قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية فيولين عهد الثالوث للكاتبة نور إسماعيل الفصل التاسع والعشرون

رواية فيولين عهد الثالوث للكاتبة نور إسماعيل الفصل التاسع والعشرون

رواية فيولين عهد الثالوث للكاتبة نور إسماعيل الفصل التاسع والعشرون

حان الوقت ب ان يقدم يزن الى عائلته عروسه المنتظرة
ترجلت الى المنزل على استحياء ممسكا بيدها ينظر ناحية والدته ويردف بسعادة
-ماما اقدملك ليلى احلى حاجه فحياتى
مدت السيدة يدها بالمصافحه الى ليلى وهى تحدق النظر بها ويزن يستطرد تقديمهم لبعضهم البعض
-امى ياليلى الست اللى ليها الفضل فكل حاجة، مدام نعمه
حدقا الاثنين ببعضهما البعض وقطعت حملقتهم هذه دلوف ريفا الى المنزل وانضمامها لهم وعم الصمت على الجميع!

تعجب يزن من هذا الصمت بينما بقيت ليلى على حالتها هذه تحدق بهذه السيدة كثيرا، فهناك شعور غريب ينتاب ليلى انها رأتها من قبل بل وتحدثت اليها ولكن متى وأين؟
وعلى الجهة الآخرى من النهر، نرى ريفا تشتعل الغيرة فى طيات قلبها وروحها وهى تنظر الى ليلى هكذا وترى بعينيها فرحة يزن بها الغامرة بالسعادة.
-نورتى مصر ياليلى
تبسمت ليلى وارجعت احدى خصلاتها الى الوراء وهى تردف للسيدة
-ربنا يخليكِ يا طنط.

-وانتى بقا كنتِ بتتعاالجى برة من ايه
قالتها ريفا ب اندفاع ف احست ليلى ببعض الاحراج بينما اردف يزن بالإجابة بدلا من ليلى
-تليف رئوى، والحمدلله بفضل ربنا ثم على ايد العبد لله بقت احسن من الاول.

تعلم ريفا هذه اللغه التى يتحدث بها الآن يزن إليها، انه يريدها ان تعلم شيئا معين. شيئا هى استطاعت فقدانه فى الماضى دون ان تأبه واليوم مع تلك نظراتها النارية الغيورة لتلك ال ليلى! لديه اليقين بالندم الداخلى الذى يتعمق ب ريفا الآن ولكن مافائدة البكاء على لبن مسكوب!
-تشربي ايه ياليلى؟

هم ب سؤالها يزن ف اجابته ليلى ومن ثم انصرف، حدقت بها ريفا ماليا وبعدها الحقت ب يزن فى الداخل. ليلى تعلم بأن هذه هى حبيبته السابقه هو حدثها وافصح لها عن كل شئ، ولكنها لاتريد بترك انطباع سئ فى اول لقاء بهم.
-انتى اسمك ليلى ايه؟
تبسمت ليلى واجابت السيدة بصوتها الهادئ
-ليلى مراد يا طنط
فور سماع السيدة اسمها، ارتسمت عبرات فى كلتا اعينها وهى تنظر اليها ب حسرة واذ بنا نطير للجهة الاخرى.

-جايبها تقدمها لحد هنا يايزن فاليوم اللى بكون فيه هنا مع ماما مش كدا؟
تحدث يزن برصانته المعهودةوهو يصنع عصير البرتقال الطازج دون النظر اليها
-انا معرفش انك بتيجى فالوقت دا هنا
-وعرفت دلوقت!
التفت اليها بكامل جسده يحدثها وهو يصوب عيناه بمقلتيها
-انتِ عاوزة ايه؟ كنتِ مش عاوزة انزل مصر خالص ياريفا افضل هربان وخايف من نظرات الناس. على فكرة انا مش مذنب ورجعت وفمجالى اثبتت نفسي اكتر من الاول.

وهتجوز ليلى. ليلى اللى كانت معايا فكل خطوة ومسابتنيش، اللى فخورة ب انها بسببى نالت شفاءها اخيرا
وبتفتخر انى جزء من نجاحها ف الانتصار على مرضها
اخذت انفاس ريفا تصعد وتهبط تشعر بالحنق الشديد، ومن ثم انفرجت شفتيها اخيرا
-وتعرف انك هتبقى اعمى وفعداد نظرك الاخير!
اتسعت حدقه يزن لها، يالها من وقحه لاتأبه بشعور من امامها لم تكن ريفا هكذا من قبل
هل الغيرة ب امكانها فعل كل هذا بها وتحولها تماما هكذا.

-انتى وقحه! لو شايفه ان اللى هيحصل لى دا يبعدنى عن ليلى او يبعدها عنى يبقى عشان تفكيرك مريض وانانى وفاكرة كل الناس زيك، لكن هى مش كدا هى بتحب بجد ومستحيل تسيب الشخص الوحيد اللى سلمته قلبها مستحيل تكون انانيه ووحشة، صوابعك ياريفا مش زى بعضها
كانت تهم ريفا بمبارزته بالرد منذ بدأ المشادة حتى سمعا صياح بصوت ليلى ياتى من الخارج!
هرولا مسرعان ليجدا ليلى تقف امام السيدة مشدوهه وهى تردد.

-انا مش ففيلم اكيد وفيلم هندى وبايخ كمان. يعنى ايه اللى بتقوليه دا؟
انا بنتك ازاى
اقتربت السيدة تمسك بكف يد ليلى برفق ف ابعدتها ليلى عنها بعنف، اردفت السيدة بتوسل إليها.

-من اول م يزن بعتلى وانتو برة انه اخيرا لقى نصه التانى بعد موضوعه مع ريفا لما محصلش فيه نصيب فرحت له اوى ولما بعتلى صورتك قلبى اتخطف قالى اسمها ليلى مراد عبدالحميد، مستحيل فيه تشابه فالشكل والاسم طب مثلا فيه تشابه ودقه قلبي ك ام اللى حستها اما شوفتك وو
قاطعتها ليلى منفعله
-دقة قلبك ايه! كنتِ فين لو انتِ فعلا امى. عاوزة تقولى ايه دلوقت ان يزن اخويا؟

طب ازاى وهو اكبر منى، ايه غلطتى مع الراجل اللى اتجوزتيه وخلفتى منه بالحرام
-ليلى!
اندفع بمنادتها يزن بصوت رخيم غير معتاد له واستطرد
-انا مش ابنها ياليلى، الست دى ليها الفضل انها تكبرنى وتخلينى راجل واعتمد على نفسي
انى ابقى الدكتور يزن مكاوى، انا ابقى ابن اخو طلعت جوز الست نعمه وابو ريفا، يعنى انا وريفا ولاد عم.

وامى. الست نعمه ربتنى انا وهى بعد م مات ابويا وامى وام ريفا فحادث نجى منه عمى طلعت وانا وريفا كانت بنت شهور!
لمست السيدة اناملها برفق ذراع ليلى وهى تكمل القصه بعد يزن وكأنها ترجوها السماع للنهاية
-ابوكِ مات. وانا فضلت معاكِ ومكنتش هسيبك، عمك طلعت الله يرحمه كان خطيبي قبل ابوكى م يتجوزنى.

وكان حبيبي والاهل اتدخلت ف اخر وقت وفشكلوا الجوازه واتجوزت ابوكِ ب امر من جدك ابويا الله يرحمه. لما مات ابوكِ طلعت عرف ورجع جدد عرضه فالجواز واللى زود الحاحه تربية اليتامى دول يزن وريفا اللى هو متورط بتربيتهم وحده
هزت ليلى رأسها ب سخرية واردفت للسيدة وهى تنظر لها تمقتها وتبغضها
-ف انقذتيه عمو طلعت وبنته وابن اخوه من الضياع واليتم وسيبتى بنتك! مش كدا.

-جدتك اخدتك منى بالقوة ورفعت عليا قضيه وكسبتها انك تكونِ من حقها بعد جوازى وحرمتنى منك غيرت عنوانها وانا دخلت فنوبة اكتئاب عصبي شديد مر عليا سنه مكنتش اعرف انا مين ولا بعمل ايه
ولما فوقت معرفتش اوصلك ابدا، قلبي كان كل يوم بيتوجع عليكِ الف مرة. انتى فين وعايشه ازاى
جدتك عايشه ولا ماتت! لوحدك ولا معاكى بلقيس وحنين زى م طول عمرهم مش بيسيبوكى.

عم الصمت على الجميع لحظات بعد. انتهاء اخر كلمات السيدة نعمةلحظات يدرك فيها يزن لعبة القدر ب أن بعد كل هذا العمر يكون هو سبب اعظم ل لم شمل ليلاه بوالدتها بعد كل هذا الفقد دون علم منه او ترتيب ولكنها قدريات، اما ريفا فهى مازالت تستوعب حبيبها السابق يعشق ابنة هذه المرأة التى تجلس بمقام والدتها الراحله مع مرتبه الشرف لاحسانها لها طوال هذا السنوات. السيدة التى منحتها حنان وارف اغرقها واشبعها جعلها تتفوه بكلمه امى من داخل نبضات قلبها حقا.

وكأن الظروف كلها تعاندنى يا أماه! وجدتك بعد فقد كل هذا العمر، وجدتك بعدما اشتقت لحنانك ظمآنه الوحشة والوحدة طوال عمرى وعدم الأمان. شكوت التخبط والخوف وانتِ تحتضنى قلبان ليسو منك تاركه قطعة منك بقارعه الطريق وحدها لاتدرك مصيرها ابنة السبع سنوات!
وتطالبين اليوم بالمصافحه وان ارتمى ب احضانك، لحظة!
هل هذا مشهد سينمائى وانها ليست الحقيقة؟بلى انها الحقيقه حقيقة امرى ومصيرى المحتوم اخيرا.

حبيبي الذى وجدته اخيراً ابنك بالتبنى. وحبيبته السابقة ابنتك ايضا، اما انا. انا من اكون يا امى؟!
انتبهت ليلى على دمعة تأخذ مجراها على وجنتها مسحتها برفق وهى تردف بخذلان.
-تعرف يايزن، كنت عارفه اننا مش هنكمل. عارف ليه؟ عشان مفيش اى حاجه اتمنتها الا وانحرمت منها
انا مش معترفه انك أمى! ومش عايزة اصدق انك امى.

انا هسيبك يايزن للست دى ول ريفا، وانسى اى وعد اخدناه سوا. مش انا سندريلا احلامك ولا انت فارس الملثم اللى هيخطفنى بعيد عن كل دا
دى الحقيقه، زى م خسرت زمان وغيرى اخد اللى من حقى. هسيب حقى للنهاية
بعتذر دراما اوفر مش كدا
جذبت حقيبتها وارجعت خصلاتها المتهادية بعشوائيه على اكتافها وقذفت قنبلتها الاخيرة
-من اللحظة دى ملكش حق فيا يايزن، والبركه فالست نعمة.

مش هنكمل سوا عشان انا مش عاوزة اشوفها ولا اسامحها ابدا وزى م ريفا اخدت اللى من حقى كله زمان
قلبها وقلبك، ف انا بمنتهى الاستسلام وعدم الرضا هسيبكم ليها للاخر
هرولت مسرعه للخارج حاول الإلحاق بها يزن دفعته بعنف وصعدت سيارتها ورحلت على الفور، اشار لاحدى سيارات الأجرى وتبعها حتى وصلت لمنزل بلقيس ونادر الجديد هبطت وهبط خلفها
رأته ونهرته بصوتها العالى غير معتاد على ليلى
-امشى يايزن.

-لا ياليلى، مش همشى نسيتى الوعد، نسيتى اللى بينا
لو عشان امى
وضعت يدها على فمه وتحدثت ببكاء يكاد يمزق قلبه هو إرباً
-انا مش عاوزة اسمع حاجه تانى، ياريتنى م قربتلك ولاعرفت دا كله، ياريتنى ماشوفتها
سيبنى فحالى بقا وابعد عنى
صعدت الدرج فصعد خلفها، قرعت الباب ففتحت بلقيس وجدتها بحالها الرث هذا دب الذعر قلب بلقيس وخلفها يزن يرجوها، اشارت ليلى ل بلقيس ان تجعله ينصرف وهى تشهق بعبراتها.

انصرف يزن بعدما طلبت منه بلقيس هذا مؤقتا، اخذتها ب احضانها وغلقت الباب!
معقول اللى بتحكيه دا؟!
هتف بها نادر مشدوها مما سمع من بلقيس الآن اثر تحضيرها امبول لحقنه بعدما تعرض لاشعه شمس شديدة اثناء عودته من العمل ومكوثه ينتظر حافله تنقله الى منزله.
كشفت ذراعه واعطتها له وهى تردف بهدوء.

-انا نفسي مصدقتش، بعد كل السنين دى نقابل خالتو نعمة وتكون الست الى ربت يزن خطيب ليلى، يعنى هى تعبت واتعالجت برة مصر خالص ويكون هو الدكتور بتاعها وتحبه ويتفقوا على الجواز وينزلوا مصر تشوف امها بعد كل دا
عبس وجه نادر قليلا اثر وخز ابرة الحقن ومن ثم بعدها استطرد بسخرية
-فيلم قديم ومكسيكى يانهار ابيض ياجدعان
تضاحكت بلقيس وهى تجس حرارته برفق فوق رأسه، تنهد وهو ينظر لها تباً لرقتك. لحنانك لعزوبتك.

-الحمدلله بدأت الحرارة تنزل، بعد كدا لما الباص يتأخر خد اوبر
-ياستى هى مش ضربه الشمس، دا عشان ذنب ميريهان وأبوها
ضحكا الاثنين سويا ومن ثم اردفت بلقيس
-يااه حوار ميريهان دا عدى خلاص الله يسامحها بقا، وبعدين انا وانت اتنازلنا عشان باباها الراجل كان هيموت بسبب طيشها دا
تنهد نادر واعتدل فى جلسته واردف ناظرا لعينيها مصوب الاسهم الى فؤادها
-مين عارف الخير فين، بسبب طيشها وغباءها. بسبب اللى عمله جلال.

بسبب كل الحجات اللى كنا فاكرين انها وحشه. انا وانتِ دلوقت تحت سقف واحد!
الفضول. احد مكائد الحب الكثيرة، يتسلل ويحكم قبضته ثم منه لامناص. فضولها يتغلب عليها الى ماذا يرمى نادر والى اين يوارى كلماته. تبسمت فى وجهه وذهبت الى غرفتها
جلست على طرف فراشها تتذكر كل م آلت اليه الاحداث فى الاونة الاخيرة، هى وحنين وليلى!

تذكرت ب انها تريد ان ترى نعمة خالتها، من سُميت ب اسمها تريد ان تعاتبها على كل هذا الغياب وان م روت ليلى لن يخفف عنها عقوبة جلدها لذاتها.
حتى بعد كل الذى حدث تصبح ايضا العقبه الاخيرة فى حياة ليلى المستقرة مع يزن بحثا فيما وراء الحقائق، القشه التى كسرت ظهر البعير.

ومن ثم تذكرت حالها الآن. غارقه هى ب احساس مختلف، احساس جديد يدغدغها كلياً غير الذى كانت تشعر به ذى قبل. اهتمام مبالغ به دون انتظار رد معروف
احساس بها وبمشكلاتها، تبادل احاديث. اطراف موضوع حيوى يشغلها، يشكو لها من شئ عارض يقلق باله حيال عمله او ماشابه فتفكر معه حتى يصلا لحل.

متشبثا بها وب اولادها، سندا لهم حقيقي فعلا لا كلام. منذ ان دلفت الى عالمه لم تشعر لوهله انها وحيدة ثانية او بدون ظهراً تحتمى به كما اعتادت. ولكن هناك نبضه غريبة تدق وسط نبضاتها، نبضاتها وسط كيان مهترئ واطر للذكرى بالية ونفوس آيله للهاوية. لا تتركى نفسك لحبل واهن مما تشعرين يابلقيس. او يانعمة
كما يدعوكِ، قطع حبل افكارها حينما وقف نادر امام باب غرفتها يردف
-كنت عاوز اشكرك يا نعمة، الحمدلله بقيت احسن.

تبسمت فى وجهه ب امتنان ف استطرد
-انتِ نعمة بجد ع فكرة، تصبحى ع خير
تركها الى غرفته يقف خلف الحائط يلتقط انفاسه، عذراً ايها الحب. لجأت إليك كى تعيد إلى مافقدته من الحياة، ان تنير القادم وتمحى الماضى. وانا الآن بكامل الرضا!
يا أنا يا أنا واناوياك. صرنا القصص الغريبة
يا أنا يا انا واناوياك. وانسرقت مكاتيبي. وعرفوا انك حبيبي.

تسللت كلمات هذه الاغنيه الشهيرة بصوت المطربه فيروز الى مسامع يزن اثناء جلوسه بإحدى مقاهى القاهرة الراقيه-كافيه-شرد معها لثوان وشعر بوخز ذكرى ما يسرى الى سر روحه، سر روحه العالق بها أو بالادق والاحرى كان عالقا بها الى هذا الوقت ومن بعده سرى ترياق يداوى سمّ عشق فى شريانه حتى شفى من العشق تماما ولكن مازالت الالام السم موجودة لامحاله ولاحتى بمضى الوقت.
(عودة للماضى).

يا انا يا انا وانا وياك صرنا القصص الغريبة
باناملها قامت ريفا بالضغط على احد ازار جهاز مشغل اقراص الاغانى المعروف ب اسم-سى دى كاسيت-وتوجهت بوجهها الى يزن ل تردف ب اهتمام
-يزن. انا مش عارفه اتأقلم عالوضع دا نهائى
التفت إليها يزن وأردف مستفهما
-اى وضع؟
-الوضع اللى انا فيه بسببك! انت مش عارف الناس بقت تتعامل معايا ازاى
من بعد اللى حصل
بصوت تعلو نبرته نسبيا أردف يزن رغم ان هذا ليس بعهده ليقول.

-اللى حصلّى قضاء وقدر وكان ممكن يحصل لاى حد فالدنيا وف اى وقت مش عشان انا دكتور بقت مشكله بتهددك ياريفا فتعاملك مع الناس
-انت كنت هتموت بنى ادم بسبب تشخيص غلط! كان هيتشطب عليك فالنقابة
الناس بقت تخاف تجيلك او تكشف وتستشيرك وانا بتعامل مع الخوف والتجنب دا كل يوم.

هنا ادرك يزن ان ريفا برغم كل هذا الغرام ستبقى هى، ريفا القوية. بلى ريفا الانانية التى تكاد لاترى سوى نفسها فقط حتى وان دعست بقدمها جرح اقرب من يكون.
-انا مش مذنب عشان اتعامل على انى كدا
-خلاص تسيب الطب
-ياسلام بالبساطه دى
-مستقبلك ضاع يايزن، انت ليه مش مصدق. اللى كنت فيه مبقاش بتاعك
تعمق يزن بالنظر لمقلتى ريفا، رغم بساطه ماقالت لكنه شعر بها تعصف بكيانه، حروف سهله وبسيطه قامت بطعن قلبه امامها ولم تأبه.

-انا مش هسيب الطب، مش هسيب حلمى ك دكتور سنين تعبت عشان اوصلله حتى لو اضطريت انى امشى
اسيب البلد كلها، اسيب مصر!
-عاوز تهرب؟!
امسكها من ذراعها بعنف لم يعتاد عليه معها وصاح فى وجهها بنفاذ صبر
-متسميهوش هرب انا مش مجرم، انا مش هوقف طموحى على غلطه. مش هوقف حياتى على حادثه انا فيها ضحيه. فبلدى اترفعت ليا المشانق لغلطه مش مقصوده، هحاول اشوف طريق ليا بعيد
لكن مش هنتهى ياريفا ومش هستقيل واسيب الطب.

-انت بتعاند مع ايه، عمليتك صعبه وقالوا ان ليها مخاطر وان تشخيصك كطبيب متوقف مؤقتا، عاوز تكمل اخطائك فحق الناس وتبقى جرايم بس فبلد تانيه كل دا ومش عاوز تتسمى بتهرب
نظر يزن الى خاتم خطبتهم بيده، ولمسه برفق بيده الاخرى فنظرت له ريفا وادركت فيما يفكر
-يزن، دلوقت حالا تقرر ي انا. ياتكمل مشوارك بس وانا بعيد مش هقدر استحمل اكتر من كدا
-بتتخلى عنى بسهوله ياريفا، عن قلبي! بتتخللى عن احلامنا سوا، كل دا عشان.

-كل دا عشان عنادك. عشان انت مش عادل فميزانك، يزن والله مبقاش فيا طاقه خلاص من يوم الحادثه
-انتى عاوزة تسيبينى لان قريب هبقى عاجز تماما، وانتِ مش هتقدرى ياريفا
نظرت له واغرورقت عيناها، كيف له ان يتهمها بهذا الاتهام بعد حبه الكامن داخلها، حبه الذى تتنفسه ويعيش داخلها كانه احد اجهزة جسدها ووظيفته يعطيها قدرة لاكمال الحياة تماما كالاكسجين.

اليوم تجرأ يزن ليصفعها صفعه مدويه ب انها انانية، لاتفكر سوى فى نفسها وانها لن تقف جانبه ابدا فى محنته، هو يعتقد انها تريد جزء يزن المحب الحساس الغيور الرومانسى. ولكن هذا الجزء الدرامى المتعلق بالمرض والعجز والكآبة والسواد ليس لها به صله ولاتعرفه ولاتعتاد عليه. احقا يراها مدلله الى هذا الحد؟
-انت بتتهمنى انك لو اتدهورت حالتك انا مش هستحمل ف بعمل مقدمه من دلوقت؟
-والله انتِ شايفه ايه؟

-هى وصلت لكدا يايزن؟مدام انت شايف انى وحشه اوى كدا يبقى بعد انهارده مش هينفع نكمل سوا
انت من يوم الحادثه واحد تانى واكتر من كدا فوق احتمالى
خلعت خاتم الخطبه وعينيها تتقطر دمعا، ويزن على نظرته المكسورة لها خلعته واعطته اياه وحملت حقيبتها وهرولت للخارج محاوله كتم شهقاتها التى قطعت باقِ أوصال قلبه الموشوم عليها اسمها. ،
تذكر واحرقته الذكرى، بقانون الغابة. البقاء للاقوى.

وبقانون حياة يزن. لاشئ محال. فالحياه غابة كبيرة بها الوحوش الكاسرة والحملان الواهنه، عليك الاختيار فاختيارك هو مصيرك!
اعترف انى هُزمت امامها. لم أكن اقل منها حباً لها ولكنها اسقته سمّها بحلو معاملتها وشهامتها كفتاه لم يعتاد على فتاه مثلها ذلك، لم تكن اجملهم ولا اروعهن معاشرة. كانت تملك شيئا واحدا يختلف عن باقى النساء. احبته بصدق برغم كل ماهو عليه، أسر قلبها وانتهى الامر.

متشابكين الايدى يسيران فى الطرقات متسكعان هائمان على وجوههم، ممسكان بمثلجات. كانت حنين ب حلتها التى اصبحت عليها مؤخرا ترتدى ثوبا جميلا واسع فضفاض من على الصدر يحيط بضيق على خصرها ثم يهبط بطولا مناسباً الى قدميها، اما عن شعرها لم يصبح ملفوفا بعد!
مرفوع ذيل حصان انيق وبه رابطه شعر نفس لون الثوب. وقد ارتدت بعد الحاح شديد عدسات لاصقه ارضاء لرغبه معشوقها ساكن قلبها. آسر.

-موضوع ليلى بقا يتعقد اكتر، ياعينى عليكى لولو كل م تفرح تتوكس
-بصّى ليها حل
-ايه هو بقا ياعبقرى زمانك
-طب اتعدلى عشان معدلكيش
-خلاص ايه هو يا حبيب قلبي
-انى غلطت غلط كبير اوى زمان، ومش مستعد غيرى يغلطه الا لما انصحه يهرب منه
نظرت حنين ناحية نظرة يعلمها هو جيدا، حصانه الجامح يغار. ابتسم لها واراد تهدئتها بقوله.

-كنت دلوقت معايا احلى عوض فالدنيا، كلنا بنبقى مغفلين وقلوبنا كمان لحد م نصحصح ونعرف حلاوة الطريق منين
استقوت ب امساكها لكف يده حتى كادت ان تدمى اصابعه، نظر إليها نظرة حب اعتادت عليها حنين. نظره تغرم بها تجعلها ب وادٍ آخر. اردف هو
-يزن لازم يفوز ب ليلى، هى مش قادرة تسامح والدتها. مش هقدر اقول حقها لان ربنا وصانا نفضل نطيعهم حتى لو كفاربس ليلى قلبها طيب وهترجع عن قرارها.

-انت متخيل! ليلى الى مبتعرفش تاخد قرار واحد قسيت على قلبها وليه، عشان الراجل اللى فضلت تحلم بيه من غير اى ترتيبات اخد حقها هى ف امها لا وكمان هيفضل له علاقه بيها عرفان بالجميل. كان عنده حق خالى مراد الله يرحمه لما وصانا على ليلى. كان خايف وكان حاسس انه لو مات طنط نعمه هترجع ل حبها الاولانى. جدتى كانت صح لما بعدت ليلى عنها
نظر أسر لها نظرة عاقدا حاجبيه تعجبا واردف.

-لا مش صح، محدش له الحق يحرم ام من ولادها هى اتجوزت م اجرمتش
جدتك رفعت قضية ضم ل ليلى وغيرت عنوانها والست تعبت ودخلت مرحلة اكتئاب
حرام كل طرف منهم عند قصاد التانى واللى ضاعت ليلى
التوت شفتى حنين وأخذت تنبش عن قلمها فى لفه شعرها ولكن سرعان ماتذكرت لم يعد هناك قلماً، ابتسمت واستطردت بقولها
-انا عاوزة احلها مع ليلى عاوزة ليلى تفرح هنعمل ايييه!
.

فى اساطير العشق والغرام التى تبدء بذات يوم. دائما وابدا يكون هناك اثنان مغرمين عاشقين. هائمين بقلوب بعضهم البعض. تظن حين تراهم انهما للآمال والأحلام عنوان! خذها قاعدة ياعزيزى، متعة القصة تكمن فالبداية. لذلك تمهل حتى ينتهى حماس البدايات وتحال هالة الغموض الى نهاية الفصول. والبقاء دائماً للأوفى!

كانت حنين بصحبة بلقيس وأسر حينما اراد ثلاثتهم وضع كل حرف فى محله بقصه ليلى ويزن لتسدل الستار إما بالسعادة او بالفراق، وسيدة اللقاء كانت والدة ليلى. نعمة!
-انا من سنين عملت حادثة كنت وقتها خاطب ريفا وهنتجوز، العربية اتقلبت. الازاز كله كان ف وشى والنتيجه انى فقدت قرنيتى. عملت عمليه زرع قرنيه وقالولى مع الوقت انا مهدد بضعف نظرى وممكن العما
نظر ثلاثتهم الى بعضهم البعض، ف اكملت والدة ليلى.

-يزن من اول يوم اتعلق ب ليلى حكالى عنها، بدء يحكيلى تفاصيل حياتها وبعدها بعت صورتها قلبي وجعنى مصدقتش دى بنتى ليلى، تعبانه بمرض بياكل فيها وممكن تموت ف اى لحظة
جزاتى انى مكنتش جمبها ولا اعرف عنها حاجه
هبت حنين من جلستها مندفعه كالعادة تصب لعناتها فوق رأس هذه السيدة.

-ولا هتعرفى، ليلى اتجوزت واتطلقت واتأذت واتشال رحمها غدر واتخطبت واتسابت غدر برضو وكل التخبط دا بسبب الامان اللى بتدور عليه بعد مامات خالى وحضرتك اتجوزتى ورايحه تربي اتنين مش عيالك
نكست رأسها لاسفل قدميها، تشعر الآن السيدة نعمه بالخزى واردفت بنبرة حزينه.

-حقك يا حنين. وحقكم كلكم، انا مستعدة اروح اترجاها مش عشان تسامحنى انا عارفه ان ليلى مش هتسامحنى طول عمرها. انا عاوزاها متسبش يزن دا م صدق لقاها، وهى بعد كل اللى شافته دا عوضها الوحيد يزن، مش عايزة اكون السبب فضياع اللى بينهم.
تنهدت ب اسى ومن ثم استطردت
-كفاية اللى ضاع منها كل دا بسببي، كأنها معرفتش بوجودى ودا عقابي الوحيد
انى اتحرم منها بعد م لاقيتها.

ذهبت فى بكاء مرير وقام ب احتضانها يزن وربتت على ظهرها بلقيس بحزن.
وعلى الفور. مقصدهم منزل ليلى، طرقوا الباب ماليا ولايوجد رد!
هاتفها مغلق، هبطوا الى حارس العقار وسألوا عنها ف اخبرهم انها منذ بداية اليوم خرجت ولم تعود حتى الآن.
فكروا فى منزل جدتها القديم، وكان مغلق بقفله كما هو وبيوت العنكبوت تخيم حولها، اى انها لم تأت الى هنا منذ زمن. الى اين ذهبت ليلى، دب الرعب فقلبهم جميعا.

خائفون من قرارها المجنون. الى اين ذهبت؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة