قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والثلاثون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والثلاثون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الرابع والثلاثون

منذ تلك الليلة المؤرقة وهي تعاني من السهاد بسببه، بذرة زرعها جعلها تفتح باب التساؤلات عن وقاص الغانم، تري من هو وقاص؟، ظلت تقطع حمام السباحة ذهابًا وإيابًا حتى انهكت ذراعيها، توقفت وهي تستند على جدار الحمام تلتقط انفاسها، تقر أنها غامرت بحياتها لكن هذا افضل بكثير من أن تظل مكتوفة اليدين، هي واثقة ان وقاص سيجلبه بطريقته الا نيرانها لن تنطفيء وهي تراه يعاني من ضرب الرجال، كان عليه ان يتذوق ما شعرته يومًا، طعم الإذلال والإهانة كان يجب أن يتذوقها.

رأته يخرج من شرفة مكتبه و يقترب نحوها تحديدًا، ابتسمت بخبث وهي تسارع نفسها بالخروج، لتقول بابتسامة ساحرة
- صباح الخير
ضيق عيناه وهو يرمق ثوب السباحة الأسود، اجل حلقه وهو يراها تقترب منه بإغواء مدروس، قطرات المياه تنهمر على جسدها بحميمية ليندفع الدم في أوردته، ابتسم وقال بصوت أجش وهو يسدل اهدابه يخفي تأثيرها الأنثوي عليه
- عجيب النشاط في الوقت ده.

مالت تقبل شفتيه وهي تزرع نفسًا زرعًا بين اضلعه، تُشكيه من هجره لغرفة نومهما ليتخذ المكتب مقر عمله ونومه، ابتل قميصه وبنطاله وهي تهمس بخبث في اذنه
- الماية تجنن
امسك ذراعيها بقوه وهو ينتزعها عنه بجمود
- فريال
كانت تنظر اليه ببراءة خادعة، عيونها البنية اللامعة تخفي داخلها مخطط شيطانى، جال بعينيه على صفحة وجهها، شعرها القصير ملتصق وجهها، شفتيها منفرجة ك دعوة صريحة للإقتراب، همس بحنق
- ايه خططك الجاية.

هزت رأسها نافية وقالت
- معنديش أى خطة، سلمت ايديا ليك وماشية مغمضة عينى
صمت لثوان قبل أن تقر باعتراف
- اسفه لو حسيت انى انانية فيك انت، غصب عنى يا وقاص ده شيء مش بأيدي ابدا
علمت أن ما قالته لم يؤثر به، ذلك الرجل صعب إرضاؤه، هي تغويه ليلا ونهارًا منذ هجره الغير معلوم انتهائه لكن اعصابه الجامدة تستفزها، زفرت بقلة حيلة وهي تهمس
- رهف عاملة ايه؟
غمغم بجمود
- شهر وهتفك الجبس، الدكتور طمنى.

عقدت جبينها وهي تلاحظ تملله في وقفته، صاحت قائلة
- واسرار؟ انا سمعت بدون ما اقصد مكالمتك ل نضال النهاردة الصبح
حدجها بنظرة مميتة جعلها تسدل أهدابها بحرج وهي تهمس باسمه بنبرة ناعمة، شديدة الإغراء
- وقاص
سحبها فجأة حتى اصبحت بين ذراعيه، كادت ان تنطق إلا أنه انفجر في وجهها صارخًا
- قصدك ايه بكلامك
نظرت اليه بعدم فهم، تود أن تستفسر وتستعلم عما يقصده، صاح بحنق شديد.

- خايفة على نفسك تكونى وقعتي بين ايدين لا ترحم
هزت رأسها نافية وهي تنظر الى العاصفة التي تسكن مقلتيه، ترددت وهي تهمس
- وقاص ارجوك، انت عارف سبب ارتباطنا منكرش اني منجذبة ليك بس اسمحلي اعرفك اكتر، اشوفك من ناحية تانية، عايزة اعرف وقاص غير الناس اللي شيفاه.

اغمض وقاص جفنيه وهو يحاول ان لا يتأثر بتوسلها، تلك المرأة كل يوم كانت تفقده صوابه وهي تتطلب وصاله منذ أن هجر فراشها، عيناها وحدهما تدعوه للتجرد عن تعقله، عبس وقاص وهو يفكر، علاقتهما كانت صريحة للغاية قبل بداية زواجهما إذا ما الذي تغير؟!
عشقها، أجاب قلبه وهو لا يعلم كيف استحوذت تلك المرأة على قلبه لتلك الفترة القصيرة، صاح ساخرًا
- وهتستفادي ايه، داوي جروحك يا فريال.

لمعت عيناها ببريق حازم، عقدت حاجبيها وهي تصيح بنبرة متسلطة
- اسمع، ايوا ومتبرقش عنيك، انا وانت واحد، قولتلك كل اسرارى واسوء ليالي مريت بيها دورك انك تقولي
وضع وقاص كفيه في جيب بنطاله وقال
- عايزة تعرفي ايه
اقتربت تلمس وجهه، حان وقتها تلك المرة لمداواة جروحه، همست بتثاقل
- فيه حاجة مخبيها عن الكل؟
تمنت أن يقول لا، تمنت بشدة إلا أنه حطمها وهو يرد ببرود
- فيه.

همت بالاستفسار، وداخلها يلتوي، الاسرار سميت اسرار لأن الانسان لا يستطيع أن يقولها لمن هم أقرب منه، اسرارها كنتها داخلها حتى ما عادت تتحمل ووجدته اول ملبي للسماع، استمعت الى صوته البارد
- ورايا شغل، هغير هدومى اللى اتبلت
عضت على شفتها بحنق وهي تدب على الأرض بقدمها قبل ان تسحب منشفة تجفف بها جسدها، انه يعاقبها بطريقته الجافئة تلك، تقسم أن هذا كثيرًا حتمًا، كثيرًا عليها وقاسي في عقابه.

استقامت شيراز من مقعدها ما إن رأت سراج اقتحم البيت بثورته الغاضبة، يكاد يلقى حممه البركانية في وجهها، ابتسمت بسخرية وهي تعلم ان غضبه بسبب هرب زوجته والله وحده يعلم اين هي ومع من تجلس الآن، صاحت بسخرية
- اهلا بابني
رفع سراج صورة امام وجهها وهو ينفجر صائحًا
- ايه ده.

تجمدت شيراز وهي ترى تلك الصور الخاصة ب اسرار، تلك الصور كانت الفيصل لحياة ابنها وتعرضه لنوبة قلبية، لكنها تخلصت من تلك الصور، تقسم انها فعلت، صاحت بإرتباك
- جبت الصور دى من فين.

شحب وجه سراج، لهذا تركته، لأنه سيكون بين نارين لا يستطيع الاختيار بينهما؟!، اراحته منذ عذابه ورحلت وظل هو لايام يحاول ان يقتفي اثرها ولكن تنتهي محاولاته بالفشل، أتاه بريد صباحي من مرسل مجهول، ما إن وقع بصره على الصور حتى غلت دماءه وهو يذهب الى والدته، والدته التي فاجئته إقرارها على ما فعلته..
صاح بنبرة مصدومة
- للدرجة دي شيفاها نكرة ملهاش قيمة عندك
عبس وجه شيراز لتقول
- سراج قفل على الموضوع ده.

مرر سراج يده على خصلات شعره، صاح بذهول
- مش مصدق، بجد مش مصدق معترفة و معندكيش أى ندم للي عملتيه
ابتسمت شيراز ببرود
- وأندم ليه، مجرد بنت ولا تسوى
انفجر في وجهها قائلاً بعنف
- امييييي
اجفلت الأم وهي تنظر إلى ابنها الذي حولته تلك الساحرة تحت طوع بنانها، اقترب سراج من شيراز وقال بحدة.

- كفاية، كفاية بقى، تقدري تقوليلي ايه الفرق بقي بينك وبين واحدة من الشارع زي ما بتوصفي الناس دي، شايفة الناس دي عالة على المجتمع ومفكرتيش حتى تساعديهم، والجمعيات الخيرية مجرد واجهة للطبقة القذرة دي؟!
نظرت اليه بوجوم، داخلها جامد لا يتأثر مقدار ذرة، لم تراعي تشتت سراج الذي هتف
- خلتيني ابقي متكتف بطريقة عمرى ما اتخيل انى اتحط فيها، من جهة انتي امى ومن جهة خليتى عرضى وشرفى في ايد أى نجس
قاطعته بجفاء.

- الصور كانت في ايدين ضياء مرحتش حتة تانية
تراقص الجنون في مقلتيه، ليقول بجمود
- أسرار لحد ما ارجعها مش هيكون ليكى أي تواصل معانا اطلاقا، الشركة هحط فلوس حلمي اللي سعيت ليها من لما سافرت واحاول ابدا فيه من اول وجديد بجانب حلمى، علاقتى معاكى مجرد شغل وتجارة وبس
مرحى بابنه الغانم، لقد قطع ابنها علاقته بها بسببها، تبدلت سحنة شيراز لتصرخ هادرة في وجهه
- سراج انت اتجننت انا امك.

همس سراج بأسف شديد وهو يتمنى الوصول لأسرار قبل فوات الأوان، يتمنى ذلك قبل أن يصبح مجنونًا بسببها
- للاسف مش انتى واتمنى انك ترجعى قبل مايفوت الاوان.

كان يتحدث مع المرأة التي من المفترض أن يخطبها، جميلة، فاتنة، ذكية وعاطفية ايضًا، يدرس ملامحها وعيناها اللتان تخفي بهما سرًا وهي دائمًا تتحاشى النظر لعينيه، تلك المرأة غريبة يعترف بذلك، تبدو وكانها تخفي سرًا كما يخفى هو وقد اضمره في قلبه.
جاءت رسالة على هاتفه، فتحها وهو يقرأها بعبوس شديد عندما علم المرسل ما هي سوى، مارية
- ماهر انا في مصر قررت هنتحر، من بلكونة بيتى
انتفض من مقعده وصاح صارخًا.

- بنت المجنونة
انتفضت وجد خطيبته لتهمس بارتباك
- فيه حاجه يا ماهر؟
سب مارية التي فاجأته بوجودها، بل عودتها لمصر، تمتم بارتباك شديد وهو يغمغم باعتذار
- لازم اعمل حاجه بسرعة، بعتذر بجد
لم يستمع الى ما قالته وجد، بل انطلق يلحق بتلك المجنونة قبل أن تفعل شيئًا لا يحمد عقابه..

وصل الى بيتها وهو يحمد ربه انه وصل بإعجوبه، دس المفتاح في عقب الباب وهو يدخل الشقة، مفتاح الشقة من ضمن الأشياء التي ما زال يحتفظ بها حتى الآن ولا يعلم متى سيتخلص منها، بحث عنها في كل غرفة بيأس، توجه نحو الشرفة ليجفل جسده وهو يراها تجلس على السور الحديدي، تلعب بساقيها في الهواء، غمغم بصراخ
-بتعملى ايه يا مجنونة
التفتت اليه وقد اشتاقت لملامحه السمراء الحبيبة، همست بنعومة شديدة
- هنتحر
ما بها مارية.

عيناها تغيرت
تنظر إليه وكأنها...!
هز رأسه نافيًا كفاه اوهامًا، اقترب منها وهو يقول بصوت أجش
- اعقلي وبلاش جنان، انزلى
همست بعذاب شديد
- ليه اخترت واحدة غيرى
غمغم بحدة وهو يرى افلتت يد لتعدل من خصلات شعرها الثائرة بفعل الهواء
- مارية انزلى
نفت برأسها وهي تسترسل بنبرة معذبة
- اخترت واحدة غيري ليه وانت ليا.

وضع ماهر كفيه في جيب بنطاله، محافظًا على مسافة آمان بينهما، هذا افضل له ولها، لا يضمن نفسه ماذا سيفعل ان اصبحت في قبضة يده
جال بعينيه رغمًا عنه متفحصًا شحوب وجهها، شفتيها الشاحبتين، الا تلك اللمعة في عيناها ك لمعة عينا ذئب حصل على طريدته، سخر من التشبيه وهو يقول
- مارية نتكلم لما تنزلى
نفت مرة أخرى وهي تصيح بلا مبالاة تنظر الى الأسفل بوجوم
- طالما انت مش عايزنى، جيت هنا ليه.

صرخ ماهر في وجهها وهو يمنع نفسه من دك عنقها
- انزلى
الهواء عنيف تلك المرة، اختل توازنها وهي كانت على وشك السقوط الا ان ذراع حامية احتضنت خصرها بقوة وسحبتها الى صدر عضلى، همست بألم من قوة ارتطامها بجسده
- اااه
حافظ ماهر بصعوبة على توازن كلاهما، وهو لا يكاد يصدق انه تحرك مسرعًا لإنقاذها بدلا من سقوطها من الطابق الثامن، اقترب منها يسألها باهتمام
- انتى كويسة؟

هزت رأسها وهي تنظر الى عينيه، تشبع عيناها من القلق الذي التمع في عينيه، لتهبط عيناها سريعًا الى صدره الذي يعلو ويهبط بسرعة مجنونة، همست بعذاب
- هي حلوة؟
افلت ماهر يداه وهو يفيق من تلك الغيمة، استقام واقفًا وهو يهمس بحدة
- مارية
إلا أن مارية لم تتركه، امسكت ذراعه وقالت بجنون
- اخترتها شقراء زيى؟ عيونها زيى؟
انفجر في وجهها قائلاً
- بطلي جنان.

ما زالت تفكر بأنانية، تريده فقط حاجه للتملك، كبريائها يأن لانه اختار امراة بدلا عنها، استمع الى نبرتها المختنقة
- انا رجعت علشان ارجع حياتي من اول وجديد وامشى اول خطوة بدون مساعدة حد، كل ده وفي الاخر اكتشف انك بعتني
تألقت عيناه بشرر جنوني، انفجر في وجهها بعنف.

- مارية بطلي انانية، من اول مرة شوفتك وانتي لابسة شعار الشركة وتريقتي على كلامك اللي كان معظمه انجليش لان انا اعجبت بيكي من اول، اخدت طريق الصداقة في امل الحب
تيبس جسدها وهي تنظر إليه عيناه، هو يتألم بشدة، اقتربت منه تلمس ذراعه
- ماهر
ابتعد عنها وهو يسترسل بجمود.

- فترة بعدت وجيت لقيتك مبهورة بواحد، غصب عني بعدت عنك و مهتمتش بمين هوا ومكنتش متوقع انك لسه منحذبة للى حذرتك منه، بس لما لقيتك منهارة وسافرتي لأمريكا، غصب عنى جيتلك عشان اساعدك
وضعت كفيها على وجهه، اغرورقت عيناها هامسة
- سيبت مستقبلك ليه يا ماهر، صعب انك تضحى بحاجة بعد ما عافرت ووصلتلها
ابتسامة شاحبة زينت ثغره وهو يقول
- ما انا عافرت وموصلتش.

سكاكين انغرست في قلبها، اختنقت أنفاسها وهي تقترب منه، تدس جسدها بين ذراعيه، هسمت بعذاب
- ماهر انا ندمانة، والله ندمانة بجد، الموضوع محتاج شوية وقت منى عشان اقدر اعرف مين انا، اعرف ارتب اولوياتى وانت من اول اولوياتى يا ماهر
رفع ماهر عيناه الى عينيها النادمة، رغم عنه لمس شعرها الأشقر، شعرها هو أول ما لفت اليه، كان ثائرا ومفعمًا بالحياة، تذكر خطيبته ليزيح جسدها عنه قائلاً.

- كلام جميل، اشكرك على مشاعرك دي
همست بذهول
- ماهر
غمغم ماهر بصلابة
- عايزاني اصدقك؟، قوليلي لما كل شوية الاقيكي مبهورة بالزفت التاني ده عايزني اصدقك وانتى من يوم وليلة اكتشفتي اني مهم عندك
عضت مارية على شفتها السفلى، هو مجروح منها، مجروح وهي ستحاول ان تطيب جرحه، تمتمت بصدق.

- كنت حطاك في خانة انا معرفش ايه مسماها، حاولت احطك في خانة الصداقة لكن اللي عملته معايا عمره ما يكون صداقة ابدا، واجهت مشاعري وملقتش غيره خانة الحبيب هي اللي تليق بيك
كاد أن يجيب الا ان رنين هاتفه تصاعد لتغلق مارية عيناها ما ان استمعت إلى اسم خطيبته، شيء كالعلقم تبلعه بصعوبة لتراه يغلق الهاتف، نظرة عيناه غامضة بعض الشيء
تمتم بأسف
- مضطر امشي واضح ان فيه مشكلة
صاحت تقاطعه
- مش مصدقني.

لم يجيب، اغتاظت منه، لتنفجر صائحة بحدة
- لو كملت موضوع خطوبتك ده هعملك فضيحة
لم يتأثر بما قالته ولم يلتفت اليها، زمت شفتيها بحنق وهي تعقد العزم على تدمير تلك الخطبة الفاشلة.

كان يسب ويزفر بحنق وهو يستند بذراعيه على حائط الحمام ناكسًا برأسه للأسفل، المياه تنهمر على رأسه وهو يتذكر تلك الباردة، الوقحة بعثت له رسالة بعد اسبوع واحد فقط من غيابها.

تمنيت طفلاً، لأعطيه كل ما يريده، اعطيه قلبي و ابذل كل جهدي كى لا يشعر بالنقص والعجز، كنت قادرة على ان اكون والدته، شقيقته، جدته، ثم أصبح ابنته حينما يصبح شابًا يافعًا، يعوضني الكثير ما لم اشعر به، يسقينى حنانًا لم اتذوقه من أقرب المقربين لى، لكن كل ذلك ذهب في مهب الرياح، لم اصدق انانية الجميع وانا اتكفل بتلبية رغباتهم، وكأن ما طلبته كثير جدًا.

سبها بقوة، تلك الجاحدة عرض عليها الأطفال، رفضت وتناولت تلك الحبوب اللعينة، تهدجت انفاسه وهو يغمغم بقسوة
- بكل بجاحة تسيبني وتمشي
تلك الباردة، الجاحدة، ناكرة الجميل، تغضن جبينه وهو يهمس بنبرة متثاقلة
- ارجعى يا أسرار.

يعلم فقط مكانها وس يعيد تربيتها تلك من اول وجديد، لن يمرر هروبها من فراشه بل ولن يمرر تلك الليلة التي ظن انها بداية جديدة لكلاهما، تعترف بحبها له منذ أيام مراهقتها، وهي تلومه، بالله كيف تلومه وهو لم يراها سوى منذ أن عقد خطبتها على أخيها، تلك العينان البارداين كيف لم يراهمًا قبلاً، كيف لم يشعر بوجودها وهي كانت تلاحقه في كل مكان؟! عاد محدثًا نفسه.

هو كان مهتمًا فقط بمظاهر النساء ومفاتنهن، ليجدهن بالاخير أنهن فارغات العقل، محدودات الفكر، متذمرات بطريقة مقززة.
التمعت عيناه بتصميم، أسرار ستعود الى بيته، ستملأ ذلك الفراغ الذي لا يستغيثه، سيعلمها أبجديات مختلفة للحياة، سيصبح لها ما تتمنى لكنها لن تنفلت ابدًا من عقابه.

حان وقت المواجهة
النزال الأخير لكلاهما
ابتسم نضال وهو يدخل لغرفة مكتبه، قائلاً بسخرية
- باشا مصر، الصراحة كنت متوقع تقعد مع المدام شويتين
عاجله وقاص بلكمه في وجهه، ولكمة أخرى سددها في بطنه، ليمسك نضال ذراعه وهو يجد ذراع وقاص تسدد لكمة في جانب وجهه الآخر، صاح وقاص بنبرة مميتة
- واضح انى غلطت لما فكرت اديك فرصة
ابتسم نضال وقال
- كتر خيرك يا باشا، انا مش محتاجها.

امسكه وقاص من تلابيبه وهو يكاد يجن، ذلك الاحمق يتركه ينفس عن غضبه، سدد لكمة قوية وهو يهدر في وجهه
- اسرار فين؟، انت الوحيد اللى عارف بتفكر ازاي
عقد نضال جبينه بحنق، بالكاد يحافظ على بروده كي لا تنقلب تلك الغرفة الى مصارعة حرة، حك ذقنه وهو يتألم من قبضة أخيه الخشنة ليسمعه يقول بحنق
- تقدر تقولي ايه علاقتك بعزيز
اذا هو يشعر بجرح عميق كما يشعر هو، ذلك الجرح الذي لم يندمل بعد.

النسيان واللامبالاة، التقليل من شأنه، جرح كبريائه وإهانة كرامته، كل ذلك عانه ولم يلتفت إليه أحد
ابتسم وهو يقول بلا مبالاة
- طرقنا مختلفة يا وقاص باشا لكن سبيلنا واحد، زي ما انت عايز تنتقم من ماجد لانه السبب في إدمان رهف انا بنتقم من اللي اكبر منه
عقد وقاص جبينه وهو يدفعه بإزدراء، غمغم بتهكم
- عايز توصل لزعيم المافيا بطريقك ده.

يا ليته يستطيع، ياليته حتى يسحق من يدمر عقول الشباب، عقد جبينه وهو يفكر لما ف مراهقته الطائشة لما لم ينجذب الى ذلك الطريق رغم العروض الوفيرة التي تلقاها، ليبتسم بجذل وهو يتذكر ما إن جرب لفافة تبغ من صديق سوء لتكشفه أسرار، وقد قررت مخاصمته لمدة أسبوع حتى اخبرها عن توقفه، لكن ايام الجامعة عاد اليها، رغم عنه كان يحتاج لشيء كى ينفس بها عن غضبه، لم يحظى على رفاهية كأخيه كى يذهب الى نادي رياضي، لذلك اختار العمل في ورشة كى يسدد مصاريف جامعته.

زفر بحرارة وهو يشعر بالفخر كلما تذكر ماضيه، فخر لانه الان اصبح واحدًا منهم، صاحب رأس مال وعمل، غمغم بمشاكسة
- الصراحة اطلاقا، لكن بما اننى اكتشفت ان فيه علاقة تجمعه بالمدام قولت اشوف
امسكه وقاص من تلابيب قميصه، ينظر إليه بجنون قائلاً
- وبأي حق
ضيق نضال عيناه وأجاب
- صلة اخوة مش معترف بيها مثلا
صمت وقاص وارتخت قبضة يده، يحاول التعرف عليه، يحاول التعرف على تفكير ذلك المجنون، صاح بغلظة
- انت مصنوع من ايه؟

ابتسم نضال وهو يقول بمرارة
- من صنع ايديكم، لما تسيب زرعة من غير سقاية ولا اهتمام تتوقع انها هتطلع ايه في الاخر
ضغط وقاص بكف يده حول عنق نضال الذي ينظر إليه بلا مبالاة، تمتم وقاص بشراسة وعيناه بهما جنونًا آخر
- ابعد عن حياتى يا نضال، شيل كل جواسيسك من الشركة انا عارف انك جبت رجل أحمد من جواسيسك
ابتسم نضال فأجاب ببساطة
- ما انت زارع جواسيس في شركتى وأقرب الموظفين ليا ومقولتش لا.

ابعد يده عن عنقه وهو يقول ببساطة
- كنت مراقب من بعيد لكل واحد فيكم، صعب اغير العادة دي
استرسل في الحديث وهو يضع يديه في جيب بنطاله
- بالنسبة لطريقتي في العلاج صدقني هي اصعب طريقة لكن نتيجتها فعالة
أي ما يفعله، ف نضال يؤذي من حوله، صاح بلهجة صارمة
- محرم عليك تكون هنا، للاسف مقدرش اعدي اللى عملته في مراتى
هز نضال رأسه بلا مبالاة ليعقد جبينه وهو يقول بنبرة شرسة
- وماله، لكن رهف برا حساباتنا.

دار على عقبيه للمغادرة لكن استوقفه وجود زوجته التي تتابع الحديث بقلق، ابتسم نضال قائلا بسخرية
- أهلاً يا مدام، ابقي خلي الباشا يقولك على ايام شقاوته وخصوصا صابرين
غادر وفريال تنظر إلى سير نضال المتعجرف مغادرًا المنزل، التفت إلى وقاص لتجده يتقدم نحوها وعيناه بهما شررًا ناريًا
شهقت بفزع ما أن أمسك ذراعيها بغلظة، يغرس أنامله في لحم ذراعها اللينة، تألمت وهي تهمس بضعف
- وقاص
انفجر في وجهها صارخًا.

- ايه اللي منزلك هنا
بهت وجهها وهي تنظر الى عينيه، رغمًا عنها لكن في جوفها شعلة نار من إسم انثى جعلت عينا وقاص تشتعل كالجحيم، تلعثمت وهي تقول
- صوتك كان عالي يا وقاص ف اتخضيت وجيت.

ضيق عيناه بجنون وهو ينظر الى مئزرها الأسود الداكن الذي يصل حتى كاحليها، تلك الوقحة، كيف هبطت إلى هنا، بل كيف وقفت امام اخيه بهذا الشكل؟، كان يقسم في داخله إن رفع نضال عينيه الوقحة نحوها سيقلع عيناه من محجريهما، نظر إلى جيدها الغض ل يزدرد ريقه بتوتر ويرتفع غضبه وهو يتذكر انها هبطت إلى هنا بذلك المئزر الداكن، استمع الى نبرة فريال المتسائلة
- مين صابرين؟

لم يرد، تأججت النيران في داخلها وهي تمسك وجهه تنظر إلى عيناه لتنفجر في وجهه صائحة
- وقاص قولي مين صابرين
ابتسم وقاص
تريد الصغيرة نبش ما يخفيه
أجاب ببرود
- مراتى.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة