قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية قربان للكاتبة سارة ح ش الفصل الثاني عشر

رواية قربان للكاتبة سارة ح ش الفصل الثاني عشر

رواية قربان للكاتبة سارة ح ش الفصل الثاني عشر

اعتراف سري..
(تبدين جميلة اليوم، كعادتكِ طبعاً. ولكن ألا تظنين القميص ضيق بعض الشيء؟
فتحت ميسم الهاتف لتجد هذه الرسالة من رقم مجهول. قطبت حاجبيها بأستغراب والتفتت بأتجاه زميلتها ليلى وقالت:
أنظري لهذه الرسالة. أتظنيها وصلتني بالخطأ؟

قربت ليلى رأسها من الشاشة تتمعن بحروف الرسالة جيداً دون ان تتخاطر فكرة اليها سوى ان ميسم لديها معجب سري، لحظة. معجب سري؟ وفجأة قفز هزيم الى عقل ليلى وتذكرت انها قد اعطته الرقم مسبقاً!

استقامت بظهرها فوراً وانتقلت ببصرها بسرعة مابين عيني ميسم المحدقتين بها ببراءة ومابين تلك الحروف الرومانسية، تنحنحت بقوة وكأنها غصت بلقمة صعبة المضغ وعدلت بعض خصلاتها التي كانت مرتبة من الاساس، حركات تعرفها ميسم جيداً. ضيقت مابين عينيها بتشكيك واقتربت خطوة من ليلى وهي تقول ببطئ:
أهناك شيء لااعرفه انسة ليلى؟

وجهت ليلى ابصارها نحو واجهة المحل بارتباك وكأنها بانتظار الزبائن وسؤال كهذا ليس مهم كثيراً رغم التوتر الواضح عليها وهي تجيب:
شيء مثل ماذا؟
وبقيت تدور ببصرها بسرعة مابين نظرات ميسم التي تضيقها بتشكيك ومابين الباب ثم واخيراً قالت بأستسلام:
حسناً. لقد طلبه مني.
من هو الذي طلبه منكِ؟
فاخرجت ليلى حروفها ببطئ متوجسة من ردة فعل ميسم: ه ز ي م.

فهتفت بها ميسم فوراً وهي تضربها على مرفقها: هل فقدتي عقلكِ ياليلى؟ كيف تفعلين شيء كهذا؟
مسحت ليلى فوق مرفقها المضروب بيدها الاخرى متأوهة ثم قالت: انا لم ارتب لكِ موعداً معه ياميسم انا فقط اعطيته رقمكِ والخيار عائد لكِ بأجابته او لا.
نعم كلام ليلى كان صحيح. ولكن ميسم كانت خائفة. خائفة ان يجعلها تضعف ويجبرها ان تتنازل عن كبريائها وعن الفكرة التي تؤمن بها دوماً.

ان كنتي حمقاء ف قعي بغرام رجل. تريد زواج تقليدي ولاتريد زواج يدعس فوق كرامتها وتستمر به بأسم الحب كما هو حال الكثير من الفتيات في هذا الوقت، وكانت ترى هزيم هو الوحيد الذي قد يكسر هذا القانون الذي شرعته لنفسها. فهو يجعلها تشعر بمشاعر متضاربة كلما كانت معه. كلما سمعت صوته. كلما رأت وجهه، شيء جعلها غاضبة ومتوترة طوال الوقت. ).

شهر كامل مر وها هي ليلة اخرى يتزلزل المنزل من صراخ ادم وريم بسبب امر المهدئات! فأغبى شيء فعله ادم انه هددها ان تناولت المهدئات مجدداً سيعدل عن فكرة الزواج فما كان منها ألا ان تقنعه بالبداية قبل ان تتناول واحدة. فيرفض. فيزيد اصرارها. فيغضب. فتتشاجر معه. فيتم اعلان الحرب لساعات وساعات! احياناً ينتهي بأنتصار ريم وكسبها لقرص منوم واحياناً بنصر ادم وتلوع ريم طوال الليل تعاني من صداع شديد وآلام جسد مبرحة!

كان يقف في غرفتها عبارة عن نيران تغلي من العصبية وهي تجلس على حافة سريرها تجهش بالبكاء وتتوسله بصوتها الضعيف والمبحوح من كثرة التشاجر معه ان يمنحها قرص واحد فقط ليهدأ جسدها وهو يرفض واخيراً ضاق صدرها فنهضت لتتشاجر معه من جديد وهي تصرخ به قائلة:
اخبرتك ان لاشأن لك بي. انت ستتزوج وستعيش مع واحدة اخرى فما الذي سيضرك ان حظيت انا بالراحة هنا؟ ماالذي سيزعجك من كثرة نومي وانت غير موجود حتى؟

فألتفت اليها بحدة وهو يقول من بين اسنانه:
وهل لأني سأعيش مع واحدة اخرى فهذا يعني ان اشاهدك تدمرين نفسك من غير ان اهتم؟
اجل. يعني هذا.
اذاً ما رأيك ان الغي زواجي لأعرف كيف اخلصك من ادمانكِ؟
لايمكنك ان تفعل بي هذا، لقد وعدتني انك لن تلغي زواجك.
وانتِ وعدتني ان تتخلصي من هذا الادمان اللعين.
فبكت بقوة اكبر وصرخت به بنبرة اكثر حدة:.

الامر ليس بيدي. لايمكنني ان اتخلى عن الامر بسهولة ادم. أتظنني لم احاول؟ انا منذ سنين مدمنة ليس بسهولة ان اتخلى عن الامر خلال مدة قصيرة...
تقدم نحوها واحاط وجهها بيديه وهو يقول بعطف:
سنستطيع! ان جعلتني اساعدكِ فيمكننا ذلك ريم. فقط ثقي بي.

فجأة خمد بركانها. كان قرب عينيه العميقة التي تحدقان بعينيها امر اخرسها تماماً ولم تستطع النطق بشيء. تباً لتلك الضربات الغريبة في جانبها الايسر التي تستمر بركل قفصها الصدري كلما حدق فيها!
ازدردت ريقها بتوتر وهي تحدق به دون ان تنطق بشيء فتبسم وهو يقول بلطف اكثر:
اذاً. هل انتِ موافقة؟

اومأت ب نعم ولاتزال متمسكة بصمتها، في الحقيقة لو كان بعيد عنها لرفضت الامر فوراً. لكنها تريد الموافقة فحسب كي يخصلها من اسر عينيه ويبتعد بدل من اضعافها بهذا الشكل فأفلت وجهها وعاد خطوتين للوراء بأبتسامة عريضة عندها فقط عادت رئتيها للعمل وتمكنت من التنفس مجدداً وبدأت جميع اجزاء جسدها تدب فيها الحياة فأنصتت لحديثه مع تلك الابتسامة الحماسية التي تعلو ثغره وهو يقول:.

حسناً، لقد قرأت بحثاً على الانترنت قبل يومين وذهبت لأستشارة طبيب ايضاً ووصفت له حالتك وقال انكِ لازلتي في بداية الادمان وهناك فرصة لمعالجتك في المنزل بدل دخول مركز اعادة التأهيل وذلك عبر اعطائك الجرعة ذاتها التي اعتدتي عليها في الثلاثة ايام الاولى ثم تقليلها الى النصف في الثلاثة ايام التي تليها ثم علينا.

فقاطعته فوراً وعقلها مشوش من الكلام الذي دخل اليه فجأة وجعل كل خلية فيه تركض بسرعة تحاول استيعاب مايحصل:
لحظة لحظة. انت فعلت ماذا؟!
فأجابها بعفوية:
ذهبت للطبيب وبحثت على الانترنت.
ولما فعلت ذلك؟
ماذا تعنين لما فعلت ذلك؟ كي اعرف كيف اساعدك بالطبع.

هذه المرة حدقت في وجهه دون ان تمتلك سبباً مقنعاً يمنعها من فعل ذلك! مجرد شهر واحد رفض رؤية معاناتها بهذا الشكل! وثلاث سنين مع اسرتها دون ان يبالي احدهم بما يحصل لها! هل من الممكن ان يمنحها القدر هزيم ثاني ولكن بشكل ادم؟ ياليته فقط لم يكن ابن اسرة مراد. لكانت بالفعل قد وقعت بغرامه! بل وستقع بشدة! مع فكرة الغرام هذه ابعدت وجهها بعناد عنه واومأت بالموافقة وهي تتمتم:.

حسناً حسناً. افعل ماتشاء. المهم هل ستعطيني اقراص المنوم ام لا؟
انتظري هنا.

قال جملته وخرج مسرعاً من الغرفة فجلست هي فوراً على حافة السرير تقطب حاجبيها بشدة تنظر في الفراغ الذي امامها تحدق باللاشيء ثم ادارت عينيها ببطئ نحو صورة اخيها وحدقت فيه بنظرات غامضة وكأنها تتحدث معه بشكل صامت الى ان قطع هذا التواصل البصري دخول ادم مرة اخرى وهو يحمل كوب الماء واقراص المنوم. ناولها الحبوب وكوب الماء فأرتشفتهم بسرعة لتشعر بذلك الهدوء والراحة يغزو بقايا جسدها المنهك. مد يده ليسترجع الكوب منها وماان ناولته اياه حتى سحبت غطاء السرير لترتمي فوق فراشها الوثير كي تحظى بنوم هانئ واخيراً ولكنها تفاجأت بجلوس ادم على الكرسي المجاور لسريرها واضعاً الكوب فوق المنضدة وسحب يدها على غفلة منها ففتحت عينيها بأندهاش وانفرجت شفتيها لتسقط عليه وابل من الاعتراضات ولكنه اسكتها فوراً وهو يدلك لها راحة يدها بأصابعه ويقول:.

لقد تعلمت هذا على الانترنت ايضاً وصدقيني انه مفيد جداً لأسترخاء الجسد والمساعدة على النوم.
لاتعلم لما صمتت بالضبط. هل لأنها بالفعل بحاجة للأسترخاء؟ ام انها بحاجة للأحساس مجدداً بذلك الشعور الغريب الذي احسته وهو يعانق يدها بيده قبل شهر في الحمام ليواسيها؟ كل ماتعلمه انها صمتت فوراً واستسلمت مانحة اياه راحة يدها ليدلكها لتبدأ جفنيها بالانسدال فوق ذلك البحر العميق!.

مرت ساعة تقريباً وادم على الوضع ذاته داخل شرنقة من السعادة وهو يمسك بيدها ويحدق في وجهها الهادئ بحرية تامة مستغلاً نومها كي لاتنظر اليه بحدة متسائلة عن سبب هذا التحديق الابله كعادتها! شعر بجسدها يسترخي اكثر وعيناها مغلقتان بشكل تام وانفاسها منتطمة. هل نامت؟ همس ليتأكد:
ريم؟
فلم تبدي اي استجابة ولم تتحرك. فأعتلت ابتسامة دافئة شفتاه وهو يرفع يدها بهدوء ليضعها فوق خده ويقول بهمس خاشياً استيقاظها:.

أتعلمين انكِ تشبهين الملائكة وانتي نائمة؟
ثم اتسعت ابتسامته اكثر وهو يقول:
ولكن ما ان تنفرج جفناكِ عن بعضهما حتى تتلبسك عفاريت الدنيا كلها والعياذ بالله.
صمت قليلاً وحدق في وجهها بعمق اكبر لثواني اخرى ثم قال بدفئ:
ولكني ووبساطة احبكِ في حالاتكِ كلها. اعشقكِ في هدوئكِ وجنونكِ.
ثم زفر بحسرة وحيرة وهو يكمل:.

ولكن. حبي لكِ كاللعنة. لا انا يمكنني الكف عنه. ولاانتِ بأمكانك ان تبادليني اياه في يوماً ما، كل ماافعله اني استمر به كالاحمق.
اغمض عينيه بتألم وحزن وهو يزيد من ضغط يدها فوق خده ويقول:
احبك بشدة ياريم. وبجنون! احبكِ لدرجة لم اتخيل اني سأحبها لأحد في يوماً ما. ولكني اخاف ان انطقها لكِ وتزدادين بُعداً عني. لذلك ان اكتمها بداخلي لتقتلني ببطئ افضل من ان ابوح بها فتقتليني فوراً برفضك وابتعادك عني...

ثم ضحك على نفسه وهو يقول:
انا حتى لااعرف لماذا اقول هذا واعلم انك نائمة.
سكتت قليلاً وهو ينظر بحب لتفاصيل وجهها المتناغمة والمتناسقة بشكل رائع وكأنه تم تصميمها حسب الطلب فتبسم وهو يضع يدها بهدوء بجانبها ويكمل:
ولكن كل مااعلمه. اني بحاجة لقول هذا فحسب.
اشبع ناظريه اكثر منها قبل ان يقوم من الكرسي بهدوء كي لايزعج نومها ومسح على خدها برفق ثم اطفئ الضوء وخرج مغلقاً الباب خلفه...

ولكن اول ما اغلق الباب حتى انفرج جفنيها يحملان بينهما دمعة ضعيفة لم تكن تملك السيطرة عليها. انسابت من عينها ووقعت من قمة انفها على خدها الجانبي، انها فتاة. وكلام كهذا لابد ان يؤثر بها بشكل او بأخر. ولكن ليس ان صدر من ابن مراد. فهذا سيؤلمها، يخيفها. تخشى ان تضعف في يوماً ما امام مشاعره هذه لتبادله مثلها فتشعر انها تخون ذكرى اخيها، فكيف ستحب ابن العائلة التي سلبته منها؟ لذلك هي تخاف ان تحبه، بل هي مرعوبة من هذا وليس خائفة فحسب!.

اعادت اغماض عينيها بقوة ورفعت ركبتيها الى صدرها تلملم اجزاء بعضها للأخر لتشعر بقليل من الطمأنينة وسط هذه الوحدة والحيرة!.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة