قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والعشرون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والعشرون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الحادي والعشرون

شهواني، هذا ما تستطيع أن تصف به زوجها الحالي، شهواني بدرجة انها تصبح متخشبة جراء ما يفعله، وقح، فظ، وستصفق له جراء ما يقوم به لأستفزازها، ينجح في كل مرة في صدع جدارها السميك، لكن لعبتها ليست معه، بل مع حماتها العزيزة، التي حطمتها وأذلتها بل وعايرتها امام المجتمع الأستقراطي، في كل مرة تخبرها انها مجرد لقيطة في ذلك المجتمع المبهرج، لم تتواني عن اذلالها امام الجميع حتى ضياء الذي كان يكتفي بنظرة لائمة لأمه فقط، نظرة لائمة لا اكثر، ليالي كانت تقضيها في فراشها تبكى بقهر، تخفي العار عن الجميع، هي بلا سند ولا حماية أب وكأن عمها زفر متنهدًا براحة حينما تخلص منها، ليجعلها تقع في مصيدة تلك العائلة، لكن ذلك المدعو بسراج مريب لحد جعلها تحاول فك أحجيته الغامضة؟!

كانت تصب الماء الساخن في كوب الشاي حتى استمعت الى زمجرته الصارخة ينادي اسمها
- اسرااااااار
اهتزت يدها لكن سارعت بمنع انزلاق الماء الساخن على جلدها وسارعت بالوصول اليه لتقول بنبرة باردة
- فيه ايه؟
قشعريرة دبت في سائر جسدها وهي تنظر الى عينيه المستعرة كالجحيم، الشرر يتراقص بجنون في مقلتيه وهو يرفع الاقراص أمام وجهها صارخًا بعنف
- ايه ده؟

رفعت حاجبها ببرود وجيد انه رآها لانها كانت ستخبره بذلك عاجلا ام اجلا، عقدت ساعديها على صدرها لتراه يرمي الشريط ارضا ويقترب منها ممسكا عضديها بخشونة صائحًا
- بطلي برود اعصابك ده وقوليلي ايه الهباب اللي بتاخديه ده
رغم انامله التي تنهش في لحم جسدها، إستنشاقها لانفاسه الهادرة الملتهبة، عيناه المتوعدة لها بأشد عقاب، قالت بجفاء
- اعتقد انك اكتر واحد عارف ايه ده
همس بقسوة وهو يلوي ذراعها خلف ظهرها.

- بتاخديه ليه
تألمت بقوة لقبضته الغليظة لترتسم ابتسامة متألمة على شفتيها وهي ترد ببرود
- هو انت متوقع مني انا اجيب عيل منك
تأوهت بصوت خافت وهو يلصقها في ظهر الخزانة واشرف عليها بطوله الضخم وكل عضلة في جسده تنبض بقوة ليصيح
- اسرار اتقي شري
رفعت رأسها للسقف تأخذ نفسا باردًا خاليا من أى عبق من رائحته المستفزة لترد
- انت قولت كل ليلة استناك على سريرك ومرفضتش، انا كمان مش عايزة اي حاجة منك.

تخشب جسده وابتعد يحاول أن يلم أعصابه المتلفة بسببها، هو ابدا لم يفكر في استخدام حماية منذ أول يوم زواج، زواجه من أسرار كان مجرد راحة لحياته المليئة بالمصاعب التي لم يعلمها شخصًا من عائلته وقرر هو السعي لمجال مختلف عن عائلته، لن ينكر انه متعطش لطفل منه ومن صلبه، مرر اصابعه على خصلات شعره الندية وقال
- للدرجة دي
استفزته اكثر وهي تجيبه
- قولتلك انا مش طايقة ابص في خلقتك.

قبض على فكها بقسوة حتى كاد ان يحطمه ليقول بوقاحة شديدة
- كل ليلة مش طايقة تبصي في خلقتي يا مدام واضح جدا، بعرف اسكت لسانك ده كويس
اهتزت مقلتيها الباردة واحمر وجهها وهي تهمس بصوت واهن
- علاقتنا مجرد نزوة وهتروح لحالها، متكبرش الموضوع للدرجة دي.

كل ما يفعله معها يعود لنقطة الصفر، شهواني هو نعم، متملك هو لحد الخنق نعم، اناني نعم، غيور الى حد الجحيم، التقط انفاسه المتأججة وهو يشعر بتلك النيران اللعينة التي تندلع في اوردته بسبب تلك الجليدية، انه يغاااااار بشدة عليها وعلى علاقتها مع شقيقه الراحل
لا يعلم كيف قالها او كيف قذف بتلك الكلمات كالحنظل امام وجهها
- هل ده بسبب حفاظك على حبك لاخويا، لدرجة انك متفكريش تجيبي عيل من حد تاني.

رآها تتواري بين جبال جليدها، تخفي تلك الاسرار التي يريد أن يعلم كهنها، اقترب يهزها بقوة وهو يقول بعنف
- وطفلك اللي مات، وغريزتك اللي بتدور على طفل يكون منك
عضت على شفتيها وهي تحاول ان تتخلص من يديه القاسيتين لتنفجر في وجهه بأنفجار
- يوم ما اقرر اجيب طفل ليا استحالة يكون منك.

لطمها بقوة على خدها لدرجة أن قوتها ألقتها ارضًا، تألمت وهي تستند بذراعها على الارض تحارب الدموع المتأهبة بالانفجار، لم يمسها ابدا ضياء بسوء قط، بل عائلة عمها لم تفعل
الا ذلك البوهيمي، لعنة الله عليه
شعرت انها تسحب فجأة لتقبع بين ذراعيه، نظرت اليه بجمود وهو يصرخ بجنون
- كام مرة حذرتك.

نظر الى مكان الصفعة بتوتر، تلك الباردة هي السبب، استفزت رجولته بقوة لم يعد يتحملها، اقترب لامسا بأنامله موضع الصفعة ليجدها تنظر اليه بنفور شديد، جعله يعلم ان ما فعله غلطة لن تغفرها له ابدا.
لكنه مجنون حينما يغار، هذا ما اكتشفه على يديها، اقترب يهمس بقسوة
- كام مرة حذرتك متجبيش سيرة راجل في بيتي
ضحكت فجأة مجلجلة لتقول بوقاحة
- لو عايز حقوقك مني انا مش بمنعك
صاح بنبرة خشنة
- عايزك كلك يا أسرار.

توقفت عن الضحك الهستيري لتصبح ساكنة بين ذراعيه، نظرت الى عينيه وهمست
- معنديش حاجه اديهالك، اخد كل حاجه
استحال وجهه للشحوب ليحررها من اسره قائلا
- للدرجة دي بتحبيه؟
شدت من عزيمتها وهي تفتح جرحها الاول، صاحت بجفاء.

- حب؟، انا معرفش يعني ايه حب وانت نفسك متعرفش ايه هو الحب وانت زمان كنت بتتنقل من سرير واحدة للتانية، من كام سنة اجبرت اني اتجوز حد من عيلتكم لمصالح شغل بين عمي وابوك، ووقع الاختيار ما بين ماجن و شخص عملى بارد
ازدادت عيناه اتساعا، تلك المجنونة تعيده الى احداث قديمة بالكاد يتذكرها، يقسم انه لم يعلم انها مختزنة في ذاكرته الا وهي تتابع بتصميم.

- واختارته هو لاني عارفة اني مش هلاقيه يوم والتاني وقميصه عليه دليل خيانته ليا، بس المرة دي لما اجبروك انا كنت موافقة مش علشانك، علشان اخد حقي، سكوتي زمان مكنش مجرد ضعف، سكوتي مجرد اني بعبى علشان لما انفجر او انتقم يبقي رد فعل للي حصلى.

لمع مشهد قديم في ذهنه وهو يتذكر حينما كان خارج مصر يتلقي مهارات لعمله لصيانة السيارات، جفاء والدته حينما اخبرته عن حمل أسرار، وكم كان الوضع في غاية التوتر حتى سمع بعدها بفترة ليست ببعيدة انها اجهضت ونبرة السرور في صوت والدته جعله يتعجب، أمعقول أن والدته اجبرت ضياء، اجبرته على اجهاض حمل زوجته! لكن لماذا؟!
تمتم وهو ينفي تماما ما فكر به
- ضياء مكنش عايز طفل يكون بينكم؟

اغمضت جفنيها وقد وصل للجرح بسهولة، بالكاد تنسي تلك الايام والجحيم الذي عاشته، شعرت بأنفاسه الملتهبة تفلح وجهها وانامل قاسية تضغط على عضديها منفجرا في وجهها
- ردي وقوليلي، رغم اني كنت بعيد لكن عارف اللى بيحصل، ضياء قالك اجهضي الطفل
فتحت عيناها والبرود تحولت لنيران والنيران باتت رمادًا، تهتز حدقتيها وشفتيها لتهمس
- الاكل زمانه برد هسخنه.

تملصت منه لتخرج من الغرفة لتمنعها يده التي تمسكت بمرفقها يقول بنفاذ صبر
- اسرار
استدارت اليه وهي تغمغم بكآبة
- متستعجلش على حاجة، الايام بينا لسه مطولة شوية.

وقف وقاص ينظر بجمود الى المكان النائى الذي احضره اليه نضال، نضال لم يكن يمزح حينما اخبره انه سيعطيه ذلك الجرذ إن رغب، وها هو يفاجئه بقوة اكبر حينما رآه يتقدم امامه ورجل ضخم يجر رجلا غير معلوم الملامح ليقول نضال ساخرا حينما نظر وقاص إلى ما فعله المجنون
- الحته جت سليمة يا باشا
اقترب وقاص وهو يشمت به، بصق في وجه الحقير لينظر الى نضال محذرا
- نضال
غمز نضال بمشاكسة.

- قولتلك انا رحيم بيه شوية خدش واصابات ملاعب مش اكتر، متنساش انه ماجد الجوهري
اعجبته تلك اللعبة التي مارسها نضال، لن ينكر انه استفاد منه شيئا، بل جعله ينظر اليه بمنظور مختلف.

نضال الغانم ما هو الا ذئب ينظر إلى الفريسة الجائعة يحوطها من كل جانب في مصيدته ويفتح لها بابا تظنه الفريسة باب النجاة لكن ما هو الا هوة تجعل الفريسة تسقط ضحية في فخه، حينما جمع معلومات عن عائلة ماجد اكتشف انهم منذ فترة كبيرة قبل حادثة رهف بفترة قصيرة قاموا بعمل شراكة مع نضال، نضال الذي كان منقذهم الوحيد لحمايتهم من الافلاس والديون التي اغرقتهم.

نضال الذي علم منه انه اخذ ذلك الجرذ ومطمئن انهم لن يتفوهوا بحرف والا سيكونون خلف القبضان، وقتها صفق بجذل لذلك التفكير وعلم ان نضال ليس كائنا بلا اهمية، هو يخطط دون علم احد وينفذ بصبر شديد، يمتلك عقل رجل اعمال محنك للغاية.
صاح وقاص ساخرا
- على اساس انك مش مغرق عيلته بالديون يا نضال باشا
ادخل نضال كفيه في جيب سرواله وقال بالا مبالاة
- مش بدخل انتقامي بشغلي يا وقاص
تألق بريق ماكر في عيني نضال وقال بعبثية.

- وبعدين هما قربوا يعلنوا عن افلاسهم وملاقوش غيري اللي هنقذهم بس شكلهم مش عارفيني كويس
اذا كان يعلم نضال أن رهف ستتأذي لتلك الدرجة من تلك العلاقة السامة، لما جعلها تتابع مسيرها؟!، لما لم يمنعها؟
غمغم بصوت جاد
- كنت عارف الموضوع من امتي
تظاهر نضال بالتفكير ثم عاد يقول بصراحة
- مش بحب اظهر في الصورة كتير، كنت عارف هي بتعمل ايه كويس
تجهم وجه وقاص، ليصيح بحدة في وجهه
- ومأنقذتهاش ليه؟

ركل نضال بقدمه حصوة على الأرض لينظر الى الارضية متسخة قائلا
- ومين قالك اني سيبتها، رهف كانت محتاجه تفوق من اللي هي فيه، عصفورة في قفص ذهبي علشان تعرف تشوف الدنيا على ارض الواقع مكنش فيه غير انها تدخل ساحة المعركة، مش نحبسها في قلعة بعيدة عن الناس
رفع عيناه المتألقتين ببريق ذهبي ليقول بنبرة ذات مغزى
- طرقنا مختفلة لكن هدفنا واحد، وهنوصله.

ضيق وقاص عيناه وهو يعلم الى أى طريق يصل اليه، انه يتحدث ببساطة عن فريال، ما الذي يجمع الاسم عزيز ب نضال؟!
كاد أن يتحدث الا انه سبقه قائلا
- نسيت اباركلك على الجواز يا بكر العيلة
ضيق وقاص عيناه وقال
- نضال
نظر اليه بأهتمام ليزفر وقاص بحدة قبل ان يهتف بجمود
- طلقها هي مش قدك
- ومين قالك انى هطلقها، انا اعرفها كويس.

ثم القي تحية عابثة ليغادر من ذلك المكان القذر، زفر وقاص لعدة لحظات وهو يشتم ذلك الذئب يخشي أن يكون متورطا مع احد من تلك العائلة النجسة أو بذلك المدعو بعزيز، يتمني ان مجرد ما يفكر به ألا يكون له علاقة بالواقع، وانها مجرد اوهام منه!
رمق المدعو ماجد المسجى على الارض، تفحص وجهه المكدوم وملابسه الرثة ليخرج حقنة من جيب سترته مرحبا بالرجل الذي اتسعت عيناه بذعر ما ان ابصر ما بيدى وقاص
- اهلا بابن العيلة.

ركع وقاص على ركبتيه وقال بنبرة متوعدة
- عايزك تنسي كل حاجه عملها، لاني اقسملك برب الكعبة مش هرحمك يا
مزق كم قميصه ليتصارع ماجد هاربا من براثنه، احكم الرجل الضخم وثاقه ليقول وقاص بجفاء
- لا متقلقش ده مجرد حقنة من افخر الانواع، مش زيك بيجب منتج ضارب.

انه وقت الثأر منه، ان كان نضال ذئبا فهو عند غضبه وحشا، سيجعله يعاني كما عانت رهف من الأدمان التي اشركتها صديقتها في ذلك الدرك، رمى الحقنة ارضا حينما أصبحت فارغة ليستقيم واقفا وهو يقول
- هشوفك وانت بتتعذب وبتطلب جرعتك وهسيبك زي الكلب
بصق عليه وقال
- مبارك عليك اول جرعة ولسه الايام بينا جاية.

- ايه الروايح دي
صاحت بها جيهان وهي تتلذذ من ما تشمه وما يسر عيناها، تنهدت رهف بتعب وهي تضع الطبق لتمسح العرق بكم قميصها الابيض قائلة
- بصي انا بجد تعبت وانا بعملها دوقوا كده وقولولي.

تذوقت جيهان الكنافة النابلسية اللذيذة، تعترف انها تأتي الى هنا دوما لان ذلك السوري يصنع ألذ المأكولات على مستوي شخصي، ما زال محافظًا على نفس جودته وكفائته رغم شهرته وهذا ما جعل زبائنه يزداد يوما عن يوم، تناولت بشراهة وهي تجيبها بملء فيها
- تحفة بجد
قالت فريال التي تذوقت قضمة واحدة لتقول بتشجيع
- واااااو بجد كل مرة بتفاجئيني.

زفرت رهف بيأس وهي تكاد تبكى، الكل أعجبهم الا السيد الشيف العظيم، صاحت بنفاذ صبر وهي تكاد تبكي من قلة حيلتها
- اوماااال مش بتعجبه ليه، لا وقاعد بيتلكك كل شوية اشي انت حرقتي الجوانب لا الجبنة مش سايحة لا معرفش الكنافة نوعها مش طازة، الشربات كان خفيف شوية، اوووووف
تضحكان، تضحكان بكل برود وهي تتعذب في المنتصف، زفرت بحنق
- انتوا بتتضحكوا على ايه
غمزت جيهان بشقاوة.

- ابدا، اصل نزار كده علشان كده مبتقدرش ست تقعد معاه على بعض عشر ايام
تجهمت ملامحها وصاحت بضيق
- طب ما في ستات هناك هنادي واللي اسمها بيسان
ابتسمت جيهان وهي تتذكر حالة الجنون التي كانت تتلبس المدعوة بهناد ما ان يعرب عن فشل طبقها، قالت
- هنادي ديه اكتر واحدة شوفتها بتتعذب في الكريم كراميل، كان ساعتها لسه في محل في العاصمة ومقولكيش العذاب اللي حصل
صمتت وهي تغمز بشقاوة إلى فريال.

- بس عصفورة قالتلي انه خلاها مساعدته
تلعن اليوم الذي وافقت به على طلبه، تنهدت بتعب
- مساعدة! سلامات بقي، انا رهف الغانم يقولى نضفي ورايا لأ ويقولي هتنضفي السمك
نظرت الى حالتها المزرية بقلق وقالت
- الفت هانم لو شافتني متبهدلة كدا وضوافرى متكسرة وشعري المنكوش هتقتلني
لمحت جيهان شاب لطيف يضحك بصمت على جنون تلك الرهف لتقول بخبث وهي تغمز لرهف
- بس واضح ان فيه ناس بتحب مظهرك.

صاحت رهف بقرف ما ان مالت لتشم رائحة قميصها التي تحمل رائحة البصل، اشمأزت بقرف
- انا ريحتي ريحة بصل وتوم مين ده اللي هيبصلي
التفتت ما ان رأت انهما يغمزان لشخص ما بالخلف، ما ان ابصرته حتى تنهدت وقالت ببساطة
- ده محمد، بيساعدني ولطيف جدا معايا
كانت فريال تراقب عودة اشراق رهف من جديد، لمعت عيناها وهي تسمع تعليق جيهان
- لطيييف ويا تري نزار الشامي سمح بالمسخرة دي تحصل.

عبست رهف بطفولية وهي تري كل الطرق تؤدي اليه في النهاية إليه، لتصيح بحنق
- ما هنادي عندها خطيبها في نفس المكان ومش بيقول حاجه
انفجرت جيهان ضاحكة تتبعها فريال، تأففت رهف صائحة بضيق
- بطلوا ضحك بقي
استعاد وجه جيهان الجاد لتقول
- عموما احنا هنكمل مشوارنا علشان نلحق الفرح اللي عمله وقاص باشا
تمتمت رهف بصوت هامس
- انا لازم اروح البيوتي سنتر بجد ولا اسبوع عشان الريحة دي تطلع من جسمى.

اجفلت ما ان سمعت الى نبرة حانية تهلل بفرح
- مساء الخير صبايا
صاحت فريال متذكرة
- نزار متنساش الحلو في الميعاد واكيد هتحضر الفرح
هز نزار رأسه قائلا وعيناه مسطلة على رهف
- من عيوني يا فريال، شيف رهف بظن هيك بكفي استراحة خلينا نروح للشغل
استشاطت غضبا وهي تراه يذهب الى المطبخ لتهمس بحدة قبل ان تلحقه
- اقسم بالله عايز يتقتل ده
بالكاد جيهان التقطت انفاسها من كثرة الضحك، اقتربت من فريال قائلة
- نجحتي يا فريال؟

اتسعت ابتسامة فريال وتألقت لمعة في عيناها لتهمس
- رهف ليها حق انها يكون ليها حياة بعيد عن تحكمات اهلها، رهف بتثبلتي انها كانت افضل مني
تنهدت جيهان لتنفض رداء الضعف قائلة بحماس
- يالا يا عروسة القرصان بتاعك مديني شغل اسابيع انجزه في يومين، زمان شادية بتصوت دلوقتي وهي بتجهز القاعة.

ماهر
الرجل حينما يصل للعشق يضعف
يصل الى مرحلة يكاد يشمئز من نفسه على ما يقترفه من حماقات
هو مجرد عاشق بائس ومعشوقته لا تراه ابدا
يأس من لفت انتباهها
لو فقط اعطت له اشارة، اشارة واحدة انها ستنساه لبقي طول الامد بجوارها
لكنها انانية، تستغل عاطفته لمصلحها الشخصية
لكن قلبه الغبي يجعله يستسلم في كل مرة.

أصبحت مارية في حالة حرجه ما إن علمت ان نضال سيأخذ صغيرتها من احضانها، مكوثها في المشفى نتيجة تعرضها لانهيار حاد جعله يتصل ب اسيا التي سارعت بحجز مقعد الى اقرب رحلة لمصر، همس بتوسل
- مارية
رفعت عيناها الشبية بعينا القطة، لكن عينا القطة جريحة، تألم قلبه وهو يهمس
- ارجوكي متعمليش في نفسك كده والله انا بموت
ارتجفت مارية على همسته المعذبة، لمست لحيته وقالت
- راحت منى يا ماهر.

صاح بقوة وهو ينظر إلى عيناها بتصلب
- مارية مش عايزك تضعفي
اسدلت اهدابها وهي تفكر في ذلك الامر من منظور اخر
ربما حياة جديدة ستعيشها شمس غير متأثرة بقاذورات سمعتها
تمتمت بجمود
- تفتكر ان ده كان افضل ليها وليا، انها تكون معاه اهله اكيد هيساعدوه في تربيتها
صاح بعدم تصديق
- مارية
نظرت اليه بجنون وصاحت
- انا امي عاهرة وانا ع
كتم باقي عبارتها بكف يده ليصيح بلهجة حادة
- اياكي تنطقيها.

ارتجفت شفتيها وهي تنفجر في بكاء حاد مبتعدة عنه
- المحكمة اخدتها مني بسبب غبائي
ثم ما عادت تصيح بقوة
- شمس احسنلها تعيش معاه، انا مكنتش هقدر احميها لوحدي
انتفض قلب ماهر برعب، هي على حافة الجنون، حاوطها بذراعيه بأمان وهو يهمس في اذنها بحنان
- انتي اقوي ست شوفتها
لفت ذراعيها حول عنقه لتهمس
- قولتلي انك هتبعد بس قربت مني، ماهر عايزاك تغيرني للاحسن.

ماهر هو سندها، هي تريده، ترغبه بشكل مستفز، رفعت عيناها الضارعة الى عينيه قائلة
- انا عايزاك تكون معايا خطوة بخطوة اعرف اثبت رجليا
كانت ملامحه مبهمة، قست عيناه وهو ينتزع ذراعيها قائلا
- هتفضلي انانية لحد امتي يا مارية، بعد ما اساعدك يجي راجل تاني وياخدك مني
- بتقول ايه؟
عقله يثور، قلبه يثور، رجولته تثور بالكرامة التي سبق ومرغت بها ارضًا، صاح بلهجة قاسية.

- زي ما انتي سامعة، بطلي انانية بقي حبي ليكى ضعف وملعون ابو الحب اني ابقي ذليل ليكي
شحب وجهها وهي تراقبه يذرع الارض جيئة وذهابا لتهمس
- انت بتقول ايه
اجفلت ما ان امسك ذراعها بخشونة يهزها بقوة قائلا
- عايزاني اساعدك وتفوقي وتاخدك الحياة ويرجع ماهر مجرد صديق مش كدا
نفت برأسها لعدة مرات
- انا مقولتش كدا
صدق دموعها، قلبه صدق الدمعات المخادعة، صاح بالم
- عيونك وقلبك عمره ما كان ليا ولا هيكون.

تعلم مارية تلك النبرة
انها النهاية
تمتمت بتوسل
- ماهر
ماهر لم يعد يحبذ خانة الصديق ابدا، ماهر احترق قلبه واصبح رمادا بسببك
استعاد نبرته الجادة وقال
- كلمت اختك بليل هتيجي وتاخدك وتقتدر تهتم بيكي
راته يغادر الغرفة، صاحت متوسلة وهي تمسك ذراعه
- ماهر ماتسبنيش
لن يفعلها كما المرة السابقة، لن يفعل ابدا
ودعها بكلمات جافئة
- لكل شيء له حدود يا مارية، اشوفك على خير
هي خسرت تلك المرة
خسرت ماهر للأبد.

ماهر الذي كانت تراه بمنظور اخر حينما اصبحت تعيد تصرفاته معها منذ ما ورطت نفسها به، هو الوحيد الذي اهتم بها وجاهد لمساعدتها لخروجها من حالتها المدمرة.
ألم يقولوا اننا نشعر بالحب حينما نفقده؟!
ها هي وقعت في حبه وفقدته بسبب غبائها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة