قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والخمسون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والخمسون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والخمسون

كانت مبتعدة عن سراج وحماها، عيناها تحدق في الجميع ببرود.
ملامحها الباردة علامة تنبيه خطرة
لا إقتراب، ولا إلقاء نظرة عابرة، وإلا ستواجه بمفردك غضب المارد.
تدق بكعب حذائها على الأرضية الرخامية، وتمسد عنقها بإرهاق، كلما تخطو مع سراج خطوة للإمام تعود عشر خطوات للخلف.
هي لا تشمت بمرض شيراز، تبحث عن دواخلها إذا شعرت بالظفر والنصر، أى شيء يخبرها أنها أخذت ثأرها منها..
أخذت حقها، نعم
تشعر بالسعادة، لا.

تشعر بالشفقة، لا تعلم
أغمضت جفنيها وهي تعض شفتها السفلى بتوتر، هي لم ترغب أن تصل شيراز لحافة الجنون، اخبرها حماها انها تعرضت لصدمة عصبية إثر طردها من المجتمع المخملى الذي أغلق أبوابه في وجهها، لم يقترب منها أحدًا واصدقاءها اللاتى من نفس فصيلتها نبذوها، فركت جبينها وهي تخفض رأسها ارضًا، بعض الذنب طفق في ضميرها.

لا لم ترغب أن تؤذيها جسديا، الطبيب لا يبشر بحالتها إطلاقا وخصوصا انها تفتعل الجنون والعنف، لم تصدق أن تلك شيراز، صدمتها جعلها تهرب من غرفتها وتتخذت ركنًا منزوي بعيدًا عنهما، أجلت حلقها وطعم كالعلقم تبتلعه بمرارة شديدة.

هل سيتركها سراج؟، سأل قلبها المتيم بحبه منذ المراهقة، قلبها الذي مات منذ أن قررت أن تمزقه اربا بيديها، لكن سراج عاد وداوي ما هو له، دواها وأهتم بها، بل أرعاها وظل يدللها وكأنها ابنة له وليست مجرد زوجة.

لم تحظى على معاملة كتلك قى زواجها الأول، انفلتت شهقة خافتة وهي تجلس بأنهيار على أقرب مقعد، انهار العالم من حولها وهي تعقد مقارنة سخيفة، عن ماذا قدمه لها وماذا قدمت له، ماذا قدمت فيىزواجها السابق وزواجها الحالي.
زواجها السابق كانت تعطى، تعطى بكل سذاجة آملة أن يمنح لها حبًا، ولم تحصل على شيء في المقابل، تمسكت بقوة كى لا تنفجر باكية، أهذا الندم ما تشعر به الآن؟

هي ألد أعدائها لا تتمنى لها ما حدث، شعرت بظل رجل يحجب عنها الضوء، غمغمة ساخرة انطلقت من فم تعلمه جيدًا
- اعتقد ان حقك رجعلك
رفعت رأسها بحدة، عيناها الجليدية تلمعان بوميض شرس، كشرت عن أنيابها وهي ترد بحدة
- عايز تقولي انى السبب في حالتها
ألقى عثمان نحوها نظرة ساخرة قبل أن يرد بجمود
- وتنكري يا أسرار
انطلقت ضحكات ساخرة، مريرة وهي تحاول أن تلمم شتات نفسها، الصدمة ما زالت قوية في النفس، وأثرها لم يبرأ بعد.

الثأر الذي حققته لم تتذوق نصره، لم تستمع به، زفرت بحدة وهي ترد بجمود
- لا، لا يا عثمان باشا، مراتك مستحملتش الخسارة وعظمتها انها بتفعص الناس ولا كأنهم حشرة، ونسيت ان مصيرها هتبقى حشرة علشان الناس تدوس عليها برجليها
بصقت آخر جملتها بتقزز، وهي تستقيم من مجلسها قائلة بجمود
- مش جاية اشمت بيها، بس ناس كتير ارتاحت انهم اتخلصوا من شرها.

تنهد عثمان بأسى، حتى هو رغم أنه لم يوافق شيراز على بعض ما فعلته، إلا أنها تظل زوجته، وهي تحتاجه الآن حينما أدار العالم ظهره، غمغم بندم
- رغم انى مكنتش حابب ادخل ما بينكم بس منكرش انها زودتها
لوت شفتيها بسخرية ولم تعقب على حديثه، كان عثمان في عالم آخر، هذا نصيب شيراز، هذا ما صنعته بيديها، غمغم بنبرة باردة
- هتاخد فترة في العلاج زي ما قال الدكتور وواضح انها هتحتاج مصحة.

ثم تحولت نبرته الى الجدية ليصيح بلهجة صارمة
- الساحة فضيت، خليكى مهتمية بجوزك، ارموا صفحة الماضى، لو لسه عندك ذرة حقد وانتقام احب اقولك انفصلى دلوقتى عن سراج
عبست أسرار وهي تري التحذير من عينيه، بهما غضبًا دفينًا، الملك قد عاد لساحة المعركة بعد موت وزيرته، حينما لم يجد عثمان منها ردًا مجرد اشمئزاز واحتقار ينطلى من عينيها، استرسل في الحديث قائلاً.

- ايوا، سراج عايز اللي يدعمه دلوقتي بكل حنية وقوة، مش محتاج طعنة في الظهر ان اللي بيهتم بيه هو اللى بيطعنه
عقدت ساعديها على صدرها، مهما بلغت قوة الخصم إلا أنها أقوى وإن كانت إمرأة، لم تعد الآن تلك الخائفة أو المذعورة، تستطيع أن تسحق من يقترب منها بقدميها.
- تقصد ايه بكلامك ده
صاحت بها بجفاء ليرد عليها عثمان بجفاء
- ارمي حقدك، اللي عوزتيه حصل
وبنفس النبرة التحذيرية، الغضب سكن ملامحه وهو يقول.

- معنديش غير ابن فاضلى، مش عايز اخسره ما بين صراع اتنين ستات
رفع أصبع السبابة في وجهها وهو يصرخ بعلو صوته
- هسيبك مع سراج واهتم بمراتى، بس اقسملك بالله وعمري ما بقولها لو انتقامك وصل لابني هقطع أي علاقة ما بينا وهتشوفى وش مش هيعجبك منى، اتقي شر الحليم اذا غضب.

أدارت بوجهها عنه وهي تقلب عيناها بملل، عادت تحط عيناها فر عينيه، الصقيع استحال نارًا، لا تبقى ولا تذر، تحرق وتأكل كل شيء ولا تتركه شيء يبقى على قيد الحياة
صاحت بغضب هادر
- جاي تهددني دلوقتي، اقدر اعرف فينك كنت وانا بتمرمط حرفيا تحت رجليها، ها موقفتهاش ليه ولا علشان مليش سند مش مشكلة تستحمل المرمطة والعذاب ما هي بردو ملهاش أهل يسألوا عنها، ولا ايه رأيك.

اقتربت منه خطوة، تستفزه، يقول أن تتقي شر الحليم، سخرت بتهكم، هذا ما يفعله مجرد كلمات واهية، غمغمت بجمود
- انا مش غبية عشان اخسر حد زى سراج، وانا اللي بحذرك، سراج ده حلمى انا، لما لقيته اتحقق بين ايدي فاكرنى هفرط فيه
تعلن ملكيتها عليه بكل صراحة، لا تخشى أن تصرخ بها أمام الجميع بعشقها اليتيم.

- انا بقولك اهو، انت عارف انا ممكن اعمل، لو حاولت تاخد بتار مراتك منى وتخلينى اخسر سراج، انت متعرفنيش كويس أسرار الغانم محدش بياخد منها اللي بتملكه الا لو حكم على نفسه الموت
توقعت أن يصرخ، أن ينفجر، أن تتبدل سحنة وجهه إلى الغضب إلا ان شفتيه تتسع بابتسامة هادئة، غمغم بهدوء
- ده اللي عايزه، حافظي عليه ويا ريت اسمع خبر حفيد قريب
ضم كفيه في جيب بنطاله واسترسل بهدوء وهو يرى اتساع عيناها بعدم تصديق.

- الدكتور قال انها هتطول في العلاج، لحد الان عايشه على الماضي هيضطر يحطوها في المصحة ويبذلوا جهد تتقبل الحاضر عشان العلاج ينجح تيبس جسد أسرار، ترمش أهدابها عدة مرات، هل تلك طريقته ليستفزها، تخرج ماردها الكاسر، حتى يقوم بترويضها، استمعت اليه يتحدث لشخص آخر
- اهتم انت بمراتك، انا هفضل مع شيراز ولو طلبت حاجه منك ابقي وتنفذها.

دارت على عقبيها لتتفاجئ من نظرة سراج الغامضة، وقفته المتكاسلة يبدو وكأنه شاهد على ما حدث بينها وبين حماها، نظرت بعينيها إلى الأبن والأب بنظرة تحاول فك الشفرات التي يتحدثون بها بلغة العين، الإ ان عثمان تقدم منها هامسًا بصوت تسمعه هي بمفردها
- دي فرصتك يا أسرار الغانم.

عضت فرح على شفتيها بتوتر
ما الذي فعلته هي
رباااه كانت تشعر أنها على وشك أن تزهق روحها
نظراته أصبحت تتربصها، تتربص أى حركة منها، أى فعل ستقدم عليه، بللت طرف شفتيها وهي تهمس بصوت خافت ويدها الاخري تداعب بها شمس التي تبرطم بكلمات انجليزية
- فريال بطلي جنان، انت متعرفيش انا مرعوبة ازاي وانا بغير شخصيتي قدامه، اقسم بالله بحس انه عايز يخنقني
اغمضت عيناها حينما استمعت إلى صراخ فريال الهادر.

- بطلي انتي الجنان ده، لو مش متقبل شخصيتك الجديدة يبقي مش مستاهلك، وبعدين اهو فيه دليل أنه متقبل التغير علشانكم انتو الاتنين
سحقت شفتها السفلى وهي تتذكر فعلتها، لقد تجرأت عليه، تجرأت وتعد الخطوط الحمراء
تجاوزت حدود لا يحق لها أن تتجاوزه
تخشي ردة فعله
تكاد تموت رعبًا وقلقًا
همست بخوف
- نضال ساكت، سكوته مش مطمنى اطلاقا
لوت فريال شفتيها بملل ثم قالت
- متنسيش تيجي الاجتماع.

نفت هامسه بهدوء وحذر وهي تهدأ من ضحكات شمس كي تنصت الإستماع إلى فريال
- مش هنسي
صمتت فريال للحظات قبل أن تصيح بجفاء
- متلحيش عليه، ده اللي بحاول افهمهولك، لطالما بيستجيب اصبرى عليه مينفجرش فيكى
أغلقت المكالمة لتضع الهاتف جانبًا، هل هي تراها أنها تدفعه بتهور؟، نضال لا يصح معه سوى ذلك، أن تقوده لحافة الجنون كي يستسلم السلطان العظيم، انتبهت على همس الصغيرة الناعم
- ب بابا.

أدارت بوجهها إليه وعيناها الجاحظتان تتفرس كل انش في وجهه، رفرفت بأهدابها عدة مرات وهي تراه يبتسم بمكر وعيناه الذهبية تلمعان بوهج سلب لبها
خطى نضال بتمهل حتى اقترب من شمس، اغمضت فرح عيناها ولفتها رائحته المزلزلة لكيانها، يداه تمسكت بالصغيرة بحزم وحنو وهو يلثم جبهتها بنعومة هامسًا
- شمس الغانم، لا شمس نضال.

فركت فرح يداها، غير معقول أن يكون بذلك البرود المتلف لأعصابها، يطمئنها فقط إذا استمعت كى تأخذ احتياطها وتعد جيشها في حالة الطوارئ، احتضن نضال صغيرته بحنو بالغ ليهمس ببرود
- بتكلمي مين؟
ردت ببرود
- صاحبتى
رفع نضال حاجبه بشك، ضاقت عيناه أكثر وهو يقول بغموض
- اصحابك كتروا
عقدت ساعديها على صدرها واجابت
- على اساس انا مثلا مقضياها خروجات
غمغم بجفاء ونبرة ذات مغزى
- قال يعني انا منعتك.

اشاحت بوجهها بعيدة عنه، وهي تزفر بحنق، تدب بقدمها على الأرضية بعصبيه مبالغة جعل نضال يبتسم بهدوء، وضع نضال شمس في مهدها، لكن الصغيرة ما زالت تناديه ب بابا، مال يقبل جبينها بعمق شديد وفرح تنظر اليها بألم
تشعر بالحرقة والألم، يعطى دفئه فقط لصغيرته، هي تشعر بالغبطة فقط، غمغم نضال بهدوء مقاطعًا شردوها
- تعالى نخرج
رمشت بأهدابها عدة مرات وصاحت ببلاهة
- نخرج!
اومأ موافقًا وهو يقول بنبرة جادة.

- عشر دقايق والاقيكى جاهزة متطوليش
تخشب جسدها وعيناها متسعة ببلاهة، فمها مفتوح وعقلها لا يصدق، الفرحة التي دبت في أوردتها والسعادة التي كنفتها وئدتها في مهدها، لا لن تضع أمال هشة تتحطم من أقل ريح، ستسير في طريقه وتتمنى ألا يخذلها تلك المرة!
.
مستمتع بالعرض الذي تقدمه
بل أحب تلك الشعلة الثائرة في روحها
روحها ما زالت مشتعلة.

يراقب يديها اللتان تفركهما بتوتر، عيناها تدور حول المطعم الشاغر سواهما ونادلين، ابتسامة ساخرة شقت ثغره ليقول بجمود
- بتترعشي كدا ليه
قبضت أناملها بقوة على حقيبتها، هنا بدأت معاناتها
كانت تعمل نادلة في مطعم الفندق، الله يشهد أن المطعم كان أكثر رقيًا حتى رواده لم يحاولون التحرش بها، أو هو من وضعها فر بؤرة خاصة!

تلهث بقوة واستحال وجهها للشحوب الشديد، لقد تذكرت مرة حينما كانت تعمل نادلة، كانت هناك إمرأة شقراء صارخة الجمال تتدلل عليه، لم تكن واحدة بل أكثر من واحدة، لكن بالنسبة لها مجرد وجه واحد وإن إختلفت درجة شقرة الشعر، عضت شفتها السفلى وهي تقول
- اول مرة نطلع من غير مناسبة
مال مقتربا منها ممكسًا بيدها المرتعشة في قبضة يده ليقول
- ومين قالك انه من غير مناسبة.

تحركت أنامله بخبث وروية تلعب على طول كفها واناملها، يصنع دوائر وهمية على باطن كفها ثم تتركز سبابته على النبض في رسغها، قشعريرة دبت في أطراف جسدها و اشتعل وجهها خجلاً وتأثرًا لتسمعه يقول
- النهاردة عدي سبع سنين من بداية المجد اللى وصلتله، عافرت كتير علشان اوصل لمكانى هنا.

نظرت فرح الى ثيابها الغير ملائمة لتلك المناسبة بضيق، لما لم يخبرها عن سبب خروجهما، توقعت أن تكون مناسبة خروجهما جلب مد بعض المشتريات لشمس الصغيرة التي ترعاها الأم المربية في المنزل، ثم أى احتفال يقيمه في الظهر، نظرت إلى ثوبها المكون من بنطال وبلوزه قطنيه صيفيه أفضل خيار كان متاح لها في ساعة الظهيرة، توقف نضال عن عبث يديها وقال
- خدي راحتك انا مفضي المكان لينا.

تنحنحت بحرج، مظهرها مزرى للغاية إن وضعت نفسها في مقارنة مع الشقراوات، كانت ملابسهن خليعة حسنًا نقطة لصالحهن، الان الجو حار وهي تكره المستحضرات التجميل واكتفت فقط بوضع واقى للشمس وملمع شفاه، شعرها عقدته حتى تشعر بحرية أكبر، والآن يطلب منها أن تشعر بحرية، هي تشعر بالحرية فعلاً، ابتسمت بسخرية
- كنت قولتي طيب كنت غيرت ولبست حاجة مناسبة.

لوي نضال شفتيه وهو يكاد يمنع نفسه من الضحك، كان يعد الدقائق حتى خرجت إليه ببلوزة صيفية وبنطال من النوع الجينز، شعرها الفوضوي كان يضعها في صورة المرأة المتحررة، إمرأة تكسر قواعد الطبقة المخملية، لأن المرأة في جميع تحركاتها يجب أن تكون مرتدية ثياب انيقة، عنقها محلي بمجوهرات باهظة الثمن، لسانها حلو لدرجة الإصابة بالملل.
هز كتفيه وأجاب بنعومة
- أى حاجة بتليق عليكى.

اشاحت بوجهها بعيدة عنه، تخفى تأثير تلك الكلمات لقلبها المتيم بحبه، عضت على شفتها السفلى وهي تفكر كم مرة تغزل بإمرأة، كم إمرأة صاحبها إلى هنا قبل أن تعمل تحت يديه
صاحت بهدوء
- هي شمس مش ممكن متعرفش تتأقلم وهي لوحدها
هز رأسه بلا مبالاة وقال
-اتعودت على المربية كانت بتراعيها من وقت غيابك عن البيت ودلوقتى مش بتيجي الا في اوقات خاصة.

لفت انتباهها نادلة تتقدم نحوهما وهي تضع الطلب على طاولتهما، عبست بوجوم وعى تتفحص النادلة، المرأة جميلة بل خسارة أن تكون نادلة في المطعم مكانها مخصص أن تكون تحت الأضواء، هل قصدها؟ أن يقابل الحسناوات يوميًا حتى في عمله!
ابتسمت النادلة ابتسامة حلوة على شفتيها لتغادر بهدوء وعينا فرح تتفرس عينا نضال اللتان اهتما بوجبته، صاحت بجفاء
- كنت مكانها في يوم هنا فاكر.

ترك نضال معلقته ورفع عيناه ليرى الغضب يسكنهما، استرسلت بحدة طفيفة
- جيت هنا واشتغلت عندك مجرد جرسونة، ومكنتش متخيلة بعد فترة من الشغل الاقيك عارض عليا الجواز العرفى
زفر نضال بحدة وهو يعلم أن أخطأ في جلبها معه، أصبحت مشاغبة، مشاغبة لدرجة يشتهى معاقبة لسانها السليط وإخماد ما تبقى من شعلة متأججة في صدرها، غمغم بضيق
- انتو الستات كده دايما بتحبوا أى حاجة حلوة تنكدوا عليها
استقامت من المقعد بحدة قائلة.

- شوفلك ست ببقىتستحملك
صاح بصرامة شديدة واسودت عيناه قتامة من الغضب، لم تتجرأ امرأة قط على فعلها ابدًا، لم يسمح لإمرأة أن تغادر طاولته دون أن تكون مشبعة بتخمة من عاطفته
- اقعدي انتى اتجننتى
كشر عن أنيابه بوحشية و ملامحه الوسيمة تحولت لوجه مخيف بث الرعب في قلبها، غمغم بحدة
- في بيتنا بعديها، اقسملك يا فرح حركة من حركاتك دي واحنا برا مش هرحمك.

ابتسامة مرتجفة ألقتها في وجهه، تقسم أنها ستموت، بل سيحطم جسدها، لكن لتري أين ستصل كامل جرأتها التي أصبحت معتادة عليه وتستأنسه، شهقت بألم ما أن شعرت بأصابع غليظة تلف معصمها، أدراها في مقابلته لتجفل فرح من اقترابها الخطير منه، انفرجت شفتاها وهي تتلوي بألم لتهمس
- سيب ايدي
زاد ضغط أنامله بقسوة، لتتأوه فرح متألمة بعذاب، ترقرقت دمعات من عينيها لتهمس بحدة طفيفة
- بقولك سيب إيدى.

أنفاسه الثائرة تلهب بشرتها، حاولت أن تتملص وتتهرب منه إلا انه يشدها بكل قسوة أليه، شهقت متألمة تلك المرة و همست برجاء
- نضال من فضلك
حطت عيناها على عينيه وقالت بهمس خافت
- رايحة التواليت
تركها نضال وصاح بلهجة غاضبة ألا تتأخر، هي بالحقيقة هرولت مندفعة الى الحمام المخصص للسيدات، أوصدت الباب خلفها وهي تقترب من المرآة متفحصة وجهها.

اندفعت فجأة تثور بحدة وهي تركل سلة المهملات بقوة ليسقط فارغًا دون وجود أى محتوى داخله، إزداد غضبًا أضعافًا، تلك المرة انتهى بها الأمر، بلغ الصبر منتهاه، صرخت بجنون
- الحيوااان، فرحان انه جايبني هنا، الحيوان بيجبنى في نفس مكان عشيقاته.

اندفعت تفتح صنبور المياه بحدة لتجفل من انكساره وخروج المياه ك نافورة ليبلل ثوبها، ابتعدت بسرعة وهي تنظر الى قميصها الذي تبلل بأكمله وبداية بنطالها لتنفجر باكية بضعف واهن وهي تسقط على الأرضية بجوار الباب
- مش وقتك انتى كمان
أرخت رأسها على الحائط وأنين بكاءها يعلو ليتلوه شهقات ملكومة، سمعت طرق باب الحمام لتسمع إمرأة تقول بنبرة عملية
- مدام فرح فيه مشكلة.

زمجرت بوحشية شديدة ارعبتها هي أولا قبل أن ترعب المرأة
- اطلعي برا مش عايزة اشوف حد
ما الذي صنعته، نظرت الى كفى يديها، هي لم تكن هكذا، لم تكن من النوع الثائر الفاقد للأعصاب، لكن لا تنكر أن في داخل كل إنسان جانب غاضب، ثائر بنسب متفاوتة من شخص لآخر. نضال هو ما يزيد من سخطها وغضبها، هو المهلك لأعصابها وما يدفعها للتهور، أفاقت على نبرات صوته الغاضبة
- فرح.

النداء الأول لم ترد، ضم قبضة يده وهو ينظر إلى النادلة التي بجواره تراقب بهلع فقدان سيطرة رب عملها وكل ذلك بسبب زوجته البائسة، أرهف أذنيه ليسمع صوت جريان المياه، المجنونة هل كسرت صنابير مياه الجديدة التي من المفترض أن تعامل بحساسية؟! صاح هادرًا برعب جاعلاً المرأة التي بجواره يسقط قلبها بين قدميها
- فرح افتحي الباب، بطلي جنانك ده
عض على شفته وهو حتى الآن لم يجد ردًا منها، حمقاء وغبية، صاح بنفاذ صبر.

- افتحى الباب يا اما هجيب حد يفتح الباب
حينها استمع إلى شهقتها المرتفعة ثم صوتها الباكى
- نضال لا
مرر أنامله بحدة على خصلات شعره ثم قال
- فيه ايه
جاءه الرد بصوت مرتجف
- فيه حد جنبك
ركل الباب بعصبية وقال بإنفجار
- فرااح
تمتمت بتوسل ناعم
- نضال ارجوك مش هينفع يكون حد معاك
صرف النادلة بنظرة من عينيه حتى ما عاد أحدا سواهما، صاح بخشونة
- انجزى
همست فرح بتأتأة وخجل
- انا، انا
انفجر يقول بحدة
- بتاعت كل شهر جت ولا ايه.

شهقت فرح ثم توردت وجنتيها من الحرج والخجل لتهمس بعتاب
-نضال بطل قلة أدب
يحاول أن يحافظ على الهدوء، كي يخرج بأقل الخسائر، غمغم بجمود
- انا فاكر انه مش ميعاده، اجيبلك
اتسعت عينا فرح بدهشة وهي تسمعه يتحدث هذا الحديث المخجل بكل وقاحة، سحقت شفتها السفلى وهي تغمغم بعتاب
- نضال ارجوك
- افتحي الباب علشان مكسرهوش على دماغك
فتحت الباب ببطء وهي تخرج برأسها فقط هامسه
- الهدوم اتبلت.

اقتحم نضال الحمام وهو يراقب الاوضاع في الداخل، القي نظرة على ملابسها المبتلة ثم إلى الصنبور الذي كسرته تلك الغبية، اقترب منها معنفًا لتزداد التصاقًا على الحائط بخوف
- انتي مجنونة ها، وانا فاكر فيه مصيبة جوا
كتفت ذراعيها وقالت بحرج
- جسمي هيبان يا نضال
تنفس بهدر وهو يرى تلك الكارثة الأكبر، عيناه تمسح جسدها متأملاً فتنتها، عبث بشعره ثم قال
- انا عارف ان اليوم مش هيعدى على خير.

انفجرت فرح في البكاء الحاد ليحك نضال مؤخرة عنقه قائلا بحدة
- بتعيطي على ايه دلوقتي
أجابت بين شهقاتها وهر تغطي وجهها بكفيها
- علشان بوظت اليوم.

خلع نضال سترته واقترب منها ليلبسها إياه، توقفت فرح عن البكاء وأجفلت بشدة من إقترابه بل وضم جسدها بسترته الباهظة، اغلق نضال أزرار سترته ثم ابتعد ليقيم الوضع، حسنًا يبدو أفضل، إلا أنه عبس حينما ظهر فتحة السترة عند منطقة الصدر وهذا جعله بلا تردد يفك ربطة شعرها ليفرد خصلات بشعرها ويغكى منكقة الصدر ورغم ضيقه من رؤية أحد بشعرها وهيئتها الفوضوية، لكن يستطيع ان يجلب لها ثياب على مقاسها خلال دقائق، زفر بحدة وقال.

- عندي حاجة مهمة هعملها، هتلبسي ده لحد ما اخلي حد يجيبلك حاجه تلبسيها
همست بتردد
- هتطول؟
غمغم ببرود
- شوية
وهل يوجد غيرها؟!، أسرار ابنه عمه، لولا فرحتها بما فعله معها إلا أنه استطاع أن يمحي ما حدث ببساطة، هو غير مكترث بها، يهرع لمقابلة تلك ويتركها هي لتقابل المجهول، زمت شفتيها وصاحت بحدة
- طيب رجعني على البيت حالا
غمغم بحدة وفقدان صبر
- فرح
صاحت بتصميم
- رجعني على البيت فورا
اعترض بجفاء
- استنى لما اجيبلك..

قاطعته بتصلب، كلا لن تجعل أحد يبخس من حقها وتتعرض للمزات من الجميع، إن كانت ستغادر هكذا أرحم بكثير من أن تظل هنا لدقيقة واحدة
- فورًا يا نضال، مش هقعد في المكان دقيقة
تفحص هيئتها بعدم رضى ليقول بحنق
- بمنظرك ده
صاحت بتهور
- اعمل عرض اغراء للرجالة اللي برا واللي يسوي وميسواش يتفرجوا عليا، مش ده اللى خلاك تتجوزني، عشان جسمى مش كدا.

ابتسم نضال بوحشية وهو يسحب معصمها اليه لتتسع عيناها، منتظرة خطوته القادمة، صفعة، إهانة، صراخ، أو حتى تهكم، جرها خلفه بتهور وهو يقول بجمود
- هنرجع البيت ونشوف موضوع عرض الأغراء ده.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة