قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية فيولين عهد الثالوث للكاتبة نور إسماعيل الفصل الثلاثون والأخير

رواية فيولين عهد الثالوث للكاتبة نور إسماعيل الفصل الثلاثون والأخير

رواية فيولين عهد الثالوث للكاتبة نور إسماعيل الفصل الثلاثون والأخير

الأخير
‏هل يجدي نفعاً أن تقول لغريق تغمره المياه: تنفس، أنت أقوى من الماء، دون أن تمد يديك إليه لتنقذه؟
كذلك هو الأمر حين يكون أحدهم في عمق معاناته، بينما أنت تُغدق عليه عبارات التحفيز التي تستفز ألمه، إن حاجته للإنصات والتفهم بصمت، حينها كحاجه الغريق لليدبلقيس. و أه يابلقيس، من المتحكم بقلبك سواكِ فى ظل ضغطك انتِ على نفسك وعلى قلبك، يحاصرك جنون العشق الخفي!

ماذا عساها تنتظر منه وهو آخر احتمالاتها فى الاخذ بأطواق النجاه. نجاة قلبها والفرار لقلبه. نادر!
نادر الوجود حقا اسماً على مسماه.
كانت بلقيس شاردة بكل مايجول بخاطرها، حتى انها تناست امر (صنية البطاطس )بالفرن حتى تسللت رائحه الاحتراق الى انفها ف أفاقت من شرودها تهرول للحاق بما يمكن انقاذهفتحت باب الفرن وامسكتها بغير وعى دون ان ترتدى قفازات تحميها شدة سخونة الفرن والصحن الموضوع بداخله.

حتى احترقت اصابعها.
اخذت تهلل وتقفز كطفلة صغيرة من شدة الالم، كيف تناست امر القفازات كيف ان تتصرف بهذا الغباء دون وعى، مالذى أخذ جزءا كبيرا من تفكيرها حتى تتصرف ببلاهة مطلقه هكذا.
كان نادر بالخارجً، جالس على حاسوبه فسمع صراخاتها، انتبه مذعوراً
فِ عدة خطوات كان أمامها بالمطبخ، ورآها تتألم وتضع الثلج على اناملها المصابه.
امسك يدها باهتمام بالغ واردف لها قائلاً.

-اهدى اهدى، هدخل اجيب مرهم الحروق من جوةمتتحركيش
دلف الى الحمام، فتح خزانه العقاقير الدوائية. بحث بعشوائية عن الدهان المسكن للحروق حتى وجده
وسرعان ما رجع لها وهى تظل واقفه تضع قطع الثلج تاره وتنفث بهم تاره كى تخفف حدة الآلامهم وما تشعر
امسك يدها ووضع برفق يسير على اناملها الدهان، حتى استكانت له تماما.
نظرت اليه وهو غارق بعمله غير واعِ الى نظراتها وكيف تتطلع إليه لاول مرة.

كيف تراه لاول مرة بهذه اللهفه التى شكت قلبها للتو!
كيف تراه فى صورة جديدة غير التى اعتادت عليها. انتبهت مع كلماته الموجهة إليها
-بصى حاولى كل شوية تدهنى منه، وبعدين مش تاخدى بالك
-مكنتش مركزة. معلش
-حصل خير، هتخف ان شاء الله بسيطة
-تسلملى، تعبتك
-يعنى جبتينى من بلد تانيه، وبعدين بجد اتخضيت لما سمعتك بتصرخى.

عيناها تلمع وهى تخفيهما عنه كى لا يفتضح امرها، وما بال نظراتها المكتومه له حتى انطلق منه فعل فوجائى ماخطر يوما بخاطرها.
-سلامتكبجد ان شالله انا
مال بوجهه على اناملها، وطبع قبلة رقيقه على اصابها المصابه وانفاسه تكاد تلفح باطن يدها وتفضح ما بداخله هو الاخر من عشق يريد هو ان يموت قبل ان يولد ويعلن خروجه لنور قلبها.
دقات قلبها تسارعت، هل ما جرى كان حقاً!
ومنه هو؟
كيف هذا؟

وما ان جرت ببالها التساؤلات، وما كانت افاقت من جرأته الاولى حتى تفاجئت بفعل أكثر جرأة عما سبق.
رفع وجهه لها وهو مازال يحتضن كفها بكلتا يديه، عيناه تنظر لها تستطيع ان تتحدث بشوقها المدفون لها
عينيها تهمس له، انا انتظرك ولكننى اخاف. عينيه تصرح كيف لى ان احبك وانسى من انتِ!
ومابين جدال وصراع، إيجاب ورفض.

لن يظلا على هذا الحال كثيرا، حسمتها قبلاته وهى تنهال على وجهها بشراهه وكأنه يتذوق شئ رائع المذاق قد حُرم عليه منذ عهد طويل
انهال بقبلاته كادت ان تتفجر قسمات وجهها من فرط اشتياقه، انامله تعبث بملابسها يشتد ويغضب تاره ويرخى قبضته تاره
وهى فى حالة استسلام لاتدرك من اين لها به، وكيف لا تحاول ادنى محاوله لإبعاده.

يرسل هو وتستقبل هى، انفاسه كادت تحترق بداخلة، فقبلاته ساخنه الهبت نار بداخلها قد أخمدت وتناست امرها.
يحاصر خصرها بيديه، تحاوط بيديها رقبته فى استسلام
يحاول إنزال ثيابها من عليها، ولكن لحظة!
هل انت مدرك من هى؟!
افاق من لحظته بأعجوبه، امسك بذراعها وهى مازالت تنعم بثوان من عدم الوعى والتوغل فى بحر مشاعره التى فاض عليها بها
دفعها لداخل غرفتها واغلق بابها فى وجهه وقال بصوت متهدج، ووعينيه تنطق أسى.

تأبى الدموع ان تهبط منها
-لو خبطت متفتحيش، واوعى تطلعى من اوضتك طول الليل لحد م انزل شغلى الصبح
سامعه اوعى
وعالناحية الاخرى تستند هى على الباب وتنزل ببطء، افاقت من حلم وردى اللون جميل الملمس على كابوسا
فرت دمعتها رغما عنها مع سماع صوته بهذه الحاله وهى تراه هكذا وترى نفسها فى هذا الموقف الضعيف وهى التى اعتادت من روحها القوة.
-سمعانى، مهما خبطت، اوعى تفتحى
وانا آسفحقيقى آسف.

تركها وابتعد خطوات إلى غرفته، نيران عشقها تلهب جسده وجمرات شفقتها على نفسها تحرق ما تبقى داخلها من احساس تخفيه. حتى ركض نادر من غرفته واذ به على باب غرفتها يقف واردف بصوته المتهدج المحمل بالمشاعر وانفاسه فى صراع العلو والهبوط
-نعمهنعمة انا عارف انك سمعانى
كانت هى على فراشها تمسح دمعاتها واذا بها تقترب من الباب بهدوء تستمع إليه فى صمت حيث استطرد هو.

-احنا ليه بنعاقب نفسنا يا نعمه!ينفع تجاوبي عليا. انتى مراتى وانا جوزك وانا وعدتك هنفضل اخوات
بس مش نافع مش نافع ابدا يا نعمه بعد م دقه قلبي ندهتك ومش بعد كمان م انتى حسيتى بيها، نعمة. يانعمة
على صمتها تضغط بكفها على فؤادها كاد ينفجر منادياً إياه وتتنفس اشتياقا له من خلف الجدران.

نعمه انا بحبك، حرام نعاقب روحنا واحنا اصلا مش غلط. ميريهان راحت لحالها واخويا جلال محافظش عليكى وانتى نعمته، وانا وانتى تحت سقف واحد كل دا وبنعاقب روحنا على شئ كل حد مننا مفتقده من التانى من زمان يانعمة انا مش قادر اكتر من كدا
ومش هقدر.

ولوهلة، فتحت الباب ودفعت نفسها داخل احضانه دفعه واحدة، فوجئ بها ومن ثم اغرقها قبلات اشتياق وحب وغرام ولهفه. ففى هذه اللحظة شهدت جميع قسمات جسدها بلهيب نيران شفتيه عليهم. ضاعت بين يديه ووجد نفسه اخيرا داخلها وفيها ولديها.
يا الله!
من الذى كان سيخبره انهما نجمتان متلئلئتان فِ السماء!
او جمرتان من نار لهيبهما الاحمر يكاد يلفح كل من اقترب منهم. جوهرتان تتوهج ضياءا، ام رقعتين مدنستين فِ ثوب؟

من كان سيخبره انهما متشابهتان كل هذا الحد من التشابهومتضادتان كتضاد الثلج والنار،
بلى، قلبه هو الذى كان سيخبره رغما عنه حينما نبض فجأة دون سابق انذار. قلبه الذى رفع الراية البيضاء واستسلم لقواعد العشق المحتله له، قلبه هو نقطة الحسم. هو الحكم، وماخاب ابدا من استشار قلباً كان بالحب سيد كل حواسه الخمس.
والمطلوب منى ايه دلوقت؟

رفع إليها عيناه يحدق بها، كيف لها ان تسأل مثل هذا السؤال وهى تعرف الاجابه، ولكن كونه صبورا وهذه من اهم صفاته اجابها وهو يعلم تمام العلم ان الاجابه لديها قبل نطقه بها
-انتى عارفه ايه المطلوب، انا حاسس بالذنب وهى كمان
-وانا يخصنى ايه
قالتها بنبرة حاده فنظر إليها نظرته المعروفه والتى حفظتها هى، ف اتبعت حديثها
-المشكله دى انتو السبب فيها وانا مكانش ليا دخل، حلّوها بقا وبرضو من غير دخل ليا.

-ياسلام!اذا كنتِ انتِ اساس المشكله وانتِ اللى عملتيها وجايه دلوقت تطلعى نفسك منها
فرغ فاهها وقالت ب استهزاء
-انت بتضحك على مين، انت جاى معاها هنا وتقريبا متفقين على كل حاجه انت وهى من قبل م اشوفكم رجع بظهره الى الوراء وقال
-يعنى بترمى الكورة عندنا ومبسوطه وانتى شيفانا ف عذاب، انا وامى وليلى اللى منعرفش هى فين
-وعذابي انا! عذابي انا يايزن ولا خلاص.

-خلاص اييييه، خلاص كل حاجه ومن زمان اوى ايه الجديد متعمليش نفسك مش من هنا وكل حاجه حصلت غصب عنك يا ريفا
قالها ب اندفاع وبنبرات صوت عاليه نسبيا اخافتها، جعلتها تتراجع فِ جلستها للوراء، ب عنف امسك يدها
ورفعها امام عينها ل يقول
-اسألى نفسك او اسالى دى! شيفاها دى ولا بس مش شايفه غير اللى عاوزة تشوفيه
صمت ل برهه وجلس امامها يعلو ويهبط صدره إثر انفعاله وهو يتحدث، تنظر هى له لاتنفرج شفتيها
ليردف هو.

-طول الوقت كنتى بتشوفى بس اللى عاوزة انتى تشوفيه وتستنجيه وتحلليه وتبنى حجات عليه
حتى لو غلط حتى لو ملهاش اساس من الصحه، انا اكتر حد حفظك وفهمك
انا اكتر الناس اللى عرفتك دمى ده فيوم من الايام كان بيجرى ف وريده اسمك. ريفا!
خدتى كل حاجه واتمتعتى ب كل حاجه وباقِ النفس تحرمى غيرك منه، تحرميه ان شالله من الحياه.

لسه مبتشوفيش الا نفسك فالمراية. ليلى شايفه انك جزء كبير ف اننا منكملش عشان تسيبك ليا للنهاية وانتٍ ب انانيتك المعهودة مش معترفه بذنب
ترقرقت بعيناها الدموع لتسيل على جانبي وجهها، ف يرق قلبه ويهم بمسحهم ل تقوم ب ابعاد أصابعه وتتكفل هى بحالها، ل يكمل هو محاضرته الساخنه التى فضحته عندما صَبَر صبر الحليم وآن اوان اتقاء شره.
-فيه سوء تفاهم وحاجه غاليه ضاعت منى بسبب غبائى وبسببك.

ف لازم تصلحيها معايا، لو كنتِ حابه ان يفضل لك اى حاجه حلوة منك جوايا.
همهمت ريفا فى خفوت حزين
للدرجة دى حبتها؟
اشترتنى. وانا اللى يشترينى بعيوبي ابيع الدنيا عشانه لو اقدر
رفعت بصرها إليه فى قوة
وانت عارف مكانها فين دلوقت؟
تنهد يزن فى حزن وبصوت متهدج يمزقه اليأس
دورنا عليها فكل حته ومش لاقيينها نهائى هموت واتطمن عليها.

اقتربت ريفا من يزن، تحركت بداخلها مشاعر القرابة والاخوة التى كانت تجمعهم قبل علاقة الحب. احست ان حياتها بالفعل مستقرة وهى بها فى حال افضل، وهو مازال معطل فى مكانه هذا غير انه على وشك ان يصاب بعاهه العمى المستديمه. لا يستحق منها سوى ان تقف بجانبه فى اصعب مراحل حياته شدة. فهو قدم إليها الكثير وان أوان السداد.

-يزن، متقلقش لما تلاقو ليلى هحاول انا وماما نصلح ولملم باقى اللى اتكسر مابينكم. متزعلش ليها حل
تنهد بقوله ناظرا اليها رجاءا
-يارب
-انا مش فاهم لحد دلوقت كلمة منكم، ليلى مختفيه وبتدوروا عليها عندى؟
نظر كلا من حنين واسر الى بعضهم البعض، ومن ثم التوت شفتى حنين واردفت الى نزار.

-ايه اللى مش مفهوم! لولا الظروف لا كنا جينا هنا ولا ازعجنا سيادتك نزار بيه. بس افتكرنا انها ممكن تكون عندك بعد م سألنا عليها فعنوان الاستاذ مؤيد خطيبها السابق وطلع هو نفسه مسافر برة مصر بقاله فتره
اشعل نزار السيجار ونفث دخانه بعيدا عن وجههم واردف بثقته اللامتناهية
-انا عرفت ان ليلى رجعت، لكن هى فين معرفش وانا مش مضطر انى اكدب لو اعرف هقول هى فين. بس سؤالى هى مختفيه ليه.

زفر اسر بضيق وهب واقفا ممسكا بيد حنين وهو يقول
شكرا نزار بك، واسفين للازعاج وتعطيل من وقت حضرتك
ترجلا خطوتين للخارج ف اوقفهم نزار بقوله
مردتوش على سؤالى!
التفت إليه اسر بهدوءه الذى يغلب صبره وقال
مش مهم، مهم دلوقت نعرف ليلى فين. ولسه موصلناش
انما هى اختفت ليه. مش دى المشكله الاساسية
بعد اذنك
مفكرتوش ليه تكون راحت للمقابرعند والدها وجدتها!

اتسعت حدقه حنين وتعجب أسر بعقد حاجبيه تعقيبا لآخر كلمات نزار التى تفوه بها واندفعت حنين بقولها الغير واعٍ
-يابن الإيه!
لكمها أسر ان تعدل مما صاحت به، المتها لكمته فصححت ماقالت ثانية واستطردت
عندك حق، شكرا جدا. يلا يا أسر!
وفور اخطارهم بهذه الفكرة قامت حنين بابلاغ البقية حتى تهدأ دقات قلوبهم الخائفه كل هذه الايام على قطتهم الصغيرة حينما وقعت اعينهم عليها تقيم بغرفه بجانب قبر والدها.

غرقها كان بيدها، كان بِ كامل ارادتها
ارادت الابتعاد، ارادت الانعزال
حتى انبثقت بقعته رغما عنها
رغما عنه ايضا. ربما!
ولمَ لا؟
احيانا اقدرانا لاتحدث صدفاً، لاتحدث الا وان كان انسابت حبات العقد واحدة تلو الاخرى حتى حان دورهاحان وقتها. حان قدرها!
ليقبل هو بقلبه وتهرول هى بروحها ليتعانقا
ناسيين ماقد مضىطامعين فى كل ماهو آت.

-بتعملى ايه هنا ياليلى؟انتى عارفه‏من كتر ما انتِ حاطة فكرة انه محدش يدوم للتاني بقيتى تنهى علاقاتك، اللي من الممكن انها تدوم بس عشان المبدأ السخيف دا. اللي زرعتيه وغرستيه في عقلك، أصبح بالنسبة لك قطع العلاقات أمر سهل جدا. جدا ياليلى
نظرت الى يزن بعمق بالغ اثره، كم تود ان ترتمى بين احضانه كما اعتادت تشكى منه إليه يريحها ويجبر كسر قلبها ويزملها وفى خلال الدقائق. مجرد دقائق تعود ليلى كما كانت.

-انت اللى هنا ليه يايزن؟
-احنا كلنا هنا عشانك يا ليلى، لازم تواجهى قرارك متنسحبيش. وكمان مش عدل ابدا تسيبي يزن بعد م نزل مصر عشانك وواجه امه وواجه ريفا واستقوى بيكِ
اردفت بالاخيرة بلقيس بينما اكمل أسر بدوره تباعا لما صرخت به بلقيس
-مينفعش برضو يكون حواليكِ كل الناس دى بتحبك وتهربي، وتهربي للاموات رحمة الله عليهم
عيشى وواجهى ب حبك وجاهرى بيه واتمسك وخليكى قوية زى م بدأت ِ مشوارك.

اقتربت منها حنين وهى تهمس لها بحب اخوى غير معتاد على شخصية حنين جافة المشاعر
لو المشكله ف طنط نعمة، فهى قالت انك ممكن تعتبرى انك معرفتيش اى شئ عنها زى زمان بس تخليكِ مع يزن.
امسك يزن بكف يدها برفق، ووضعه موضع قلبه واردف
-كل الناس وكل الحب وكل دى قلوب شايله رحمة كدا حواليكِ وتقسى عليا كدا!
تركت مشاعرها الحبيسة تتحرك له أخيراً وتتحرر من اسرها، عانقته وكأنها ظمآنه غرامه. تبسم من حولها واخيرا تمت المهمه.

كونى بخير دوماً نجمتى، ف أنا لست اول عاشقيك ولا آخرهم. ولكننى الوحيد من امتلك مضغة فؤادك
انا من كبلها بقيوده للأبد. انا ياليلى!

بثوبها ذو اللون الابيض الملكى وتاج الورد الابيض الطبيعى فوق رأسها الموضوع بعناية مع تصفيفه شعرها، عروس تتألق فى حلتها وسعادة قلبها هى من ابرزت جمالها. دقات قلبها تشير. هناك سويعات ياليلى وستسقطى ب احضان اميرك. امير حياتك، من تقبل عالمك الاسود المظلم اخيرا وعانق كل جزء كسر بكِ دون ان يخاف الجرح.

تهيئوا كلا من حنين وبلقيس واسر حتى نادر، وانشغلت والدة ليلى وايضا والدة يزن وريفا ب استقبال المدعوين متهلله اساريرها. فقد سامحتها ليلى ذات القلب الطيب نظرا لأنها هى من ربت يزن وكانت بجانبه للنهاية. ومن ساعد على تحقيق ذاك الانتصار هى ريفا حينما شرحت لها سوء حالة والدتها قديما وان ما سطعت عليها شمس يوما الا وذكرتها وكانت تود ان تطمئن لحالها. حتى بعدما طرقت كل ابواب الاقارب لمعرفه حال ابنتها ولم يعطونها الجواب الصريح منعا للمشاكل مع جدة ليلى صعبة الطباع.

اتممت زينتها ليلى وكانت برفقه حبيب عمرها يزن فى رقصة افتتحاها سويا، وبجانبهم بثوب يشبه نسبيا ثوبها يرتدياه بلقيس وحنين واطواق ورد حمراء تحيط برأسهم ومن ثم تنسدل شعورهم على اكتافهم.
بلقيس فى يد نادر، وحنين مع اسر الذى اتم خطبته عليها اليوم وعقد قرانه عليها عقب يزن وليلى واصبحث الفرحة ثلاثية اخيرا.

شهد عهدهم الحب والفرح , الحزن والضيق , اليأس والامل، على نغمات الأغنيات يتراقص الجمع بفرحه وتتبادل الادوار حينما كان يراقب نزار الاجواء من بعيد كما اعتاد اهم شئ ان تظل ليلته. طفلته بخير.
حالفين لا نقاوم ايامنا. مع ناس دايما حاسين بينا. لا حياه ولا دنيا هتخذلنا والضربة اللى متقتلش تقوينااه
طبعا قادرين نعملها. طبعا نقدر عالدنيا بحالها، والسكة اللى تبان صعبه ف اولها. مع بعض انا وانت اكيد هنكملها.

اعتلت اصوات الجميع وكل من وجد نصفه الآخر كان مشاركا له الفرحه والسعادة، يصفقون يهللون يتراقصون. كانت اللقطات المبروزة لهذه اللحظات ذكرى ويالجمالها لا يمحيها الزمن ابدا لكل من شارك بها.
‏لقد كان وجودها خفيفًا إلى درجة إنه لم يفتقدها أحد، إلّا قلبي، لأنه أصبح خفيفًا أيضًا حين التقى بها أول مرة. كانت شمسا لاتغيب لكل من يريدها لكل من يحتاجها. كانت قلباً يسع الجميع وكانت قلبي الذى لايسع إلّاها!

‏لقد كان وجودها خفيفًا إلى درجة إنه لم يفتقدها أحد، إلّا قلبي، لأنه أصبح خفيفًا أيضًا حين التقى بها أول مرة. كانت شمسا لاتغيب لكل من يريدها لكل من يحتاجها. كانت قلباً يسع الجميع وكانت قلبي الذى لايسع إلّاها!

بمدينة الالعاب، كانا يمرحان الطفلان نوح و عيسى بعدما تحسن حالتهم الصحية كثيرا، فقد صنع لهما نادر يوما لمشاركتهم اللهو واللعب بمدينه الالعاب ويوما لتعلمهم لرياضة السباحه فالمسبح فهذا صنع تطور كبير لحالتهم ايضا علاوة على اختلاطهم بمن حولهم اكثر حتى يتم اندماجهم بهم ليصبحون جزءا من ذاك الكيان.
اما عن بلقيس فهذه الحياة التى لم تعد يوما بحسبانها، كانت اشبه ب انتظار زاهد ل الجنة اخيرا.

كان وعدا من الله. ووعدا الله يكفيها ان يبشر الصابرين. وهى كانت على عهدها صابره مثابره تتحمل حتى فازت ب أجرها الذى فاق التخيل والتوقعات.
-انا هدخل اغيرلهم هدومهم ونديهم الدوش سوا
دلف نادر يساعد احدهم فالدخول للمنزل وهو يردف الى بلقيس
-طيب تمام، انا هغير ووراكى.

ملئت بلقيس. حوض المياة بالماء ووضعت بعض المواد ذات الروائح لانعاشهم وجعلهم يستمتعا بوقتهم فى الاستحمام، ومن ثم دلف نادر لايرتدى سوى سروال منزلى قصير وبدأ الثنائى باللعب معهم وهم يقومون بمساعدة الاطفال بالاغتسال، تتعالى الضحكات ويتراشقون بعضهم البعض بالماء والصابون. وكأن الحمام اصبح مسرح لاربعتهم ضحك ولعب ولهو.

خرجت بلقيس ونادر يلفون المعطف القطنى للاستحمام على عيسى ونوح ومن ثم قاموا بمساعدتهم ب ارتداء ملابسهم وعلى الفور كان قد اعد نادر كوبان من الشيكولاته بالحليب الساخنه.
وبهدوء ساعدوهم بتجرعهم وبعدها بعشرة دقائق تناولا دوائهم وظلا بجانبهم حتى غطا فى سبات عميق، اشعلت بلقيسجهاز المدفأة الكهربائى واغلقت انوار المصابيح الجانبيه-الاباجورة-وتأكدت من تدفئتهم بفعل الغطاء. واغلقت الباب وهى تستودعهم الله كعادتها.

-انت عملتلى انا كمان هوت شوكليت!
نظر لها وابتسم وهو يقوم بفتح الحاسوب المحمول وهو يردف
-وحضرت فيلم كمان واوام عملت اوردر فشار ولب وسودانى وحجات يافندم، اتفضلى.

جلست هى وابتسامتها على وجهها فجلس هو بدوره جانبها، لف ذراعه حولها وبدء الفيلم فانهمكت هى فالمشاهدة والمتابعه وهى تتناول المسليات التى حضرها، شعرت بلقيس بالبرد دون ان تتفوه، فقد علم نادر اثناء رعشتها الخفيفه بين احضانه، فقام على الفور واحضر غطاء وثير ولفها هى وهو به على الاريكه، تبسمت ب امتنان وتناول هو كفها ب يسر وقبلها به وعلى نظرته الحانيه، رجعا ببصرهما الى الحاسوب يكملا متابعه الفيلم واذ به. يحاوطها بذراعه وانفاسه قرب اذنها فقالت بلقيس.

-الفيلم حلو اوى، هفضل احب ذوقك
-عشان انتى بس حلوة اوى. متابعه قصته
همست بخفوت وعلى نظرتها لشاشه الحاسوب
-طول عمرهم كانوا قصاد بعض ومكانوش يعرفوا ان الكل الحب دا جواهم لبعض. وكل الجنة دى هيلاقوها فبعض
اشتدت بعناقه عليها واسندت هى رأسها الى صدره تشتم عبير جسده ورائحته. التفت ب رأسها و اردفت هى بصوت هادئ كعهدها
-انا بحبك اوى يا نادر.

اقبل عليها اكثر وقبلها فى منتصف بداية منبت شعرها من الامام واطال القبله، ثم رفع بصرها له باصبعه ليقول بحنان
-انا بعشقك. وبعشق حنيتك، ياشمس حياتى وحبيبتى ونعمه ربنا اللى ادهالى ووعدنى بيها.

عانقته هى بشدة فقام هو باغلاق الحاسوب بيد وبالاخرى لفها بالغطاء وتقوقع هو بداخله معها وذهبا الى عالمهم عطشىككل مرة كانا فيها سويا يذهبون بعد ظمأ طويل من وجهه نظرهم حتى وان كانوا ارتشفوا عسل عشقهم مرات ومرات سيظلا عطشى وشعور الشبع لن يكون فى قاموسهم قط.
ولا يا اآسر، خد هنا ياض
صفعه صفعه خفيفه خلف رأسها وهتف فى سخرية اثر جلوسها على المنضده تكتب نص لحلقه قادمة فى البرنامج الذى تقوم ب اعداده.

نعم يا جزمة، حد يقول لجوزه ياض؟
تعالى ياباشا يا وزير يا للى مفيش منك، المرة الجايه هناديك وانا مجهزالك فرقه حسب الله
جلس بجانبها ينظر لها امتعاضا، ف اشارت الى الورق الذى امامها
بص، ايه رأيك فالاسئلة هزنجفها بعون الله
تزنجفيها ايه يا مُعده نص كم، لا بس الشهادة لله شوية اسئلة فالجون جدع ياجعفر
اطلقت زمجرة غضب ناظرة اليه ف ابتسم هو نجح فى كيدها ككل مرة
-جعفر ايه ماتتلم، واما انا جعفر بتيجى ليه وقت ال.

وضع انامله على شفتيها ضاحكا وقبل رأسها وهو يردف
لالالا مقدرش على زعل جعفر، دا انتى جعفر قلبي يابت. يابت يا جعفورتى هاتى بوسه من زلومتك
لكزته حنين بقوة ف اتسعت حدقته ومن ثم اردف
-بلاش ضرب هروقك
-ورينى
-طب تعالى
سددا لبعضهما البعض بعض اللكمات ك اطفال يتعاركان على امتلاك كرة احدهم، حتى احتدت المعركه الهزلية
واذ به يوقعها ارضا فتعلن استسلامها بتقبيله لها وعناقها له منتشيين داخل بقعة غرامهم المعزولة الصغيرة.

اما عن ليلى ويزن.
فالحال انقلب، بعدما تم زفافهم اصيبت ليلى بحالة جعلتها ترفض اقتراب يزن منها كزوج. فى بادئ الامر تفهم هو واحتمل ولكن بعد ذلك لم يستطع الاحتمال اكثر من ذلك
فهو افتعل كل الاشياء لاقناعها، بتدليلها مرة. بالود مرةوبالتفهم منها مرات.

حتى ذلك اليوم التى كانت تعد فيه المرحاض لتغتسل اثر يوم طويل. واذ به يقف خلفها يتحسس اناملها ب اصبع واحد منه يمرره من اول ظفرها مرورا بكف يدها للرسخ للذراع برفق وهو يتنفس خلف اذنها تكاد تسمع دقات قلبه من شدة التصاقه بها.
التفتت فالحمها فى احضانه رغما عنها وبرضاها. هاهى المرأة تريد وتظهر الاستغناء، تعشق ويبدو منها البغض والكره. كائن غير مفهوم ابدا ولكن من دونه لن تستمر الحياه ابدا.

*نظرة مستقبليه بعيييدة للغاية*
وخدت سندريلا القرار. وفاتت سنيين كتيىر
والعصفور مبقاش امير
ولا عاش وحيد
بقى عنده ولاد وعيلة وبيت.
حلم كتيير وحلمه اتحقق، بعد ما كان مبقاش يصدق الحواديت
حملقت الصغيرة نشوان بجدتها بفيروزيتاها الجميلتين اللتان وهبهم الخلاّق لها إرث من جدتها ليلى وهى تردف بصوتها العذب الطفولى
-وخلصت الحدوته كدا يا آنه ليلى؟

ضمت بذراعها على حفيدتها قدر استطاعتها فقد وهنت قواها لتقدم سنها، احتضنت نشوان حفيدتها من طفلتها بالتبنى عزة التى تبنتها قديما هى وزوجها يزن وظلت معها الى ان انهت دراستها وزوجتها وانجبت نشوان التى اسماها جدها يزن على مسمى زميلة عمله فى لندن طبيبه عراقية الاصل نظرت ليلى لها وهى تردف
ايوا خلصت يا روح آنه ليلى.

هبت الصغيرة من مجلسها، وهرولت ناحية الخارج حينما رأت جدها يزن قادم يدلف للغرفه متحسسا المكان بعكازه كما اعتاد. حاولت ليلى النهوض لتساعده وهى تردف
انت صحيت يا حبيبي.
طبعا، قاعدة مع نشوان ونسيانى
لا يا جدو آنه كانت مستنيه تصحى راحت حكتلى قصة العصفورة ليلى والعصفور الامير يزن لما بنو العش ومبقتش وحيدة تانى.

ابتسم يزن فظهرت تشققات وجهه ل كبر سنه، ومن رائحه ليلى التى حفظها قلبه اقترب من رأسها وقبلها بهدووء وضمها إليه قدر استطاعته وهو يردف
ليلى هى البيت وهى العش وهى العيله يا نشوان، ليلى هى الناس
تبسمت ليلى ف لمعت فيروزيتاها اللتان بمرور الوقت سيظلا بريقهم ينير درب كل من استحق ان يراهم ويمتلكهم ويكون خير راعِ لهم الى الابد.

الفيولين، الة صغيرة جدا. من نظرتك الاولى تعتقد ان ب امكانك العزف عليها بسهولةولكن احذر!
ليس كل صغير سهل او ضعيف. الفيولين اصعب آلة يمكنك العزف عليها لتعطيك لحنا يرضيك، يجب ان تحفظها وتدرسها وتصمها. سعدت كثيرا بهذة النهاية، النهاية التى علمتم من خلالها ان طريق الحياة ليس صدفه بل نصيب وعلينا تقبل النصيب خيره وخيره ايضا فلا من عند الله ابدا من شر.

اعتذر كون القصة تحتوى على الكثير من الدراما، ف انها الواقعيه واقعيه حياتنا ما كان ب استطاعى رسم فراشات الحب بين سطور الرواية طيلة الوقت فهذه لست قصة الثرى والفقيرة فالحب، ولا الوسيم والجميلة
هى قصة حياة. قصة لا تدرك عالمها الا حينما تدلف إليها وتكون من ساكنيها. ف استقبلوا رسائل هذه القصة بلمساتى الخفيفه ك ارض عطشى للمطر!

كنتم مع فيولين اتمنى ان تحظى بالقبول عندكم وبقبولى انا ايضا، فلا اجتمعنا يوما انا وانتم سوى حروفى كانت حبل الوصال فهنيئا لى بكم.

تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة