قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية فيولين عهد الثالوث للكاتبة نور إسماعيل الفصل الثاني

رواية فيولين عهد الثالوث للكاتبة نور إسماعيل الفصل الثاني

رواية فيولين عهد الثالوث للكاتبة نور إسماعيل الفصل الثاني

مجرد خطأ لم تحسب له حساب، جعلها تشعر بان العالم كله انقلب رأسا على عقب وهى بداخله. كما اعتادت ليلى ان تظل بحالها الروتينى دون أن يثقب كيس يومها المغلق ثقب صغير ليغير مساره.
فى ظل مصيبتها هذه، ضغطت زر الاتصال على كل شخص تعرفه ليس فقط لتستنجد به، بل لتعرف ماذا ستفعل فالخطوة القادمة هل الاقدار ستكون ضدها ويلقى هذا الشخص مصرعه وتصبح حياتها قد انتهت الى هذا اليوم؟ سنرى!

يخربيتك، يعنى اليوم اللى تستلمى فيه الكركوبة دى من التصليح تعملى حادثه بيها
انا مش قولتلك 40مرة متركيبهاش تانى، دى علبه تونة مش عربية
نظرت ليلى لحنين بنظرات مرتعبه، تعلم انها مخطئه ولكن تحملت منذ قدومهم من اللوم مايكفى، خاصه لوم نفسها لنفسها فهو الحجيم ذاته!
-خلاص يا حنين من ساعة م جيتى وانتِ مش راحماها من الدش الساقع بتاعك ده.

-بلقيس اطلعى من دماغى انتى كمان، افرضى الواد اللى دهسته ده مات فكرتى فيها هتعمل ايه ساعتها
هبت ليلى وقد فاض بها الخوف كيلاً
-خلاص ياحنين عملتى عليا ضغط كبير بمجيتك ياريتنى م اتصلت بيكى
نظرت لها حنين بامتعاض وجلست الى اقرب مقعد بالمشفى
-انتو كده اللى يقولكم الحق تزعلوا منه
هنا ربتت بلقيس على ظهر ليلى كى تريح من حدة توترها وسألتها باهتمام.

- يا حبيبتى مش روحتى الميعاد بتاكس، كنتى رجعتى بيه وروحتى خدتى عربيتك من عند الميكانيكى تانى يوم مش مشكله
اطلقت حنين لجام لسانها الذى لا يهدأ البته لتصب تعليقا ساخنا كعادتها
- لا ازاى مكتوبله يندهس الغلبان اللى جوة ده بعجلات الهامر بتاعتها
-شايفه استفزازها يابيلا
-دى حنين ايه الجديد يعنى
-اه صحيح القمر جوزك مجاش معاكى ليه، احنا مش فمصيبه وهو محامى
مش ييجى يشوف نعمل ايه ولا هيقضى حياته نوم.

زمت شفتيها بلقيس ولم تجب على سؤال حنين فقد علمت انه قد حان دورها
فتسلط سبابها عليها هى الاخرى، حتى فاجئهم خروج الطبيب لهم من غرفة المصاب
فهموا مسرعات بسؤاله.
-دكتور هو حالته ايه
اشار الطبيب لهم بالهدوء وانفرجت شفتاه للاجابه لكن الجمته حنين بسؤال اخر
-يعنى هيقوم منها ولا البت الغلبانه دى هتروح فشربه ميه!
نظر لها الطبيب بغرابة ثم اردف
- هو كويس العجل بس كان السبب فحدوث كسر عنده وصدمه العربيه المفاجأة.

حصلتله كدمة شديدة ناحية الكلى اليسرى، فهو هيفضل تحت الملاحظة خوفا من حدوث نزيف داخلى
وبعد الاشاعات ممكن يخرج
-طب انا كده يعنى جنائيا ايه انا خايفه
ضمت كفتى يديها ببعضهما لشفتاها، حركة فى منتهى الطفولة حتى ضمتها لها بلقيس تهدئ
من روعها قليلاً، فأجابها الطبيب.
-هو اكيد هيتعمل محضر، بس كده الحوار بينك وبينه
يعنى جنائيا مش احنا المسؤلين ده حقه هو
-خلاص ندخلله ونشوف يعوز ايه ويخلصنا.

قالتها حنين مندفعه فاثارت غضب الطبيب فتحدث مشيرا لما قالته هى للتو
-لا ع فكرة دى حادثه واصابه وعلاج اكتر من اسبوعين، يعنى مش عافيه
لازم تساوو الموضوع ودى عشان قريبتكم متتأذيش
تركهم وانصرف الطبيب، فنظروا لبعضهن الثلاث نظرات حيرة، ماذا هم بفاعلات
ليلى حقاً متورطه.
-انا استأذن انى ادخل له واتكلم معاه
-فكرة كويسه شوفى عاوز تعويض ولا ايه وفهميه انك مكنتيش قاصده.

-جوزك فييين ياستى يفهمنا نعمل ايه، ده ايه الهم ده
-يا حنين بطلى بقا جلال مشغول فالمكتب فالقضايا
-ودى مش قضيه سُقع جت من السما له اهو نشوف الست كروانه هتعمل ايه فيها
قبل م ياخدوها كلابوش
نهرتها ليلى بدفعه لها فى جسدها بسيطة وهى فى غاية التوتر
-بس بقا يا حنين بتقلقينى
اهتز هاتف بلقيس لتجد ان هناك اتصالا قادم من زوجها، فهمت لتجيب
-الو ايوة يا جلال، م انت عارف انا مع ليلى.

طب هعمل ايه هما مش مع مامتك وقالتلى هتديهم الدوا بانتظام!
مينفعش اسيبها طيب أعتبرنى فالجريدة او فاى مشوار، يووه يا جلال خلاص جايه
اغلقت الهاتف وهى تزفر بحدة، فابتسمت حنين لها ابتسامه تحمل سخرية فى طياتها
-روحى ياختى، روحى لجوز القرود اللى خلفتيهم فساعه واحده وللتكالى اللى رامى كل الاحمال عليكى
-انا مش ناقصاكى بجد
احتضنت بلقيس ليلى ثم ربتت ع كتفها، واخذت تلملم خصلات شعر ليلى على جانبي وجهها.

لتقول لها برفق
-مضطرة امشى حبيبتى معلش غصب عنى، اهى معاكى حنين ادخلى له
وشوفى تساوى الحوار ازاى وانا هتابعك فون متقلقيش
غمرتها بقوة ثم القت لهم تحية سلام وانصرفت، وقفت ليلى على حالها ليقطعها صوت حنين
-هاه، هندخل نشوف المرحوم ولا ايه
صوت طرقتين خفيفتين على الباب لغرفة آسر بالمشفى، ثم دلفت كلاهما ليلى وحنين بعدما استأذنا من الطبيب للتحدث معه والاطمئنان الى حالته.
-عامل ايه.

انطلقت من شفتاها بهدوء صوت عذب، ترتعش رناته بخفه من الخوف وهذا كان ملحوظا للغاية
فحاول آسر ان يهدئ من حدة خوفها بابتسامة واهنه على جانب شفتيه ليجيبها باهتمام.
-انتى اللى خبطتينى مش كده
-اكيد يعنى هى مش واحدة من بقية عيلتك اكتشفتها انهاردة! ده ايه الذكاء المبالغ فيه ده
عبس قليلا باندفاع حنين بالرد عليه هكذا، ثم نظر إلى. ليلى التى ارادت تصليح الموقف
-انا اسفه، حقيقي مكنتش اقصد بس كنت باصه بعيد وو.

-ولايهمك، انا كمان كنت معدى بسرعة
-يعنى انت دلوقت حاسس ايه او انا ممكن اعملك ايه
-هو انا بس جمبي واجعنى اوى من الخبطة، ومش عارف هقعد اد ايه فالجبس ده
عندى شغل ومينفعش اتأخر عليه يوم
-لا شغل ايه، بص انا ممكن اعوضك عن الوقت اللى هتقعده فالبيت ده عشان علاجك
-انا مش عايزك تتعبي نفسك ده قضاء وقدر وكان لازم يحصللى
-بس انا السبب وانا لازم ادفع تمن غلطتى دى
-ياستى متحمليش نفسك زياده، هتتستر والله.

هنا اندفعت حنين لتقول بلهجه حانقه مستفزة منهما الاثنين، فهبطت كلماتها وسط حديثهم
كى تنهى هذا الجدال سخيف الطعم
-ماتخلصونا! انت يابنى لازم تقوللها تعوضك ازاى عشان بصراحه فيه محضر هيتفتح
وس وج وده يوديها فداهيه وهى مكانتش قاصدة
فلو سمحت تنجز عشان خلقنا ضيق جدا، زى م انت شايف هى بنى ادمه كيوت متستحملش البهدلة
لو انا اللى كنت خبطك كان انا وانت نفس طويل قصاد بعض ونشوف دنيتنا ايه بالظبط ياهندسه.

فلخص احنا نعتبر قربنا ع نص الليل وهى لازم تروح وكنا مستنين جنابك تفوق
هاهقولت ايه؟
نظر لها آسر رافعاً احد حاجبيه، ماهذه الفتاه؟ايكمن بداخلها راديو
لتفرغ كل ماقالته للتو دون ان تتعثر بكلمه واحدة!
او انها رجل دفاع متخفى في ملامح انثوية بعض الشئ، على عكس هذه التى ينبعث منها كل معانى الرقةوالجمال براءه طفله واكتمال انثى فى صورة لا ينقصها شئ.

كز آسر على اسنانه، محدثا نفسه لو كانت هذه صاحبة تصادمه بالسيارة لا كان صفعها درسا قاسيا لا تنساه بسبب طول لسانها هكذا دون وجه حق.
ولكن هو مدرك انها لست هى الفاعلة وانما الاخرىفماذا عليه ان يقول؟
بيبي اجبلك سندوتشات معايا من الكافتيريا ولا كولا بس؟
رفع نادر وجهه عن الكتاب الذى امامه ليجيبها.
-ميريهان بلاش بيبي انتى عارفه بتفقع من الدلع المايص.

جلست بجانبه وهى تضحك بصوت عالِ مُلفت بعض الشئ، وامسكت ذراعه بحب
-ليه بس يابيبي، ده حتى بيبي لايقه عليك اوى عشان وشك بيبي فيس
وشعرك ابو خصلات طويله ده عاملك شكل كيوتى اوى
هز رأسه بتعجب وهو مبتسم ونظر الى الكتاب مرة اخرى، فقطعت انتباهه للمرة الثانية
-نادورتى. فكك من المذاكرة بقا م احنا عارفين ان احنا هنترفع هنترفع يعنى ايه الجديد؟

نظر اليها بحنق واجابها عالفور وكأنها ارتكبت خطا سقط من بين كلماتها العفوية
-ايه نترفع دى! دى كلمة تقولها بنت؟
مطت شفتيها صامته لاتدرى بما تجيبه
-وصوت ضحكتك العالى اللى كذا مرة اتكلم فيه، حصل ولا لا يا ميريهان
تأبطت بإحدى ذراعيه، ومالت برأسها على احد كتفيه وابتستوابتسمت تهدئ من حدة
انفعالاته قليلاً
-خلاص بقا معدتش اعمل حاجه بتضايقك
انفرجت قسمات وجهه قليلا، ثم اخذ ينظر حوله.

-طيب بس عشان ميبقاش شكلنا ملفت ياميرى
حاول فك ذراعه منها فظلت على ابتسامتها كما هى
-حاضر ياقلب ميرى من جوة
رجع الى تركيزه بما امامه وهى ظلت بجانبه صامته، حتى اتت بعض الفتيات زميلاتها
وهمت واحدة منهم بطرح سؤال على ميريهان
-ميرا، هاه قررتى نروح بليل سينما الفيلم الجديد ولا ايه
انتبه نادر ونظر لها بغضب، فتلعثمت هى واجابتها
-مانا قولتلك هبقى اكلمك. فيه ايه
-لا انجزى عشان نبقى عارفين ومتأخريناش.

بإرتباك اخذت توزع ميريهان نظراتها بين نادر وزميلاتها، فاردفت
-بصى هشوف وامشى دلوقت
انصرفن زميلاتها، فاردف نادر بسؤال يحمل فى رنة صوته الغضب المكتوم
-كنتى ناوية تخرجى من غير ماتقوليلى؟
تلعثمت ميريهان وحاولت تهدئة رد فعله بان تمسك بسبابتها سبابته برفق
-بص كنت هقولك اكيد قبل م اروح
-يعنى كنتى مقررة ومش مهم رئيي؟
-لا يا حبيبي مكنتش
هم بالقيام منزعجا، وعدل من ثيابه ولملم اشيائة الخاصه وعلى عبوسه كما هو.

-براحتك يا ميريهان
-طب رايح فين
لاحقته فتوقف حتى لا يلفت الانتباه لهم وهذا مايزعجه كثيرل
-بصى سيبينى دلوقت، انا مبقولش اى حاجه بتتسمع وفالاخر بتعملى اللى فدماغك
فلو سمحتى متجيش ورايا
-خلاص مش هروح يا نادر، متكبرش الحكايه احنا كل يومين متخاصمين تقريبا
قالتها برجاء جعلته يتوقف مكانه لبرهه. تنفس بعنق ثم اردف
-انتى السبب اننا كل يومين متخانقين، عقلك ده عقل اطفال وانا مبحبش كده
وعلى طول انبهك وانتى زى م انتى.

-خلاص والله اخر مرة. عشان خاطرى
-طيب مش عاوز عيونك تدمع، انتى عارفه انى بتخنق لما تعيطى
ناولها محرمه ورقيه لتمسح دمعاتها التى انهمرت اثر المشادة الحادثه بينهم
فاخذت تمسحهم وهى مبتسمه لتلقِ عليه احد لوماتها له الدائمه.
-يعنى لو كنت مسحتهملى كان حصل لايدك حاجه!
-امسحلك دموعك فالجامعه يا ميرى، اتهبلتى!
عاوزة ناخد فصل
-طب ايه رأيك ناخد فصل احنا الاتنين وندور نسرح بليمون على عربية كارو.

انطلقت منها ضحكتها العفوية العاليه، بحركه لا ارادية كتم فمها بيده فزادت ضحكاتها
وضحك معها وهى يدفعها فى جبهتها برفق.
على الهاتف كانت تطمئن ليلى على صحه آسر بعدما وضحت الفحوصات التى خضع لها ان لايوجد نزيف او اى شئ خطير به يذكر سوى تلك الجبيرة التى تحيط بساقه!
وها هى بلقيس اتت بصحن من الحلويات وجلست امامها ما ان تنتهى من محادثتها وتخبرها بالجديد.
-طيب كويس، بس نزلت شغل على طول كده.

-اعمل ايه، اكل العيش بقا
-سلامتك يا آسر، ياريت تاخد بالك من نفسك
-كل حاجه على الله ياستى، بصى لاتحسبي للى جاى ولا للى فات ربنا بيكتب واحنا بس ادوات ماشيه
-حلو التواكل ده، نفسي اغمض عينى واسيب كل حاجه تمشى زى ماتمشى لكن عيبي عقلى شغال 24ساعة
وخايفه من كل حاجه
ضحك آسر بخفه واسترسل كلماته الهزارية على مسامعها
-بس انا عتقتك من خوفك اننا ندخل فقضايا وتعويض وليلة بيضا.

ضحكت ليلى، فأشارت بلقيس بان تغلق المحادثه حتى تستطيع ان تجلس معها قليلا قبل
قدوم زوجها من الخارج وتنفرد باخبارها من وقت الحادث تتابعها من بعيد.
-بص هقفل دلوقت وخد بالك من نفسك اوك
-ماشى، تعبك معايا ياليلى بسؤالك عليا كل شوية كده
ابتسمت بهدوء وقامت بارجاع احدى خصلات شعرها الى خلف اذنها واحمرت وجنتاها قليلا
-على ايه ي آسر، دى اقل حاجه اعملهالك ولو عوزت اى حاجه كلمنى.

نظر آسر امامه فوجد سيارة تدخل محطة السولار (بنزينه( مكان عمله، فقام يتعكز على عكازة قليلا ليقوم بملئها ب السولار اللازم لها
-مضطر اقفل عشان اشوف العربيه اللى جت دى، يلا سلام وطمنينى عليكى
اغلقت ليلى الهاتف وتركته جانبا، ثم نظرت الى بلقيس التى تتابعها بنظرها حتى انتهت.
-ايه بقا، ايه اخباره؟تعرفى طلع ولد شهم وجدع لا جاب سيرتك فالمحضر ولا ارقام عربيتك.

-انا من وقتها عاوزة اعمله اى حاجه عشان جدعنته دى، تعرفى ي بيلا بيشتغل عامل بنزينه وتقريبا حالته المادية منعدمه
ومرضيش باى تعويض مالى منى، تخيلى!
-فيه ناس كده عزة نفسهم اهم من اى حاجه
نظرت ليلى حولها كأنها تبحث عن شئ فانتبهت بلقيس
-ايه ياليلى فيه حاجه
-لا بس مش سامعه صوت الولاد
تنهدت بلقيس بارتياح وارجعت ظهرها للخلف قليلا.

-بتفكرينى ليييه، نايمين اخيرا، عارفه مصيبه اللى تخلف تؤام مبيبقاش عندها سنتى راحه فحياتها
احست ليلى بالشفقه تجاه بلقيس وربتت على كف يدها بحنو
-بصراحه الله يكون فعونك، اتدبستى فجوازة بسرعة وخلفتى ع طول واتنين كمان
حاسه انك بقيتى تايهه يا نعمة اوى
ابتسمت بلقيس حينما سمعت اسمها المحبب لها اكثر تتفوه به ليلى
-تعرفى انك الوحيده اللى ساعات بتقوليلى نعمة
ابتسمت ليلى بوهن واردفت لها.

-اسم ماما. خالتو كانت بتحبها اوى، لكن اونكل بقا صمم على بلقيس قال ايه
كانوا فاكرينك ولد وهيسموكى قيس وجيت انا بعدك بقوا يتريقوا قيس وليلى بلقيس وليلى
ضحكا الاثتنين معا وهما يطرقا كفا بكف ويتمايلا إثر ماذكرته ليلى، فرن جرس هاتف ليلى
فانتبهت واخذته، ثم اتسعت حدقه عينها بهول مفاجأة، فهمت بلقيس بسؤالها
-ايه. مين
لوحت شاشة الهاتف الى ناظرى بلقيس لتجد المتصل
نزار ادريس.

بس ايه يابت يا حنين، ادتيله على عينه انتى عدل!
عدلت حنين من ثيابها بتفاخر وهى ترفع انفها بِ كبر مضحك وتردف
-يا بنتى حنين عبدالله، بتهزرى عاوزانى احط سكريبت اعداد اسئله لشخصيه تقيله ضيف فحلقه ماوراء الستار
اى كلام ولا ايه؟ لا طبعا ده انا طلعت عينه
ضحكت زميلتها بالمحطه الفضائية واكملت الحديث لها
-خايفه عليكى يابنت اللذين تروحى ورا الشمس بسبب ثورتك دى.

ضحكت حنين وهى تهز رأسها استهزاءا من تلك البلهاء التى امامها
-شكلك لسه متعرفيش حنين عبدالله عشان لسه جايه جديد فالمحطة
انا يا امى بعون الله لا بخاف ولا بكش من حد، وبقول يا اعور انت اعور فعينك بحب النور وابص فقرص الشمس وانا فاتحه عينى كمان
-اوعى بقا اللى زيك فعلا ميتخافش عليه
اثناء حديثهم، هرول احد زملائهم الشباب وتوسط وقفتهم وقال بلهجه حزينه
-يا جماعه حد عرف باللى حصل عند ابراهيم.

تساءلت زميلتهم بينما وقفت حنين صامته تتابع
-ايه ماله
-مامته فالعنايه المركزة، وقعت امبارح بليل وتقريبا حالتها خطر وليها عمليه وهو معهوش ولا مليم
فانا وبعض الزملا فكرنا نلم اى حاجه نقدر عليها ونديهاله ابراهيم مش بيسيب حد مننا
التوت شفتا حنين وخلعت نظارتها الطبيه ووضعت احد ذراعيها بفمها ثم بادرت بسؤال لزميلها
-وهو ابراهيم فين
-جوة فأوضه الاعداد
-تمام.

انصرفت حنين لغرفة الاعداد فوجدته يهاتف شقيقته بلهفه، من الواضح ان بالفعل ماسمعته كان صحيحاً
وان والدته بحاله خطر
ف انزعاجه بهذا الشكل المزرى غريب عليه، هى اعتادت عليه يطلق النكات والسخرية طيلة الوقت
وابدا مافارقت البسمة شفتيه.
-ابراهيم عايزاك فكلمه بس بعد م تخلص
قالتها له فانتبه وهم بالاسراع فى اغلاق الهاتف حتى يكون بكامل انتباهه معها دون تشتيت.

كانت هى تقف تنتظره واضعه كلتا يداها بجيب بنطالها وتهتز مكانها وتلتوى فِ شفتيها وتنظر فالفضاء اسفل قدميها حتى انتهى.
-خير يا حنين
-بص انا عرفت ان مامتك تعبانه، انا معايا مبلغ حلو بابا شايلهولى قال عشان جوازى
طبعا انا لا هتجوز ولا هبيع حمص انا هديهملك
اتسعت حدقتا عيناه ونظر لها بتعجب، ماهذه سهام الشهامة التى تنطلق من عيناها وتخرج من ملئ فمها؟
-لا يا حنين، انا عارف انك بتحاولى انك تساعدينى
انا هتصرف.

-يوووه متقلبش دماغى ابوس ايدك خدهم واخلص ولما ربنا يفرجها ردهم جزء جزء
-بس دول عشان جوازك
-يابا مين يتجوز يابا فوق من السطله والنبي، انا لابتاعت جواز ولا حمل ولاخلفه انا نازلة باوبشن اعيش ذاتى كده
فالله يكرمك متسحبش معايا كهربا كتير وتيجى معايا اسحبهم من البنك واديهملك. آمين!

ابتسم ابراهيم رغما عنه، فهو يشعر بسعادة عارمه ليس فقط ل هذا الموقف النبيل منها، بل لانها فضلت مصلحة له عنها بل ما يُفضل ذِكره هى انها عندما علمت بحجم كارثته اسرعت على الفور ان تكون بجانبه
ياترى ما الذى بها لا يُعشق!
-ايييه هتفضل فاتحلى بوقك زى السمكة اللى حد مصطادها كده، يلا بينا قبل م البنوك م تقفل
وابقى سلملى على امك ياض
اغلق شفتاه ومطهم باستياء، فهى لا تكمل صنيعا معروفاً الى النهاية ابداً!

فى مطعم شديد الفخامة، كانت هناك طاولة تحمل اسم نزار ادريس بإنتظاره هو وضيفته الكريمة
ليلى مراد!
ما الذى حدث بمكالمته الهاتفيه السابقه؟
دعونا نعلمكم سريعا، بعد القاء التحيه وبعد كلمات المجاملة المعتاده. قام السيد نزار بدعوة ليلى لعشاء احتفالاً بنشر حواره بالجريدة التى تعمل بها بهذه الطريقه المنمقه ووضع صورته بهذه الهيبة اعلى الصفحه.

فالبداية تلعثمت ليلى وابتلعت ريقها اكثر من مرة، واصبحت بين كل كلمة والاخرى تبلل شفتيها وهى تحاول من تباطئ انفاسها قدر الامكان.
فهى غير معتاده على هذه الدعوات، او الاحتفالات بخاصه من رجل بحجم نزار ادريس.
رفضت دعوتة بشياكه بعدما ترددت فالرد عليه مراراً كعادتها، ليلى تلك الفتاة التى تترك الاقدار فى كل مرة ان تسوقها الى حيث اى مكان ستكون.

تترك الامواج تتقاذفها يمينا ويسارا دون اى مجهود منها بالرفض او القبول، متردده وخائفه. حساسه وحائرة
تترك غيرها الامر فى قرارها.
حتى هذا الرفض كان إشارة من حنين وليس من منبعها هى.
ولكن عندما تكرر الحاح نزار عليها، قررت قبول دعوته وكان السبب فى هذا هى بلقيس.
ارتدت فستاناً رقيق جدا، يتشكل لونه بين الوان الطيف كلها ويتوسطه ورده مصنوعه من الزجاج اعطته شكل براقاً.

مشطت شعرها بفعل مكواة الشعر الكهربائية، جعلته اكثر انسيابيه على كتفيها، ارتدت حذاء ذو كعب عالٍ نظرا لقصر قامتها، ارتدت بيدها اليمنى بإصبعها الاوسط خاتم له نفس الوان الفستان.
تعجبت من هذا الذى يطرق عليها الباب للتو، هى سمعته جيدا السائق الخاص لنزار بك ادريس
ارسله لها لتذهب الى حيث دعاها بسيارته الخاصه.

تفاجئت وتحدثت اليه هاتفيا انها ستذهب بسيارتها قديمة الطراز، رفض واستطاع اقناعها بان تهبط مع سائقه الى السيارة
هبطت فوجدته بالداخل، احست بكثر من الاحراج.
وفى الطريق لم تتفوه بكلمه بينما كانت تنظر عبر النافذه هربا من نظراته.
وصلا معاً، فأخذ بكف يدها ليدخل بها الى المطعم بمشهد وكأنها اميرة حفل. دلفا حتى وصلا الى طاولتهما
فتح لها المقعد جلست ف جلس هو امامها مباشرة.
-انتى مكسوفه كده ليه.

انتبهت!الى هذا الحد يظهر عليها الارتباك اعتدلت فى جلستها وعدلت من وضع شعرها بحركه متوترة عدة مرات
وتنحنحت ثم قالت له.
-لا بس انا متعودش اخرج واحتفلمع راجل بحجم حضرتك
ابتسم وزفر بارتياح ثم قال
-انتى صحفية، تخيلتك اجرأ من كده بمراحل
-مش فكرة جرأة، انا بس مش متعودة، وبرتبك واتلبخ ف اى موقف جديد عليا
-طيب بس ريحى نفسك عن كده، دى مجرد مقابله عادية
وياستى انا بجد مبسوط انك اخيرا قبلتى دعوتى.

ضربات قلبها تتصارع، مايريد هذا الرجل منها؟ نظراته تتحدث بشئ اخر اكبر من الاحتفال بحوار عابر!
وهل هو يقابل كل من تحاور معه سابقا؟
-حضرتك اكيد عملت كذا حوار قبل كده، كل مرة كنت بتحتفل كده
اجابها على الفور واثقاً من كلماته
-لأ
اتسعت حدقة عينيها بتعجب، فاكمل لها
-اولا بلاش كلمة حضرتك، انا مش كبير اوى كده
-بس كبير مقام
-اعذرينى يا ليلى مبحبهاشانا اسف تحبي اقول يا استاذه ليلى؟
زفرت ليلى وبللت شفتيها وأردفت له.

-لأ طبعا، ليلى عادى
-يبقى انا كمان نزار عادى
قبل ان تنطق بكلمة اخرى، كان قد اقبل النادل بقائمة الطعام لهما، اخذاها وانصرف
-المطعم ده انا متعود اتعشى فيه، انا هطلب سمك
ضحك بخفه ثم عاود حديثه
-بيعملوه هنا هايل، وكمان انا من انصار اللحوم البيضا
ابتسمت ليلى، واخذت تجارى حديثه قدر استطاعتها
--اوك وانا كمان هطلب سمك زى حضرتك
-قولنا اييه
تنحنحت ونظرت للاسفل ثم رفعت عيناها له، عيناها!

ياسبحان المعبود ماهذه اللؤلؤتان الهابطتان من الجنة!
الا لو كانت شقراء ماكان ظهر جمالهم ب هذا الحد، فلون شعرها البندقى جعلهم اكثر تميزا وجاذبيه.
تم تنزيل الطعام على طاولتهم، حاولت ان تأكل وتتخلص من خجلها قليلاً
بينما هو يحادثها عنه تاره وعن الحوار التى اقامته معه تاره، وعن سؤالها بطيات الحديث ان كانت مرتبطة ب أحدهم ام لا!
تتجاذب اطراف الحديث معه وبداخلها الف تساؤل، ماذا يريد ذاك النزار منها؟

هى تتفهم نظرات الاعجاب بها جيدا، فقد مر بها من العمر ما يجعلها اكثر وعياً وإدراكا.
انتهى العشاء واصطحبها الى منزلها من جديد. هبطت من السيارة فترجل معها لبوابة المنزل
وأوقفها
-كنت عاوز اشكرك ان بسببك انا اكلت بنفس مفتوحه
-ميرسى، انا كمان كنت مبسوطه بدعوة حضرتكاقصد بدعوتك
-اتمنى تتكرر
كعادتها المستلسمه، صمتت فيهيأ للذى امامها انها راضيه، لكنها لاتجيد فن الرد او الصد.

ستظل بلهاء فى هذه النقطة حتى لو قاربت على انتهاء العقد الثانى لها.
-كان وقت ظريف، تصبح ع خير
-ليلى استنى.
توقفت ونظرت له باهتمام، من الواضح ان بداخله شئ هام يريد البوح به
-نعم
تنتظره يتفوه بما اوقفها بسببه، فصمت تماماً
يا الله ماهذا الرجل؟
-فيه حاجه؟
-لا. كنت بس هقولك انهاردة انا شوفت القمر والشمس متجمعين فشخص واحد
بس من هول مفجأتى بجمالك معرفتش اقولك كده من بدرى.

ابتسمت مجامله له وقامت بحمل ذيل فستانها ودخلت بعدما القت عليه التحيه
واغلقت البوابة الحديدية خلفها واختفت عن انظاره فور الدقائق.
فور صعودها وتبديل ملابسها وإراحه قدميها من هذا الكعب السخيف، كانت تفكر بعينيه ونظراته لها
بحديثهما الطويل الذى لم ينطق منهما حرفاً.
لهذا الغموض الذى يحيطه، والذى اقحمها دائرته رغما عنها.
ظلت تفكر، امسكت بالهاتف.

وحدتها جعلتها طيله الوقت تلجأ لمن حولها ليقوم بإسنادها، ضغطت باسم بلقيس
رن الجرس حتى انتهى ولم تجيب.
زفرت بضيق، فهى تعلم انها من الممكن ان تكون مشغولة باطفالها او زوجهافى هذا الوقت
اتت باسم حنين وضغطت الزر
ولم تجيب هى الاخرى، من الواضح انها نائمة حنين تقدس كل شئ وتعطيه حقه حتى النوم
زفرت بحنق والقت بالهاتف بعيد حتى اتاها صوته يرن.

فاسرعت لتأخذه مفكرة بأن واحدة منهم قد رأت اتصالها فعاودت اتصالها بها، ولكنها وجدته آسر
نظرت للساعه امامها تعجبت الوقت متأخراً، ولكن هى بحاجه الى الكلام مع احدهم خاصة بعد العشاء الغريب هذا،
اجابت الاتصال وعلى الفور اتاها صوته من الجهة الاخرى.
-معرفش حسيت انى عاوز اكلمك فاتصلت، اسف لو ازعجتك
تنهدت بارتياح وردت عليه مجيبه بلهجه هادئه
-مفيش ازعاج يا آسر، انا كمان عاوزة اتكلم معاك.
-انا سامعك ياليلى.

-بس انت قولت عاوز تكلمنى، قوللى الاول كنت بتكلمنى ليه
-لأانا كل الى كنت عاوزه نتكلم، لكن واضح ان انتى اللى عندك كتير
قولى يا ليلى انا سامعك.
اراحت ظهرها الى الأريكة ونظرت جانبها لشعاع القمر الذى يطل من نافذتها وبدأت تخرج مافى جعبتها له.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة