قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخمسون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخمسون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخمسون

توقفت جيهان وهي تنظر نحو فريال المندمجة مع الفتيات المراهقات لتعليمهم، هزت جيهان رأسها وهي تلوك العلكة في فمها، فريال مختلفة
يبدو ان العشق غيرها
تنهدت جيهان بحرارة، ألن يأتي ذلك المدعو برفيق الروح
يأتي احد وينتزع حب وسيم من قلبها، تقسم انها لن تكابر ولن ترفض
يأتي فقط وحينما تتأكد من حبه ستسلمه مقاليدها
اتخذت مقعدًا وهي تنكس رأسها ارضًا.

خللت بأناملها خصلات شعرها وهي تزفر بيأس، شعرت بظل أحدهم يغطي الرؤية، عبست وهي ترفع عينيها لترى فريال واقفة امامها عاقدة ساعديها على صدرها تلهث من فرط التمرينات الشاقة مع الفتيات، ابتسمت جيهان وقالت
- عاش يا كوتش
ابتسمت بإقتضاب ونبرة جادة قالت
- مش فاضية لهزارك يا جيهان
استقامت جيهان من مقعدها وهي تقول باهتمام، فريال ليست في مزاج يسمح بالمزاح
- فيه ايه؟

عضت فريال على شفتيها، اللعنة وقاص يضرب كل شيء في عرض الحائط، لأول مرة تراه يتهور، لكنه يخبرها انه تأخر في القيام بتلك المبادرة، ومنذ متى اجتماع العائلة يضع تحت مسمى مبادرة!
غمغمت بحنق
- وقاص جايب العيلة اخر الاسبوع
- طب جميل ايه المشكلة
ابتسمت ساخرة
- وجه دعوة لنضال وكلنا خايفين تحصل مصيبة
ضيقت جيهان عيناها، أخبار الصحافة عن عائلة الغانم لا تنتهى.

بداية من الابن الضال نضال الذي يعتبر أكبر زير نساء في مصر، ولا تنسى ان تضيف ذلك الاشقر جارها
تستمر الشائعات متحدثه أنه يقيم علاقات عابرة رغم خسارته لقضيه حضانة ابنته، لكن المثير للاهتمام أنه احتفظ بابنته وكلا ذلك بموافقة الأم بالنهاية، والعمود الثاني والاهم
أسرار الغانم، الملقبة بوحش المناقصات
يقولون عنها إمرأة جادة، عملية، تصل لحد البرود، لكن في عملها تصل للشراسة وهي تلتقط الكنز من افواه اعدائها..

وطبعا بهارات الصحف، علاقتها الشائكة مع حماتها بل وزواجها الثاني من شقيق زوجها الراحل وسحب أسهمها عن مؤسسة الحسيني لتتعرض للكثير من الخسائر..

قابلت السيدة شيراز في يوم ما في تلك احدى الحفلات، المرأة من طراز عتيق وعقلية رجعية لا تعبأ سوى بالمال، ما زالت تلاحقها الصحف حتى الآن بعد خسارتها منصب إدارة الجمعية، بل وطردها منه وخسارتها للكثير من العلاقات بالسيدات من المجتمع المخملى، حتى أصبحت منبوذة بالمعنى الحرفى
حتمًا تلك العائلة دائمًا تثير اهتمامها، يتصدرون الصحف في الفضائح أو نجاح صفقاتهم، صاحت جيهان
- وهو ايه اللى هيخليه يرفض.

زمت فريال شفتيها وقالت بسخرية
- قلة ادب منه
صاحت جيهان فجأة
- بقولك ايه، شادية مش عجبانى من اول ما قابلت اللي اسمه لؤي ده
رمشت فريال أهدابها عدة مرات
- لؤي، لؤي المالكي قريب وجد!
هزت جيهان رأسها، اللعنة لم تخبرها شادية بأى من تلك الاشياء
اللعنة هل ستصبح مرة اخرى قربانًا!
تمتمت بعصبية وهي تتوسط خصرها بيد والأخرى تمرر على خصلات شعرها
- اومال عاصي فين
ردت ببرود
- موجود، كلام في سرك شكلها ناوية على كارثة.

زفرت فريال بحدة وقالت
- مش هتكرر نفس الغلط تاني، الا لو غبية
شخرت جيهان بسخرية لتغمغم بحدة
- انتي اول مرة تشهدي بذكائها
التفت فريال إلى الفتيات وهي تخبرهم انها ستتأخر لمدة خمس دقائق لتعود تتامل ملامح ابنة خالها، لا تبدو بخير، اقتربت منها وقالت باهتمام
- سيبك منها، انتي ايه حياتك
تمتمت جيهان بلا مبالاة
- قررت ارجع اصبغ شعرى
لكزتها على مرفقها مما جعلها تصدر انين مؤلم، صاحت فريال بحدة طفيفة.

- مش ده، بحكي على ابن الجيران
تغضنت ملامح جيهان للحنق لتقول
- متفكرنيش بيه، عيل خنيق
رمقت فريال ثيابها الباهظة الثمن، لسانها هذا لا يمت لأصلها الراقى، غمغمت بأسف
- خسارة اللبس اللى لابساه
شاكستها بمرح
- بتقري عليا علشان عندى sponsor
وضعت جيهان نظارتها السوداء القاتمة على عينيها لتقول بنبرة جادة
- انا همشي الحق اشوف ترتيبات الفرح، شادية بتشد في شعرها وجدول أعمالها اتبهدل بسبب الولهان
صاحت بدهشة.

- ليه، مش فاضل تلات شهور
نفت قائلة بسخرية
- ميمي مستعجل، استني مكالمة منه يقولك الفرح بكرا
انفلتت ضحكة ناعمة لتقول
- قري عليه، هو ناقص اصلا
ودعتها بالقبلات الحارة لتقول
- يا عم ربنا يسهل حاله، لو بعد التعب ده مجبليش عريس من زمايله هنكد عليه ليلة فرحه
هزت فريال رأسها بيأس وهي تشيعها بنظراتها حتى غابت عن انظارها، تنهدت بعمق وهي تفكر كيف س يسير اجتماع العائلة.

بدأ سراج يزيد من معاقبته، لسانه لا يخاطب لسانها سوى في الطعام او مستلزمات البيت وعملها، فقط لا أكثر، لا تعلم لما طلبت نصيحة أم سعيد وهي تخبرها عن مشكلة صديقتها المزعومة، تعانى مشاكل من حماتها، لم تتطرق لتفاصيل الموضوع، اكتفت التكلم بسطحية، توقفت يدا ام سعيد عن العمل حتى انتهت أسرار من سرد مبسط عن معاناة كنة من يد حماتها، غمغمت ام سعيد قائلة
- والله يا بنتي المشكلة دى ماليها حل غير حاجة واحدة.

أعطت اسرار جل اهتمامها وقالت
- حل ايه؟
اطمأنت ام سعيد على تسوية المحشي لتلتفت اليها قائلة بهدوء
- اللي جوزها عمله كتر خيره، فيه ناس كتير بتتجوز في بيوت عيلة وبنسمع بلاوي منها والراجل مش بيقدر يبعد عن امه، جوزها اللي عمله من الاول كتر خيره انه بعدهم عن بعض.

زفرت أسرار بيأس، وهي تنشف يدها بالمنشفة لترميها على طاولة باهمال، ضيقت عينا ام سعيد باهتمام، لن تكون فضولية أكثر من ذلك، تشعر ان أسرار بها شيئا خاطئًا وكادت ان تسألها ان كان هناك أي مشاكل مع زوجها الا انها منعت نفسها في الدخول إلى مشاكل زوجين، ليس معني ان سراج يعتبرها بمثابة والدته ويهتم بها ووثق بها وائتمنها على زوجته أن تكون فضولية بطريقة جشعة، اقتربت من أسرار وربتت على كتفها قائلة.

- صعب على الام أو الزوجة تقول اختار واحدة فينا، كأنك بتقولى للراجل اختار بين نارين
زمت شفتيها بحنق لترد بحدة طفيفة
- هي مقالتش انها تسيب امه، هي عايزة تتطمن
قاطعتها ام سعيد
- الله طب ما هو زى ما قولتى مش بيأذى الطرفين مخلى كل كفة موزونة، لا مقاطع امه علشان صلة الرحم ولا مطلع عين مراته، مش مخليها معززة مكرمة في بيته؟!
سألت السؤال الاخير بنبرة ذات مغزى، لتعود ملامح أسرار للوجوم، هزت رأسها قائلة
- ايوا.

سحبت المقعد بجوار المقعد الاخر، اجلستها على المقعد وجلست هي الأخرى، زفرت بعمق قبل ان تقول بهدوء
- بصي انا عارفة ان اللي ايده في الماية مش زى اللي ايده في النار، انا اسمع عن مشاكل بين الحماة والكنة تشيب الراس عشان كدا زي ما هو بيحاول يساعد مراته هي كمان تساعده وتخلى الدنيا ماشية، الراجل لما بيحس بعجز وأن محاولاته مش بتجيب نتيجة مش هيعمل حاجه بعد كدا، الدنيا هتبوظ ومتجيش الست تقول انه ضيعنى.

تمتمت بيأس
- يعني انتي شايفة كده
هزت ام سعيد رأسها وقالت
- ايوا شايفة كدا، جوزها وباقى عليها وبيحاول على قدر امكانه ان يسعد مراته وامه فين المشكلة في كدا؟!
كادت أن ترد عليها الا ان صوت ساخر علق ببرود
- قوليلها تبطل هبل وتركز في جوزها علشان مضيعهوش بغباءها والنبى قوليلها يا ام سعيد، خليها تهدي صحبتها
رفعت عيناها وهي ترى ملامحه المتجهمة، همست بنبرة باردة
- سراج، انت جيت امتى
وضع كفيه في جيب بنطاله وقال.

- من فترة، عملتى المحشي الكوسة يا ام سعيد
هزت ام سعيد رأسها وهي تختار الانسحاب من مجلس الزوجان
- معمول واستوى على النار، الحق بقى انا امشى علشان متأخرش على العيال
هز سراج رأسه موافقًا وقال
- العربية مستنياكى تحت علشان توصلك للبيت
ابتسمت ام سعيد بامتنان وهي تربت على كتفه قائلة
- ربنا يكرمك يا ابنى، ويفرحك ويرزقك بالذرية الصالحة ان شاء الله.

تمتم دعاءها وأسرار التي اغمضت جفنيها ترغب ان يلبى دعاء ام سعيد، لثواني تحاول ان تكبح دموعها المهددة بالانهيار
الحل الوحيد أمامها ان تكون متصالحة مع نفسها، أن تعطي بعض التقدير ل سراج، انفاس لاهثة خشنة لفحتها لتفتح عيناها وهي تنظر إلى عينيه، همست ببرود
- خير
تمتم بنبرة ذات مغزى
- جعاااان
ابتسمت بجفاء وهي تستقيم من مقعدها قائلة
- ثواني بس احضر الاكل.

اجفلت ما ان امسك معصمها وشدها اليه، لف جسدها وقربه منه بالتصاق حميمي، دلك جسدها المتشنج وهي ترفع حاجبها لتهمس
- ايه فيه
غمغم بنبرة حارة، جعل جسدها يرتجف والقشعريرة التي دبت في جسدها جعلها تخفض رأسها ارضًا متحاشية النظر اليه
- بقولك جعان
صاحت ببرود
- سراج انت عارف ان الحاجات دى وقتها بليل
عبس وهو يرفع رأسها اليه وقال
- مين اللى قال كدا
- مش ده وقتها الطبيعى
قبل جبينها ثم غمغم بنبرة خشنة.

- انا غير، نشوف موضوع المحشى ده ل بليل
رأي التردد في عينيها واعتراضها الواهن، احكم حصاره وهو يداعب عنقها بانامله ليهمس
- انسي كل حاجه تمام، شوفيني بعيونك العاشقة
ازداد قربا وهو يرى عينيها المستميلة إليه بضعف، جليده ينصهر فقط بقربه، هذا ما يريده، أن تكون جبلا شامخًا لا تهزه أى ريح لكن في لحظة عاطفتها
مدمرة
تغرقه معها
حاوط وجنتيها بكفى يديه ليقول
- عهد منى انى عمرى ما هسيبك، انتي الروح يا أسرار.

انفرج شفتيها وهي تنظر اليه، متسعة الحدقتين، رباااه لقد قالها، نبض قلبها بعنف، انه يعطي كل مقدرته للمحافظة على تلك العلاقة، ماذا عنها هي!
سألها بجدية وهو يداعب بابهامه عنقها
- انتى هتفرطي في اللي بينا؟
هزت رأسها نافية ليهمس بحزم
- قوليها
أجلت حلقها وهي تهمس بصوت متحشرج
- لا مش هفرط
يلزمها بكلمتها
كما تلزمه بالعهد، هي تفعل بالمثل
احمال ثقيلة ستحمل على كتف كلا منهما، والجبان هو من سيتراجع بعدها.

غمغم سراج بنبرة رخيمة
- وعد ان احنا نبدأ بصفحة جديدة نرمي الماضي اللي مش هيزيد إلا في جرحنا وبس ومش هيقدم في حياتنا، واي حاجه مضيقاكى نحكي عنها منرميش كلام ملوش لازمة
هزت رأسها بإيجاب وهي تحدق في عينيه المحملة بعواطف اجشة، خشنة مثله
همهمت بنبرة ناعمة
- وعد
لصق جبينه على جبينها وهو ما زال يهدد مقاومتها الهشة امامه
بنبرته الهادئة، تحمل أثر أقوى بكثير من النبرة المتسلطة.

يغير من استراتيجيته، ويزداد يوما عن يوم في القوة
وهي تقف امامه ساكنة للحظات كي تستوعب التغيرات التي طرأت عليه، غمغم بخشونة
- اخدت منك عهد على كدا يا اسرار
مال يلثم عنقها بحرارة شديدة مما جعلها تغمض جفنيها ويديها تتشبث قميصه بقوة، ارهفت أذناها السمع نحو رنين الباب، يداه تجرأت اكثر وهي تمتد نحو قميصها والأخرى تتجه نحو سحاب تنورتها، همست
- سر، اااج، الباب.

توقفت يدا سراج عن عملها وهو يدفن وجهه في عنقها، يلتقط انفاسه الهادرة، محاولا التحكم في مشاعره، غمغم بحنق وهو يبتعد عنها مرغمًا لرؤية الطارق
- هو يوم مش فايت من اوله
عدلت اطأسرار من ملابسها وأخذت تعيد ترتيب خصلات شعرها لتلحقه وهي تسمعه يتحدث بحنق حتى فتح باب المنزل، اجفل سراج من رؤية الطارق امامه، همس بتعجب
- بابا.

نظر عثمان إلى تجعد ثياب ابنه ثم إلى عينيه المحتقنتين، لفت نظره ما خلف ظهره، كانت زوجته تقف مبتعدة تسمع الحوار الدائر بينهما
صاح عثمان بغلظة
- مش بترد على تليفونك ليه
انتبه سراج وتدارك ان والده لن يأتي هنا إلا لأمر جلل، انتسل الهاتف من جيب بنطاله ليرى أن شحنه فرغ، غمغم بنبرة لا مبالية
- فاصل شحن فيه ايه
ألقي نظرة نحو أسرار ليقول
- ومراتك مش بترد ليه
صاح سراج بجمود
- ممكن تقولى ايه اللى حصل.

عيناه مثبته على أسرار
يتفصحها بهدوء شديد وهو يرى القلق يعترى وجهها، صاح بلهجة جامدة وعيناه تواجه عينا أسرار
- شيراز في المستشفى.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة