قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية فيولين عهد الثالوث للكاتبة نور إسماعيل الفصل التاسع

رواية فيولين عهد الثالوث للكاتبة نور إسماعيل الفصل التاسع

رواية فيولين عهد الثالوث للكاتبة نور إسماعيل الفصل التاسع

فى الوقت الحالى
للتخلص من وحدتك التى تكاد تقودك للجنون، ولنسيان ماضيك وتنخرط وسط الناس لابد من تجاهل مثلثك ذو الثلاث اضلاع -الحنين والانكسار والضعف-ولاتنحصر ابدا ابدا فى احد زواياه.
ابعتى صورة ليكى حالا حالا عاوزة اشوفك.

كانت رسالة من بلقيس على برنامج(الواتساب) لدى هاتف ليلى، ابتسمت ليلى ورفعت الهاتف مقابل وجهها وعدلت من انسياب شعرها وجعلت اشعة الشمس الخفيفه تنعكس بمقلتيها ليبهج لونهماوالتقطت صورة لها(سيلفى) وارسلتها فالتو، استقبلتها بلقيس وقالت وحشتييينى يارب تعدى الايام وتيجى ويشفيكى وميحرمنيش منك ياقطتى الصغننه.

ابتسمت ليلى لاحتضان بلقيس لها عبر الكلمات حتى وان كان عن بعد، فهى تشعر بدفء احتواءها لها فى كل وقت. حنو أم عوضها الكثير. عن أم حقيقية لاتعرف ولاتدرى عنها اى شئ منذ تركها لها حتى الآن.
وما ان وضعت الهاتف جانبا حتى استقبلت رسالة اخرى عبر برنامج(الايمو) من حنين تخبرها بأن صورتها الشخصية الجديدة التى وضعتها على البرنامج تشبه كثيرا فيها ل-هيزيل-بطلة فيلم the fault in our stars.

بلون عيناها وكثافه شعرها وبذلك الانبوب الذى يمر تحت انفها!
وكى تضيف حنين لمستها الخاصه اتبعت برسالة اخرى لتقول بها ياريت ترجعيلنا ب اوجاس من لندن يا هيزيل احسن من العرر اللى كانوا هنا هاه فاهمانى طبعا
قهقهت ليلى عاليا، ليلى تتفهم حنين جيدا ولم يأتِ يوما عليها وغضبت من لعناتها وسبابها وسخطاتها، هى تدرك حقيقتها الطيبة الشهمه وان هذه شخصيتها التى تربت معها اكثر من ثلاثون عاما وحفظتها عن ظهر قلب.

تركت الهاتف من يدها، وما ان رفعت عينيها لتجده قادم نحوها. ابتسمت حتى دنى منها صافحها وجلس بجانبها بحديقة المشفى، تلفت حوله ثم أردف لها
-بتعملى ايه
تبسم ثغرها له، ففى كل وقت كلما اختفت عن عيناه بحث عنها برغم عمله الدائم هنا وكأنها طفلته
-مكنتش بعمل حاجه، قاعدة تحت الشجرة اللى بحبها وبكلم بلقيس وحنين عالفون
تبسم هو بدوره واقترب منها وهو يتحدث لها.

-دلوقتى معنديش حاجه قولت اخد البريك ده معاكى قبل م يندهوا لاى سبب، هاه عاوز احكى معاكى
باناملها ارجعت احدى خصلاتها لخلف اذنها ونظرت لمقلتيه
-مبتزهقش من حكاياتى
-فيه حد يمل اكل الفراولة المسكرة!
تفوه بها دون تفكير، جعل وجنتيها تتورد كصبيه بعمر ال17مراهقه تخجل لاطراء احدهم لها بكلمة مجاملة لطيفه. زفرت بعمق وقالت
-طيب عاوزنى احكى ايه
مط شفتيه يفكر وهو ينظر هنا وهناك ثم طرأ بباله سؤالا لها.

-ليلىعمرك اتجننتى؟
ضحكت هى فاكمل هو حديثه
-يعنى انا طول الوقت شايفك هادية. بتسكتى كتير، فيه ابتسامة رقيقه مش بتسيبك تجنن، بسكوته فنفسك كده، عاوز اعرف عمرك عملتى حاجه برة مألوفك برة العادى بتاع ليلى. هل حصل ده؟
تنهدت ليلى وكأنها تذكرت شيئا على قدر سعادته على قدر ألمه بالنسبة لها، ابتسمت رغم ان عيناها رسمت بها خطوط الدموع دون سقوطها وقالت له
-ياااه، رجعتنى لوقت معرفش نسيته ولالأ. بس هو عمره م يتنسى.

-يعنى حصل واتجننتى!
هتف بها بتعجب فقالت ليلى
-اه حصل، ومكنتش ليلى ابدا وقتها. عملت كل حاجه عمرى م فكرت انى اعملها منكرش انها كانت فترة حلوة وممتعه بس.
هنا امسك اطراف اصابعها كعهده وقال
-من غير بس افتكرى الحلو وخلاص
-هو الحلو انى بجد عيشت حجات معشتهاش وكنت بفرح من قلبي اوى واضحك من قلبي اوى اوى اوى
-كان السبب واحد مش كده. اقصد يعنى شخص
تبسمت بخجل وأومأت ب رأسها ايجابا، فاردف هو
-وراح فين؟

هنا سقطت احدى دمعاتها رغما عنها على وجنتها فمسحها هو بدوره برفق وقالت هى
-انا وصلت هنا فى آخر محطاتى، ومفيش حاجه من اللى عدت موجودة دلوقت. ولا ناس ولا مواقف ولا حتى الايام.
)الوقت السابق)
اوووووه زملكاااااوى
كان هتاف الجماهير عاليا تشجعيا لناديهم المفضل إثر دخول نادر وميريهان بوابة الاستاد الرياضى لحضور المباراة سويا.

ف يعد نادر مشجع لنادى-الزمالك-من صميم قلبه وكان قد عزم امره على حضور هذه المباراة ورتب امر عمله، وما ان علمت خطيبته ميريهان حتى التحمت به وطال الحاحها عليه ب اصطحابه حتى انصاع لطلبها بعد مناهدات عدة وعدم ملل منها من ناحيتها.
-بيبي، صورة سيلفى لينا بقى بتى شيرتات الزمالك دى عشان احطها ستورى
-ميرا عاوزك تتظبطى كده المكان معظمه شباب مش عاوز تنطيط
-دى صورة واحده عشان خاطرى عشان خاطرى عشان خاطرى.

وضع كفه على فمها وأردف نادر
-ششش يازنانه خلاص واحده بس
التقطت ميريهان الصورة لهما ووضعتها فالتو على حالتها ب-الواتساب-وكتبت تحتها انا وقلبي فالاستاد بقا
واووووه زملكاوى.

بدأت المباراة وبدء الحماس والهتاف والصياح، وهى تتابع بشغف الجمهور واللاعبين ونادر متحمس ويراقب، واثناء المباراة عندما اشتد الحماس وقفت ميريهان تهتف وتشجع بصياح عالى جعلت معظم الانظار تلتفت لها، فجذبها نادر بقوة لتجلس ثانية ونهرها قائلاً
-اقعدى هنا، انا مش قولت بلاش تنطيط.

مطت شفتيها، هدأت لدقائق ثم التقطت صورة لهما وهو غير مدرك كان متابع للشوط الاول باهتمام. وبعدها اخذت تلتقط عدة صور بما يسمى (السناب شات) تضع لهما اذن ارانب تارة، عينان قط تارة أخرى تلتقط وتضحك ضحكتها المعهودة الرنانه، انتبه نادر لها فلكزها بخصرها بقوة حتى تألمت من فعلته
-آه يانادر وجعتنى
-مش هنخلص هبل طيب
-وهو انا كلمتك انا بتصور وياك لحد لما الماتش يخلص انت منتبه وياه وانا مبعملش حاجه.

-وهو مين شبط فيا من الاول! لو زهقانه مكنتيش زنتى عليا لحد م صدعتينى
تأبطت ذراعه واسندت رأسها على كتفه وهو تقول بدلالها المعهود
-نادورتى انا مش بشوفك بسبب الشغل بتجيلى مرة فالاسبوع ولما بنخرج اخويا بييجى معانا وبتبقى خروجه دمها تقيل م صدقت اخرج معاك وحدنا
اقترب من رأسها وتحدث بخفوت
-والنبي ايه، بطلى سهوكه يابت
-لا مث هبطل
ابتسم وهو يطرق جبهتها بانامله كانه يلكزها باطرافهم.

-لابطلى محن اهلك ده وبعدين احنا قدام الناس عشان انتى عارفانى
ضحكت وقبلته مكان نومتها على كتفه فطبع لون حمرة شفتيها على -التى شيرت-لديه، انتبهت فوضعت سبابتها على فمها ادركت هول مافعلت. اماعنه هو فغضب واخرج منديلا من جيبه ليمسح اثار احمر الشفاه وهو يهتف
-انتى هتكبرى امتى هاه، شايفه!
-كنت ببوسك مخدتش بالى والله الشيرت ابيض والروج بتاعى بيثبت انا اسفه.

قد اعتلى نادر الغضب فهب واقفا وهو منزعج ودعاها للانصراف دون ان يكملوا مشاهدة المباراة.
-بيبي، اسفه والله طيب
-يالا من سُكات مش عاوز كلمه لحد مااروحك البيت.

خرج نادر وتبعته ميريهان تريد ان تعتذر لهذا الموقف السخيف ولكن حمرة اطراف اذنين نادر اعلنت انزعاجه الشديد ومنع الحديث معه فى هذا الوقت، فقد حفظت هى حتى علامات غضبه على وجهه تحمر اطراف أذنيه اذا اعتلاه الغضب او السعادة او الخجل. وعليها الصمت والانصياع لأمره حتى لاتنال منه مالم يحمد عقباه.

دعى نظراتك الحمراء تقتلنى. ولاتكونى معى يأسا ولا امل
وقاومينى بما أتيتِ من حيلا، إذا اتيتك كالبركان المشتعل
منذ يومه هذا، منذ هذا الموعد لدى ريناد الهادى وآسر على حيرته على قلقه نهارا وليلاً. بعدما استمع لكل ما اخبرته به طليقة نزار بك ادريس وتفوهت وصرحت بمالم يعلمه احد.
ماذا عساه بفاعل، ماذا بحق الله تنتوى يا آسر، يدور بغرفته يفكر. يتنهد تاره
يطرق بكفه الحائط تاره، يحدث نفسه كثيراً.

هتعمل ايه يا آسر؟ لو حكيت لبلقيس هتقول لحنين حتى لو انا قولتلها متجبش سيرة
مستحيل يتعرف ده عنه ويسكتوا، وخصوصا حنين هتفضحه وهتشوه سمعته دى مجنونة ومابتصدق
يارب اعمل ايه، اقولها هى! حتى لو طلبت اشوفها خايف ده يعملها مشاكل واكيد بيأذيها بعد اللى سمعته ده.

اختبار يارب ولا ابتلاء؟ تعبان ومش عارف اعمل ايه عاوز انقذها، ليلى متستاهلش تعيش مع بنى ادم عامل كده خصوصا انى تأكدت دلوقت انها بتتأذى منه ومش هينفع اسيبها كده واستسلم انى وعدت ريناد واقف اشوفها متعذبه وهى مش بتقول لحد وساكت!
طب اروح لنزار نفسه واقوله انا عرفت حقيقتك ولازم تطلق ليلى؟كده هدخل ريناد برضو فمشاكل، وممكن ياذينى وياذى ليلى اكترمش مهم انا محدش بياخد عمر حد بس انااعمل ايه يارب وتتحل ازاى؟

انت لوحدك عالم يارب اكيد تعبانه ليلى فحياتها ومبتنطقش وفاكرانا مش عارفين عشان طيبة، بس انا عرفت ياليلى وواقف مكانى زى الصنم مبتحركش. ده مش رد العيش والملح وكل حاجه بيينا محدش يفهمها غيرنا
لا اتنين اخوات ولا اصحاب ولا عاشقين. اروح لمين؟اشكى لمين ياليلى حالك وحالى. لنا الله وانا متاكد ان فيه معجزة هتحصل تنقذك من كل ده من غير تدخل ومن غير ترتيب.
‏.

كان صياح صوتها يتسلل عبر نافذة غرفتها باستطاعته ان يُسمع كل من بحارتهم الصغيرة وهى تهتف حانقه مع والدها وشقيقها الكبير.
-هو ابراهيم ده مش بيمل، مش بيزهق يعنى، مقرر عليا قربت افتح دولابي الاقيه نايم جوه!
أردف والد حنين لها بحدة يحاول كظم غيظه منها
-اسمعى، الولد فعلا شاريكى وكلمنى اكتر من مرة وانا شايفه مناسب وكفاياكى بقا رفض فالعرسان
هنا تدخل شقيقها بدوره فالحديث.

-انتى عارفه هو واحد مهذب وخلّوق اد ايه، المفروض عاللى عملتيه فيه زمان ميوريناش وشه ويعاملك باقدم شوز عنده لكن هو كان بيكلم بابا ع طول ويتطمن ع صحته، مش عارف شايفه روحك على ايه اوماال لو حلوة شويه
-ملكش فيه وانا مش عاوزة اكون حلوة عشان اعجب حد، انا كده عاجبه نفسي جدا
بعينان تتحدث الضيق وتشكو سأمهم من الحديث معها دون جدوى كان يردف والدها.

-بقولك ايه، راسك الناشفه اللى ورثتيها منى دى هكسرها عشان تسمعى الكلام
زفرت حنين بحرارة وجلست الى اقرب مقعد وقالت
-بصوا بقا احنا ضرورى نتفاهم، انا وابراهيم دونت ميكس يا اخواننا والله ماهننفع سوا
-بقولك الولد محترم جدا وشاريكى لابعد الحدود وبيحبك وانا مش عارف متهدول فحبك على ايه
-ماهو يابابايا العزيز عشان سيادته آية فالادب والأخلاق انا منفعش وياه، انا بشخط فيه ياناس!

ده لما بعلّى صوتى بيخاف منى، اتجوزوا ازاى انا بقا
امسك شقيقها ذراعها بقوة فافلتتها منه وهو يردف
-انتى لا نافعك الطيب ولا المؤدب ولا ابن الكلب حتى، انتى كلهم مش عايزاهم
-والله انا حره، ولا زهقتوا من وجودى اشوفللى مكان اقعد فيه وتستريحوا
بحدة لكمها بقبضه يده والدها خلف كتفها وهو يردف بضيق
-اتاأدبي بالعبط اللى بتقوليه ده، تعيشى وحدك وزفت ايه عليه العوض فتربيتك.

امسكت حنين قلمها وغرسته بشعرها بحركه متوترة ورفعت ساقيها وجلست وضع القرفصاء وهى تردف بضيق
-بابا انا تربيتى زى الفل لابخلى حد يكلمنى ولا يهئ معايا، مش عشان مش عاوزة اتجوز يبقى مش متربية
زفر والدها وقال
-بقولك ايه فكرى فموضوع ابراهيم لانك هتتجوزى يعنى هتتجوزى هو او غيره ومدام هو كويس يبقى على بركة الله انا صبرى نفذ معاكى وده آخر كلام عندى.

انصرف والدها من الغرفة فوقف شقيقها مقابلا لوجهها عقب خلعها للقلم من شعرها ووضعها له بفمها تقرقده بطريقة مضحكه، فاردف لها وعلى وجهه الابتسامه ساخرا
-على فكرة الارتباط حلو، جربي يمكن تكون زرايرك شغاله وانتى مش عارفه
قالها وطار بعيدا بعدما اغلق الباب خلفه وهى تهم لتصب سبابها عليه، تنهدت بعمق وتمتمت محدثه لنفسها
-ماشى ياباباماشى يا ابراهيم، ماشى يا كلكم انا وانتم وارض الله واسعه!

برفق كانت تفتح باب-غسالة الملابس-السيدة ام جلال وهى تترقب (تى شيرت) نادر اثر بقعه احمر الشفاه
لدى ميريهان وهمت بالنداء له
-نادر، تعالا شوف يا حبيبي انا حاولت بححات كتير اهو ولسه له اثر
اقبل نادر وتناوله منها وهو يزم شفتيه ضيقاً، ف اخذه من والدته بعدما شكرها وترجل الى غرفته يتمتم بسخط فسمعته بلقيس اثناء جلستها مع جلال عندهم بالشقه يشاهدون التلفاز
-فيه ايه يابنى مالك زعلان ليه.

-مرقعه امها الفاضية، التى شيرت باظ وهدية اصلا من واحد صاحبى
-طب هات وريهولى
ناوله نادر الى بلقيس وهى تتفحص البقعه، اتت أم جلال من الداخل تهتف بصوت عالى يُسمعها
-متتعبيش نفسك، من وقت م جابه وانا حاولت فيه بكل حاجه ومش نافع
تفحصت بلقيس البقعه بعنايه وقالت
-هجرب عليه فانيش منفعش خلاص هات غيره ومتضايقش نفسك
زفر نادر بحرارة وقال
-بتتمايص وكذا مرة اقولها بلاش واتلمى البت مفيش مخ جوة خالص.

ضحكت بلقيس وضحك جلال ايضا اثناء متابعته للتلفاز وتدخل بالحديث يناغش شقيقه
-وايه اللى جاب الروج عالتى شيرت ياللى مبتحبش المياصه، حبكت فالاستاد يعنى؟
تبسم نادر رافعا احد حاجبيه، ف اردفت والدته قائله
-فرفوشه وعسوله وبتموت فيه، يعنى هو لازم تبقى عامله زى تمثال الشمع وابله نظيرة اوى عشان تعجب
قالت الاخيرة وهى ترمق بلقيس نظره جانبيه، ففهمت بلقيس ان الكلام لها فهمت بالقول.

-هى فعلا فرفوشه يا نادر وبعدين لسه صغننه، لسه مشافتش بلاوى الدنيا عشان تنضج وتبقى ابلة نظيرة هتقابل لسه ربنا معاها
فهم كلا من نادر وجلال تبادل الاسهم بين بلقيس ووالدتهما فضحكا بعدما تبادلا النظرات سويا، فقال جلال
-بقولك يانادر، اخبار العفش ايه ظبطت مبلغ عشانه وعشان توضيب شقه ماما هنا
عم الصمت المكان فتابع جلال
-انت عارف خلاص كده مفيش فلوس نرفع شقتك فخليك مع ماما هنا احسن
أردف نادر بجديه.

-انا بشيل من كل شهر مبلغ من مرتبي وهبدء ارمى فيها اهو
هنا ربت جلال على كتف شقيقه وهو يقول بابتسامه
-لابص متحملش هم خللى اول طلعه دى عليا، انا معايا مبلغ كده خدته كان بقية حقى فقضية قديمه خده وابدء بيه
فرغ فاه بلقيس واتسعت حدقة عينها إثر م سمعت من زوجها، كاد الغضب يمزقهافتحدثت بلهجة حادة النبرات
-يعنى فيه فلوس دلوقت، اومال علاج الولاد واكلهم ومتابعتهم مكانش فيه يعنى
توجهت بالحديث لنادر وهى تتابع حديثها.

-انا اسفه يانادر مقصدكش، هو فاهم قصدى
غضب جلال وتواجه معها امامهم وقال
-فيه ايه انتى متعمدة تحرجينى قصادهم يعنى
-فيه ايه يا جماعة، ايه ياجلال
تدخل نادر بقوله الاخير، فهمت بلقيس بالرد
-احنا متأخرين ع متابعه الولاد وانا اتصرفت لهم بفلوس الاكل وعلاجهم ناقص وهو دلوقت
قال ان معاه مبلغ كان فين وقت احتياج ولادك له؟
همت والدة جلال بالدفاع عن ابنها غير متفهمه الوضع.

-جرى ايه يابلقيس، هو حرام يساعد اخوه دول مالهمش الا بعض متبقيش مرات اخ وحشه ده احنا حتى بنشكر فيكى
عقدت بلقيس حاجبيها وهتفت ل ام جلال
-انا مش وحشه ياطنط بس ولاده ومصلحتهم مهمه برضو
-نعمة، ممكن تهدى من فضلك انتى وجلال
قالها نادر فكان الجميع مصتنتين له، فاتبع حديثه.

-اولا انا بشكرك ياجلال، انت اصلا مش بتسيبنى ف اى وقت احتاجلك فيه ويكفى انك ربتنى بعد وفاة بابا رغم فرق سن بيينا مش كبير لكن اتحملت مع ماما عشانى، لكن ولادك اولى انا اقدر اتصرف نعمة عندها حق وانا مش زعلان منها ده حقها وحق ولادكم
تنهد جلال بلامبالاه وقال
-انا مقصرتش مع ولادى، بس وقت م هى طلبت مكانش فيه فعلا
-ودلوقت بقا فيه!

هتفت بحده بلقيس فى وجه زوجها، استأذن نادر منهم ودعاها جانبا كى يهدأ من حدة الموقف
تحدث اليها بخفوت ناظرا لوجهها
-نعمة ممكن تهدى
-اخوك بارد يا نادر، تلاجهمبيفكرش فالولاد ولا مصلحتهم وانا عذرته وقولت اكيد مفيش فلوس
لكن يطلع معاه وبيبخل
اشار نادر لها ان تهدأ بيديه بحركه معروفه، وقال
-انتى عندك حق، بس مش بالشكل ده انتى احرجتيه قصادنا وهو اتكسف، كان ممكن تقوليله فشقتكم
تنهدت بلقيس وهى تنظر بعيدا فقال نادر.

-ثم تعالِ هنا، لما دواهم واكل الولاد ناقص مقولتيش ليه انا مش اخوكم انتو الاتنين وبشتغل والحمدلله مستوره
ابتسمت بلقيس لشعور نادر النبيل واردفت
-يابنى ده مبلغ كل شهر وانت اصلا بتجهز، هو انت ناقصنا
-بس طيب عشان ده كلام اهبل، انا عمهم والعيال دى عيالى يعلم الله ويهمونى زيكم ازاى
ربتت بلقيس على كتفه بحنو اخت وقالت
-عارفه يانادر والله، ربنا يخليك ليهم ويهدى باباهم.

-جلال طيب والله بس سعات مبيعرفش يحسبها صح، خليكى انتى العاقله
صمتت بلقيس ونظرت لاسفل وعلى وجهها مازال متواجد الضيق، ف اردف نادر مازحاً كى تنفرج قسماتها قليلا
-يابيلا خلاصطب يانعمة، نخترع اسم تالت عشان تضحكى
ابتسمت بالفعل هى، فنظر نادر ناحية جلال ووالدته ثم أردف
-تعالِ نروحلهم وحاولى تهدى الدنيا عشان خاطرى، وانا هكلمه بس متكشريش كده.

بسطت قسمات وجهها نسبيا لأجل طلب نادر وترجلت معه حيث مجلسهم وكعهدها تقوم بمجاراة الامر حتى لو على حسابها.
)فِ الوقت الحالى)
اللذة،
شعور اللذه حينما يقتحمك، كجيش انت لاتصنع له حساب واحتلك. او كتسلل لنور شمس فِ ظل عتمة لا انتهاء لها. او تجرع رشفة ماء بارده فى وقت الظهيرة بالصيف وفوقك اشعة حارقه تكاد تهلكك.

هو هذا الشعور الذى احسته ليلى بعد مضى وقتٍ طوييل عليها من الظلام والحزن الدامس، تذكرت توقيت حقيقي خرجت بفعله من ظلام حزنها كان هذا بفعل الذكريات وإثر سؤالها من طبيبها عن توقيت محدد قد خرجت فيه عن مألوفها الهادئ الساكن وفقدت عقلها ب إرادتها. تذكرته!
حقاً تذكرت بعناية وكأنه امس،
(عودة لحقبة مضت).

كانت ليلى مترجله خارج قاعة تتلقى بها دروس لتعليم اللغة الايطالية، كان شيئا غريبا قد طرأ ببالها فعله وفعلته، بدون إلقاء اللوم كانت تخرج اثر اعظم واكبر صدمة بحياتها وأرادت التغيير نهائيا عن كل اعتادت سابقا. او بالاحرى فى فترتها الاخيرة. هل سيجدى نفعا لها تعلم اللغة الايطالية وسينعكس على شئ بمستقبلها؟
سفر او عمل؟بالطبع الاجابه كانت لا، هى تتعلم من باب الفضول ليس إلا،.

وبالفعل التحقت بصف الدروس وقيدت اسمهاضمن الطلاب، بدأت تتفاعل وتحب نهج حياتها الجديد. تلقت صف اليوم وفى طريقها للخارج تستقل سيارتها حديثة الطراز خاصتها نحو منزلها الجديد، مترجله بفستانها البسيط الانيق الذى يشبهها، تتناثر عليه رسومات الورود المتفتحه للون الوردى الهادئ وارضية الفستان اللون الابيض. قصير نسبياً ويغطى ذراعيها الى ماقبل الرسخين.

كانت محتضنه حقيبتها امامها، حركه اعتادت عليها طالبات المدارس الثانوية. كانت تمشى ببطء لتمسك بحقيبتهاوتبحث داخلها عن مفتاح السيارة، كانت تمشى وهى تبحث ناظرة للحقيبه من الداخل
خطوتين ثلاثة اربعه خمسةحتى اصطدمت!
احدهم كان فالجهة المقابله لها، ممسكا بكوب ورقى يحتوى على قهوة ساخنه ويتحدث بالهاتف، وهنا حدثت الفاجعة
-يانهار اسود، يانهاراسودالفستان باظ القهوة اتدلقت كلها، ايييه ده؟

انتبه هو للكارثة وحاول تهدئتها.
-اهدى طيب. ممكن، والله م اقصد ولا واخد بالى
بهتاف عالى من ليلى كانت تصيح وهى تحاول مسح البقعه دون النظر لوجهه
-انت اعمى مش بتشوف حرام عليك اتبهدلت كللى
-ويعنى فيه حد بيمشى متوه كده، مش تبصى قصادك
-افرض انا مش شايفه مش تمشى انت بعيد، ايه الغباء ده غلطان وبتكابر
-خلاص طيب من غير غلط انا هحاول اداوى الموضوع.

كانت ليلى تتحدث وهى تمسح فستانها قدر الامكان ولكن دون جدوى، غير ناظرة له
وعند كلمتها الاخيرة رفعت عينيها له
-هتداويه ازاى بقا، هروح كده انا ازاى
هتفت واذ بها فوجئت بشخص قوى البنيه. مفتوله عضلاته من الواضح انه حريص على لعب الرياضة بصفه دورية، شعر رأسه قصير نسبيا ولديه شارب ثقيل يشبه هيئةضباط الشرطه، بشرته بيضاء ويمتلك عدستين عسليتين بعيناه تزينهم دائريا اهدابه الكثيفه.

-بصى متتحركيش انا ربع ساعه وهكون هنا بعد اذنك متمشيش
تأففت ليلى تنظر لما جرى بها بضيق وقالت
-انا خلاص هركب عربيتى ومروحه منك لله عالشكل والمنظر ده
لوح امام وجهها بنفاذ صبر وقال
-ياستى اهدى قولتلك انها غلطتى وهصلحها، عربيتك فين؟
اشارت ليلى نحوها فاردف لها ان تسدى له معروفا وتنتظره بداخلها لدقائقفقط دقائق!

استقلت ليلى سيارتها، وهى تطلع الى البقعه بشعه المنظر فى مرآة حقيبتها. وما ان مرت عشردقائق حتى فوجئت به يطرق زجاج نافذة السيارة ففتحها له
-بصى هو مش حكاية ذوق، بس انا اشتريتلك ده يارب ييجى على مقاسك
انا بالشكل كده جبته انتى اصلا صغننه كده يدوب عشان تعرفى تروحى بيه
قالت ليلى بحدة، فما حدث اخرجها عن شعورها وكينونتها الهادئة وتناست امر شُكره على تخطى كارثتها وشراء فستان آخر
-اغير فين بقا ان شاء الله.

-ممكن تيجى المحل اللى جبته منه تلبسيه هناك فالبروفا
هبطت ليلى تدارى بقعتها بحقيبة الفستان الآخر، تتلفت من يراها من العيون حولها ممسكه بيدها الاخرى علبه من المناديل المعطره المبلله
دلفت الى هناك استأذنت، بعد دقائق خرجت ترتديه بالفعل كان مقاسها وكأنه يعلمها عن ظهر قلب اى مقاسات وانواع ترتدى. حتى شكله والوانه كانت رائعه جدا.
ترجلت للخارج وهو تبعها.
-يارب اكون صلحت غلطتى.

ابتسمت ليلى، فالامر منذ البداية كان خطؤها هى فقالت
-ميرسي، ومكانش له لزوم انا بس
قطع حديثها واردف
-خلاص اللى حصل حصل بتخنق من الهرى
نظرت له عاقده حاجبيها فتابع هو
-، انا اصلا بشبه عليكى انتى بتاخدى كورس الايطالى معايا صح كده
ضيقت عيناها تستوعب، ثم تذكرته فاومات برأسها ايحابا فتابع هو وهو يمد يده لها مصافحاآ
-مؤيد نور وانتى؟
صافحته برقتها المعهودة واردفت بنبرة هادئه عن ماقبل رغم انها لاتريد التعرف إليه.

-ليلى مراد
ضحك عندما سمع اسمها وقال
-اوووه انا خبطت الفنانه المطربه الكبيرة بحالها وانا مش عارف، اخص عليا ده انا غبي
ضحكت ليلى لما قال من دعابه فتابع مؤيد
-اوعى تندهيلى انور وجدى او نجيب الريحانى هتصل ب يوسف بك وهبي ونخربها هنا
ضحكت ليلى وهى تغطى شفتيها باطراف اصابعها، فابتسم مؤيد على ضحكاتها حتى برزت -غمازات-وجنتيه بوضوح واردف لها ناظر ل فيروزتاها.

-رب صدفة خير، وبيقولوا برضو دلق القهوة خير ان شاء الله، مش كده
تبسمت مجاملة كى تنصرف ورددت خلفه بتلقائية
-ان شاء الله
-تحبي اوصلك انا عربيتى اهيه
تلعثمت ليلى كعهدها ولكن بعد صفعتها التى تناولتها مؤخرا بدأت تتعاد على الرد الخشن وطريقة الصد نوعا ما
-لا ميرسي معايا عربيتى قولتلك، وبالنسبة للدريس اقدر اعرف تمنه؟
-طب ليه كده، انا قولتلك بصلح غلط.

-لا معلش، ولو مقولتش هسأل وهعرف من المحل وساعتها فالكلاس هديهملك
ترجلت لخطوات بعيدا عنه نحو سيارتها، فهم بنداءها ف وقفت ليقبل ناحيتها
-ينفع رقم الفون ولا ممنوع لغير الفنانين
عقدت حاجباها واردفت
-وعاوز الفون ليه بقا
-معقوله سلختك بقهوتى وبوظت الفستان ده انا ليلتى سودة ومش عاوزانى اتصل اتطمن، ياخبر بنى
جمعت قوتها فالرد لصده ثانية دون حتى ان تنفرج شفتيها على الابتسام وقالت.

-لامعلش حصل خير ومش هينفع رقمى، ممكن امشى
انصرفت بخطوات سريعه فاردف مؤيد وهو يرفع صوته كى يُسمعها ويصل اليها
-ماهو لو مخدتش الرقم هوقع قهوة تانى ع هدومك المرة الجايه فالكلاس
التفتت ليلى ناحيته بغضب والقت عليه نظره متعجبه ف اردف بطريقة هزلية مضحكه
-هبقى قاصد صدقينى اوقعها الكدب خيبه
زفرت ليلى بحده وصنعت بيدها اشارة انه مختل عقليا، واستقلت سيارتها تاركه إياه مبتسم ثغره ناظرا ناحيتها.

بعدما احتلت عقله تلك الجنديتان الفيرويتان اللتان تسكن وجههها وسلبتهم دون اى دفاع او صد منه!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة