قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قلبه لا يبالي للكاتبة هدير نور الفصل السادس والعشرون

رواية قلبه لا يبالي للكاتبة هدير نور الفصل السادس والعشرون

رواية قلبه لا يبالي للكاتبة هدير نور الفصل السادس والعشرون

بعد مرور يومين...
كانت داليدا واقفه بغرفة النوم الخاص بها هي و داغر سابقاً في القصر.
حيث عاد داغر إلى المنزل منذ اكثر من نصف ساعه و قد ذهب مباشرة إلى الحمام لكي يستحم لذا صنعت له داليدا الطعام بنفسها واخذته له بالاعلي حتى لا تجعله يهبط إلى الاسفل و ترهقه...
و لم تستطع منع نفسها من فتح خزانه الملابس لكي تخرج له ملابس مريحه كما اعتادت ان تفعل له دائماً...

التفت حولها تتفحص الخزانه و الغرفه التي ازيل منها جنبع اغراضها حيث محي منهم اي اثر لها بهم. فقد نقلت جميع ملابسها و كل شيء خاص بها إلى احدي غرف الخدم التي بالاسفل و بالطبع تعلم جيداً من وراء كل هذا...
بالطبع شهيره التي ما ان عادت للمنزل هي و شقيقتها نورا...

فقد كانت ستجن و تعلم كيف اقنعت داغر باخراجها من المصحه النفسيه فقد كانوا يتعاملوا كما لو كانوا اسياد المنزل يملكونه يأمروها و يأمروا جميع من بالمنزل متعاملين بتعالي و غرور...
و رغم ذلك وعدت داليدا نفسها بانها ستتحمل. ستتحمل من اجله هو فقط و من اجل الا تتركه وحيداً اعمي لا يعلم شيء عن قباحة من يدعون انهم اقاربه الذين ينتظرون الفرصه للقضاء عليه و انهاءه فقد كانوا اقرب للشياطين من البني ادمين...

انتفضت في مكانها بفزع عند سماعها الصوت القاسي لداغر يأتي من خلفها
= بتعملي ايه عندك،؟!
التفت اليه داليدا بارتباك تشير إلى الملابس التي بيدها.
=كنت بطلع لحضرتك هدوم علش...
لكنها ابتلعت باقي جملتها عندما رأته يقف امامها عاري الصدر يعقد حول خصره منشفه فقط، ذكرها مشهده هذا بالكثير من مواقفهم المرحه حول تلك المنشفه التي كانت تصر داليدا ان تعقدها له بنفسها مغيظه اياه وقتها.

رغبت بالبكاء لكنها تمالكت نفسها واضعه الملابس على الفراش قائله بصوت اجش بينما تعدل من حجابها حول رأسها فهي لا تستطيع نزعه امامه و تظهر شعرها له لانها وقتها ستضطر ان تنزعه امام طاهر و الجميع ايضاً فهي بالنسبه إلى داغر امرأه غريبه فلن يفهم لم تنزعه امامه و ترتديه امام الاخرين لذا يجب عليها ارتداءه امامه هو الاخر
=الهدوم اهها، و حضرت لحضرتك الغدا على الطرابيزه...
قاطعها داغر بحده.

=وانتي تطلعيلي هدومي ليه عيل صغير انا مش هعرف اطلع هدومي، و نزلي الاكل ده تحت انا هنزل اكل معاهم...
ليكمل هاتفاً بها بحده
=و اول اخر مره تتخطي حدودك و تسمحي لنفسك تفتحي دولابي او تلمسي حاجه من حاجتي، فاهمه
عند سماعها كلماته المبوخه تلك لم تستطع دليدا التحكم اكثر من ذلك في نفسها فانفجرت باكيه و قد بدأت احداث الشهر المنصرم تظهر اثرها عليها...

وقف داغر يتطلع اليها بارتباك و صدمه شاعراً بغصه في قلبه لرؤيتها تبكي بهذا الشكل و هو لا يعلم سبب هذه الغصه فهو لم يتأثر من قبل ببكاء النساء خاصة النساء التي من نوعها المتدني...
غمغم باحباط بينما يتخذ خطوه متردده نحوها
=انتي بتعيطي ليه دلوقتي هو انا كلمتك او جيت جنبك...

هزت داليدا رأسها بالنفي بينما ترفع وجهها ماسحه بيديها المرتجفه دموعها قد بدأت تسيطر على اعصابها قليلاً مذكره نفسها بانها لا يجب ان تنهار امامه اتجهت بصمت نحو الطاوله تحمل صينيه الطعام التي كانت اعدتها له حتى تغادر و تعيدها للاسفل مره اخري.
لكنه اوقفها قائلاً و هو يتأمل باقتضاب انتفاخ بطنها الذي كان يدل على تقدم حملها الواضح
=سبيها، و انا هبقي اخدها وانا نازل...

همست داليدا بصوت منخفض اجش من اثر بكائها.
رافضه جعله يحمل شيء على ذراعه الذي لا يزال به العديد من الرضوض و الاصابات
=لا هشيلها انا، مفيش مشكله...
لكن قاطعها داغر بحده بينما يتقدم نحوها جاذباً من يدها الصينيه
=قولتلك سبيها، و اتفضلي انتي نزلي...

وقفت داليدا تطلع اليه عدة لحظات وهي تحاول مقاومه رغبتها في القاء نفسها بين ذراعيه تحتضنه حتى تشبع جوعها اليه، تدفن به خوفها وقلقها عليها و على طفلهم مخرجه كل مخاوفها و الامها...
لكنها تنحنحت وهي تومأ برأسها بالموافقه مغادره الغرفه بصمت تاركه اياه واقفاً بمكانه يتطلع إلى اثرها بعينين مشوشه كئيبه حيث الشعور الذي ينبض داخل قلبه كلما رأها عاد مره اخري يعصف به و هو لا يستطع فهم ما يحدث له...

كانت داليدا تساعد صافيه بوضع طعام العشاء على طاولة السفره تحت انظار الجالسين وهي تحاول التحكم في غضبها عندما رأت نورا تتحدث مع داغر و هي تبتسم بينما داغر يستمع اليها باهتمام...
سمعت شهيره تتحدث اليها بصوت منخفض عندما كانت تضع امامها احدي اطباق الطعام
=شوفتي يا داليدا لفيتي لفتك.
و بقيتي في المكان المناسب ليكي خدامه لنا...

اشتعل الغضب داخل داليدا التي وضعت الطبق الاخر امامها بحده مما احدث صوت مرتفع مما جعل داغر ينتبه اليها ظل يتطلع اليها عدة لحظات و عينيه مسلطه على بطنها المنتفخه وحركتها البطيئه بسبب ثقل بطنها قبل ان يتحدث قائلاً بحده
=هو مفيش غيرها هنا يشتغل اومال فين صافيه...
اجابته شهيره وهي تتطلع إلى داليدا ببرود
=صافيه رجليها تعبانه ما انت عارف يا داغر انها كبرت. و باقي الخدم انت مديهم اجازه من قبل تعبك...

لتكمل بينما تشير بيدها نحو داليدا تصرفها قائله بفظاظه
=روحي هاتي باقي الاطباق. واقفه عندك تعملي ايه
غادرت داليدا الغرفه وهي تجز على اسنانها تغمغم بكلمات حاده قاسيه ستجعل شهيره تموت قهراً اذا سمعتها.
تجاهل داغر نورا التي كانت تحدثه مشيراً إلى شهيره قائلاً بحزم
=ايه اللي بتعمليه ده ياشهيره، مش معني انها هتمثل دور خدامه علشان تداروا على قرفكوا تعملي فيها كده ده بطنها قدامها مترين و مش قادره تتحرك.

اجابته شهيره بهدوء يعاكس الغضب المشتعل بداخلها بسبب دافعه عنها حتى بعد ان فقد ذاكرته و نسيها لا يزال يدافع عنها و هي ليست سوا خدامه وضيعه بالنسبه اليه
=اعمل ايه يعني يا داغر، ما صافيه تعبانه...
همهمت نورا موافقه شقيقتها قائله
=ايوه يا داغر عايز شهيره تعمل ايه يعني...
لتكمل و هي تنظر بطرف عينيها نحو الباب إلى داليدا التي تتقدم نحو باب الغرفه.

=بعدين مش علشان لابسه حجاب تبقي محترمه و غلبانه. دي واحده قذره و عايزه قطم رقبتها...
تجمدت داليدا مكانها فور سماع كلمات تلك المريضه عنها ليهتز جسدها بالغضب عندما سمعت شهيره تغمغم
=علي رايك يا نورا دي لبساه تتستر وراه...
قاطعهم داغر بحده و قد، نفذ صبره من هذا كله
=خلاص، كفايه رغي.

لم تتحمل داليدا اكثر من ذلك دلفت إلى الغرفه نحوهم و هي تحمل ين يديها صحنين من الشوربه الساخنه تصنعت بانها ستضعهم امام كلاً من شهيره ونورا لكنها تصنعت التعثر و قامت بسكب الصحنين الممتلئين بالشوربه الساخنه عليهم.
مما جعل نورا و شهيره تنتفضتان واقفتان تصرخ كل منهما باعلي صوت لديهم متألمين من الشوربه التي احرقت جسدهما تراجعت داليدا للخلف تتابعهم باستمتاع وهما يقفزان في مكانهم وهم يصرخون بألم.

وعلي وجهها ترتسم ابتسامه واسعه لكن تلاشت ابتسامتها تلك عندما نهض داغر و اتجه نحوها يهتف بغضب
=ايه اللي انتي هببتيه انتي مجنونه...
وقفت تطلع اليه بصمت غير شاعره بالندم على ما فعلته لكنها انتفضت فازعه شاعره بالخوف عندما رأت شهيره و نورا تندفعان نحوها و هم يطلقون السباب عليهم يهمان بضربها لتسرع داليدا
تقف خلف ظهر داغر تتشبث بقميصه طالبه حمايته بصمت
اوقفهم داغر هاتفاً بغضب بهم.

=ايه هتضربوا واحده حامل. ايه اتجننتوا...
غمغمت نورا بغضب وهي تنظر بحقد نحو داليدا التي تختبئ خلف ظهر داغر
=يعني عايزنا نسكتلها بعد ما حرقتنا...
قاطعها داغر بشراسه بينما يشير إلى شهيره
=خدي اختك، و اطلعوا غيروا هدومكوا و حطوا اي مرهم ملطف على جسمكوا
ليكمل مزمجراً بغضب عندما ظلت شهيره بمكانها تتطلع بغضب وحقد نحو داليدا
=يلاااااا...

انتفضت شهيره في مكانها جاذبه نورا معها للخارج على الفور تنفذ امره وهي تتوعد لداليدا...
بينما وقف داغر يشعر بكامل جسده يشتعل من لمسة تلك الواقفه تتشبث بقميصهمن الخلف مما جعل غضبه يزداد اضعاف مضاعفه فكيف له يتأثر بلمسة امرأه مثلها ابتعد عنها هاتفاً
بها بقسوه
=و انتي ارجعي على المطبخ، و اخر مره اللي عملتيه ده يتكرر تاني...
همست داليدا كاذبه بينما تطلع اليه باعين بريئه تعودت ان تنظر بها اليه سابقاً.

=مكنتش اقصد، الشوربه كانت تقيله وقعت مني غصب عني...
وقف داغر يتطلع اليها و هو يحبس انفاسه متأثراً ببرائتها تلك ولون عينيها الخلابه لكنه هز رأسه بعنف مخرجاً نفسه من هالة تأثره هذه وهو يلعن نفسه فماذا يفعل بحق السماء.
التف مغادراً الغرفه سريعاً دون ان ينطق بحرف واحد بخطوات واسعه مسرعه كما لو كان هناك شياطين تلاحقه...

في الليل...
كان داغر مستلقياً على الفراش بغرفته يتلملم بلا هواده فهو على حالته تلك منذ اكثر من ساعتين يحاول النوم لكن لم يستطع فتلك الرائحه التي تملئ الفراش و الغرفه باكملها تخطف انفاسه جاعله اياه يشعر بانه يفتقد شخصاً ما، شخصاً كان يمثل له الكثير من الاهميه في حياته جذب الوساده التي على الفراش يتنفسها بعمق جعلت تلك الرائحه تتخلل كيانه و قد بدأت ضربات قلبه تزداد بقوه جنونيه...

لكنه رغم ذلك اغمض عينيه بقوه محاولاً تجاهل ذلك ظل مغمض العينين يشغل عقله بعد الارقام حتى سقط بالفعل بالنوم...
لكنه انتفض مستيقظاً من نومه بعد عده ساعات قليله جلس على الفراش بجسده المتعرق المحتقن بالحراره يحاول التقاط انفاسه المختنقه و عندما وجد الصعوبه في ذلك نهض و خرج إلى الشرفه ليلفح وجهه هواء الليل البارد الذي هدئه قليلاً...

اخذ داغر يحاول تذكر الحلم الذي جعله يستيقظ بهذا الشكل فلم يتذكر منه الا تلك المرأه ذات الشعر الاحمر الناري التي كان لها ذات الرائحه التي تملئ فراشه فرغم انه لم يرا وجهها الا انه لا يزال يشعر بها بين ذراعيه كما لو كانت حقيقيه، فقد كانت تحتضنه دافنه وجهها بصدره بينما تتشبث به بقوه وهي تبكي بشكل هستري و شهقات ممزقه كما لو كانت تطلب منه ان ينقذها من شيء ما و الا يتخلي عنها...

مما جعله يشعر في الحلم كما لو كان بكائها هذا حبل غليظ ينعقد حول عنقه يمنع عنه الهواء...
تنفس داغر ملتقطاً انفاسه بعمق جالساً على المقعد الذي بالشرفه محاولاً تحليل هذا الحلم فبحياته لم يقابل امرأه من بذات لون شعر تلك المرأه فمن تكون هذه المرأه، اما ان عقله لا يزال مشوشاً لا يعلم، ظل جالساً بمكانه هذا حتى بزغ صباح يوم جديد دون ان تغف له عين مره اخري...

في الصباح...
استيقظت داليدا ثم تحممت و ارتدت ملابسها عاقده حجابها حول رأسها جيداً خوفاً من ان تقابل طاهر الذي اصبح يضايقها بنظراته الوقحه مره اخري...
لكنها كانت تتجاهله فكل ما يهمها الان هو حماية زوجها من هؤلاء الشياطين الذين عادوا إلى حياتهم مره اخري...

فأي شيء يأكله او يشربه داغر يكون دائماً من صنعها هي او صافيه حتى المياه فمن يدها ليده غير سامحه لهم بالاقتراب من اي شئ يخصه، تراقب اصغر حركاتهم فلن تسمح لهم ان يفعلوا به ما فعلوه بها.
خرجت داليدا إلى بهو المنزل الداخلي تنوي الصعود إلى غرفة داغر تسأله اذا كان يرغب بان تحضر له الافطار بغرفته...

لكن فور خروجها تجمد جسدها بصدمه عندما رأت شهيره تخرج من المطبخ و بيدها فنجان من القهوه تضعه بيد داغر الجالس مع طاهر يتحدثان بجديه في امراً ما...
لم تشعر داليدا بنفسها الا وهي تندفع نحو داغر و عينيها كانت مسلطه برعب على فنجان القهوه الذي كان بيده و الذي اطاحته من يده دون تردد و لو للحظه واحده ليسقط الفنجان من يده على الارض متحطماً و قد تناثرت محتوياته بجميع الانحاء...

انتفض داغر واقفاً هاتفاً بها بغضب وهو لا يصدق ما فعلته...
=ايه اللي انتي عملتيه ده. انتي كل يوم ليكي مصيبه انتي مجنونه و لا ايه بالظبط...
وقف طاهر قائلاً بينما يقترب من داليدا و يقف بجانبها
=معلش يا داغر، امسحها فيا انا هي اكيد متقصدش...
همت داليدا ان تخبره بان يذهب للجحيم و الا يتدخل بأي شيء يخصها لكن قاطعها صوت داغر الخشن الحاد الذي عصف بانحاء المكان.

=بقولك ايه يا طاهر حط لسانك جوا بوقك، ونقطني بسكاتك
ليكمل وهو يلتف إلى داليدا مشيراً بيده نحو الفنجان الملقي على الارض
=عملتي كده ليه، فاهميني
وقفت داليدا تنظر اليه بارتباك لا تدري بماذا تجيبه فهي تصرفت بدافع حمايته ولم تفكر في عواقب فعلتها استدارت تنظر إلى شهيره لتجدها ترمقها بنظره ساخره بينما تلوي شفتيها باستياء فقد كانت تعلم جيداً لما فعلت ذلك تجاهلتها داليدا.

مغمغمه اخيراً و هي تمرر يدها بارتباك فوق حجاب رأسها تتصنع تعديله
=قريت على النت ان القهوه غلط على الذاكره بتاعتك...
لتكمل بشجاعه اكبر مستمره في كذبها محاوله ان تداري فعلتها
=و انها ممكن تأثر عليك، خصوصاً و انك...
قاطعها داغر بغضب و هو يجز على اسنانه بقسوه بينما يقبض على يديه بجانبه
=اخفي من قدامي حالاً، مش عايز اشوف وشك...

اومأت داليدا برأسها بالموافقه ثم استدارت منصرفه وعلى شفتيها ترتسم ابتسامه خفيفه تنم على الراحه فلا يهمها غضبه او استياءه فيكفي بالنسبه اليها انها لم تسمح لشهيره بتنفيذ ما تريده...
دلفت إلى المطبخ قائله بلوم لصافيه الجالسه على طاولة المطبخ.
=كده يا ست صافيه هو ده اتفاقنا سوا، كده تخليها تعمله القهوه و تدهاله...
نهضت صافيه واقفه قائله سريعاً.

=اعمل ايه يا بنتي انا عملتهاله بايدي و جيت اطلعهاله لقيتها طبه عليا زي القدر المستعجل و اصرت تخدها بنفسها له، و انتي عارفه اني مقدرش عليها دي مفتريه...
لتكمل سريعاً وهي تربت على يد داليدا.

=بس على مين انا مشيت وراها خطوه بخطوه ومتخفيش محطتش حاجه فيها ولما ادورت ولقتني وراها قولتلها اني نسيت احط كوباية ميا لداغر بيه خدتها مني وطلعت ع برا على طول يعني استحاله تكون لحقت تحط حاجه فيها، متقلقيش يا حبيبتي.
هزت داليدا رأسها قائله بهدوء
= لا ما انا مش قلقانه كده كده داغر مشربهاش...
قطبت صافيه حاجبيها قائله
=ازاي بقي...

اخذت تحكي لها داليدا ما فعلته لتنفجر صافيه ضاحكه لتضحك داليدا هي الاخري معها...
ربتت صافيه على ظهرها قائله باستحسان
=جدعه، و الله يا داليدا، ايوه كده خليكي في ضهر جوزك لحد ما الغمه دي تنزاح...
ابتسمت لها داليدا قائله وهي تضغط على يدها التي تمسك بها
=اهم حاجه خاليكي معايا، لازم ناخد بالنا من كل حاجه بيعملوها دول شياطين...
احتضنتها صافيه إلى صدرها بحنان.

=معاكي يا حبيبتي متخفيش داغر ده ابني اللي مربياه على ايديا، و انتي كمان يعلم ربنا غلوتك عندي اللي زادت اضعاف مضاعفه من وقت تعب داغر و وقفتك معاه، اهم حاجه تاخدي بالك من صحتك انتي على وش ولاده
اومأت داليدا برأسها وهي تزفر براحه متنعمه باحتضان صافيه لها فقد اشعرتها بحنان الام الذي تفتقده خاصه في هذه الفتره...
= الله على الحب و الحنان. سيبين شغلكوا و عاملين تحبوا في بعض مش كده...

ابتعدت داليدا عن صافيه ببطئ لتلتف نحو شهيره الواقفه بمدخل المطبخ تطلع اليهم بغضب و حده
لتجيبها داليدا
=شغل ايه انت صدقتي نفسك بجد ولا ايه...
خطت شهيره إلى داخل المطبخ تغمغم ببرود كما لو ان داليدا لم تتحدت
=انتي ياللي اسمك داليدا تروحي تنضفي الاوض اللي فوق و بعد ما تخلصيها تنضفي الاوض اللي تحت كلها...
اطلقت داليدا ضحكه رنانه ساخره
=الكلام ده ليا انا، انتي مجنونه؟!

لتكمل هي تتطلع اليها بتحدي وعينيها تلتمع بشراسه
=مش هيحصل، و لو مش عجبك اخبطي راسك في اقرب حيطه...
اقتربت منها شهيره هاتفه بغيظ
=هتعملي اللي قولتلك عليه، و لا تحبي اخلي داغر يطردك طردة الكلاب بكلمه واحده مني...
شحب وجه داليدا فور سماعها كلماتها تلك مدركه انها قادره على فعل ذلك لكنها استجمعت شجاعتها تجيبها ببرود مصطنع.

=اعملي اللي تعمليه، بس انا و انتي عارفين انك كنت تقدري تعملي كده من اول يوم خرج فيه داغر من المستشفي، و معني انك معملتيش ده لحد دلوقتي يبقي انتي محتاجني هنا و في حاجه في دماغك كمان...
لتكمل وهي تلتقط انفاسها اللاهثه بصعوبه بسبب انفعالها
=علشان كده مش هتقدري تعملي حاجه يا شهيره، انا ملزمه بتنضيف اوضة جوزي بس، و تحضير اكله هو بس، فاهمه...

وقفت شهيره تطلع اليها عدة لحظات و شرارت الغضب تتقافز من عينيها غمغمت بصوت حاد لاذع و هي تمسك بذراع داليدا غارزه اظافرها الحاده بذراعها حتى ادمته مما جعل داليدا تصرخ متألمه
=هخاليكي تندمي على كل لحظه قررتي فيها تقفي قدامي قسماً بالله لهخاليكي تبكي بدل الدموع دم...
صرخت داليدا متألمه وقد كانت على وشك البكاء فاظافرها تمزق جلذ ذراعها حاولت نزع ذراع من قبضتها لكنها زادت من غرز اظافرها اكثر.

قبضت صافيه على يد شهيره نازعه اياها عن ذراع داليدا حيث لم تعد تتحمل الوقوف تشاهد بصمت ما يحدث هاتفه بحده
=كفايه كده يا شهيره هانم...
التفت اليها شهيره تطلع اليها بقسوهو شراسه و هي لا تصدق انها تجرأت على التدخل بينهم لكنها تعلم انها لا تستطع فعل شيء معها فداغر يعدها كوالدته اومأت لها مبتسمه ابتسامه متشنجه قبل ان تنصرف و تغادر المطبخ وهي تلفظ لعنات حادة تأذي اذن من يسمعها...

تاركه داليدا تبكي بحضن صافيه التي اخذت تربت على ظهرها بحنان محاوله تهدئتها.

كانت داليدا واقفه بغرفه داغر تقوم بترتيبها و التأكد من دوائه مثل كل يوم حيث تقوم بالتأكد من الاسماء المدونه على كل شريط منها حيث بحثت عنهم على الانترنت و اطمئنت انهم علاج خاص فعلاً بحالته...
و كل يوم تتأكد من الاسماء المدونه عليها خوفاً من ان تقوم شهيره بتبديلها...

وقفت داليدا تتطلع إلى الغرفه و تتذكر كل ذكرياتهم سوياً بها و غصة الم تتشكل بقلبها مما جعلها تكاد تنفجر باكيه لكنها سرعان ما تمالكت نفسها راسمه ابتسامه على وجهها و وقفت امام المرأه تنظر بفرح إلى بطنها المنتفخه فقد كان طفلها يوماً بعد يوم يكبر و رغم تعبها و ارهاقها الذي يزداد كل يوم الا انها تشعر بالسعاده و الراحه بانه في صحه جيدة...

دخل داغر غرفته ليتجمد في مكانه فور رؤيته لها واقفه امام مرأته تمرر يدها بلطف و حنان على بطنها وهي تبتسم بفرح. شعر بضربات قلبه تعصف بداخله و انفاسه تنحبس بداخل صدره...
لكنه سرعان ما عنف نفسه على حالته تلك تحرك لداخل الغرفه مغلقاً الباب بقوه جعلتها تنتفض فازعه في مكانها راقب وجهها يحمر بالخجل بينما تبتعد من امام المرأه
اقترب منها مغمغماً بحده
=بتعملي ايه هنا،؟!

تنحنحت داليدا مجيبه اياه بينما تمرر عينيها بانحاء الغرفه
=كنت بنضف الاوضه...
اومأ داغر برأسه باقتضاب قائلاً وهو يشير إلى باب الغرفه
=طيب اتفضلي، علشان عايز اغير هدومي علشان عندي ميعاد مهم...
رنت كلماته في اذنها كما لو كانت صوت انذار، و قد بدأت الغيره تمزق قلبها...
فمع من موعده هذا هل سيخرج مع امرأه اخري فهي تعلم انه قبل زواجهم كان له العديد من العلاقات مع النساء و هو الان اعزب كما يعتقد هو...

لم تتمكن منع نفسها من الاندفاع و سؤاله بحده
=ميعاد،؟ ميعاد مع مين،؟!
احتد و جه داغر بالغضب فور سماعه سؤالها هذا مما جعلها تبتلع
لعابها بصعوبه عندما رأته يقترب منها متراجعه إلى الخلف بخوف
لكنه توقف في مكانه عندما رأي الذعر المرتسم فوق وجهها
زافراً بغضب وهو يهتف بحده من بين اسنانه
=و انتي مالك انتي، بتتدخلي في اللي مالكيش فيه...
اجابته داليدا بارتباك و حده مماثله لحدته و قد اعمتها غيرتها.

=عندك حق. و انا مالي ان شالله يكون عندك ميعاد حتى مع واحده حتي، و انا مالي
قاطعها داغر هاتفاً بقسوه بينما يشيره بيده نحو باب الغرفه
=اطلعي برا علشان انا جبتي اخري معاكي. بدل ما اتخليني اتجنن عليكي...

ركضت داليدا نحو الباب هاربه من امامه فهي تعلم جيداً كيف يكون عندما يغضب فقد كانت في السابق تستطيع السيطره على غضبه هذا بلمسه واحده منها. لكن الان اصبح محرماً عليها لمسه فاذا فعلتها فستصبح بنظره ليست الا عاهره...

في وقت لاحق...
كانت داليدا جالسه على الفراش بغرفتها المخصصه للخدم تدلك قدميها المتورمه و هي تبكي فقد اشتد الالم عليها بسبب انها اصبحت تقف كثيراً عليها...
تذكرت داغر عندما كان يدلكها لها عندما كانت تتورم مغدقاً اياها بحبه و حنانه.

مسحت دموعها بيدها مرتجفه مستلقيه على الفراش محاوله النوم و تجاهل نيران الغيره المشتعله بقلبها و قد بدأ عقلها يصور لها مشاهد لداغر مع امرأه اخري كما لو كانت حقيقه تراها بعينيها...

انتفضت واقفه مرتديه حجابها خارجه من غرفتهاو تجلس بغرفة الاستقبال تنتظره لا تعلم ما الذي ستفعله عندما تراه لكنها ترغب برؤيته عند عودته كانت الساعه قد تجاوزت الثانيه صباحاً و لم يعد بعد و القصر باكمله غارق بالصمت حيث قد نام الجميع ظلت داليدا جالسه على الاريكه منتظره اياه حتى سقطت بالنوم وهي جالسه دون ان تشعر. لكنها استيقظت عندما شعرت بيد دافئه تمر فوق ساقها من فوق منامتها همست بصوت اجش غير واعي من اثر النوم.

=داغر...
اخذت اليد تمر فوق ساقها بينما اصبح توجد انفاس حاره لاهثه بجانب اذنها مما جعلها تفتح عينيها بحده و قد بدأت تفيق من نعاسها ليدب الذعر بكامل جسدها عندما رأت وجه طاهر الذي كان قريب منها للغايه بينما كان يشرف عليها بجسده اسرعت بدفعه بقوه في صدره مما جعل توازنه يختل و يسقط فوقها مما جعلها انفاسها تنحبس داخل صدرها هاتفه بانفس لاهثه منقطعه و قد شحب وجهها من شدة الخوف.

=ابعد، ابعد عني يا حيوان يا ابن الكلب.
من ثم حاولت دفعه في صدره لكنه كان كالحجر لم يتزحزح من مكانه مقرباً وجهه منها محاولاً تقبيلها على شفتيها لكنها ارجعت رأسها للخلف بعيداً.
قرب وجهه منها هامساً بصوت اجش مقزز
=انتي عارفه انا مستني اللحظه دي من امتي...
ثم امتدت يده محاولاً لمسها لكنه ابتعد عنها فجأه دون سابق انذار جلست داليدا بارتباك تشاهد داغر يمسكه من قميصه و وجهه مشتعل بغضب عاصف.

=بتعمل ايه يا حيوان يا وسخ، نجاستك دي مش في بيتي فاهم...
ثم دفعه نحو الباب وهو يزمجر بحده
=غور من وشي...
ركض طاهر خارجاً من الغرفه وكامل جسده ينتفض بخوف...
من ثم التف داغر إلى داليدا الجالسه بوجه شاحب
=و انتي انا استحملت قرفك كتير بس لحد كده، و كفايه تاخدي شنطتك و تخفي من هنا...

شعرت داليدا بانفاسها تنسحب من داخل صدرها كما لو ان المكان يطبق جدرانه عليها نطقت بصوت مكتوم باكي القهر ينبثق منه و هي لا تصدق بانه يظنها على علاقه بطاهر...
=داغر...
قاطعها على الفور صائحاً بصوت حاد يبث الرعب داخل من يسمعه و كان يملك عقلاً
=اسمي داغر بيه، الزمي حدودك معايا...
ليكمل بصوت حاد كنصل السكين من بين اسنانه المطبقه بقسوه و هو يرمقها بازدراء
=اصحي الصبح ملقيش ليكي اثر في بيتي. فاهمه...

حدقت داليدا في وجهه بخوف من لهيب الكراهية الذي يلتمع بعينيه قبل ان يستدير و يتركها مغادراً المكان بخطوات عاصفه...
بينما انهارت هي على الارض جالسه تبكي كما لم تبكي طوال حياتها تشعر بالعجز و الخوف تريد اخباره بحقيقة من هي بالنسبه اليه لكنها في ذات الوقا خائفه عليه شعرت بدوامه سوداء تبتلعها لتغيب عن الوعي على الفور...
،!
في الصباح...
كان داغر واقفاً ببهو القصر الداخلي يتشاجر مع شهيره.

=قولتلك مش هتعقد هنا ولا دقيقه واحده الموضوع خلص.
همهمت شهيره بارتباك محاوله فهم ما حدث
=طيب فهمني ايه حصل...
اجابها داغر بحنق
=ابقي اسألي البيه جوزك و هو يقولك...
قاطعته شهيره وهي تتخذ خطوات منه و هي تتصنع عدم الفهم فقد اخبرها طاهر كل شيء ليلة امس عندما فر هارباً اليها
=طاهر مختفي من امبارح، وكلمني الصبح و قالي انه كان بايت في الشركه و مش هيرجع دلوقتي...

قاطعت جملتها عندما شاهدت داليدا تفترب منهم بوجه شاحب تجر حقيبه ضخمه خلفها
حتي وقفت امام داغر تتطلع اليه بصمت لكنه ابعد نظره عنها بحده بينما وقفت تراقب شهيره ما يحدث بينهم باعين كالصقر.
همست داليدا بصوت مرتجف
= انا همشي زي ما امرتني...
لتكمل و هي تضغط على حروف باقي جملتها
=يا داغر بيه...
هتفت شهيره وهي تتصنع الحزن بينما ترمق داليدا بنظره تمتلئ بالشماته
=و هتروحي فين انتي مالكيش اي حد...

قاطعتها داليدا بحده
=هروح في داهيه. مالكيش دعوه انتي...
لكنها فجأه اطلقت صرخه متألمه ملقيه الحقيبه من يدها على الارض ممسكه ببطنها و هي تصرخ بصوت اعلي مما جعل داغر يستدير اليها قائلاً بارتباك
=ايه ده، في ايه مالك...
صرخت داليدا بألم اكبر وهي تبكي منتحبه
=شكلي بولد...
انهت جملتها تلك مطلقه صرخة متألمة. بينما صاحت شهيره وهي تخبر داغر =اتصل بطاهر يجي يخدها يوديها للمستشفي.

لكن داليدا امسكت بيد داغر تتشبث بها وهي تبكي
=علشان خاطري، لا متسبنيش لوحدي...
وقف داغر يتطلع اليها بارتباك ينقل نظره منها إلى شهيره التي كانت علامات الرفض و الغضب تملئ وجهها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة