قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن والأربعون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن والأربعون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن والأربعون

ضحكت فرح وهي تستمع إلى تعليقات مارية حول عائلة خطيبها، لا تملك هي سوى الدعاء كي تأتي سعادة ولو بسيطة الى قلبها، شعرت بالحنين وهي تري شمس المتألقة اليوم للتنزه مع والدتها، لا تعلم كيف اصبحت هي ومارية مجنونتان كى يصبحن صديقتين، تحاول إيجاد بعض الحقد، أو الغيرة لكن لا تجد سوى الشفقة فقط، ازدادت ضحكاتها رقة وهي تقبل وجنتى شمس لتقول
- لا شمس كويسة وبتبوسك.

صمت للحظات وهي تستمع الى ثرثرة مارية لتعيد الانفجار في الضحك على موقف حماها، تمتمت بنعومة
- متتأخريش يا عروسة، هي على نار مستنياكي
ودعتها بترحاب لتقول قبل اغلاق المكالمة
- رني عليا، هنزلك
دارت على عقبيها وكادت ان تسقط مفزوعة الا ان يدي نضال امسكتها بخشونة جاذبة إياها نحوه، سقطت بالمعني الحرفي بين ذراعيه، رفعت عينيها نحو عينيه الغاضبتين وهي تتعجب مزاجه العكر، زفرت بحرارة هامسة
- خضتني.

ابتسم نضال ببرود شديد، صاح بحزم
- من امتي انتى وهي اصحاب
مطت شفتيها صامته لثوانى قبل ان ترد بجفاء
- بقالي فترة مش بحسب المدة
خطوة واحدة ابتعدت عنه، ليقربها منه بخطوتين، لهثت وهي تشعر بأنفاسه الحارقة التي تسلع بشرتها، لوي ذراعها للخلف وهو يشدد قبضته عليها بقوة
تمتم بنبرة مرعبة
- فرح
ارتجفت حرفيًا من مكانها، يبدو أن الثور رأى رقعة حمراء، أو البركان الخامل بدأ في ثورانه، صاح بحدة
- بلاش الملاوعة.

تمتمت بنفاذ صبر وهي بمحاولات فاشلة تهرب من حصاره الذي شيده
- رايحة انزل معاها نجيب شوية حاجات للفرح
صاح بنبرة ساخرة
- هي اتخطبت، بجد ابهرتنى
ابتسمت بهدوء قائلة
- كل واحد بيتابع حياته ويقابل احسن من اللى قبله
ازدادت ملامحه شراسة وهو يكاد يحطم عظامها ليقترب منها هامسًا بحدة
- ده فيه اشارة للتفكير في المستقبل مش كدا
آهة مؤلمة انفلتت من شفتيها، كسى وجهها معالم الألم لما يفعله من اذى نفسى وجسدى، تمتمت بضعف.

- الحياة مش بتقف عند حد يا نضال
هز رأسه نافيًا
- بتقف يا فرح بتقف
هطلت دمعة فارة وهي تنظر الى عينيه الغاضبتين، همست بألم
- ولو كان الشخص ده بيأذينا اكتر ما يداوينا
تمتم بحدة
- مفيش حب من غير ما تتحرقي منه، قولتلك مشاعر زى دى مش معترف بيها
يهرب
الأحمق يهرب منها
صححت جملته العريضة تلك وقالت
- بتضعفك مش كدا
كلا، لا يضعف
ان الحب الذي يتغنى به جميع العاشقين، مرض، سم قاتل
صحح كلمتها وقال
- بتعريكِ يا فرح.

هزت رأسها نافية لتقترب منه قائلة
- الحب بيقوي مش بيضعف يا نضال، شوف كذا نموذج قدامك، شوف قد ايه هما مبسوطين انهم جنب بعض رغم مشاكلهم، اللي بيواجه لواحده بيخسر
فك حصار قبضته لتزفر براحة وقد تبدلت ملامحها المتشنجة لأخرى ساكنة، هادئة، ولكي تزيد الوضع عنده سوءا
هتفت بصراحة
- انا بحبك، انا اقوي منك وبعترفلك اهو
اجفل نضال للحظة وهو ينظر نحوها بتمعن
صادقة، يائسة، بل عيناها تلمعان بوهج مريب
سمع همستها الضعيفة.

- وانت مش ناوي تقولها
هز رأسه بدون معني، اقتربت منه وهي تحيط وجه بكفيها، نظرت اليه بجمود قبل أن تهمس بنبرة يائسة
- غرت عليا، حسيت بحرقة في صدرك
انتظرت طويلا و الإجابة لم تحصل عليها، لا في شفتيه ولا في عينيه، رن هاتفها في تلك اللحظة ليقاطع الصمت الخانق، رفضت المكالمة ثم وضعت هاتفها في الحقيبة، وضعت شمس في عربتها وسارت بها متوجهه خارج الشقة، تمتمت فرح بجمود
- انا نازلة.

فتحت باب الشقة وهي عازمة على عدم إجراء حوار معه، ستتوقف حقًا عن الحديث معه لفترة من الزمن كى تعيد أفكارها، تعيد حساباتها جيدًا ثم ستفكر في حياتها معه، أتستمر أم ترحل كما فعلت الباقيات بل ووجدن حياة وحب من رجل آخر؟!، ربما ليست سعادتها هنا مع ذلك الرجل، قبل أن تغلق باب الشقة استمعت إلى نبرته الجامدة
- ايوا غرت يا فرح.

متهورون نحن
في حبنا
في تضحياتنا
في عدم كبح مشاعرنا
في إخفاء الالامنا.
وأغبياء نحن
للسقوط في ذلك الدرك.
تستمر في الحفر رغم عدم اهتمامك لمدي العمق الذي تصل اليه، يمثل ذلك الذي يبحث في صحراء أستراليا الحارقة عن مجوهرات ستمثل له ثروة ضخمة ما أن يستحوذ عليها، بقدر ما يغريه الحياة الرغد التي سيعيشها، فلا يلتفت لنداء أحد ويضيع سنين بحثا عن ماذا...؟!
حفنة مجوهرات في صحراء جرداء، وهي في الحقيقة عبارة عن سراب.

زفر نضال بحنق شديد، هذا كثير عليه، كثيرًا جدًا
هو لم يعتاد على تلك الأشياء التي لا يعلم كنهها
كل ما يشعر به هو حريق
حريق هائل يتشعب في كل وريد في جسده
ساخط
متذمر
غاضب
حانق
ساخر
واضف صفة جديدة مكتسبة مثل باقى الصفات
غيور
هو بطبيعته الجينية يوجد صفة الغيرة على نساء عائلته، ونساء عائلته يختص فقط رهف وأسرار، رغم ما هو عليه، ورغم ما كان عليه سابق، يغار على فرح..

يتذكر حتى الان تلك الصورة المحفورة في ذاكرته، لا يقدر محوها، عيون رجال تتفحص بضاعة، بضاعة أثارت اهتمامهم وهو فليحترق في الجحيم!، عاد يمرر أنامله على خصلات شعره مرة أخرى
ليكن رجلا وليعترف
أصبحت ذات تأثير فتاك مدمر
إن استمرت أكثر وذلك الضغط المُلح عليه، سيتصدع حصنه و تنهار مقاومته، لكن كيف تغيرت؟ وبتلك السرعة؟

تلك الشخصية الجديدة ليست بشخصيتها، ذلك الطابع الساخر والمشاكس بل تصل احيانا الى الإنفجار في وجهه
القطة أضحت نمرة، تخيف ظاهريًا، لكن بداخلها شيء لين، قابل للعطب.
استرخي أكثر في جلسته وهو يفك أزرار قميصه ليسمح بمداعبة نسيم النيل في صدره، ارهفت اذناه السمع حينما سمع زمجرة محرك سيارة تلاها صفعة حادة لاغلاق الباب، انها إمرأة
حتمًا امرأة مجنونة، بعيون ناعسة التفت نحوها ليقول بنبرة مشاكسة.

- كنت فاكر ان بعد الجواز مش هتقربى من المكان ده
شهقت أسرار وتراجعت عدة خطوات من النبرة المباغتة، هي ابدًا لم تتوقع وجوده البائس كحالتها
هذا يجعلها تعيد التفكير
هل العطب بهما تحديدًا؟

هزت أسرار رأسها يائسة، حسنًا يكفي وقت السلام الداخلي، لتعود إلى الجمود إن تطلب الأمر، سراج لن يمر الأمر مرور الكرام حينما بعثت له رسالة نصية تخبره بذهابها إلى النيل ثم اغلقت الهاتف نهائيًا، تحتاج لصفاء آخر لتعيد ترتيب فوضوى مشاعر عاطفتها، عليها ألا تخل بتوازن احدهما على الاخر كى تكون على أرض صلبة، ولكن مجرد أمنية بائسة
الهوي الذي يضرب الوجدان، يفتك العقل، يجعل به خللا، تمتمت بشراسة نحو نضال.

- انت ايه اللي جابك هنا
ابتسم نضال بحنين، يتذكر أن المكان هنا، هو المكان المفضل لكلاهما، حينما أصبح شابا ناضجًا لا أحد يحاسبه على خطواته، أول مكان ذهب اليه هو النيل، كان يحاول أن يفهم سر سحره وغموضه، اشعار تلقي عليه منذ أن كان صغيرا حتى الان لا يكفوا عن الحديث عنه، هذا المكان تحديدًا شهد الاحتفال الخاص به بمناسبة دخوله للجامعة، لحظه صعود أول سلم للشهرة والمال، غمغم بنبرة لينة.

- ابدا قولت استرجع الماضى، فيه ذكريات حلوة على الاقل
الذكرى تطرأت في عقل أسرار، اقتربت تجلس على المقعد وهي تعقد ساعديها على صدرها، تفكر متى ستخرج من دوامتها تلك، متى ستفك كل تلك العقد؟
متى سينتهى الكابوس؟!، انتبهت على نبرة نضال الساخرة
- جوزك عارف انك هنا
صمتت للحظة قبل أن ترد ببرود
- بعتله رسالة وقفلت تليفونى
ضحك نضال بسخرية ليغمغم
- واضح ان فيه ناس هتتفرم تحت ايديه.

سراج مجنون، يبدو كثور يبحث عن رقعة حمراء حتى يفتك ويمزق صاحب الرقعة إربًا
وليكن الأمر أكثر متعة للآخر جعله الرقعة وصاحبها
تمتمت أسرار بعد فترة من شرودها
- واضح انى هفضل في نفس الدوامة
التفت بوجهه نحوها بتركيز شديد قبل أن يقول
- وبتتريقي عليا يا بنت العم، قولتلك كلنا في نفس الدوامة
عبس وجهها وزمت شفتيها لثوانى قبل أن توضح له
- بس بإرادتنا مش مجبورين اننا نستمر فيها.

هز نضال كتفيه بلا مبالاة وهو يسخر منها قائلا
- اطلعي منها
ليتها بتلك السهولة، الأمور تخرج عن سيطرتها، تكبح من عدم الإنفجار ذاتيًا كى تعيد الأمور إلى نصابها، أي أمور تتحدث؟
لا هي بقادرة على استمرار ثأرها من حماتها العزيزة واكتفت بتحطيمها في واجهة ذلك المجتمع البريق حتى أصبحت كعلكه تلوكها الألسن هذا من جهة ومن جهة أخرى سراج، ذلك المعذب الفؤاد.

منذ مراهقتها وحتى في نضجها، عضت على نواجذها وهي تكاد تنفجر لتصيح بحنق
- مش عارفة، عايزة احس انى مرتاحة، مش عايزة اكون قلقانه لبكرا
وليصبح نضال هو الطبيب المعالج وهي الممرضة نصحها بجملة
- عيشي كل لحظة في عمرك متفكريش في بكرا، ده احسن حل
تعرف أن نضال لا يقتنع بذلك الكلام المنمق، بل يراه مجرد تجميل لحياة الشخص البائس، انتبهت إليه لتعقد جبينها قائلة
- انت بقى مش ناوى تقولي ايه اخبارها معاك.

تصنع الغباء وهو يقول
- مين؟
لاحت ابتسامة ساخرة على شفتى أسرار وهي تقول
- فرح
هز نضال رأسه وقال ببرود
- عايشين
لكزته على مرفقه وصاحت بنبرة ذات مغزى
- انت عامل ايه معاها
سؤال يشتمل الكثير والكثير
سؤال، كلا بل سؤالين
ويتطلب منه اجابتين
تريده أن يخبرها عن علاقته بفرح التي كل يوم تزداد غرابة عن الأخرى، والسؤال الآخر تسأله عن شعوره نحوها
وكعادته، يختار الهروب
الهروب يعلم انه ليس حلا.

لكن يجده أفضل حل في نظره في تلك اللحظة
- مالك داخلة جامد كدا ليه، عادى الطبيعى بتاع أى اتنين متجوزين
تمتمت أسرار بلا مبالاة قائلة
- انت عارف انك ممكن تخسرها
تحب النساء أن توضع في خانة المقهورات حتى يصلن إلى سعيهن، والرجال فليعينهم الله على مكرهن، صاح بحنق
- انتوا يا ستات ناس غريبة، من فين بتقولوا مستحملينك على المر ومن فين مش طايقين
صاحت أسرار بدفاع أنثوي من الدرجة الأولى
- قصدك ايه
تمتم نضال بصراحة.

- انكم بتحبوا الكدب
هو يصف علاقته بفرح، يخرج مكنوناته بفرح امام وجه اسرار، سؤال لا يجد له اجابة
كيف تخبره انها ستتحمله واليوم الثانى تنفجر به صائحة انه بلا شعور
أتلك هرمونات انثوية و عليه تحمل تقلباتها؟
استمعا إلى نبرة جهورية يقسم انها لتفزع الطيور لو كانت محلقة بالأفق بسبب صوت نعق الغراب
- أسراااااااار
مال نضال نحو اسرار وقال بنبرة باردة
- الوحش جيه.

رفعت حاجبها وهي ترى عضلات جسده النافرة وعيناه المتوعدة بالجحيم، صاح بنبرة صارمة غير قابلة للجدال
- على العربية وبدون نقاش.

استقامت من مقعدها بهدوء شديد وهي تمر بجانبه لتلقي نظرة ساخرة جعل سراج يزداد وعيدًا ليرى نهاية تهور زوجته، التفت حينما رأها تغلق باب سيارتها مشيرة اليه انها ستسبقه وليلحقها، اتسعت عيناه بجحوظ وهو يرى سيارتها اختفت بين زحام الطريق، اغمض سراج جفنيه وهو يعود الصعود لسيارته دون الالتفات إلى قريبها اللزج، حسنًا أسرار تحملي ما بدأتيه.

مارية، لم تعد مارية سابقًا
كفت عن النواح والسخط والتذمر
دائمًا نملك أشياء جميلة في يدينا
لكننا نطمع في ما يد الغير
وهي طمعت في فتات الحب
ولم تلتفت إلى من يضع قلبه بين يديه
غريبة تلك الحياة وغريبة هي عقولنا.
قولوا عنها كما شئتم، سارقة
انتهازية
وربما أنانية
لكن لتكون أنانية في ما تملكه أفضل أن تكون أنانية في تمنى شيء لن تحصل عليه ابدًا.

عملها وحياتها السابقة بل وشقيقتها التي تجرعت مرارة أكثر منها كونها الشقيقة الأكبر، هي أصبحت تخشي على نفسها
تخشى أن تلك السعادة المحاطة بها تختفي يومًا
لكن يقينًا داخلي يزداد، أنها ستفعل الأفضل
ماهر الذي ضحى بالكثير من أجلها، ستضحي هي بالكثير من أجله، عليها أن تعتاد بقدر ما تمنح، بقدر ما تأخذ.

سعادة داخلية ترفرف من حولها وهي تشعر بيد ماهر التي تتمسك كفها بقوة، لمعت عيناه وابتسامة متألقة زادت من اتساع ابتسامته ليصدمها بخبر تعجيل الزفاف
صاحت بصدمة
- انت مجنون مش كدا
تلاعب ماهر بحاجبيه وهو يقول بنبرة ماكرة
- انتى اول مرة تعرفى
غلفهم السكون لتنظر مارية في حديقة منزل عائلته، العائلة رغم أن كل شخص متناقضًا مع الاخر الا انهم باتحادهم وانسجامهم متفردون، استمعت إلى نبرة ماهر الجادة.

- بس قوليلي غريبة يعني تصاحبى على الست المفروض تبقى منافسة ليكي
علاقتها مع فرح كانت في البداية كارثة، من هي المرأة المجنونة التي تصادق زوجة طليقها السابق، إلا أنها ليست عابئة بأي شخص، هي تعلم جيدًا ما تريده، تعلم جيدًا ان علاقتها مع فرح تتعدى الصداقة بكثير، كلا منهما يضمدان جرح الآخر، لذا مع العيب في مصادقتها؟!

ابتسمت مارية وهي تتذكر سعادة فرح حينما تسوقا في أحد المولات، يبدو ان علاقتها مع زوجها تتحسن يومًا بعد يوم، وهذا جيد، تمتمت بنعومة
- انا وفرح عكس الباقيين، صدقني مفيش ما بينا مشاعر غيرة، هنحسد بعض على ايه مثلا
رفع ماهر حواجبه بدهشة، رحمة الله على الرجل من مكر المرأتين عليه، لن يكون شامتًا، لكن اتحاد المرأتين عليه يبدو انه سيخوض معركة هو الخاسر الوحيد، تمتم بجمود
- مش مرتاح للموضوع.

هزت مارية رأسها، بالطبع لن يتفهم قالت بهدوء
- الموضوع مش صعب، كل واحدة عارفة مشاكل التانية، عادي، ولا لازم نقطع في بعض علشان تبقي صورة طبيعية
ثم صمتت فجأة لتلمع عيناها ببريق، التفت اليه وهي تصيح بجدية
- قولي بقي، خططت ازاي لكل دا
تهرب من الإجابة وهو يبسط راحتي يديه على فخذيه ليقول
- عادي جدا
انتفضت مارية قائمة وهي تصيح بلهجة حازمة
- ماهر.

بعينيه الكسولتين مشط ب عينيه جسدها، خصلات شعرها الشقراء معقودة بحزم، ثيابها أصبحت أكثر حشمة وهذا يجعله راضيًا، لم يتكلم لكنها أصبحت تغير من عادتها وسلوكها المتحرر، غمغم بنبرة صارمة
- اقعدي يا مارية، مش عايز جنان
جلست على المقعد متأففة ليقول بنبرة هادئة
- الحكاية وما فيها، اني روحتلها وقولتلها مش هقدر اكمل لان قلبي متعلق بواحدة
بنبرة متغاظة ردت عليه بحدة
- وهي وافقت عادي؟

نبرتها تخللها غيرة أنثى لرجلها، انتعش قلبه ليضرب بيده على صدره زاجرًا ذلك الذي يخفق بجنون، صاح بنبرة ماكرة
- الموضوع ما بينا متطورش علشان تحس بغيرة
زمت مارية شفتيها بحنق، رغم ما فعلته وحضورها لخطبتها إلا أنها سلمت حبيبها ماهر نحوها، هذا تصرف يقضي على الغيرة لكن شعلة في جوفها لم تخمد بعد، صاحت بتبرم
- وهي تغير ليه اصلا.

لم يمتنع ماهر من الابتسام وهو ينظر الى عينيها العاصفتين بالغضب والغيرة، اقترب منها وقال بنبرة اجشة
- كل واحد فينا دخل علاقة علشان ينسي حد موجود في قلبه، بنحاول ننكر ده، ننكر انه عايش جوانا، قلبنا مش هيتأثر بحزنه أو وجعه لكن للأسف بنحس بكل نفس، كل انين الم بيصدر منه
انصدمت من تلك اللهفة في عينيه، غامت عيناها لتتحول الرؤية إلى ضباب، افترقت شفتيها وهي تغمغم
- ماهر، انا.

مهما بلغت مشاعرها لن تصل الى قوة مشاعره وعنفوانه، كادت أن تنطق بحبها له، تلك الكلمة الوحيدة التي تقدر على تعبير عما يجيش في صدرها، كيف يخبرها انه كان يشعر بألمها ويتألم مثلها!، صاح بمقاطعة
- مش محتاج منك اي رد، كفاية إن عنيكى بتلمع في وجودى، زي ما ارتبطنا فسخنا عادى حتى هي كانت صاحبة فكرة انى اعمل ال show ده
- ومنظرها وسط الناس؟

تذكر حديثها حينما اعترض بشدة، رغم كل شيء هي من عائلة المالكي ذات الحسب والنسب، يخشى أن تلوكها الألسن لكنها صممت على رأيها واستجاب لرأيها في النهاية، غمغم بهدوء
- هي قالت انها تفرح اتنين، تسعد قلب اتنين بيحبوا بعض وتكون السبب في جمعهم ده أهم من كلام الناس
صاح صوت ساخر
- عايزة اقولك يا ميمى انها قصة مؤثرة بس للاسف متأثرتش
والصوت الساخر والكلام اللاذع لا يصدر سوى من جيهان!
جز على اسنانه وهو يصيح حانقًا.

- انتي هنا من فين
وضعت راحتي يديها على صدرها وصاحت بنبرة مسرحية
- من أول شق الروح يا كابتن
مد بساقه وهو يركل قدمها، تاوهت بوجع لتنظر إلى بشرر، إلا أن عيناه الجحيمة أجفلتها ليصيح
- امشي يلا
في ذلك الوضع المحرج عبثت جيهان بخصلات شعرها التي لم تمسها صبغة لتقول بخبث
- الله ايه يا راجل متزوقش كدا، بابا بيقولكم خفوا شوية، مش عايز يصحي بكرا يلاقيها نايمة على سريرك.

زفر ماهر بحنق وهو يستمع الى شهقة مارية المذعورة، صاح بحدة
- امشي يا ام لسان طويل
استقامت مارية بحرج لتجفل من امساك ماهر لمعصمها ويشدها اليه، غمغم بحنق
- انتي رايحة فين انتى كمان
تمتمت مارية بحرج شديد، لن تنكر انها تخشي من حماها، بل تموت رعبًا أن يتفرد بها ويلقى بعض الحديث اللاذع في وجهها، وكل ذلك للأخذ بثأره
- انا همشى
عبس ماهر بوجوم ليقول
- تمشي فين؟

تمتمت بحرج وهي تحاول ان تلفت يدها من قبضة يده بمحاولات يائسة
- اونكل معتصم
راقبت جيهان باستمتاع الى ما يحدث بين عصفورى الكناري في حديقة منزلهما، تمتم ماهر بنفاذ صبر
- انتى ما صدقتى، هي كده طول الوقت
عقدت جيهان ساعديها على صدرها وقالت بنبرة ماكرة
- يا ميمي بقولك بابا اللى قالى، انت شايفني بتبلى على الراجل
بدأ ماهر يفقد المتبقى من صبره، صاح بنبرة هادرة في وجه جيهان.

- غورى من وشى واتمسى وقولى يا مسا، لحسن اجيب المقص واقص شعرك اللى فرحنالي بيه
زمت جيهان شفتيها بحنق وهي تدب بقدمها على الارض قبل ان تستدير مغادرة، بالطبع رشقته بسهام متوعدة نارية..
لم يعبأ ماهر كليًا بنظرات شقيقته التفت نحو مارية الذي طغى اللون الأحمر في وجهها، صاح بنبرة ذات مغزى
- كنا بنقول ايه
عبس مفكرًا، يحاول أن يستجمع حبل افكاره قبل ان تقطعها تلك النارية شقيقته، صاح بعد فترة من تجميع شتاته.

- اه، قررت ان احنا نعجل جوازنا
رمشت مارية بأهدابها عدة مرات وقالت
- انت بتتكلم جد
صاحت شادية بنبرة ساخطة تلك المرة
- نعم!، شوفلك واحدة غيرى تشتغلك، انا مش فاضية لجنانكم
تفاجأت مارية كما تفاجيء ماهر من وجودها، وضعت مارية راحة يدها على صدرها وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها، رباه عائلته تبدو مجنونة، مجنونة للغاية، التفت اليه لينفجر ضاحكًا وهو يفرد ذراعيه قائلا
- اهلا بيكي في عيلة السويسري.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة