قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية فيولين عهد الثالوث للكاتبة نور إسماعيل الفصل الثامن

رواية فيولين عهد الثالوث للكاتبة نور إسماعيل الفصل الثامن

رواية فيولين عهد الثالوث للكاتبة نور إسماعيل الفصل الثامن

ارى دائمامرور العمر مثله كمثل سارق يحدق بعيناى ليوهمنى بانهم فاتنتان وكلتا يداه تسرقانى دون ان اشعر، حقا اشبه بالتنويم المغناطيسى. يمنحنى احساس اننى اشعر بكل شئ نائمة متيقظة.
ولكن حقيقة الامر. ان حقا الايام تمر بسرعة شديدة دون ادنى شعور منا بها!
مضى وقتا، وهناك تغييرات عدة.

فمثلاً نزار وليلى، سيظل نزار يحكم قبضته على ليلى ك احكام رابطه عنقه على رقبته. اصبح ملتصق بها حد الجنون قد يقارب من الوقت العام على زيجتهم هذه. وكلما مر الوقت ضيق نزار على ليلى دائرتها
عملها. يومها. معارفها. اقاربها، اصبح هو هو كل شئ لها وكفى.

اتتذمر! بلى، يكفيها التذمر بينها وبين نفسها دون ان تريه إياه. فهو قمة الحنان والامان حينما تطيعه ووحشا كاسر حينما تعصاه. او ربما لا تعصاه ولكن يهيأ له انها كذلك لا تمشى على نقاطه التى حددها لها بحرص وعناية.
حتى اقاربها الذين مثلهم مثل الاخوةبلقيس وحنين اصبحت تراهم كل حين حينما يأتيا لزيارتها بالمنزل او حينما يصدر موافقته لها بعد عناء ان تلتقيهم خارجا ولكن لبضع الوقت المحدد.

وعلى ذكر بلقيس وحنين. فبلقيس مازالت مياه حياتها الزوجية راكده، اذكر ذات مرة امسكت بهاتف جلال لتستمع الى محادثاته فلا تجد شيئا سوى مكالمات تخص العمل وهى ووالدته ونادر. فقد تسلل الشك لقلبها ولكن دون جدوى لاراحه فى ترقبها له ولا راحه منه فى اخبارها بما تريد.

على حالها تعمل، وتعتنى ب اطفالها وعلاجهم واطعامهم. وتعتنى به بكل شئ حتى اصبح لها ثلاث اطفاال يجران ذيل ثوبها، اثنان حملهم رحمها والثالث حمله قدرها هذا التكالى اللامبالى اطلاقا ولا يشغل باله فكر البته.

اما عن حنين، مازال ضوءها يسطع فى سماء عملها الاعلامى، اصبحت تعد اكثر من برنامج حوارى وهذا ماكانت تنتويه بالفعل ذات يوم من الايام، تقوم بمساعده من يطلب مساعده او لا يطلب وتقف بجانب من يقع بشدة. لا تلتفت سوى لعملها فقط لا سواه تظل كما هى لا مجال للحب لا مجال للحياه الزوجية الممله الفاشله من وجهتها، هناك مجال للعقل ونظريتها ان دائما العقل على صواب.

والعقل عند آسر غلب دقات قلبه، استطاع جمح احساسه ومشاعره بعد ابتعاد ليلى عنه شيئا فشئيا حتى تلاشى وجودها فى حيااته ولكن مازالت نائمه بين نبضات قلبه. ستبقى هناك هذا موطنها حتى وان لم يصرح به ولا يدرى ماحقيقه هذا الشعور ينفى عشقها حتى بينه وبين حاله، ويبرر لهفته وحب اطمئنانه عليها امتنان لصداقه دامت لفترة حدث بها الكثير، يلتهى بعمله الذى اثبت جدارته به حتى اصبح حديث كل من فى الجريدة. وبمرور الوقت كون صداقات ومعارف وطيدة وكان محط انظار ومحبه الجميع.

ولاننسى ابداً، ان مرور الوقت كان فى صالح نادر حينما تثبت بعمله وقام بطلب يد ميريهان كشريكة حياته وزوجه مستقبليه له وبعد مرور بضعة ايام صمم عليها اهل مريهان تمت الموافقه وتحديد ميعاد الخطبة.

ميريهانآهٍ منها تلك الفتاه الشقيه، التى تعشق نادر ل أنفها فلاترى بالكون غيره او مثله. اليوم خطبتها على من امتلك قلبها 4اعوام وفى طريقها للخامسه. حفظت نظراته همساته وقت غضبه ووقت جنونه، علمت كيف تمتلكه وتنصاع خلفه اعترافا له بقوة شخصيته هاهى على اعتاب اولى خطوات حياتهما المشتركه والله الموفق بكل خير.

تعالت اصوات الزغاريد لنساء العائلتين، وصخب صوت الاغانى والمدعووين فى انتظار العروسين ب قاعة مناسبات قد اختارتها ميريهان خصيصا لهذا اليوم، والدة نادر تستقبل مع ابنها الاكبر جلال
وبلقيس تطمئن لحال كل شئ على مايرام، حضرت حنين بناء عالدعوة مصطحبه والدها وشقيقها اصغر من بالعائلة، وها قد اتت ليلى بعد عناء من الحاح بلقيس ولكن بصحبه زوجها نزار بك ادريس.

اما عن آسر دلف الى القاعة يعدل هندامه صافح بلقيس وبارك زوجها ووالدته، واخيرا وقعت عيناه عليها محبوبة قلبه ام معذبته؟
مر الكثييير ولم يرتوى رؤياها، جلس بعيدا عنهم ابتعاد عن اى مشكله قد تحدث بسببه هو لايعلم ماذا حدث من قبل ولكن من الظاهر ان هناك التباس ما بسبب وجوده حول ليلى.
عيناه ترتقبها بين كل حين وآخر. يرمقها نظرة مطوله يروى بها ظمأه وهو صامت على حاله لايتحرك.

اما عن ليلى، بريقها قد اختفى لمعة عيناها وطفولتها وبراءة افعالها، لمَ اصبحت راشدة الى كل هذا الحد؟
هل مسؤلية الزواج ام وراء هذة الزيجة خفايا لا يعملها الا الله.
يحتضنها نزار وكأنها ستضيع من بين يديه حتما، ركز آسر من بعيد على كل فعله لزوجها معها وكأنه قد شخص نظره لهم وليس للحفل.
قلبه يحدثه، انا لست بمطمئنليلى لست بخير، او عالاقل لست كما اعتادها وكما كانت، لعله هاجس ولعلك بخير يا ليلتى.

اقبل العروسين بفرحه، الجميع يصفق ويحتفل ويتراقص. الضحكات تتعالى والابتسامات مرسومه
الكل شارك حتى زملاء الجامعة ف نادر وميرا علامتين بارزتين. ضحكات ورقصات وتشابك ايدى حتى انتهاء الحفل، لم يكن احدا على حاله جالساً سوى نزار وليلى وأسر!
كانت حفله حلوة، ربنا يتم لهم بخير
ابتسم لها نزار ودلف الى الحمام، فبدلت هى ملابسها وخلعت حلّيها وغسلت وجهها اثر المساحيق التجميليه.

بالخارج وعادت مرتديه ملابس نومها المريحه تناسبها مع زوجها كما اعتادت وليست منامه.
خرج نزار وجلس بجانبها وتنهد وضم رأسها الى قلبه ثم نظر الى وجهها بهدوء وقال
-ليلى انتى بجد مبسوطه معايا
اردفت ليلى متعجبه
-انت ليه دايما تسألني السؤال ده يا نزار، معقول خلاص قربنا نتم سنه ومش حاسس انى كويسه
زفر وضمها بقوة وهو ينظر لاعلى، واراح جسده للخلف وقال
-لا ياليلى، انا خايف
-من ايه.

هنا توترت حدقه عينيه، حتى نبرة صوته اختلجت وقال
-خايف تكونى ندمانه انك اخترتينى، ومتجوزتيش شاب فسنك او مثلا عشان بحبك اوى وبخاف عليكى
حاسه انى حابسك او مضيق عليكى، وان سعات غيرتى عليكى الجامدة بتخلينى
صمت ل ثوان واكمل وهو يتخلل باصابعه خصلات شعرها برفق يحركهم وهى على هدوءها
-انا فعلا بندم على كل مرة بمد ايدى عليكى، بس غصب عنى مش عاوز حد يقربلك او يشوفك.

انا بجد بحبك اوى ياليلى. متعرفيش بحبك دى طالعه ومعاها كل حته فقلبي مش عاوز حد يشوفك حد يكلمك حد ييجى جمبك، انتى بتاعتى ولازم تفضلى طول عمرك معايا انا وبس لحد م حد فينا يموت قبل التانى متحسيش بطعم حاجه الا معايا ولو انا محرم من حاجه انتى كمان تنحرمى منها عشان انا وانتِ نفضل واحد
هنا تنهدت ليلى بعمق واحاطت باحد ذراعيها جذعه وهى تردف.

-انا عارفه انك بتحبنى، بس اوقات بتخوفنى منك مع ان انا بعمل كل اللى انت عايزه ويرضيك
حتى
عندما صمتت فجأة تسلل الشك لعقله فاعتدل وجلس مقابلها عاقد حاجبيه
-حتى ايه ياليلى متتكلمى، قصدك طبعا الموضوع إياه مش كده
قامت بتهدئته وهى تربت على كفه بحركه بسيطه وقالت.

-لا طبعا مش قصدى ومجاش فبالى، انا بقصد حتى تأخرينا فالخلفه انا اه بيشغلنى عشان نفسي فبيبي يونسنى اوى وكمان انا اصلا بحب البيبهات جدا، بس مش زعلانه انا راضيه بكل حاجه يا نزار
ضيق نزار عيناه وكور قبضه يده جانبا وقال
-طب وتقصدى ايه راضيه بكل حاجه دى
-يا نزار انت ليه كل كلمة منى عاوز اقدم مبرر قصادها، انا بتكلم بطبيعتى ومش بقصد اى حاجه.

نظر لكلتا عينيها بعمق، هو يعرفها حقا لاتكذب او تتجمل هو فقط يخشى شيئا معلق برأسه هو ولا مجال من صحته عندها هى، والى متى ستظل وساوسه وهوسه بها وبتملكها تؤثر عليهم كل هذا الحد؟

انا عاوزة فلوس، للعلاج والاكل الشهرى والمتابعه بتاعت الولاد.

استمع لها جلال ولم يعلق، فزفرت وكررت جملتها ولم تلقَ رد ايضا، معركة بلقيس القوية ستبدأ الان بل بدات بالفعل عندما صفعت الباب بقوة فهى لم تطق صبرا على هذا التجاهل خاصة لامر هام ك امر طفليهم المرضى.
-تقريبا بكلمك
رفع جلال لها وجهه وحدثها بمنتهى هدوء الاعصاب
- سمعتك، والمطلوب
-متهيألى قولت ايه المطلوب عاوزة فلوس
مط شفتيه بلا مبالاه ورفع كتفيه وقال
-مفيش فلوس
ضيقت عيناها وجلست جانبه.

-يعنى ايه، انت واخد بالك انا بطلب ل ايه؟ علاج الولاد ومتابعتهم والاكل اللى لازم يتجاب عشان مينفعش ياكلوا غيره. هنتصرف ازاى يا استاذ جلال
قام من مجلسه ليتناول جاكيت معلق، ويبحث ب جيبه ليخرج بطاقته المصرفيه ويعطيها إياها
-خدى كل اللى فيها عشان اثبتلك ان مفيش، المكتب بقاله فتره نايم هعمل ايه
هتفت بحدة، انما للصبر حداً
-والولاد!

-بلقيس، انا شايف انهم مبيتحسنوش. ماما بتقول دى فلوس بتتصرف عالفاضى والدكاتره واخدين ولادنا واللى زيهم سبوبه عشان ياكلوا عيش ايشى متابعات وعلاج بالشئ الفلانى كل شهر وعجله ودايره
هو الاكل ممكن لان هما هيعيشوا ازاى واكتر من كده مش ف وسعى. انا طلعت عينى من ساعة م جم واتداينت وفالاخر كان هيتحجز علينا وهتحبس.

استشاظت غضبا، هل ماسمعته كان حقا! سيترك مسؤلية طفليه المرضى بكل سهولة استسلاما لتحسنهم البطئ بعيد المدى!ماهذا الرجل، ماهذا الاب بحق الرحمن؟
-انت اب انت؟ يعنى ايه شايف اننا نبطل متابعتهم وعلاجهم عشان مبيتحسنوش
اولا انا عمرى م هبطل وهفضل ورا ولادى حتى لو اضطريت ابيع كل حاجه، ثانيا علاجهم وشفاهم ده بايد ربنا
انت ازاى تفكر كدهاحنا علينا الاخذ بالاسباب وهو عليه الاستجابة سبحانه.

تأفف من حديثها وظهر هذا واضحا على وجهه، عندما خرج من الغرفه فتبعته
-كالعادة انا نار قايدة وانت هدووووء وبرووود، جلال اقف بكلمك
-بلقيس، عاوزة ايه انا فعلا ممعيش فلوس والدنيا واقفه معايا
الفيزا معاكى خديها واعملى اللى عاوزاه ولو مكفتش كلمى انتى، انتى امهم برضو
بصوت عليت نبراته كانت تتحدث كأنها فى فضاء لا ترى امامها احد.

-وليه مكتوب عليا اخرج واشتغل واعالج وااكل وانيم واتابع واشوف البيت وطلباته وانت ووالدتك
ليه؟
اجابها بمنتهى الهدوء والثبات الانفعالى
-عشان ده دورك
-وانت دورك ايه
-انا اللى عليا بعمله،
-اللى عليك بتعمله مش كده، انا هتصرف منين ليهم انا اديتلك كل حاجه معايا واستلفت
بهدوء رتيب اردف
-والبيت اتكتبلك خلاص
لوحت بيدها امام عينيه
-مش بتكلم عن البيت، ملعون ابو اى حاجه المهم مصلحة ولادى.

ترجل امامها وهو يتحدث بنبراته الهادئه كعهده
- بطلى عصبيتك دى لان مش هتجيب اى حل صدقينى فرتبي امورك وانا كلامى انتهى، وبعد اذنك هنام شوية عشان نازل بليل المكتب عندى قضايا مهمة.
زفرت بحده وهو لم يأبه، دلف لغرفته واغلق الباب. نار متأججه بجانبها قطعة جليد متحجره لاتنصهر.

ولابفعل قرص الشمس حتى، مشكلة اختيار فى البداية جعلتها تحمل فوق عاتقها اعباء حتى النهاية. نهاية النهاية يا بلقيس، اصبرى وثابرى ولكِ اجرك.
بخطوات واثقه، هبط آسر من سيارة اجرة مصطحباً زميلته بالجريدة المحاورة ولدية الكاميرا الخاصه ب عمله.
فاليوم لديهم ميعاد بعمل حوار مع فنان معروف بالوسط الفنى جدا، لديه لقاء بمحطه فضائية اولا ولضيق الوقت سيقيم الحوار عقب لقاءه التليفزيونى بنفس المحطة.

بمنتهى الهمة والنشاط دلف آسر مرتديا ثيابه البسيطه الانيقه وتمشيطه شعره التى تميزه وحتى هذة الشعيرات الصغيرة فى مراحل نموها التى تتناثر على ذقنه وشنبه وقد قام هو بتهذيبها ف اعطته شكلا خاص به.
اردفت زميلته له
-احنا نقعد هنا ي آسر نشرب حاجه لحد الضيف لما يخلص الحلقة
ابتسم آسر كعهده وهو يلتفت حوله وقال
-مفيش مشكلة، هروح اشوف فين الكافيتريا
تابعت زميلته القول وهى تترجل للخارج
-لا انا هطلب اتنين عصير، رجعالك.

-طيب خليكى وانا هشوف فين يابنتى
-لا متقلقش اصل انا اعرفهم هنا. استنانى
انصرفت زميلته، وبقى هو بصمته وهدوءه يتصفح هاتفه ثم فحص الكاميرا قبل البدء باللقاء
فسمع صوتا يستطيع تمييزه بسهوله ياتى من الخارج ويقترب
-ياعم فكك انا لبسته فكام سؤال حاجه كده عنب وبارك الله فيما رزق هيطلع من الحلقه عينه جايبه الوان
دلفت حنين لتقع عيناها على آسر الجالس بغرفة الاعداد، ففرغ فاهها باستهزاء وقالت.

-ايه ده ياعم الحج ايه اللى جايبك هنا
اراح آسر ظهره للخلف ورفع احد ارجله على الاخرى وقال بهدوءه المعتاد
-جاى لشغل، عند سيادتك مانع
ترجلت نحوه وطرقت قدمه المرفوعه فضحك هو فاثار استفزازها اكثر، فاردفت هى
-اتكلم واقعد عدل وانت ف وشى سامع
-ليه يعنى مرات خالى وانا معرفش
-ياساتر ياساااتر، يعنى من غير وقت ولا معاد نبتلى بيك وبوجودك وبشبطانك فينا.

ياعم انت ليلى اللى بلتنا ببلوتك السودة هى نفسها قطعت علاقتها بيك انت لسه لازق فوشنا زى الخفاش لييه!
كعهده تحدث ولم يأبه لم تفوهت من تفاهات رغم انها وخزت قلبه دون ان تدرى
-انا هنا فشغل، عندى لقاء مع الفنان. وانا هصور اللقاء، يعنى لاجاى عشانك ولا اتملى فطلعتك البهية
ولو اعرف انك هنا
قطعته وهى تطرق بحذائها ارضا عدة مرات بطريقة متوترة
-كنت هتعمل ايه بقا.

-كنت هاجى برضو عادى ده شغلى ان شالله يكون مع عفاريت نص الليل
-بقولك اييه اتقِ شرى وعصبيتى انت لسه معرفتنيش
-والله ياحنين انا م بشوفك ولا بتخطرى ليا ع بال عشان اتقِ شرك، وانتى عامله زى عبده صبى المكوجى اللى فشارعنا
كزت على اسنانها بشدة وكورت قبضتها ووجهتها لوجه
-عارف مقابلتش فبرودك ووقاحتك يا اخى كان يوم اسود لما ليلى خبطك ياريتك كنت متت وارتاحنا.

صنع فعله بيده ربت على جبهته وصدره كأنها صنعت معروفا وقال وهو على ابتسامته
-من بعض ماعندكم
ادارت له ظهرها بعدما صدر منها زمجره غضب جعلته يضحك عاليا وهم بسؤالها
-انا عاوز بس اعرف بتشوفينى تتعفرتى ليه، اعملى نفسك مش شيفانى ياستى
نظرت تجاهه بعدما رفعت انفها ب كبرياء وقالت
-ماهو انا مش شيفاك فعلا
قال وقد اختلطت ضحكاته بكلماته
-مش باين الصراحه.

زفرت بحرارة ورتبت اوراقها وامسكت قلمها وقالت له وقد اعتلت الدماء جبهتها
-انا همشى خالص لان مش مستعدة لكمية البرود دى وعندى شغل يابتاع انت
انصرفت ف هم برفع صوته وهو يقول
-خسرتى الجولة ليه خلي نفسك طويل شوية زى لسانك
طرق كفاً بكف وهو يضحك ويردد لنفسه
-مجنونة والله، والله العظيم عندها ربع ضارب الله يساعد ويشفى

ب عيادة طبيبة مشهورة كان موعدها، حينما تم الاتصال بها لتأكيد الموعد.

تتلفت حولها المكان مكتظ بالنساء، منهم من كانت تثرثر مع الاخرى، ومنهم من انشغلت بالحديث مع زوجها ممسك بيدها ليمنحها بعض الدعم، ومنهم هادئات ساكنات مثلها منتظرات يحين دورهم.
تراقب البطون المنتفخه بالأجنة، منظر تحن له كل فتاة وسيدة حلم الامومة، منذ نعومة اظافرها وهى تلعب الدمى القطنيه والبلاستيكيه وكأنها أما لهم تمشط شعرهم وتطعمهم وتحملهم كى ينامون. حتى يوم الزفاف وبداية تحقيق الحلم.

يراودها كل يوم انها تحمل طفلا صغيرا داخل احشائها، يكبر ب رحمها يوما بعد يوم
تبتاع له كل ثمين وغالِ من ملابس واشياء خاصته ولعب، كل شئ يخطر ببال احد قد فكرت فيه. فكرت فعدة اسماء صبيه وفتيات فكرت حتى باسم له تدلله به.
فكرت ماذا سيأخذ من ملامحها ومن ملامح ابيه، من طباعهم من حركاتهم
سيملأ عالمها الصغير الذى انغلق عليها مؤخرا ويبدو انه سيكون المنفس الوحيد
مدام ليلى مراد.

سمعت اسمها ورقمها فقامت لتدلف الى غرفة الفحص على استحياء، ابتسمت ب وجهها الطبيبة التى تحمل وجهاً بشوش ودعتها للجلوس، بللت ليلى شفتيها وبدأت برواية شكواها.
-انا متجوزة من فترة يعنى ممكن نقول سنه، وومحصلش اى حمل ومعرفش ايه السبب
-كشفتى قبل كده
-لأ دى اول مرة
-زوجك موجود معاكى
-اه، بس هو حاليا فشغله
وقفت الطبيبة تشير لسرير الكشف لتستلقِ عليه ليلى
-اتفضلى اكشف عليكى.

قامت ليلى وقامت الطبيبة بدورها فى الفحص وهى تلقِ عليها بعض الاسئلة وتهم ليلى بالرد
حتى انتهى الفحص وذهبت الطبيبة الى مكتبها.
-مبدئيا انتى كويسه جدا، هتعملى تحليل وكمان زوجك وتيجى انتى وهو المرة الجاية
انفرجت اسارير ليلى وهى تتناول منها ورقة التعليمات
-بجد يا دكتورة انا كويسه
-جدا، بس نتأكد من خلال التحليل انتى وزوجك، لازم يكون معاكى المرة الجاية.

صافحتها ليلى وخرجت منشرحه الصدر، تتلفت حولها تريد ان تحتضن كل مايقع عليها عيناها.
هبطت لتستقل سيارة زوجها الخاصة ف اشارت الى السائق
-متودنيش عالبيت على طول
-نزار بيه امرنى بعد الكشف اروحك على طول يافندم
زفرت ليلى واردفت للسائق
-طيب لف بيا فالشوارع شوية انا زهقت
ترقق قلب السائق فقام بطاعة امرها ليحقق ماتريد وبعدها يرجعها سالمة الى منزلها
كما أُمر.

‏مُخيفة قُدرة البَشر الهائِلة على الإيذاء، مُخيفة أكثَر أنَّها قد تأتي بأبسط الطُرق ومِن ألطَف النَّاس. ”
تسللت تلك العبارة الى ذهنه، عندما وقعت عيناه عليها ذات يوم. آسر يقر بقراره نفسه ان ليلى تتلقى ايذاءا من نوع خاص على يد نزار، انطفاء ضوءها المتوهج الذى كلما مر على شئ اضاءه.
عروس امنياته هى التى اختطفها ذلك الفارس الملثم على حصانه لايُعرف له شكل او صفه، وطار بعيدا عن الأنظار والاعين.

آهٍ ل قلبك يا آسر يترنح ك بندول ساعة لايستقر ولا يهدأ، منذ ان علم بتحديد ميعاد لمحاورة موديل الاعلانات الشهيرة ريناد الهادى هذا الاسم الذى ذكر مرة واحده امامه بصوت البغيضه حنين هو يعلم انهاطليقة نزار ادريس السابقه، التى تزوجها شهر واحد!
يفكر الآن ان هو وزميلته على موعد عمل معها، ولكنه يريد منها الاكثر من صور لحوار صحفى.

هو يريد ان يطمئن على هريريتهم الصغيرة ب أى سجن حبيسة أنفاس سجانها عالى المنصب والهمه والوقار.
تردد بعقله جملة قالتها ليلى له ذات مرة اثناء محادثاتهم قديمة العهد عميقة الاثر
اوعى تتخلى عنى ي آسر، اهم حاجه انك تكون جمبي انا ماصدقت لاقيتك
اخ جدع وطيب وشهم، ربنا عوضنى بيه بعد وحدتى من غير اخوات ولاد كل السنين دى.

تنهد ب أسى، كيف له ان ينقض عهده لمجرد انها اصبحت زوجة لرجل آخر، منذ متى الاخوه تترك مسؤلية حماية بعضهم البعض لمجرد زواجهم وبناء حياة اخرى مع شركاء اخرين.
اعتزم الامر وليكن مايكون، ذهب الى تلك ريناد الهادى فى ميعاد مسبق خارج الحوار المتفقون عليه
يقصد هدف واحد يريد معرفته ويخاف عاقبته او معرفه مايقلقه او لا يرضيه!
-مش فاهمة، كلمتين ليك برة الحوار الصحفى يعنى
تفوهت بها ريناد ليتحدث آسر ب ثقه.

-بصى، اللى هتصرحى ليا بيه محدش هيعرفه اقسملك
انا بس عاوز اتطمن على انسانه اكتر من اخت وصديقه وبجد قلقان عليها
تناولت كوب العصير الذى امامها، ارتشفت منه وتركته بعدما نظرت جانبا الى النافذة وبعدها نظرت ل آسر
-وانت ليه حاسس ان فيه ورطه هى فيها بجوازها من نزار
بعينان تنطق خوفا ولهيب قلق قال
-انا متأكد، متأكد لانها مش ليلى اللى اعرفها. بعدت وانطفت واتغيرت وكمان انفصالك السريع مع احترامى.

الراجل ده مريب ومش مريح، عاوز اعرف ماله ايه السبب اتطمن عالاقل هى عايشه ازاى، انا مش قادر اعرف عنها حاجه
ابتسمت ريناد له واشارت له بسبابتها
-انت بتحبها؟!
اللعنه!
الكل يتهمه عشقها الخفى. ماذا عساه بقائل؟تصببت جبهته عرقاً، يكاد يحلف امامها انه ليس مجرد حباً او عشقاً هو احساس مجهول المسمى بالنسبة له يحتله ويتملك منه من ظفره حتى اخمص راسه، تنحنح وهم بالرد عليها.

-مش هقدر اشرحلك هى ايه عندى، بس كل اللى هقدر اقولهولك انى مش مرتاح وهى كده ونفسي اتطمن عليها وبس واعرف احنا سلمناها بايدينا لمين
حكت باصابعها داخل خصلات شعرها تفكر لبرهه ثم قالت
-اوك بس وعد ملاقيش الكلام ده لا فحوار صحفى او على لسانى ف اى حته، ولاحتى نزار ادريس يعرف بيه
مفهوم لان بجد وقتها هتبقى المشاكل بينى وبينك انت وهتبقى قضايا كمان
اومأ برأسه ايجابا منتظر ان تنفرج شفتيها بما يريح قلبه.

-تمامتحب ابتدى منين؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة