قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قلبه لا يبالي للكاتبة هدير نور الفصل الثاني والعشرون

رواية قلبه لا يبالي للكاتبة هدير نور الفصل الثاني والعشرون

رواية قلبه لا يبالي للكاتبة هدير نور الفصل الثاني والعشرون

كان زكي جالساً يتطلع بقلق إلى رب عمله الذي كان جالساً محني الرأس ينظر امامه باعين محتقنه بشرود فمنذ ان وصلوا إلى المشفي اي منذ اكثر من ساعتين و هو على حالته تلك.
فلأول مره منذ ان عمل لديه يراه بهذه الحاله من الضعف و الضياع فقد كان دائماً ذو شخصيه قويه لا تتأثر بشيئ...
لكنه الان يبدو ضائعاً. عاجز بطريقه لم يعهدها به من قبل...
اقترب منه زكي بتردد جالساً بجانبه واضعاً يده فوق كتفه يضغط عليها بقوه.

=متقلقش يا باشا ان شاء الله هتبقي كويسه...
لم يجبه داغر حيث ظل محني الرأس بصمت كما لو كان لم غارقاً بعالمه المظلم. لكنه فور ان سمع باب الغرفة التي ادخلت اليها داليدا عند وصولهم إلى المشفي تفتح انتفض واقفاً برغم الارتعاشة التي بقدميه و قصف قلبه الذي يدوي في داخله من الخوف الا انه اتجه سريعاً نحو الطبيب قائلاً بصوت
=داليدا، عامله ايه...
اجابه الطبيب الشاب بصوت يملئه الحزن.

=مش عارفه اقولك ايه يا داغر بيه بس للاسف داليدا هانم حصلها ارتخاء شديد في الاعصاب و ده هيتسبب في عجزها في تحريك ايديها و رجليها...
شحب وجه داغر و قد انسحبت انفاسه من داخل صدره كما لو ان المكان يطبق جدرانه من حوله فور سماعه هذا همس بصوت مختنق مرتجف
=يعني ايه، داليدا اتشلت،؟!
اسرع الطبيب قائلاً.

=شوف يا داغر بيه مفيش حاجه هقدر احددها الا لما نتيجة التحاليل و الاشاعه تظهر لان دول اللي هيحددوا حالتها بالظبط...
ليكمل بهدوء و هو يتطلع إلى الورق الذي بين يده
= و متقلقش الحمد لله لسانها متأثرش حالة السكوت اللي هي فيها دي من اثر الخوف و من الواضح انها تعرضت لصدمه كبيره لما حاولت تتحرك و معرفتش علشان كده لازم تتعرض على طبيب نفسي بس انا بفضل انك انت اللي تتكلم معها وتخفف عنها و تطمنها...

ليكمل مغمغماً و هو يغادر
=اول ما تتيجة التحاليل تظهر هبلغ حضرتك، عن اذنك.

ترنح داغر في مكانه لينهار على الارض جالساً بين المقاعد يدفن رأسه المحني بين ساقيه و لأول مره بحياته ينفجر باكياً بكاء مرير صامت اهتز له كامل جسده شاعراً بألم يكاد يمزق قلبه و هو لا يصدق ان داليدا قد اصبحت عاجزه. لا يمكنه تصور مدي الخوف والرعب الذي واجهتهم بمفردها عندما حاولت التحرك و لم تستطع، اين كان هو وقتها. كان يحضر حفلته اللعينه و هو غاضب منها و يتوعدها...

اخذ يضرب رأسه بقبضته بقسوه و هو يشعر برغبه حارقه بالصراخ باعلي صوت لديه و يحطم كل ما تقع يده عليه فروحه كانت تتلوي على جمر الحزن و الالم و الغضب من نفسه لا يمكنه روؤيتها تتألم فالموت ارحم له من رؤيتها هكذا...
لكن لا فزوجته تحتاجه، فسوف يكون قوياً من اجلها، من اجلها هي فقط...

نهض ببطئ على قدميه المهتزه متجهاً نحو غرفة داليدا لكن اسرع نحوه زكي الذي كان يراقبه بحزن و عجز منذ قليل ممسكاً بذراعه يمنعه من الدخول إلى غرفتها قائلاً بتردد و هو يفحص مظهره المبعثر و عينيه المحتقنه...
=داغر بيه مينفعش تخليها تشوفك بمنظرك ده...
توقف داغر في مكانه صامتاً قليلاً قبل ان يومأ برأسه ببطئ فمعه حق لا يجب ان تراه داليدا بحالته تلك حتى لا يؤثر عليها سالباً فيجب ان يظهر امامها قوياً...

اتجه على الفور نحو الحمام الخاص بالمشفي واقفاً به عدة دقائق جامداً محاولاً تنظيم انفاسه و تهدئة نفسه ثم قام بغسل وجهه بالماء البارد قبل ان يخرج و يتوجه نحو غرفة داليدا بغد ان شعر انه افضل حالاً...
دلف إلى الغرفة بخطوات بطيئه مرتجفه و قبضة حاده تعتصر قلبه
خائفاً من مواجهتها فلا يعلم ما الذي يجب عليه قوله لها و مواستها به فقلبه ممزق.

تجمد بمكانه فور ان وقعت عينيه على جسدها المستلقي فوق فراش المشفي تنظر امامها بعينين جامده، شارده كما لو كانت بعالم اخر غير عالمهم هذا...
اقترب منها بخطوات متهالكه شاعراً بألم يمزق روحه و هو يراها في حالتها تلك جلس مقابلاً لها على الفراش هامساً باسمها بصوت منخفض و هو يغصب شفتيه على رسم ابتسامه لطيفه...
اخذت ترفرف بعينيها عدة لحظات قبل ان تنصب عليه كما لو انها تحاول استعاب وجوده معها.

اهتز جسد داغر بصدمه فور رؤيته لها تنفجر فجأه باكيه بدموع غزيره اغرقت وجنتيها...
اقترب منها على الفور هاتفاً بصوت معذب
=انا معاكي، معاكي يا حبيبتي...
احتضن رأسها إلى صدره مربتاً بحنان على شعرها بصمت تاركاً اياها تبكي مانحاً اياها الفرصه لكي تخرج ما بها من الم و خوف.

انحنى مقبلاً جبينها بحنان مستنشقاً رائحتها بعمق محاولاً تهدئت ارتجافة قلبه و هو لا يزال يربت على شعرها مهدهداً اياها بحنان، لكن عندما ازداد انتحابها و ارتجافة جسدها بين ذراعيه، اسرع بغلق عينيه بقوه محاولاً التحكم بتلك الدموع التي احتقنت بها عينيه حتى لا يجعلها تراه وهو بحالته الضعيفه تلك حتى لا يزيد من حزنها.

ظل يهدهدها بحنان بين ذراعيه كما لو كانت طفله صغيره و عندما شعر باهتزازت جسدها تهدأ اخذ يتحدث معها بصوت منخفض محاولاً بث الاطمئنان بها حتى تنفك عقدة لسانها.
=انا معاكي يا حبيبتي، و مفيش حاجه هتقدر تأذيكي...
ليكمل بصوت جعله واثقاً قدر الامكان حتى يبث الاطمئنان بها
=و انتي هتخفي. و هتبقي كويسه و الله هتخفي...

رأها تخفض عينيها تتطلع بعذاب وحسره إلى يديها المرتخيه بجانبها على الفراش و قدميها المغطاه بالشرشف...
ليفهم ما تحاول قوله همس في اذنها بصوت واثق و هو يزيد من احتضانه لها
=و الله هتبقي كويسه...
انحني عليها ينظر الها بثبات بعينيه المحتقنه كالدماء و هو يكمل بصوت اجش صارم كما لو كان يقطع لها عهداً
= هتقومي و هتتحركي ولو كلفني ده كل جنيه املكه...

وضع شفتيه فوق جفن عينيها يقبلها بحنان و هو يردف بصوت ممزق بالالم
=انتي اهم و اغلي حاجه في حياتي يا داليدا، علشان خاطري. لو بتحبيني بجد مش هتستسلمي و هتبقي قويه...
شعر بقلبه يرتجف داخل صدره بقوه عندما دفنت وجهها المبلل بالدموع بعنقه تبكي بصمت ليكمل بصوت مختنق...
=علشان خاطري يا داليدا ح...

توقف عن تكملة جملته عندما سمعها تهمس بصوت ضعيف اسمه رفع وجهها عن عنقه و هو لا يصدق انها تحدثت و نطقت اسمه بالفعل اخذ يتطلع اليها بأمل لكنها كانت تبكي بصمت و لم تتحرك شفتيها ليشعر باليائس يسيطر عليه من جديد عندما علم انه كان يتخيل ذلك...
هم ان يتحدث اليها محاولاً الا يظهر احباطه هذا عندما فجأته وتحدثت بصوت منخفض مرتجف
=انا خايفه، خايفه اوي.

همست بصوت متقطع من بين شهقات بكائها الممزقه التي بدأت تندلع من حنجرتها
=علشان خاطري متسبنيش انا حاسه اني لوحدي انا ماليش غيرك...
ضمها داغر إلى صدره ممطراً رأسها بقبلات متفرقه وهو لم يعد يستطع حبس دموعه اكثر من ذلك بينما يحمد الله...
ظل دافناً وجهه بشعرها مشدداً من احتضانه لها محاولاً تمالك نفسه و السيطره على ذلك الالم الذي يعصف بقلبه.

استنشق رائحتها بعمق قبل ان يمسح وجهه سريعاً بيده الهتزه الدموع العالقه به محيطاً وجهها بيديه
=انا معاكي و هفضل معاكي لاخر لحظه في عمري في كل خطوه و في كل لحظه في اللي جاي انا معاكي في ظهرك، و عمرك ما هتبقي لوحدك...
حاولت رفع يدها لكي تضعها على خدها كما هي معتاده متناسيه حالتها و عندما رفضت يدها اطاعتها انفجرت باكيه بألم وحسره مره اخري...

زاد داغر من احتضانه لها هامساً لها بكلمات مهدئه في اذنها عن مدي حبه وعشقه لها ظلت مستكينه فوق صدره حتى غرقت بالنوم...

بعد مرور ساعه...
كان داغر لايزال يحتضن بين ذراعيه داليدا النائمه و يده تمر بحنان فوق ذراعها بينما عقله شارداً يحاول ايجاد حل لحالتها تلك.
فقد قرر البحث عن افضل طبيب متخصص في مرضها...
كما انه سيجعله يحضر إلى مصر لمعالجتها فهو لن يجازف و يجعلها تسافر للخارج بحالتها تلك...
فسوف يكرث كل ما يملكه لعالجها حتى لو اضطر إلى انفاق جميع ما يملكه...

اندلع طرق خفيف على باب الغرفه قبل ان يفتح ليجد زكي يقف بمدخل الغرفه متنحنحاً بحرج بينما عينيه منخفضه مسلطه بالارض هامساً بصوت منخفض حتى لا يزعج داليدا النائمه
=داغر باشا دكتور هشام مستني حضرتك برا نتيجة التحاليل ظهرت...
ثم انصرف على الفور دون ان ينتظر اجابة داغر عليه تاركاً الغرفه مانحاً اياهم الخصوصيه...

نهض داغر ببطئ من جانب داليدا محاولاً عدم ايقاظها بينما يصارع الخوف الذي ينبض بداخله لكنه قبل ان يتركها و يذهب قبل جبينها بحنان جاذباً الغطاء فوق جسدها ثم خرج غالقاً الباب خلفه بهدوء...
فور خروجه للممر وجد الطبيب واقفاً بالخارج يتطلع إلى عدة اوراق بيده
غمغم داغر بلهفه و هو يقترب منه
=هااا خير يا دكتور طمني...
اجابه الطبيب بهدوء بينما يرفع نظره عن الورق.

=اول حاجه حابب اقولهالك ان الاشاعه و التحاليل اظهرت ان الحمد لله ان الوضع مش بالسوء اللي كنت متخيله...
ثم توقف متردداً قبل ان يردف
=و بينت حاجه كمان مكنتش متخيلها، التحاليل اظهرت ان في ماده كيميائه غريبه في جسم داليدا هانم هي اللي اتسببت في حالتها دي...
غمغم داغر و هو يعقد حاجبيه بعدم فهم
=ماده كيميائيه ايه بالظبط.
اجابه الطبيب بينما ينقل نظره من داغر إلى زكي بتردد.

=يعني في حد كان بيديها حبوب اتسببت في حالتها دي، و الحبوب دي استحاله تكون هي تعرف عنها حاجه لان الحبوب اللي من النوع ده مخصصه لكده لصلاً و محرمه دولياً و مش موحود منها في مصر...
لم يشعر داغر بنفسه الا و هو يندفع نحو الطبيب يقبض على عنقه هاتفاً بشراسه و قد اعماه الغضب فور سماعه كلماته تلك
=انت بتقول ايه، انت اتجننت، حبوب ايه اللي تعمل في مراتي كده.

حاول زكي جذبه بعيداً عن الطبيب الذي شحب وجهه بخوف و هو يهتف بينما يسعل بحده
=دي الحقيقه يا داغر بيه مرات حضرتك حد كان قاصد يأذيها و يوصلها للحاله دي.
همس داغر بصوت متحشرج منصدم بينما يترك ياقة قميص الطبيب ببطئ
=شهيره...
اكمل الطبيب بينما يعدل من قميصه.

=الحمد لله ان حالتها مش بالصعوبه اللي كنت متخيلها من الواضح انها مخدتش الحبوب دي بانتظام علشان كده معملتش الاثر اللي مصنوعه علشانه و اللي هو حدوث شلل في جميع انحاء الجسم يعني الضحيه متقدرش تحرك عضله واحده في جسمها تبقي مجرد جه حيه بتتنفس و بس...
ليكمل سريعاً عندما رأي وجه داغر الذي شحب بفزع.

=لكن الحمد لله قدرنا نكتشف الموضوع قبل ما يتطور و تستمر في اخد الحبوب دي لوقت طويل وقتها فعلاً مكناش هنقدر ننقذها. هي طبعاً هتاخد وقت عقبال ما ترجع لطبيعتها تاني. و طبعاً لازم نطرد الماده دي من جسمها و ده هيقلل كتير من الاضرار...
اومأ داغر برأسه بينما يشعر ببعض الراحه لكنه شعر بالقلق و التوتر ينتباه مره اخري عندما رأي الطبيب ينظر اليه بتردد كما لو كان يريد اخباره بشئ لكن خائفاً
=في ايه، تاني؟

تنحنح الطبيب فاركاً خلف عنقه قبل ان يجيبه بصوت هادئ يعاكس معالم الخوف المرتسمه على وجهه
=التحاليل الدم اظهرت برضو ان، ان. داليدا هانم حامل في نهاية الشهر الاول...
ظل داغر يتطلع اليه باعين متسعه بالصدمه و عقله غير قادر على استيعاب ما قاله لكنه افاق عندما ربت زكي على كتفه هاتفاً ببفرح
=مبروك. مبروك يا داغر باشا...

اشرق وجه داغر بابتسامه واسعه و قد بدأ باستيعاب الامر فداليدا حامل بطفلهم الذي كان يتمناه منذ بداية زواجهم لكن ذبلت ابتسامته تلك عندما استمع إلى كلمات الطبيب التاليه.

=للاسف يا داغر باشا ممكن يكون الجنين اتأثر بالحبوب دي هو كمان وممكن يكون حصله تشوهات، علشان كده اول ما داليدا هانم تصحي الطبيب المتخصص هيكشف عليها بس مش هنقدر نطمن الا لما تبقي في الشهر الثالث علشان نقدر نعمل سونار ثلاثي الابعاد هيكون وقتها الجنين اجزاءه بدأت تتكون و نقدر نكتشف لو فيه اي خلل، لكن التأكيد هيبقي من خلال السونار الرباعي و ده مش هنقدر نعمله الا في اول الشهر الخامس باذن الله بس داليدا هانم اهم حاجه ت...

قاطعه داغر الذي هتف بحده بينما يحاول ابتلاع الغصه التي تشكلت بحلقه بينما يشعر بعالمه باكمله ينهار من حوله فلم يعد يعلم لما يحدث معهم كل ذلك، فمل هذا بسبب تلك الشيطانه شهيره توعد بداخله لها بانه سيذيقها الالم الذي جعلتهم يشعرون به اضعاف مضاعفه سيجعلها تتمني الموت مما سيفعله بها...
=داليدا مش هتعرف انها حامل الا لما تبدأ تخرج من حالة الاكتئاب اللي هي فيها، لو عرفت دلوقتي هتتعب اكتر انا عارفها...

اومأ الطبيب قائلاً
=عندك حق، عمتاً اول ما هتصحي دكتور النسا هيكشف عليهاو نطمن على وضع الجنين و هنقولها ان احنا بنطمن على باقي الاعصاب في جسمها مش اكتر...
اومأ له داغر بصمت و هو يشعر بالخوف و القلق لما هو ات فالأمر بدأ يتافقم ويصبح اصعب مما كان يتخيل فالامر اصبح لا يمس زوجته فقط بل يمس ايضاً طفلهم الذي لم يولد بعد...

انصرف الطبيب بينما ظل داغر تائهاً بافكاره محاولاً فهم كيف استطاعت جعل داليدا تتناول تلك الحبوب اللعينه فشهيره لن تستطع الوصول إلى طعام داليدا يومياً خاصة بعد ان طردها من المنزل اذا احدي الخدم هو من يساعدها في فعل ذلك...
التف إلى زكي الذي كان يقف بجانبه
=عايز 10من الحرس يقفوا على باب اوضة داليدا محدش يدخل لحد ما ارجع حتى لو الدكتور نفسه فاهم...
اومأ زكي برأسه قائلاً بطاعه
=فاهم بس ليه كل ده يا باشا...

اجابه داغر بوجه مقتصب بينما يتحرك من مكانه
=هتعرف دلوقتي، تعالي معايا...
تبعه زكي بالفعل وهو لا يعلم إلى اين هم ذاهبين او فيما يفكر او ما يخطط له.

بعد مرور نصف ساعه في قصر الدويري...
اقتحم داغر الغرفه الخاصه بمروه الخادمه التي كانت مستغرقه بالنوم وقتها لكنها انتفضت جالسه على الفراش فازعه فور سماعها صوت القوي لارتطام الباب بالحائط لتشاهد داغر الدويري يدلف إلى الغرفه بخطوات غاضبه و وجهه مشتعل بالغضب و الشراسه كما لو كان شيطان يتحرك نحوها بينما يتبعه زكي رئيس الامن للخاص به...
صرخت مروه بخوف و هي تتمسك بغطاء فراشها.

=ايه ده. في ايه؟ انتوا بتعملوا ايه في اوضت...
لكنها ابتلعت باقي جملتها صارخه بألم عندما قبض داغر على شعرها يجذبها منه بقسوه حتى وقعت من فوق الفراش على الارض جذب شعرها اكثر و هو يهتف بصوت حاد ارسل الرعب بداخلها
=فين الحبوب اللي بتحطيها لداليدا في الاكل يا بنت الكلب...
شحب وجه مروه فور سماعها كلماته تلك لتدرك انه قد كشف امرها لكنها رغم ذلك اجابته ناكره
=حبوب ايه يا داغر باشا انا مش فاهمه حاجه...

قاطعها بشراسه وهو يجذب شعرها بقوه اكبر مما جعل رأسها ينحني للخلف بقسوه
=انتي هتستعبطي يا روح امك. الحبوب اللي الكلبه شهيره خلتك تديها لمراتي...
هتفت مروه صارخه بألم و هي تشعر بشعرها سوف ينقلع من جذوره في اي لحظه في قبضته
=معرفش حاجه، بعدين اشمعنا انا ما يمكن صافيه هي اللي...
قاطعها داغر بصوت حاد كنصل السكين من بين اسنانه المطبقه بقسوه.

=مفيش هنا غيرك ممكن يعملها، انتي اللي دايماً كنت لازقه لشهيره و نورا في كل مكان زي الكلب بتاعهم بالظبط صافيه عمرها ما تعملها دي الست اللي مربياني و انا عارفها كويس...
ليكمل هاتفاً بقسوه تبث الرعب داخل من يسمعها و كان يملك عقلاً
=فين الحبوب انطقي...
هزت مروه رأسها و هي تصر على موقفها بعدم معرفتها شئ عن تلك الحبوب...

تنفست براحه عندما اطلق داغر صراح شعرها من قبضته لكن شحب وجهها صارخه برعب و خوف عندما شاهدته يخرج مسدس من جيب سترته و يضع فهوته فوق رأسها و هو يهتف بشراسه و غضب اهتزت لها ارجاء المكان...
=انطقي يا بنت الكلب، فين الحبوب بدل ما اخلص عليكي حالاً...
صاحت مروه بينما تلتفت إلى زكي الذي كان يقف خلف داغر يتابع ما يحدث ببرود طالبه منه مساعدتها لكنه تجاهلها كما لو كانت لم تتحدث...

ابتلعت لعابها بصعوبها بينما تنظر بخوف إلى ذاك الشيطان لذي يقف فوق رأسها وهو يحمل المسدس مهدداً اياها فقد كانت تعلم بانه قادر على فعل اي شيئ...
حدقت في وجهه برعب من لهيب الكراهية التي تلتمع بعينيه
لتدرك انه ليس امامها خيار سوا ان تعترف بالامر...
همست بصوت مرتجف بينما تشير إلى خزانة ملابسها.
=في الدولاب بتاعي في صندوق ابيض في الرف التاني...

اتجه زكي على الفور ليتحقق من الامر ليجد بالفعل ذلك الصندوق ممتلئ بعلب من الدواء المكتوب عليها باللغه الروسيه
وضعه امام اعين داغر الذي تفحص الصندوق بوجه مشتد بالقسوه و نيران الغضب تندلع في صدره مما فعلوه في زوجته حتى طفله الذي لم يولد بعد قد يكون قد تضرر. كاد داغر ان يضغط على زناد المسدس و يتخلص من تلك الحقيره لكن اسرع زكي بالامساك بذراعه قائلاً بتحذير
=داغر باشا، بلاش...

اخفض داغر المسدس مبعداً اياه لكنه لم يستطع منع نفسه من الهجوم عليها حيث اخذ يصفعها على وجهها بقسوه حتى سال الدماء من انفها وفمها مكيلاً اياها بضربات شملت جميع انحاء جسدها مخرجاً بها كم غضبه و ألمه حتى تكومت على الارض ككتله غارقه في دمائها ابتعد عنها وهو يلهث بقوه التف إلى زكي متناولاً علبة دواء من الصندوق الذي بيده حتى يعطيه للطبيب الذي يعالج داليدا لكي يعلم طبيعث الماده التي يتعامل معها بالظبط...

قائلاً بصوت قاسي حاد وهو يتطلع إلى تلك القابعه على الارض بوجهها الدموي
=تاخد بنت الكلب دي و تحطها في مكان ميوصلوش صريخ ابن يومين...
ليكمل و هو يشير إلى الحبوب التي بين يدي زكي...
=و تديها من الحبوب دي كل يوم و توصي رجلتك لو يوم واحد فات من غير ما تاخد الحبايه رقبتهم هتتقطع قبل عيشهم...
صرخت مروه باكيه زاحفه على الارض ممسكه بقدم داغر تهتف متوسله اياه.

=لا ابوس ايدك يا داغر باشا كله الا كده انا كده هتشل...
نفض داغر ساقه مبعداً اياها عنه بقسوه كما لو كانت شيئ ملوث
=اللي كنت عايزه تعمليه في مراتي انتي و الوسخه التانيه هيحصلكوا هخاليكوا تتمنوا الموت و متطولهوش...
ليكمل بقسوه بينما يلتف إلى زكي
=الكلبه اللي اسمها شهيره اقلبلي الدنيا عليها...
اجابه زكي بتوتر
=قلبت مصر عليها يا باشا، كانها فص ملح و داب...

قاطعه داغر بينما يلتف و يتجه نحو باب الغرفه متجاهلاً صرخات مروه المتوسله
=تجبهالي يا زكي، زود الرجاله ومتسبش ركن في مصر الا لما تدور فيه...
ثم تركه و غادر حتى يعود للمشفي قبل ان تستيقظ زوجته...

بعد مرور اسبوع...
كان داغر واقفاً بجوار فراش داليدا بالمشفي يساعدها في ارتداء ملابسها لكي يستعدوا للخروج و العوده للمنزل حيث قضت الاسبوع المنصرم باكمله بالمشفي يحاول الاطباء طرد تلك الماده من جسدها و بالفعل نجح في ذلك الطبيب الامريكي الذي استدعاه من اجلها...

لكن رغم ذلك داليدا لازالت لا تستطيع تحريك اياً من يديها او قدميها لكنه اكد لهم بانه مع الوقت ستعود اعصابها كما كانت لكن سيستغرق وقتاً طويلاً لذلك...
قام داغر بعقد الحجاب حول رأسها و هو يغمغم بمرح حتى يخرجها من حالة الصمت التي بها
=معلش بقي يا ديدا، حظك وقعك في واحد مبيفهمش اي حاجه في حاجات البنات...

لم تجيبه داليدا بل ادارت رأسها و وضعت فمها فوق راحة يده التي كانت تحيط وجهها مقبله اياها بحنان تعبيراً عند مدي امتنانها له فقد ظل بجانبها طوال الاسبوع المنصرم يفعلها لها كل شيئ بنفسه من اطعامها. لتغيير ملابسها و تحمميها حتى انه يصطحبها إلى الحمام بنفسه رافضاً ان تساعده اياً من الممرضات في ذلك متحملاً مسئوليتها بالكامل...

كما كان يظل معها طوال اليوم دون ان يتحرك من جانبها و لو للحطه واحده وينتهي به الامر نائماً بجانبها على فراش المشفي الضيق رافضاً العوده للمنزل وتركها محتضناً اياها بين ذراعيه كما لو كانت كنزه الثمين الخائف من فقده...
افاقت داليدا من افكارها تلك عندما شاهدت برعب الممرضه تدلف إلى الغرفه و هي تجر امامها مقعد متحرك شعرت وقتها برغبه بالبكاء حسرتاً على ما وصل بها الامر...

لكن فور ان شاهد داغر نظرتها تلك المنصبه برعب والم على ذاك المقعد نهض حاملاً اياها بسهوله بين ذراعيه هامساً بمرح مصطنع في اذنها محاولاً تخفيف الامر عنها...
=شوفتي يا ديدا بيشككوا في قدرات جوزك، ميعرفوش اني بيشيل حديد و اقدر اشيل ال 80 كيلو بتوعك...
ليكمل مغيظاً اياها
=مش انتي فيل صغير برضو يا حبيبتي...

ضحكت داليدا و قد اشرق وجهها فور تذكيره اياها بمزحتهم بروسيا عند ارتداأها ملابس كثير و نعته لها بالفيل.
دفنت وجهها بعنقه بينما يخرج من الغرفه و هو لا يزال يحملها بين ذراعيه رافضاً المقعد الذي عرضته الممرضه عليهم.

خرجوا من المشفي و وضعها بلطف فوق المقعد الخلفي للسياره قبل ان يصعد بجانبها و يرفعها بلطف مجلساً اياها فوق ساقيه بينما ذراعيه تحيطان خصرها و يده تمر بحنان فوق بطنها التي كانت لازالت مسطحه كما لو كان يحاول ان يطمئن طفله هو الاخر.

دفنت داليدا وجهها بصدره مغلقه عينيها ببطئ. بينما ارجع رأسه للخلف مستنداً إلى ظهر المقعد ويده لازالت تمر فوق بطنها و هو يفكر بانه قد بقي اقل من شهرين و يمكنهم عمل ذلك السونار الثلاثي حتى يطمئنوا على وضع الجنين فداليدا حتى الان لا تعلم شيئ عن حملها فهو خائف من اخبارها يعلم انها سوف تتحسر و يزداد ألمها اذا علمت بان طفلهم هو الاخر قد تأثر بمرضها لذا يجب ان يطمئن على حالته قبل ان يخبرها فهو لا يرغب بان يزيد من حزنها فيكفي ما هي به.

فور وصولهم صعد بها داغر إلى الاعلي إلى غرفتهم حيث قام بتغيير ملابسها و اطعامها بيديه من الطعام الذي اعدته صافيه بنفسها فقد كانت الشخص الوحيد الذي يمكنه الوثوق به فهي من قامت بتربيته منذ الصغر، كما قام باعطاء جميع العاملين بالقصر اجازه مدفوعة الثمن حتى يعثر على شهيره و طاهر فهو لن يأمن لاحد و هما طلقاء احرار خاصة بعد ما فعلته تلك الحقيره مروه...
في منتصف الليل...

استيقظت داليدا ترغب بالذهاب إلى الحمام ادرات رأسها تنظر إلى داغر المستلقي بجانبها و هو مستغرق بالنوم كانت تهم بايقاظه لكن ما ان رأت علامات الارهاق الباديه على وجهه تراجعت فهو يظل طوال اليوم يدور من حولها. حتى اثناء علاجها الطبيعي الذي اتي طبيب اليوم الذي اجراه لكلاً من يديها و قدميها كان معها به لم يتركها و لو للحظه واحده...

تراجعت عن فكرة ايقاظه محاوله التحكم في نفسها لكنها لم تستطع اخذت تتلملم بعدم راحه...
استيقظ داغر عندما شعر بحركة داليدا الغير منتظمه انتفض جالساً منحنياً عليها و هو يهتف بصوت اجش من اثر النوم قلق
=مالك يا حبيبتي فيكي ايه،؟!
همست داليدا بصوت منخفض خجل وصل إلى سمعه بصعوبه
=عايزه اروح الحمام...

انتفض على الفور ناهضاً من الفراش حاملاً اياها بين ذراعيه متجهاً بها نحو الحمام وضعها بلطف فوق مقعد الحمام ثم استدار حتى يخرج تاركاً لها بعضاً من الخصوصيه لكنه تجمد في مكانه عندما سمع صوت نشيج باكي يخرج منها استدار اليها على الفور ليجدها محنيه رأسها تبكي و هي مغلقه العينين...
جلس امامها على عقبيه قائلاً بقلق رافعاً وجهها اليه
=بتعيطي ليه يا حبيبتي،؟
همست بنشيح متألم من بين شهقات بكائها.

=انا حاسه اني ضعيفه و عاجزه اوي حتى الحمام مش قادره اروحه لوحدي...
لتكمل بينما بكائها يزداد
=حاسه اني حمل تقيل عليك، بتاكلني و بتشربني. و بتغيرلي، و مبقتش تروح شغلك بسببي، انقلني يا داغر مستشفي و هما هناك هيخدوا بالهم مني...
همست بصوت منكسر و قد ازداد احمرار وجهها من بكائها
=انا مبقتش انفعك، و لا انفع لاي حاجه...
احاط داغر وجهها بيديه هامساً بصوت معذب وهو يسند جبهته ق فوق جبهتها و عينيه مسلطه بعينيها.

=انتي اكتر واحده في الدنيا دي تنفعني ياداليدا، تنفعيني و لو مفيش فيكي حاجه هتتحرك غير عينيكي بس يا فده عندي بالدنيا و ما فيها...
ليكمل بصوت اكثر صرامه رغم الارتجافه التي به
=فكرك، لو انتي بعدتي عني انا هقدر اعيش، انا مش بحبك بس، انا بتنفسك عارفه يعني ايه بتنفسك يعني لو بعدتي عني اموت، فاهمه يا داليدا...

اومأت برأسها بصمت بينما قلبها يكاد ينفجر من شدة حبها له في هذه اللحظه قبل جبينها بشفتيه المرتجفه بينما ينهض حتى يمنحها بعض الخصوصيه
=هروح اعملك عصير تشربيه تكوني خلصتي
مرت دقائق قبل ان يعود داغر مره اخري اليها حيث قام بمساعدتها ثم حملها بين ذراعيه و بدلاً من التوجه إلى الخارج اجلسها بلطف على حافة حوض الاستحمام و قد بدأ بنزع ملابسها عن جسدها همست داليدا بتردد
=بتعمل ايه يا داغر،؟!

اجابها بينما يطبع قبله رقيقه على عنقها
=بدلع حبيبتي...
ثم نهض و قد بدأ بملئ حوض الاستحمام بالمياه التي وضع بها زيوت معطره و نثر بها بعضاً من الورود المجففه انزل داليدا ببطئ بها مجلساً اياها بداخل الحوض ثم جلس على عقبيه امام حوض الاستحمام يفرك جسدها بسائل الاستحمام لكن توقفت يده عن عملها عندما سمعها تهمس
=داغر عايزاك معايا...

لم يتردد للحظه واحده في تنفيذ طلبها هذا حيث قام بنزع ملابسه وصعد إلى الحوض يجلس خلفها مسنداً ظهرها إلى صدره محتضناً اياها ثم اخذ يتحدث معها عن كل شيئ محاولاً جعلها تتحدث معه فهذا يريحه و يطمئنه انها بخير ولو قليلاً...
ظلوا على وضعهم هذا لاكثر من ساعه ليخرج بعدها داغر من الحمام و هو يحمل بين ذراعيه داليدا الملفوفه جيداً بروب الحمام...

قام بمساعدتها في ارتداء ملابسها ثم وضعها بالفراش متناولاً صنية الطعام التي احضرها لها بوقن سابق اخذ يطعمها بيده و بين كل قضمه و اخري كان يطبع قبله رقيقه على خدها او عنقها محاولاً اثبات حبه و عشقه لها و عندما انتهي من اطعامها جعلها تستلقي على الفراش ثم استلقي بجانبها جاذباً اياها بين ذراعيه لكن سرعان ما صدح رنين هاتفه نظر داغر إلى الهاتف بقلق فقد كان الوقت قد تجاوز الرابعه صباحاً فمن سيتصل به بهذا الوقت...

همست داليدا بقلق
=مين يا حبيبي،؟!
اجابها داغر بينما يرفع الهاتف من فوق الطاولة ينظر إلى شاشته
=مش عارف رقم غريب
وضع الهاتف على اذنه مجيباً ليصل اليه صوت شقيق والدته الحزين
=داغر يا بني...
اجابه داغر بينما يبتلع الغصه التي تشكلت حلقها و قد توقع لما سيتصل به خاله في هذا الوقت المتأخر
=ماما حصلها ايه يا خالي،؟!
اجابه خاله بصوت باكي ممزق
=امر الله نفذ با بني، ماتت...
صاح داغر بصوت مختنق.

=انت بتقول ايه ماتت. ماتت ازاي انا مكلمها المغرب،!
اجابه خاله بصوت اجش باكي
=يدوبك صلينا الفجر في المسجد النبوي و احنا في الطريق مروحين مسكت قلبها مره واحده و...
بعد هذا لم يعد يستطع داغر ان يستمع لشئ او يترجم عقله شئ سقط الهاتف من يده و ظل متجمداً بمكانه هتفت داليدا بقلق وهي تتفحص حالته تلك
=داغر، في ايه حصل، مين اللي مات،؟

اعادت سؤالها مره اخري عليه عندما ظل جامداً بوجه شاحب كشحوب الاموات وقد بدأ قلبها يعصف بالخوف داخلها غير راغبه بتصديق ذاك الصوت الذي يهمس بداخلها باسم حماتها
=داغر...

ابتلعت باقي جملتها عندما اندفع نحوها دافناً وجهه بصدرها و قد بدأ جسده يهتز بقوه بشهقات مختنقه ممزقه بينما انفجرت هي الاخري في البكاء هي الاخري وقد تأكدت من ظنونها حاولت رفع يديها لكي تحيط رأسه و تضم هذه اليها مواسيه اياه لكنها فشلت. فلم تستطع الا دفن وجهها بشعره تقبل رأسه بقبلات.

متتاليه محاوله تهدئته و مواسته في مصيبته لكنه ظل يبكي رافضاً رفع وجهه عن صدرها مختبئاً كما الطفل الذي يختبأ في حضن والدته من خوفه و ألمه.
بينما تمنت داليدا في تلك اللحظة لو استطاعت سحب كل اوجاعه اليها واحتضانه الى قلبها لعلها تخفف عنه ولو القليل من المه ولكن لم يكن بيدها حيله سوى ان تبكى على اوجاعه و اجاعها في تلك اللحظة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة