قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والأربعون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والأربعون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الخامس والأربعون

الانسان محب للتعقيدات
لم يكن ابدا من محبى الأشياء البسيطة السهلة
يقول انه امتاز بالعقل ليفكر، ويبدع، وربما يصنع شيئا من مادة صلبة تستطيع ان تتكلم وتراها
واصبح الان يتلاعب بالجينات البشرية، ولما كل ذلك؟
فضول يدفعه
سر معرفة كيف الخالق أبدع واحسن ونظم الخليقة.
وهناك نوعان من الإنسان، الأول الجاحد والثاني هو الذي يزداد يقينا أن ما يصل إليه يعتبر مقدار ذرة من معرفة العالم.

أما عنها فهي شخصية محبة للبساطة، ليس صعب جدا ان تحصل على عائلة وزوج محب، هي لا تطلب سيارة ليموزين او لامبورجيني وزوج يمتلك العديد من الملايين في رصيده البنكى، لم تطلب فيلا تقع على الساحل الشمالى، أو يقع على احدى الجزر التي يمتلكها زوجها، ما تطلبه شيء طبيعي وعادي.
لا تريد الفشل، لا تحبذه اطلاقا، تكرهه، لا تريد تكرار مأساة والدتها وتكرر مثل ما حدث مع والدها الذي تركهم ليلتصق كجرو صغير لصاحبه.

بالطبع لم تحصل على اسم والدها، وهي حتى لا ترغب اسم تلك العائلة الخبيثة تكون ملاصقة لأسمها، رأت معالم وجهه ماهر التي تحولت من الدهشة والصمت لتنقلب إلى ملامح خشنة ثائرة
- انتي مجنونة، انتي واعية للى بتقوليه
يا إلهى كم ترغب في رؤية ذلك القذر الذي دمر حياتهم، كم ترغب في رؤيته وتبصق في وجهه، ابتسامة شامتة زينت ثغرها لتبتسم بجمود.

- عارف اكتر حاجه عجباني انى هخلى راس العيلة يصدق حقيقة هو مصورها بعقله، إن كان هيقول عني اني خطفت عريس حفيدته فأنا هخليه يصدق دا
صاعقة، هي صاعقة ودمرت أرضه، تلك الغبية كيف لم تخبره امر هام كهذا، عض على نواجذه وهو يتحكم في ثائرته كى لا يقوم بالفتك بها، الغبية تضحك بجنون وكأنها تتخيل حدوث أفكارها الشيطانية، هز رأسه يائسا وهو يمرر انامله في خصلات شعره قائلا
- مارية، انتي مقولتيش ليه.

برقت عيناها الشبيهة بعيون القطط، تلك الملامح الشقراء الناعمة تحولت لملامح شرسة
برية، بها شيء من البدائية المتوحشة، جزت على اسنانها وهي تصيح بحرقة
- العيلة دي لا تعرف عني حاجه ولا اعرف عنها حاجه، وقت ما قرر الأب يدير ضهره لينا احنا كمان عملنا كدا ومش هاممني اذا كان عايش او لأ.

ضرب بقوة على الطاولة لتنتفض بقوة وهو يغلق عينيه، لقد أربكت الوضع تلك الغبية، حمقاء، مغفلة، وللاسف لا يعلم كيف ما زال يحبها، تمتم بحرقة
- بنت مين فيهم
تري هل يملك عائلة؟!، سؤال طرحته في الماضي، لذلك الأب الجاحد الذي ترك والدتها ليتزوج بابنة عمه، تمتمت بحقد
- بقولك مش عايزه اعرفه، ولا اشوف وشه، الاب اللي يتخلي عن عياله علشان عيلته التانية أهم ميبقاش اب
استقامت من مقعدها وهي تصيح بتوعد.

- هزور خطوبتك لاني ناوية اطربقها عليك وعليهم
راقبها ماهر وهي تسير بتبختر، ما زال يراها حتى الآن مضيفة طيران، هز رأسه بيأس، تلك المرأة بحد ذاتها لعنة، تبدو من النوع الذي يتسلل ويستحوذ عليك ولا تنفك من اللعنة سوى بالموت.

هل يعيد احد اخر مشهد حدث؟
كانت جالسة في مقابلة وقاص ومن حيث لا تدري اقتحم هو الغرفة، القي جملة ساخرة بها غضب دفين وعيناه عبارة عن قطعتين من الجمر المتقد.

لكى تحل المشهد الذي يراه منحلا، قررت أن تنهي النقاش لتستقيم من مجلسها، وحرب أعين مشتعلة بين الطرفين، اقتربت من نضال الذي امسكها من ذراعها وبقوة وجرها خلفه دون مراعاة لادميتها، شعرت انها مجرد من ينفذ تعليمات صاحبها، ولكم المها ذلك التفكير، برغم كل ما حدث لم تستطيع ان تتحكم في حياتها كما ينبغي.
تفاجأت بصفع باب الشقة بحدة، نزعت ذراعها من براثن بطشه لتصيح بحدة في وجهه.

- متشدنيش زي الحمارة وراك، كفاية المهزلة اللى عملتها هناك
اقترب نضال منها وفتحتي انفه تنقبض وتنبسط، صدره الغليظ يكاد ان يمزق قميصه من فرط غضبه الجام، صفعة قوية القاها على خدها الايسر لترتمى على الارض من قوة صفعته وصوته الهادر ألجم لسانها
- اخرسيييي.

حرقة قوية تلسع بشرتها، ودموعها تنهمر بقوة، من المهانة التي تعرضت لها، من الألم، من البطش الذي تتذوقه منه، نكست رأسها على الأرض لتشعر بأنامله تقبض على خصلات شعرها بقوة، صاحت بألم وهو يقترب من اذنها صائحا بحرقة
- انتي بتعملي ايه هناك يا مدام، فهميني
لا يعلم ما فعله، لكن ما حدث رد فعل لما فعلته، لم يصدق أذنيه زوجته ذهبت بقدميها إلى مقر عمل أخيه، شعلة نشبت في صدره وخلفت حريقا هائلا.

ذهابه كالمجنون هو إثبات أن تلك المرأة هي له، تلك المرأة التي تفعل قدر استعادتها لجعل حياتهما لها مسمي طبيعي، يرغبها
يريدها في حياته
أغمض جفنيه وهو يحاول ان يتحكم في غضبه، يحاول كي لا يزيد الأمر سوءا، شد شعرها بقوة أكبر حتى شعر أن هناك بعض خصلات شعرها موجودة على راحة يده الضخمة، صراخها وعويلها، كصوت امرأة مذبوحة تحاول ان تنقذ نفسها من براثن مختل
همست فرح بنبرة خافتة
- بنصلح القديم يا نضال.

تنفس بصعوبة والحريق لا يهدأ، لا يعلم ما الذي حدث له، ألقي مزهرية ما أن وقع بصره عليها لتصرخ تلك البائسة المرتمية أرضا وهي تضع راحة يديها على اذنيها، صاح هادرا بعنف
- نصلح قديم، خطفك علشان تصلحوا القديم
ثم عاد اقترب منها وهي تخبيء وجهها منه، امسك كفيها التي تخبيء وجهها عنه لينظر الى عينيها المرتعدتين قائلا بجنون.

- عارفة ليه مش عايز امد ايدي في ايده، لان عارف لو هو متصالح، فهو علشان يريح ضميره، مش عايزني انا يا فرح
غضبه استكان، حريقه الهائل تم اخماده من نظرة عينيها، ترك يدها وهو يشيح بعينيه عن عينيها قائلا
- كل واحد في العيلة دى انانى بطريقته وانانيتي انا تفوقهم كلهم، لما اخترتك مراتى، اخترت انك اديتيني كلك، روحك وجسمك وقلبك
عيناها تضعفه
لطالما ما جذبه هو عيناها ما ان رأها في المطعم اول مرة.

دفء غريب ممتزج بعاطفة متشابكة بخليط من حنان مفتقده، جعلته يرغب في التمسك بها
على الرغم أنها الوحيدة التي لم يختارها شقراء، لكى يضع لعنته بها، لعنته المريضة، ينهل ويمتص ويرتشف ذلك الدفء منها حتى يحولها لكائن بارد مثل الشقراوات اللاتي تزوجهن.
لكنها لم تتغير، عاطفتها تزداد بقوة، عاطفتها تشعبت لطرف آخر، شمس وهي أصبحا فردين يزعزعان صومعته الخاصة، ضوء الشمس لم يقدر على حجبه لكن تلك؟!
كيف يمنعها؟!

اغمضت فرح جفنيها وهي لا تتصور أنه فعلها، لمست اناملها المرتجفة على موضع صفعته لتأن بضعف، تمتمت بحرقة
- ملعون ابو الحب
عيناه متبعدة عن عيناها، يخشى لقائهما الآن، سيكون هناك جسر ممتد بينهما وهذا لا يرغبه حاليا، تمتم بقرف وكأنه يتلفظ صدأ في حلقه
- بلاش نحكي في الحب والمشاعر، لانها بتقرفنى.

كظم غيظه وهو يشتم ببذاءة ولا يتخيل كيف ينطق اخيه اسمها بكل حرية حينما ودعها وهو يأخذها بطريقة خشنة من مكتبه، ربما لأنه لو بقى دقيقة أخرى ستتحول لمجزرة؟!
يتحاشى الحديث مع أخيه بعد آخر ما حدث، وشيئا خفي بينهما سيعلمه
عادت تلك الحراره تشتعل في فؤاده، سمع همسها البارد
- حسيت بغيره مش كدا
رفع عيناه ليقابل عيناها اللتان تنظران إليه بجمود رهيب، كتلة الدفء تموج بحرارة لتقترب منه هامسة بسخرية.

- عينيك بتقول انك غيرت عليا، غضبان لانى ملجاتش لغيره علشان يساعدنى، عارف ليه يا نضال
استقامت وهي تصرخ في وجهه هادرة
- لانك مش متصالح مع نفسك، انت اناني فعلا، بس غبي، بضيع اللى يهمهم أمرك
كانت تري عيناه التي تتأثر بحديثها، يتقلب بين تيارين متعاكسين، صاحت بتعب
- ووقاص مش جاي يمد ايده علشان يراضى ضميره، برغم كل مساويء عيلتكم إلا أنه قرر يبنى عيلة مترابطة من اول وجديد.

لو قام س يدك عنقها، كظم غيظه وهو يعض على نواجذه، وقاص هو يأخذ كل شيء في النهاية، رغم قربه الخفي منهما الا ان وقاص افضل، وهي تعلنها امامه بكل صلف ووقاحة
صرخ في وجهها بحدة
- عيلة!، لا انا ولا انتى حسينا بطعم العيلة هنحس بيها دلوقتي
ابتلعت ريقها وهي تمرر يدها على خصلات شعرها، ابتسامة شاحبة زينت ثغرها لتجيبه
- لو هتسحب ايدك من الموضوع ده ف انا هبقي ضدك، هبقي معاه وهخلي شمس كمان موجودة.

تضغط عليه بقوة، فرك فروة رأسه وهو يصيح هادرا
- مش رايحة في أى زفت انتي سامعة
شعرها المتمرد اعطي رونق وهو يحيط وجهها بملائكية وعيناها الغاضبة الحانقة تنظر إليه بشرز، تمتمت بنفاذ صبر
- بس بقاااا، انت ايه مش بتحس، أعمى مش شايف اللي حواليك بيعملوا ايه، انا بعمل ايه فيك وانت جبلة، كل مرة بقول هنقدر نكمل لكن مفيش فايدة فيك
هرولت مبتعدة منه ليسمع بعدها بثوانى إغلاق باب الغرفة بحدة، أغمض جفنيه بإرهاق.

هي الوحيدة التي ستساعده، لا يوجد سوى أسرار.

كانت اسرار تستمع الى صوت نضال المختنق، حديثه غير المرتب جعلها تقاطعه
- نضال ارجوك فهمنى فيه ايه
بكلمات مختصرة جعلها تهز رأسها بقلة حيلة لتزجره بحدة
- بطل غباوة وتنشيف راس واهدى، طيب طيب جايه.

مسدت عنقها وهي تسارع نحو الخزانة لتختار ما وقع بصرها عليه ثم خرجت من الغرفة لتشعر بسكون الشقة، لم يأتي سراج حتى الان، جيد، دلفت الى الحمام وهي في اقل من دقائق خرجت منه تعدل تصفيف خصلات شعرها، دلفت إلى غرفة النوم وهي تضع هاتفها ومتعلقاتها في حقيبة يد، ارتدت حذائها ذو الكعب المدبب لتشهق فجأة من صوت سراج الكسول
- رايحة فين يا مدام.

تنفست اسرار براحة، اليوم لا ينفع جنونه الذي يمارسه عليها، استقامت وهي تقول بتعجل بها نبرة مختنقة
- سراج الموضوع مهم بجد، عن اذنك
أوقفها من ذراعها وسحبها اليه ليقول بحنق
- انتي متعودة انك تنزلي بدون ما تستاذني من راجل، اعرف رايحة فين وجاية منين يا مدام لانه حقي، وياتري كنتي هتبلغيني ولا اولع انا مش مشكلة.

عمل المؤسسة وورشته تقضي عليه تماما حتى يعود الى منزله قرب منتصف الليل، لكن يتفاجىء بعودته خروج زوجته من الحمام وهي بهيئتها تبدو أنها خارجة لتقابل ذلك الحقير المدعو بابن عمها وهل يوجد رجل آخر غيره!، تمتمت اسرار بجمود
- رايحة عند نضال تمام كدا، وكنت هبلغك اكيد قبل ما انزل.

يحاول أن ينحي غيرته جانبا، يحاول أن يكون زوجا طبيعيا ويتفهم أن أسرار لن تخرج من هنا سوى لامر طاريء، لكن يبدو انها كانت لن تبلغه بخروجها سوى حينما تكون في الخارج ويكون كالمجنون يبحث عنها في الطرقات، صاح بجمود
- هتقابليه فين؟
تمتمت بتعجل وهي تنزع ذراعها من قبضة يده
-معرفش ويمكن على الكورنيش، عن اذنك بقى
صاح مقاطعا بخشونة، اللعنة تلك المرأة تحتاج إلى العديد من الضوابط كى لا تتعبه مستقبلا
- استني هوصلك.

صاحت بلهجة حادة وهي تنظر اليه بعيناها الزجاجية
- سراج
تمتم من بين اسنانه بحدة
- مهو انا مش علشان اخلي مراتى تنزل من البيت على الساعه 11 بليل، بس اقسملك يا أسرار لو لقيت موضوع تافه ما بينكم هنكدها عليكى
عقدت ذراعيها على صدرها، رفعت إحدى حاجبها لتصيح باستهزاء
- انت هتقعد وسطنا؟
لاقت الفكرة استحسانه، هز رأسه مفكرا وقال بجمود
- جوزك يا هانم من حقى.

ولكي يثبتها فعلا وليس مجرد قولا، اقترب منها وهو يحتضنها بتملك أجش وشديد ليقول بصوت أجش
- لو حضنك يا اسرار هرميه في النيل، مفيش لمس ما بينكم نهائى
اتسعت عينا اسرار وهي لا تعلم ما مناسبة تلك الغيرة في لقاء ابن عمها البائس، همت بالنطق ليقاطعها قائلا بخشونة
- سلام بالايد ممنوع
الصقيع في عيناها بدأ في التمرد، ملامحها متحفزة على الانقضاض ليقول هو بسيطرة
- شعرة منك ما يلمسها يا اسرار، انتى كلك ليا انا.

ابتسم وهو يحتضن وجهها بين كفيه ليهمس بصوت ارجف قلبها
- سميها تخلف، سميها رجعية منى، لكن انا بغير يا اسرار ارحميه شوية
وضع يدها على موضع نبضات قلبه الخافقة بعنف لترمش اسرار بأهدابها، مال سراج يقبل جبينها ليحتضن جسدها اليه، يضمها بقوة وحماية غريزية، لن يطفئ شعلة عيناها ولن يصهر جليدها سوى في حالات التمرد فقط، ليس غبي ليبهت صورتها التي جعلته تجذبه إليها.

كانت تتناول الذرة المشوية وحول رقبتها شال زوجها، قبل ترجلها من سيارتها منعها بخشونة قائلا ان الجو بارد قليلا، ابتسمت بنعومة وهي تتذكر شراسة ملامحه من اقتراب نضال الذي حياه بمشاكسة، انتعشت من النسيم البارد لتنظر إلى نضال الشارد قائلة
- عايز الحق، انت غلطان، باين اوى انها اثرت فيك متخسرهاش.

كان ترك اول زرين مفتوحا ليداعب الهواء قميصه ورغبة أخرى في إطفاء الشعلة المتأججة، أسرار الوحيدة التي لا يخفى عليها شيء أو يتجمل، صريح وواضح ومن أفضل صفاتها مستمعة جيدة، مال بعيناه يراقب سراج الذي احتفظ بمسافة لابأس بها كى يتركهما يتحدثان بحرية، عينا سراج كانت تحذره ان اقترب من المرأة التي بجواره، جاء مكرهها لكن يبدو أن أسرار امرأة لا يستهان بها ابدا
- حبيب القلب مأثر عليكي ولا ايه.

صاح بها بنبرة مشاكسة لتصمت أسرار لدقيقة قبل أن تجيب بحدة
- نضال متهربش، مش انا اللى تعمل معايا كدا
نظر نضال نحو المشتعل الثائر ثم إليها، باردة، صلبة، لا مبالية ظاهريا وهي تستمع بتناول الذرة لكن يعلم ان انتفاضة جسدها بسبب تلك العينان الحارقة من زوجها، تمتم بجمود
- قرر يعمل ايه في حياتكم الجاية
هزت اسرار رأسها، وقالت بجمود.

- شيراز هانم بتحاول بكل طريقة تشوف طريقها علشان تكسب رئاسة الجميعة، كلمت تغريد قالتلى ان سراج بكل طاقته بينهض بالمؤسسة تاني وفيه خطوات ملحوظة
انفجر نضال ضاحكا بقوة، مما جعل عينا سراج تزداد قتامة ليصيح نضال بأسف
- طب فين نتيجة انتقامك يا اسرار، كل حاجه هترجع لطبيعتها
سراج لا يستحق طعنة في الظهر، لا يستحق وهو يبذل كل قدرته لينهض بتلك المؤسسة، غامت عينا اسرار وهي تتنهد بحرقة ليجيب نضال قائلا.

- حبيب القلب قولتيلى
أصبحت اسرار تفكر في عاطفتها وهذا سيؤثر عليها بالسلب، تنهد أسفا ليسمعها تقول بحشرجة
- كنت ناوية اسوى سمعة المؤسسة ب الارض لحد ما تعلن افلاسها وتقفل أبوابها، لكن، لكن سراج يا نضال بيطلع كل قرش من تحويشة عمره للمؤسسة
تمتم نضال بسخرية مريرة، لهذا لا يريد الضعف، لا يريد ذلك الضعف المقيت
- قلبك ضعيف يا أسرار، زي ما توقعت لما رفضت جوازك منه، لان عاطفة الست دايما بتنهار مع حبيب القلب.

هي وعدت نفسها أن لا تقترب من عمله، يكفى الخسائر التي حدثت والتي تحتاج لعشر أعوام لتنهض على قدميها، لكن الضربات القادمة بدلا ان توجهها على العمل وشيراز، قررت أن يكون نحو شيراز فقط، تمتمت بصوت هاديء
- شيراز مقفلة عليها كل ابواب الترف يا نضال، كل اللي كانت بتتمتع بيه وبتتفاخر فيه مش هدوق نعيمه تاني، واعتقد انا مسكت العصاية من النص بردت نارى
هز نضال رأسه وقال بلا مبالاة
- منكرش ده، بس بردو هترجع من جديد.

ابتسمت اسرار بسخرية
- مع سمعتها الحالية دى معتقدش، كانت بتزور الانتخابات وتدي رشوة للنادى، ده غير انها وقعت جوازات كتير وخلت اجوازهم يتجوزوا من ستات رخصية، تفتكر هتبقى في مكانها تانى
ضيق نضال عيناه، رغم كل ما تفعله اسرار إلا أنها تؤثر على والدة حبيب القلب، سألها قائلا
- وحبيب القلب رأيه ايه؟

هزت أسرار رأسها، تعترف منذ تلك الليلة لعودتها اليه، توقفت عن الاقتراب منها، كل ما فعلته اسفل المنضدة ظهر على الحقيقة، تمتمت بلا مبالاة
- دي نتيجة اعمالها يا نضال مقربتش من حد، اديت لكل ست اللي اتلدغوا منها دليل خبثها
زفر نضال بحدة
- قولتلك نقطع راس الحية
ثم قال بحدة
- ولو جيه وقالك انها امى يا أسرار، سراج ميقدرش يسيب امه في النهاية.

اجفلت أسرار وهي تنظر الى نضال لثواني ولسانها عجز عن الاجابة ليسمع اجابة خشنة من خلفها يقول بجمود
- مراتي وامي اعرف ادي كل واحدة حقها من غير ما اظلم حد فيهم أو اجي على حد، الدور والباقي على ناس
امسك أسرار وهو يخبرها عن وقت العودة لتسير بجواره وهي تودع نضال قائلة
- مضيعهاش من ايدك، اسمع مني، اللي عملته ده هتفضل فكراه.

تشتاق اليه بطريقة رهيبة، غيابه ليومين بسبب عمله جعلها تفكر بعاطفية شديدة، أصبحت تتقلب على صفيح ساخن.
كيف فعلها؟ متى؟ واين؟
لا يهم الآن، بل اهم سؤال كيف توغل اليها بتلك السرعة وهي كانت تسير بحذر معه، أغمضت جفنيها وهي ترقد على الفراش، شغفها للحياة عاد بقوة، وكأنها بدون وجود وقاص لا شيء، لا شيء اطلاقا، من شبح يهيم في الطرقات دون هدف إلى شخص حي.
ارهفت أذناها السمع من صوت فتح الباب، هل عاد؟

فتحت جفنيها وهي تراه يدخل الى الغرفة ممسكا بسترته ليلقيها على أقرب مقعد، انتفضت بقوة وهي تنزل بقدميها العارية على الارضية الباردة.
اجفل وقاص من استيقاظ فريال حتى الان، كاد أن يسألها ان كانت بخير، لكنها بخير، في أشد طاقتها وبهائها، ابتسامة ناعمة زينت ثغره وهو يغمغم
- متقوليش انك هتسهرى.

اقتربت فريال منه وهي تشبع عيناها به، رغم ملامح الارق البادية على وجهه إلا أن عيناه متوهجة في حضرتها، انفلتت نبضات قلب هادرة ترسل رسائل خفية إلى قلبه الذي انتفض بقوة، عيناه تزداد اتساعا وهو يرى عيناها المتوهجة
بقوة
بلمعة مضيئة
بها شيء من الحرارة
والنيران الدافئة
ألقت فريال نفسها بين ذراعيه اللتان استقبلاها بشوق، يدمج كلا جسديهما في عناق روحي متطب عنيف، دمعت عينا فريال وهي تهمس بحشرجة.

- حبيبي وحشتني، اليومين اللي رحت فيهم القاهرة خلاني اشتاق ليك بصورة رهيبة
خفق قلب وقاص بعنف، كتم تنهيدة قلبه وهو يشعر بها تزداد تشبثا وقوة به، لمس على خصلات شعرها التي انتبه الان انها استطالت لتصل اسفل كتفيها، امتنع عن الحديث حول خصلات شعرها وتلك العلامات في جسدها، ترك لها حرية القرار في اتخاذ أمرهما، تمتم بقلق حينما نظر الى عيناها الباكية
- انتي كويسة؟
هزت رأسها وهي تهمس بابتسامة ناعمة.

- شكلك عملتها يا ابن الغانم
عبس وهو ينتظر تفسيرا، لتلقى تلك الكلمة
كلمة بردت كل نيران متقدة
كلمة اطفأت وبنفس تأثيرها المزلزل فجرت ينابيع عشق
- خلتنى احبك
لمعت عيناه بتوق شديد لترى فريال تلك اللمعة الزرقاء في عينيه لتهمس وهي تقترب منه هامسة
- فكرت قبل كدا اني حبيت، بس لا انت اللي خلتني اغير منظورات كتيرة فيك، لانك ورغم كل حاجه وقاص
رغم كل شيء هو وقاص
ايقاع موسيقي شاذ عن باقي مسار الإيقاعات.

تجعلك مرغما تتابع سير ذلك الإيقاع
تنهدت فريال زافرة بحرارة ووجنتيها تخضبت بالحمرة نتيجة عيناه اللتان تلتهمها التهاما
- ساحرتك عرفت تأسرها ليك يا قرصانى، عملت فيا ايه بس، كل يوم مش بفكر غير فيك، كل يوم مشتاقة لحضنك بشكل مرعب، حاولت انكر واقول انه انجذاب، كل يوم بتكبر في نظري اكتر، كل يوم اعجابي بك بيزيد لحد لما وقعت، واحلى وقعة
أغمضت جفنيها للحظات ثم عادت لتفتحهما، عضت على شفتها السفلى بتوتر.

صمته اقلقها، كادت ان تبتعد خجلة إلا أنه ثبت جسدها بين ذراعيه ليزفر وقاص متنهدا بعمق
- اخيرااا كنت قربت اموت بسببك
لا يصدق أن ساحرته أقرت
كان متوقع ان تطول في مدة عذابها تلك، لكنها تفاجئه، وتستمر في فعلها وهو يري اشتعال وجهها حمرة ليقترب هامسا
- انتي عارفة كنت مستنيها من امتي؟، من اول يوم شوفتك فيه
اتسعت عينا فريال وقالت بصدمة
- لحقت تحبني من اول يوم، افتكر انك كنت بتستهزأ بيا يا قرصان
تمتم وقاص باستسلام.

- طلعتي ساحرة للاسف
تجهمت ملامح فريال وقالت بحنق
- بتضيع اللحظة ليه، كده انت قطعتنى
أغمضت جفنيها وهي تحاول ان تعيد تلك الالحان التي تغرد اذنيها قبل ان يهدر القرصان بصوته المزعج مخيفا العصافير، ابتسم وقاص وهو يلمس وجنتيها المتوردتين لتهمس فريال بتلعثم
- انا مش عارفه هقولها ازاى، بس انت الوحيد اللى بجرب معاه كل حاجه، تصرفات كتير مكنتش اتجرأ اني اعملها بس معاك انت..
كل هذا كثير عليه.

أن تظل مستيقظة تعاني من السهاد مثله هذا اقصى ما كان يتمناه، يعلم أن هناك مشاعر تعتبر وليدة من ناحيتها لكن من ناحيته نضجت واخذت لها اسمها، صاح بصوت أجش
- فريال
غاصت، غرقت، النجاة في عينيه، والغرق في عينيه، همس بصوت خشن
- انتي وصلتينى لمرحلة اليأس من حبك، كل ليلة بحاول اني ابين ليكي مشاعري من غير ما اتكلم، صعب جدا لما اعترف الاقيكي مش متعلقة بيا ويوصلنا لمرحلة انا مش حابب اجربها تاني.

تفجرت الدماء في وجهها وهي وليدة تلك اللحظة، تمتمت بنعومة
- انا مش هسيبك، انا ليك وانت ليا، مفيش حاجه تقدر تفرقنا، اعترف كنت غبية باللى عملته بس صدقني اتعلمت
احتضنها بقوة وخشونة لترتمي تبحث عن قلبه النابض وصوته الاجش جعلها تزداد ابتسامتها
- القرصان بيعشقك يا ساحرة.
قد يخبر الرجل المرأة أنّه يحبها خلال فترة قصيرة من تعارفهم دون أن يعرفها معرفة تامّة.

تجاهل هذا ما تعيشه الآن معه، هذا افضل لها وله
الشرخ بينهما ازداد عمقا بعدما حدث، اثر صفعته ما زال بها أثرا على خدها وقلبها
وان غادرت تلك العلامة من جسدها الا ان قلبها ينزف بمرارة شديدة.
تذكرت حديث سابق لها حينما كانت في قصر وقاص، حديث زوجته معها
- مفيش راجل متعلق بيكي هيقدر يقبل على نفسه بدا، الجدال اللي بينكم، وكسر الرهبة دي من أوائل الخطوات لتعزيز نفسك
وقتها سخرت قائلة.

- فريال انا مش زي ما انتي فاكرة
تحولت ملامحها الناعمة للشراسة لتصيح هادرة
- بطلي غباء بقي، انسي الماضى، انسيه، هو قرر يبدأ حياة جديدة يبقي ابدئي حياة جديدة معاه
عضت فرح على شفتيها هامسة بعذاب
- والجروح؟
صمتت فريال وهي تشعر بالاسف حيال تلك الصغيرة، اقتربت منها تؤازرها لتقول بجدية.

- خلي الايام هي اللي تشفيها، بس لو انتى مكانك زي ما هو ومقدرتيش تحركي فيه حاجه سبيه، خليه يعيش لوحده، النوع ده لازم يحس انه ملوش حد جنبه علشان يفوق
ابتسامة ناعمة أهدتها إليها لتتابع بهدوء
- عارفة انك بتبذلي فوق طاقتك، بس ده احسن ليكي وليه
هزت فرح رأسها قائلة باستسلام مخزي
- مش هعرف
صاحت فريال بصلابة
- لطاما بتحبيه، هتعملي كل طاقتك عشان تساعدي حبيبك يعدي الازمة دى.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة