قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قلوب حائرة الجزء الأول للكاتبة روز أمين الفصل الثاني والثلاثون

رواية قلوب حائرة الجزء الأول للكاتبة روز أمين الفصل الثاني والثلاثون

رواية قلوب حائرة الجزء الأول للكاتبة روز أمين الفصل الثاني والثلاثون

عودة إلى أكثر من عشرة سنوات،
كان يتحرك بجدية داخل مقر عمله تحرك أمامه الظابط المساعد له وفتح له باب المصعد ليتحركوا للأسفل للذهاب إلى مهمة خارج المقر، دلف لداخل الأسانسير ووقف بكل شموخ ووقف بجانبه عمر الظابط المساعد وكاد باب المصعد أن يغلق حتى تفاجأ بفتاة تضع يدها لتمنع إغلاق المصعد وهي تنظر لهما بنظرات مستعطفة،.

كانت فتاه في مقتبل عمرها حوالي التاسعة عشر ترتدي حجابا مازادها إلا جمالا وعفة ونورا، ثيابها محتشمة تحمي جسدها من نظرات البشر، وجهها منير كقمر في ليلة مظلمة، عيناها بلون العسل، شفاتاها تشبه الكرز في موسم حصاده، كانت بصحبة صديقتها نظرت إليه بعيون مترجية كقطة شيراز صغيرة تتمسح بمربيها بدلال.
تحدث عمر الظابط المجاور لياسين بلهجة بالغة الحدة: ممنوع يا انسه.

نظرت هي لعين ياسين وصوبت سهم عشقها الذي توجه لقلبه مباشرة إخترق حصونه المانعة، شعر بقشعريرة تسري بجميع أنجاء جسده إنتفض قلبه وانتفض جسدة بالكامل
وتحدثت هي بإستعطاف ونظرة ترجي مع إبتسامة مهلكة هزت كيانه: من فضلك الباص بتاع كليتنا هيتحرك وهيفتنا لو منزلناش حالا بليز.
تحدث عمر بحدة: قولت مش هينفع يا انسه.

جاهد ياسين بإخراج صوته وذلك بفضل حالة إرتباكه وسحره من تأثير عيناها الصائبة وتحدث ناظرا لها: سيبهم يا عمر.
دلفت سريعا هي وصديقتها داخل المصعد ثم نظرت له وتحدثت بإبتسامة شكر وعرفان أذابت بها ما تبقي من قلبه: ميرسي أوي لذوق حضرتك.
نظر لها بعيون مسحورة وابتسم وأماء لها برأسه بإحترام.
تحدثت صديقتها بلوم: ربنا يستر ونلحق الباص قبل ما يتحرك، يعني كان لازم تنسي الفون بتاعك يا تايهة هانم.

تنهدت وتحدثت بيقين: قدر الله وماشاء فعل.
كانت تقف بمقابلة وجهه وتنظر للأسفل عيونها تشع حياة وروحها مفعمة بطاقة إيجابية هائلة حتى أنها وبمجرد دلوفها المصعد إنتشرت تلك الهالة ونشرت حالة سعادة أسعدت بها قلبه.

نظر لوجهها وانتفض قلبه وشعر بهزة عنيفة داخل أوصاله، وبدأت دقاته تعلو في شعور ولأول مره يغزو روحه، تعلق بصره بعيناها التي تنظر أسفل قدميها على إستحياء أثاره، نظر لملامح وجهها البرئ الذي يخلو من مساحيق التجميل التي أصبحت منتشرة في زمننا هذا
إنتفض قلبه وارتعب حين توقف المصعد وخرجت هي وصديقتها بلمح البصر وأخذا بالركض السريع علهما يلتحقا بباص جامعتهم.

خرج من المصعد ينظر إليها وتسوقه ساقيه خلفها كالمسحور، نظر على تلك التي سرقت قلبه وغادرت دون أن تبالي بحاله ولا حتى تلقي عليه نظرة الوداع،
إستقلت الباص وجلست بجوار النافذة تحرك الباص تحت أنظار ذلك المسحور المطل على حوريته وهي تبتسم وتنظر للمكان وكأنها تودعه
تحمحم عمر وتحدث على إستحياء من حالة ياسين فأراد أن يخرجه من تلك الحالة التي لا تليق برجل بمركز ياسين
وتحدث: هو فيه حاجة يا باشا؟

أفاق ياسين على صوت عمر ولكنه لم يجبه وتحرك إلى وقوف رجال أمن الحراسة وتحدث: تبع إيه الباص إللي لسه متحرك ده يا رجالة؟
أجابه أحد الرجال بإحترام: دول طلبة كلية إعلام جايين في زيارة تدريب تبع كليتهم للإدارة يا باشا.
حك ياسين ذقنه وتحدث بإهتمام: تبع جامعة إيه يا أشرف؟
أجابه الرجل: جامعة إسكندرية حضرتك.

نظر ياسين إلى عمر قائلا بطريقة امره: عمر عاوز أجي بكرة ألاقي تقرير مفصل على مكتبي بأسماء وصور وأماكن سكن كل الطلبة إللي حضروا التدريب النهاردة مفهوم يا عمر.
أجابه عمر بطاعة: إعتبره حصل يا باشا.

ليلا داخل الإستراحة الموجودة بحديقة فيلا رائف
كان يجلس ياسين بصحبة رائف وطارق يحتسون مشروبا ساخنا ويتسامرون، نظر طارق إلى رائف وهو يغمز بعينه ويشار بها!
نظرا إثنتيهما إلى ياسين الجالس فوق المقعد مبتسم على غير العادة بعيون سارحة في الملكوت
تحدث رائف بتساؤل: مالك يا ياسين من ساعة ما قعدنا وإنت مبلم ومبتسم ومزبهل كده لدرجة إن إللي ميعرفكش يقول عليك بتحب؟

نظر إلى رائف وابتسم ووضع يداه خلف رأسه ناظرا أمامه بشرود وتحدث: هو ممكن الواحد يحب واحدة من مجرد نظرة لعنيها؟
إعتدل طارق وتحدث بتسلي: ده شكله الموضوع كبير بقي هو الباشا بتاعنا وقع ولا إيه؟
إبتسم لأخاه وتحدث بعيون لامعة نابضة بالعشق: والله شكلي وقعت ولا حدش سمي عليا يا طروق، وأكمل بعشق: عارف لما تبقي ماشي في ليل ضلمته مابتنتهيش وفجأة وبدون سابق إنذار تلاقي شمش طلعت ونورت لك طريقك وحياتك كلها،.

وبدأ بقص ما حدث وما شعر به قلبه المسكين من حوريته الجميلة، وأكمل بنبرة حماسية: من بكرة هقلب إسكندرية كلها عليها لحد ما ألاقيها ووقتها بس محدش هيقدر يخرجها من حضني هخليها تحبني وتدوب فيا زي ما دوبتني فيها
ثم ابتسم وأكمل بثقة: ده إذا ماكانتش دابت فيا أساسا نظرت عيونها حلوة حلوة أوي وبتشع حياة مش معقول هكون إتهزيت وحسيت بالشعور الجبار ده لوحدي أكيد هي كمان سهم عيوني صاب قلبها، أكيد إن شاء الله.

تحدث رائف بتعقل: هو أنت فعلا خلاص هتطلق ليالي يا ياسين؟
تحدث ياسين بطريقة عملية: ليالي دي غلطة نتيجة تسرعي وتهوري في إختيار الشريك الغلط يا رائف أنا خيرتها بين إنها تلبس الحجاب وبين الطلاق وللأسف إختارت الطلاق،
ثم إلتفت بجسده لرائف وتحدث بأسي: تخيل يا رائف إنها وافقت تديني سيلا بعد الإنفصال كده عادي بشرط إني أئمن لها مستقبلها بقرشين علشان تقدر تكمل على نفس المستوي،.

تفتكر واحدة بتستغني عن بنتها إللي لسه مكملتش 3 سنين قصاد حريتها ولبسها المتحرر وشعرها تستاهل إني أعمل حسابها ف حياتي أساسا ولا دي عقلية أقدر أئمن على نفسي وبنتي معاها دي بنت فاضية من جواها أهم حاجه عندها جمالها وحياة الرفاهية إللي عايزة تعيشها على حسابي،.

ثم تحولت عيناه بلحظة لنظرات هيام وأكمل حديثه بصوت حنون: وبعدين يا رائف أنا بجد حبيت أنا أول مرة قلبي يدق وأعرف يعني إيه حب وكل ده من نظرة واحدة أمال لو إتكلمت معاها وبصت في عيوني وقالتلي بحبك ولا،
وابتسم وأنار وجهه ولمعت عيناه بحب وأكمل: ولا ضمتها في حضني تفتكر وقتها هحس بإيه؟

وابتسم بسعادة وأكمل: ده أتاري الحب ده طلع حاجة حلوة أوي بيدخل قلوبنا بيغسلها من أخطائها وينور لنا ضلمة حياتنا إللي عيشنا فيها كتير.

تحدث طارق بأسي: مش عاوزك تاخد الأمور ببساطة كده يا ياسين منال هانم مش هتسيب موضوع ليالي يعدي من بين أديها بسهولة كده، أنا سمعتها بوداني إمبارح بتقول لأبوك على جثتي لو الطلاق ده حصل عز باشا قالها البنت مستهترة ومش هتنفع تكمل مع ياسين قالتله دي لسه صغيرة بكرة تعقل وتعرف مصلحتها وانا هفضل وراها وهعلمها.

أجابه رائف بإعتراض: بس يا طارق الحب بيجيلنا مرة واحدة في حياتنا وإن ما مسكناش وتبتنا فيه أوي نبقي أغبية وبنخسر نفسنا وحياتنا إللي جايه كلها،
ثم نظر إلى ياسين وأكمل محفزا إياه: وأنا إللي حسيته من كلامك واللي شفته في عيونك وإنت بتحكي عن البنت بتاعت الاسانسير دي بيقول إنك عشقت ودبت يا باشا فنصيحتي ليك إنك تدور عليها وتتجوزها وعيش إللي جاي من حياتك معاها علشان إنت بجد تستاهل تحب وتتحب يا ياسين،.

ثم حول بصره إلى طارق وتحدث: خلينا صرحة مع بعض يا طارق ليالي وياسين زي الشروق والغروب الإلتقاء بينهم صعب ومستحيل،
ياسين راجل شديد وحكيم ومنظبط في حياته وبحكم شغله الصعب محتاج لست لينة وهادية تحبه وتقدره وتقف في ظهره، ست لما يرجعلها أخر اليوم تمتص تعبه وتنسيه إللي شافه بره مش تكون عاتق على ظهره.

وأكمل: ليالي واحدة مخلفه بنت ومتعرفش عنها أي حاجة أصلا وكلنا شايفين ده بعيونا، سيباها لعمتها وللناني وطول الوقت ياإما في النادي مع صاحباتها أو بتعمل شوبينج،
ده طبعا غير خناقاتهم إللي مابتخلصش علشان سفرها لوحدها إللي عاوزة تروحه مع صاحباتها وياسين بيمانع يبقي العقل بيقول إن الخسارة القريبة مكسب يا طارق، أخوك مش هيفضل مكمل حياته في مناوشات وخناقات ليالي اللي مابتخلصش،.

ثم نظر مبتسما لياسين الذي ينظر له بإبتسامة ونظرة إعجاب لتفكيرة الناضج الذي يسبق سنه وتحدث رائف: أنا عن نفسي مش هتجوز غير عن حب ويوم ما ألاقيه همسك فيه ومش هسيبه غير بموتي.
تحدث طارق بطريقة عقلانية: طب لو ماما صممت على رجوع ليالي؟

أجابه ياسين ببرود: تتفضل ترجع أنا مش ممانع بس هترجع زوجة تانية، هتجوز إللي حبيتها وهعيش حياتي معاها أنا عمري هعيشه مرة واحدة ولازم أدور على راحتي مع واحدة بحبها وبتحبني مش هربط حياتي أنا بواحدة أنانية كل إللي يهمها راحتها وسعادتها هي وبس،
ثم وقف بإنتشاء وتحدث: أنا طالع أنام وبكرة الصبح هعرف كل حاجة عن حبيبتي تصبحوا على خير.

اليوم التالي على التوالي كان يجلس فوق مقعد مكتبه يمسك بيده تقريرا عن فتاته التي إخترقت قلبه بسهم عشقها،.

نظر لصورتها وتحدث بهيام و ابتسامة حب: مليكة سالم عثمان أهلا بك مليكتي داخل قلبي العاشق، أنرتي حياتي غاليتي، أه مليكة كم بريئ وجهك يا فتاة ساحرة عيناكي ومبتغاي، أشعر أنكي ستكونين لي داري ومقداري، سكني وسكينتي، هدوئي وجنوني، سأعيش معكي عمري الضائع قبلك، سأجعلكي تذوبين عشقا بي، ستعشقينني مليكة وهذا وعدي لكي أميرتي.
أفاق من شروده على خبط فوق باب مكتبه أمر الطارق بالدخول دلف للداخل صديق له يدعي أمير.

جلس أمير وتحدث: جهز نفسك ياباشا لسه جاي من مكتب رئيس الجهاز وقالي أبلغك إننا هنسافر بكرة على السويد في المأمورية إللي كان بلغنا بيها من كام يوم
إقشعر وجه ياسين وتحدث بضيق: يا نهار أبيض ده أنا نسيت الموضوع ده خالص أكيد السفر بكرة؟

أجابه أمير بإيماء: طبعا يا ياسين أكيد بقولك لسه خارج حالا من مكتب الريس وأكيد هيبلغك بنفسه دلوقتي، المشكلة دلوقتي مش في السفر يا ياسين المشكلة في المدة الريس قال لي إحتمال المدة توصل ل أربع شهور أو أكتر.
زفر ياسين بضيق واقشعرت ملامحه ودق بقلمه على مكتبه.
بعد ساعتين كان يجلس بمقعد سيارته أمام جامعتها ينتظر خروجها ليراها ويخمد أنين قلبه الذي لم يصمت لحظة منذ البارحة حين التقاها داخل المصعد،.

كان مصوبا عيناه على بوابة الخروج وفجأة ظهرت أمامه بجمالها وبلحظة صنعت هالة من السحر حولها، إنتفض قلبه وارتعش جسده بسعادة، قفز قلبه من مكانه ود لو يتركه ويطير إليها يحتضنها ويشدد من ضمتها ليهدئ ولو قليلا،
كانت تخرج وسط صديقاتها وتبتسم بسحر لم يري مثله بكامل حياته
مميزة أنتي محبوبتي
كانت ترتدي ثوبا فضفاضا ممتزج من اللونين الأبيض والأزرق وترتدي حجابا أبيض في مظهر أظهرها كملاك له هالة وطلة،.

تنهد براحة وانتشاء وهو ينظر لعيناها الساحرة، ياالله كم أنتي بريئة معشوقتي؟ ماذا فعلتي بي أيتها الصغيرة؟
من أين لكي كل هذه السلطة كي تضعي قيودك فوق قلبي وتجعليه مسكينا ومنصاعا هكذا لأمر عشقك؟
أحبك صغيرتي أحبك بل أعشقك، كيف ومتي حدث هذا؟
أنا لا أدري،.

تحركت بخفة ورشاقة تحت أعين ذلك العاشق المسكين إستقلت سيارة مستأجرة كانت تنتظرها ومكثت بالمقعد الخلفي بجانب النافذة وانطلق السائق، وانطلق ياسين خلفها منساقا لأمر قلبه العاشق،
إقترب من سيارتها وجدها ساندة برأسها على زجاج النافذة وقد بدأت السماء بنزول قطرات المطر الجذابة، إبتسمت بسعادة فائقة وأنزلت زجاج النافذة ونظرت بفرحة ومدت يدها بحركة طفولية تستقبل بها قطرات المياه العذبة،.

كان كل هذا يحدث أمام ذلك المبتسم سعيد القلب والوجه،
ود لو يوقف سيارتها ويندفع إليها وينزلها ويحتضنها ويرفعها بين يداه ويدور بها تحت قطرات المطر بسعادة، لكنه تمالك من حاله بصعوبة،
وأجل لحظات جنونه لحين عودته من سفره المفاجئ الذي لم يكن بالحسبان،
ضل يراقبها حتى توقفت سيارتها ونزلت منها وتحركت لداخل عقار سكنها ودلفت وبلحظة أختفت عن عيناه،.

حينها صرخ قلبه مطالبا إياه بالهرولة خلفها تمالك حاله لأبعد الحدود وقاد سيارته عائدا إلى منزله كي يحضر حقيبة سفره المفاجئ تحت صياح منال التي طالبته بإرجاع ليالي قبل سفره لكنه كعادته لم يعر حديثها إهتمام وأبلغها أنه إنتوي طلاق ليالي حين عودته من سفره،
سافر ياسين ومكث بسفره هذا ما يقارب على الأربعة أشهر،.

وطيلة هذه المدة لم تغب فتاته عن خاطره، كانت صورتها محفورة بذاكرته، إبتسامتها الجذابة، عيناها الساحراتان، صوتها العذب، رقتها الغير معهودة لديه، وطيلة هذه المدة كان يذهب لصانع جواهر فريدة إستمع بوجوده هناك وطلب منه صنع خاتم فريد النوع حتى يقدمه لخطبة فتاة أحلامه بعد أن إستعلم عن مقاسها بطرقه الخاصة،.

إنتهي ياسين من مهمته بنجاح باهر كالعادة ورجع إلى أرض الوطن وكالعادة لم يخبر أحد بموعد رجوعه لسرية وحساسية موقعه
هبط هو ورجاله من طائرتهم الخاصة بالجهاز إستقل سيارته التي كانت داخل جراج المطار، لم يستطع صبرا على رؤيتها فكفي على قلبه البعاد فقد تحامل كثيرا عليه وحان الان أن يلبي ندائاته وصراخه المستديم مطالبا برؤيتها واحتضان قلبها،.

إنتوي أن يتحدث معها اليوم، قرر أن يقف أمامها وبكل جرأة يعلن لها عن ما فعلته به تلك الساحرة الصعيرة ويطلبها لكي تصبح شريكته بمشوار حياته،
وصل إلى مقر جامعتها إنتظر وانتظر حتى جاء موعد خروجها
وهلت شمس الحياة مرة أخري عند رؤياها، كانت تشبه ملاك بطلتها البريئة البهية، نظر عليها وصرخ قلبه مطالبا إياه بالذهاب إلى حضرتها، إبتسم تلقائيا وانتفض داخله، إرتعش جسده ودق قلبه بأعلي وتيرة له،.

هم بالنزول وكاد أن يفتح باب سيارته لكنه تسمر مكانه وتخشب جسده عندما رأي رائف يقترب عليها بعيون سعيدة ووجه مبتسم،
قابلته هي بنظرة عين لفتاة عاشقة حتى النخاع، مد لها يده واحتضنت الأيادي وتقابلت العيون وتحدثت بلغة العاشقين،
كل هذا كان يحدث أمام ذلك المصدوم مما تراه عيناه، ضل ساكنا الجسد والملامح ينظر عليهما بقلب ممزق وعقل مشوش يرفض تصديق ما تراه عيناه،.

بعد مرور بعض الوقت صعدت مليكة سيارة الأجرة التي تستقلها يوميا تحت أنظار رائف العاشقة،
إنسحب من المكان بخيبة أمل مما رأته عيناه ولكن بقي داخله جزء يرفض التصديق ويمده بالأمل الكاذب، رجع لمنزله وصعد لجناحه أخذ حماما ساخنا وجلس يفكر فيما رأه بقلب حزين.

داخل مسكن ليالي كانت تجلس منال وشقيقها أحمد وقسمت زوجة أحمد وليالي
تحدثت ليالي بكبرياء ونبرة متعالية: ريحوا نفسكم رجوع تاني لياسين أنا مش هرجع أنا أصلا خلاص مبقتش طايقة العيشة معاه،
ده واحد مغرور وعاوز الدنيا كلها تمشي على مزاجه أنا خلاص إتفقت معاه هيأمن لي مستقبلي وياخد بنته يربيها براحته من غير مشاكل.
تحدثت منال بغضب: إنتي مش مكسوفة من نفسك وإنتي بتقولي بنته؟
أشارت لها بيدها بتأفأف.

تحدث أحمد بعقلانية: طب أنا عندي إقتراح أنا شايف إنك تلبسي الحجاب لحد مايهدي وبعدها إبقي إقنعيه واخلعيه عادي.
نظرت له قسمت وتحدثت بإستعلاء: إيه التخاريف إللي إنت بتقولها دي يا أحمد أنا بنتي تلبس القرف ده وتدفن جمالها وشبابها تحت حتة قماشة وليه ده كله علشان ترضي راجل عينه زايغة وكل يوم والتاني ف حضن واحدة شكل.

نظرت منال بغضب إلى ليالي التي إبتلعت لعابها بخجل وتحدثت بحدة: أوام جيتي بخيتي سمك وحكيتي لمامتك والله عيب عليكي.
تحدث أحمد مستفهما: هي إيه الحكاية بالظبط؟
أجابته قسمت بإستهزاء: الحكاية إن بنتك أجرت واحد من شركة أمن كبيرة علشان تشوف البيه المحترم بيقضي معظم وقته فين وسايبها واكتشفت إن البيه عنده شقة سرية وشهريا على الأقل بيتجوز فيها واحدة عرفي.

إنتفضت منال بغضب وتحدثت: طب ولما بنتك جت وقالتلك على السر الخطير ده مسألتهاش جوزك بيعمل كده ليه وإيه اللي باعده عنك كده؟
وأكملت بقوة: أنا بقي أقولك يا قسمت الهانم طول الليل حاطة ماسكات ولفة شعرها وجايبة البنات يعملولها باديكير ومانيكير علشان تخرج تاني يوم في أبهي صورة قدام صاحباتها وتبهرهم بجمالها إللي مالوش زي،.

الهانم اللي مقضيه وقتها ما بين النوادي والشوبينج وعندك هنا وراميه بنتها للشغالين، الهانم متعرفش حاجة عن جوزها ولا بتشوفه غير لما تحتاج فلوس لطلباتها إللي مبتخلصش،
وأكملت بغضب عارم: إبني عمره ما كان كده، إبني معملش كده غير بعد ما عاشرك، وكأنه بيدور على الست اللي ملقهاش فيكي ياسين بيدور على الحب والإهتمام إللي للأسف ملقهوش عندك،.

وإنتي بدل ما تفوقي بعد إللي عرفتيه وتحاولي تصلحي من نفسك وتقربي من جوزك جاية تفضحيه وتفشي سره عند مامتك!
ثم نظرت لها ولقسمت وتحدثت: ونصيحة مني يا قسمت إنتي وبنتك بلاش ترغوا ف الكلام ده علشان ياسين لو عرف أنا نفسي مش هقدر أقف قدام غضبه واللي هيعمله معاكم.
وقفت قسمت وتحدثت بكبرياء: إنتي بتهدديني يا منال.
وقفت منال وحملت حقيبتها وتحدثت بحدة: إحسبيها زي ما أنتي عاوزة،.

ونظرت إلى ليالي وتحدثت: يظهر إني غلطت من الأساس إني رشحتك لإبني وشكرت له فيكي وغشيته، بس ملحوقة مش عاوزة تطلقي النهاردة ورقتك هتكون عندك وأنا بنفسي إللي هبعتها لك على هنا ويكون في علمك أنا إللي منعت ياسين إنه يطلقك طول الفترة اللي فاتت.

تحركت وكادت أن تخرج جرت خلفها قسمت وتحدثت بتراجع: إهدي يا منال الأمور متتاخدش بالطريقة دي وبعدين طلاق إيه إللي بتتكلمي عنه، إحنا مش عاوزين طلاق كل اللي عاوزينه إن ياسين يهدي على البنت شوية ويسيبها بحريتها ويتراجع عن فكرة الحجاب دي كمان.
إبتسمت ساخرة وتحدثت: قصدك إنتي وبنتك عاوزين راجل تحركوه بالريمود كنترول للأسف يا قسمت الراجل اللي بتدوروا عليه مش ياسين المغربي خالص.

تحدث أحمد بإنكسار: ويرضيكي بنت أخوكي تاخد لقب مطلقة وهي لسه في أول حياتها إنتي كده بتقضي على مستقبلها يا منال.
نظرت له بإستغراب وتحدثت: أنا يا أحمد اللي بقضي على مستقبلها! دي بنتك من جبروتها ياسين بيهددها علشان تتراجع وتسمع كلامه وبيقول لها لو إطلقنا سيلا هتبقي معايا،.

ردت عليه بكل برود وجبروت قدام عز وقالتله وأنا موافقة لكن بشرط تأمنلي مستقبلي دي خلت رقبتي قد السمسمة في وسطهم وف الأخر تقولي انا إللي بدمر مستقبلها ده أنا ربنا يعلم بعمل إيه علشان أغطي على فشلها قدام ياسين وإهمالها في بنته.

بعد ذهاب منال دلفت قسمت غرفة ليالي وجدتها تستمع إلى موسيقي غربي وتتراقص وتتمايل بجنون أغلقت قسمت مشغل الموسيقي وتحدثت لإبنتها: فوقي لي كده وأسمعي الكلام إللي هقولهولك ده كلمة طلاق دي مش عاوزة أسمعها منك نهائي مفهوم، بقي عاوزة تسيبي العز ده كله وتيجي تقعد لي هنا.

تأفأفت ليالي بملل وتحدثت: يووو يا مامي متزهقنيش بقي صدقيني إللي إسمه ياسين ده مينطقش ده تقله ومغرور وكفاية إنه حارمني من المتعة الوحيدة اللي بحبها وهي السفر مع صاحباتي، يا مامي أنا طول الوقت حاسة إني أقل من صاحباتي، ممنوع أسافر زيهم ممنوع أسهر لوحدي معاهم، يا مامي حسي بيا أنا مخنوقة أوي لا وكمان عاوزني أقعد وأكون خدامة لبنته،.

وأكملت بإشمئزاز: ده أنا لحد النهاردة مش قادرة أنسي أنه أجبرني أرضع أيسل من صدري وبوظ لي شكله وشكل جسمي كله وقعدت فترة طويلة أتمرن لحد مارجعت جسمي لشكله تاني بجد يا مامي العيشة معاه صعبة جدا.
تحدثت قسمت بجدية: يمكن ياسين صعب وراجعي ومتحكم شوية، لكن مش هتلاقي واحد يحقق لك كل أحلامك ويصرف عليكي بالبزخ ده زيه، وبعدين متنسيش إنك لو إطلقتي فرصتك في الجواز من حد كويس هتكون ضئيلة جدا.

وكمان بنتك إللي إنتي سايباها دي إيه مفكرتيش فيها مبتحنيلهاش أنا مش فاهمة أصلا إزاي قادرة تقعدي من غيرها كده؟
زفرت بضيق وتحدثت: ما عمتو بتجيبها لي كل فترة أشوفها يا مامي ده أنا يمكن بشوفها هنا أكتر ما كنت بشوفها هناك.

تحدثت قسمت بحزم: ليالي إعقلي بقي وفكري في مصلحتك ومصلحة بنتك، ده ياسين المغربي يعني المستقبل والفلوس كلها، ده بيترقي بسرعة الصاروخ، ولا مكافاته وامتيازاته اللي شغله مديها له، أخر كلام مفيش طلاق وهترجعي معاه وأنا هخلي بابي يقنعه بإنه يلغي فكرة الحجاب دي.

زفرت ليالي بغضب وتحدثت: وبالنسبة لجوزاته اللي عرفتها دي كلها لو اتعرفت للناس تقدري تقولي لي شكلي هيكون عامل إزاي، هيقولوا لي لي العشري بجمالها وسحرها جوزها سايبها ورايح يبص لغيرها؟

أجابتها قسمت بحذر: تعاملي مع الوضع ولا كأنك عرفتي حاجة أولا لأن ياسين لو عرف هيخرب الدنيا زي ما عمتك قالت، متنسيش انه في مركز حساس وإنتي وبكل غباء روحتي سلمتي كل بياناته وتحركاته لشركة أمن خارجية وبسهولة جدا ممكن توصل كل اللي عرفته عنه للجهات عندهم، إنتي أصلا المفروض تحمدي ربنا إنه معرفش،.

ثانيا بقي وده المهم إن ياسين حريص جدا يعني محدش يعرف بعلاقاته دي ولا هيعرف وبكده تطمني من جهة شكلك قدام الناس وترجعي تعيشي ملكة وتستفادي على قد ما تقدري بمركز ياسين وفلوسه وده أخر كلام عندي يا لي لي فاهمة؟
زفرت بضيق وهزت رأسها بإيماء مجبر.

مساء
كان ياسين يجلس داخل حديقته بعقل شارد يفكر بقلب ممزق فيما شاهده، وجد رائف أمامه وقف واحتضنه بتيهة
وتحدث رائف بإبتسامته البريئة: إيه يا أبني فينك من وقت ما وصلت جيت لك مرتين وسألت عليك قالو لي نايم إيه مكنوش بينيموك هناك ولا إيه؟
كان ينظر له بقلب يتوجع من شدة الألم كاد أن يسأله ولكن رعبه من تأكيد ما راه بأم عينه منعه،
جلس رائف وتحدث بنصف عين: مالك يا ياسين فيك حاجة متغيرة إنت تعبان؟

أجابه ياسين بإقتضاب: مفيش مرهق شوية من الشغل.
أجابه رائف بإهتمام: سلامتك يا حبيبي،
ثم إبتسم رائف بسعادة وبلحظة لمعت عيناه وأمسك يده وتحدث: لقيتها يا ياسين لقيت نصي التاني.
نزلت الكلمة على قلبه المسكين قطعته إربا ومزقته، جاهد في إخراج صوته وتحدث: عرفتها إزاي وإمتي يا رائف؟

أجابه رائف بعيون لامعة: بعد ما أنت سافرت بحوالي إسبوعين كان عيد ميلاد واحدة صاحبتها كنت يومها سهران ف الكافيه اللي فيه العيد ميلاد وببص حواليا لاقيتها واقفة لما عيني جت في عينيها حسيت بكهربا لمست في جسمي كله،
ثم أكمل بهيام: عيونها حلوة أوي يا ياسين، عيونها سحرتني وشدتني لدنيا عمري ما عرفتها غير معاها عيون مليكة.
نزلت كلماته كصاعقة كهربائية على قلبه تمالك من حاله وتحدث: وهي بتحبك؟

أجابه بعيون عاشقة: ما بتنامش غير لما تسمع صوتي وجودي بقي بالنسبة لها الحياة،
ثم أكمل: كنت مستنيك ترجع علشان أحكي لك عاوزك تبقي معايا وأنا بكلم عمي عليها، أكمل رائف: بعد شهرين أخوها هييجي من السفر و ونروح نخطبها بقيت بحلم باليوم إللي تكون فيه ملكي يا ياسين أخوك داب وعشق ولا حدش سمي عليه.
تمالك حالة ووقف وأمسك يده وسحبه داخل أحضانه وربت على ظهره بحنان قائلا: مبروك يا حبيبي مبروك يا غالي.

في اليوم التالي على التوالي ضغطت منال على ياسين وعز حسب الإتفاق مع شقيقها وذهبوا جميعا إلى منزل أحمد.
تحدث ياسين بحدة: أنا لسه عند طلبي يا خالي شرطي للرجوع إنها تلبس الحجاب ومفيش نوادي وسهر برة البيت تاني، وتقعد في البيت زيها زي أي أم طبيعية وتهتم ببنتها.
تحدث أحمد: خلاص يا إبني ليك عليا انها متخرجش كتير من البيت وتهتم ببنتها.
تحدث ياسين موكدا: والحجاب قبل كل ده يا خالي.

تحدثت قسمة بتحدي: أنا مش فاهمة يا ياسين إيه إللي طلع الموضوع ده في دماغك مرة واحدة كده أظن إنك لما جيت تخطبها مكانتش محجبة وكنت موافق ومرحب ممكن تقولي إيه بقي إللي إتغير؟
أجابها ياسين: ربنا نور بصيرتي حضرتك وفهمت ديني كويس مش عيب إننا نغلط ونذنب، العيب هو إننا نستمر في الغلط وإرتكاب الذنوب ومنتراجعش عنها ولا إيه رأي حضرتك؟

تحدثت ليالي بضيق وتحدي: وأنا مش مستعدة أفقد جمالي وأخبيه تحت قماشة ملهاش أي قيمة عندي لمجرد تحكمك فيا!
نظر لها ياسين ببرود وتحدث: يبقي نتطلق يا ليالي.
نظرت له منال وتحدثت بغضب: مفيش طلاق هيحصل يا ياسين إهدي كده وخلينا نتفاهم بالعقل.
أجابها ياسين: مفيش تفاهم في الموضوع ده يا أمي الموضوع أساسا بالنسبة لي محسوم ومش محتاج نقاش.
كان عز ينظر لهم ويستمع بصمت تام.

نظرت له ليالي وتحدثت بغضب: هو أنت كمان إللي بتتشرط وبتهدد بالطلاق مش كفاية إني متحملة عصبيتك وتحكماتك الفاضية وشخصيتك الغريبة إنت المفروض تشكرني إني متحملاك أصلا
صاح بها ياسين وتحدث ساخرا: إنتي اللي متحملاني يابنتي أنا لولا أمي وخالي كنت طلقتك من تاني شهر إتجوزنا فيه إحنا يعتبر متجوزين على ورق يا ماما،
بلاش إهمالك ليا أنا قادر عليه تقدري تقولي لي بنتك فين من حياتك؟

ثم نظر للجميع وتحدث: هو فيه أم طبيعية تسيب بنتها اللي مكملتش 3 سنين خمس شهور وهي متعرفش عنها حاجه؟
إرتبكت ليالي وتحدثت: لا طبعا بشوفها عمتو بتجبها لي كل إسبوع مرة.
ضحك ساخرا وتحدث: لا والله كتر خيرك تاعبينك معانا إحنا يا مدام،
ونظر إلى أحمد متحدثا لينهي تلك المسرحية الهزلية بالنسبة له: خالي أنا هطلق شوف طلبات حضرتك إيه وأنا تحت أمرك في أي حاجة.

صاحت منال بغضب: قولتلك إنسي موضوع الطلاق ده خالص يا ياسين إنت عاوز تشمت الناس فيا،
ثم أحالت بصرها إلى عز وتحدثت: ماتتكلم يا عز إنت قاعد ساكت ليه؟
تحدث عز بلا مبالاة: أتكلم أقول إيه يا منال راجل ومراته بيتكلموا أنا إيه دخلي.
تحدثت بغضب: بقي كده يا عز،
وأكملت بتهديد: طب يكون ف علمك يا ياسين طلاقي من باباك مرتبط بطلاقك من ليالي إيه رأيك بقي؟

تحدث عز غاضبا: إنتي إتجننتي يا منال إيه التخاريف إللي بتقوليها دي؟
صاحت بغضب ودموع كاذبة: اللي سمعتوه بقي ما انا مش هقعد أتفرج على بيت إبني وهو بيتهد وأقف ساكتة،.

بعد مناقشات ومناورات كثيرة إتفق خاله على انه سيتحمل ذنب عدم إرتداء إبنته الحجاب أمام الله، ورغم عدم إقتناع ياسين بهذا الحديث إلا أنه وافق بعد ضغط عز ومنال عليه حتى ينهوا هذه المناقشة الغير مجدية بالنفع، ورجعت ليالي إلى منزلها بعد مكوثها بمنزل أبيها الذي طال لمدة خمسة أشهر.

بعد شهرين
كانت خطبة رائف ومليكه
إقترب ياسين من مليكة وهو ينظر لها بقلب ممزق
تحدث رائف بإبتسامة وهو يشير إلى ياسين: أعرفك بقي بأخويا الكبير وأبويا الروحي ياسين باشا المغربي وحش المخابرات إللي مشرفنا ف كل مكان.
مدت مليكة يدها بإبتسامة جذابة وتحدثت بإحترام: أهلا يا أبيه، ده طبعا لو حضرتك تسمح لي أقولها لك؟

غرست كلماتها كالخنجر البارد داخل قلبه المسكين ومد يده وهو يبتسم وتحدث: إنتي تقولي إللي إنتي عاوزاه يا مليكة مبروك.
أجابته بإبتسامة ساحرة: ميرسي كتير لحضرتك.
تمزق داخله وإنصدم من عدم معرفتها له، كيف لكي أن لا تتعرفي لتلك العينان التي ذابت عشقا عند رؤياكي؟
كيف مليكة كيف؟

عودة للحاضر
كانت تستمع له ودموعها تنذرف من عيناها بغزارة وهي تشاهد ألمه ودموعه المحتجزة داخل مقلتيه تأبي النزول إمتثالا لكبريائها، وهو يتذكر ويخرج ألم السنين الذي دفنه داخل صدره أعوام وأعوام.
إقتربت عليه وتحسست وجنتيه وتحدثت بتأثر وأسي وأسف: أنا اسفة يا حبيبي سامحني يا عمري أنا غبية، إزاي مقدرتش أشوف حبك وألمك ده كله إزاي؟

وأردفت عاتبة: وأنت يا ياسين ليه مقلتش ليا أول ما أتجوزنا ليه يا حبيبي ليه؟
هز رأسه وتحدث: مكنش ينفع يا مليكة مكنش ينفع قبل ما أتأكد من حبك ليا الأول وإلا كنت هبقي ببتز عواطفك وساعتها كنت هصعب عليكي وتشفقي عليا وده اللي عمري ما كنت هقبله على كرامتي أبدا،.

ثم نظر لها بأسف وندم وتحدث: على فكرة يا مليكة، أنا مش وحش والله أنا عمري ما كنت راجل شهواني بدليل إني عمري ما لمست ست قبل ليالي، أنا كتت بدور على إللي ناقصني صدقيني،
وهز رأسه بنفي قائلا: ومقصدش أبدا المعاشرة خاااالص أنا كنت بدور على السكن والسكينة، كنت بدور على الراحة والهدوء والحب إللي ملقتهمش عند ليالي واللي ربنا يعلم أنا حاولت معاها قد إيه علشان تبقى لي سكني وأكون لها وطن،.

لكن للأسف ليالي عاملة زي اله إلكترونية وعارفة ومحددة في حياتها إيه هي أولوياتها، ماشية بمبدأ نفسي ثم نفسي ثم يذهب الجميع إلى الجحيم،
وأكمل: أنا كنت بدور على الحب إللي لو كنت لقيته في واحدة من إللي كنت بتجوزهم كنت كتبت عليها رسمي وأعلنت جوازنا وعشت معاها ورضيت، بس للأسف ملقتهوش في ولا واحدة منهم،.

كنت بهرب من ليالي ألاقي ليالي تانية قدامي لدرجة إني إبتديت أشك إن ممكن يكون فيه ست بتحب راجل لشخصه وقلبه مش ماله ومنصبه،
ونظر لها بعيون مغيمة وتحدث: دورت كتير وكتير وأتاريني كنت بدور عليكي يا مليكة، كنت بدور عليكي بينهم،.

ثم أحاط وجهها بكفيه وقبل شفاها بقبلة سريعة واعتدل ونظر بعيناها ومازال محتضنا وجهها بعناية وتحدث بصدق: أنا من يوم ما شفتك في الأسانسير وأنا حرمت عليا جنس الستات واكتفيت بيكي في قلبي، حتى بعد ما أتأكدت إنك بقيتي محرمة عليا زي تفاحة أدم إكتفيت بحبك وخبيته بين ضلوعي بعيد عن كل العيون، حبك كان كافي يعيشني إللي باقي من حياتي في سلام.

إحتضنته بشدة ودموع وتحدثت: خلاص يا ياسين كل الألم والحزن عدي خلاص واللي جاي كله سعادة وفرحة لينا، هعوضك عن كل لحظة ألم عشتها في بعدي عنك، من هنا ورايح أنا سكنك وسكينتك، هدوئك وجنونك، أنا عشقك المولود من جديد يا حبيبي،
إحتضنها بشدة وضمها لصدره ليريح قلبه العاشق لضمتها وضلا معا يتسامران بكلام الغرام وضل يسقيها من عشقه المميز لها
عشق الياسين لمليكته.

داخل مدينة أسوان
كانت تستقل قارب صغير يتصل بشراع عالي ويجاورها ذلك العاشق الحيران مابين قلبه الذي ينبض بعشقها البرئ الذي يشبه ملامحها وبين العقل الذي يرجح بقائه مع تلك السالي حتى يفي بوعده لها وألا يطعنها بخنجر الخيانة مثلما يحدثه ضميره،
كانت تقف ممسكة بالحبال ونسمات الهواء المنعشة تداعب رموش عيناها السمراء الكثيفة
نظر إليها كالمسحور كعادته بحضرتها وتحدث: حلو أوي المركبة أم شراع دي،.

نظرت له بإبتسامتها الجميلة وتحدثت: أول مرة تركب مركب بشراع؟
إبتسم لها وأجاب: الحقيقة أه، أنا أساسا كنت فاكرها إختفت من زمان عمري ما شوفتها غير في الأفلام الأبيض وأسود.
ضحكت بوسامة وتحدثت بفخر: عندنا تلاقي كل شيئ لسه أصيل
الأرض أصيلة والنيل أصيل ولسه مايته صافية وزرقا ما أتلوستش.

والناس لسه الطيبة ساكنة قلوبهم والحب ساكن ملامحهم، عندنا تلاقي الفلاح الأصيل والأرض العفية إللي بتطرح خير يكفي ولادها ويفيض، وتلاقي الفلاحة الأصيلة وريحة خبيزها اللي بياكل منه كل شارعها
وأشارت بيدها وضحكت مكملة: والمركب لسه بشراعها وبتمشي بفخر جنب اليخت الفاخر والمطعم العائم من غير ما تتكسف ولا حتى تستخبي.
كان ينظر لها بسحر وتحدث بإنبهار وتعجب: إنتي إزاي روحك جميلة أوي كده؟

إزاي بتقدري توصفي كل حاجة وتضيفي عليها لمستك إللي بتحليها وتخليها غير!
وابتسم وتحدث: إنتي حلوة أوي يا عاليا، إنتي فعلا عاليا.
إبتسمت خجلا وتحدثت لتغير مجري الحوار: طب يلا بينا علشان نرجع إسلام وماما مستنينا هنروح أرض خالو اللي على حدود النيل، هأكلك أحلي دره مشوي وأحلي شاي عصاري دوقته في حياتك، شاي أصلي معمول على القوالح مش شاي الكاتيل اللي ملوش لا طعم ولا ريحة.

وبالفعل بعد قليل كان الجميع يجلس وسط الخضرا والماء والوجوه الحسنة، كان ممسك بكوبا من الشاي يتذوقه ويشتم رائحته وهو مغمض العينان من شدة إستمتاعه.
تحدثت إبتسام بدعابة: إيه رأيك بقي في الشاي بتاعنا يا أستاذ شريف.
أجابها وهو مبتسم وسعيد: بصراحة طعمه وهم، الفحم مدي له رونق ونكهة فريدة من نوعها، أنا أول مرة أشرب شاي بالطعامة دي.

وقفت علياء بسعادة وتحدثت بمرح: أنا هروح أقطف حبة يوستفندي من الشجر يا خالوا لحد ما تشوي لنا الدره.
وقف سريع ولم يبالي بمن حوله قائلا: هو أنا ممكن أجي أقطف اليوستفندي معاكي.
تحدث خالها بترحاب: روح يا ولدي الأرض أرضك والجنينة وأصحابها تحت أمرك.
أماء له بإحترام متحدثا بشكر: العفو حضرتك، بجد متشكر جدا.
وتحرك بجوار تلك المنطلقة المليئة بالحياة وبدأ بقطف الثمار معا.

كانت تقف على أطراف أصابع ساقيها وتعلو بقامتها في محاوله منها بالتمكن من إمساك بعض الثمار وقطفها
أمسك بفرع الشجرة المملوء ببعض الثمار وقربه منها حتى إلتصقت يداها بالثمار،
نظرت له وتاها معا ف بحور عيناهما الساحرة ضلا ينظران إلى بعضهما نظرات هائمة ودقت القلوب وتناغمت على أوتار عشقهما الوليد،
كان قلبه ينبض بشده مطالبا إياه بمصارحتها بعشقها الذي غزي قلبه، فقد أعلن القلب عصيانه وتمرد على العقل.

وما كان حالها بأفضل منه فصرخ قلبها مطالبا إياه بالرحمة، الرحمة بالله ألم يشفق علي قلبك الطاغي؟
تحدث قل لي ما يراود خاطرك؟
أحبك شريف بل أعشقك رجلي ورجل أحلامي قولها لي وأرح قلبي العاصي، نعم فقد عصاني ذلك القلب وعصي عقلي وانجرف وراء مشاعري فعشقك بجنون،
كان يشعر بها وبحيرتها وعيونها المتسائلة ولكن هو ليس بالشخص الذي يوعد بشيئ لم يتأكد بعد من حدوثه،.

حدثتها عيونه: كفي عني عيناك غاليتي فليس لدي القدرة على تحقيق مرادك الغالي فلم يحن الأوان بعد، الصبر عليائي فقط أطالبكي بالصبر صغيرتي، فلتتحملي معي فلم يعد يتبقي سوي القليل وهذا وعدي لكي عليائي.
فاقا إثنتيهما بإرتباك من تلك النظرات والعيون المتحدثة على صوت إسلام وهو يتحدث: كل ده بتقطفوا حبة يوستفندي أمال لو هتجمعوا لنا قفص كنتوا عملتوا فينا إيه؟
إبتسمت علياء وتحدثت خجلا: أنا هروح أغسلهم وهحصلكم.

تحركت سريع وتحرك شريف بجانب إسلام
وبعد قليل كان الجميع يتناولون ثمار اليوستفندي وحبات الذرة بسعادة وانتشاء مع إطلاق الضحكات لتلك القلوب البريئة التي لم تستطع هموم الدنيا على تلويثها
قضي جلستهم بين ضحكات ومرح ونظرات عاشقة منتظرين غد أفضل بإذن الله
إنتهي البارت.
إعترف ياسين بعشقه الخفي منذ الكثير، فهل بهذا الإعتراف تنتهي ألامهم وعذابهم ويبدأ حصاد سنوات الرخاء؟
أم أن للحزن بقية داخل تلك القلوب الحائرة؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة