قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والخمسون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والخمسون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والخمسون

سيأتى الأفضل
ستأتي الأيام السعيدة وكل دمعة حزن ستتبدل بإبتسامة مشرقة
لا حزن يدوم، فالسماء ستشرق بنورها
فمهما طال الظلام، يبزغ أول شعاع أمل عند الشروق.
إبتسامة حلوة تزين ثغر أسرار وهي منكبة تكتب في دفتر مذكراتها الجديد، لا تنسى ذكرى أو مشهد منذ مقابلتهم تحديدا وجها لوجه في الشركة حتى انفجاراتها معه، تنهيدة خرجت من شفتيها وهي تمسد عنقها ثم عادت تزم شفتيها بعبوس، هناك حلقة مفقودة، شيراز.

اختنقت انفاسها وارتجفت يدها التي تمسك بالقلم، تحتاج لمواجهة اخيرة معها، هي ليست إلى ذلك الحد لتشمت بمرضها، طوت الصفحة تلك نهائيا وهي تتذكر إحتفال أمس، جاء إلى عملها واقتحم باب مكتبها بكل جفاء وهو يصرف السكرتيرة بعنجيهة وأمرها بإغلاق الباب كى يجتمع الرجل بزوجته، عضت طرف شفتها السفلى وهي تتذكر السكرتيرة من دهشتها وقفت متخشبة منتظرة رد فعل ربة العمل، إلا انها أخبرتها بقيام ما اخبرها به، استجابت السكرتيرة وسرعان ما نظرت إلى سراج ببرود قائلة.

-مش شايف أن المكان مكان شغل
مرر سراج عيناه على ثياب زوجته العملية رفع بعينيه نحو خصلات شعرها المعقودة بحزم حتى لا تترك خصلة منفلتة خارج مدار شقيقاتها، ابتسامة رائعة زينت ثغره وهو يقترب منها ببطء مدروس
-وهو لما مراتى توحشنى اخد معاد مثلا؟!

يداه وجدت طريقها نحو خصرها، أطبق على خصرها بإحكام وهو يميل بشفتيه يعانقها بعاطفة ملتهبة، جسدها يستقبل قذائف عشقه الملتهبة دون أدنى خجل أو ذرة من الشعور المخزى أنها في مقر عمل، انفلتت منه بصعوبة هامسة بنبرة اجشة من العاطفة التي دمرتها من مجرد عناق حميمى فقط!
-جيت ليه يا سراج
مرر أنامله على وجنتها المحتقنة بالدماء، مال يطبع قبلة على نبض صدغها الخافق بجنون ليهمس
-لقيت شريك للمشروع بتاعى.

اتسعت عيناها وتلألأت الزرقة في عينيها وهي تهمس بدهشة
- بتتكلم جد
هز رأسه وهو يقرص وجنتها بخفة قائلا
-وهو ده فيه هزار، لسه مخلص اتفاقات معاه، وفي أقرب فرصة الحلم هيتحقق
ابتسمت بتألق، والغمة في صدرها انزاحت كليا لتهمس
-مبروك
عبس سراج وهو ينتظر مبادرة عناق، قبلة على الشفتين أو الوجنتين، أن تجهز له عشاء، أى شيء، غمغم بحنق
-كده!، مفيش بوسة ولا حضن، أنا حتى أعتبر زى جوزك برضو.

اتسعت ابتسامتها تدريجيا وهي تنسل من بين ذراعيه لتقول بحزم شديد وهي تعدل من تصفيف شعرها الذي أفسده
-لينا بيت يا سراج
غمغم اسمها بخشونة وهو يحاول أن يطفئ لهيب شوقه ويذكر نفسه أنه في مقر عملها
-أسرار
صاحت بحزم شديد وهي تحاول أن تعيد النبرة الحازمة في صوتها، لكنها تفشل، ما ان تعانق عيناه حتى تندلع نيران لا تبقى شيئا ولا تذر
-في البيت يا سراج
هز رأسه وقال بلا مبالاة وهو يجلس على اقرب مقعد مقربا منه.

-طيب هستناكى لحد لما تخلصى ومتحاوليش حتى تطردينى قاعدلك لحد لما تخلصى
وحدث ما أراد...
استفاقت من شرودها الهائم وهي تحدق الى دفترها لتسمع صوت سراج ينادي اسمها بخشونته المعتادة
- انتى بتعملى ايه
تقدم ليجدها تجلس باسترخاء شديد، منبطحة على الأرض ساقيها تحركهما بدلال افقد صوابه، خصلات شعرها تغطى ملامح وجهها، رفعت عيناها نحوه وقالت بعبوس شديد
- بكتب
خرجت بصورة مهلكة شديدة لا يصدقها.

عيناها تلمع بوميض إمرأة عاشقة
جسدها المغرى يأكله بعينيه
انحسار الثوب اظهر جزء من فخذيها مما جعله يعض على شفتيه، يتابع عرض اغرائها بتسلية شديدة وجنون أشد، دائما تثير سخطه وتثير أن تسبب له بصدمة قلبية
هذا كثير عليه، اقترب منها وهو يراها تدون في دفترها الخاص المحظور قراءته، قال بفضول
- بتكتبى ايه؟
تمتمت ببساطة شديدة، وهي حتى لم تكلف العناء في الاعتدال من موضعها لتجعله يحترق ببطء مستفز
- حياتى.

هز رأسه يائسا وقال بهدوء وهو يجلس بجوارها على الأرض لتغلق دفترها وتضعه خلف ظهرها
- مذكرات تانى؟
نظرات عيناها تخبره، إن كنت جريئا كفاية تعال وخذه منى، تمتمت بهدوء شديد
- انا متعوده اكتب من وانا صغيره المواقف اللى بتحصلى
انامله تمر على ساقها العارية أمامه ليشعر بتصلب جسدها لتدب القشعريرة في أرجاء جسدها وكأنها صعقة كهربائية، تبدلت عيناها إلى عينين دائختين، همس بصوت أجش
- ممكن اخد بصه وارجع تانى.

نفت باعتراض قائلة
- لأ طبعا، دى أسرارى
اقترب بفضول منها وهو يلف خصلة من شعرها حول اصبعه ليقول
- عندك أسرار تانية يا أسرار
ضيقت عينيها لتنجذب الى عينيه رغما عنها، عضت شفتها السفلى واقتربت منه تهمس بمكر
- حاليا لأ، بس كتابى فيه أكيد أسرار
تصلب جسدها حينما شعرت بوخزات بسبب لحيته التي تخدش بشرتها، همس ببطء مثير
- زي؟
- اممم اول إعجاب، أول أكله حبيتها، أول تمرد عملته، وكدا.

اندلعت نيران هائجة في مقلتيه، اعصار قادم يهدد سلام موطنها الآمن الذي وجدته معه، صاح بنبرة غيورة، عنيفة، متملكة
- ومين ده ان شاء الله
ناغشته وهي تقول بنبرة خبيثة
- ممثلين بقي، رياضيين، سياسيين وغيرهم
اشتعلت أطرافه بحرارة غاضبة، هل تمزح معه!، اقترب يمسك ذقنها وقال بحدة طفيفة
- ناقص تقوليلى فيه رجال أعمال عاجبينك
همست نافية
- لأ، هما اللي بيقربوا منى مش أنا.

صاح بلهجة حادة وهو يحذرها من التمادى، يحذرها من اللعب في النيران
- اتعدلى علشان معدلكيش
وهل هي مغفلة
لطالما تنجذب نحو تحديات أكثرها صعوبة وخطرا
اقتربت منه وهي تعتدل لتستند بيديها على فخذيه هامسة بالقرب من اذنه بإغواء حواء تعلم قدر تأثيرها جيدا على رجلها
- هتعمل ايه يا سراج؟
اختنقت انفاسه وهو يجيب بتذمر
- هقتله
انفلتت ضحكة ناعمة ثم تابعت بهمس
- وبعدين؟
رد بفظاظة شديدة وهو يأسر جسدها بين ذراعيه
- هقتلك.

انفجرت في الضحك وهي ترجع برأسها للخلف قبل أن تعود إليه تنظر نحو بصمت وتعمق شديدين، همس بعد صمت
- بتضحكى على ايه
تحفزت للقتال وقالت بنبرة جامدة
- اكشر دلوقتي، سراج انا ست نكدية تعرف كده
همس بلا مبالاة
- كويس انك اعترفتي
كانت ستقذفه بالدفتر الخاص بها على رأسه لكنها تراجعت حينما استرسل قائلا بصوت أجش
- اجمل ست نكدية شوفتها في حياتي
اقترب اكثر وهو يلفها في مداره الخاص، يجعلها تعيش جنون مشاعره، بادر بهمس خافت.

- عايز عيال منك يا أسرار، عايزهم بنفس لون عينيكى
تخشبت أمامه واتسعت عيناها بجحوظ، أول مرة تراه مبادر في قولها، أن يرغب في طفل كما ترغب هي بجنون، افترقت شفتاها لترمش أهدابها عدة مرات قبل أن تهمس
- لكن عيوني باردة
صاح بهدوء شديد ويداه تعيث في جسدها فسادًا
- لكن مش معايا
اقترب منها وهو يثقلها بمشاعره، يخدرها ببطء وهو ينظر الى عينيها الضارعتين.

- بقيتي حياتي يا أسرار في فترة صغيرة قدرتى تدخلي قلبى وتستحوزى عليه، كأن قلبي طول السنين بيدور على مفتاحه، قافل ومستنيكى تفتحيه
كانت الدموع تهبط دون أدنى إرادة منها، اقترب سراج يزيل دموعها بأنامله ثم صاح بخشونة ممازحا
- بتعيطي بردو، لا أنا عايز الباردة اللي بشوفها في الشغل
دائما قادرا على تحطيم تلك الفقاعة الوردية، لكزته صائحة بحنق
- اسكت بقى.

كانت تحاول الفكاك من حصاره، إلا إنه أعادها مرة أخرى إليه، كبل جسدها ليضع كل ثقله عليها حتى لا تفكر الفرار منه مرة اخرى، تسطحت على الأرض وهو جاثما فوقها، انفاسها تلفح صفحات وجهه، غمغم بصوت اثخن من العاطفة
- بتحبيني يا أسرار؟
هزت رأسها ايجابا حينما وجدت ثقلا في لسانها، تابع بإصرار قائلا
- عمرك ما هتسبينى، ولا اصحى في يوم ألاقيكى اختفيتي.

هزت رأسها نافية وهي تحتضن عيناه برقة، شعرت بنفسها تضيع وكل الحصون تنهار وترفع رايتها البيضاء ليغزو هو قلعتها آسرا مملكة القلعة التي نأت بنفسها عن الجميع، همس سراج بابتسامة شقية
- تمام كدا، نشوف موضوع العيال ده دلوقتي.

استقام مبتعدا عنها لتزفر براحة وحينما همت بالابتعاد، عاد التقاطها وهو يضعها على كتفه، هزت رأسها بيأس، لن يغير من عادته ذلك الرجل، انفجرت ضاحكة حينما دغدغ جسدها بأنامله، أدمعت عيناها وهي تطلب برجاء التوقف، توقف فعلا لكن لم يبتعد عنها بل كان يستجيب لنداء قلبه، ليفرح قلب زوجته.

ضحكات شقية وناعمة تصدر من فم شمس من مداعبات مارية، تقبلها بجنون وهي تعتذر لها على التقصير في حقها، كانت فرح تتابع وتنظر بعيون راكدة نحوهما، بعد الحادث الفظيع الذي ارتكبته في مطعمه وتأديبه الخاص الذي تعلم أنه ينتهى كعلاقة زوجية، رفعت عيناها تبتسم بشرود الى ابتسامة الصغيرة التي توزعها للجميع
تبدو مغرية جدا، ترغب في اقتطاف وجنتيها و تقبيلهما بجنون.

فريال تطلب منها التريث، وقاص يطلب منها الصبر طالما هو بدأ في الإستجابة، رغم بطئ الإستجابة لكن أفضل من لا شيء، لكنها لحوحة، لا تعلم الصبر
لأنها ترى أنهما شيئا واحدا، وجهتان لعملة واحدة، لكن هو يحب الظلام أكثر، يرحبه بحبور فاتحا ذراعيه
استفاقت من شرودها على الإحساس بأن هناك عينان تراقبها، تلك القبضة في صدرها تبعها رائحة عطره لتزفر بحرارة وهي تتنهد ترى اقتراب نضال من مارية اخذا صغيرته التي صاحت بمرح.

- بابا
نظرت الى الجمع الغفير من حولها، تراه يدلل الصغيرة دون أن يخفى تأثيرها عليه قائلا
- يا روح بابا انتى
شعرت بيد مارية موضوعة على كتفها، ابتسمت فرح وقالت بهدوء
- زى ما انتى شايفه، بقت بتحب تقعد معاه ولازقاله.

هزت مارية رأسها وهي تومئ بالإيجاب، ماهر على وشك فقدان صوابه إن علم أن نضال هنا في إحدى المولات التجارية، تتذكر انه وافق على مضض حينما اخبرته انها سترى ابنتها مع زوجته، غمغمت بحنق منها وهي ترى تشبث الصغيرة به
- بطلت تتكلم انجليزى
تنهدت فرح وهي تري الحنق والغيرة الطفولية لتقترب فرح قائلة بجدية.

- بصي، حياتك الجديدة متاخدكيش بعيد، شمس تبقي بنتك بردو، عايزة اهتمام من مامتها علشان في يوم تيجي تسأل عنها تلاقيها موجودة مش تلاقيها مهتمية بحياتها الجديدة وسيباها مع مرات ابوها
دهشت مارية من حديث فرح الجدى، من قالت أنها ستترك ابنتها، هي ستجعله في حضانته قبل أن تعود وتأخذها وليس هناك قانون هنا على وجه الأرض يمنعها لأخذ طفلتها، تمتمت بنفي
- انتي ليه بتقولي كدا، انا مش ممكن.

قاطعتها فرح بحدة، لا تريد أن تكون الطفلة الرائعة تلك مشتتة بين منزلين، تحمل كره لأحد من والديها وإن كانت كفة الأم هي المرجحة
- لأ هيكون غصب عنك، متسيبهاش يا مارية، خليها تبقي متعودة عليكى طول الوقت، علشان وقت ما تاخديها متبقاش حاسة انها وسط ناس غريبة
صاح نضال بضجر من حديث النساء الذي لن ينتهى
- انتوا هتفضلوا ترغوا كدا كتير
اقتربت مارية تهمس بحذر
- ماهر قال هيجي، وبيني وبينك مش طايقه.

انفجرت فرح ضاحكة بسخرية وهي ترفع عيناها الى عينيه المتفحصتين
- قال يعني التاني طايق حد
لن يكون هذا رائعا إن وجدها ماهر تجلس بأريحية مع طليقها، استقامت تأخذ فرح معها لتقول لنضال بجدية
- هاخد فرح في لفة كدا لحد لما ماهر يجي
عبس نضال وهو يشير بعينه نحو الحارس لاتباعهما قبل أن يقول ببرود
- والبنت؟
همست فرح بجفاء
- تشيلها يا بابا.

ثم استدارت مبتعدة عنه، خطواتها أشبه بالهرولة كى تهرب من الليث الحبيس في قفصه، اقتربت من مارية لتسأل بجبن
- هيموتني
نفت قائلة
- ابدا هيقتلك بس
حينما خرجتا من المصعد المزدحم الذي بسببه جعل الحارس يضل الطريق، شدت مارية جسد فرح المتخشب من أمام متجر النساء وقالت
- بصي بقي مفيش غيرك اللي هيساعدني اجيب هدوم العروسة
تمتمت فرح بذهول وهي تحاول أن تدارى خجلها من المعروضات التي يراها الرائح والغادى
- أنا؟

تأففت مارية، لا وقت لديها للذهول، تريد الانتهاء من مشترياتها قبل موعد الزفاف الذي اقترب أجله
- تعالي بس
دلفت فرح وهي ترى النساء تنظر الى الثياب الداخلية بكل هدوء، اقتربت مارية نحو قسم العروس، وقالت بهدوء
- يجننوا مش كدا
شهقت فرح بخجل وهي تري ما تشير إليه، ربااااه هل هذا ثوب، إنه فاضح للغاية لا يستر شيئا لا من الجزء العلوى أو السفلى، تمتمت بذهول
- هتجيبي دوول.

اقتربت من احدى المعروضات وقالت بابتسامة ناعمة، تتخيل رد فعله مع ذلك الثوب في ليلة زفافهما
- عجبوني جدا، ماهر بيحب اللون الأخضر جدا.

ابتعدت فرح من ذلك القسم الفاضح وساقيها تنظر نحو المعروضات ببهوت شديد، هل تلك ثياب إمرأة ترتديها أم غانية!، تساءلت بحنق شديد وهي لا ترى أى ثوب محترم كالتى يجلبها نضال، نعم هي فاضحة لكن ليست مثل ما رأته منذ قليل، جذبها اللون الأرجوانى من نوع الحرير، اقتربت تلمس الثوب الذي يصل نحو الكاحل بفتحة جانبية طويلة حتى الفخذ، تأملت ما بجوارهما لتسقط عيناها في ثوب رمادى ذو فتحة عنق واسعة وقصير يصل أسفل الفخذ بقليل، يبدو محترمين قليلا، شعرت بصوت مارية وهي تقول.

- ها اختارتى
تنحنحت فرح بحرج شديد وهي تتذكر أنها لم تجلب بطاقة نضال الإئتمانية التي اعطاها لها منذ أن تحول لزواجهما إلى زواج حقيقي، قالت
- انا مش عامله حسابى وال...
قاطعتها مارية بحزم شديد
- اتصلي بيه وقوليله هات فلوسك
نفت برأسها وقالت باعتراض
- لا طبعا.

كيف تخبره أنها تريد أموالا لثياب نوم، أشارت بيدها نحو احدى العاملات لتخبرها أنها اختارت القطعتين، وضعتها مارية في وضع حرج لتصبح أمام المدفع، همست مارية بصلابة شديدة
- انتى مراته، اتصلي بيه يلا، هروح اشوف الطقم اللي هناك ده
خرجت من المتجر وهي تنظر من بين أهدابها إلى الجميع، اصطدمت بدون وعى منها بجسد رجل، ابتعدت معتذرة منه وتلونت وجنتيها من الحرج
- اسف بجد مأخدتش بالى
أجاب الرجل بلطف شديد
- ولا يهمك.

ضيق الرجل عيناه وهو يرى ملامح تلك المرأة المذعورة، لا تبدو غريبة عليه، صاح بدهشة
- ثانية! مش انتي اللي شوفتك في الخطوبة بتاعت الكابتن ماهر السويسرى تقريبا
رفعت عيناها بحدة لتصطدم بعينى الرجل المتفحصتين، افترقت شفتيها بدهشة وهي تراه يقول بنبرة عملية مخرجا بطاقة عمله نحوها
- بصي ده كارت بتاعي، شكلك ممتاز جدا لحملتى الإعلانية اللى بتعرضها منتجات شركتى في مستحضرات التجميل.

من دهشتها تخشبت قليلا وهي ترى البطاقة المعروضة أمامه واسم شركته المشهورة لتعود رفع عينيها نحوه، همست ببلاهه
- انت متاكد؟
همس الرجل بلطف شديد
- متعرفيش كنت بدور عليكي إزاي يا انسه
- مدام يا روح أمك
صاح نضال بنبرة اجشة لتفزع ما إن استقرت عيناها على نضال، تسمرت مكانها واختنقت أنفاسها وهي ترى الجحيم المستعر في عينيه، شهقت طالبة الهواء لتتنفس بصعوبة هامسة اسمه ببهوت
- نضال.

وفي لمح البصر اقترب نضال يلكم الرجل الذي لم يتردد ليتصارعا كبدائيين، رأت الجمع المتجمهر واقتراب الحارس نحو الرجلين ليفصل بينهما بجسده الضخم، رغم ضخامة بنية الحارس إلا أن نضال عاد كالثور ينطح في صاحب الرقعة، اقتربت مارية منها وهي تأخذها في حضنها مبتعدة عن الجمع، وجهت نظرة أخيرة نحوه لتجد أن عيناه كالسوط تجلدها بلا رحمة، تخبرها أنها فتحت بوابة من بوابات الجحيم بيدها..!

ابتسمت فريال بسعادة وهي تخرج بصحبة وقاص من المشفى، طمئنتها الطبيبة أنه لا يوجد أى عائق للحمل، يا الهى كانت وقتها سقطت باكية في أحضان وقاص، وهي التي كانت تخشى أن أثار الماضى ستؤثر على مستقبلها؟!
حمدت الله كثيرا وهي تنظر نحو وقاص بنظرة عاشقة يتلقاها هو ويبادلها بنظرة خشنة، غمغم وقاص بهدوء حينما شق بسيارته زحام الطريق
- مرتاحه كدا
تمتمت بالحمد وقالت بسعادة
- جدا، هنمشي على كل حاجه قالتها الدكتور.

نكست رأسها أرضا وهي تجلى حلقها لتهمس بخفوت واضعة يديها على بطنها، منتظرة اليوم الذي ستحمل به طفلا من قرصانها
- انا كنت خايفة ان اللي حصلى يأثر عليا، بس الحمدلله اطمنت
اختلج عضلة في فك وقاص وغامت عيناه بجنون، حتى الان لم يخرج الجرذان من مكانه السري، حتى الان لم ينتهى منهما رغب أنه يعذبهما ببطء شديد، غمغم بنبرة قاسية شديدة
- تستاهلى كل خير يا فريال.

لكن فريال لم تنتبه إلى الذبذبات في صوته، ولا الشحنات السلبية التي تخرج من جسده، يداها تضعها على بطنها وهي تهمس بنعومة
- متتخيليش بحب الاطفال ازاى، حتى انا قررت أخصص جزء للبنات الصغيرة كده من ٤ سنين ل ٧ سنين
ثم رفعت رأسها لتمسك كفه المستريحة على فخذه، تمسك وقاص كفها بقوة وهي تضحك برقة
- متنساش ان ماهر المجنون قدم ميعاد الفرح، لازم اشوف ايه اللى ناقصهم.

صاح وقاص بحنق، بسبب ذلك المجنون لم يعد يستطيع الأنفراد بزوجته، كيف تطلب منه إنجاب أطفال وهو لا يستطيع الانفراد بها حتى!
- انا مش عارف مستعجل على ايه
تمتمت فريال بحلاوة
- مجنون وبيحبها وما صدق انها بادلت مشاعره.

تنهدت بحرارة، لم تصدق أنها ستعيش تجربة حب، ليست مثل الروايات الرومانسية أو ما صوره لها عقلها الساذج منذ مراهقتها، تعلمت أن تحب رجل تتمدح في رجولته التي لا تشوبها شائبة، حنانه الذي يغرقها به يجعلها تطمع في المزيد، كانت جائعة، جائعة للإهتمام ووجدتها عنده، لكن لم تتصور أن حنانه سيقدر أن يكبل به قلبها، يقيد قلبها له ويصبح ملكا له، همست باختناق
- كان يائس من حبها وكنا بنضحك عليه ونقوله مش هتعبرك بكلمة.

تحشرج صوتها وهي تزيل دمعة عالقة في أهدابها لتهتف بمرح
- شوف بقى، بقت تجري وراه في كل حته
رفع وقاص كفها وقبلها بهدوء قبل أن يعيدها إلى موضعها قائلا
- الاهم انها تقدر تعالج ده
صاحت بدهشة وهي تلقى كامل اهتمامها نحوه
- تعالج؟
أوما موافقا وعيناه لا تحيد عن الطريق ليقول
- طبعا تعالج كرامته، تحسسه انها مأخدتهوش علشان عايزه حبه، لأ علشان هي بتحبه.

خلعت فريال حزام الأمان واقتربت منه بمفاجأة لتجلس على فخذيه، اتسعت أعين وقاص وهو يرمقها بعتاب قبل أن يصطف بسيارته على جانب طريق هادئ، ابتسمت فريال بجذل وقالت بنعومة وهي تلف ذراعيها حول عنقه
- وانت يا قرصان شايف انا بديك ايه
صمت وقاص للحظات وهو ينظر الى عينيها اللتين تفجرت بهما عشقا، دقات قلبها يسمعه بوضوح شديد دون أن يحتاج أن يضع أصابعه على موضعها النابض، مال هامسا في أذنها بصوت خشن
- حب.

اتسعت ابتسامتها وهي تقترب بأنفاس لاهثة تهمس
- انا معرفتش حب غيرك، انت اول واخر حب في حياتي، انت علمتني حاجات كتيرة وحاجات استحقها كإنسانة، عاملتني كإنسانة يا وقاص بعد فترة حسيت انى اشبه بجماد بيبص وميقدرش يفتح بقه، وريتني ان الحب منتهاش، الحب مش مجرد انا بحبك وبس، كلام سهل على لسان أي حد يقوله، لا
دموعها حبيسة تزجرها على الخروج، لا تتخطى حاجز رمشيها، اشتمت رائحة عطره بجنون واسترسلت متابعة.

- لجأت ليك كشخص بيفرض حماية على اللي بيهمهم، لجأت وانا جعانة اهتمام، علشان اقدر ارمم كرامتي، انت هدية، هدية كبيرة اووي ربنا بعتهالى وانا ههحافظ عليها بأيديا وسنانى
عيناه تلمعان بوهج خطف انفاسها، عيناه تتفرس وجهها بجنون ليقترب منها مقبلا جبينها بعمق قائلا
- تعرفى، انتى كمان اكبر هدية ربنا بعتهالي، لولاكى مكنتش وصلت للي وصلتله، كنت عايز حد الاقى منه دعم في عز ما انا محبط وقلقان من نتيجة اختياراتى.

همست فريال بهدوء وهي تقف بجواره، تدعمه كما فعل معها، حتى أخرجها من ماضى كاد أن ينهى من حياتها، أمسكت كفه بدعم قائلة
- انت ماشي صح، متقلقش، مرة عن مرة هنلاقى استجابة
ابتسم وهو يهز رأسه موافقا، صمت كلاهما لتهمس فريال بنبرة ماكرة
- العيون دلوقتي هنسلطها على مين
أجاب وقاص بنبرة ساخرة
- هما فيه غيرهم رهف والباشا التانى.

هزت رأسها وهي تزداد تمسكا به، هو يستحق الأفضل دائما، وستبذل كل طاقتها لتخفف عنه الشعور بالذنب الذي يلازمه، قرصانها أفضل رجل رأته في حياتها بعد خالها، طبعت قبلة على وجنته وهي بدون كلام تعطيه الدعم بكل ما أتت من القوى، ستجمع شمل العائلة رغم عن أنف الجميع.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة