قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قلوب حائرة الجزء الأول للكاتبة روز أمين الفصل الثامن

رواية قلوب حائرة الجزء الأول للكاتبة روز أمين الفصل الثامن

رواية قلوب حائرة الجزء الأول للكاتبة روز أمين الفصل الثامن

في الصباح
إستفاقت مليكة من نومها بوجه عابث ومزاج سيئ، وذلك لعدم راحتها بالنوم ولكثرة غضبها وإنشغال بالها بما إستمعت إليه من هذا الوليد
أمسكت هاتفها بغضب وضغطت على زر الإتصال
أتاها صوت أبيها حدثته بحزن للإستفسار منه إذا كان حقا ياسين قد طلب يدها منه، فأخبرها أباها أنه بعد قليل سيأتي إليها بصحبة والدتها للتحدث معها بتلك الأمر وتفسيره لها.

أغلق سالم معها وهاتف ياسين وأخبره بما حدث، وأخبره أن وليد قد قص على مليكة وثريا ما حدث بالأمس، وطلب منه المجيئ إلى منزل رائف ليجتمعوا ويفسروا الموقف برمته إلى مليكة ويضعوا النقاط على الحروف بما أنها علمت.

في منزل نرمين تجلس بجانب زوجها وهو يحتسي قهوة الصباح
نظر لها محمد بتوتر وتحدث على إستحياء: بقول لك إيه يا حبيبتي، ايه رأيك نروح نتغدي عند مامتك إنهاردة ونقضي معاها طول اليوم وبالمرة تفرح بوجود علي معاها، بصراحة حالتها كانت تقطع القلب يوم السنوية ومن وقتها وأنا عاوز أروح أطمن عليها.
كانت ترمقه بنظرات ثاقبة لعلمها ما يدور بداخل مخيلته المريضة، فهي تعلم علم اليقين أنه يشتاق غريمتها وبغيضة عيناها.

ولكنها تكتم غيظها داخلها ولا تستطيع البوح له بما تعلمه
أجابته بحدة بالغه: ملوش داعي يا محمد وما تشغلش بالك بماما وأطمن أنا بكلمها كل يوم وبطمن عليها في التليفون.
نظر لها فهو يعرف سبب رفضها جيدا وأنها تغار من وجوده في حضرة مليكه فتحدث بلؤم: هو فيه أيه يا نرمين، إنت ليه معتبراني واحد غريب عن أهلك ودايما حاطه بينا حيطه سد؟

وأكمل مستفزا لعاطفتها المفروض إن بعد رائف الله يرحمه ما أتوفي أكون أنا بديل ليه عند مامتك وأروح دايما أطمن عليها وأشوف طلباتها، مش الأصول بتقول كده ولا أيه؟

أجابته بإبتسامه ساخره وأردفت قائلة بنبرة متهكمة: طالما جبت سيرة الأصول يا محمد فاحب أقول لك إن الأصول بتقول إنك مينفعش تدخل بيت فيه واحده أرمله ولسه في عز شبابها، وكمان الأصول بتقول إن الأولي بخدمة ماما هو ياسين وطارق ولاد عمي إللي ماما مربياهم في بيتها ويعتبروا أولادها،
وأكملت بنظرة ثاقبه هي دي الأصول الصح يا محمد إللي أتربينا عليها ولازم نمشي عليها.

وقف هو وتنحنح قائلا بنبرة غاضبة: إنتي حره أنا كان قصدي شكلك يبقي كويس قدام مامتك لما جوزك يبقي مهتم بيها، لكن طالما ده بيزعلك فانتي حره،
وأمسك حقيبة عملة وتحدث بضيق سلااااام.
نفخت بضيق بعد خروجه وحدثت حالها بغل وقلب حاقد: مليكه، مليكه، متي ستتركيني وشأني أيتها اللعينه، لما تقفزين أمامي بين الحين والأخر كشبح لعين؟
متي سأتخلص من ظلك الذي يلازمني ويؤرق على حياتي وراحتي أينما ذهبت؟

وأكملت بنبرة حقودة أكرهك مليكه، أكرهك ولو بيدي الأمر لخفيت ظلك من الوجود بأكمله، أذاقك الله مرا فوق مرك وألاما فوق ألامك وحزنا وحرمانا حتى أشفي غليلي ناحيتك أيتها الحقيره!

داخل فيلا رائف
بعد مده من الوقت، كان سالم وسهير وشريف وثريا ويسرا ومليكه مجتمعين ويتحدثون سويا
مليكه وهي تنظر بذهول إلى والدها وتتحدث بنبرة حزينة مذهوله: يعني أفهم من كلام حضرتك إنك موافق يا بابا؟
أردف سالم قائلا وهو يحاول تبرير موقفه لإبنته: يا مليكه إفهميني أنا أب ومن حقي أطمن على بنتي وولادها من حقي أشوفها في حمي راجل يصونها ويحافظ عليها هي وأولادها.

أجابته مليكه بنبرة حزينة وعيون متألمه: إنت وشريف رجالتي يا بابا وبكره ولادي يكبروا ويبقوا سندي وحمايتي.
نظر لها سالم وتنهد بألم وتحدث بتعقل: يا مليكه إفهمي يا حبيبتي ما ينفعش قعدتك هنا من غير جواز إنتي في وسط عيله غريبه ومش من الطبيعي إني أسيبك هنا ورجالة عيلة المغربي طالعين داخلين في البيت بحكم إنه بيتهم
وأكمل مبررا وأنا طبعا مليش الحق ومقدرش أمنع حد يدخل، لكن كمان مش هقبل إنك تقعدي هنا لوحدك.

تحدثت سهير وهي تحاول إقناعها: يا حبيبتي محدش بيسيب حد في حاله ده أنا من شهر بالظبط منيره جارتي بتقول لي هو سالم بيه سايب مليكه قاعده ليه هناك لحد الوقت، قالت لي إنه ميصحش قعدتها هناك وخصوصا إنك لسه صغيره.
كانت ثريا تستمع لهم بوجه حزين وقلب محطم على ولدها الراحل، وحزن زوجته وشتاتها، وشعرت بعجزها وتكتف أيديها أمام تلك المشكله.

أجابتهم مليكه بقوه ورفض قاطع: لكن أنا بقا مستحيل أتجوز بعد رائف، إنتوا متخيلين إنتوا بتطلبوا مني أيه؟
وأكملت بإستنكار واستغراب أنا أكيد بحلم مش مصدقاكم والله!
تحدث سالم بتعقل محاولا إقناعها: يا بنتي أنا من حقي إني أطمن عليكي، وبعدين ياسين راجل محترم، وأنا واثق إنه هيحافظ عليكي إنتي وأولادك، وواثق إنك هتعرفي مع الوقت إني إختارت لك الصح، وإحتمال تشكريني كمان.

كان ياسين قد وصل لباب الفيلا الداخلي هو وعز ولكنهما توقفا فجأه عندما شاهدوا هجوم مليكه على ياسين بالكلمات.
تحدثت مليكه بحده وعيون ثاقبه كعيون الصقر: ياسين مين ده كمان إللي بتتكلم عنه يا بابا
تفتكر إني ممكن أبص له ولا حتى أتقبل فكرة إني أبقا مراته في يوم من الأيام!

وأكملت بإحتقار، ثم إزاي البيه المحترم يفكر فيا بالشكل ده المفروض إن رائف كان زي أخوه، خلاص نسيه بالسهوله دي، أيه النداله إللي هو فيها دي، ده أنا نفسي بقول له يا أبيه، ده غير إن عمري في حياتي ماشفته غير إنه أخويا الكبير وبس، إتجنن ده ولا أيه!

تحجرت عيناي ياسين وهو يري مليكة قلبه، ملاكه البرئ، عشقه المنتظر قد هاجت وتهكمت عليه ووصمته بأبشع الصفات، إبتلع غصة في قلبه ونظر لوالده بقوه وأكملا طريقهما ودلف للداخل مع والده.
تحدث ياسين بثقه وصوت قوي كله رجوله جعلتهم جميعا يستشعرون وجوده وينظرون له بصدمه: ومين قال لك إني طلبت أتجوزك علشان شخصك يا مليكه؟
كانت تقف وقلبها يغلي غضب، حتى إستمعت لصوته القوي الذي يحمل بين طياته غضب مكتوم،.

أغمضت عيناها بخجل فهي حقا تحترم ياسين وله قدرا كبيرا من الإحترام والمعزه داخل قلبها
وأخر ما تمنته هو أن يستمع لتلك الكلمات اللازعه التي تفوهت بها بغضب، ولكن فليكن، هو الذي وضع حاله بتلك الزاويه فليتحمل إذا
إلتفتت بجسدها له ونظرت له بقوه وتحدثت بنبرة تهكمية: أمال حضرتك عاوز تتجوزني ليه يا سيادة العقيد؟
إلتقت عيناها بعيناه، كانت تنظر داخل عيناه بغضب، إبتلع غصته من تلك النظره وشعر بحسرة داخل قلبه،.

ولكنه تماسك وظهر بثبات وتحدث بقوة: علشان ولاد رائف يتربوا في بيته وفي عزه، وعلشان عمتي ثريا متحزنش ولا قلبها يتوجع على أنس ومروان، وعلشان يسرا متحسش بالعجز قدام إشتياق أمها لأولاد أخوها وهي مش قادره تعمل لها حاجه،
وعلشان رائف نفسه يكون مرتاح ومطمن على ولاده.

نظرت له بسخريه وتحدثت بتهكم صريح: لا والله ده على كده حضرتك طلعت مضحي كبير أوي يا ياسين بيه طب وياتري بقا مفكرتش ايه هيكون ردة فعلي على طلبك النبيل ده؟
وبعدين مين إللي قال لحضرتك أصلا إني هسيب بيت جوزي وأروح لأي مكان تاني،
وأكملت بنبرة قويه: أنا عشت هنا مع رائف وهعيش وأكمل حياتي أنا وولادي في بيته، ومش محتاجه لحد يقف جنبي علشان أكمل، يعني ياريت حضرتك توفر نبل أخلاقك ده لأني ببساطه مش محتجاه.

تحدث سالم بحده وقوه: أنا إللي قولت يا مليكه، ماهو أنا مش هبقا عايش في مكان وسايب بنتي وولادها في مكان تاني، وطبعا رجالة عيلة المغربي من حقهم يدخلوا الليل قبل النهار لبيت إبنهم وعلشان يطمنوا على ثريا هانم وولاد إبنهم الله يرحمه، ومليش أصلا إني أتدخل وأقول محدش يدخل،
لكن إللي أملكه إني أخدك تعيشي في بيتي علشان أكون مرتاح وأمنع كلام الناس عليكي الناس يا بنتي مبيسبوش حد في حاله.

وأخيرا تحدث عز موجها حديثه إلى مليكه قائلا بحكمة: فكري بعقلك يا بنتي تعالي كده نفسر الموضوع مع بعض بعقل، واسترسل حديثه وهو يشير إلى سالم بيده باباكي وعاوز ياخدك إنتي وولادك علشان تعيشوا معاه وده حقه طبعا منقدرش نلومه في إنه يخاف عليكي،.

وأكمل ناظرا إلى ثريا، وثريا عمرها ماهتقدر تبعد عن ولاد رائف ولو ليوم واحد، وإلا كده نبقا بنحكم عليها بالموت البطئ، وفي نفس الوقت متزعليش مني مش عيلة المغربي إللي هيسيبوا لحمهم وولاد أغلي شبابهم يتربوا بعيد عن حضننا وخيرنا، يعني من الأخر كده إنت بتخلقي بأديكي عداوه و حرب بينا وبين باباكي إللي طول عمره صديق محترم ومخلص لينا،.

ثم أكمل حديثه بثقه، صدقيني يا بنتي مفيش حل غير إنك توافقي على جوازك من ياسين وكده هتكوني ريحتي الكل.
تحدثت بحزن وألم يعتصر قلبها: إلا أنا يا عمو هكون ريحت الكل ووجعت قلبي، حضرتك فكرت في راحة الكل وإزاي ترضيهم، لكن لغيت وجودي من حسباتك، أنا فين راحتي من كل ده يا عز بيه؟
فين ألمي وإحساسي بالموت البطيئ وأنا إسمي بيرتبط بإسم راجل غير رائف؟

كان يستمع لها وجسده بالكامل متشنج من حديثها المؤلم لقلبه، كانت تنطق بكلماتها ولا تبالي بالحاضر أمامها ويتألم من داخله بصمت.
نظر لها بألم وحدث حاله، ألهذا الحد لم تبالي بي وبوجودي مليكه! كنت أظن أن لي بقلبك مكان، كم أنت أحمق يا فتي، ما الذي كنت تظنه أيها الأحمق؟
أكنت تظنها ستأتي إليك مهرولة فاتحه ذراعيها تحتضن عرضك السخيف بالنسبة لها، أم ظننت أنها تبادلك شعورك الغبي ذاك.

تحدثت يسرا مترجيه سالم بدموع مميته: حضرتك يا سالم بيه إللي في أيدك حل المعضله دي، أرجوك شيل من دماغك فكرة إنك تاخد مليكه وولادها يعيشوا معاك، وبعدين صدقني كل إللي حضرتك بتقوله ده مبقاش يحصل، الدنيا اتغيرت مبقتش زي زمان، ومحدش الوقت بقا بيتكلم ويفكر بالطريقه دي
ويعني لو حضرتك متضايق من دخول قرايبنا إحنا ممكن نحل الموضوع ده بإن أنا وماما إللي نروح نزور أعمامي مش هما.

تحدث سالم بخجل: وهو ده يابنتي ينفع عاوزاني أتحكم في بيوت الناس وأحدد من يدخل ومين لاء مينفعش طبعا دي مش أصول وأنا راجل متربي على الأصول وعمري ما أقبل كده على نفسي.
تحدثت مليكه بحده ودموع إنهمرت فوق وجنتيها بمرارة: يعني حضرتك عاوز أيه دلوقتى ماهي يسرا حلت لحضرتك الموضوع أهو ممكن بقا تفهمني رافض ليه؟

أجابها سالم بصوت حاد مستنفذا صبره: مليكه أنا قولت إللي شايفه صح من وجهة نظري كأب خايف على بنته، ومن ناحية الدين ونظرة المجتمع والناس هو ده الصح بالنسبة لي،
وأكمل بحزم دلوقتى قدامك حلين ملهومش تالت، الأول إنك تتجوزي سيادة العقيد وبكده هكون إطمنت عليكي وأنا سايبك في حماية راجل،
والتاني هو إنك تتفضلي حالا وتلمي حاجتك وحاجة أولادك وتيجي معايا تعيشي في بيتي زي الأصول ما بتقول، قولتي أيه؟

نظرت له بدموع وضعف ووهن، ثم حولت بصرها إلى والدتها وأخاها لتستنجد بهما مطالبه إياهم بالوقوف بصفها ومساندتها، ولكن للأسف خزلاها إثنتيهم ونظرا أرض ساحبين أبصارهما بعيدا عن مرمي نظرتها المترجيه
أشاحت ببصرها عنهما بغضب ثم جففت دموعها،
ونظرت لأبيها مرة أخري بقوه وتفوهت بكبرياء: وأنا بقا موافقه على الحل التاني حالا ياسالم بيه هطلع أجهز شنطي أنا وولادي.

لم يبالي أيا منهم وجود تلك الصامته الناظره لهم بوهن وقلبها يتمزق، ومابيدها حيله لتفعل شيئا إلى مليكه أو أطفال غاليها الراحل، كل الحضور أتوا ليقرروا مصير أطفال عزيز عيناها، وهي جالسه لا حول لها ولاقوه
وحين تفوهت مليكه نطق كلماتها وقرارها لم يستطع قلبها الضعيف تحمل الكثير بعد وقد أعلن عن إنهياره وعدم قدرة التحمل أكتر،.

فمالت بهدوء برأسها على كتف إبنتها دون الحديث زاحفه للمجهول فاقدة الوعي أثر نوبه قلبيه هاجمتها بشراسه أعلن بها قلبها عن إعتراضه وعدم قدرة تحمله لتلك العبئ الثقيل
إنتفضت يسرا صارخه بإسم والدتها
إنتبه الجميع وانتفضوا من مجلسهم ناظرين إلى تلك المستلقيه بإستسلام مغمضة العينان، نظرت لها مليكه وصرخت برعب واضعت يدها فوق فمها بذهول وهي تبكي.

أسرع إليها ياسين وحملها سريعا وأتجه بها إلى غرفتها وأنزلها بحرص شديد على تختها، حين هاتف عز طبيب العائله، دكتور صلاح أحد أقربائهم الذي يمتلك مشفي إستثماري قريب منهم، أتي الطبيب وبعد الفحص الجيد خرج لهم
أسرع الجميع وألتفوا حوله وتحدث عز متساءلا بنبرة قلقة: خير يا دكتور صلاح طمني ثريا هانم فاقت؟

هز الطبيب رأسه بأسي وتحدث: للأسف يا عز بيه من خلال الكشف الأولي عليها إتأكدت إن ثريا هانم إتعرضت لأزمه قلبيه ولازم تتنقل المستشفي حالا وفي أسرع وقت.
تحدث ياسين سريع وبأمر: من فضلك يا دكتور إتصل بيهم في المستشفي يجهزوا وأنا هخدها بعربيتي حالا.
تركهم ودلف سريعا لغرفتها وجدها ممدده غائبه عن الوعي وبجوارها يسرا المنهاره بدموعها التي تغرق وجنتيها محتضناها سهير والدة مليكه تحاول تهدئتها،.

وبالجانب الاخر مليكه وهي تتلمس يدها وتقبلها بحب وتتحدث بإنهيار ودموع: قومي يا ماما من فضلك أنس ومروان محتاجين لك وملهومش غيرك من فضلك فوقي.
نظر لهم ياسين وتحدث بحزم وحده: بطلي ندب منك ليها وأوعوا كده علشان أخدها المستشفي.
حملها وخطي بخطوات سريعه إلى سيارته والجميع يهرول خلفه برعب إستقلت معه سيارته مجاوره ثريا بالخلف
كان يقود بسرعه وعينه مابين مراقبة الطريق أو النظر لها بغيظ وغضب،.

وصلا وحملها ياسين بيديه ووضعها على الترولي ودلفوا بها إلى داخل المشفي التي تحولت إلى خلية نحل، الكل يهرول سريعا لخدمة ياسين المغربي وسيادة اللواء عز المغربي عن طيب خاطر.

وبعد مده كانت ثريا قابعه داخل غرفة العنايه المشدده بعد إجراء اللازم لها من الأطباء الذين أشرفوا على حالتها وقد أخبرهم الطبيب المختص أن حالتها إستقرت وجيده وذلك بفضل الله أولا ثم الوصول بها للمشفي سريعا وبمدة زمنيه ضئيله مما ساعد في اللحاق بها قبل أن تتطور الحاله وتسوء،
كانوا جميع العائله يجلسون أمام غرفة العنايه الفائقة،.

ياسين الجالس وساند بساعديه على ركبتيه وممسك برأسه بين كفيه ينظر للأسفل بشرود وحزن
ويسرا الباكيه المنهاره وتحتضنها منال زوجة عز من جهه والجهه الأخرى سهير والدة مليكه وهما تحاولان تهدئتها وطمئنتها على حالة والدتها
أما مليكه التي إختارت الجلوس بعيدا إلى حد ما وهي تبكي في صمت، ذهب إليها عز وجلس بجوارها.

وتحدث بهدوء ونبرة تعقلية: شفتي يا مليكه اللي حصل أهو ده إللي كنت بقول لك عليه لا ثريا هتقدر تتحمل بعد مروان وأنس عنها ولا أحنا هنقف نتفرج عليها وهي بتموت قدام عنينا ونسكت، إنتي الوحيده إللي في إيدك الحل،
ثم أكمل بحكمه تعالي نتكلم شويه جد ومن غير زعل يا بنتي أظن إنت عارفه كويس إني أقدر أخد الولاد منك بكل سهوله
لكن أنا بحبك زي شرين بنتي يا مليكه ومش عاوز أتسبب لك في نزول دمعه واحده من عيونك،.

وأكمل بجدية لكن في نفس الوقت ثريا بنت عمي وغاليه جدا عليا، ووصية أخويا الله يرحمه ليا وأم أغلي شبابنا إللي راح وسبها لنا أمانه في رقبتنا،
وولاده رجالتنا إللي مش هنسمح إنهم يتربوا بعيد عن عيونا وتحت حمايتنا الموضوع كله أصبح بين إديكي وعليكي الإختيار
واكمل بهدوء إعقلي الكلام ده في دماغك يا بنتي وفكري وإبقي بلغيني بقرارك.
وقف وتركها وذهب بجانب طارق وياسين أولاده.

وضعت يداها على عيناها وبكت بحرقه أمام أعين الناظر إليها يحترق داخليا وهو يري رفضها المميت له فقد دهست بقدميها اليوم كرامته ورجولته بما فيه الكفايه
رأي نرمين تأتي عليهم مهروله بدموع بصحبة زوجها، وقف ياسين سريعا وجري عليها وأخذها بين أحضانه بحنان الأخ الأكبر لها
وتحدث ليطمئنها: متخافيش يا حبيبتي ماما كويسه جدا.
رفعت وجهه له بدموع وتحدثت: بجد يا ياسين ماما كويسه ولا بتقول لي كده علشان تطمني؟

أجابها ياسين بإبتسامه حانيه وهو يلمس على شعرها بحنان: صدقيني يا حبيبتي ماما كويسه جدا.
ثم ذهبت إلى يسرا واحتضنتها، نظرت لها يسرا وقالت ببرود فهي لم تعد معها كالسابق: متقلقيش ماما ست قويه وهتقوم وتبقي زي الفل
نظرت لها نرمين بدموع وترجي لعلها تنسي ماحدث وتعود علاقتها بها من جديد.

لكن يسرا أزاحت بصرها عنها فهي لم ولن تنسي أنها كانت سبب رئيسيا بما حدث لشقيقها الغالي أو على الأقل هي من سممته بكلماتها الخبيثه وأحزنته قبل وفاته
وفي تلك اللحظات أتي إليهم وليد مهرولا وجد مليكه تجلس بالمقدمه وحيده، ذهب إليها ووقف بجانبها تحت أنظار ذلك المستشاط غضب
وتحدث: ألف سلامه على عمتي ثريا يا مليكه هو أيه إللي حصل؟
لم تعيره أي إهتمام وضلت على وضعيتها واضعه يدها على رأسها ناظرة للأسفل دون حديث.

مما أسعد ياسين داخليا وأغضب وليد الذي تحرك من جانبها وهو غاضب ذاهبا لرجال العائله
نظر له ياسين بغضب وهب واقفا وأمسكه من ذراعه وجره خلفه تحت أنظار الجميع المستغربة، ووقف به أخر الممر وتحدث بصوت منخفض حتى لا يسمعه أحدا من أفراد العائله المسلطين أنظارهم عليهما بشده وأستغراب
ألصقه ياسين بالحائط ناظرا إليه بغضب قائلا: هو إنت يا بني أدم مش ناوي تنضف أبدا، هتفضل عيل قذر كده طول عمرك!

تحدث وليد وهو ينفض يده عنه بغضب وينظر للجميع بإحراج وهم ينظرون عليهما بترقب: ايه الهمجيه إللي إنت فيها دي يا ياسين تكونش فاكرني متهم عندك وزانقني وبتحقق معايا في الجهاز، ماتفوق لنفسك كده وشوف إنت بتعمل ايه.
وأكمل بتساؤل بنبره بها تهكم وبعدين أيه إللي أنا عملته مخليك مولع وشايط مني أوي كده؟
هرول إليهما طارق وعبدالرحمن وعز، طوضل سالم وشريف ملتزمين أماكنهم فمهما كان هم عائله ولا يجب التدخل بمشاكلهم.

تحدث ياسين بفحيح وهو يقترب منه وينظر له بعيون حاده تكاد أن تفتك به: إنت يلا مش كنا إتكلمنا في موضوع مليكه وقفلناه قدام أبوك وعمك وخلصنا منه.
تحدث عبدالرحمن وهو يحاول تهدئة ياسين: إهدي يا ياسين وقول لي يا أبني أيه إللي حصل لكل ده؟

تحدث ياسين بنبرة صوت حاده وهو ينظر إلى عمه: إحنا يا عمي مش قعدنا مع البيه المحترم وقفلنا معاه موضوع مليكه وقولنا له إن مش وقته وإن مرات عمك وبناتها لسه جرح رائف بينزف بالنسبة لهم،
وأكمل بنبرة غاضبه وهو يشير إلى وليد، البيه يسكت على كده ويبقا راجل محترم وأد المسؤليه لاء طبعا راح لعند عمتي ومليكه ويسرا وقال لهم على الموضوع كله والدنيا ولعت،.

ونظر ياسين إلى عمه عبدالرحمن مشيرا له بيده إلى غرفة الرعايه القابعة بداخلها ثريا وتحدث وأدي حضرتك شايف النتيجه بعيونك.
نظر عبدالرحمن إلى وليد بإحتقار متحدث بإشمئزاز: إخص عليك الله يكسفك عمرك ماهتكبر وتبقي راجل ومحترم أبدا هتفضل عيل أهبل وتصرفاتك غير مسؤله بالمره، يعني طلعت إنت السبب في كل إللي حصل لمرات عمك ده؟
نظر لهم وليد وتحدث بفظاظه وصوت عالي: فيه ايييييه! هو خدوهم بالصوت ليغلبوكم ولا أيه؟

أنا مالي أنا بتعب عمتي هو أنا إللي كنت جبت لها الأزمه ولا هو أي كلام ياسين بيه يقوله يبقي مصدق عليه ومختوم بختم النسر.
تحدث عز بغضب و نبرة صوت حازمه: وليد إحترم نفسك وإنت بتتكلم ومتنساش إنك واقف قدام أبوك وعمك يعني تنتقي ألفاظك قبل ما تخرجها من بقك وياريت متنسوش إننا في مستشفي
وأشار بيده للجميع بغضب: إتفضلوا يلا كل واحد يقعد في مكانه كفايانا فضايح لحد كده المستشفي كلها بتتفرج علينا.

نظرت نرمين للجالسات وتسائلت بحيره: هو فيه ايه بالظبط ماله ياسين ماسك في وليد زي إللي قتله قتيل كده ليه؟
ومالها مليكه قاعده لوحدها بعيد ليه كده؟
ايه الحكايه يا يسرا ماتفهموني، ماما أيه إللي وصلها للحاله دي! أزمه قلبيه مره واحده! مليكه عملت ايه في ماما وصلتها لحالتها دي؟

نظرت لها سهير وتحدثت بنبرة حاده: ومليكه مالها باللي حصل مع مامتك يا نرمين ولا هي أي بلوه عاوزه تدخلي فيها مليكه وخلاص سيبي بنتي في حالها يانرمين كفايه عليها إللي هي فيه
ووقفت غاضبه ذهبت لإبنتها وجلست بجوارها.

نظرت منال إلى نرمين و تحدثت بنبرة صوت لائمه: أيه بس الكلام إللي قولتيه ده يا نرمين ده جزاء الست إنها سايبه بيتها وجايه واقفه معانا في المستشفي علشان تطمن على مامتك وبدل ما تشكريها تقومي تتهمي بنتها إنها السبب في مرضها،
وأكملت بنبرة مدافعه، وبعدين هتكون عملت أيه المسكينه ما هي من يوم جوزها ما أتوفي وهي حابسه نفسها في أوضتها ولا بتهش ولا بتنش هتعمل أيه تاني.

تحدثت يسرا بغضب وحده: لا إزاي يا طنط متبقاش نرمين لو مبختش سمها في الكلام على مليكه أي مصيبه تدخل فيها مليكه والسلام.
ونظرت لها بغضب وتحدثت ياريت تهدي شويه وتسبيها في حالها بقا.
أجابتهم نرمين بحده: خلاص كده إرتاحتوا لما كلكم بهدلتوا نرمين وطلعتوها الساحره الشريرة، ومليكه هي الأميره المظلومه متشكره ليكم كلكم
ونظرت لزوجها لتراقبه كعادتها ولكنها وجدته يتحدث مع شريف بجديه فاطمئنت.

في مكان أخر من المدينه وبنفس التوقيت
كانت الشرطه تداهم وقر تلك الخليه الإرهابية بكل سهوله ويسر
وذلك لوضع الداخليه مع المخابرات خطه ناجحه للمداهمه،
فبعد تخطيط ياسين الحكيم ومراقبة كل ثغره للخليه قد توصل ياسين بفريقه المساعد إلى الدوله المخططه والداعمه للخليه، و التي كانت تسعي من خلال ذلك المخطط إلى إضعاف مصر وتدميرها،
ولكن هيهات فمصر محفوظه من الله عز وجل وأهلها في رباط إلى يوم الدين،.

وبعد الإشتباك مع أفراد الخليه نجح الإقتحام دون خسائر في الأرواح عدا عدة إصابات بسيطه من الطرفين خلال الإشتباك،
هاتف وزير الداخليه رئيس جهاز المخابرات ليخبره عن نجاح الإقتحام واجتيازهم المهمه بجداره و ليشكره على حسن تعاون الجهاز مع وزارة الداخليه
جلس رئيس الجهاز خلق مكتبه مبتسم وفخورا بما فعله رجاله الأسود.

وقرر ترقية ياسين وإعطائه وسام ومكافأه ماليه كبيره هو وفريقه على جهدهم المبذول في تلك المهمه مما رفع إسم الجهاز عاليا أكثر وأكثر.

في المشفي خرج الطبيب عليهم قائلا: أبشروا يا جماعه ثريا هانم الحمدلله فاقت.
وقف الجميع ينظرون لبعضهم بسعاده وقفت نرمين ويسرا وتحدثتا: إنا عاوزه أدخل ل ماما.
تحدث الطبيب بمهنيه: أوك هدخل حضراتكم لكن بعدين هي حاليا طالبه تشوف مدام مليكه لوحدها، ثم نظر إليهم الطبيب فين مدام مليكه؟
تحركت مليكه بإتجاهه وتحدثت بصوت ضعيف: أنا مليكه.

أشار لها الطبيب ناحية الباب وتحدث محذرا: إتفضلي إدخلي لها لكن قبل ماتدخلي لازم تعرفي إن ممكن كلامك معاها يرفع من معنوياتها ويساعد في إنها تقوم أسرع، وممكن كمان كلمه واحده تقضي عليها، ووجه نظره للجميع فلو سمحتم و الكلام موجه لحضراتكم كلكم ثريا هانم قلبها أصبح ضعيف بعد الأزمة فياريت نتحري الدقه في كل كلمه هتخرج مننا ليها، وياريت كمان محدش يعارضها أو يحاول يجهدها بالكلام.

إستمعت لحديثه وهي تبكي بألم يمزق بقلبها الحزين أمائت له بموافقه ودلفت للداخل،
وقفت بجانبها وعلى ثغرها إبتسامة واسعه وتحدثت: حمدالله على السلامه يا ماما، كده تخضينا عليك بالشكل ده.
نظرت لها ثريا برجاء وتحدثت بصوت واهن ضعيف: أرجوك يا مليكه اوعي تحرميني من ولاد قلبي أنا ممكن أموت لو مشيتي وخدتيهم أنت كمان مقدرش أتحمل بعدك عني يا بنتي.

مالت على يدها الموصله بالأجهزة الطبيه وقبلتها بحرص وحنان قائله: ياريت متجهديش نفسك بالكلام يا حبيبتي ومش عوزاكي تقلقي إطمني
أنا مقدرش أسيبك إنتي ويسرا أنا عمري كله قضيته في البيت مع حضرتك ويسرا ومش هسمح لنفسي أبعد ولادي عنك ولا أحرمهم من حنيتك عليهم ولا من إنهم يتربوا في بيت أبوهم، أنا عمري ما كنت أنانيه يا ماما ولا هكون
وأكملت بإبتسامه ونظره ذات مغزي طمني قلبك أوعدك إني هريح حضرتك جدا.

إبتسمت ثريا بوهن لفهمها مغزي الحديت وأردفت قائله: بجد يا مليكه يعني مش هتسبيني إنت والولاد؟
أجابتها مليكه بإبتسامه تخبئ بداخلها ألم مميت: طبعا لا يا ماما إحنا منقدرش نسيبك ولا نستغني عنك أبدا.
وخرجت بعد أن إطمأنت على ثريا، كان الجميع ينظر لها بإهتمام وتساؤل عن حالة ثريا طمأنتهم ودلفت لها يسرا ونرمين.

نظرت مليكه إلى عز وتحدثت بقوه: من فضلك يا عمو ياريت تتفضل معايا في الأوضه دي إنت وبابا وسيادة العقيد، عاوزه أتكلم معاكم في موضوع مهم.
دلفوا جميع لغرفه فارغه بجوار غرفة ثريا وأغلقوا الباب تحت إستغراب كل من منال وعبدالرحمن ومحمد زوج نرمين، أما شريف وسهير فهما يعلمان الأمر.

نظرت إلى والدها بحسرة قلب وتحدثت بعيون لامعه من أثر دموعها الحبيسه التي تأبي النزول إمتثالا لعزة نفسها التي تريد لها حفظ كرامتها وكبريائها أمامهم: عمري ما كنت أتخيل إني أتحط في موقف وأختيار صعب و مميت بالشكل ده، وبإيد مين؟
بإيد حضرتك يا بابا، لكن حضرتك لازم تعرف إني مش مسامحاك على إللي حضرتك وصلتني ليه.

نظر لها سالم وتحدث بقوه: كمان شويه هتفهمي أنا ليه عملت كده، وإن الموضوع مكنش بسيط بالنسبة لي زي ما أنت فاهمه.
تلاشت النظر له وتحدثت بقوه: أنا خلاص فكرت وقررت وحبيت أبلغكم بقراري، أنا إختارت إني أضحي براحة قلبي علشان خاطر ماما ثريا
نظرت إلى ياسين بعيون غاضبه وأردفت قائلة بنبرة حاده: أنا موافقه على الجواز منك يا ياسين بيه لكن بشرط.

نظر لها والقلق ينهش قلبه ويترقب خروج كلماتها التي يخشاها، نعم فهو يعلم ماذا تريد نطقه لكن داخله يستنكر التصديق،
أجابها ياسين بقوه: شرط أيه ده يا مليكه؟
نظرت له بغضب وتحدثت بقوه وشجاعه: طلبي هو إن جوازنا يبقي صوري أظن إن حضرتك بادرت بالطلب ده تطوعا منك علشان ماما متتحرمش من الولاد يعني معندكش مانع بطلبي.
نظر لها سالم بحده وكاد أن يتحدث لكنه صمت ليستمع رد ياسين.

إبتلع غصته بمراره من حديثها الممزق لقلبه المسكين الذي تحمل منها اليوم ما يكفيه ولكنه سرعان ما تماسك ورد عليها بكبرياء رجل طعن بخنجر حاد على يد معشوقته: هو أساسا مكانش هيحصل غير كده،
وأكمل بكبرياء طاعنا أنوثتها بنفس ذات الخنجر أظن مش من العقل إن واحد زيي متجوز ملكة جمال زي ليالي يبص لاي ست غيرها.

ثم نظر لها بإستخفاف وهو يشملها بنظراته المستخفه بإنوثتها بيتهئ لي هيبقي من المستحيل تشده أي ست تانيه أو حتى يشوفها قدامه كأنثي، ولا أيه يا مليكه؟
نظرت له بغضب وقلبها غلي لما؟ لاتدري؟
ماذا دهاكي مليكه، مابك يا فتاه، لما غضبتي بهذا القدر؟ بما أن ياسين لا يعنيكي بشئ فقط إخبرينا لما غضبتي؟
ولكنها الأنثي التي بداخلها هي من غضبت وتمردت على تلك الكلمات المهينه لإنوثتها.

إبتلعت لعابها بغضب وتحدثت بقوه وهي تنظر داخل مقلتيه بحده: كده يبقي إتفقنا بعد إذنكم.
كادت أن تخرج لكن أوقفتها كلماته: ثانيه واحده يا مليكه،
إلتفتت إليه بجسدها ناظره له وتحدث هو: ياريت محدش يعرف بموضوع الجواز الصوري ده غيرنا وغير عمتي ويسرا.
تحدثت بقوه وحده ولا مبالاه إستفزته: الموضوع كله لا يعنيني بشئ إعملوا إللي تعملوه وقولوا إللي تقولوه
بعد إذنكم.

وخرجت كالإعصار من الغرفه ومن المشفي بأكملها ذهبت إلى مكانها المفضل عند حزنها
صديقها الوفي كما تلقبه دائما البحر
وقفت بوجهه تصرخ بأعلي صوتها وتشتكي له همها ظلت تبكي وتصرخ حتى أخرجت مابداخلها من ثورة الغضب والحزن والخذلان التي أصابتها من الجميع
نعم فالكل خذلها، والدها، والدتها، أخاها، حتى ياسين وعز خذلاها، الجميع خذلها وجعلها تشعر بالوحده والوجع،.

كان الظلام قد حل منذ بعيد على المكان المتواجده به الشبه خالي لإبتعاده عن العمار وأنقطاع الماره منه
كان البحر ثائرا أمواجه عاليه تطفوا و تتخبط بعنف في الصخور غاضبه لغضبتها،
وكأنها تشاركها غضبها وحزنها، نسماته محمله بالصقيع الذي قشعر بدنها من شدته، ولكنها لم تشعر بتلك القشعريره التي سرت بجسدها، فقلبها مشتعل بنااار حارقه، فكيف لها أن تشعر بصقيع جسدها!

أثناء دموعها وجدت من يضع على كتفيها حلته ليحميها من برودة الجو أمام لفحة الهواء البارده التي ترتطم بجسدها المسكين، نظرت برعب على الواقف بجانبها وجدته طارق، فأطمئنت وأستكانت وتنهدت براحه،
ثم نظرت له بوهن وضعف، أزرفت عيناها بالدموع مجددا، وقف بجانبها ووضع يده بجيب بنطاله ونفخ بضيق وتأوه بألم دليلا على عجزه أمام زوجة أخاه وشريكه وصديق عمره.

تحدث بصوت يكسوه المراره: عارف إن الموضوع صعب جدا بالنسبه لك مش بس صعب ده يمكن يكون شعور مميت بس صدقيني ساعات الحياه والظروف بتجبرنا إننا نكمل ونمشي في طريق مش حابين ندخله من البدايه،
إللي إنتي فيه ده إسمه إختيار القدر يا مليكه، ربنا قدر لك حياتك وإنك تمشي وتدخلي في الطريق ده وأكيد إختيار ربنا ليكي هو الخير نفسه ربنا سبحانه وتعالي دايما بيختار لنا الأحسن والأخير لينا ولا ايه؟

إبتسمت بمراره ونظرت له ودموعها تنسدل على خديها بغزاره: خير! وهو فين الخير في كده يا طارق، ايه الخير في إني أتجوز راجل بعد رائف، ايه الخير في إني أدخل راجل غريب على ولادي وفي بيتي؟
أجابها طارق بتصحيح: بس ياسين مش غريب يا مليكه ده عمهم، وبعدين ياسين راجل محترم وعمره ما هيجبرك على أي حاجه إنت مش حباها،.

وأكمل متنهدا إنت عارفه إن أنا كنت أقرب حد لرائف الله يرحمه وأكتر حد أتأثر بموته هو أنا، ده كفايه إني بقيت لوحدي في الشغل وفي حياتي كلها من بعده
ورغم ده كله أقدر أقول لك وأنا ضميري مرتاح إن إللي حصل ده خير ليك ولأولادك، وإن رائف نفسه أكيد مرتاح ومطمن عليكم مع ياسين
فضلت الصمت وأكتفت بدموعها.

رن هاتفه أمسكه وضغط زر الإجابة وتحدث: أيوه يا ياسين، أه هي معايا، إحنا قدام البحر في مكان بعيد شويه علشان كده إنت مشفتهاش.
تحدث طارق بعد صمت: خلاص يا ياسين أنا هجيبها وأجي حالا
وأكمل بطاعه طب تمام تمام إهدي، إحنا عند مستنيك،
وأغلق الهاتف.
نظرت له وإبتسمت بسخرية وتحدثت بنبرة تهكمية: ايه هو البيه بيمارس سلطته عليا كزوج من دلوقتي ولا ايه؟ طب يستني لحد كتب الكتاب!

نظر لها وتحدث بهدوء: بصي في ساعة إيدك وإنت تعرفي سر مكالمته ايه إحنا بقا لنا أربع ساعات قالبين الدنيا عليك،
وياسين قلب شط البحر وكافيهات المكان كله عليك، الساعه 12 بالليل يا مليكة البيت كله مقلوب عليك وإنتي قاعدة هنا ولا على بالك، حتى فونك قفلاه باباكي ومامتك، شريف، البيت كله مستني رجوعك حتى ولادك بيسألوا عليك.

كانت مليكة قد أتت إلى البحر وضلت تبكي تاركة الكون بأكمله ورائها وأعطت لعقلها أجازة فحقا كانت تحتاج للوحدة و بشدة
هنا إستمعت إلى صياح ذلك الثائر من خلفها فقد أتي مهرولا ليطمئن عليها ويراها بعيناه ويتأكد أنها بخير، ولكن ما أن رأها سرعان ما تحول خوفه وقلقه عليها لغضب يصبه عليها
تحدث ياسين إليها بنبرة حادة: ممكن أفهم الهانم سايبه بيتها وولادها وقاعدة في مكان مقطوع زي ده لوحدها لحد الوقت ليه؟

وأكمل بنبرة معاتبة يعني لو طلعوا على سيادتك شوية بلطجية ولا شوية عيال حشاشين كان هيبقي أيه موقف الهانم الوقت؟
إلتفتت له بغضب وتحدثت بنبرة صوت حادة: أولا ياريت توطي صوتك وإنت بتكلمني،
ثانيا حضرتك مش من حقك تيجي وتحاسبني، أنا حره أعمل إللي أنا عوزاه، وطول ما أنا لسه مبقتش على ذمتك يبقي ملكش الحق تسألني وتحاسبني، أنا مش جارية عند سيادتك.

نظر لها بحده وذهول وتحدث بنبرة صوت غاضبة: هو إنت غلطانة وكمان بجحة، يعني قالبين المنطقة كلها عليك لينا أربع ساعات، لفينا لما رجلينا ورمت وسيادتك بدل ما تعتذري وتبقا عينك في الأرض لا بتبجحي وتعترضي كمان!
وأكمل مستغربا: أنا مش مصدق بجاحتك بصراحة.
فتحت فمها وكادت أن تتحدث أوقفها طارق الناظر لهما بعدم إستيعاب لإنهيال بعضهما على البعض بالسخرية والتهكم.

هتف طارق بنبرة حادة: خلاص يا جماعة هو فيه إيه، هو إنتوا داخلين لبعض حرب، إهدوا كدة وصلوا على النبي.
ونظر لها متحدث بهدوء: يلا بينا يا مليكة علشان تروحي لولادك.
كانا يقفا بوجه بعضهما وينظران بحده وغضب أشار لها هو وتحدث بنبرة حادة: إتفضلي قدامي يا هانم.
نظرت له بإستعلاء وغرور وتحركت أمامه نظر عليها وإبتسم رغما عنه على تلك المشاكسة التي من الواضح أنها ستذيقه العذاب ألوانا.

ربت طارق على كتفه وتحركا معا خلفها حتى وصلا إلى المنزل،
أوصلها ووقف حتى دلفت من باب الفيلا الداخلي ثم إنصرف
وجدت طفليها قد غفوا بأحضان يسرا ونرمين صعدت بدون كلام لغرفتها
تحت نظرات نرمين المستشاطة والمستغربة بنفس ذات الوقت لكنها إبتلعت ما في جوفها من حديث عندما لاحظت غضب يسرا ونظراتها الثاقبة المحذرة لها.

ملئت حوض الإستحمام بالماء الدافئ وغمرته بسائل الصابون المنعش وغمرت جسدها به وأغمضت عيناها براحة كي تنعم بحماما دافئ عله يخرجها من ثقل همومها وحزنها الساكن داخلها،
وبعد مدة خرجت إرتدت ثياب نومية خفيفة وأتصلت بهاتف المنزل الداخلي طلبت من علية أن تبعث لها بأنس كي يغفي بأحضانها،
وبعد قليل صعدت مربية أنس وهي تحمله نائما أخذته مليكة ودثرته تحت الغطاء وأدخلته بأحضانها وغفت بثبات عميق بعد يوم مرهق وشاق.

تري ما الذي تحمله الأيام بين طياتها إلى مليكة وطفلاها؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة