قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الثامن عشر

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الثامن عشر

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الثامن عشر

عصر اليوم التالي كانت جميع العائلة تجتمع حول سفرة الغداء ولأول مرة بتاريخها، زيدان الذي يجلس على يمين عتمان بعدما هاتفه عتمان صباحا وأخبره أن يحضر هو وزوجته كي يتناولوا وجبة الغداء الأول لإبنتهما بصخبة العائلة بعد زواجها، وذلك بناء على طلب قاسم من جدة والذي أراد بهذا التصرف ان يري السعادة بعيون صغيرته التي بدأت بالإستحواذ الكامل على عقله وكل تفكيرة حتى أنه بات لا يفكر سوي بكيف يستطيع إدخال السرور على قلبها البرئ.

كانت تجلس بجانب قاسم المجاور لعتمان على الجهة الاخري، تنظر لوالدها الحبيب بعيون متشوقة لرؤياه العزيزة وقلب يتراقص فرح من شدة سعادتة وهي تري والديها يجلسان بصحبة باقي العائلة مثلما تمنت كثيرا من ذي قبل
تحدث منتصر إلى شقيقه وزوجته بنبرة سعيدة: منور دار أبوك يا غالي، منورة يا أم صفا.
أبتسمت له ورد وتحدثت بنبرة خجلة: تسلم وتعيش يا أبو يزن.
حين تحدث زيدان لشقيقه الحنون: الدار منورة بأصحابها يا أخوي.

هتفت رسمية بسعادة وهي تقوم بتقطيع لحم الماعز وتوزعه على الجميع بسعاده هائلة: وإنت أعز وأغلي أصحابها يا ولدي
ثم نظرت إلى عتمان الذي يشعر بسعادة ورضي لا مثيل لهما ولكنه يحتفظ بهما داخله خلف ملامح وجهه الصارمة وتسائلت: ولا إية جولك يا حاچ؟
تحدث متلاشي النظر لزيدان كي لا يضعف وتخونه لمعة عيناه التي تريد أن لا تشيح بناظريها عن غاليه: ودي محتاچة سؤال يا حاچة.

إستشاط قلب قدري وفايقة التي تشعر بنار تسري بداخل جسدها من جلوس ذاك الثنائي المتجاور أمام عيناها مباشرة
مال قاسم على أذن صغيرته وهمس بها: الجمر يفكر وأني عليا التنفيذ
قطبت جبينها وتسائلت بإستفهام: لهو إنت...
كادت أن تكمل قاطعها هو بعيون هائمة في جمال عيناها: أني اللي طلبت من چدك يدعي حماي وحماتي لچل ما ما أشوف الضحكه اللي منورة وش الجمر دي.

إتسعت عيناها تنظر إلية بعيون سعيدة ممزوجة بالخجل، عشقت إنتسابه لوالديها بكلمه حماه، كم شعرت بالسعادة لأجل إهتمامه الذي يغمرها به ويؤكده يوم بعد الاخر.

كانت جميع العيون تراقب همسهما بترقب شديد، منهم السعيد لأجل ذاك الثنائي المحبوب، كمثال الجد والجدة وزيدان و ورد وباقي من يهمه الأمر، ومنهم المتربص بعناية ليري ماذا يحمل لهما الغد ويتمني من الله أن يخلف ظنونه ك يزن مثلا، ومنهم الحاقد الكارة لسعادة ذاك الثنائي مثل فايقه وليلي، والغير مبالي بالمرة ك قدري
شرع الجميع في تناول الطعام.

نظر قاسم إلى جده وتحدث بنبرة جادة: كان فيه موضوع مهم كنت حابب أفاتحك فيه يا چدي بس إنشغلت في الفرح
قطب الچد جبينه وتسائل بإستفهام: موضوع إية دي يا قاسم؟

أجابه بوقار: الحاچ كمال أبو الحسن كبير نچع الديابية وعضو مجلس الشعب، عرفت من مصادري إن الحزب هيتخلي عنيه وهيخرجة من الترشيحات السنة دي، والجرار ده خدوة بعد ما سمعته ساءت وحكاية تهريبة للأثار فاحت وأتفضح في كل حتة، وكنت بقترح على حضرتك إن عمي زيدان يترشح مكانه، واني عندي اللي هيساعدنا من چوات المجلس بذات نفسه.

إشتعل قلب فايقة حقدا، وإستشاط داخل قدري الذي توقف الطعام داخل حنجرتة وبات يسعل بشدة إستغرب لها الجميع، ناولته والدته التي إنتفضت من جلستها كأس الماء وتحدثت بحنان: سلامتك يا وليدي، إشرب ماي
تناول منها الكأس وتجرع ما بداخلة دفعة واحده بغضب، وابتلع لعابه.

حين تحدث الجد وهو ينظر إلى قاسم بتفاخر وأستحسان متجاهلا ما حدث مع قدري للتو: عفارم عليك يا قاسم، اللي عيعچبني فيك إنك عتدعبس دايما على المصلحة وينها وتچيبها لحدنا
تحدث قدري بنبرة حاقدة غائرة لاحظها الكل: هو الموضوع زين مجولناش حاچة يا أبوي، بس زيدان ميليجش على إنه يبجا سيادة النائب،.

وأكمل بتفاخر قاصدا بحديثه حاله بالتأكيد: الموضوع دوت عاوز راچل شديد وليه هيبه في النچع، وعندة عزوة من الرچال اللي من صلبة لجل ما يساندوة
وأكمل بتقليل وأستياء: إنما زيدان أخوي مين اللي عيساندة؟!

تحدث قاسم بنبرة حادة إعتراض على حديث والده وخصوصا بعدما رأي نظرة الإنكسار داخل أعين زيدان: لو حضرتك عنديك راجلين، فعمي زيدان عندية بدل الراچل أربعة، ده غير رچالة العيلة والنچع كلياته اللي عيحبوة وهيساندوة بكل جوتهم
ثم أكمل بنبرة تعقلية: ثم الموضوع دي مهينفعش لية غير عمي زيدان بالخصوص، هو الوحيد اللي متعلم وعيروح مصر كتير، وده المطلوب.

هتف يزن مؤيدا لقاسم بشدة متغاضيا خلافهما: قاسم عندية حج يا عمي، عمي زيدان هو الوحيد اللي عينفع للموضوع ده لأن من شروط التجديم في المجلس إن يكون النايب متعلم ومعاه شهادة
ووافقاه الرأي فارس وحسن ومنتصر الذي تحدث بنبرة غاضبة ناظرا بحقد على ذاك الفاقد الحس والإنسانية: عيالي هما عيال زيدان وسنده، وأني كمان وراك وفي ضهرك يا ولد أبوي.

تحدث زيدان بنبرة شاكرة متأثرة: تسلموا وتعيشوا يا رچالتي، بس أني معيزهاش يا منتصر
ثم نظر إلى أخاه وتحدث بنبرة ملامة: خدها إنت يا قدري، تليج عليك أكتر يا أبو الرچال
تحدث الحاج عتمان موجه حديثه إلى قاسم بنبرة صارمة وهو ينظر إلى قدري: شوف الاوراج المطلوبة للتجديم وجهزها يا زيدان لجل قاسم ما يجدم لك في المحافظة
ثم نظر إلى زيدان وتحدث بإبتسامة خافتة مخبأ خلفها سعادة لا توصف: مبروك يا سيادة النايب.

نظر لوالدة وأبتسم بسعادة وأردف قائلا بإحترام: ربنا يديمك فوج راسي يا أبوي
هز عتمان رأسه بإستحسان وتحدث إلى ورد التي تنظر إلى زوجها بعيون تحتبس داخلها الدموع لأجل كسرته على يد من يسمي بشقيقه: منورة دارك يا أم الدكتورة، مدي يدك وكلي من خير ربنا علينا
إبتسمت له على جبره لخاطرها المكسور وتحدثت بإبتسامة عرفان: تسلم وتعيش يا عمي، ودايما الدار عمرانه بحسك وخيرك.

إشتعلت روح فايقة وشعرت ان البساط قد سحب من تحت قدميها وانتهي الأمر، ولكنها لن ولم تستسلم قط، وعاهدت حالها على أن لا تكن فايقة النعماني إن لم تجعل قلبي زيدان و ورد ينزف ويتقطع لإربا حزن على إبنتيهما ووحديتهما
أما صفا التي كانت تنظر لفارسها الذي أسعد أباها بخبر ترشيحه لمنصب مهم كهذا، ووقف بجانبه وسانده وأعترض حديث والده المسموم بإتجاه غاليها بقوة، وكان أيضا سبب في إجتماعها بأبويها على سفرة واحدة.

همست بجانب اذنه: شكرا يا قاسم
إبتسم لها بسعادة وتحدث بمراوغة: شكرا حاف إكدة، إنت بخيلة ولا إية يا دكتورة!
ثم ضحك بخفة وأكمل بنبرة حنون: كله لجل عيونك يهون يا صفا
إهتز قلبها وارتعش جسدها جراء نظرة عيناه العاشقة حين شعر هو بفائدة رجولته الحقيقية عندما رأي السعادة بداخل مقلتيها الفيروزية، نعم فإثبات رجولة الرجل تبدأ من سعادة أنثاة وإشراقة وجهها
عاود الجميع إلى تناول الطعام من جديد بصمت تام.

في حين نظرت مريم إلى صفا بإبتسامة هادئة لتذكيرها بالوعد التي قطعته لها من ذي قبل، فأبتسمت لها صفا وأومات بأهدابها ثم حولت بصرها إلى جدها لتذكره بحديثها معه منذ الأمس،
فأبتسم لها عتمان وتحدث إلى فارس: بجول لك يا فارس
نظر له فارس وأجابه وهو يبتلع ما في فمه سريع من طعام: أؤمرني يا چدي
أجابه عتمان وأردف شبه أمرا: الأمر لله وحده يا ولدي، أني رايد إن مريم تشتغل في المستشفي مع صفا ويزن.

وهنا التي تحدثت وأستشاطت من الغيرة هي ليلي قائلة بتهكم على إبنة عمها الخجول: ويا تري الست مريم خريچة الخدمة الإجتماعية عتشتغل إية هي كمان، لتكونوا عتعينوها وزيرة الصحة في نجع النعماني، ما هي المستشفي بتاعتنا ونعملوا فيها اللي على كيفنا.

وحولت بصرها إلى صفا وتحدثت بحقد دفين ونظرة كارهه لم تستطع تخبأتها: لدرچة إننا نمسكوها لعيلة خريچة إمبارح مهتعرفش تدي حتى إبرة لعيان ونعملولها جيمة وسط الخلايج بالعافية
رمقها يزن بنظرة نارية لو خرجت لأحرقتها وحولتها إلى رماد في الحال، إبتلعت لعابها من نظرته خشية غضبه عليها من جديد
في حين نظرت لها صفا والجميع بعيون متسعه مستغربين شنها لذاك الهجوم العنيف والغير مبرر،.

حين تحدثت فايقة مبررة لصغيرتها و وريثة عرش مملكة حقدها العظيم: ليلي تجصد إن...
إبتلعت باقي كلماتها داخل جوفها رعب عندما رأت نظرات عتمان النارية المحذرة والأمرة لها بالصمت التام
شعرت مريم بالإهانة وأنكمشت ملامحها وظهر الحزن بداخل عيناها البريئة مما أحزن قلب نجاة على صغيرتها وأيضا منتصر ويزن اللذان حزنا لأجل غاليتهما الرقيقة، وحتى قاسم الذي نظر إلى ليلي بحزن على حالة الحقد التي تتملك من قلبها.

في حين تحدث الجد بنبرة مهينة إلى ليلي وهو يرمقها بنظرة إشمئزاز: خلصتي السم اللي عتنطرية من خاشمك ولا لسه يا بت فايقة
إبتلعت لعابها خشية هجوم جدها اللازع عليها ولكن من الغريب أن الجد إكتفي بهذة الكلمات البسيطة ولكنها مهينة ومعبرة
ثم وجه بصره إلى فارس وتحدث بحده أرعبته: مسامعش صوتك ليه يا فارس؟
نظر فارس إلى مريم وتحدث بنبرة لائمة على زوجتة: مش لما أعرف رأي مرتي إية اللول أبجا أجول أني رأيي يا چدي.

نظرت له مريم وتحدثت بتحدي وقوة لا تعلم من أين أتتها: أني موافجة
تحدث فارس بنبرة ساخرة: يبجا رأيي مبجاش ليه عازة يا چدي، مرتي موافجة وحضرتك جررت وأنتهي الأمر
تلاشي عتمان غضب فارس وشبه أعتراضه وذلك لإعتراض عتمان على إدارة فارس الفاشلة لحياته مع مريم التي ذبلت منذ زواجها وتحولت إلى صامتة حزينة طيلة الوقت.

تحدث عتمان إلى يزن: يبجا على خيرة الله، إعمل عجد زين وشوف عتشغل ست البنات في إية يا يزن، وإعملها شهرية مليحة تليج ببت منتصر النعماني
رفعت مريم بصرها سريع إلى جدها بلهفه وسعادة وتحدثت بعرفان: ربنا يخليك ليا يا چدي ويديمك فوج روسنا
إبتسم لها وهز رأسه وتحدث بإستحسان: مبارك يا بتي
حين تحدث زيدان بنبرة حنون: مبارك التعيين يا زينة البنات
أجابته بسعادة: يبارك في عمرك يا عمي.

وتحدث منتصر إلى غاليته بنبرة وعيون تشع حنان: مبروك يا بتي
وأنهالت عليها المباركات من الجميع عدا فارس وليلي وفايقه المعترضون، وحتى قدري كان سعيدا بذاك الخبر وذلك بعدما إستمع من والده أنه سيعطي لها راتب عالي وكعادته فهو لا يهمه إلا المادة.

إنتهي الغداء وتحرك جميع الرجال ورسمية إلى غرفة الإجتماعات العائلية لينتظروا حضور مشروب الشاي والفاكهة
بدأن النساء بمساعدة العاملات بجمع الأواني والصحون من فوق سفرة الطعام لإدخالها المطبخ إستعدادا لجليها،
نظرت فايقة بحقد إلى مريم وتحدثت بفحيح كالأفعي: والله عال يا ست مريم، دايرة تخططي وتجرري لشغلك مع الست صفا من ورا چوزك ومن وراي؟

تحدثت نجاة بقوة مدافعة عن إبنتها الرقيقة التي تعجز عن الرد: وإنت إية اللي يزعلك في حاچه زي دي يا فايقة؟
اجابتها بفحيح: اللي مزعلني إنها ماشية كيف الهبلة ورا اللي رايدة تخرب عليها حياتها يا ست نچاة
كادت صفا أن ترد مدافعه فبعثت لها والدتها نظرة تطالبها بالصمت وتجنب الدخول في تلك المشاحنات.

في حين أكملت فايقة بغضب: بدل ما تدور تتنطت في المستشفي تجعد في بيتها تربي بتها وتاخد بالها منيها ومن چوزها، ولا تروح تچيب لها حتة عيل يشيل إسم ولدي بدل حتة البت اللي جايبها لنا وجاعدة عليها ليها أكتر من سنتين
تحدثت نجاة بنبرة تهكمية: والله بتي چابت لولدك بت وفرحتك بعوضه، الدور والباجي على ولدي اللي داخل على التلات سنين متچوز ولحد دالوك مشفتلوش حتى برص.

وأكملت بنبرة حادة غاضبة كالإعصار: بدل ما تجعدي ترمي حديتك اللي كيف السم على بتي وتسممي بيه بدنها، روحي شوفي حال بتك المايل وإعدلية، لأني من إنهاردة معسكوتش وعتكلم مع الحاچة رسمية تشوف حل للمسخرة اللي عتحصل دي
أما ورد التي كانت تقف تشاهد الحرب الدائرة بهدوء وحمدت الله أنه نجاها وعائلتها من السكن وسط تلك العائلة المسمومة.

أمسكت يد صفا وسحبتها وخرجوا إلى الفراندا كي تجنبها وحالها شر تلك الفايقة وكلماتها المسمومة
تحدثت ورد إلى صفا بنبرة قلقة: مكانش لية لزوم اللي عملتية دي يا بتي، مالك إنت ومال مريم وشغلها؟
عتچيبي لحالك المشاكل ليه يا جلب امك.

تنهدت صفا وأمسكت كف يد والدتها كي تطمإنها وتحدثت مفسرة تصرفها لوالدتها: مريم بت عمي وكيف أختي يا أما، مجدرش أجف أتفرچ عليها وأشوفها حزينة ومكسورة وأني في يدي الحل ليها، مريم محتاچة يبجا عنديها ثجة في حالها والثجة دي مهتاجيش غير لما تشتغل وتندمج مع الناس وتعرف إنها فرد منتج ومهياش عالة على حد.

تنهدت ورد وتحدثت بتوجس: مجولتش حاچة يا بتي، وربي عالم أني كيف بحبها وبعزها، بس فايقة غدارة وجلبتها سودة كيف جلبها،
وأكملت ناصحة: ملكيش صالح بيها يا بتي، دي مرة سو وجرصتها بالجبر إسأليني عليها، وأكملت: اااااه يا مري، مكتش ريدالك تدخلي بين الناس دي، بس النصيب كان لازمن يصيب يا بت زيدان.

ليلا داخل مسكن فارس ومريم
خطي بساقية إلى مسكنة بعدما أنتهي من جلوسه بصحبة شباب العائلة، دلف لغرفة نومه وجدها خالية ككل يوم، فمنذ ليلة زواج قاسم وصفا ومريم تغفو بغرفة صغيرتها لحالها
تحرك بضيق وأعتراض على ما يحدث ودلف إلى حجرة صغيرته وجدها ممددة تدعي النوم بجانب طفلتها.

زفر بضيق وتحدث بنبرة هادئة كي لا يزعج صغيرته الغافية: جومي يا مريم وتعالي نتكلموا شوي برة، أني عارف إنك صاحية وعتمثلي على إنك نايمة كيف كل يوم.
لم تعر لحديثه إهتمام وضلت على وضعها فتحدث هو مهددا: جومي يا بت الناس بدل ما أعلي صوتي عليكي والبت تتخلع
إنتفضت من نومتها بغضب وتحركت إليه بوجه عابس، سبقها هو وتحركت هي خلفه حتى وصلا لداخل غرفة نومهما التي دلفت إليها وأغلق هو بابها بهدوء.

ثم تحدث إليها بتساؤل غاضب: جالبة خلجتك عليا ليه يا مريم؟
مكفاكيش إنك هچراني ونايمة چار بتك بجا لك ياجي عشر أيام وحرماني من حجي الشرعي فيكي واني ساكت ومعتكلمش، كمان رايحة تتفجي ويا صفا على شغل من وراي؟
كان عاچبك منظري وأني چاعد كيف الچردل في وسطيهم وچدك بيؤمرني ويجبرني كيف العيل اللصغير على موافجتي على شغلك؟
وتسائل بنبرة حادة: مجولتليش لية على موضوع شغلك ده يا مريم؟

كانت تستمع إلية وهي تربع يداها وتضعهما فوق صدرها واجابته بثبات وجمود: عجولك ميتا يا فارس، هو أنت موچود في حياتي من الأساس ولا بتجعد وياي لجل ما أجول لك؟
أجابها مقللا من شكواها: بجول لك إية يا مريم، أني دماغي وچعاني ومفاضيش لچلع الحريم ودماغهم الفاضية دي.

إبتسمت ساخرة وأجابته بنبرة بائسة: وأديني هشغل دماغي وأملاها بالشغل وهبعد عنيك لجل ما أدوشكش بدماغي الفاضية وحديتي اللي ملوش عازة عنديك، زعلان ليه بجا!
وتنهدت بأسي وتحركت لتخرج من جديد أوقفها بقبضة يده وهو يجبرها على الوقوف، نظرت له فتحدث على إستحياء وهو ينظر لداخل عيناها بإحتياج: إستني يا مريم، أني، أني عاوزك
نزلت كلماته على قلبها المسكين شرختة، أهذة هي كل قيمتها لدية، إفراغ رغبته البائسة بها وفقط؟

حزنت ثم تحدثت إليه بنبرة طائعة خاشية غضب الله عليها من عصيانها لإعطائها لزوجها حقه الشرعي بها: وأني تحت أمرك يا ولد عمي
شعر من نظرة عيناها بدونيته وكم هو أناني بلا شعور، فأمسكها وسحبها لداخل أحضانة وشدد عليه وأردف قائلا: حجك على يا مريم، لو معوزاش خلاص، مهجبركيش أني.

هزت رأسها بإعتراض وخرجت من بين أحضانه الباردة الخالية من المشاعر، وتحركت إلى خزانة ثيابها وأخرجت ثوب هادئ للنوم وتحركت لداخل المرحاض، أما هو فزفر بضيق لاعنا حاله وما أصبح عليه من حالة مزرية غير مرضية له ولا لزوجتة.

في مدينة القاهرة
داخل مسكن إلهام والدة دكتورة أمل
كانت تجلس داخل شرفة مسكنها ترتشف بعض من كأس العصير التي تمسك به بكف يدها، إقتربت عليها ريماس إبنتها المدللة والتي لا تهتم قط بأي شخص كان غير حالها وفقط
إقتربت من جلسة والدتها وهي ممسكة بقنينة طلاء الأظافر، تطلي بالفرشاة أظافرها بعناية وجلست بمقعد مقابل لوالدتها، ثم تحدثت بغرور: كلمتي بنتك علشان تعرفيها ميعاد الفرح؟

أجابتها إلهام بنبرة باردة: عملالي بلوك ومش عارفة أوصل لها، بس كلمت مي صاحبتها وأخدت منها ميعاد، وهروح لهم كمان ساعتين علشان اتكلم معاها وأحاول أقنعها تتراجع عن قرارها المجنون ده، وأكملت بعدم إهتمام: وأهو بالمرة أعزم مي ومامتها على الفرح.

تحدثت ريماس بنبرة معترضة: بصراحة يا مامي أنا مش فاهمة إنت لية مش عوزاها تسافر الصعيد، هي اللي إختارت تبعد عننا واختارت تعيش حياتها بالطريقة اللي تريحها، خلاص سبيها براحتها.
تحدثت إلهام ببقايا ضمير الأم المتبقي لديها: أختك غضبانة وزعلانة من اللي حصل يا ماسة، ولازم نعذرها ونديها وقتها لحد ما تتقبل فكرة جوازك من وائل وتنسي الموضوع بشكل تدريجي.

هتفت ريماس بنبرة متعالية غاضبة: هي أصلا ملهاش الحق إنها تزعل، واحد كانت واهمة نفسها إنه بيحبها لمجرد إنها كانت معاه في الجامعة، ولما أتخرجت عينها معاه في مستشفي بباة الكبيرة وإداها مرتب مكنتش تحلم بيه، كدة خلاص بقا بيحبها؟

وأكملت بتعالي وغرور وهي ترفع قامتها لأعلي متباهية بجمالها الأخاذ وشعرها الأشقر وبشرتها ناصعة البياض: ولما شافني في حفلة عيد ميلادها إنبهر بجمالي وسابها وزحف ورايا، ومن وقتها بقا بيطاردني في كل مكان أروحه ويترجاني أدي له فرصة يقرب مني ونتصاحب، لحد ما أنا رضيت عنه واديته الفرصة، وفي خلال شهر واحد كان جايب أهلة لحد هنا وخطبني من حضرتك.

وتسائلت بإستخفاف لمشاعر شقيقتها الرقيقة: لو كان حبها فعلا زي ما ادعت علية كان خطبها طول الخمس السنين اللي عرفها فيهم.
تنهدت إلهام وتحدثت مفسرة: أمل لسه صغيرة ومش فاهمة الدنيا صح، مش قادرة تفهم إن اللي زي وائل ده فرصة هايلة للي زينا، ومن الغباء رفض طلبة أيا كانت الأسباب
هتفت ريماس بانانية: ولما حضرتك مقتنعة بكدة رايحة تقنعيها إنها متسافرش ليه؟

وأسترسلت حديثها بمنتهي الأنانية: بصراحة بقا يا مامي أنا شايفة إن قرار السفر ده أحسن حاجة لينا كلنا، هي و وائل خلاص، مينفعش يجمعهم مكان تاني.
وقفت إلهام وتحدثت بتعقل وهي تتأهب للخروج: ما تخليش غيرتك على خطيبك تنسيكي إن أمل دي أختك ومش هينفع تكملوا باقي حياتكم وإنتم مقاطعين بعض بالشكل ده.

زفرت ريماس بإعتراض وعبس وجهها، تحركت إلهام إلى داخل غرفتها كي ترتدي ملابسها للإستعداد لزيارة إبنتها التي تستضيفها صديقتها بمنزلها
بعد مدة كانت إلهام تجلس أمام السيدة إيمان والدة مي، تضع ساق فوق الاخري بتعالي وتباهي، بعد مدة خرجت أمل من حجرتها مجبرة على مقابلة والدتها بعد محاولات عدة وإلحاح من إيمان لإقناعها بالخروج إليها لاجل خاطرها.

وقفت أمل متصلبة الجسد تتطلع أمامها في اللاشئ، في حين نهضت إيمان و تحدثت إلى مي التي تجاور أمل الوقوف: بعد إذنكم هاخد مي ونقعد جوة في أوضتي علشان تاخدوا راحتكم في الكلام.
وقفت إلهام وتحركت إلى أمل التي تراجعت للخلف وتحدثت بنبرة جامدة وملامح وجة صلبه: يا ريت حضرتك تتفضلي تقولي الكلمتين اللي جاية تقوليهم علشان تريحي بيهم ضميرك، لأني بصراحة معنديش وقت كتير علشان أضيعه في مناقشات عقيمة.

تنهدت إلهام وحركت رأسها يمينا ويسارا بأسي ثم جلست وتحدثت بنبرة مهمومة: هتفضلي لحد أمتي تعاملني بالجفاء ده؟
وأكملت لائمة: بتعاقبيني على إية يا أمل؟
بتعاقبيني على خوفي عليكم وإني عاوزة أضمن لكم جوزات مرتاحه علشان أطمن عليكم؟
نظرت لها أمل وصاحت بتألم وهي تشير بسبابتها على حالها: على حساب كرامتي ومشاعري؟
قد كدة كرامتي اللي إتهانت ملهاش أي قيمة عندك؟

أجابتها بنبرة صادقة: يا بنتي إفهميني، أنا أم وخايفة على بناتي من غدر الزمن، أنا ربيتكم لوحدي بعد بباكم ما أتوفي ونسيت نفسي وضيعت عمري كله على تربيتكم، ما رضيتش أتجوز علشان ما أجيبلكمش جوز أم يضايقكم ويسبب لكم عقد تفضل ملزماكم طول حياتكم، علمتكم احسن تعليم لحد ما بقيتي دكتورة قد الدنيا واختك في كلية ألسن، من حقي لما تيجي فرصة زي نسب دكتور وائل وأهله إني أتمسك بيها بكل قوتي.

أمل بنبرة صارخة: وأنا يا ماما، ومشاعري، والحقير اللي كان مفهمني إنه بيحبني وبعد ما خلاص قرر إنه يخطبني في عيد ميلادي، ظهرت له بنتك الجميلة وقعدت تلعب عليه بإسلوبها اللي إنت عارفاه كويس لحد ما ريل عليها زي الأهبل وجري وراها، لو إنت فعلا أم حقيقية وبتعملي لكرامة بنتك حساب كنتي رفضتي طلب جوازة من ريماس
حركت إلهام رأسها بيأس وتحدثت: للأسف يا أمل، إنت بتفكري بمشاعرك وده غلط كبير،.

وأكملت بقوة: الدنيا دي علشان تبقي قوية فيها وتحصلي على أحسن الفرص والعروض، لازم تركني قلبك وتنسية خالص، ولو حسبتي جواز أختك من وائل هتلاقية فيه خير كتير أوي ليكي إنت قبلنا كلنا.

نظرت عليها بإستغراب فأكملت إلهام غير عابئة بنظراتها: أيوة يا أمل، لو حسبتيها بعقلك هتلاقي إن بمجرد جواز أختك من دكتور وائل ده هيعزز من منصبك في المستشفي، وائل وعدني إنه مستعد يرقيكي لمنصب رئيس قسم في المستشفي، وهيرفع مرتبك لأربع أضعاف
رمقتها بنظرة إشمئزاز وتحدثت: إنت إزاي كدة، بيقولوا الأم بتحس بوجع بنتها لكن أنا مش شايفة ده قدامي.

اجابتها بقوة وجحود: الوجع الحقيقي في الفقر والغربة اللي إنت رايحة ترمي نفسك فيهم يا دكتورة
أجابتها بقوة: وأنا راضية بالفقر والغربة دول وشايفة فيهم راحتية، وكل اللي طالباه منكم إنكم تنسوني وتخرجوني من حياتكم للابد زي ما أنا هخرجكم، وياريت من إنهاردة متحاوليش تقابليني تاني، لأني مش حابة أفتكر أي شئ يربطني بتجربة الخزلان المرة اللي عشتها على إيدك إنت واللي المفروض إنها أختي.

وتحركت إلى الداخل بقلب محطم فاقد الثقة في كل من حولة.

بعد إنتهاء الثلاثة أسابيع مدة أجازة قاسم، حوالي الساعة السادسة صباحا بتوقيت القاهرة
كان يقف أمام مرأته يهندم من ثيابه ويضع عطره فوق ذقنه النابت وعنقة تحت نظراتها التي تشتاقه حتى من قبل الرحيل، تختلس النظرات إلية بقلب ممزق من مجرد فكرة إبتعاد المحبوب.

وما كان حاله بأفضل منها، فقد كان ينظر لإنعكاسها في المرأة وهي تجهز له حقيبة ملابسه، تختلس النظر إلية بين البرهة والاخري مع مراعاتها لعدم رؤياه لها، لكنه بالطبع كان يراها لعدم إحالة بصره عنها
إنتهت من وضع ثيابه وجميع أشيائة الخاصة وتحدثت بنبرة مختنقة لم تستطع السيطرة عليها: شنطتك جهزت يا قاسم
تنهد بألم وتحرك إليها ونظر لداخل عيناها قائلا بشكر: تسلم يدك يا صفا، تعبتك وياي.

أومأت له بأهدابها فتسائل هو بإهتمام: معوزاش حاچة أچيبها لك وياي وأني راجع؟
هزت رأسها بنفي مبتعدة بناظريها عن مرمي عيناه فتحدث هو من جديد: جولي اللي في نفسك، أشري بصباعك على أي حاچة حباها وأني أخلجها لك من تحت الأرض
أجابته بنبرة ضعيفة متأثرة: تسلم يا قاسم، لو عوزت حاچة أكيد هجول لك.

تنهد هو بأسي ثم أمسك كف يدها وتلمسه بنعومة أثارت كلاهما، نظر لداخل عيناها وذابا معا بالنظرات، شعر بحاجتة القوية لإلتهام شفتاها وتقبيلهما برقة ونعومة، إقترب عليها ومال بجزعة لكنها أبعدت جسدها سريع وتراجعت للخلف وهي تبتلع لعابها وصدرها يعلو ويهبط من شدة الإشتياق والتوتر، كانت تريد قبلته أكثر منه، لكنه الكبرياء لا غير.

شعر بإحباط رهيب جراء تراجعها وسحب بصرها وجسدها بعيدا في حركة تدل على إعتراضها الشديد لإقترابة، تحمحم وعذر تصرفها،
أخذ نفس عميق كي يهدئ حاله وما أصابه، وتحدث بهدوء متلاشيا تصرفها: أني مش هتأخر في القاهرة، كام يوم أخلص فيهم القضايا الضرورية وأعاود طوالي، وزي ما جولت لك، أي حاچة تعوزيها رني علي.
نظرت له وأخرجت صوتها بصعوبة بالغة: توصل بالسلامة.

حمل حقيبته وتحرك للخارج وتحركت هي بجوارة حتى وصل إلى باب الشقة ثم نظر لعيناها
مد يده لها ليصافحها فناولته كفها برقة، أمسكه ضاغط عليه بنعومة وإثارة، ثم رفعها وقربها من فمة ووضع شفتاه الغليظة فوق جلد كفها الناعم وثبت نظريهما كل بعيون الاخر وذابت العيون بنظراتها الهائمة، إمتص هو جلد كفها في قبلة خشبت جسديهما معا، ثم أنزل كفها وتحدث بنبرة حنون أذابت قلبها: خلي بالك من نفسك يا صفا، وأني مهتأخرش عليكي.

هزت رأسها بتوتر، تحامل على حالة وخرج كي لا يتخطاه موعد إقلاع الطائرة، أمسكت الباب وتعلقت العيون ببعضها حيث أنه وقف بالخارج ولم تطعه ساقية على التحرك للمضي قدم، تحاملت هي على حالها وتحدثت لتنبهه: الطيارة عتفوتك إكدة.
إبتسم لها بخفة وهتف بنبرة حنون: فداكي يا صفا.
إبتسمت بحزن وتحاملت على حالها وبادرت هي بإغلاق الباب، وكأن إغلاقه كان سكين حادا قطع معه قلبيهما وجعلهما ينزفان بشدة.

أسندت رأسها فوق الباب وأغمضت عيناها بتألم، رفعت كف يدها الذي طبع به قبلته وأمتص جلده بشفتاه، وضعت شفتاها فوق موضع شفتاه وأغمضت عيناها وباتت تقبل موضعهما بقلب يريد الصراخ بأعلي صوته مطالب بعودتة قبل الرحيل، أخذت نفس عميق تشتم به رائحة عطرة التي طبعت فوق جلدها والتصقت به.

أما ذاك العاشق الذي شعر بأن قلبه خرج من بين أضلعه وتركه مهرولا إليها لكي لا يبتعد عنها ويضل بين أحضانها بالداخل، تنهد بألم وتحامل على حالة وتحرك إلى الدرج ليهبط ومنه للخارج بعدما ودع الجميع، كان فارس بإنتظاره كي يصطحبه بسيارته إلى مطار سوهاج.

نظر لأعلي الشرفة على أمل رؤياها، لكنها حطمت أماله ولم تخرج لتوديعة، فتنهد هو وتحرك فارس منطلق بالسيارة ثم نظر إلى شقيقة مترقب ملامح وجهه الحزينة وتسائل بدعابة: مالك يا قاسم، أول مره أشوفك مهموم وإنت مسافر إكدة، ده أنت جبل إكدة كنت بتبجا طاير من الفرحة وإنت مفارج.

تنهد بألم ونظر لشقيقه وتحدث بنغزة داخل صدرة: شكلي طبيت ووجعت في عشج بت أبوها العالية يا فارس، وجع واعر جوي جوة جلبي من وجت ما سبتها فوج ونزلت
تهللت أسارير فارس وهتف بصياح: وكتاب الله كت عارف إنك عشجتها من وجت خناجاتكم اللي مكانتش بتخلص من يوم ما كتبتوا اللكتاب،
وأكمل بنبرة عاقلة: صفا زينة بنات النعمانية وتستاهلك وإنت تستاهلها يا أخوي، وعين العجل إنك معتغدرش بيها ولا بوعدك لعمك.

تنهد بهدوء وأرجع رأسه للخلف ناظرا أمامه بشرود يفكر فيما هو أت، وكيف سيتخلص وينهي خطبته من إيناس بدون خسائر معنوية لها، فبالأخير هو يكن لها إحترام ولا يريد إيذاء مشاعرها وكبريائها.

بعد مرور حوالي الساعة والنصف
دلف من باب مكتبه بترحاب عالي من الموظفين والذين تسائلوا كثيرا عن طول مدة غياب قاسم والذي لم يخبر أحدا من المكتب بقصة زواجه بناء على طلب إيناس لحفظ ماء وجهها أمام زملائها الذين ينتظرون زواجهما خلال الإسبوع القادم.

دلف إلى مكتبه وخلع عنه سترة حلته وعلقها بمكانها المخصص، ثم جلس بمقعدة ودلفت إلية السكرتيرة الخاصة به ومعها ملفات القضايا المتوقفة على موافقتة الشخصية كي يتم قبولها بالمكتب
تحدثت نيرة السكرتيرة بترحاب وهي تضع أمامه أحد الملفات: المكتب نور بوجودك يا أفندم.
أجابها بهدوء: متشكر يا نيرة.

بالكاد إنتهي من جملته ورفع بصره سريع وسلطه على تلك التي دفعت باب المكتب بحدة ودلفت تنظر إلية بنظرات مشتعلة وتحدثت إلى نيرة التي إنتفضت بوقفتها قائلة بنبرة صارمة: سبيني مع الأستاذ لوحدنا يا نيرة.
نظرت نيرة إلى قاسم لتتأكد من قرارة فأومأ لها بأن تفعل ما طلب منها وبالفعل خرجت.

وقفت تنظر عليه بعيون مشتعلة وتحدثت بنبرة غاضبة: هي حصلت كمان تيجي المكتب من غير ما تبلغني إنك جاي وأعرف من مكتب السكرتارية زيي زي الغريب؟
نظر لها ببرود وتحدث بنبرة هادئة إستشاطت داخلها: إهدي يا إيناس من فضلك وياريت متنسيش إننا في شغل والمكتب فيه زباين، ده غير إنه ما يصحش صوتك يبقا عالي كدة قدامي.

كانت تنظر إلية مستغربة حالته ككل، نظراته الباردة وهو ينظر لها، نبرة صوته الجافة وهو يحدثها، أين قاسم، أين حبيبها الذي كان ينظر لها بإهتمام ويحدثها بحماس، نعم لم يكن لها يوم عاشق بالمعني المعروف، لكنه كان مهتم.

تحدثت وهي تدقق النظر بملامح وجهه التي لم تعد تعرفها، لا نظراته لا كلماته ولا حتى ملامحه التي زادت جاذبية ويبدوا عليها الإرتياح: مالك يا قاسم؟ إنت فيك إية متغير، فين سلامك ولهفتك عليا، فين نظرة عيونك ليا لما كنت بتغيب عني يومين
وأكملت بتساؤل حائر: وإزاي قدرت تبعد عني كل الوقت ده من غير ما تكلمني وتطمن عليا!

تنهد بأسي لحالتها الجنونية، وقف وتحرك إليها ليقابل وقفتها، وضع كفية داخل جيب بنطالة وتحدث بنبرة هادئة: فية حاجات كتير جدت يا إيناس ولازم نقعد ونتكلم، من فضلك إتصلي بوالدك ووالدتك وخدي لي ميعاد منهم علشان هاجي أزورهم بعد ميعاد المكتب، فيه كلام لازم يتقال قدامهم ويشاركونا فيه.

تنفست بهدوء وتحدثت إلية بنبرة جادة كألة إلكترونية: لو هتتكلم معاهم في ترتيبات الفرح ما تقلقش، أنا وماما حجزنا القاعة، ومهندس الديكور اللي إنت سلمته الشقة خلص كل التعديلات اللي أنا قلت عليها، والفرش اللي إحنا حجزناه مع بعض قبل ما تسافر سوهاج هيوصل الشقة بكرة، والمهندس قال لي إن بعد يومين بالظبط هيسلمنا المفتاح.

وأكملت بجمود: كل حاجه جاهزة يا قاسم، مفيش غير كروت الدعوة إستنيتك لما توصل علشان نختار تصميمهم سوا
كان يستمع إليها بغصة مرة داخل حلقة، أين كان عقله، ضميرة، أدميته وهو يشرع ويجهز حاله لذبح إبنة عمه وعمه الذي طالما إعتبره ولده الذي لم ينجبة
حتي تلك المسكينة، ماذا ستفعل وكيف ستواجة الجميع بعدما يتركها خطيبها بعد خطبة وأرتباط دام لسبع سنوات!
حقا معضلة صعبة، كيف ستحل يا تري؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة