قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والأربعون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والأربعون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والأربعون

ازدادت ابتسامة فريال وهي ترى النظرات بين ماهر وشادية لتلكزها بقوة مما جعل شادية تنظر إليها شزرا، بالطبع لم تجفل من مشاهدة المشهد الرومانسي، بل نقول المشهد الاكشن الذي حدث بين فرح وزوجها الذي ظهر فجأة في العلن، يبدو أن له نفوذه في جميع الأماكن، اقتربت فريال غامزة
- ماهر ده خبيث، مكنتش متخيلة اني هيتحول فجأة كدا
تنهدت شادية وهي تهمس بشرود
- يائس في حبها.

همت فريال بالرد لكن ملامح انثى متوحشة قدمت اليهما، شعرها اصبح ثائر وفوضوي، زينة وجهها أصبحت متدمرة، اقتربت شادية من جيهان وقالت
- جيجي كنتي فين
جزت على أسنانها بقوة، ستربيه ذلك الحقير، تقسم انها لن تدع ما فعله بعيدا عن أعين الجميع سيجعلها ضعيفة، صاحت بحرقة
- كان فيه حيوان بربيه.

ولتزداد الصورة سوءا خرج وسيم من زقاق هاديء يعدل في هندام ملابسه، حينما ضيقت فريال عيناها وهي تراه يقترب منهما، وجدته يلعق طرف شفتيه السفلي وكأنه، اللعنة.
اقترب وسيم وحالته الآخر تشبه حالتها، غمغم بهدوء نحو شادية
- بنستأذن منكم، الف مبروك لماهر
حاولت شادية ان تزيح الصورة التي علقت في ذهنها لتسمع صوت وجد التي اقتربت من ابن عمها قائلة
- كويس ان ماهر مقررش يعاند، روحه فيها
مال وسيم نحو إذن جيهان هامسا.

- لينا حساب يا بنت الجيران
تغضنت ملامح جيهان للقرف لتصيح بهدر
- يابا انت بوق بس، ده اخرك
اتسعت ابتسامة وسيم الخبيثة وهو يرى بهوت ملامح شادية وفريال، اقتربت منه وجد قائلة
- وسيم يلا نمشي
دبت جيجي بكعب حذائها على الارض لتصيح بحنق
- رايحة التواليت، عن اذنكم
رمشت فريال أهدابها عدة مرات لتنظر إلى شادية التي عقدت جبينها قائلة
- تفتكري عمل فيها حاجه
تساءلت فريال ببلاهة
- عمل ايه؟
ازدردت ريق شادية وهي تهمس.

- وسيم مجنون وهيئتهم تقول انهم...
صاحتا فجأة بصوت مرتفع
- لا
- ايوة
ضيقت عينيها نحو فريال التي وافقت على ما يدور في ذهنها، بادرت شادية بالنفي
- جيهان مش هتعمل كدا
تنهدت فريال وهزت كتفيها بلا مبالاة
- ضعفت
شهقت شادية بعنف وهي تضع يدها على ثغرها لتهمس
- يخربيتها لو عملت كدا، بابا لو عرف مش هيسبها، كفاية السكة اللي دخلتها وبابا مش راضى عنها.

رنين هاتف من فريال، اعلمها بأنتظار زوجها خارج الحفل، اعتذرت وهي تقبل كلا وجنتي ابنة خالها قائلة
- عقبالك يا بيبي، حبيبي بيرن عليا، مضطرة امشي
ابدت شادية تعبير مندهش وهي تكرر ما قالته فريال
- حبيبك؟!
غمزت فريال بعيناها وهي تودعها قائلة
- موضوع طويل هشرحهولك بعدين.

تنهدت شادية وهي تنظر إلى عصافير الكناري بحب، تعلم رفض مجيء والدها كونه الغى شراكة مهمة مع عائلة المالكي، تعلم ان والدها سيهدأ في اليوم التالي حينما يكتشف أن سعادة ابنه مع تلك الشقراء، نظرت إلى الورقة المطوية في يدها لتعيد فتحها من جديد واسم صاحبها هزها بقوة
يرغب في موعد بمفردهما، اختنقت انفاسها نحو توقيع صاحبها، تمتمت اسمه
- لؤي
أيامها القادمة تبدو مليئة بالاحتفالات!

رجل
ثلاثة أحرف، مخارج الحروف ليست صعبة، وليست ثقيلة على اللسان، كما يصف الرجل بكون المرأة كائن مليء بالعواطف التي تثير توتره، قلقه، غثيانه ربما!

يقلل من مشاعر المرأة، يكبح من عزيمتها، يخمد ثورتها، ولان سر مفتاح المرأة هو العاطفة
يتسلل الرجل بكل خبث الى ذلك العضو الضعيف، يمزقه إربا بعد استحواذه، يحطمه، بل يصل به الأمر إلى حرقه.
والرجل الذي يدعي أنه خبير النساء، يتفهم تعقيداتهم، لحظات جنونهم، كيف يسقطن صرعى من أجل الحب، لا هو لا يعلم كل شيء
المرأة يصعب وضع لها قانون تستطيع أن تسير عليه لتصل الى نتيجة.
الاعتراف بشيء أفضل من الإنكار.

إعترف بوجود أشياء تخنقه، تجعله على وشك أن يشق صدره ليكتشف العلة في صدره.
صعب للغاية أن تنحرف عن مسار آخر غير الذي وضعت فيه، بل الأصعب أن تكتسب عادة جديدة وتجبر الجميع على إعتيادها.
سيعطيكم وصف أدق
فرح كائن
هائم
حالم
متعطش للمشاعر
يستسلم من أقل همسة لكن الآن..
يراها إمرأة تنفض أتربة الماضي، تزداد شكيمة يومًا عن اليوم الآخر، بها إصرار طفل جلمود ساخر مثله.

أغلق باب الشقة بعنف شديد أدى إلى ارتعاد جسدها وهي تستدير على عقبيها رافعة إحدى حاجبيها عاقدة ساعديها على صدرها
مرر نضال أنامله على خصلات شعره الذي شعث من كثره عبثه بها، عيناه بهما غضبًا يدمر الأخضر واليابس
دمار يبعثر ويعرى أشداء، واجهها قائلا بسخرية
- بتتعمدي تعملي كدا
مررت خصلة شاردة لتجمعها مع صديقاتها، هزت كتفيها بلا مبالاة قائلة
- انا مش بتعمد اعمل حاجه يا نضال.

هز رأسه يائسًا، هل يشاجر زوجته، مشاجرة طبيعية بها يعرب الزوج عن تصرفات زوجته الرافضة، وضع كفيه على خاصرته قائلاً
- متلعبيش بالنار يا فرح، احذري منى
زفرت فرح حانقة، يتحدث ب مواربة، ويتطلب منها أن تفهم ما الذي يؤرقه، صاحت بحنق
-اشوف ايه تاني يا نضال قولي، ثم انت ليه قاعد هنا، قاعد ليه، شوفلك أى ست متخنقكش زي ما بعمل
لم يرد عليها وهو ينظر الى الارضية اللامعة، اقتربت منه وهي تدفع صدره قائلة.

- اتكلم ساكت ليه
ارتد خطوة واحدة إثر دفاعتها الواهنة، عيناه الداكنة تعري طبقات جامدة أصبحت عازلة عنه كى يعلم فرح، غامت عيناه أكثر حينما لاح على ذهنه ابتسامات متملقة، أقرب للاصطناع و عيون رجل يعري زوجته بفستانها المقرف
غمغم بجمود
- نصفي الحسابات.

كادت أن تسأله عما يقصده لكن من إمساكه لعضديها جعلها تجفل من رسائل عيناه، اجفلت بشدة ما إن شق فستانها لنصفين، جحظت عينا فرح حينما سقط الفستان ارضًا لتقف أمامه شبه عارية لا يسترها سوى قطعتين من ملابس داخلية كادت ان تهرب منه إلا أنه ثبتها أكثر، لف خصلة من شعرها حول إصبعه ليصيح بنبرة خافتة، مرعبة
- قرف زي ده ميتلبسش تاني
ثم أصبح صوته أكثر صرامة، بل أكثرها تحكما.

- والقرف اللي عملتيه هناك ميتكررش، اتقى شرى
دموع من عيناها تهبط رغمًا عنها، مسحتها سريعًا براحة يديها، همست بحشرجة
- ان كان وشك التاني هو السبيل ان احنا نوصل لنهاية العلاقة دي، معنديش مشكلة
لوهلة رأت نظرة التيه في عينيه قبل أن تبرق عيناه بتصميم شديد، ابتسمت بسخرية قائلة
- مش هو ده يا نضال، مستني واحدة اجمل من اللي قبل كده، تقدر تقدمها للمجتمع بتاعك من غير ما تحس انك اتجوزت مجرد واحدة.

وآخر كلمة، كانت تلفظها من فمها حرفيًا، المعني يصل إليه بوضوح دون أى مواربة او وضع إشارات كما يفعل، ولتواجه أكثر قالت
- لكن اللي مش فهماه غضبك مجرد غضب لان غيرك بص على اللي ليك وملكك، غضب وانانية يا نضال من حاجه ملكك؟!
لف ذراعيه حول خصرها العاري، يستشعر تصلب جسدها والقشعريرة التي دبت بجميع أطرافها من أثر أنامله، اختنقت انفاس فرح وهي تهمس بعذاب
- هل انا مجرد حاجه اشتريتها، رد وقولي.

عض نضال على شفتيه وهو يمرر أنامله على طول ظهرها العاري، يشغلها بطريقة اخرى، بل يصمتها ويخدرها، تمتم من بين أنفاسه
- بتضغطي يا فرح
امسكت أنامله الوقحة وهي تحذره بعينها حينما وصل طريقه للجزء العلوي، وجهها متورد بشدة، انفاسها اللاهثة وساقيها تحولت لعيدان معكرونة
ثواني تحاول أن تحافظ على المتبقي من داخلها، اقتربت منه هامسة.

- بتصرخ في وشي انك معندكش عيلة، فرحان اوي بدا، فرحان انك بتتخلي على مبادئ مزروعة انسانيا فيك
يعتقدها تدفعه، بل تصر على جعله متابعًا الطريق للوصول الى الحافة، متراقصًا على حبال بالية، يزعق ويغضب ويريد الجميع تتفهمه، غامت عيناها بحزن شديد.

- انا كنت وسط عيلتي وحسيت اني مش منهم، مجرد طفلة ملهاش اي اهمية، محدش اهتم بيا يا نضال، كنت يتيمة بمعنى الحرفي، في مرة كنت راجعة بشهادة الثانوية، كنت فرحانة اني هدخل كلية وكان مجموعي كويس ولما جيت افرحهم امي قالتلي فرحانة بحتة ورقة، شوفيلك شغلانه تأكلنا عيش
ترقرقت الدموع من عينيها وهي تتابع هامسة بحرقة.

- تخليت عن حلمي زي ما اتخليت عن حلم الطفولة السعيدة، بابا بعد ما تعب طلع معاش من المصنع، ملحقش يجيبلي هدية بمناسبة نجاحي، حتى الهدية اليتيمة ماخدتهاش، بس قولت مش مهم هدية المهم ابقي موجودة، كنت عايزة احس اني موجوده معاهم بس، مش مجرد شيء أو سلعة يتاجروا بيها.

جز نضال على اسنانه، هو شخص لا يستطيع أن يعانق شخصًا و يؤازره، هو بطبيعته لم يتذوقها سوى من شخص واحد، ولينهي ذلك الحوار العقيم حملها على ذراعيه، صاحت بدهشة
- نضال
هز نضال رأسه وبكعب قدمه أغلق باب غرفته التي أصبح ينام بها بمفرده، ارقدها على الفراش وهو يفتح ازرار قميصه قائلاً
- سمعت ان ده افضل حل اننا ننسى المشاكل، كنت بقول انه مجرد مزاج بس نجرب.

احتقن وجهها وهي ترى عضلات جسده المفتولة، لا تعلم لما الخجل أصبح يرافقها وهي كانت في الماضي صاحبة مزاج، لكن الوضع أصبح مختلف، لمساته تحولت لشيء يبحث عنه منها، تلجلجت وهي تنتفض من الفراش ما إن رأته يفك زر بنطاله
- انت، انت
شهقت بقوة حينما امسكها بقوة وادارها اليه، تتسع عيناها بجحوظ مريب لتسمعه يقول
- مش هيفيد حاجه ان احنا نتكلم في الماضي كتير يا فرح.

اجفلت من لمسات انامله على جسدها، كادت أن تبكي أمامه وهي تري الإصرار في عينيه..
تمتمت بجفاء
- هعرف امتي انك مش عايزني، لما الاقيك ماسك في ايدك ست تشرفك
صرخت مفزعة حينما القاها على الفراش ويعتليها بكل ضراوة قائلا
- محدش هيوافق ويختارني كذاتي انا، حتى لو حامل لقب عيلة مهمة
دفن وجهه في عنقها وهي تشعر بوخزات من اثر انفاسه الحارقة، عضت على باطن خدها قبل ان تهمس بجفاء
- هنندم؟

رفع وجهه لينظر الى عيناها قائلا بجمود
- انا لا
كادت أن تعترض، لكن كلمتين فقط أصدرها قبل أن يصمتها بطريقة فعالة للغاية بالنسبة لها
-بقيتي رغاية
لا يقول عنه الآن علاقة حسية، بل مكان سلوى
راحة لكلاهما، حيث لا يتجمل هو، وهي ترمي بكل اعتراضاتها ملقية اياه في الحائط.

كانت تجلس أسرار متربعة على الأريكة، تشاهد مسلسل تركي يعتبر من أفضل المسلسلات للسيدة أم سعيد، يداها تقطع عيدان الجرجير وأم سعاد تقطف أوراق الملوخية...

ابتسمت اسرار وهي تتذكر تلك الايام التي قضتها في المنزل، حسنا سراج لا يتركها بالمعني الحرفى، يرسل ام سعيد تقضي النهار معها وهو يبذل كل طاقته كي يعود بعد السابعة مساءً، يتناولا الطعام ثم يمر الليل بالحديث الطويل أو مشاكسات سراج التي لا يوقفها رغم التعب الذي يصل لعظامه.

فترة الراحة في المنزل تشعر ان بها طعام دافئ كما الآن، توقعتها مملة، كئيبة، لكن جلوسها براحة الآن بفستانها الربيعي الأصفر الذي يصل لكاحلها وعقدة شعرها المهملة تتابع مثل باقي النساء، بل أصبحت تقلد النساء المتزوجات، ثرثرة ام سعيد تحبها للغاية، يكفي انها تتحدث عن سراج طيلة اليوم ومواقفه النبيلة معها، حسنًا هي تتغاضى عن إعادة أم سعيد لبعض الأحداث التي حفظتها من كثرة تكرارها.

انتبهت الى صوت ام سعيد قائلة بمحبة
- وبس يا بنتي، ابني سعيد بدل ما كان مطلع عيني مع الشلة الفاسدة دي، سراج اعتبرته ابنى الكبير بعد المرحوم ما اتوفي، سعيد اشتغل في الورشة مع سراج وكان يشد عليه لو أهمل، حتى المرتب كان بيدهوني قال خايف ان العيال الاوباش تتلم حوليه لما يعرفوا انه بيشتغل
هزت اسرار رأسها وهي تسمع نبرة ام سعيد الممتنة في حروف كلماتها، تنهدت بينما قالت ام سعيد بحرج.

- وعلشان مخبيش عليكي، جوزك ربنا يحرسه كان تحت بؤرة العوانس واللي اسمهم ايه، مينجل مازرز، بالانجليزي هي
اتسعت عيناها وكادت أن تنفجر ضاحكة، الا ان مراعاة لمشاعرها قالت
- single mother?
هزت ام سعيد موافقة وقالت متابعة
- ايوا هي يا بنتي، والصراحة لما سمعت انه هيتجوز حد من طبقة عالية، فاخرة بقى، خفت الصراحة
عبست ملامح اسرار قائلة
- عليه؟

اومأت ام سعيد موافقة وهي تفتح حزمة ملوخية أخرى وتعطي حزمة بقدونس لأسرار التي تقطفها وتضعها في وعاء آخر
- طبعا، سراج ده ياريت يكون فيه منه كتير، نفسي ابني يحمل صفة من صفاته
ثم تابعت بعشم
- علشان انتي بنتي، لازم ترقي جوزك من العيون الحاسدة، هو ماشاء الله عليه
هزت أسرار رأسها موافقة
- حاضر يا ام سعيد
صمت أم سعيد لثواني قبل أن تهتف.

- لا وانتي كمان عايزة تترقى، العمارة دي اول ما دخلتها قلبي اتقبض وقلبي صدق، عارفة مدام عفاف المطلقة اللي ساكنة تحتكم
انفجرت اسرار ضاحكة وهي تعلم محاولات تلك السيدة اليائسة لجذب انتباهه، ولكنه قتل شعلة الغيرة حينما صدها بطريقة فظة لا تليق سوى به، عضت على باطن خدها من نظرة ام سعيد الزاجرة لتخشي أسرار من تحول ام سعيد لأم شرسة كما اخبرتها ابنتها في مرة، هزت رأسها نافية ببلاهة
- لا.

اقتربت منها تنصحها بحسن نية
- أى ست تقرب من جوزك، من شعرها وجريها تمسحي بيها بلاط العمارة، الستات هنا بجحة بشكل ما يتصدقش
رمشت ب أهدابها عدة مرات، تتخيل انها تمسك شعر امرأة وتجرجرها على سلالم البناية، حسنًا يبدو الأمر ممتعًا ستجربه يومًا ما
هزت رأسها هامسة بابتسامة عريضة
- حاضر من عنيا يا ام سعيد.

ابتسمت ام سعيد وهي ترى زوجة سراج، يبدو أنها من الطبقة الثرية لكنها محبة للبساطة، ابتسامة حنونة زينت ثغرها لتقترب منها قائلة
- يلا شدي حيلك عايزة اشوف عيل لسراج
تجمدت أسرار وهي تترك ما بيدها لتنظر اليها ببهوت، عضت ام سعيد على تعجلها وما قالته، تمتمت باعتذار
- اعذري وقاحتي، بس والله حبيتك من اول ما قابلتك
لمست اسرار بطنها الفارغة، تتمني ان ذلك الشهر ان يكون في داخلها نطفة، اغرورقت عيناها بالدموع هامسة.

- ادعيلي يا ام سعيد، متتخيليش انا نفسي في طفل ازاي
هزت رأسها ام سعيد وقد رق قلبها لتلك المرأة، اقتربت منها وهي تربت على ذراعها بحنو هامسة
- ادعيله في كل صلاة، متصدقيش انا كان في مخيلتي مراته الغنية ازاي، بس انا ارتحتلك جدا يا بنتي
انفجرت في البكاء وهي ترفع عيناها هامسة
- ممكن احضنك.

اتسعت عينا ام سعيد بعدم إدراك لما قالته، الا ان اسرار لم تنتظر لموافقتها اذ انها سارعت بإلقاء نفسها بين احضان ام سعيد الحنونة، تعوذت ام سعيد وهي تعلم انها يجب ان ترقيهما جيدًا، تمتمت بأسى
-يالهوي، مالك يا حبيبتى، اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
ابتسامة حفرت طريقها وهي تزيل دموعها قائلة
- مش عارفة بقيت عاطفية بشكل مثير للشفقة.

ابتعدت وهي تحاول ان تعود لطبيعتها الصلبة لكن أمام تلك المرأة لا تستطيع، لا تعلم أعطفها الذي يمتد إليها بصلة خفية يزعزعها وتجعل نفسها مثيرة للشفقة؟!، هزت ام سعيد رأسها قائلة.

- معلش ديه غريزة فينا، اياكي تخفي عاطفتك لزوجك في يوم من الايام، متعتمدش انه عارف قد ايه بتحبيه، الرجالة اطفال في الاخر، زي ما انتي حابة تسمعيها منه ويقول قد ايه بيحبك وميقدرش يستغنى عنك، هو كمان مشتاق يسمعها منك ومفيش مشكلة لو بادرتى، هيقوم من مكانه ويجيلك لهنا
نصيحتها ستضعها في اوائل اهتمامها، ستعمل عليها وتري نتائجها، لمعت عيناها فجأة بمكر لتغمز قائلة بمشاكسة
- تفتكرى؟
مالت ام سعيد برأسها قائلة.

- جربي، انا كده كده خلصت الاكل، واكل بكرا جهز فاضل الحشو
استقامت من مجلسها وهي تتجه سريعًا تمسك هاتفها، اتجهت نحو الغرفة وهي تهاتفه، عضت على شفتها السفلى بتوتر وهي تهز ساقها وما إن استمعت إلى صوته، تحشرجت انفاسها لتهمس بوهن
- سراج
انتفض سراج من مجلسه، ليس معتادًا أن تتصل به أسرار الا لو حدث امر جلل، صاح بقلق
- حبيبتي انتي كويسة؟، ام سعيد مشيت؟، تعبانة.

ستكون مبادرة تلك المرة، لن يحدث شيء كارثة ان عبرت بكلمتين او ثلاث عن مجيئه للمنزل، أغمضت جفنيها وهي تحرك بكفها الآخر لتجلب هواء بقدر ما تستطيع، بكل ثقل ونبرة إغراء تعلمها همست بلوع
- وحشتني ممكن تيجى.

والنتيجة مفاجأة، رمشت أهدابها عدة مرات، هل قال انه آتي الآن؟!، ضي، بل زوجها الراحل كان لا يستطيع الخروج من عمله بل يغلق هاتفه حتى ينهى اعماله، سارت بشرود نحو الصالة لتجد ام سعيد وهي تلف حجابها على رأسها سألتها بابتسامة ناعمة
- ها؟
غمزت اسرار بعينها قائلة
- تسلم دماغك يا ام سعيد
هزت ام سعيد راسها وهي تخبرها عن موعد حضورها في الغد، أغلقت باب الشقة بعد توديعها وهي تفكر في ما الذي سترتديه اليوم؟

- بابا بقى ارجوك
صاحت بها شادية بتوسل شديد، لا تعلم متى اصبح والدها ذو رأس يابسة هكذا، عبس معتصم ملامحه وقال بنبرة حانقة من الحاحها
- شادية
اقتربت شادية منه قائلة
- انت عارف ان كده كده ماهر مش هيسبها
زفر معتصم بحرارة وهو ينظر نحو الاطار الكبير الذي احتل الحائط الجانبي صورة زوجته الراحلة، رحلت وتركت له ثلاثة أشقياء، كل شخص له طابع منفرد على الآخر، حنين ألم به وهو يقول باشتياق.

- والله من وقت ما غابت من حياتنا وكل واحد فينا في دوامة لوحده
ثم مسح تلك النظرة ليستعيد صورته الصلبة أمام ابنته قائلاً بتبرم
-اختك، وانتي ذات نفسك، والباشا الكبير اللي قرر يتجوز واخيرا الهانم منت عليه بالموافقة.

هزت شادية رأسها وهي تضرب بيديها على فخذيها، تنظر الى الباب في كل لحظة، تخشى اقتحام ماهر مع خطيبته، تعلم أن ما حدث من مخطط ماهر ووجد جعل كل عائلتهما تتوقف عن شراكتهما الجديدة، الا اذا اصبحت هي قربان جديد
عضت على شفتها وقالت بجدية
- مننكرش إن وجد عمرها ما كانت مناسبة لماهر، مش عايزين نكرر نفس اللي حصل
صاح بحدة اجفلتها
- علشان كدا بقولك ابعدي، مش عايز اخسرك تانى
اقتربت من والدها وقالت بصلابة.

- انا شادية السويسري يا بابا، مفيش حد يقدر يكسرني ولو كان راجل
لا يصدقها، شادية اضعف من ان تواجه رجلا، غمغم بجمود
- عاصي بلغني انه هيتسلم مكان البديل
جحظت شادية عيناها، والدها يغير مجري حديثهما ببرود بل يجعلها تستفز من ذكرى حارسها لتخرج عن سيطرتها، عضت على نواجذها وقالت بحدة طفيفة
- بابا اعتقد ان انا كبرت، جيهان مش بتخلي حد ضخم يحرسها
هز رأسه وقال بلا مبالاة
- خايف عليكي.

طرقات على باب غرفة المكتب ليظهر رأس ماهر من خلفها وهو يقول بمرح
- اخدت عفو الباشا
اشاح معتصم بوجهه للجهة الاخرى، بالطبع سيكون موجودًا، تبقى فقط ذو الخصلات الملونة ويحصارونه ليستسلم في النهاية، استمع الى نبرة ابنه الجادة يقول
- بابا احب اعرفك بمارية
صاح معتصم بجفاء
- مضيفة طيران سابقًا، مش حاجه جديد.

اجفلت مارية وشعرت بالحرج مما قاله والد ماهر، كادت ان تفلت يدها من قبضة ماهر إلا أنه نظر إليها نظرة ذات مغزى، شهقت من نبرة حماها الحانقة
- بقي انتي اللي تعبتي قلب الجحش ده
ترددت مارية وهي تجلي حلقها، تنظر الى عيون شادية اللامعة وهي تحثها على الرد، لوهلة لا تدرى ماذا تقول له
ما خطر على بالها قالته فورًا دون ان تنتبه لعواقب ما قالته
- انا، صدقني غبية، ماهر هو الحياة بالنسبالي.

هز معتصم رأسه وهو ينظر الى ملامح المرأة الشقراء، لا يصدق أن تلك من أطاحت بصواب ابنه البكر، تمتم برضى
- كويس انك اعترفتي
احتقن وجنتى مارية من الحرج، لتقترب شادية هامسة اسمه
- بابا
زجرها بشدة ثم قال بلا مبالاة
- الله هو انا اتكلمت وقولت حاجه، هي اللى اعترفت
مسدت مارية عنقها بتوتر، اللعنة لم تتوقع أن يصدمها حماها بتلك العبارات المحرجة، عضت على شفتها السفلى قائلة
- يا استاذ معتصم.

جحظ عينا معتصم وصاح بنبرة ساخرة لابنه
- ما تشوف خطيبتك بتقولي استاذ
نظرت إلى ماهر الذي ينظر بشقاوة إليهما، هل يلعب معها؟ أم إختبار مجنون؟، عضت على باطن خدها وهمست
- تحب انادى حضرتك ب ايه
تدخلت شادية منهية النقاش الشيق الذي يستمتع به والدها لتقول بابتسامة باردة
- حلوة اونكل، حلوة اونكل مش كدا.

ابدي معتصم موافقته وهو ينظر بجمود نحو مارية التي شحب وجهها، حسنًا يكفيها هكذا، سيتابع على هذا النهج كي يأخذ بثأر ابنه الغارق في حبها، ازدردت ريق مارية وهي تعبث بخصلات شعرها بتوتر
- اونكل معتصم، على قد ما عذبت ماهر الا اني هبذل مجهدوى انه ميندمش
حسنًا الكلام يسهل قوله، هكذا هتف معتصم سرًا، وضع معتصم كفيه في جيب بنطاله وقال
- وانت يا كابتن ناوي تشتغل فين، هنا ولا ترجع امريكا؟
هز ماهر رأسه قائلا.

- هرجع امريكا للاسف لان ده افضل للكل، كل اجازة هننزل نيجى هنا
ابتسامة باردة عملية وزعها عليهما ليقول
- مجهزين كل حاجه، كويس
احتدت عينا معتصم وهو ينظر الى كنته ليقول بحدة
- اوعي تخلي ابني يتعود على الغربة، صدقينى مش هسيبك
زاغت عينا مارية بضياع وهي تنظر إلى ماهر الذي ابتسم بلطف نحوها، اللعنة ماهر لا يوجد به أى صفة مشتركة من والده، أجلت شادية حلقها وهي تبتسم بلطف
- اعتقد ان الغدا جهز.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة