قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الختامي الثاني

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الختامي الثاني

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الختامي الثاني

زفرت شادية براحة وقد انتهي العذاب حينما رأت تعبها وكدها خرج بصورة تخطف الأنفاس، جميع الضيوف سينبهروا بلمساتها الملوكية، لتزيدها فخامة فوق فخامة الفندق..
وبالذكر عن أمر الفندق بدلا من حديقة منزلهما، فالتغيير حدث خلال عشر أيام فقط حينما شعرت أنه يفضل أن تكون المراسم داخل الأبواب، تشكر وقاص كونه ساعدها على حجز قاعة في أفخم سلاسل الفنادق التابعة لهم.

ابتسامة ناعمة زينت وجهها ولمعت عيناها بفخر وهي ترى الأشياء تم ترتيبها كما في مخيلتها، زفاف شقيقها يجب أن يحكي ويتحاكي عليه ولا يكرر مرتين، لكن!، ما بعد لكن يجب أن يعكر صفو ذهنها.
إقتراب عاصي المستفز والمتوتر لإعصابها، جعلها تلتفت نحوه بحدة قائلة
- مش لازم تلزق فيا جامد
راقب عاصي غضبها بإستمتاع لكن البسمة لم تصل لشفتيه، وئدها سريعا وهو يقول بصوت أجش
- اوامر الباشا يا استاذة شادية.

زفرت بحنق، وهي تشيح بيدها قائلة
- نفسي اخلص منك
عدل عاصي ياقة قميصه الأسود ثم نفض من سترته السوداء ليقول
- انتي اللي جبتيني.

نظرت إلى ساعة يدها وهي تري أن ما زال لديها وقت كافي لمشاجرة ذلك المثير للأعصاب، نظرت بتقييم انثوي إلى حلته السوداء الرسمية، يبدو وسيما، لن تنكر، خشونته ورجولته لن تنكرها ابدًا، تتمنى فقط عدم وجود ساذجات يعكرن صفوها إذا كان هذا الرجل رجلها المستقبلي، أو تطلب إحداهن رقمه أو توصيه عليه أو، إلخ
هراءات كثيرة وفضائح أكثر تحدث في تلك المناسبات، تمتمت من بين أسنانها
- انا مطلبتش منك أنك تيجي.

نظرة واحدة شملها عاصي لشادية وهو يرى فستانها الأخضر البراق الذي بالكاد يصل حافته أسفل ركبتيها، يحمد ربه أنها غطت ظهرها العاري بخصلات شعرها وجعلته ك ستار، لون شفتيها المصبوغ بالأحمر كان من ضمن الاشياء التي تقيس متي تحمله، أشاح بعينه مبتعدًا ليقول بصوت أجش وهو يحاول وئد تلك التحركات الغريبة في جسده
- طلبتي
- مطلبتش.

مطت شفتيها ليجعل عاصي يلعن نفسه ويلعن اليوم الذي وافق على تلك الوظيفة و المتسبب في ذلك، مرر بكف يده على وجهه وهو يحاول التجلد بالصبر، يحاول أن يصمد جيوش معربدة كي لا يحبسها في غرفة ويمنع الجميع من النظر إليها، حمائيته الشديدة تجعله غالبا في وضع منفر!
صاح بهدوء بعد أن أعاد شتات عقله
- عينك طلبتني، وانا دايما مستجيب لنداء العيون
رفعت شادية حاجبيها وقالت باستنكار
- هو انت اتعودت عليا.

اقتربت منه ليحبس أنفاسه وهو يشم عبير عطرها المسكر يتخلل أنفه، صاحت بجمود
- اتعودت عليا لدرجة عنيك هفقعها في يوم ولسانك هقصهولك
نظر وقيم قدها وتجهم وجهه للحظات مما جعل شادية تتذبذب وهي تدرك أنها تخطت حدودها معه، زفرت بحنق وصاحت
- بتبص على ايه
تمتم بنبرة هادئة
- بشوف بجسمك ده هيجيله كام كسر وتركيب شرايح من ضربتين مني
اتسعت عيناها ذهولا وقبضت بأناملها على راحة يدها بجنون لتقول وهي تجز على أسنانها.

- متستفزنيش يا عاصي
- يا شباب
صاحت بها فريال بمرح شديد وهي تري الثنائي المشاكس أمامها، زادت من التشبث بذراع قرصانها وهي تنظر إليه بعشق جارف، هو عوضها عن الحياة، هو اختزل كل الرجال في العالم ليصبح ملك يدها فقط.
احمرت وجنتي شادية بحرج حينما أخذت تجول بعينيها حول المكان لتجد أن الضيوف قد بدأوا بالمجيء، تنحنحت قائلة وهي تري فريال المتشبثة بذراع زوجها ثم رهف التي تبدو اليوم متألقة بقوة
- اهلا فريال اتفضلي.

وجهت شادية نظرة شكر وامتنان نحو وقاص الذي هز رأسه، لتهمس شادية نحو رهف
- ازيك يا رهف، بقالك فترة مختفية
غمغمت رهف بهدوء وجملة مختصرة
- هرجع للدراسة
تمتمت شادية بإعجاب
- طب شيء ممتاز جدا
قالت فريال بنبرة ذات مغزى وهي تري تملل رهف في وقفتها وعيناها الباحثة عن شخص محدد
- الشامي موجود؟
احمرت وجنتي رهف بشدة وهي تسدل أهدابها حينما سمعت إجابة شادية اللامبالية
- موجود وبيشرف على الأكل.

حدج وقاص نحو فريال بنظرة نارية قابلتها بغمزة وقبلة عابثة في الهواء، لتلتفت نحو شادية متسائلة
- جيجي فين؟
قوصت شفتيها وهي تنظر نحو الوقت ثم قالت
- تلاقيها مع العروسة فوق
استأذن وقاص مغادرًا لبعض من الوقت ليجري مكالمة وحدج فريال بنظرة ذات مغزى لكنها رفرفت بأهدابها ببراءة شديدة جعلت ابتسامة طفيفة تزين شفتيه، جذبت شادية بعيدًا عن عاصي الواقف بثبات دون أن يظهر أي ملل على وجهه وهمست
- اقدر اعرف ايه بينكم.

تجهمت ملامح شادية وصاحت بعبوش شديد
- ابدا كنت بخطط اقتله ازاي
انفجرت فريال ضاحكة بتألق
- شكلك هتقعي يا شادية، زي ما وقعت رهف
تجمدت ملامح شادية ثم همست بجمود
- انا مش غبية عشان اعيد اللي حصلي
تراقصت فريال بحاجبيها وقالت بعدم اقتناع
- اتمني كدا.

مررت بعينها في القاعة تُري أين قرصانها؟، ما إن تقابلت عيونهم حتى اختلج قلبها وابتسامتها تتسع تدريجيًا حتى انتبهت لشادية الواقفة بتجهم، تنحنحت بحرج وقالت نحو رهف الساكنة بجوارها
- رهف هطلع فوق للعروسة، تيجي معايا
سارعت شادية قائلة
- خليها معايا
غادرت فريال صاعدة إلى جناح العروس، تمتمت شادية بلا مبالاة
- لو بتدوري عليه، روحيله أظن هيتبسط انك جتيله.

ظلت رهف لدقيقتين تصارع نفسها وشوقها المستميت لنزار، غلبها شوقها في تلك المرة لتسير بإستحياء متجهة نحو نزار، هزت شادية رأسها يائسة وهي تلتفت إلى عملها، وسؤال ينهش روحها، هل سيأتي يوم ستجد فيه حبًا مثل شقيقها وفريال؟!

أغمضت مارية عيناها للحظات ثم فتحت عيناها لتنظر إلى المرآة
هل أصبحت عروس اليوم؟
ومن..؟
ماهر، اتسعت ابتسامتها تدريجيا وهي تتخيل ردة فعله حينما يغلق باب عليهما، تتحرى شوقًا لرؤية نظرة الحب في عينيه، إن لخصت في كلمة واحدة عن ماهر، فهو العوض، وما أجمله من عوض يأتي بعد يأس.

رفعت عيناها لتنظر إلى المجنونة المدعوة ب جيجي، تشكر مساندتها هي وشقيقتها في يوم العمر، لن تنساه ابدًا، لن تنسى أنهما حريصتان على سعادتها وجعل ليلة العمر ليلة لا تنسى.
تنهدت بحرارة وهي تسترعي انتباه المشغولة في هاتفها لتصيح بصوت مرتفع
- جيجي.

لم تستجيب جيجي لندائها ويبدو على وجهها إمارات الغضب وهي تضغط أصابعها بعنف على الهاتف، تري من تراسل تلك؟! عاد ندائها مرارًا حتى أبعدت جيهان وجهها من الهاتف وهي تصيح بحدة
- ايه فيه
لم تخفي قلقها وهي تهمس
- انا قاعدة متوترة هنا وانتي مشغولة.

رمت جيهان هاتفها جانبًا، لا تصدق ذلك الحقير وسيم، ذلك الحقير يخبرها بذوقها المتدني عن ثيابها، تفحصت ثوبها الليلكي القاتم، كاشفًا بسخاء شديد عن انحناءات أنوثتها، لتغمغم أنه مجرد أعمى، لا يرى، وجهت بحديثها نحو مارية قائلة
- الله، بقضي الملل اللي عندي
فركت مارية يديها بتوتر، عضت على شفتها السفلى وهي تكبح دموعها المهددة بالانهيار في أي وقت، غمغمت بحزن
- اسيا مجتش انهاردة، حاسة اني لوحدي.

زفرت جيهان بحدة، تلك الغبية بعد أن قضت ذلك النهار بأكمله معها مع خبيرة التجميل ومصفف الشعر تفكر بأختها المتبجحة، عذرتها، في النهاية هي الأخت وهي ما زالت غريبة، تمتمت بحدة
- بت ارفعي عينك
اقتربت منها تؤازرها قائلة بابتسامة حلوة
- انا وفريال وشادية موجودين، الليلة هتعدي على خير، لو عاوزة اجبلك اختك من شعرها معنديش مشكلة.

للحظة تتخيل مارية جيهان وآسيا معًا يتعاركان، انفجرت ضاحكة بهستيرية مما جعل جيهان ترفع إحدي حاجبيها قائلة بتهكم
- بتضحكي على ايه
تمتمت مارية بشقاوة
- بتخيل انك بتجرى شعر آسيا
لم تتغير سحنة وجه جيهان التي قالت بتعجب
- هي مش دلوعة زيك؟
نفت مارية رأسها قائلة.

- لا، مختلفة عني زيك وزي شادية، اكيد مش شبه بعض، لكن بجبلك أقرب مثال، انا كنت طايشة زيك ومش بهتم بحد لكن اسيا بتحط قواعد بتمشي عليها علشان تقدر توصل لحلمها أسرع
عادت جيهان تجلس على الفراش متجاهلة رنين هاتفها، وضعت هاتفها على الوضع الصامت وقالت باهتمام
- اوصفي الحب، بتحسي ايه مع ماهر؟
رمشت مارية أهدابها و احتقن وجهها من الخجل لتهمس.

- تعرفي، ماهر ده كنز، كنز قدام عيني وانا بسافر لابعد البلاد علشان ادور على كنز، دورت ولقيت مجرد حاجات مغشوشة، لكن رسيت ورجعت لعقلي علشان اطلع كنزي
تحشرجت أنفاسها وهي تهمس بنعومة شديدة وعيناها تلمعان بالحب
- ماهر، حياة، حياة مليانة دفا وحب وحنان
أجلت جيهان حلقها وحاولت أن تداري إرتباكها، لما هي لا تحظي بحب مجنون، حب يخطف الأنفاس، حب يفقدها رشدها، انتبهت على صوت مارية المتسائلة.

- وانتي؟ توصفي الحب بأيه؟
أجابت ببرود
- حب؟!، انا مش عايزة حب
عقدت مارية جبينها وتساءلت بعجب
- اومال عايزة ايه؟
ابتسامة ناعمة زينت ثغرها لتهمس
- زلازل، براكين، أعاصير، مشاعر مدمرة، النسيم والأرض الممهدة دي أنا مش عايزاها، الدفا والدقات اللي بتنبض ببطء مش عايزاها، زي ما قولت حاجة تزلزل كياني.

ذهلت مارية من تفكير جيهان عن الحب، لم تتوقع فتاة مثلها أن تؤمن بالحب، لا كانت تظن أنها ستسخر منها أو تتحاشى عن الاجابة لكن كل مرة تذهلها بشيء جديد، وضعت مارية يدها على ذقنها واصطنعت التفكير قائلة
- وهتلاقيه فين؟
غمزت بشقاوة وهي تغمغم بمكر
- هو اللي هيجي
مطت شفتيها وقالت بعبوس
- هتطولى على كدا
زفرت جيهان وقالت ببرود
- ده اللي عايزاه، يا اما ده يا إما بلاش.

نقرات على باب الغرفة استرعى إهتمامها، قامت جيهان من موضعها وعادت بعد دقيقة بصحبة فريال التي صاحت بصخب
- عروستنا منورة، الجمال الاشقر لسه مدوبهم على كدا يا جيجي
غمغمت جيهان ساخرة وهي تتذكر صاحب العيون الباردة وسيم
- بيخليهم يفقدوا أعصابهم يا فيري
انفجرتا ضاحكتين لتقترب جيهان بشرر نحو مارية التي ذعرت من ما تنتويه وقالت بقلق
- ايه فيه؟
ابتسمت جيهان ببرود وهي تهبط بجذعها نحو مارية قائلة
- هقرصك في ركبتك.

- ايه؟ ولييه؟
هزت مارية برأسها نافية واستقامت من مقعدها وهي تحاول بفستانها الملوكي أن تهرب من براثن جيهان، إلا أن جيهان كانت تركض ورائها ضاحكة
- عادة الطبقة الهايفة مش بتعترف بيها، تعالي يلا علشان أحصلك
تمتمت مارية بنفي تام وهي تجول في الغرفة كالمجنونة، وما إن وصلت لحائط سد، علمت أن جيهان لن تتنازل عما تريده
- لا ابدا
تنهدت جيهان بحنق وقالت
- يا بنت اهدي مش هضربك انا، قرصة خفيفة وهبعد.

وأقرنت فعلتها حينما قرصتها بقوة مما جعل مارية تتأوه بتوجع، تمتمت بحدة
- شريرة
تمتمت جيهان بلا مبالاة
- من يومي مش جديد عليا
كانت فريال تصور بهاتفها ما يحدث دون أن تتدخل مع أحد منهما، وحينما استمعت الى رنين هاتفها تسارعت مارية تجيب على هاتفها
- اكيد فرح
استمعت لمحدثتها للحظات قبل أن ترد بهدوء
- ايوا انتي فين، قولي اسمك بس وهتلاقي نفسك قدام باب اوضتي.

أغلقت المكالمة وهي تعود لتجلس على مقعدها برزانة شديدة مناقض لما حدث منذ قليل، صاحت جيهان بسخرية
- اومال فين البسكوته اللي معاكي
حدجتها فريال بنظرة محذرة شديدة لتهمس من بين أسنانها
- سيبك منها دلوقتي
هل ذهبت رهف وقضت وقتها مع ذلك اللزج نزار؟، أظهرت امتعاضها وقالت بقرف
- لا متقوليش.

هزت فريال رأسها يائسة وهي تمرر يدها على خصلات شعرها الطويلة التي وصلت إلى أسفل بكتفيها بقليل، نظرت إلى ملامح وجهها الناعمة وفستانها الأزرق، المحتشم جدا جدا، لا يظهر منه سوى كفي يديها فقط وكل ذلك على ذوق قرصانها، و يا للعجب لم تغضب منه، لم تسمي ذلك تحكم أو إستبداد.

تفهمت غيرته الشرقية وتفهمت جدا أن ما يظهر من جسدها هو له فقط، حدقت نحو السطح العاكس لترى وجنتيها محتقنة بالدماء وعيناها لامعة بسبب تذكرها للقرصان، وصلت لمرحلة العشق معه، انتبهت على تذمر مارية التي تمتمت بعبوس شديد
- هعقد فترة علشان افهمكم
نقرات على باب الغرفة جعل جيهان تذهب لفتح الباب وتعود بصحبة فرح التي تمتمت بخجل
- مساء الخير
صفقت فريال يديها بمرح
- كده اكتمل أعضاء شلتنا.

ثم التفت نحو مارية تسألها بجدية
-جاهزة يا عروسة
اومأت مارية رأسها عدة مرات، وابتسامة خجولة تزين ثغرها، ستصبح عروسه وملكه للأبد، والحياة ستبتسم في وجهها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة