قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والثلاثون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والثلاثون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والثلاثون

دلك سراج فروة رأسه وعنقه بعد ساعات من اجتماع مع موظفيه ومحامى الشركة وبعض الخبراء الاقتصاديين في المشروع القادم لحل الأزمة التي حلت على المؤسسة
لن ينكر أن اسم الغانم هي ما جعلت أسهم المؤسسة في البورصة ترتفع بقوة ملحوظة بعد النكسة الاولى.

يعلم أن تلك النكسة تحتاج الى سعة صدر وصبر شديد، وهو اكثر من تعلم الصبر في الغربة لتحقيق حلمه في الحياة، كان يجب أن يرى والده أن المجال الذي اختاره سيجعله يجني الكثير من الأموال مثل إدارة الأعمال.
غمغم بصوت مجهد
- اظن كدا الشغل هيكون مضبوط
اومأ محامي الشركة قائلا
- تمام يا أستاذ سراج.

زفر سراج بحدة، يراقب أبيه الذي كان منصت جيد للاستماع، يحتاج معه إلى جلسة خارجية بعيدا عن والدته وبعيدا عن الجميع، غمغم بصلابة
- عايز الموظفين يطمنوا ان مرتباتهم هتوصلهم اول باول، لكن الاقي مقابل على الفلوس
صاح المحامي قائلا
- متقلقش، هنعرف نعيد اكتساب العملاء من جديد، الموضوع محتاج جهد، المدام اسرار أخذت الشركة من كام سنة وهي على الحديدة، عرفت تبنيها و...

بتر عبارته ما أن رأى شرر شيطاني في عينى رب عمله، أجلى المحامي حلقه وهو يسحب أوراقه قائلا
- بالإذن حضرتك
حدجه بنظرة مميتة جعلت الرجل يرخى ربطة عنقه، سمح للجميع بالانصراف بما فيهم والده لينفرد به، لعب سراج بشاربه وهو يقول بصوت جهوري
- كلام تاني عنها تاخد شنطتك وورقتك تكون على مكتبي
ارتعب وجه المحامي الشاب وهو يغمغم باذعان
- تمام يا فندم
ابتسم سراج بشيطانية وهو يهمس بلهجة حادة.

- اي موظف الاقيه واخد الشركة قهوة ورايح وجاى ف الكلام اللي ملوش لازمة، مشوفش وشه
- حاضر
اشار إليه بالانصراف وهو يستنكر وجود ذلك الشاب من ضمن طاقم المحامين في المؤسسة، امسك هاتفه وهو يهاتف المخبر المسؤول بالبحث عنها، صاح بصوت خشن ما ان استمع إلى رده
- وصلت لايه؟
صاح الرجل قائلا
- مفيش حاجة جديدة يا فندم، عيونا على كل بيت من عيلتها ومفيش أى حاجة، وقاص باشا كلف رجاله بالبحث عنها.

سب بقوة وهو ينهض من مقعده ليقول بلهجة شرسة
- وصلتوا فين في البحث لما وصلتوا لاخر اشارة ليها
أجاب الرجل بنبرة عملية بحتة
- كل حته في الاسكندريه بندور عليها، متقلقش
ابتسم سراج ساخرا، قارب على الشهر ولم يجد أثر لزوجته، صاح بلهجة حادة
- مقلقش، انت عارف بقالى كام يوم وكام ساعة وانا على اعصابى
صمت الرجل لثواني قبل أن يهتف بثقة
- متقلقش يا باشا هنوصلها
تمتم بجفاء
- اتمني كدا.

اما عنها
فهى اختارت محل بقال في إحدى أشهر المناطق في الاسكندرية، بعيدة كل البعد عن مسكنها، حذرة وهي تختار اماكن مختلفة غير مرتبطة بشارع واحد أو مكان يدل على اثرها، تمتمت بصوت مختنق وهي تتحدث إلى نضال
- يا نضال ليه عملت كدا، بعت الصور ليه
صاح نضال بلهجة لاذعة
- لازم يعرف أمه السيدة الفاضلة عملت ايه.

اغمضت اسرار جفنيها، لما فعل ذلك، كانت بالكاد تحافظ على علاقة الأم بابنها وهي اختارت الانزواء والإبتعاد عنهما، لم تبعث رسائلها وهي تسب في امه حفاظا على علاقة الأم بإبنها، همست معاتبة
- نضال
صاح نضال بسخرية
- لسه خايفة يختار بينكم
عضت على شفتها السفلى، هي أمه بالنهاية لما لا يفهم، صاحت بلهجة حادة
- نضال هي امه في النهاية، وانا رضيت بكدا المرة اللى فاتت، قدرت ضياء في صعوبة اختياره وحكمته.

هل يضربها على رأسها، هل تلك أم؟!
لم يقابل امرأة بكل ذلك المضمر في داخلها، صاح بلهجة حادة
- ممكن تبطلي تكلميني من تليفون شارع.

ابتسمت بنعومة وهي تراقب المارة بشرود، ركزت بصرها نحو طفلة صغيرة تتمسك بيد والدها بقوة، كانت تهز بجديلتها وابتسامة مشرقة تتلالأ وجهها نحو والدها الذي بادلها الابتسامة بل انحني ليحملها على ذراعه وهي تتعلق بعنقه بطفوليه وحماية أشد، شهقت بصوت مكتوم وهي تشيح بوجهها عنهما لتهمس بصوت متحشرج
- كده احسن، هينسي مع الوقت
كز نضال على اسنانه، اللعنة متى أصبحت ضعيفة إلى ذلك الحد؟!

- عايزة تقنعيني ان حبيب القلب هتنسيه
صاحت منهية النقاش عنه قائلة
- كل حاجه مع الوقت يا نضال هتروح، مش عايزة اتأخر
تتحاشى مثل كل مرة الحديث عن حبيب القلب الذي سكن الفؤاد منذ مراهقتها، غمغم بجمود
- الباشا حط مبلغ المشروع اللي كان هيوسع بيه ورشته في المؤسسة محاولة لإنقاذ ما يتم انقاذه
مثل كل مرة لا يتلقي رد منها، زفر بحرارة قائلا
- خلى بالك من نفسك.

كانت الصدمة اعترت وجهها، كيف يتخلى عن حلمه، لقد كان يتحدث معها بشغف عن ذلك المشروع وبقوة رغم أنها لم تبادر في قول شيء لكنها منصتة جيدة وهي تري محاولته لتشارك حياته كأي زوجين طبيعين، ابتسمت بشحوب وهي تنهى المكالمة قائلة
- طلع قلقك وخوفك لاقرب الناس ليك يا نضال.

أنهت المكالمة وهي تدفع لصاحب البقالة ثمن مكالمته لتزفر بحرارة وهي تعبر الشارع تسير بشرود شديد بملابسها البسيطة بين الجموع غافلة عن زوج من العيون لمعت ما أن تأكد من هويتها!

ظلت فرح تراقب مارية، تلك الشقراء الحسناء ذات جمال غربي صارخ، رغم تلك الهلالات السوداء لكن ذلك يمنعها من اعترافها أن المرأة التي أمامها مبهرة.
كزت على أسنانها وهي تشاهد استجابات شمس الصغيرة لوالدتها، ظلت تذرع الارض جيئة وذهابا حينما فاجئها نضال بشقراء معه تدلف إلى الشقة معلنا انها والدة شمس.

كم رغبت في نهش وجهه الوسيم المستفز، كم رغبت في محو تلك الابتسامة الساخرة حينما اخبرها عن واجب ضيافة الضيف، لا تعلم مع من يتحدث في غرفته ولا ترغب
كل بصرها واقع مع الحسناء التي تلعب مع صغيرتها، زفرت بحنق وهي تقترب منها لتقول بلهجة حادة
- جالك قلب ازاي تسيبى بنتك معاه.

تخشبت يدا مارية وهي ترفع بصرها تنظر إلى زوجة نضال التيىاختارها زوجة امام الجميع، لا تنكر ان ذوق نضال رائع في اختيار النساء لكن يختار امرأة بها ملامح نعومة اكثر منها اغراءا هذا ما صدمها
تمتمت مارية ببساطة
- غريبة، افتكرتك من مشجعينه
صاحت فرح بلهجة مستنكرة
- مشجعين؟!، اول مرة اشوف ست بتيجى بيت ايا ان كان علشان تشوف بنتها.

ومنذ متى نضال يكون مثل الجميع، دائما يسير في عكس اتجاه الريح و يقاومها بصلابه، ابتسمت مارية بحنان وهي تقبل جبين صغيرتها قائلة
- شمس هتاخد حنان في البيت ده اكتر من عندى، نضال هيعرف ينشئها تربية صح عكسى، أصل احنا من عيلة متدنية
عقدت فرح جبينها بعدم فهم وهي تري مارية تسألها بمكر
- لكن اللي خلاني استغرب انك انتى مراته قدام الكل.

غمغمت بجفاء، منذ ردها لعصمته أصبحت تتحاشاه نهائيا، تتحاشاه لدرجة أنها اتخذت غرفة شمس غرفتها، ألم يكن يريد امرأة تخدم طلبات اميرته الصغيرة، ها هي تنفذ وليسد حاجته في النساء مع أي امرأة من لائحته
- لا كنت واحدة من الدفتر بتاعه
غبية، تمتمت بها مارية، لا تعلم انها مميزة بالنسبة له، تتحرق شوقا لتعبير ذلك النضال عن مكنوناته نحو فرح، صاحت بتسلية
- حاسة انك متميزة
تمتمت بسخط
- مخنوقة.

هزت مارية رأسها بلا مبالاة لتقول
- شمس معرفتش قيمتها الا لما راحت، بتوحشنى وانا بعيدة عنها، لما ولدتها كنت بكره اقرب منها وكأنها السبب في خسارتي لنفسى ولشخصيتى واللى سعيت وبنيت ليه علشان ميتقالش عليا في الاخر انا زى امى، بس ايه اللي حصل في الاخر
حملتها مارية على ذراعها وهي تقبل وجهها بجنون، شمت رائحتها الناعمة بجنون وهي تهمس لفرح
- يا رب متكونش تعباكى معاها
عقدت فرح ذراعيها على صدرها وصاحت ساخرة.

- خايفة اطلع مرات اب شريرة وامنعها عن الاكل مثلا
كبحت مارية ابتسامة شقية، لقد طبعها نضال بطباعه الغريبة، اقتربت منها هامسة
- تعرفي افتكرت نضال لما يجى يختار، هيختار واحدة قوية قدامه، بقدر قوته تقدر تواجهه هي لكن اكتشفت العكس
صمتت فرح وهي تنظر الى عينى تلك المرأة الشبيهة بعيون القطط، هزت رأسها ساخرة حينما تابعت مارية بتمتمة خافتة.

- مش لازم تكون شخصيتها قوية او شرسة ممكن تكون هي قوية في خصال هو ضعيف فيها، نضال مش عايز شخصية تشبهه عايز شخصية تكمل الحاجات اللى ناقصه فيه
كادت ان تجيب عليها، بل إن تلجمها برد ساخر الا انها استمعت الى صوته المتهكم
- من امتي بقيتي محللة نفسية يا مارية
طالعته مارية وهو يقف امامها واضعا يديه في جيب بنطاله، ردت بهدوء
- من لما فوقت لنفسى، عموما المرة الجاية هاخد شمس واتفسح معاها شوية.

رفعت يدها تمنعه عن التحدث وهي تصيح في وجهه بصلابة
- انا امها ومش معني اني اديتهالك لفترة انك تتحكم فيها، شمس بنتي زي ما هي بنتك
لمعت عينا نضال وهو يبتسم بهدوء، غمغم بجمود
- بتبهريني كل مرة يا مارية بشخصيتك، مكنتش متخيل كمية الصلابة اللي عندك
قبلت وجنتى شمس وهي ترد بهدوء
- كنت محتاجاها وانت ادتهاني
حملت فرح شمس وهي تنظر الى الغريبة الأطوار التي تودعهما قائلة
- يلا اشوفكم مرة جاية.

دار نضال على عقبيه عازما نحو غرفة المكتب الا انها صاحت بقوة
- كانت بردو بنت لما اتجوزتها
لم يرد، اقتربت منه وقد ساعدها تصلبه لتقف في مواجهته، نظرت إلى عينيه الغامضة لتهمس بجمود
- ايه سبب اختيارك لبنات ملمسهاش حد
أقترب مناغشا وهو يلمس وجهها باصبع السبابة، ليميل بوجهه نحو أذنها هامسا.

- انا برمي الطعم يا فرح، حتى انتى قربتي منى مع اني عمرى ما اجبرتك على حاجه، ببساطة كنتى محتجاني زي ما انا محتاجلك وإن اختلفت أسباب الاحتياج
ختمها بقلبة خلف اذنها جعل جسدها يقشعر من لمسته، زمت شفتيها بحنق وهي تتمسك بشمس بصلابة لتهرول نحو غرفة الصغيرة، ابتسم نضال وهو يشيعها بنظراته
قطته العنيدة س تلين
يري ذلك في عينيها، مسألة أيام وستعود تمرغ بجسدها في احضانه.

عيناها كانت تزداد توهجا كلما تقابلت أعينهما
منذ تلك الليلة وهي اصبحت من تأتي الى الاريكة التي بالكاد تسعهما لتنام بين ذراعيه، لا تتحدث و اعجبه ذلك الصمت، صمت يجعل اللسان يأخذ قسطا من الراحة والعيون تصل الى أبلغ المعانى
عيناها تؤازره، تشدد من هامته، تطلب منه عفوا لإنهاء خصامه الموجع، يعلم أن تلك الطريقة هي الطريقة المثلي لفريال.

هي اعتادت على حنانه وعطفه، مساندتها وتقوية شكيمتها، لكن تلك المرة هو من يحتاج لمن يتقبل رجولته الجريحة، وكانت هي الملبية للنداء الاول.
دموعها التي تبلل قماش قميصه كل ليلة له هو، كاد أن يعتصرها بين ذراعيه وهي نائمة بين احضانه ليهدأ لوع القلب وهو يخبره، اصبر قليلا، هي تحتاج ذلك الدرس كى لا تكررها مرة اخرى.
تفكر الف مرة كي لا تقدم على فعل شيىء غير محمود عواقبه.

اتسعت ابتسامة وقاص وهو يرى شقيقته قد تخلصت من ذلك الجبس نهائيا بعد المهلة المحددة وبجوارها فريال التي تبتسم بنعومة، غمغم وقاص بصوت هاديء
- نقدر نقول حمدلله على السلامة
ركضت رهف في حضن شقيقها، اندست بوجهها في صدره لتهمس
- الله يسلمك يا وقاص
عقدت فريال جبينها وهي ترى تغير حدقتيه وملامحه التي تحولت للجديه وهو ينظر إلى شقيقته بعتاب، عبثت بخصلات شعرها وهي تهمس باحراج
- متقولش اجتماع سرى بين الاخ والاخت.

نظرت رهف الى شقيقها مطولا بنظرة ذات مغزى لتنظر إلى فريال قائلة
- ليه يا وقاص، فريال بقت واحدة مننا
اقتربت فريال منه وهي تقبل وجنته بنعومة لتهمس بغنج
- متبقاش قاسي يا حبيبي، قلبتك وحشة اووى وانا مقدرش على زعلك
حدجها بنظرة مميتة مما جعلها تجلي حلقها لتجده يغمغم بجمود
- طب تمام واضح انكم متفقين مع بعض
نظر الى شقيقته باهتمام وقال بجمود.

- اقدر افهم بقي السبب اللي بيخليكي تروحي المطعم الشهر اللي فات وانتى ايديكى متجبسة
شحب وجه رهف وهي تسدل أهدابها لتهمس
- وقاص انا
قاطعها قائلا بصرامة شديدة وهو ينظر الى فريال بوعيد جعلها تشيح بوجهها عنه خجلا وحرجا
- بدون كدب، مستني اجابة حالا والا هتصرف بمعرفتى
ازدردت ريق رهف وهي تفكر أي طريقة قد يفعلها شقيقها
نظرت بطرف عينها نحو فريال التر أشاحت بوجهها بعيدة عنهما لتعود النظر نحو وقاص.

عينيه كانتا معاتبتين لدرجة جعلت عينيها تدمعان بندم
ستخبره ما حدث منذ عملها في المطعم حتى آخر مقابلة بينهما في المطعم!

- ايوا يا باشا التليفون بتاعها اتفتح من ساعة
صاح بها الرجل محدثا الى سراج الذي انتفض من مجلسه وهو يسحب سترته الجلدية ليقول بصوت أجش
- هي فين؟
صاح الرجل وهو يقود بسيارته نحو موقع المحدد على الشاشة
- الإشارة بتقول انها عند والإشارة متحركتش لحد دلوقتى
لمعت عيناه بجنون وهو يسحب مفاتيحه متجها نحو باب الشقة ليقول بصوت هادر
- لما توصل للمكان خليك مراقبها، اوعى تفلت من يدك انت فاهم.

أغلق المكالمة وهو يضع هاتفه في جيب بنطاله، ليفتح باب الشقة واخر شخص توقع وجوده في تلك اللحظة هي...
- أسرار؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة