
وتحدثت بحنان: علشان خاطري بلاش تعيطي يا مليكة، أنا عارفة إن إللي بيحصل ده كله فوق طاقتك، وصدقيني دابحني أنا وأمي كمان، لكن قولي لي أيه إللي في إدينا نعمله
وأكملت شارحة: إوعي يغرك تماسك ماما قدامنا بالشكل ده، صدقيني ده تماسك هش، ماما عاوزه تطمن على مروان وأنس بأي طريقه، وده حقها.

وأكملت بنبرة تعقلية: وبصراحه ياسين عنده حق في كل إللي قاله، الراجل ما تعداش حدوده معاك، واحد غيره كان قال حطوا لي حاجتي في أوضة مليكه، وده حقه وماحدش يقدر يمنعه منه
وأكملت متألمة لأجل غاليها: إنت مراته شرع وقانون، لكن هو مراعي نفسيتك وحساسيتنا كلنا من الموضوع ده وعارف حدوده وبيتصرف على أساس شرطك معاه.

أجابتها مليكه بدموع وروح تتألم: يا يسرا أنا محدش حاسس بيا وبألمي، أنا بموت في اليوم ألف مرة، كل ما أتخيل إني خلاص بقيت على ذمة راجل غير رائف بموت من جوايا صدقيني
أخذتها يسرا بأحضانها وظلتا تبكيان سويا على ذكر إسم فقيدهما الغالي.

عند غروب شمس اليوم التالي
أفاق من نومه وقت قيلولته بعدما عاد من عمله، خرج إلى الشرفة لإستنشاق بعض الهواء، وجدها تتمشي بالحديقه كشمس تنير كل ما حولها بسطوع، كانت بصحبة صديقتها المقربه سلمي، إبتسم لرؤيتها الساحرة، كانت تتمشي بمواجهة شرفته فوجدته واقف بشموخ وطلة رجولية مهلكه لأي أنثي إلا إياها.

واقف منتصب الظهر يضع يده بجيب سرواله البيتي المريح ويرتدي فوقه تيشرت من اللون الأبيض بدون أكمام يظهر كم رجولته وعضلاته القوية لرجل المخابرات القوي
إبتسم لها بتودد وأمال برأسه لها ول سلمي كتحية ترحيب وإحترام منه لكلتاهما، لم تعيره إهتمام بينما أمائت سلمي له رأسها بإحترام وأشارت له بيدها بترحاب زائد عن الحد.

زفرت مليكة بضيق وتحدثت بنبرة حادة: ما خلاص يا سلمي مش حكايه هي، هزيتي راسك وخلصنا لزمته أيه تشاوري له كمان
وأكملت بضيق: ده مش بعيد تلاقيه جاي لازق لنا هنا الوقت بعد ترحاب سيادتك الحار بجلالته
أطلقت سلمي ضحكة عالية تحت أنظار ذلك الناظر لهما بإبتسامة مشرقة وتحدثت بتمني أغاظ تلك المليكة: طب ياريت ينزل ويتمشي معانا، هو حد يطول يتمشي مع ياسين المغربي بوسامته ورجولته وشخصيته إللي تخطف قلب أي ست.

نظرت إليها مليكة بإستغراب حال صديقتها ثم هتفت بنبرة تهكمية: لا والله، وده من أمتي يا ست سلمي؟
هتفت سلمي بنبرة حماسية: تعرفي يا ليكة إن من ساعة إنتشار خبر جوازك من ياسين وكل ستات إسكندرية بتحقد عليكي وبتحسدك، وأنا منهم طبعا.
أجابتها مليكة بنبرة حزننة بعدما إنطفأت ملامح وجهها من إشراقتها وبدا عليها الألم: على أيه يعني، يتفضلوه بالهنا والشفا على قلوبهم.

ضحكت سلمي ثم نظرت إلى مليكة وتحدثت بجدية: لا بجد يا ليكة، إنت ليه متحاوليش تدي لنفسك فرصه تانية في الحياة، ياسين راجل ليه وضعه في البلد و تتمناه أي ست في الدنيا كلها،
وأكملت بنبرة حنون: وإنت لسه صغيرة وجميلة يا قلبي، مش معقول هتعيشي وتكملي من غير حب وراجل في حياتك
تنهدت مليكة وتحدثت بنبرة حزينة: الكلام إللي بتقوليه ده كان ينفع لو لسه قلبي موجود معايا، لكن للأسف يا سلمي، أنا قلبي مات وأتدفن مع رائف.

وأكملت بنبرة صادقة: صدقيني أنا الحاجة الوحيدة إللي مخلياني متماسكة وصابرة على إللي أنا فيه ده كله هما أولادي
واسترسلت بتأكيد: أولادي وبس
تنهدت سلمي بأسي وحزنت لأجل صديقتها ذات القلب الحزين المتألم وتمنت من الله أن يجعل قلبها يري الفرحة من جديد على يد ذاك الفارس المغوار.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة