قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والأربعون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والأربعون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والأربعون

- فرح
استفاقت من شرودها على صوت نضال الملح لتفيق وهي تنظر حولها منتبهة من عينيه اللتين تفترسها، كادت أن تصيح في وجهه بسبب تعديه لحدوده لكنها اكتشفت أنها في الصالة، انتفضت من مجلسها وهي تسحب شمس الصغيرة إلى أحضانها قائلة
- يلا يا شمس ميعاد النوم دلوقتى.

تابع نضال عيناه وهي تهرول راكضة، رافضة الحديث معه، شتم ببذائة وهو يركل ساقه في الهواء قبل أن يلحقها، توقف عند مقدمة الباب ليجدها تضع الصغيرة في مهدها، تدثرها بحنان شديد، حنان غير مصطنع يجعل صغيرته تستجيب دائما لها، تهدأ من صراخها اذا لم يقدر على تهدئتها لتنام قريرة العين من تعويذات فرح السحرية...
دخل محرابها الذي تعتكف به ليقترب ماسكا ذراعها بخشونة قائلا
- متتجاهليش وانا بكلمك.

زفرت فرح بيأس شديد لتصيح بحدة
- عن اذنك، هنام
بدلا من الابتعاد ازداد قربا
امسك وجهها بكلتا كفيه، عيناه نظرت بأسف إلى ما فعله بحماقة ونتيجة خروجه عن شعوره، لمس موضع الصفعة لتجفل فرح وهي تسدل أهدابها تخلق ساترا تمنعه عنها، همس نضال ببرود
- اعتقد اني سبتك فترة تنامي هنا، مكانك هناك في سريرى مش هنا
اجابت ساخرة
- علشان اشبع احتياجاتك مش كدا، روح انزل شوفلك اي ست تتجوزها عرفى واعمل اللي عايزة.

عيناها تقابلت عيناه وهي تنظر تلك النظرة التي تكاد أن ترديه قتيلا يوما
ابتسم بسخرية قائلا
- بلاش تتلبسي شخصية مش بتاعتك
هزت فرح رأسها، لن يتغير، غمغمت بجمود
- دي شخصيتي اللي شكلتها، عايزة انام
ضم خصرها اليه، لتقع بجسدها الضئيل بين ضخامه جسده، تلك الرجفة في جسدها جعله يميل نحو اذنها هامسا
- بتتأثري بلمستي، ليه بتعملي كدا، بتبعدينى عنك؟
أغمضت جفنيها، تستعيد تلك الصلابة الواهية لتغمغم.

- اللي حصل محتاج وقف علشان كل واحد يقرأ تصرفاته وأفعاله، لو فعلا شايفني مش مأثرة فيك اقدر امشي واشوف اللي يستحقني، مش هدفن نفسي مع واحد بيقتل نفسه واللي حواليه
زادت أنامله قسوة وهو يلمس ظهرها العارى ليصيح بلهجة حادة
- وياتري ده واحد جديد اتعرفتي عليه وانا معرفش
نزعت يده من جسدها، ان ظلت لدقائق ستستلم، وهذا لا ترغبه، تمتمت بحدة
- مش من حقك تسأل، زي ما انت عندك نزوات ومبتكلمش، ملكش أي حق تسألنى.

بلهجة خفيضة نطق بحدة
- اسألك لاني جوزك
ارتجف جسدها مرة اخرى، مال مقبلا طرف شفتيها ليهمس
- فرح مش عايز اخليكى تشوفى وشى التانى، انتى مش هتقدرى تستحمليه
هزت رأسها بيأس وهي تصمت الفراشات في معدتها لتتمتم
- بسيطة، كلمة وتنهي
هز رأسه نافيا قائلا بتحذير مخيف، البريق الماكر في عينيه تحول إلى غمامة سوداء
- ابدا، عالله اسمع الموضوع ده تاني
التفت مغادرا ليتوقف ما ان همست بجمود
- بكرا رايحة خطوبة.

دار على عقبيه، حبات العقد بدأت في الانفراط، صاح بجمود
- خطوبة مين؟
اتسعت ابتسامة ساخرة تتلألأ شفتيها وهي تراه بالكاد يحافظ على هدوءه، انتظر ما زلت اخبيء الكثير ايها الجاحد، تمتمت ببساطة
- من قرايب مرات اخوك.

بثوبها الأسود كانت تقف في ركن هاديء تراقب الحضور بغموض، تتجاهل الهمس واللمز، بل تتجاهل أي رجل يقترب منها..
بعد طلاقها من معاذ، أصبحت ترى رجال تلك الطبقة انانيون، معذرة! اقالت رجال؟!

انهم اطفال، اطفال أنانيون، يحبون السيطرة والتحكم في حياة المرأة، مرت بعيناها نحو الحارس الجديد الذي لا تعلم اسمه، منذ غياب عاصي ذلك الرجل المتلف لاعصابها وهي تشعر ببعض البرود في حياتها، تفاجأت من دخول جيهان الساحق والمدمر اليها بفستانها الابيض المحتشم بخلاعة، طويل يصل طوله إلى ما بعد كاحليها ولا يوجد انشا للاتساع في النصف العلوي، هزت رأسها حينما رأت حنة مرسومة على جانب عنقها وخصلات شعرها، هل أعادت لونه البني الطبيعى؟!

تمتمت جيهان وهي تضع خصلات شعرها على الجانب الآخر لتسمح برؤية الجميع للحنه التي رسمتها
- مش عارفة انا ليه قلقانة
هزت شادية رأسها ساخرة وهي تعلم ماهية تلك الحفل، قلبت عينيها بملل قائلة
- قلقانة ليه يا انسه جيجى
عبست جيهان، ماهر وشادية يخفون أمر جلل، والدها حتى الان لم يظهر للساحة ولا كبير عائلة المالكي، تمتمت بجمود.

- بصي بقي من اول موضوع ماهر اللي خلاني ارجع صبغة شعري ل موضوع ان الحفلة اتغيرت من مكان الفيلا ل roof فندق، فده يقلق
انتبهت الى وجود رجل ضخم الجثة، ذو ملامح حادة ينظر إلى الرجال التي تلمس جسد شادية بعيون فجة لتقول
- فين حارسك الوسيم
اجابت بجمود
- سافر
اتسعت عينا جيهان قبل أن تغمغم
- راح فين؟
هزت كتفيها بمعنى أنها لا تدري لتقول
- عنده مشاكل فجاب واحد بداله
استاءت ملامح جيهان لتقول بوقاحة.

- للاسف مش مشجع اني اروح اتكلم معاه
تمتمت شادية بجفاء
- على اساس حد عايز يتكلم معاكي
غمزت جيهان بعينها وهي تداعب خصلات شعرها التي عادت للونها الطبيعى، ماهر اقسم انها ان لم تعيد شعرها الطبيعي لن تذهب إلى أي مكان، لم تجد سوى الاستسلام كي تعلم نهاية تلك الحفلة الكئيبة، لمعت عيناها البندقية بخبث
- يا حبيبتي انا جميلة وشي زي الملاك بجناحين هل ده معناه اني مفيش راجل هنا موحد ربنا اقدر ارتبط بيه.

توقفت عيناها عند مجموعة رجال يضحكون بصوت مرتفع، قيمت وسامتهم لتهتف بتعجل
- بصي شكل الشلة دي زمايل ماهر الحق اصطاد حد منهم.

فتحت شادية فمها ببلاهة وهي ترى سير جيهان المتبختر على الارضية، عيون الرجال اصطادت ذلك الكنز الثمين، هبطت عينا شادية حينما كان يحدق الرجل في ساقيها، الوقحة لم تنتبه أن ذات شق خلفي طويل، شتمتها بعنف وهي تنظر الى ثوبها الأسود، جيد الثوب لن يجعلها تجذب الانظار كما تفعل جيهان، انتبهت إلى عامل يقترب منها حاملا باقة من الورد
- استاذة شادية في حد بعت البوكية دى لحضرتك
تلقت باقة الورد وهي تغمغم بجمود
- شكرا.

معجب سري، رائع، امسكت البطاقة وهي تنهش الحروف نهشا واخر ما فاجئها اسم المرسل، جحظت عيناها بجمود لتنتفض هلعا من صوت فريال المشاكس
- مين ده
طوت البطاقة بين راحة يدها لتجيب بصوت جامد
- ده واحد كده متعرفيهوش
عبست ملامح فريال وهي تقترب منها هامسة بمكر
- معرفهوش، اممم واضح
نظرت الى الاوضاع الساكنة في الحفلة والأعداد القليلة مثل رغبة ماهر ووجد لتهتف
- فين ماهر والعروسة؟
نظرت الى ساعة يدها الذهبية وقالت.

- المفروض شوية ويوصلوا
عقدت فريال ساعديها على صدرها، حزينة ان وقاص لم يأتي معللا بعشاء عمل كان يرغب في ذهابها معه، بفستانها الطويل بلون الاخضر اقتربت من شادية قائلة بمكر
- وغيرتوا الاماكن ليه؟
أجابت ببرود، هذا ما ينقصها تحالف المزعجتان عليها
- معرفش ماهر غير رايه
انتبهت شادية إلى وجود امرأة ناعمة الملامح مقتربة من فريال، امسكتها فريال من كفها بدعم لتقول
-احب اعرفك بالشلة اللي زادت فرح مرات نضال الغانم.

اتسعت عيناها بعدم تصديق، هل زير نساء مصر الأول تزوج؟!، تمتمت شادية باعجاب
- واووو، بقيت اشك في قدرات الرجالة دلوقتى
ثم تساءلت باهتمام
- ورهف فين؟
هزت فريال رأسها يائسة، لم تأتي معها لانها تعلم ان نزار سيكون المسؤول هنا عن العمل
- مقدرتش تيجي تعبانة
بحثت فريال بعينها عن امرأة بخصلات شعر أخضر بين الجموع، تساءلت بحيرة
- فين بيلي ايليش
اشارت شادية يدها بسخرية نحو تجمع الرجال قرب حمام السباحة
- تلاقيها هناك.

تعلم قدر جمالها جيدا في عيون الرجال
تنظر بعينيها الناعستين إليهم، لتتظلي في أحشاء هؤلاء الرجال نار لا تخمد وتجعلهم يشعرون بالتوق الشديد لأجلها، لأجل لمسة يد، عيناها كانت مثبتة منذ اول ما قدمت في اتجاههم نحو ذلك المفتول العضلات، ابتسامات بريئة لكنها لا تدخل نطاق البراءة اطلاقا
ضحكات فاتنة
وابتسامة لعوب
وجه حسن لا يوجد به ملامح للمكر
يجعلها فاتنة باغواء، وما تصدره من حركات مجرد حركات عفوية.

ازدادت ابتسامتها اتساعا وهي تتحدث إلى ذلك الوسيم
- لا بجد مكنتش متصورة انك من النوع المغامر
هيئته لا تبدو من الرجال الذين يتسلقون الجبال، او السفر الى غابات الامازون لمعرفة خفايا الادغال، ابتسم الرجل بجاذبية معتقدا أنه من حقق انتصارا عليها وليست هي من اختارته من البداية
- ملامحك عكس شخصيتك يا جيجي
ضحكات خبيثة من الرجال خلفهم كونها اختارته هي جعلها تغمز للرجل بمشاكسة.

- انا بقلب انثى شرسة خلي بالك من نفسك
صفر الرجال وصاحوا مهللين لتسمع تعليق من رجل
- بس مكنتش متوقع ان ماهر عنده اخت حلوة مخبيها عننا
تصنعت الأسف الشديد وهي تمرر أناملها على خصلات شعرها، تعلم كم تلك الحركة تجعل الرجال تجلي حقولهم وهذا ما حدث مع معظمهم، غمغمت قائلة
- ده ماهر للاسف، عارفين الاخ.

على تصفيق حار ما ان تقدم ماهر وخطيبته وجد وهي تتأبط ذراعه، حسنا مهمتها انتهت هنا، صاحت وهي تفتح الكاميرا على هاتفها
- طب يا شباب هضطر اخد صورة سيلفي معاكم، كل واحد معاه اكونت على الانستجرام مش كدا
استمعت إلى غمغمتهم الموافقة
- اكيد
نظرت الى ملامحها في كاميرا الهاتف وذلك الرجل يتقدم عنهم كونه من حظى باهتمامها، صاحت بمشاكسة
- اي حد مرتبط او متجوز يبعد عن الصورة، مش عايزة حد يقول عليا خاطفة رجالة.

دارت بوجهها نحو رجل معين قائلة
- سوري يا اسامة، ناخد صورة بعدين
التفت وهي تنظر نحو بؤرة العدسة الامامية، ما ان انهت الوضع، شعرت بالرجل يكاد يقترب بحذر كى يضع يده على خصرها، لم تهتم مطلقا ضبطت المؤقت لتقول
- 3، 2، 1.

وتلك الثلاث ثواني تغيرت، شعرت بذراع رجل آخر تتمسك خصرها بقوة، اجفلت ما ان شعرت بقبلة دافئة دغدغت حواسها تقبل موضع حنتها، رفعت عيناها لتجفل من عينا وسيم الباردة تنظر إليها بتوعد، نظرت الى الصورة التي التقطت، زادت عيناها اتساعا لتجد الصورة هي وهو بمفردهما، تبدو حميمية للغاية وخصوصا ان عيناه لا تنظر الى العدسة بل نحو عنقها، زاد صياح الرجال المتذمرة لتجز على أسنانها بقوة.

- انت سمحت لنفسك تمسك وسطى ازاي
مال نحو اذنها ويده الأخرى تلمس نعومة خصلات شعرها، منذ متي لم يراهم على طبيعتهم، غمغم بنبرة باردة
- اقسم بالله انتي عايزة تتربى من اول وجديد
ارتجف جسدها حينما ازداد ضم خصرها اليه، تأججت النيران الدفينة والحقد لتنزع ذراعه بقوة
- انت ملكش حق انت فاهم، اوعي كدا.

تلك ال، تحتاج لإعادة تأهيل، منذ وصوله مع ابنه عمه وجد أخذ يبحث بعينيه عن امرأة بخصلات شعر احمر، برتقالي، لكن أن تبلغه فريال بخبث انها بين مجموعة رجال، وكل رجل يقيم جسدها بفجور، لم يشعر سوى أنه يندفع الى تلك الغبية يوقف أعمالها المجنونة..
النيران المستعرة التي تخرج من أنفه جعلتها ترفع احدي حاجبيها باستخفاف شديد، قبض بأنامله على خصرها ليغمغم بحدة.

- حركة تانية من الحركات الو دي هتلاقيني عملتلك فضيحة ويا انا يا انتى
عضت باطن خدها لتصيح بتأفف
- شادية اللى قالتلك عن مكانى مش كدا
لم يرد عليها، عيناها انتقلت الى شادية وفريال وامرأة معهما لا تعلمها، عادت بنظراتها اليه لتصيح بتوعد
- والله لاوريها
عيناه نظرت إلى الرجال وقال وهو يجذب جيهان للسير جواره قائلا
- اسف يا رجالة، الحتة دى تخصنى.

لم يتركها وهما يتحركان الى مكان أكثر هدوءا بعيدا عن الصخب، سمع غمغمة جيهان الحانقة
- متقولش حته، انا مش لحد
بالكاد تحافظ على مظهرها العام أمام الجميع، كي لا تبدو كبهيمة يجرها صاحبها، صاح وسيم بتوعد
- حسابك عسير يا بنت السويسرى.

كان جو الاحتفال هدء قليلا منذ مجيئهم، توالت عليها المباركات من الأصدقاء، وهناك من انتهز فرصة للنميمة، كانت هناك عينان مشتعلة بقوة وهي ترى ابتسامة ماهر وهو ينظر إلى خطيبته
كانت وعدت نفسها أن تأتي وتراه، أن ترى كيف ينظر إلى خطيبته، الحقير يبتسم ويمسك بكفها كيفما يريد، وهي تبدو بحالة مزرية نتيجة تلك الدموع التي لا تتوقف.

جزت على أسنانها بعزمية، الم تخبره انها ستهد المعبد بمن فيه أن قرر وضع خاتم الخطبة في اصبعها، انطلقت كالمجنونة نحوهما غير عابئة بمظهرها المزري، لتقف أمامها وهي تصيح بعلو صوتها
- كله يوقف كل حاجه
عم الصمت من حولهما لتنظر إلى عينى ماهر الماكرة ووجد التي تبادله المكر، كل ذلك لم تنتبه له، اقتربت منه وهي تمسك ياقة قميصه صائحة
- مش سيباك يا ماهر، مش هتكون ليها انت فاهم.

عضت على شفتها بتوتر وهي تخفض رأسها أرضا لتهمس بعذاب
- عملت ايه انا لكل ده، كل مرة بتحاول تعاقبني بطريقة اوحش من الاول، وانا صابرة عليك، بس مش هسمحلك انك تتجوز واحدة غيري انت فاهم
تنهيدة خرجت من فم ماهر قبل أن يمسك ذراعيها ليرفع رأسها اليه لتواجهه، همس بعذاب
- اخيرااا جيتي، ده انا شوية ويأست من انك تيجي.

بهتت ملامحها واتسعت عيناها بجحوظ، هل يبتسم؟، انه يبتسم، يالله يبتسم وينظر إليها بعاطفة تكاد تغرقها، همست بعدم فهم
- ماهر
ضحك ماهر بجاذبية وهو يمسح اثر الكحل الذي سال من عينيها بمنديل مبلل ليهمس بنعومة
- مجنونة وربي، كنت متخيل داخلة درامية مش اكشن
اتجهت بعيناها نحو وجد التي تبتسم بسعادة بالغة لتنظر بعدها نحو الجميع الصامت، كل يشاهد العرض الدرامي الذي تقدمه، احتقن وجنتيها من الحرج لتهمس.

- انا مش فاهمة ايه اللي بتقوله ده
ابتسم ماهر نحو وجد وهو يضم مارية إلى احضانه قائلا
- وجد، بجد اشكرك جدا على كل اللي عملتيه
ضحكت وجد وهي تصيح بمرح
- مفيش داعي تشكرني، لبسها الدبلة خلي حد فينا يفرح
تعالي صفير فريال تلك المرة لتزجرها شادية، لم تعبأ فريال بل تابعت الصفير بسعادة، أما مارية كانت تنظر لما يحدث ببهوت، اخرج ماهر الخاتم من علبته ليمسك يدها اليمني قائلا
- قوليها دلوقتى.

لسانها غير مطاوعها على التحدث، نظرت اليه باستفسار شديد، عذرها ماهر بشدة ليقول
- انك ليا وبس
تلعثمت مارية، لم تكن من ضمن مخططاتها أن يضع ماهر خاتم ملكيته، كانت ستثور وستثير المشاكل وترحل، لكن ما يحدث الان، ضرب من ضروب الخيال
- ماهر انا، انا مش فاهمة اللي بيحصل
هز ماهر رأسه، سيخبرها لاحقا بكل ما تريده، الان يرغب بسماعها من شفتيها
- هفهمك بعدين، قولي انك ليا
لمعت عينا مارية بعاطفة اجشة لتهمس.

- انا ليك دايما وابدا يا ماهر
تعالي التصفيق الحار من الجميع وماهر يضع خاتمه في بنصرها الأيمن، ترقرقت عينا مارية وهي تنظر إلى الخاتم، قبلة دافئة على جبينها من ماهر جعلها ترتمي في احضانه على الفور
- مبروك يا عروسة
زادت ضم ذراعيها حول عنقه وهي تنفجر في البكاء، ربت ماهر على ظهرها بحنية، ليسمعها تصيح بجنون
- هي اختارت الخاتم؟

هز رأسه نافيا، يري تلك الغيرة من عينيها ومن تصرفاتها وهي ما زالت تنظر شرزا نحو وجد، ليبتسم بجاذبية
- انا اللي اخترته
انتبهت إلى زينتها التي فسدت، شهقت بذهول وهي تنظر الى عيناه
- شكلي اكيد مرعب يا ماهر
هز ماهر رأسه نافيا وهو يهمس
- زى القمر يا حبيبتي
تسارعت نبضات قلبها، ترتجف، بل تشعر بالاحتراق، كل ذلك كثير عليها، أمسكت كفيه بقوة لتهمس
- ماهر انا مش بحلم
هز ماهر رأسه نافيا
- مش بتحلمي يا عمرى.

ارتمت مرة ثانية بين ذراعيه ليتلقاها بهدوء وابتسامة ممتنة يوجهها نحو وجد التي تبتسم لهما بغبطة وشادية التي من دونها ما كان ليقدر على تنفيذ مخططه.

ابتسمت فرح وهي ترى العيون اللامعة في كلا من مارية وحبيبها، معذرة من أصبح خطيبها، مارية تستحق السعادة بعد كل ما حدث، سارت بشرود نحو البوفيه وهي تلتقط بعض السكريات ليعطيها بعض من الطاقة...

تتذكر قبل رحيلها بساعات نظرات نضال الحارقة التي تتركز على جسدها في الاونة الاخيرة، تعلم ان الفستان الأزرق الذي اختارته يبدو بسيطا للغاية وليس مبهرجا كما ترى الآن من رؤية سيقان عارية، ظهر مكشوف، كل ذلك جعلها تشمئز من النساء والفتيات في الحفل.

أخبرتها فريال ان تلك الحفلة بمثابة الترفيهة عن نفسها بدل مكوثها في البيت طيلة الوقت مع شمس، فريال تبدو امرأة لطيفة بل وقريبتها ايضا، تبدوان مختلفتين، بل شاذتان عن تركيبة ذلك المجتمع المخملي.
شهقت بصدمة حينما اصطدمت بشخص ما، البقعة لطخت سترته الباهظة، اجلت فرح حلقها وهي تتذكر كمية المهانة التي تعرضت لها حينما كانت تعمل في المطعم
بادرت بالأسف الفوري وهي رغما عنها تزيل بقعة الكريمة من منديلها المعطر.

- بجد اسفه اني خبطت فيك
وقع بصرها على عينين عسليتين رائقتين، ابدى الرجل رفضه لتزيل البقعة، احتقن وجهها وهي تكاد تلعن نفسها، هي الآن سيدة في المجتمع وليست نادلة، نظر الرجل إلى البقعة وقال بابتسامة مهلكة
- لا ولا يهمك متعود كل مناسبة عصير يدلق، جاتوه يتلبس في وشى
تبدو جميلة، لطيفة، ناعمة، هشة، هذا ما قاله الرجل حينما تأكد ان فستانها الأزرق المحتشم لا يتدرج تحت تصنيف باقى الفساتين المبهرجة، تسأل بمرح.

- تبع العروسة؟
هزت رأسها نافية واجابت
- لا
ازادت ابتسامة الرجل المهلكة، لتجلي فرح حلقها وهي تشيح عينيها عن عينيه، نظرت الى بنصرها الخالي من خاتم الزواج، اتسعت عيناها بذهول حينما نطق الرجل
- زي يعني انا برضو جاى مش تبع حد
زادت اسئلة الرجل جرأة حينما حط عيناه على يديها الخالية من اي خاتم خطبة
- مرتبطة؟
رمشت فرح أهدابها عدة مرات لتهمس ببلاهة
- نعم؟
هز الرجل رأسه وهو يقول
- مرتبطة، خطوبة، علاقة حب، كده يعنى.

لا تعلم لما أعجبتها تلك اللعبة، بالنهاية هي من أين ستري الرجل مرة اخرى، بل وبعدها عن التوتر جعلها تقول بجرأة لم تعهدها
- ولو قولت لأ
ابتسامة جانبية و نظرة ذات مغزى جعل الرجل يفهم لعبتها، تابع في لعبتها المثيرة قائلا
- يبقى يا هنايا، اكون طلعت بعروسة من الخطوبة دى
بترت ابتسامتها وهي تنظر بجمود، ارتعد جسدها من نبرة اجشة
- للاسف يا كابتن شوفلك حد غيرها، يلا يا مدام.

امسك ذراعها بخشونة ليديرها إليه، تطايرت خصلات شعرها الطويلة من حولها بنوع من السحر عليه لتقع فرح على جسد نضال من قوة جذب نضال لتسقط بين ذراعيه، ارتكزت يديها على كتفيه لترفع عيناها الى الجحيم الناري في عينيه، دارت بعينيها نحو الرجل لتهمس بأسف
- للاسف
غمغم نضال وهو يجز على أسنانه بقوة
- شكلك محتاجه اعيد تقويم سلوكك يا فرح.

جذبها بقوة وهما يغادران تلك الحفلة، رمشت فرح عيناها وهي تنظر اليه، هل جاء الى هنا؟، لقد اخبرته ان فريال هي من ستعيدها الى المنزل، وهو لم يعلق، وقعت عيناها على مارية ثم إلى نضال، كلاهما رغم انهما في مكان واحد لكن لكل منهما عالمه الخاص، اجفلت من نبرته المرعبة
- القرف ده يتقلع فورا
نظرت إلى فستانها ثم إليه لتجيب ببلاهة
- نضال
عض نضال على نواجذه، ليصيح هادرا بقوة
- يتقلع فورا
اغتاظت بشدة وهي تغمغم بقوة.

- معنديش غيره
فتح باب السيارة لتصعد بجوار مقعد السائق، أغلق باب السيارة بعنف ليهبط بجذعه نحو مستواها قائلا
- لينا حساب في البيت
ابتسامة ساخرة هي كانت ردها ليزداد سخط نضال، تلك ليست فرح التي يعلمها
ليست من يحفظها عن ظهر قلب
تلك الجديدة لا يحبذها اطلاقا
تنهد نضال وهي يضع يديه على خصره، إن كانت تريد فرح الحرب فيجب أن لا تنسي انها تلعب في ساحة معركته.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة