رواية قربان للكاتبة سارة ح ش الفصل الحادي والعشرون
احتاجك فقط.
سارت السيارة بصمت يكسره زفير ادم الحاد يخفي خلفه نار يعجز عن اخمادها. تجولت ريم ببصرها المتوجس فوق معالم وجهه المتجهمة لتنقل كرتا عيناها بعد ذلك نحو يداه اللتان تقبضان كلتاهما على المقود بقوة يكاد يقتلعه من مكانه! لاتحتاج الى سؤاله لتعرف مدى الغضب الذي يسيطر عليه في هذه اللحظة وتدرك جيداً ما اعتمر بداخله من رؤية ياسين. فهو قد اصر بشدة في يوم عقد قرانهما على عدم حضور ياسين. لم تفهم السبب يومها ولم تكن مهتمة بالسؤال. اما بعد معرفتها بالقصة كاملة بدأت تعذره على كرهه هذا اتجاه جدها!
تنهدت بعدم راحة وهي تقول بأعتذار: ماكان على الاصرار على دخولك معي!
لم تلقى منه جواباً ولم يزح بصره عن الطريق وابقاه ثابتاً حيث هو، قالت مرة اخرى بهدوء: ادم. تحدث إلى ارجوك ولاتبقى صامتاً بهذا الشكل!
وهنا لم تتوقع ريم ماحصل وهي تشاهد ادم يلتفت اليها ليصرخ بوجها قائلاً: ألا يمكنك اغلاق فمك قليلاً؟ لا اريد التحدث مع احد ولااريد سماع صوت احد. ألا يمكنني ذلك؟
انتفض جسدها بفزع من انفجاره بهذا الشكل المفاجئ وبقيت تنظر اليه بعدم تصديق. ولكنها لم تتراجع، هي قد مرت مسبقاً بحالات كهذه ولازالت تمر، هي تدرك ان الصراخ. الغضب. البرود. كل هذه مجرد اقنعة مزيفة يستخدمها الانسان ليخفي فيها ضعفه الحقيقي واحتياجه لمن حوله، فأجابته بذات عصبيته: انا لست اي احد ادم! ان كنت تريد ان تصرخ فهيا اصرخ واكسر ولكن لاتبقى صامت وتتجاهلني وكأني لست موجودة بجوارك!
فأوقف سيارته بشكل مفاجئ ونزل منها ليغلق الباب خلفه بعنف. نظرت حولها لتجد انه احضرهم لساحل البحر دون حتى ان تنتبه انهم لم يكونو يسيرو في طريق الشقة منذ البداية. فتحت بابها ونزلت خلفه وكان قد تقدم بضع خطوات بأتجاه البحر واول ماوصلت قريب منه التفت اليها ليجيب تعليقها الاخير قائلاً بغضب اشد: هذا كل مايهمك أليس كذلك؟ ان لااتجاهلك؟
تقدمت بضع خطوات اخرى منه واستغلت عدم وجود ناس حولهم ليتحدثا بحرية ربما لم يكونا سيتحدثا بها حتى في شقتهما. فقالت بأستياء: ليس وانت غاضب، ليس وانت حزين. ليس وانت تحتاجني. لاتتجاهلني في هذه الاوقات ادم!
تقدم خطوة منها ليصبح شديد المقربة ويقول بهمس يحمل لهيب غضبه وحقده الذي اعماه في هذه اللحظة: انا لااحتاج احد، ولاحتى انتِ، بل وبالاخص انتِ!
مع هذه القسوة التي ابداها لم تتحمل كتمان دموعها اكثر فأفلت بعضهم وهي تقول: ماالذي جرى لك؟ هل جننت؟
ليصرخ بها بصورة اشد: اجل جننت! عندما ارى قاتل ابي واخي الصغير امامي يتبختر دون ان افعل شيء فنعم انا بالتأكيد جننت، عندما تسيطر على حفيدته وتضعفني بقربها لتخرسني عن الرد بأي شيء فأنا بالتأكيد لست انسان عاقل!
ثم استدار عنها ليكمل صراخه الغاضب قائلاً: ماكان على ان اقبل بهذا الزواج، ماكان على ان اوافق على الارتباط بكِ! كنت اعلم ان هذا الارتباط سيجعلني التقي به يوماً ما. لتقتلني رؤيته لايزال حي وانا اقف عاجزاً تحرقني نيراني من دون ان املك القدرة على اطفائها! كان على رفضك. كان على تركك!
وضعت ريم اطراف اصابعها فوق فمها لتكتم صوت شهقاتها العالي وتفجرت دموعها من غير رحمة وهي تستمع بعدم تصديق له! فالعالم الوردي الذي بدأ يتسلل لظلام عالمها اكتشفت انه لاوجود له. وان في النهاية الجميع سيتخلى عنها والجميع سيتعب من حالتها، وادم بالتأكيد سيكون من ضمن هؤلاء الجميع! فها هو الان يعلن ندمه الصريح على تواجده معها. دون ان تدرك مقدار الالم الذي دفعه لقول شيء كهذا، شيء لم يقصده ابداً كما عبّر عنه لتفهم هي بصورة خاطئة تماماً!
استدارت وسارت خطوات مرتعشة مثل جسدها نحو السيارة لاتتحمل سماع باقي الحديث ابداً!
اوقف سير خطواتها فجأة يده التي احاطت يدها لتسحبها اليه! دفعته من صدره بقوة لتصرخ به من وسط دموعها: اتركني ادم، اتركني وارحل. انا اكرهك. انت كالباقين!
امسك يديها مرة اخرى ونزلت دموعه عما سببه لها من الم وحاول بكل طريقة التحدث اليها ولكن صراخها لم يسمح له بأن يكمل حروفه المبعثرة. دفعته بقوة من صدره وهي تصرخ به: ماذنبي انا؟ قل لي ماذنبي انا؟، انا اعيش هذا الجحيم معك، بحق السماء فليشعر بي واحد فقط اني اعاني ايضاً!
عند هذه الجملة لم يتحمل وتجاهل ضرباتها وسحبها ليضمها بين ذراعيه بقوة وهو يهمس لها بصوت منتحب: انا اسف. اقسم لكِ اني اسف، لم يكن يجب على قول ذلك!
ليضعف جسدها عن المقاومة اكثر وتستلم بين يديه وهو تجيبه ببكاء اشد: ماذنبي انا انهم خططو لهذا الزواج؟ ماذنبي انا ان انت ندمت؟ لما لا يمكنكم ملاحظة اني مجبرة؟ لما لايشعر احدكم بالجحيم الذي اعيشه انا؟
شششش، اهدأي. انا اسف، اسف. اسف.
وبقي يردد هذه الكلمة دون ان يكتفي. ودون ان يشعر انها قد اطفأت النيران التي اشعلها بداخلها! نعم هو كره الضعف الذي تسببت له به. ولكن ماذنبها انه قد وقع بغرامها بقوة لتكون نقطة ضعفه؟.
لم تكن حالة والدتها بلقيس بأفضل من حالتها بعد خروج ياسين قبل دقائق فقط. كانت تجلس في الصالة وسط افراد عائلتها ولكن عقلها ليس معهم على الاطلاق. جذبها اليهم صوت نسرين وهي تسألها:
امي؟ هل انتِ بخير؟
جعل هذا السؤال الجميع يلتفت نحو بلقيس منتظرين اجابتها، زفرت بضيق وهي تقول:
أرايتم شكل ادم عندما خرج؟ كان غاضب جداً واخشى ان يعكس غضبه هذا على ريم!
تبسمت نسرين بسخرية وهي تجيبها بأستهزاء:.
أحقاً؟ تفكرون بهذا الان؟ ألم تفكرو بهذه الاشياء عندما قررتم ان ترتبط به؟ انه لربما سيعكس مشاكل الاسرتين عليها؟
فهتفت بها امها بنفاذ صبر:
نسرين لاتبدأي! انتِ تعلمين ان هذا الزواج كان لابد منه لنوقف الدماء بين الاسرتين!
فقال سيف قاطعاً عليهما نقاشهما الحاد:
اهدأي يابلقيس، لااظن ان ادم من هذا النوع وبالتأكيد لن يؤذيها!
فأجابت ميسم مؤكدة:.
عمي محق، وثانياً انتم تحرصون على معاملة ادم بلطف وبصورة جيدة وبالتأكيد سيضع هذا في عين الاعتبار في معاملته مع ريم كما اردتم!
زفرت بلقيس بضيق وهي تقول:.
لااعلم. انا بالفعل لااعلم، ربما كنا مخطئين بهذا الارتباط منذ البداية. لايبدو ان العائلتين بأمكانهم الانسجام ابداً، نعم نحن عاملنا ادم بلطف. ونعم هم عاملو ريم بلطف، ولكن هل يقتصر الامر على ادم وريم فقط؟، ماذا عن باقي الافراد؟ أليس من المفترض ان تتحسن علاقة الاسرتين؟ فهل رأيتم الان رد فعل جدكم وادم؟ لااظن ان قرار الزواج بأمكانه حل المشاكل في يوم!
قطب سيف حاجبيه بأستنكار واغلق الجريدة التي لم تعد تثير اهتمامه كحديث بلقيس وقال يحاول استشفاء مقصدها:
الى ماتحاولين الوصول بلقيس؟
سكتت لثواني تثبت عينيها داخل عينيه الى قالت بحسم:
ربما من الافضل لهما ان ينفصلا!
حل المساء وكلاهما يحرص على عدم محادثة الاخر بعدما حصل قرب الساحل، هو يخشى ان يسيطر غضبه عليه مرة اخرى وهي تخشى سماع مايجرحها، جرح لايمكنها تحمله عندما يصدر منه هو بالاخص!
تكورت حول نفسها في غرفتها والصقت ركبتيها على صدرها ونامت على سريرها من دون حركة. من دون اي صوت، لاشيء سوى الدموع تغزوها وكلماته تأبى مفارقة رأسها لتبعث الفوضى بروحها وتبعثر مشاعرها، لتعود لحالة الضياع. لتغزوها عدم الثقة مجدداً.
رفعت بصرها فجأة بفزع لنافذتها مع تراطم اول رياح ببعضها وانبعاث البرق في الارجاء، عضت على شفتها السفلية تكتم صرختها واغمضت عينيها بقوة تفرز دموعها، انها المرة الاولى منذ شهور يعود شعور الوحدة ليسيطر عليها! وقعت اول قطرة مياه من السماء. ثواني ولحقنها رفيقاتها، دقائق واغرق المطر الشوارع وملأ الرعد الارجاء بالضجيج!
خوفها توسلها ان تلتجأ اليه، ولكنها خشت ان يبعدها عنه. ان يرفضها كما حصل عند الساحل!
طرقات خفيفة فوق باب غرفتها جعلت جسدها يتوقف عن الارتعاش فوراً وحدقت بنقطة معينة في الجدار امامها وهي تستلقي على جانبها بأتجاهه ومولية الباب ظهرها. لم تبدي اي حركة اخرى ولم تجيب طرقاته. بل بقت كما هي! ثواني واحست بأنفتاح الباب وخطواته تقترب منها ليقف بجوار سريرها. ولازلت مصرة على عدم الحركة. وعلى عدم اسدال جفونها ايضاً!
احست بجلوس جسده فوق الارضية وظهره يتكأ على سريرها بجوارها، عصرت قبضتها بتألم وهي تستمع لهمسه لها يشوب نبرته بعض الارتجاف دليل على المه هو ايضاً، وربما بكائه!
اعرف انك تخافين المطر. واعرف انه بعد ماحصل لم تكوني ستأتي إلى كالمرة السابقة!
سكت لثواني قبل ان يكمل:
ياليت بأستطاعتي جعلك تنسين تلك الكلمات التي تفوهت بها. ياليته بأمكاني جعلك تنسين كل مايجرحكِ!
ثم ضم ركبتيه الى صدره ليبدأ ببكاء كان صعب عليه كتمانه. وصعب عليه اظهاره، وقال بألم:
ياليته بأمكاني نسيان الماضي انا ايضاً، انا اتألم ياريم. اتألم بشدة! لذلك ارجوكِ لاتتركيني!
عندها لم تتحمل اكثر واستدارت اليه لتحوطه بذراعيها وتسند رأسها فوق ظهره وهي تقول ببكاء اشد منه:
لن افعل، اقسم لك اني لن افعل. فقط ابقيني انت بجوارك. فقط تحدث إلى ولاتبقى صامتاً!
احاط رأسه بيديه بقوة وهو يقول:.
لاااريد، لااريد التذكر. لااريد التكلم. لااريد لتلك الايام ان تعود!
زادت من ضغط يديها حوله لتطرد ضعفه الذي كرهت بشدة رؤيته يسيطر عليه. لطالما اعتادت عليه القوي الذي يسندها ان تهاوت. كرهت بشدة ان تستشعر احتياجه دون ان تملك اي شيء لتمده بالقوة الكافية عن طريقه! ارادت ان تفعل اي شيء ولكنها عجزت. وكلما عجزت كلما زادت من ضغط يديها حوله تحاول اشعاره انها بجانبه. دون ان تعلم ان هذا كان كل مايحتاج اليه في لحظتها!
حل صباح اليوم التالي وانشغلت ريم في تحضير الفطور وهي تراعي هدوء خطواتها في السير كي لاتوقظ ادم الذي نام هو هذه المرة على ارضية غرفتها!
صنعت فطور مثالي هذه المرة ورتبت المنزل بشكل جذاب كي يشعر بالراحة عند استيقاظة لتبعد عنه الهم الذي خلق في صدره البارحة. لتبقي دموعه حبيسة عينيه وترسم الابتسامة على ثغره كما كان يفعل هو معها في حالات كهذه!
صباح الخير!
التفت بلهفة نحو صوته الدافئ الذي اخترق سكون المطبخ وقالت بأبتسامة مشرقة:
صباح الخير!
جلس على الكرسي واستند بمرفقيه على الطاولة التي امامه وقال بابتسامة ضعيفة:
ما كل هذا النشاط اليوم؟ منذ متى تستيقظين قبلي لتعدي الفطور؟
فأعادت بصرها بأتجاه البيض تكمل ماتفعله وهي تجيبه ممازحة:
وكيف عساي ان استمر بالنوم وهناك مزعج يحتل ارضية غرفتي!
اكتفى بالابتسام من دون تعليق. الامر الذي آلمها بشكل غريب واشتاقت بشدة لمزاحه. ولاتعرف كيف تعيده كما كان فشخصيتها الانطوائية لاتساعدها في النجاح بهذا ابداً. ولكنها استمرت بالمحاولة رغم هذا! اطفأت نار الطباخ والتفت اليه قائلة:
هيا قم لتغتسل فالفطار كاد ان يجهز!
بقي يحدق داخل عينياها بصمت. الامر الذي اربكها ودفعها لتعود بأبصارها نحو الطباخ شاغلة نفسها بأي شيء بعيداً عن عينيه.
انقبض قلبها بقوة وهي تستشعر خطواته تتجه اليها بدل اتجاهه للحمام. ثواني واحست بجبينه يستند على كتفها من الخلف. تماماً كطفل مذنب. قال لها بهمس:
هل قلت لكِ اني اسف؟
تبسمت وهي تقول:
أتعني عدا السبعون مرة التي سمعت فيها هذه الكلمة البارحة؟ فنعم انت قلت.
انا لم اقصد بالفعل مافهمته!
لاعليك، انا اتفهمك. فأنا اكثر انسانة تتفوه بأشياء لاتعبر عما تقصده بالفعل، لذلك لاتقلق!
اطلق تنهيدة متألمة وهو يكمل همسه:.
ياليتك لوتعرفين فقط!
صمتت لثواني ثم قالت:
اعرف ماذا؟
وفجأة ابتعد عنها وهو يتمتم:
لاشيء، انسي!
تنهدت بتضايق وقتلت فضولها فوراً دون ان تصر على المعرفة! فأحياناً لغة العيون. الهمسة. احتضان من نحب. كلها اشياء تكون ابلغ من الكلام. لذلك هي عبرت عن اهتمامها به بطريقة اخرى. وهو بالتأكيد قد فهم هذه الطريقة!
خرج بعد الغداء في مشوار لم يخبرها لوجهته ولم تسأله هي ايضاً الى اين!
جلست في الصالة بملل تشاهد التلفاز من غير اهتمام الى ان طرق الباب ينبأ عن زائر غير متوقع! فتحت الباب لترفع حاجبيها بدهشة وهي تقول بفرحة وعدم تصديق:
رأفت؟
تبسم رأفت وهو يحك رأسه بأحراج وقال:
تأكدت من خروج ادم واتيت لأراكِ.
ضمته اليها بشوق وهي تقول:
جيد بما فعلت! فأنا بالفعل مشتاقة لرؤيتك ايها الصغير!
فقال بتذمر طفولي:
ريم! انا بالفعل اصبحت كبير!
ضحكت وهي تسحبه من يده لتدخله وتقول:.
حسناً ايها الكبير تفضل بالدخول!
جلس في الصالة وهي في المطبخ تعد من اجله بعض القهوة، قدمتها له وجلست بجواره وهي تقول:
كل هذه المدة تغيب ولاتفكر بزيارتي ايها المتعجرف؟
ضحك وهو يرتشف من القهوة قليلاً ويقول:
لقد حاولت اكثر من مرة مقابلتك عندما تزورين منزلكم ولكن ادم كان يرافقكِ. وكما تعلمين انا وهو لانتفق، لذلك فكرت بمراقبة الشقة وزيارتك عند خروجه!
ضحكت وهي تجيبه:
اصبحت جاسوساً محترفاً يافتى!
ياعزيزتي لااحد يقّدر مواهبي في هذه الايام!
اجل اجل صحيح!
وبقيا يتبادلان المزاح والاحاديث لبعض الوقت ورأفت متعجب من الحالة الجيدة التي اصبحت عليها ريم عكس المرة الاخيرة التي قابلها فيها!.
عم السكون على المكان قليلاً قبل ان يقول رأفت بتردد:
اذاً، سمعت انكِ زرتي منزلكم البارحة؟
انقبضت ملامحها قليلاً وهي تتذكر زيارة البارحة ثم اخذت نفساً عميقاً ونظرت اليه وقالت:
اجل. فعلت!
فأكمل:
سمعت، انك تشاجرتي مع جدي!
اطلقت ضحكة ساخرة قبل ان تردف:
يالسرعة انتشار الاخبار في اسرة ياسين!
لما فعلتي ذلك ريم؟
فنظرت له بحدة وقالت بأستنكار:
فعلت ماذا؟
ليجيبها بشيء من الغضب:
كيف تقفين مع حفيد مراد ضد جدك؟ هل تدركين الغضب الذي سببته لأفراد الاسرة؟ جدك؟ اعمامك؟ هل تدركين خيبة الامل التي تعرضو لها بسببكِ؟
فأنتضفت من مكانها بغضب لتعيد جملته بسخرية:.
اقف مع ابن مراد ضد جدي؟، أذ كنتم نسيتم فحفيد مراد هذا يكون زوجي، وهل تريدون ان اذكركم اي زوج؟ انه الزوج الذي اجبرتموني على الارتباط به كي يحل السلام بين الاسرتين. هل بأمكانك ان تقول لي اين هو هذا السلام الذي صنعه جدك؟، انه لايفعل اي شيء سوى تحويل الامور للأسوأ!
فقام من مكانه ليقابلها قائلاً:
ريم! كلامي هذا لايعني اني بجانب جدي او ضد زوجك، ولكن تخييب ظنهم ليس من مصلحتك، ولامن مصلحة ادم!
قطبت حاجبيها فوراً لتقول:
الى ماذا تلمح بالضبط؟
بعض الافراد لايريدون اتمام الصلح بين الاسرتين، وعندما تثبتين لهم ان علاقتك جيدة مع ادم فهذا سيصب ضد مصلحتك بأبقاء الامور بخير!
اقتربت منه خطوة وقالت بتوجس وعلامات الاستنكار تغلف وجهها:
هذه الجملة قالها مراد قبلك، قال ان هناك بعض الافراد الذين لايريدون اتمام الصلح بين الاسرتين، ماالذي يعرفه الجميع ولااعرفه انا؟
حدق داخل عيناها بجمود لثواني قبل ان يردف بنبرة صلبة وواثقة:
وهذا مااسعى لمعرفته، مايخفيه عنا الجميع!
لحظة، انا لاافهم شيء!
فقال بنبرة اقرب للتحذيرية:
ريم. انا لاافهم ايضاً. ولكن هناك همسات غريبة داخل العائلة. هناك اتفاقات سرية وماضي اسود يخفونه عن الجميع! شيء ما لايعرفه سوى البعض!
سكت لثواني ليشد انتباهها اكثر واكمل:.
ذاك الشاب تحت المطر الذي رأيته قبل ثلاث سنوات في يوم موت هزيم، لم اعد واثقاً انه ينتمي لأسرة مراد من الاساس!
شهقت بجزع ثم قالت فوراً:
ماذا تعني؟ هل يمكن ان.
لااعرف، هذا مااحاول اكتشافه، قلت لكِ ان هناك شيء غريب، وانتفاضة اغرب حصلت بين افراد العائلة بعد ان عرفو بأمر دفاعكِ عن ادم، لااعلم لماذا ولكنهم يرفضون وبشدة ايضاً ان تفكري في يوم الوقوع بغرامه! وليس من اسرتنا فقط، هذا الشيء يسعى اليه افراد مجهولين من كلا الاسرتين، لذلك اتيت لتحذيركم!
رفعت اصابعها لتعيد بعض خصلاتها نحو الخلف والصدمة تسيطر على كل كيانها وتعجز عن تفسير هذه الامور الغريبة التي بدأت تكتشفها مؤخراً!
مسح رأفت برفق فوق شعرها وهو يقول لها:
لست متأكداً من شيء بعد. ولكن اي معلومة سأعرفها سأتي لأخباركِ.
تبسمت له بأمتنان وهي تقول له:
شكراً لك كثيراً رأفت!
بادلها ابتسامتها وهو يجيب:
لاداعي لتشكريني عزيزتي، المهم ان تكوني بخير دائماً، حسناً. والان على الذهاب!
ياليته لو كان بأمكانك البقاء!
رفع كتفيه وانزلهما قائلاً بأبتسامة اوسع:
من يعلم! ربما سيأتي اليوم الذي يتصلح فيه كل شيء لأكون انا وادم صديقين مقربين!
بالفعل اتمنى هذا!
وفجأة تجمد كلاهما بأنفتاح باب الشقة ودخول ادم! حدقت ريم فيه وادركت ان عاصفة غيرة شديدة على وشك هدم الشقة عما قريب وهو يحدق بها بتلك النظرات القاتلة!