قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس عشر

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس عشر

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس عشر

نظرت شادية إلى حالتها ساخرة، ها هي تقف في القاعة التي سيزف بها طليقها، خطيبته اللعينة تلك ستقتلها، تتدخل في اشياء تخص عملها بحجة انها تطمئن، اللعينة تقسم انها ستقلع خصلات شعرها الزائفة، الحية القذرة تلقي كلمات سامة على علاقتها السابقة بطليقها بحجة الاطمئنان، تحمد اليوم هو يوم الزفاف والا وجدتها تقف على رأسها طوال ذلك اليوم الذي لا ينتهي.

ارجعت خصلاتها السوداء للخلف وهي تلمس قماش الكرسي الناعم لتصيح بصوت عملي
- ضبط الكراسي يا محمود في اماكنها من فضلك
انتبه محمود نحوها ثم ترك ما بيديه ليقول بنبرة هادئة
- تمام يا استاذة.

القاعة تضج بالعمال لانهاء اللمسات الاخيرة وكم تتمني احتراق الفستان حينما تمر في ذلك الممر الطويل الذي سيشتعل برذاذ ناري، انتبهت على وجود زينة متدلية بغير سواها لتسارع بأخذ السلم وتصعد عليه وهي ترفع بقامتها لاعتداله غير منتبه لأنحسار قمصيها القصير ليبرز خصرها وبطنها، استمعت إلى صوت اجش اثار رعبها
- نزلي دراعك
تشبثت بالسلم بقوة كي تحافظ على اتزانها واغمضت جفنيها وهي تعد للعشرة قبل ان تنفجر به صارخة.

- نعم
صاح معنفا بخشونة
- بقولك نزلي دارعك جسمك مكشوف
مالت بجزعها وصاحت بحدة
-وانت مالك انت يا بني ادم
زمجر بوحشية وهو يتذكر حينما دلف للقاعة نظرات الشباب نحوها ونحو خصرها العاري، الوقحة لا تستحي ابدا
- من واجبي الحفاظ عليكي وواضح انك مش واخدة بالك من ان فيه فوق 20 راجل في القاعة وكلهم بيبصوا على عرض الاغراء اللي بتقدميه.

نظرت إلى ارجاء القاعة والي الشباب الذين يشاهدون تلك المسرحة الهزلية، زفرت بحدة وهي تترفع عن شكره قائلة
- انت، انت تجاوزت حدودك
رمقها من رأسها لأخمص قدميها حينما هبطت بساقيها إلى الارض ليقول بتهكم
- عارف حدودي كويس يا استاذة الدور عليكي انتي
هزت رأسها بلا مبالاة
- اوووف مستفز
غمغم ببرود
- انا في الخدمة دايما
كادت ان تلقي عليه سبابا لاذعا لكن نداء خبيث صدر من خلفها قائلا
- استاذة شادية.

وهل يوجد غيره، عريس الغفلة ام يصح ان نقول طليقها، دارت على عقبيها وهي تعقد ساعديها على صدرها صائحة بنفاذ صبر
- اهلا يا استاذ معاذ اتفضل حضرتك
رمق معاذ الجثة الضخمة التي تحميها ليقول
- ممكن نكون لوحدنا شوية
هزت كتفيها ببرود
- زي ما حضرتك شايف، ورايا شغل حضرتك والمفروض يخلص على العصر علشان قاعة حضرتك تكون جاهزة
اطبق شفتيه للحظات قبل ان يقول
- انا مكنتش اعرف انك ماسكة الشركة، انا سيبت نجوي تمسك المواضيع دي.

جاء معتذرا على تصرفات عروسه الحمقاء، مررت يديها على خصلات شعرها صائحة بعصبية
- وشايفني مثلا ميته من العياط أو مقهورة أو بقطع في شراييني يا معاذ
اتسعت عيناه دهشة وقال نافيا
- لا مش القصد
قاطعته وهي ترفع كفها في وجهه بوقاحة.

- كويس، علاقتنا السابقة مش هضر شغلي متقلقش ولا علاقتك بالهانم واضح انها عارفة كويس من قبل ما تيجي انك طليقي، والصراحة الست معذورة بردو عايزة تعرف ان كان فيه بينا كلام او لأ، ما انا في الاول وفي الاخر طليقتك اللي بتجهز قاعة فرحك على الانسة المحترمة
احتقن اذنيه وصاح مبررا
-شادية انا
صاحت منهية تلك المهزلة التي طالت لاسابيع كثيرة.

- حركات العيال دي بتاع خطيبتك انا مش فايقالها، هيكون ده اخر تعامل بيني وبين عيلتك وعيلتها
كاد ان يتحدث لكن تلك الهيئة الضخمة التي تحميها من الخلف جعلته يحتفظ بباقي العبارات في فمه، اقترب احدي العمال منهم خشية ان يلاقي غضب رئيسته ليقول
- استاذة
زعقت في وجهه بعنف هو الاخر قائلة
-ايه؟، قولي ان الفندق بيولع واهو نستريح
ازدرد ريق الشاب وهو يجيب
- فيه واحد منتظر حضرتك برا القاعة.

سكنت ملامحها للحظات وهي تستعيد وجهها العملي البارد لتقول
- اسمه ايه؟
اجاب وهو يتفحص الحارس الشخصي الضخم الذي يجعله يرتعب كلما مر بجوارها
- ماهر
ابتسامة ناعمة زينت ثغرها وهي تسارع بالخروج من القاعة لتراه واقفا بشحمه ولحمه امامها، أخيها عاد من السفر، سارعت بارتماء نفسها بين ذراعيه اللذين استقبلانها بكل شوق وترحيب.

تلك المرة تدخل إلى الشقة بأسم زوجته شرعا وقانونا، تلك المرة اختلفت رؤيتها للاشياء، رغم علمها ان نضال لا يفعل ذلك دون مصلحة لكن كونه اختارها هي بين جميع النساء من الطبقة المخملية فهذا يعني الكثير انه يعطيها شيء مميز عن باقي النساء..

وقفت عند منتصف الردهة وهي لا تعلم اتذهب إلى الصالون ام إلى غرفة النوم متطلبا حقوقه، وجدته يعلم ارتباكها ليميل بشفتيه طابعا قبلة ناعمة على عنقها مدغدغا بها مشاعر عديدة وأولها هي الخجل الغير مبرر، همس بنبرة ناعمة
-مبروك يا مراتي.

رفعت عيناها الضارعتين لتقابل عيناه العميقتين، عيناها تستنجدانه بصمت، وهو قبل دعوتها وهو يسحبها بقوة إلى ذراعيه وهي تشهق من فعلته التي لم يقدم عليها سابقا، وقبل ان يتسنح لها فرصة للرد وجدت شفتيه عانقت شفتيها بشغف لم تراه قبلا ولم تتعلمه على ذراعيه سابقا، زاد عناقه جموحا وهو يتركها مسلوبة الانفاس لتشهق بعنف هامسة بلهاث حاد
- نضال.

انفاسهما ممتزجة بطريقة تبدو اكثر حميمية عن السابق، تلك المرة جعلت قلبها يشارك ذلك العناق المسلوب الانفاس ليمس شفتيها بابهامه وهو يلمسه بحسية جعل جسدها ينفجر بالعديد من الانفجارات الانثوية، تكاد الارض تميد بها وساقيها تحولت إلى ساقين معكرونة حينما همس
- نعم
تقسم ان هذا كثير عليها، همست بصوت مثخن بالعاطفة
-عايزنا نوصل لايه بجوازنا.

نظر إلى عيناها وكان يعلم انها تخبئ ذلك الحب خلف قناعات وهمية، ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه وقال
- تؤتؤ يا بيبي اسمها عايز اوصل ايه انا بجوازي منك
اسدلت اهدابها وهي الساذجة علمت اي لعبة دخلتها بقدميها، رفعت عيناها وغمغمت بأختناق
- توصل لايه؟
نظر لعيناها الجميلتين ليلمس خصلات شعرها الناعمة بأصابعه ليقول بصوت بارد
- شمس
اتسعت عيناها بجزع وقبضة باردة اعتصرت قلبها لتنظر اليه ببهوت قائلة
- شمس مين؟

ابتعد عنها وهو يشعل سيجاره ليأخذ نفسا عميقا قبل ان يطلقه في الهواء قائلا
- ايه يا بيبي مش معقول انك مقريتيش الاخبار عني بقيت على سيرة كل الناس
ذلك الخبر الذي جعلت اسهم شركته تنخفض حينما كان على وشك ان يحصل على صفقة جديدة لكن يبدو من الاخبار انه لم ينالها والشركة رفضت المشاركة معه، بللت شفتيها بتوتر
-علشان فضحتك؟
نظر إلى الدخان المتطاير في الهواء وهو يغمغم ببرود.

-مش فارق معايا كلام الناس، لكن توصل لشغلي ده خط احمر
قست عيناه بشرر ناري جعلها تكتم شهقتها بقبضة يدها لتهمس بجزع
- وتاخد بنتها من حضنها؟
هز رأسه بلامبالاة وقال بجمود
- هي اللي اصرت انها تدخل معركة مش ليها
اقتربت منه تنفجر في وجهه بحدة، اللعنة كيف يكون لها يد لتبعد أم عن طفلتها، ماذا يخال نفسه فاعلا؟!
- ازاي انت بالجبروت ده
اطفأ عقب سيجارته في المنفضدة لتشتعل عيناه بالسواد الجحيمي صائحا.

-انا، مجرد واحد بائس عايز يعيش، الدنيا مدتنيش سعادة واحدة من اول ما جيت، اب رفض يثبت ابوته ليا وكل ده لاني مجرد ابن من عشيقته، عيلة رفضت تاخدني وتعتبرني من اهلها لحد الان
شحب وجهها وهطلت عيناها بالدموع لتسمعه يعلق ساخرا
-مالك مستغربة ليه ما كل الحاجات ديه هتلاقيها منشورة في اي جرنال او موقع.

زاد هطول دموعها، ربااااه اي حياة تعيسة عاشها هو، هو مجرد منتقم بائس، منفسه الوحيد ليحظي بالاهتمام هو عمله، اقتربت منه تحيط كفيها في وجهه قائلة
- سعادتك هتيجي في يوم يا نضال
تعمق النظر إلى عيناها ورد
- مش محتاج سعادة انا تكيفت على كدا
تلك النظرة تعلمها جيدا
تلك النظرة التي تصمت بها عقلها
وتستجيب إلى قلبها
تلك النظرة المتطلب منها ان تمنحه كل شيء
استجابت اليه بصمت وهو يسحبها إلى عمق خبيث!

لم يفق من نومه سوى من رنين مُلح جعله يرد بصوت ناعس ليأتيه صوت ينفجر في البكاء المرير
-ماهر ارجوك انا محتجاك.

لا يعلم كيف انتفض من الفراش بل وغير ملابسه ولا كيف انطلق بسيارته وفي دقائق قصيرة وصل إلى مسكنها، وهما الان عند المحامي الذي تكلف برفع قضية النسب ويبدو ان الامر لم ينتهي عند ذلك الحد كما توقع و بكاء مارية لا يقدم شيء ولا يؤخر سوى انه يزيد من قلبه حزنا وغما بسبب دموعها المريرة وملامح المحامي الغامضة جعلته يعلم ان هناك اشياء عظيمة لن تعجب قاسيته ابدا...

ضيق عيناه و يعلم ان شمس هي الضحية في ذلك الحرب ليقول
- خير يا متر
خلع المحامي نظارته وشبك اصابعه قائلا بصوت مهني
- الاستاذ نضال رفع قضية حضانة
جزت مارية على اسنانها لتنفجر صارخة في وجه المحامي
- مش هو كان رفض ابوته ليها، رافع القضية ليه؟
ضيق عيناه بيأس وهو يسحب يدي مارية يضمهم في كفيه ليستفسر إلى المحامي قائلا
-طب مش القانون هنا يدي الحضانة للام
اومأ المحامي وقال بنبرة عملية
- مضبوط مع وجود سكن وعمل ثابت.

صاحت مارية بلهفة وهي تمسح دموعها قائلة
- انا عندي سكن وعمل هيكون موجود
ضيق ماهر عيناه للمحامي ثم استفسر بوضوح
- هل فيه احتمالية انه يكسب
نفي المحامي قائلا
- حاليا لا مع الاوضاع اللي قالتها المدام مارية، الحضانة حتى لو سقطت منها تقدر تتنقل لحد من عيلة الام لو كانت ام ام موجودة، أو
عند تلك النقطة كادت مارية ان تفقد اعصابها من تلك الكلمة، ليحثه ماهر ببرودة اعصاب
- أو ايه يا متر؟
نظر إلى الاوراق وقال بجمود.

- هو مقدم للمحكمة انه عنده زوجة ومرتب ثابت ومسكن للطفلة
شحب وجه مارية ونظرت إلى ماهر تخبره ان ينفي ذلك الهاجس، هو لم يري الطفلة حتى الان، كيف هو متأكد ان تلك الطفلة منه بل يريد أت يأخذها منها، صاحت بصوت خاوي
- يعني هياخدها مني
ضمها ماهر وربت على ظهرها قائلاً
- اهدي يا مارية
تنحنح المحامي قائلاً
- احنا هنمشي في الاجراءات وان شاء الله خير
...

دلفت إلى شقتها بخواء شديد وهي تضم حضن طفلتها إلى صدرها، لن تترك طفلتها له، على جثتها سيكون على جثتها ان لمس شعرة منها، هي الوحيدة التي تصبرها عما يحدث لها.
وضعتها على مهدها ثم التفت لتجده واقفا عند مدخل الباب، اقتربت منه وهي تندس بين ذراعيه قائلة بنحيب
- هياخدها مني يا ماهر.

يلعن قلبه الذي يستميل اليها رغم كل شيء، رغم حبها لذلك النذل، رغم عملها السابق، رغم انانيتها، الا انه يراها طفلة تجهل مفاتيح الحياة التي تعبث بها برعونة..
شعر بجسدها يختض بين ذراعيه ودموعها تبلل قميصه ليضم جسدها بقوة معتصرا اياها بين ذراعيه ليسمعها تقول بصوت واهن.

- ليه مكتوب عليا كده يا ماهر، في الاول نفس غلط ماما بيتكرر عليا، بابا اعجب بالامريكية ومشي على الجو الجديد اللي عجبه ولما قرر يتجوزها اهله رفضوا ومنعوا منه الفلوس وقتها كانت ماما حامل في اسيا
يسب اسيا لعدة مرات التي استأمنته عليها، معللة انها لا تستطيع في الوقت الراهن ان تكون بجوارها، كان قادرا ان يطعن قلبه والذهاب لكنه اصبح مكبل بمسؤولية اختيه و تلك الخائنة الجميلة، تمتم اسمها بهدوء
- مارية.

رفعت عيناها المنتفختين من اثر البكاء لتهمس بألم
- وجيت انا بعد كدا وحالتنا كانت وحشة، بابا حاول انه يستنجد حد من عيلته بس هما رفضوا دم عيلتهم يختلط بدم نجس زينا وكبير العيلة قرر انه يطلقها علشان نعيش حياة كريمة
سحبها معه إلى الاريكة لتنساق خلفه ولم تشعر سوى ان تسقط بين ذراعيه لتتابع سرد حكايتها بألم.

- بابا وافق، بعد ما كان متمسك بماما طلقها واتجوز بنت عمه، واحنا سابنا بدون حماية، مشوفتهوش بعد كدا وكان فاكر ان الجد هيبعت فلوس لينا لكن مشوفناش قرش منه، ماما اشتغلت في حانة زي ما حصلي الفلوس كانت كتير في سبيل للحياة لينا
صمتت للحظات وهي تتذكر اغبي قرار اتخذته في حياتها بأكمله، عضت على شفتها بندم قائلة بمرارة.

- وبقيت مضيفة وليا مركز واسيا ليها شركة صغيرة، لكن واضح ان الجد عنده حق ان دمنا بيجري في نجاسة
صاح بصوت حاد معنفا
- مارية
تمتمت بتوسل شديد
- متسبنيش يا ماهر ارجوك انت الوحيد اللي فضلت ليا
أي عذاب أكبر تضعه هي، انها تزيد الوقود في النار، تمتم بعذاب
- مارية
وجاءت القشة لتقسم ظهر البعير وهي تتابع بأستنجاء
- اوعدني انك مش هتسبني هموت والله
وجاء الوعد من شفتيه
- مش هسيبك.

ولتزيد عذابه اندست في ذراعيه اكثر بحميمة وهي تضم ذراعيها حول عنقه هامسه بنعومة
- انت اماني يا ماهر
ولسانه يتمتم الرحمة يا إلهي، سترديه قتيلا قريبا تلك الطفلة المغوية!

حينما يدق جرس الخطر في أذنيك
دعه يأتي ولا تغلق أبوابك خوفًا
فالفارس من يستعد للحرب والجبان من يغلق ابوابه حتى يقاتلوه في عقر داره.
وهي إستعدت للحرب التي جاءت بأنذار لكنها تغافلت أن الخصم يجابهها قوة ومكرًا.

كانت تقطع حمام السباحة في منزلها جيئة وذهابًا عدة مرات حتى شعرت بإرهاق في عضلات ذراعيها لتنسحب متوجهه إلى احدي الارائك، جففت بالمنشفة جسدها المبلل لتشعر بالخادمة الذي جلبها وقاص منذ تلك الليلة التي أفصحت عن مشاعرها اليه، شكرتها بلطف وهي تتناول شرب عصير البرتقال المنعش.

وحينما دارت على عقبيها اصطدمت بهيئة تفوقها طولا وظله يبتلع جسدها، رفعت عيناها اليه لتقع عيناها على عينان احتارت في معرفة لونهما الاصلي، ابتسمت بنعومة قائلة
- صباح الخير
ضم يديه في جيب بنطاله ونظر مدققا إلى ثوب حمامها الاحمر الفاضح ليقول بدون مواربة
- قوليلي ايه علاقة طليقك ب عيلة الجوهري
تنهدت وهي تضع كأس العصير في المنضدة الصغيرة القابعة بجوار الاريكة لتقول
- تفتكر ايه السبب للطلاق؟
غمغم بسخرية.

- خلافات مثلا
اجابت بصراحة وهي تجلس على الاريكة ليشرف عليها بطوله العظيم
- ومتقولش ليه انه بيتاجر في المخدارت
لاحظت عدم رده لتنفجر ضاحكة وهي تعلم ما الذي يفكر به، ابن الطبقة المخملية لا يصدر عنه تلك التصرفات، غمغمت ببساطة
- مش قولتلك انت عايز الراس الصغيرة وانا الكبيرة.

مال بجذعه لينظر إلى عيناها البنية، بهما جمود وقسوة وعلم ان كل ذلك ما هو الا زجاج شفاف خادع، سألها بجمود وهو يكاد ينبش اظافره في باطن يده
- وسبب الليلة؟
تحولت عيناها القاسية تدريجيا إلى سكون ثم تبلد لتهمس بصوت خاوي
- تار قديم بيني وبينه، وهينتهي بموت حد فينا
ذلك الحقير بسبب معارفه استطاع ان يدخل إلى القرية، وكل ذلك بسبب والده العظيم الشريك في المشروع الضخم الذي لم يقدر على تمويله بمفرده، صاح بخشونة.

- عايز منك ايه؟
هزت كتفيها وقالت بصراحة
- سي دي عليه فضايح.

لا يصدق ما تقوله، تلك المرأة كانت تبدو عاشقة ومتيمة في ثوبها الابيض الملائكي وشعرها الطويل كان يحاكي به شعرا، صور زفافها القديمة كانت امرأة تضج حيوية وبراءة، ما الذي فعله الرجل بها لكي يمتص منها حياتها؟! اهي مجرد خيانة وتجارة ام سادية يمارسها بجنون مثلما رأي تلك الليلة المشؤومة؟!، لا يصدق كيف اصبحت هي من ضمن اولوياته منذ ذلك اليوم، والخادمة التي جلبها تخبره بتفاصيل حياتها اول بأول، ولا يعلم كيف يحافظ على ضبط النفس امامها تحديدا، عبس متهكما.

- لتجارته؟
اجابت بجمود وقطرات الماء تهبط من خصلاتها القصيرة إلى جيدها ثم تختفي بخبث بين طيات الثوب الأحمر بشيء من الجاذبية تستفز رجولته الحارة
- كل اللي نفسك فيه واللي ميخطرش على بالك
صفق وهو يتمتم اعجابا
- احييكي على صراحتك
رفعت رأسها لتنظر إلى عيناه، بهما وعدا خالصا وحماية قادر على تقديمها، وهي سأمت من الهروب من عزيز في كل مرة، قالت بهدوء
- انت مُصر تشوفني اني غامضة، لكن أنا أهو قدامك
- سبب قربك لرهف؟

تنهدت بحرارة وهي تجيب أسئلته بصبر
- مريت بنفس مرحلتها ومقدرتش أشوفها بالطريقة دي من غير ما اساعدها
هز رأسه وهو يجيب بسخرية لاذعة
- وكله بمساعدة الهاكر
لم يظهر عليها اي بوادر الصدمة بل ابتسمت و اتسعت ابتسامتها من الأذن للأذن وهي تقول
- واو أشهد بجواسيسك يا وقاص مكنتش اعرف أن الجواسيس بتوعك للدرجة دي وصلوا لطرف خيط
لا أحد يستطيع العبث معه، تري ذلك تشهد لذكائه وتحليلاته حينما اجابها بعرجفة
- مجرد تفكير.

لمعت عيناها بتقدير وقالت
- مش محتاج تتأكد مني يا وقاص
لا يعلم أتفعلها عمدا أم دون عمد وهو يجدها تمط الحرف الواو وتكسرها دونا عن باقي حروف اسمه، وكأنها، وكأنها تتذوق حروف اسمه، جلس في مقابلها وقال بصراحة عاهدته منه
- وتفتكري اني هديكي نفس امان اللي طلباه
ضيقت عيناها بمكر قبل ان تستفز رجولته التي يفتخر ويعتز بها
- انت عندك شك في كدا؟، انا واثقة فيك
اعطته المسكن، أو المثبط لثورانه في ثلاث كلمات فقط، ليقول.

- تحالف أو جواز؟
ولصراحته الشديدة أجابته بصراحة أشد
- جواز
عندها انفجر ضاحكا وتمازج اللون الاخضر مع اللون الازرق الثلجي لتنبهر من المزيج بينهما بأنبهار، أعيناه بهما لون اخضر؟ وهي التي ظنت انهما باردتين!
تمتم وهو يخفف من ضحكته
- صريحة لدرجة الوقاحة
أجابته بعملية شديدة
- وقاحة مني اني اعرض عليك الجواز، عموما الاطراف كلها متساوية انت محتاج السي دي علشان تنهي مشكلة رهف وانا اخلص من عزيز واحنا نقدر نستفاد.

اخر كلمتين غمزت بهما بوقاحة، لينظر نحوها بجمود لثواني متأملا هطول الماء من خصلاتها القصيرة إلى عنقها بل تجلس امامه بوقاحة شديدة بثوب السباحة دون ادني حياء، سيحرص على تغير كل ذلك وأولهم ذلك الثوب المستفز لأعصاب أي رجل حار الدماء مثله، هتف بلهجة غريبة
- أي حاجه بتقع تحت ايديا عمري ما بسيبها الا لما تنتهي.

تعلم تلك النبرة، نبرة رجل لا يقبل بأي شيء، إما ان تسلمه نفسها كلها قلبا وروحا وتفكيرا وجسدا أو لا شيء، لطاما يصعب ارضاء رجال مثلهم وانتقائهم يجب ان يكون فريدا، وهي تعلم انها فريدة من نوعها لتقترب منه هامسة
- يا كفني يا كفنك، مش كدا؟
اومأ قائلا
- بالضبط
تنفست الصعداأ واخيرا ظفرت ما قدمت من أجله، إن كان حريتها ان تصبح ملكا لامبراطور مثله، فيا مرحبا بالأسر وستقع في قبضته مرحبة به.

التمعت عيناها لتعض على شفتها السفلي قائلة
- وأنا موافقة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة