قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والخمسون والأخير

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والخمسون والأخير

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والخمسون والأخير

- انتى شايفة ان الاحمر وحش يعني
تمتمت بها فريال وهي تنظر نحو المجلة المعروضة أمامها فساتين من قبل مصمم مشهور في الوسط الاجتماعى، رمقت رهف بضيق نحو الفستان الذي لقى إهتمام بالغ من فريال، كم تود وجود شقيقها حتى يتعامل معها، تمتمت بحنق
- مقولتش انه وحش، قولت انه مكشوف
عادت فريال النظر نحو تصميم الفستان، يبدو قصيرا من الأمام فقط، عاري الظهر، ومكشوف الذراعين، أين المشكلة إذا؟!
غمغمت فريال بحنق.

- مش مكشوف
رفعت رهف كفها وصاحت باعتراض شديد
- لا مكشوف وعريان يا فريال، وانتي عارفة وقاص بيتجنن لما بيشوفك لابسة لمؤاخذة بكينى
تحاول فريال كبح إبتسامة شقية من الظهور، تسللت الإبتسامة رغما عنها وهي تجيب بلا مبالاة
- الله انا في بيت جوزي وحرة، لو ملبستش ده في البيت البسه فين يعني
صمتت رهف وهي تغمغم بقلة حيلة
- وجهة نظر.

ألقت المجلة جانبا بلا اكتراث لتقترب فريال من رهف الصامتة، التي تتخذ ركن منزوى عن الجميع منذ قرارات القرصان التي كانت ك فرمان غير قابل للنقاش أو التفاوض، قالت بجمود
- علشان تعرفي ان الرجالة كلهم كدا، يبصوا عليكي ويتأمل كل تفصيلة في جسمك وميسمحش لراجل تاني انه يشوفه
تمتمت رهف بهدوء، تعلم جنون زوجة شقيقها وأفعالها المتهورة
- ما هو من حقه، انتي بتقولي كلام غريب.

هزت فريال رأسها نافية وهي تقترب منها قائلة بنبرة ذات مغزى
- لا، لما تلاقيه متحكم فيكي وهو لسه حتى مش خطيبك
عبست ملامح رهف ورفعت بعيناها تستفسر ببلاهة
- قصدك ايه؟
اقتربت من رهف هامسة، وكأنها تفشى بسر حربى خطير يهدد سلام دولة
- يعني الرجالة اللي زي دي، واسمحيلي اقولك ذكور اه مش رجالة، يعينك ويفصفص كل حاجه فيكي ويقول حقه ولو حد تاني بس شاف نظرة بريئة يهد المعبد باللي في فيه.

رفرفت رهف بأهدابها وزحفت الحمرة إلى وجنتيها وهي تعلم إلى ما ترمى بالحديث، غمغمت بتلعثم
- هو غيران بيكون
تنهدت فريال قلة حيلة وقالت بحدة
- ما انتي مصحصحة اهو، اومال عاملة نفسك عبيطة ليه مع ابن الشامي
صاحت رهف وهي تغلق أى حوار دائر حول ذلك الرجل
- فريال، بصي ابعدي اي موضوع عنه، مش كفاية ان وقاص رجعني الكلية تاني
أمسكتها فريال بكلتا ذراعيها وقالت بصلابة.

- اجمدي يا رهف، انتي كويسة، صدقيني في يوم الكوابيس دي مش هتزورك تاني
هزت رأسها والمرارة في حلقها جعلها تبتلعه بصعوبة، كطعم حنظل لا يغادر ذلك الطعم في حلقها، ابتسامة مهتزة أهدته لفريال هامسة
- بتمني كدا
همت فريال بالتحدث إلا أن صوت قرصانها القوى جعلها تستجيب لندائه
- فريال
- نعم
انتفضت من مقعدها وهي تلحق بقرصانها، عدة خطوات خطتها قبل أن تعود نحو رهف قائلة بجدية
- اختاري فستان لحد لما ارجعلك.

هزت رهف رأسها بسخرية، تعلم أنها لن تأتى، ربما لليوم الثاني ستصاب بنوع من فقدان الذاكرة حتى تعود لطبيعتها الجامحة، تمتمت بلا مبالاة
- تمام
كان قلبها ينبض بقوة وإثارة، ترى متى لم يناديها، بل يعلن القرصان عن عدم إحتماله للهجران، دلفت إلى حجرة نومهما وهي تراه كالليث الحبيس في قفص مقيد لحدوده ولحريته، أغلقت الباب خلفها وهي تسير على أطراف أصابعها كى لا تزعج القرصان الثائر
- خير.

تشرفت أخيرا الساحرة أن تزور جناحهما بعد أيام مجنونة وهو بالكاد يرى شبحها في كل ركن من المنزل، سيتقص من عائلتها حتما، غمغم بصرامة شديدة
- علشان اكون صريح ودماغك اللي أنا حافظها، أى حاجه مجنونة قررتي تعمليها وقت الفرح اقسملك بالله رجلك مش هتعتب برا الاوضة.

لهجة رجل لا يقبل التفاوض، ولا يقبل سوى الرضوخ، كما رأته أول مرة، يشعل بها التحدى والمغامرة في الخوض لتلك التجربة المجنونة لترفع رأسها وتقف أمامه بتحدى، هي وهو
وأى حكم سينفذ؟!، هي أم هو!
نفضت كل ما دار برأسها وهي تقترب من قرصانها بخطوات مدروسة، إن كان هو القرصان فهى الساحرة التي سلبت لب عقله، لفت ذراعيها حول عنقه وهي تميل بشفتيها نحو أذنه هامسة بحرارة أضرمت النيران في جسده
- بحب غيرتك جدا.

صمتت للحظات، تميل بأنفها لتحتضن عنقه، حماية وقوة تجدها دائما بين ذراعيه، والأهم من تلك مشاعر الأنثي الخجولة وكأنها عذراء بين يدى حبيبها وزوجها، يزداد قلبها في الاضطراب بل يكاد يتفوق المضخة الثائرة التي تنبض في صدر زوجها
- بفرح زي العبيطة من غيرتك، هو انا طبيعية؟
همست بها بذهول واناملها تمرر بحنان على خصلات شعره، والقرصان، حاله لم يكن أفضل منها
سرقته، خطفته، بسحرها وبهائها.

بمشاكستها وخجلها رغم مبادرتها بالجراءة
زفر بحرارة والأنفاس الحارة تتصارع بجنون
كل ما يموج بداخلهما يخرج عن السيطرة
همس بحرارة
- انتي خليتي حد طبيعي يا فريال لما جيتي
والنيران التي بداخله يخبتها بقوة، أعاد الجدية والخشونة في صوته، مما جعلها تغمض جفنيها مستعمة إلى صوته، جسدها يقشعر بجنون من نبرة صوته
- وبعدين تعالي هنا، شغالة تقولي لي انا عايزة بيبي ومش شايف منك أي مبادرة.

فتحت عينيها على اتساعهما، هدأت الحالة الناعمة لتبتعد عنه مزمجرة بسخط
- هو انت كمان عايزني ابدأ، اومال الراجل يعمل ايه يتفرج مثلا
ابتسم وقاص بجفاء وقال بتحذير
- لسانك اللطيف ده لميه علشان مقصهوش
وهل ستهدأ الساحرة، وضعت كلا يديها على خصرها وصاحت بتحدى
- قصه يلا، وريني يا ابن الغانم هتعم...

ابتلع باقي جملتها الرعناء وهو يلف جسدها بقوة، يلفها في عناق خشن جعلها تلف ذراعها حول عنقه مطالبة بالمزيد، ابتعد بحرارة وأنفاسهما تتباريان في سرعة مهولة
لمس وجنتها بإبهامه ليقول
- انتي مش قدى
عضت على شفتها السفلى وهي تبتسم بثقة ويدها تمرر على صدره بنعومة وببطئ
- ولا انت قدى
ابتسم وقاص وقال
- يعجبني فيكي ثقتك
- ويعجبني فيك غرورك
قبل وجنتها بعمق ثم همس بسخرية
- متجيش بعد كدا تشتكي مني وتقولي انا اللي بقصر.

تعلم أنها تقصر معه، لكن رغما عنها، لمعت عيناها وهي تنظر إلى عينيه التي يختصها بها
أنها المرأة الوحيدة التي يراها في الكون فقط
غمغمت بجدية
- انت عارف ترتيبات الفرح بياخد وقت ومجهود كبير، مش مجرد فستان وطرحة
تنهدت بحرارة وهي تشرد قليلا عنه تسند برأسها على صدره، ويداه تشتد بقوة وترتخي بين حين وآخر، يخبرها أنه هنا، وسيظل هنا
همست فريال بعد فترة من الصمت
- وقاص، بتحبني؟
قبل جبهتها وهو يرد بهدوء.

- القرصان بيغرق يا ساحرة، بيغرق من سفينته وملقاش غير ايدك هي اللي نجته ووصلته للشط
انحدرت الدموع وهبطت إلى نسيج قماشه الذي إمتصها بكل هدوء، كما يفعل هو معها، يستطيع أن يمحى الدموع من عينيها
استرسل وقاص وهو يرفع رأسها لينظر نحوها
- شط امان يجمعنا، يخلينا ننسي كل اللي فات ونفكر في بكرا
تمتمت فريال بنعومة وهي تزيل دموعها العالقة من أهدابها
-وقاص انا قولتلك كام مرة اني بحبك
اصطنع وقاص التفكير ثم قال بجمود.

- مش كتير الحقيقة
لكزته على ذراعه وقالت بحنق
- بطل بقي
كادت أن تبتعد عن ذراعه إلا أن أعادها إلى موضعها الأصلي، ليقول بحدة طفيفة
- متقطعيش اللحظة
صاحت فريال بحنق، وهي تراه يلقى اللوم عليها بعد ما حدث
- انا اللي قطعت ولا انت بكل غ...
هز وقاص رأسه بيأس هامسا
- مش بتسكتي يا فريال ابدا
أفرض القرصان سطوته وكل جبروته لإصمات الساحرة
وهي ثوانى فقط قبل أن ترحب ساحرته سطوته بكل جنون.

علاقتها معه بعد المواجهة الأخيرة
أنها نأت بنفسها عنه، تهتم بالصغيرة التي تهمس بتعثر وكلمة وحيدة تقولها بابا تجعلها تجيب حسرة بابا لا يريد أن يطرد أشباحه صغيرتى ، تخشي هي من شيء واحد فقط
ماذا بعد كل ما تفعله ولم يجدي تأثيرا؟
هل ستتابع في هدر كرامتها
ليعود عقلها ساخرا ويرد بسخرية انتِ من ارتضيتِ ذلك الطريق، مالك ومال رداء الكرامة الذي دهستيه بقدمك.

والقلب المتألم يريد أن يداوي جروحه، هل ستصل معه يوما إلى طريق مسدود؟!
ستتوقف عن الركض خلفه ومحاربة أشباحه، هي تشحذ كل طاقة في إخراجه من قوقعته وهو لا يعطي أى إشارة أو مساعدة قط!
فاقت من شرودها على صوت مارية التي تصرخ على الهاتف، وها هي تلك تريدها أن تكون وصيفة عروس في زفافها، ماذا سيقول عنها؟!
غريمتها هي صديقتها!
تمتمت فرح بعدم اقتناع
- انتي مجنونة ولا مجنونة
تنهدت مارية بقلة حيلة.

- بقولك ايه، مش بهتم بكلام الناس، اول واحدة الاقيكي موجودة في الاوتيل فاهمه
جلست فرح على المقعد بتهاون شديد وهمست باعتراض
- لا طبعا، لما حد يسالني عنك وانا شايلة بنتك هتقولي ايه
أجابت مارية بكل هدوء
- انك صاحبتي يا فرح ولا، انتي شايفة غير كدا؟!
عضت فرح على شفتيها ندما، إحباطها لا تريد أن توجهه للعروس، همست بندم
- انا مقولتش حاجه لكن...
اقتنصت مارية ترددها وقالت بجمود غير قابلة للنقاش.

- من غير، بطلي رغى كتير و تعالي يلا ساعديني في يوم فرحى
هزت رأسها وهي تعبث بخصلات شعرها لتهمس بقلة حيلة
- ربنا يسهل
انفجرت مارية بالضحك وصاحت بمشاكسة
- هجيبك من البيت وهشدك من شعرك
تأففت فرح بحنق وقالت
- خلاص قولت ربنا يسهل
ابتسمت مارية بنعومة وهمست
- اشوفك يا فرح
أنهت فرح المكالمة سريعا وهي تخرج من الغرفة نحو الصالة لتجلس على الأريكة بحنق، استمعت إلى نبرة الخادمة تقول
- أى حاجه تاني يا مدام فرح، اعملهالك.

كادت أن تجيب إلا إنها سمعت قرع الباب، زفرت بحنق وهي تهمس للخادمة قائلة
- شوفي بس مين اللي على الباب، وان شاء الله اشوفك في ميعادنا
اسرعت الخادمة تتجه نحو الباب وفرح تعبث بخصلات شعرها بملل، صاحت الخادمة بعد أن فتحت باب المنزل إلى ربة عملها
- ده دليفري السوبر ماركت
هزت فرح رأسها دون أن تنظر للباب وقالت بهدوء
- حطي الحاجات على رخام المطبخ وهفضيه بعد شوية وتقدري تروحي علشان متتأخريش.

كانت تشعر بخطوات المرأة وهي تتجه نحو المطبخ لتعود بعد ما انهت مهمتها الاخيرة، غمغمت بالوداع وفرح تكتفى بهز رأسها، لثوانى انتظرت سماع إغلاق باب المنزل، عقدت فرح جبينها وهي تدير برأسها صائحة
- سنية الباب متقفلش...
ابتلعت باقى كلماتها حينما وجدته واقفا عند مقدمة الباب، عيناه بهما حريقا هائلا وتذبذبات جسده تصلها، جف حلقها وهي تستمع نبرته الساخرة
- اه ما انا اللي جيت.

وصل حينما وجد رجل التوصيل يتجه نحو المصعد الذي خرج منه لثوانى، لم يجد بدا سوى أن يقترب ويراها من مقدمة باب المنزل، كانت تلعب بخصلات شعرها بلا مبالاة، هل رآها ذلك الحقير هكذا؟!
ازداد عيناه قتامة حينما نهضت من على الأريكة ليمشط بعينيه ثوبها، ما الذي ترتديه تلك المرأة؟! ألم تجد شيء أقصر وأقل احتشاما مما ترتديه، بداية من منامة قطنية مكشوفة الذراعين وبنطال قصير بالكاد يصل بداية فخذيها، صاح بحدة.

- رايحة فين؟
التفتت إليه بجنون، تحدق في المسافة التي تفصلهما، غمغمت بسخرية
- هو انا كل ما اروح في حته استأذنك مثلا
انتفض جسدها من إغلاقه للباب بعنف شديد، سارعت بالذهاب نحو المطبخ وخطواته التي تنهب الأرض نهبا إقتربت نحوها وصوته الهادر يصرخ
- انتي عايزاني ابقي معاكي بالوش التاني ليه
تلمست الرخام البارد وهي تشحذ بطاقتها لتقف بمواجهته التي تقضي عليها تماما حتى تتركها خاوية بالنهاية.

- لا اول ولا تاني يا نضال، انا مش عايزة حاجه
صفق نضال بيداه وقال بحدة
- المحاربة اخيرا استسلمت
طرقت فرح رأسها أرضا، ونضال يقف أمامها يكاد يهزها لتجيب على سؤاله، هل استسلمت؟!، سمع نبرة غريبة في صوتها
- استسلمت فعلا، مش خوف منك لأ، لأن مفيش فايدة باللي بعمله
رفعت عيناها وهي ترى الركود في عينيه، زفرت بحرارة وهي تقول.

- مفيش أى فايدة اطلاقا، اتعب نفسي ليه، زي ما عشت معاك في الاول اقدر اعيشه من تاني لكن الاختلاف بقي..
وصمتت لتجد عيناه تضمران بهما النيران التي خبتت منذ قليل، النيران عادت في الإشتعال وهو يسمع إلى نبرتها الجادة الحازمة
- مش وقت ما تعوزني هكون متاحة، لأ بمزاجي، إلا بقى لو حابب تاخدني غصب يا نضال دي بقى حاجه تانيه.

عيناه شملت جسدها صعودا وهبوطا مما مد الحرارة في جسدها، ساقيها تهاونت أمامه وهو تسمعه يصيح بحدة
- كلام جميل، لا جميل، ويا تري الهانم مجهزة اللبس ده علشان هي عايزاني بمزاجها ولا...
ترك باقى عبارته معلقة كما فعلت منذ قليل، جعلها ترفع حاجبها هامسة
- ولا ايه؟
تمتم بحدة
- بتستعرض جمال نفسها قدام الناس
عبست فرح لثوانى وهي تحاول أن تفهم ذلك الرجل، أى جمال هي تستعرضه وهي تبقى وحيدة في المنزل مع الخادمة وشمس.

- قدام ناس مين، انا مش بنزل بالشكل ده ولا قابلت حد غريب...
ابتلعت عبارتها وهي تتذكر وجود رجل التوصيل، همست بخفوت
- انت قصدك على الدليفري
ابتسم نضال بإقتضاب
- ما انتي بتفهمي اهو
كانت في طريقها للتبرير والدفاع عن نفسها، إلا أنها عدلت عن قرارها في آخر لحظة
- انا مفتحتش الباب ثانيا انا، انا ببرر موقفي ليه، كون انك بتشك فيا دي حاجه ترجعلك
قاطعها صائحا بصرامة حينما بدأ صوتها يعلو عليه.

- اتعدلى وانتى بتتكلمي معايا
عقدت ذراعيها على خصرها وهي ترفع حاجبها بحنق جعله يقترب منها هامسا بخشونة
- انتى عارفة انا ساكت ليه كل ده
رأى الأهتمام من عينيها، ليتابع هامسا وهو يلمس شفتيها بحسية
- علشان عارف ان دول، مجرد ولا حاجه، كأنه هوا
زفرت فرح بحرارة وهي تحاول أن تبتعد عن حصاره الذي يهددها جسديا وعاطفيا، سمعت صوته الأجش يقول.

- زي الشاطرة كدا متتكلميش غير لما تاخدي بالك من اللي بتقوليه، متعتمديش ان سكوتى انى مش عارف ارد لأ
ازدردت ريقها وهي ترفع عيناها لتقابل عينيه المشتعلة بالرغبة لتهمس بضعف
- وايه اللى مانعك
هز نضال رأسه وقال بجمود
- تقدرى تقولى مشفق
زفر نضال وهو يبتعد بكل برودة أعصاب بعد أن أتلف أعصاب تلك الصغيرة التي بالكاد تقف على ساقيها، غمغم ببرود.

- الحاجات اللي زي ده مشوفش انك لابساها قدامي ولا قدام حد، الصراحة اصل انا مش ملاك، انا انسان وحاجات زى دى بتضعفني وانا ممكن اعتبره مجرد دعوة بسيطة علشان أقرب ولو وقعتى تحت ايدى مش هرحمك
اشتعلت عينا فرح بجنون وهي تدب بقدمها على الأرضية قبل أن تغادر من المكان وصوت نضال الساخر يطن أذنيها
- يلا يا قطة خدي بالك، متخربشيش باب انتى مش عارفة ورا الباب ايه
تكاد أن تقلع خصلاتها من جذورها وهي تصيح بحنق
- مستفز.

لا فائدة منه، لا فائدة.

تأملت شيراز المنزل الذي سيصبح منزلها حتى أيامها الأخيرة
بعيدة عن الموطن
بعيدة عن المجتمع البراق
بعيدة عن كل شيء، تخلت عن كل شيء حتى تكون بين أحضان زوجها
استمعت إلى نبرة عثمان الدافئة
- نورتي يا شيراز
لا وجود للذكريات هنا، كل شيء هنا بارد، مقفر، خالى من المشاعر الدافئة!
منذ متى كان منزلها القديم ملئ بالمشاعر الدافئة؟!
تمتمت بنبرة باردة وعيناها تحدقان في كل ركن، تحاول أن تعتاد على منزلها الحالى.

- المكان غريب
أغلق عثمان باب المنزل ثم تقدم نحوها وهو يدس يديه في جيب بنطاله قائلا
- هتتعودي عليه، الانسان لازم ياخدله فترة ويتعود على العادة الجديدة اللي اكتسبها
اختنقت أنفاس شيراز، ودموعها مهددة بالانهيار، سحبت نفسا عميقا وزفرته على مهل لتقول
- اديتني ايدك يا عثمان وعمرى ما هنسى ابدا
ثم التفتت إليه وقالت بنبرة جاهدت في أن تصبح صلبة.

- شايفاك وانت كنت منحاز ليها، من غير ما تتكلم بس انا عارفة عيونك وايه اللي بيدور جو عقلك يا عثمان
نكست رأسها وهي تتخيل أن الجميع أصبح منحاز لها، تركوها بمفردها، وحيدة، تمتمت بسخرة
- سحرت عيلة الحسيني من أكبرها لأصغرها يا عثمان
غمغم عثمان بصلابة
- قولنا ايه
ارتمت بوهن على أقرب مقعد، الجو البارد يزحف نحو أطرافها ليصبها بالشلل
- انا مش متخيلة انى مش هشوف ابني يا عثمان، ابني اللي اتبقالي من دنيتي.

هز عثمان رأسه يائسا ليقول بنبرة صلبة
- الباب اهو، لو خرجتي منه يا شيراز مش هتدخليه تاني ولا تستني مني حتى انى هسمعك
رفعت شيراز رأسها وتمتمت بذهول
- هتتخلي عني؟
أومأ برأسه وهو يقول بصلابة
- زي ما انتي انانية، انا كمان انانى، صدقيني وانا بقولك اهو مش هسمعك حتى، و متستنيش ان ابنك يقف في صفك كتير وهو شايف ان مراته بتتبهدل منك للمرة الثانية.

صمت للحظات وهو يرى دموعها التي تسقط على خديها، حارب بكل صعوبة وهو يقول بسخرية
- وتتبهدل ليه، مظنش انها هتسكتلك، عايزة تحاربي حاربى يلا علشان تكوني خسرتينى انا وهو
هزت رأسها يائسة وهي تصيح بحدة
- انا قولتلك انى مش هرجع
غمغم بجفاء
- هنشوف
حتى الآن لا يصدقها، تعذره، لكن هي ليست غبية حتى تخسره هو، حبيب الروح لا تريده هو الآخر خسارته، استقامت من المقعد وهي تقترب منه لتضع يدها على ذراعه قائلة.

- انا وعدتك اني هفضل معاك، مش هتحرك من هنا الا وانا راجعة مصر بكفني
بللت طرف شفتها وهي تهمس بمرارة
- زي ما هي قررت تعيش مع ابنى وهو متمسك بيها، مش هقدر اعمل حاجه، خلاص زمني راح
ابتسم عثمان بجاذبية وهو يضم جسدها إلى ذراعيه ليهمس بشقاوة
- هنرجع ايام زمان قبل ما ندخل في دوشة العيال
ابتسمت شيراز وهي تدفن وجهها في صدره لتمتم
- انا اسفه
قبل جبهتها بحب، وهو يلف ذراعيه حول جسدها ليقول.

- الاعتذار ده المفروض مش منى، يكون ليها
رفعت رأسها لتنظر إلى عينيه، عينيه التي ورثها سراج منه، غمغمت بهدوء
- تفتكر
هز عثمان رأسه ثم قال
- الماضي صعب نصلحه، لكن نقدر نتجاوزه
عادت تدفن وجهها في صدره هامسة
- عندك حق
الجميع سيتجاوز الماضى، عاجلا أم آجلا سيتجاوز الجميع الماضي
الأهم هو حبيب الروح يكون بجوارك، يساعدك على التخلص من أشباح ماضيك.

ابتسامة عاشقة تزين ثغر مارية وهي تتحرك بكل غنج على فراشها تستمع إلى صوت حبيبها، وجنتيها تشتعلان خجلا من كلماته الوقحة
بل يذكر تفاصيل مخجلة لما سيفعله بالتفصيل حينما تصبح في قبضة يده.
قلبها يخفق بجنون، الأيقاعات تتضطرب فرحا وسعادة وهي لا تصدق أنها ستكون معه غدا، سترتدى الفستان الأبيض له، تلعن غبائها على حياتها الماضى وإندفاعها المتهور على قراراتها المخجلة.
استمعت إلى نبرة ماهر الأجشة.

- كلها كام ساعة وهتقعي تحت ايديا
اضطربت أنفاسها وهي تزفر بحرارة، تستمع إلى أصوات أنفاسه عبر الأثير لتهمس بخجل
- المفروض اخاف مثلا يا ماهر
انفجر ماهر ضاحكا وهو ينظر نحو سقف غرفته، يحمد ربه أن الفتاتين لا تزعجانه وكلاهما مشغولتان بترتيبات الزفاف، همس بحرارة
- احسنلك تخافى، لازم تخافي لأني هطلع القديم والجديد عليكى
عضت على شفتها السفلى بخجل وهي تقول بمشاكسة
- انا ممكن اغير رأيى.

ازدادت حدة أنفاسه والصمت ران بينهما لثوانى قبل أن يصيح ماهر بخشونة
- غيريه يا مارية لاني هجيلك واخليكى تعرفي ان الله حق
تهديده جعلها ترتعش إثارة، همست اسمه بغنج
- ماهر
تنهد ماهر بحرارة وهو يمرر يده بجزع على خصلات شعره
- اسيبك تجهزي وهشوفك بكرا يا عروسة.

أغلقت المكالمة وهي تتنهد بعمق، عيناها غائمة بالحب وهي تدس بوجهها في الوسادة، انتفضت بقوة على سمع رقع باب غرفتها، انتفضت من فراشها وهي تنظر إلى ثيابها المحتشمة، هل وصلت شقيقتها؟!
فتحت باب غرفتها وهي ترتسم ابتسامة واسعة سرعان ما انمحت حينما رأت حماها أمام باب غرفتها، ازدردت ريقها بتوتر وهي تفسح مساحة له لتهمس بتلعثم
- اهلا يا انكل، اتفضل.

دلف إلى حجرتها ثم جلس على المقاعد القريبة وطلب منها أن تترك باب غرفتها وتتقدم إليه، استسلمت صاغرة وهي تجلس بخجل امامه والشعور بالضآلة يكتنفها وهي تسمعه يقول
- طبعا اتفاجئتي بوجودي، بس كده افضل علشان ناخد راحتنا في الكلام
ارتبكت مارية وهي تشعر أن ما ستسمعه لن يسرها إطلاقا، غمغم بصلابة
- اسمك هيرتبط بإسم عيلتنا يا مارية، متعرفيش حالة ماهر كانت عاملة ازاي من كام سنة وهو شايف انه خسر حبه.

قاطعته مارية بلهفة ونبرة صادقة تخرج من أعماقها
- اوعدك اوعدك عمره ما هيندم، انا خسرت كتير لما مشيت بعقلي، كتير جدا، المرة دي ماشية بقلبي، عمري ما اخدته علشان هو بيحبني لأ، انا اختارته علشان انا من غيره ولا حاجه
هي بالفعل تريد تعويضه على تلك الأيام، تريد أن تعوض حياتهما السابقة
غمغمت باختناق وهي تمرر يدها على عنقها.

- دافع عني كتير، حماني كتير وانا زي كأن في غشاوة على عيني، بس لما بعد عني، بعده موتني مقدرتش استحمل وجيتله
تخضع تحت فحص نفسي وهو يتأمل كل انش في تعابير وجهها، استقام من مقعده وهو يضع يديه في جيب بنطاله قائلا
- تمام، كلامك ده زي عهد في رقبتك ليوم الدين، الف مبروك
ابتلعت ريقها وهي تهمس بتوتر، ما زال استدراجه لم ينتهي
- الله يبارك فيك
ابتسامة دافئة وجهها لها، كعلامة أمل وهو يقول.

- اسيبك تجهزي قبل ما البنات يصدعوكى، خدى راحتك
انشرحت أساريرها وهزت رأسها لتهمس بامتنان
- شكرا
أوصلته إلى باب غرفتها ثم عادت بإغلاقها وهي تنظر إلى الساعة، لقد تأخرت شقيقتها عن القدوم، توجهت سريعا نحو غرفة النوم وهي تبحث عن هاتفها بتعجل..
أمسكت بالهاتف اخيرا وهي تتصل بها، رنين طال حتى استمعت إلى صوتها الهادئ، صاحت مارية بحنق
- فينك يا آسيا، لحد دلوقتى مجيتيش ليه.

مطت اسيا شفتيها وهي تنظر إلى المرآة امامها، تعدل من خصلات شعرها السوداء لترد ببرود
- عندي شغل للاسف
تنفست مارية بحدة وهي تنفجر في الهاتف صارخة
- يعني ايه عندك شغل
رشت اسيا عطرها بإسهاب ثم عدلت حمرة شفتيها المغويتين لتقول
- انتي عارفة غصب عني يا مارية، ههحاول اخلص واجى.

وما إن استمعت إلى صرخة مارية، أغلقت الهاتف نهائيا وهي تنظر إلى المراة بثقة، ألقت قبلة عابثة وهي تلتفت تأخذ حقيبتها لتخرج من الإستراحة النسائية، كعب حذائها يطرق على الأرضية المصقولة وهي ترى بعض نظرات الرجال الراغبة بل يديرون بعنقهم ليروا خصرها الدقيق وهو يتحرك بدلال ومنحنيات جسدها الساحقة، وما تفعله هي إلقاء ابتسامة ساحرة لتتلظى نيران الرغبة في احشاؤهم، رأت الرجل الذي يحمل بطاقة باسمها اقتربت منه وهي تلقي تعريفا عن نفسها.

لثواني ارتبك الرجل وهو يرى امرأة مجسدة بالأنوثة الطاغية والخطيئة، غمغم بكلمات متلعثمة وهو يأخذ حقيبتها، يحدثها أن سيده أعلن لها عطلة ممتعة في مصر، هزت رأسها بإيماء وهي تسير خلف الراجل لتضع النظارة السوادء على عينيها، غمغمت بجمود وحرارة مصر ألهب بشرتها الباردة ا
- للاسف يا مارية غصب عنى، مش هقدر اقتل فرحتك.

هناك خاتمة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة