قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قربان للكاتبة سارة ح ش الفصل السابع

رواية قربان للكاتبة سارة ح ش الفصل السابع

رواية قربان للكاتبة سارة ح ش الفصل السابع

زيارة..
مر يومين واشرقت شمس صباح يوم جديد لتنبه جفون النائمين عدا اميرة الظلام تلك التي تسهر ليلها وتتهرب من نور الشمس لتغط بنوم عميق!.
طرق آدم بابها دون ان يسمع لها اجابة. انها العاشرة صباحاً وهو يتضور جوعاً اعتقد لربما انهما سيتناولان الفطار معاً ولكن ها هي وجبة اخرى يتناولها بمفرده يراقب مقبض بابها...

حلت الظهيرة والوضع على حاله وريم تغط بالنوم ذاته، نوم اثار فضوله كثيراً خلال هذه الايام وجملة نسرين تطن في عقله منذ ذلك اليوم الذي ذهب فيه لأصطحاب ريم نحو المحكمة.
(بالتأكيد قد قرأتها ولكنها تنسى نفسها بالنوم بسبب ذلك السم الذي. ).

السم الذي، ؟ أي سم هذا؟ أتعاني من مرض ما؟ هل تتعاطى شيء ما يجعلها تنام كل هذا الوقت؟ فأمر نومها بهذا القدر ليس اعتيادياً على الاطلاق، انه بالكاد يراها! فهي لاتستيقظ ألا قرابة الرابعة او الخامسة عصراً وتفضل البقاء في غرفتها ترسم او تغط بنوم جديد ولاتخرج ألا مساءاً لتناول وجبة سريعة لتدخل غرفتها مجدداً وهو يذهب للنوم تاركاً اياها تستلذ بسهر الليل وحيدة من دونه.

حل المساء وخرجت ذات العيون البحرية من غرفتها. اليوم كان خروجها بوقت مبكر عن الايام الماضية لذلك وجدت ان ادم لايزال جالساً يقلب بقنوات التلفاز بملل. كان يجلس على الاريكة المقابلة للتلفاز يدير ظهره لغرفتها فلما استشعر حركة المقبض وخطواتها الهادئة التفت اليها ورمقها بنظرة سريعة ثم عاد ليكمل مشاهدة التلفاز وقال فوراً ببرود وهدوء:
رتبي نفسك. امي قادمة.

كلمة رتبي نفسك اشعرتها بالاحراج من هيئتها المهملة على الدوام، ولكنها لم تهتم. فالجملة التي تليها هي من اثارت اهتمامها اكثر. امي قادمة. شيء توقعته ولكن لم ترغب بحدوثه. هي ستضطر لمقابلة آل مراد يوماً بعد يوم. وسيذبحها امر رؤيتهم. وسيقتلها ببطئ. وسيدعس هذا الامر كرامتها من دون رحمة وهي مضطرة ان تتعايش مع قتلة هزيم دون ان تعلم اياً منهم هو المجرم!

سمع صوت تنهيدتها ثم نبرة استيائها وهي تسأله رغم هدوئها:
أأنا مضطرة لمقابلتها؟
قطب حاجبيه بأستغراب والتفت اليها قائلاً:
ماذا تعنين؟
سؤالي واضح. أأنا مضطرة لذلك؟
وماالذي يمنعكِ من ذلك؟
حدقت في وجهه بجمود ففهم مقصدها. اعاد ابصاره قليلاً نحو الامام ثم حك فروة رأسه بعبث مفكراً وبعدها قام واتجه اليها يحدق في عينيها قليلاً بنفس جمودها ثم قال:.

نعم مضطرة، فكلانا مضطر ان يتحمل اشياء يكرهها. ومثلما انا اجبرت نفسي على دخول منزل ياسين فأنتي الان ستجبرين نفسك على تحمل منزل مراد، اعلم ان هذا صعب ولكن لانملك الكثير من الخيارات كما تعلمين!
فقالت له ساخرة:
صعب؟ أشك في كونك تعرف مدى صعوبة الامر، فأسرتي لم تفعل بك مافعلته اسرتك بي. فكيف عساك ستشعر بمدى صعوبة الامر وقساوته؟
تبسم ساخراً وقال بهدوء وبنبرة فجرت كل عواصف الاستغراب بداخلها:.

صدقيني. بأمكاني ان اعرف!
ثم اختتم النقاش وهو يستدير راحلاً بأتجاه المطبخ...

تركته واتجهت نحو الحمام لتغسل وجهها وتبعد عنها اثار النوم ثم خرجت وهي تجفف الماء عنها واول ماابعدت المنشفة وجدته يقف امامها مباشرة لاتفصلهما سوى بضع انشات عن بعضهما فلم تستطع منع شهقتها المتفاجئة ولم يستطع هو قمع ابتسامته من منظرها فقطبت حاجبيها فوراً وقبل ان تبدأ بثرثرتها المعتادة لتتشاجر معه وجدته يرفع صحن يضع بداخله شطيرة وقربه كثيراً من وجهها مما اجبرها ان ترفع يدها وتمسك بالصحن فقال وهو يستدير راحلاً:.

كلي شيئاً ولاتبقي جائعة.
وقبل ان تعترض وجدته يدخل غرفته. تلك المملكة التي حرمت نفسها ان تخطو خطوة بداخلها!
امسكت الشطيرة التي كانت تحتاجها بشدة ودخلت نحو غرفتها لتتناولها دون ان يمكنها نكران كم هي لذيذة رغم بساطتها. ذلك ال آدم يجعل كل شيء لذيذ وجميل ببساطة، لديه لمسة مميزة في كل شيء!

عاد ليجلس في الصالة مجدداً يعبث هذه المرة بحاسوبه المحمول ليقضي بعض الاعمال فأحس بخروجها من الغرفة. التفتت اليها بعدم اهتمام وهو متوقع ان يرى نفس الهيئة بدرجة قليلة من التغيير. ولكنها كانت مختلفة لدرجة اجبرته ان يطيل النظر اليها الى ان جلست على الكرسي المقابل له تقوم بمراسلة ميسم على هاتفها. كانت ترتدي فستان ابيض قصير يصل الى ركبتيها يكشف عن ساقيها الرشيقتين ذو اكمام من الشيفون تبرز من تحتها بشرتها البيضاء اكثر مع حزام ذهبي على شكل اوراق شجر يلتف حول خصرها يشابهه مشبك شعر ذهبي بشكل ورقة شجر ايضاً ترفع به احدى خصلات شعرها من الجانب لتسدل باقي شعرها المصفف والمرتب وكأنه جاء من احدى اعلانات مستحضرات العناية بالشعر في التلفاز وتضع ملمع شفاه وردي وتؤطر جفنيها بكحل كثيف جعل زرقة عينيها تبرز اكثر. طرف بعينيه عدة مرات بتفاجئ وهو يحدق فيها بذهول. نعم هو كان يراها جميلة. ولكن بهذا الشكل؟ ابداً!

رفعت ابصارها فجأة اليه فأربكته واستعدل بجلسته مابين يحدق في حاسوبه ومابين يدعي البحث عن شيء ما بجانبه وكأنه لم يكن يقصد النظر اليها ألا صدفة! وماان عادت بأبصارها نحو هاتفها حتى عاد نظره ليرتفع اليها جبراً بين لحظة واخرى لايمل ابداً من التحديق بها! ياليت امه تحضر كل يوم ليرى اميرته بهذا الشكل!

نصف ساعة لااكثر حتى سمعا جرس الباب. اغلق حاسوبه وقام ليفتح الباب ووقفت هي في وسط الصالة بأنتظار استقبال والدته بنبضات قلب متسابقة مابين غضب وارتباك. سمعت صوتها الضاحك وهي تلقي التحية وتمزح مع آدم عند باب الشقة فعانقت كفيها امام جسدها بأستعداد اكبر لدخولها. ثواني لااكثر حتى اطل وجه السيدة رزان البشوش تعتليه ابتسامة عريضة. اول مارأت ريم تبسمت اكثر وهي تلتفت لأدم وتقول بنظرات ماكرة:.

الان قد عذرتك لأنك رفضت احضارها الينا وغرت عليها ان يروها ابناء عمك. فمع هذا الجمال حقك ان تغار عليها!

فجأة اختفت الابتسامة من وجه ريم التي بالكاد قد رسمتها وجحظت بعينيها اتجاه ادم الذي تنحنح فوراً في محاولة فاشلة منه لتنبيه والدته ولكزها بخفة من مرفقها فتداركت الامر وهي تتقدم نحو ريم المذهولة وسحبتها من كتفيها لتهبها عناقاً عطوفاً وقبلات حنونة وريم ترفع يديها لتحيط ظهر رزان بمجاملة ولكن عينيها لاتزال تنظر نحو ادم بحدة الذي يشغل نفسه عن نظراتها بحك ذقنه او تمرير اصابعه من بين خصلات شعره. استنكرت وكرهت حتى حق غيرته عليها! لاتريده ان يحبها. او ان يهتم بها. او ان يغار عليها. كي لاتضعفها هذه الامور وتهتم به حتى ولو لثانية واحدة في المستقبل!

لحظات مرت عليها بين يدي رزان حتى استشعرت بمدى صدقها وفرحتها وهي تبارك لهما الزواج. صدق لم تلتمسه في نبرة والدتها، لما على جميع اللطفاء معها ان يكونو من اسرة مراد؟
جلستا ريم ورزان متجاورتين وماكاد ادم ان يجلس حتى التفتت اليه والدته مدعية الجدية وهي تقول:
ماذا تفعل؟
أجاب ساخراً:
ماذا تريني افعل؟ اركض طبعاً.
ذات الاجوبة التي تستفز ريم. ولكن ليس والدته! فأشارت له بالنهوض وهي تقول:.

بدل ان تركض هنا اركض الى المطبخ وكن لبقاً لتحضر لي كوب عصير اروي به ضمأي.
فأشار بكلتا يديه نحو ريم وهو يهتف:
أليست هي السيدة هنا؟
فأرادت ريم ان تنهض فأعادتها رزان لتجلس وهي تسحبها من يدها وتقول:
كن لبقاً يا ولد واترك عروستك لترتاح اول ايام زواجها.
مط شفتيه وهو ينظر لريم ساخراً:
عروستي؟ حسناً. سأجعل عروستي ترتاح رغم اني لااراها من كثرة نومها. فأي راحة تريد اكثر؟

ثم قام نحو المطبخ وضحكات رزان تتبعه من تذمره الطفولي هذا!.
ماان اختفى آدم في المطبخ حتى اقتربت رزان منها اكثر ورسمت ملامح الجدية على وجهها وهي تقول بهمس:
اسمعيني جيداً ياريم.
التفتت اليها ريم بتركيز وتوجس معتقدة ان رزان ستهددها مستغله ذهاب ادم او قد تتكلم معها بموضوع جاد. ولكنها تفاجأت بها تقول:
انا اعلم ان ولدي مزعج جداً. لذلك ان ضايقك فقط قولي لي وانا سأجعله يندم.

وجدت ريم نفسها تبتسم من دون ارادة ولسبب ما اجبرت نفسها ان تكون لطيفة مع هذه السيدة ولم تمتلك الجرئة ان تتواقح معها بالكلام او ان تكون قاسية. فجأة تحولت امامها الى فتاة خجولة ولطيفة اثارت دهشة ادم اكثر! حضر ادم يحمل كوب العصير لأمه وهو يقول:
لم تحضري معكِ هدية حتى وفوق هذا تتشرطي وتريدين عصير.
تناولت منه الكوب وهي تقول:.

ملأت لك الثلاجة بأصناف الطعام ياولد تكفيك لأسبوع كامل. ألن تقدر مجهودي في تحضيرها انا واختك وتعتبره هدية؟
ثم وضعت الكوب فوق المنضدة وتناولت حقيبة يدها وهي تقول:
وايضاً. انا احضرت هدية لزوجة ابني الجميلة فقط.
واخرجت علبة حمراء اللون وفتحتها امام ريم ليظهر لها سوار وقلادة من الذهب متشابهين فقالت ريم بأحراج:
لم تكوني مضطرة لهذا ياسيدتي.
كيف لااكون مضطرة؟ أذ لم احضر لكِ هدية لمن سأحضر؟
فأكمل ادم ساخراً:.

لأدم مثلاً؟ بالطبع لا!
نظرت اليه رزان وهي تقول:
كن لبقاً وقم لتلبسها لزوجتك.
عند هذه الجملة التفتا ريم وادم لبعضهما دفعة واحدة بأرتباك. منحته ريم نظرات حادة جعلت جملة واحدة فقط تتخاطر الى ذهنه في تلك اللحظة. (اياك ان تمد يديك القذرتين على مجدداً)، تجهم وجه كليهما فوراً وكل واحد لسبب مختلف. وقبل ان تعترض ريم رد ادم اعتباره وحافظ على كرامته وهو يقول بجدية:
زوجتي قادرة على ارتدائه بمفردها امي.

أليس هذا ماارادته ريم؟ لما تحس بالاهانة اذاً. ام عليها ان تكون دائماً هي من تبعده ولن تتقبل ان يبعد نفسه بنفسه؟ تريد ان تهينه بأبعاده ولن تسمح له بحفظ كرامته والتراجع؟ تناقضات داخلية تعتمرها بخصوصه لاتجد لها حل!
سكتت رزان فوراً عندما وجدت التجهم والجدية تحتل ملامحهما فجأة.

انقضى الوقت بسرعة وريم تستمع لمزحات رزان وحديثها السلس وانصتت واستمعت. واستمتعت! شيئاً لم تكن قد تحضرت له. فهي استعدت بوجه قاسي. وملامح باردة. وابتسامة قررت ان لاتمنحها لها ابداً. ولكن اسلوب رزان قد قلب الموازين كلها وجعلها تتنازل عن كل ماخططت له!

خرجت رزان ليعود المنزل لايحوي سوى المتناقضين معاً. دخلت الى غرفتها تاركة الباب مفتوح خلفها ووضعت العلبة الحمراء فوق طاولة تزيينها وبدأت بأبعاد المشبك عن شعرها والحلقات عن اذنيها ثم رمقت ادم بطرف عينها وهو يقف عند باب غرفتها يكتف يديه امام صدره فقالت ببرود:
أهناك شيء؟
فاجئها بسؤاله الغريب وهو يقول:
لما تنامين بهذا القدر؟
ثم حرر يديه من تكاتفهما وتقدم خطوتين داخل الغرفة وقال:.

أتصدقين اني بدأت اشك بكونك وطواط؟ تسهرين الليل وتنامين النهار!
زفرت بضيق وهي تضع حلقتي اذنيها فوق الطاولة والتفتت اليه وكتفت هي يديها امام صدرها هذه المرة وقالت:
أستتدخل بطريقة نومي ايضاً؟
لست اتدخل ولكن امركِ غريب. اما انكِ تتعمدين فعل ذلك كي لاتلتقي بي عندما تختلف اوقات نومنا واستيقاظنا. او ان هناك شيء ما لااعرفه.
تلعثمت بكلامها وهي تقول:
شيء مثل ماذا؟ لاشيء طبعاً. ولكني لااحب الخروج من غرفتي فحسب.

ضيق مابين عينيه بتشكك ومنحها ذلك الصمت الذي يستفزها ويجعلها لاتعرف بماذا يفكر وماذا استنتج ثم خرج من الغرفة...
اعادت شعرها بأستياء بأصابعها للخلف ونفخت زفيرها بغضب. الى متى بأمكانها اخفاء ادمانها على المهدئات عنه؟ ليست تخشى غضبه طبعاً ولكن تخشى ان يحرمها منها ولن تجد مايسحبها عن واقعها مجدداً!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة