قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثلاثون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثلاثون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثلاثون

أسراره متغيرة بعض الشيء بعد انفجارها الآخير
عادت لعادتها وهي الكتابة على الأوراق التي تخبئها عنه كي لا يراها
لكنه لا يهتم، ليس الآن حاليًا، ما هو أهم الآن كيف سيواجه والدته التي بدأت تلح عليه بالأتصال
بل تسأله بكل جفاء عن مرات ابني وكان ليس لها اسم.

بالكاد يتمسك ب أعصابه وهو يقف على فوهة بركان، رغم كل شيء هي والدته بالنهاية، يحاول تلبية رغباتها بقدر استطاعته لكي يسد فراغ ما تركه ضياء، ضياء الابن المطيع المستمع الى كلام والدته دوما، لا يعلم لما يشعر أنها لا تشعر بحرقة عليه كما حال الأمهات الطبيعية؟!

سبب آخر يضاف من ضمن الأسباب لكرهه إلى هذه الطبقة البراقة المزيفة، كان يتابع بعينيه إلى الشابين الذين يصلحان السيارة وهو واقف مشرفًا عليهم، حتى جاءت نسمة حارقة
ألهبت فؤاده
جعلته ينتعش فورًا ما ان اسبل أهدابه وهو يكاد يكتم ضحكته هامسًا تستاهل قولتلها اني هوصلك.

لكن كيف لا تعارض وهي تتبجح أمامه بسيارتها البيضاء المكشوفة السقف، لا والف لا يكفي فقط نظرات نساء اللاتي تقطن الحي الراقي وهمساتهن ولمزاتهن عليها، كان هو العازب الأشهر في تلك المنطقة حين عودته ويكفي عروض الأغراء التي تلقاها من المطلقة والشابة العشرينية بل طفلة في العاشرة ترسل له وردةكل صباح حين تستقل الحافلة المدرسية، لكن منذ زواجه كل ذلك انقطع تماما، بل هو من أصبح غير مكترث في الحقيقة.

كل جل همه وتركيزه على تلك المشتعلة الآن، وهو يترصد حتى تنهار قناعها ويجعلها تثمل بقوة في دوامة تقتلعها كما اقتلعته.
كسي الجمود محياه حينما اقتربت منه وابخرة دخانية تتصاعد من اذنيها وشعرها الأسود الذي يصل نهايته الى اسفل كتفيها بقليل يتطاير بجنون مثل جنون صاحبتها
- ممكن افهم ايه اللى حصل؟، العربية سليمة من اول جوازنا النهاردة تبوظ
نبرتها نبرة مدير لموظف.

تجهم وجهه وهو يرى الشابين قد انتبها نحو تلك النارية، ابتسم وهو يعصر قبضة ذراعها ليشدها إليه بقسوة وقال بقوة نحو الشابين الذين أسرهم رؤية المشاجرة
- خلص شغلك يا باشمهندس عقبال ما اشوف المدام
لم يزيد حرفًا وهو يجرها جرًا وهي تلاحقه بكعبها الحذاء الأصفر، جز على اسنانه بقسوة وهو يفكر كم رجلا لفت انتباهه لذلك اللون الأصفر في كعب حذائها
اغلق الباب وقربها اليه
في حصار من نوع آخر.

استكفى من المكتب و الحوائط الباردة
س يلفها في نيران متقدة
همست بتبرم شديد
- انت اللي بوظت العربية
ابتسم وأجاب ببساطة
- ايوا
ضيقت أسرار عيناها وهي تتذكر إلحاحه بتوصيلها رغم انها تمتلك سيارة، وقتها أصرت على الرفض لتري نظرة قاسية يحدجها به ثم صفع باب الشقة بقوة، لقد استكفت منه حتمًا وقد أصبحت لا تري سوى شياطينها من ألعابه الطفولية التي يمارسها عليها
- وتعمدت اني اجيلك.

كانت تعض خدها من الداخل وهي تري انامله تتحسس، وتلمس، وتقيس جسدها، ثم تتلكأ على خصرها ذهابًا وإيابًا، يدرس لعبة تحمل الأعصاب وهو يرشق عيناه في عينيها التي اهتزت..
لقد ارتجف جسدها
ابتسم بتألق وهو يغمغم
- ايوا
دفن رأسه في تجويف صدرها وهو يزفر بحرارة، يخرج بعضًا من ما يتضخم في داخله نحو تلك المرأة
الساحقة
شديدة الأنوثة.

شعور يختبره مع امرأته، لا يعلم كيف استحوذت كل عقله والقلب الساكن يعلن عصيانًا شديدًا لأمره
كيف هو منذ زمن يبحث عن إمرأته وهي كانت امامه
كانت صغيرة، تعدت مرحلة مراهقتها
لم يكن دومًا منتبها للصغيرات وهو ينظر للنساء الناضجات انثويًا لكنهن لم يملكن له شيء، لم يحاولن حتى أن يفهموه مثلما تفعل هي بدون تعمد.

رغم رغد العيش في حياتها منذ الصغر، إلا أنها عاشت معه دون تذمر او تأفف لاحظه عليها، هي فقط تبدي امتعاضها على اهماله للنظافة، لكنه فقط يتعمد ذلك دائما وقد علم أنها من مهووسي النظافة.
طبع قبلة على تجويف صدرها وانامله بدأت تعبث بخبث في ازرار بلوزتها الزرقاء ليغمغم بصوت أجش وهو ينظر الى عيناها
- وحشتيني، بعدين انا مجهزلك عربية خاصة بيكي كدا ميني كوبر تجنن.

تلك المرة حاولت أن تتملص من ذراعيه بدون فائدة، زاد ذراعيه تشبثًا وهو يسمعها تصيح بلهجة هادرة
- سراااااج
اتسعت عيناه وهلل قلبًا فرحًا وصخب طفولي، عض على شفته السفلى وهمس بعذوبة
- وضحت
نظرت اليه بعدم فهم ليهمس
- حرفي اللي بتتعمدي تحذفيه
انتبهت إلى ما قاله، لتهمس بجفاء
- ورايا شغل
عادت من جديد
ملكة الجليد، أو القطب الجنوبي.

لم يفكر سوى بفك ازرار بلوزتها ودفعها نحو الحائط بقوة، أطلقت آهة خفيضة وهو يضغط بصدره على صدرها وشفتيه تعلم طريقها جيدا، يداعب وجنتها بإغراء شديد في قبلته وهو يغمغم بصوت اجش
- مفيش شغل وراكي غيري
ما يفعله ضربًا من ضروب الجنون
حاولت ان تعترض ليعود كتم انفاسها وعقد لسانها
الشعور جديد عليها، لم يخطر على بالها ان يقوم بفعل فاضح في مكتبه هو، اللعنة الباب غير موصد
همست بتهدج بعد أن نزعت شفتيها من براثنه.

- حد هيفتح الباب
صاح نافيًا وانامله تزيد من انصهار ما شيدته من جليد
- محدش هيتجرا اصلا، وبعدين انا بغير بجنون
جحظت عيناها وهي تراه يعلنها بقوة
غيرة؟!
غيرة تملك فقط، كل أفعاله غيرة تملك وكبرياء لا اكثر، سمعته يتمتم بعنف وأنفاسه المتهدجة تلفح صفحة وجهها
- عربيتك مكشوفة للكل، لما تقفي في الاشارة كل راجل عينه مش هتنزل من عليكي، وانا راجل دمي حامى ومش بحب مراتي حد يبص على لحم من جسمها
ضحكت ساخرة.

- كأنك بتتكلم بنت بكر مش واحدة اتجوزت قبل كدا
قبض على ذقنها بخشونة وهو يقترب محذرًا
- متعصبنيش
عيناه بهما دوامات
بهما صخب
همست ببرود
- انت مجنون، انا كنت مرات اخ...
قاطعها صارخًا بعنف وهو يخبط بقسوة على جانب وجهها
- ودلوقتي مراتي انا، حقي انا، ملكي انا، انا بحاول انسى انك كنت في يوم من الايام مراته وجزء منه
تهدج انفاسه وهو يعي ما فعله منذ قليل، عاد يزر ازرار بلوزتها وهو يغمغم بصوت اجش.

- هو مقدرش النعمة اللي كان معاه، دايما منتبه لشغله وناسي انه فيه واحدة ممكن تجهز له ليلة ولا ليلة الدخلة
رفع عيناه ونظر اليها قائلاً
- اطوي صفحة الماضي، هتتعبي وهتخسري كل حاجه واولهم انا
هزت راسها وهمست بفظاظة
- كلامك ولا كأنى مثلا بحبك
حينها نظر إليها بغموض
يحاول كشف كذبها من صدقها
عدل من هندام بلوزتها وهو يعيد تنظيم خصلات شعرها التي لقت جزءًا من جموحه ليهمس
- بتحبيني، وانتي في حضني عارف انك بتحبيني.

هزت كتفيها بلا مبالاة وهي ترى ما يفعله معها، جيد أنه يمسح آثار ما صنعه غبائه، قالت بجمود
- يارب يكون ده كلامك وقت ما شيراز هانم تقولك اختار بينا
حضن وجهها بكفيه واقترب منها وهو يطلق زفيرًا حارًا
هي محقة، كل ما أظهره مجرد رغباته
لكن هذا ما يستطيع أن يصف به مشاعره
الكلام يحتاج لجزء عملي لتصديقه..
همس بصدق.

- انتي مراتي وجزء مني، مكنتش مجبر على جوازي منك، الا انك جذبتني ومش هنكر بده، وانا مش هبقي راجل لو معرفتش احافظ عليكي
يرى عيناها تحاول أن تكتشف كذبه، لكنهما كانتا صادقتين، هم بالاقتراب ليري من اقتحم الغرفة ليشيح عيناه معتذرا من الاقتراب الحميمي للزوجان قائلاً
- اسف يا باشمهندس
ضيقت عينيها وهي تنزعه بقسوة قائلة
- قولت محدش يتجرأ يدخل الاوضة
عض على شفته السفلى بحسية وهمس بوقاحة.

- انا من رأيي ندخل الحمام بعد كدا
صاحت بلهجة صارمة
- تصلح العربية، انا رايحة الشغل
تنهد سراج، عادت المرأة العملية مرة اخرى
صاح بصرامة ما إن رآها تهم بالخروج بكعب حذائها الأصفر الذي طير برجًا من أبراجه، منذ الان فصاعدا سينتبه على الأحذية كما اهتم بساقيها وخبأهما في سروال واسع عملي
- عدلي لبسك ومتتحركيش خطوة إلا بدوني
اقترب منها ما إن رأى بوادر الرفض ليصيح بقوة.

- اقسم بالله اقوم شايلك على كتفي وانتي عارفة مش بيهمني حد
مجنون ويفعلها، راقبته يغادر وهو يزعق هادرًا في اسم رجل ما، يبدو انه من اقتحم خلوتهما، تنهدت جالسة وهي تضع كلتا يديها على رأسها، لقد أصبحت في ورطة...!

- اهلا يا باشا، اتصالاتك كترت
صاح بها نضال بمشاكسة وهو يعلم سر مجيئه إلى قرية وقاص، بل ارض احلام عصفورة العائلة
غمغم وقاص بحدة غليظة
- مديني ورقة محروقة يا نضال
جلس نضال على المقعد بتكاسل شديد وتمدد بجسده وقال
- مين قالك اني اديتلك ورقة محروقة، وقاص كلنا في مركب واحدة، انا عارف انا بعمل ايه
اقترب وقاص وهو يدرس تعابير وجهه الساخرة، صاح بصوت اجش
- عايز عزيز ف ايه؟
وقد وصل للنقطة، رفع نضال عيناه وقال.

- وانت عايزه ف ايه؟، اعتقد نطاق شغلك وسمعتك انه انت ملكش في السكة دي
زم وقاص وقد علم أنه سيتلاوع ف الكلام معه، لا يعلم لما جلبه لكنه أمل به لمرة، او تمني ان يخيب ظنه ويفصح عن رغبته المستميتة
- نضااااال
غمز نضال بشقاوة
- اعترف اني دايما سابقك بخطوة يا باشا
جلس على المقعد المقابل وهو ينظر إلى عينيه بقوة
الجهتان متآهبتان في أي لحظة إن فكر أحدهما في الخيانة..

كان نضال يسخر من ذلك الموقف، من المفترض تلك الجلسة المشحونة بين طرفي اعداء وليس اثنان يربطهما رابط دم!
- عايز توصل لإيه؟
أجاب بصراحة شديدة
- فضول
لم يصدقه، بالطبع وهو أيضا لا يصدق.

شعلته هنا فضول وانتقام، حقق سعيه بالانتقام من ماجد لكن عزيز يوجد من هو أكبر منه، والذي أكبر منه يوجد من هو أكبر وستنتهي السلسلة بزعيم مافيا، لكن ما علمه من وجود صلة بزوجة أخيه، بدأ يقلب في الدفاتر القديمة باحثًا عن شيء يساعده، غمغم قائلاً
- مجرد فضول مش اكتر، انا خلصت من ماجد وبقي كارت محروق.

شبك وقاص أصابعه وهو يتخذ الصمت، عيناه كانت تلوم الجالس على شيء يعلمه، زفر بحنق وهو يفكر حينما آتي صغيرا الى بيتهما
كان سبب شقاء والدته، بل شقاء الجميع، كان حانقًا من والده كونه تدني بمستواه وقارن بين والدته وامرأة فاسقة، رغمًا عنه كان صغيرا وامه كانت وقودا لكرهه، وحينما نضج وفكر بنضج ورأي اخيه يتصرف برعونة وتصرفات لا تليق بالمستوى الاجتماعي، أصبح غير مهتما به إطلاقا وسعى اهتمامه ب رهف.

تنهد زافرًا بحنق يبدو أنه كان عليه الاهتمام بأخيه الصغير هو الاخر، رغم عنه هو اخيه، بعد انتهاء تلك الازمة يجب أن يعيد ترتيب أفكاره واهتمامه، الذنب ليس ذنبه ولا ذنب نضال الذي لم يجد من يساعده على إرشاده للطريق، تركه الجميع يتخبط في حياته
- عايز تقولي انك بتلعب مع تاجر مخدرات
صاح بها وقاص ليرد نضال ببرود.

- عزيز مش تاجر مخدرات وانت عارف كدا كويس، رجليه دخلت في السكة دي، وماجد ماكنش غير ديلر بيوزع البودرة وفيه منه كتير في البلد
المعركة تلك هي معركته، هو سيحارب لإثبات أنه مازال حامي العائلة، لن يسامحه نفسه ابدًا بما فعله برهف وهو بعيدًا عنها، قدم للوطن ما إن علم بطامة رهف، جز على اسنانه بقسوة
- اسحب ايدك من الموضوع
أضاف نضال الزيت في النار وهو يعلم كرهه لليوم الذي لم يكن فيه بالقرب من رهف لإنقاذها.

- انا خطواتي أسرع، فين كنت لما رهف كانت موجودة في شقة دعارة وال ده مخلي اختك على سريره
اشتعلت نيران في صدر وقاص وتحولت عيناه لعينان شرسة ليضيف نضال بلا مبالاة
- حقك وبتاخده منه وانا مش معترض، زي ما قولتلك مجرد فضول، وسبحان الله الدنيا صغيره اوي كأننا في دايرة بندور حواليها
كان نضال استقام من مجلسه حينما همس وقاص
- سبتها ليه؟

عاد لفرح ثانية، تلك المرة يسأله لما تركها؟، وليس الرجل الذي ما ان يتسنى رؤيته ليخبره أن يتركها، تمتم ببساطة
- اظن ان دى حاجة يخصني
استقام وقاص وقال بجمود
- شمس محتاجه ام تربيها، حتى لو قمت بكل الأدوار هي محتاجه ام
هز نضال رأسه، وهو يتلمس اهتمام وقاص بطفلته، جيد ان حدث له شيء فحامي العائلة هو من سيتصدر، صاح بخشونة
- انا عارف بعمل ايه كويس، بالأذن.

دار على عقبيه ليتفاجأ من وجود رهف في غرفة المكتب، عيناها مليئة بالدموع وهي تنظر اليه
تخبره لماذا؟
لماذا فعلت هذا بى؟
ليجيب أن ذلك هو أفضل إمتلكه وقتها
مسحت دموعها وهي تهمس بصوت متحشرج
- انت كنت عارف
هز رأسه مجيبًا لتخرج شهقة متألمة وهي تقترب منه تضرب صدره بقبضتيها الصغيرتين..

كانت عائدة من عملها الذي انهك جسدها تبحث عن وقاص، كانت ستغادر حينما شعرت بوجود احدهم في غرفة مكتبه، لكن ما جذبها صوت وقاص وهو يتحدث عنها
بكل فضول استرقت السمع، لتشهق من ما سمعته، نضاااال هو يعلم معاناتها منذ البداية، صاحت بوهن
- يعني انت كنت عارف من الاول وسايبني امشي وراهم
انفجرت في وجهه بحدة
- انت ازاي تكون اخ
وقتها لم يمنع نضال سوى أن يقول بسخرية شديدة.

- رهف، اعترفي انك معندكيش غير اخ واحد واهو قدامك
كانت كالمجنونة وهي تبحث عن الحقيقة، صاحت بقوة
- انت، انت ازاي، و ليه خبيت
رد بنبرة متهكمة
- بعمل بأسم الأخ اللي اتفرضت عليا زي ما اتفرضت عليكم، محدش في العيلة معترف بيا وكنتم ساكتين وكنت قاعد وسطكم ولا كأني شخص احتل جزء من بيتكم، بس العيب مش عليكم العيب على الباشا وحرمه.

اتسعت عيناها بجنون وهي تسمع تلك الحرقة التي في صوته، اقتربت منه وهي تنظر الى عينيه الذهبيتان، بهما آلما شديدًا يتجلى بوضوح، آلما كان يجيد اخفاؤه لكن يبدو أنه لم يستطيع الاخفاء أكثر، همست بحرقة
- سبتني اشوف العذاب ليه.

صوت بكاءها يذكره بتلك الليلة المشؤومة التي وجدها عارية في سرير رجل وعقلها كان منتشي من اثر جرعة أدت إلى غياب وعيها، نيران تآكلت أحشاؤه وهو يتذكر معاناة سنتين منذ الحادثة لتبرق فقط من وجود أخيها، سنتين وهو ينقلها من مصحة لأخرى افضل آملا في شفائها لكن يبدو انه مهما حاول لن يجدي نفعًا كما فعل وقاص، زفر بحرارة وهو يحتضن وجهها بكفيه
- علشان تبقي قوية يا رهف، انتي رهف الغانم مفيش حاجه تكسرك.

طبع قبلة لأول مرة على جبهتها لتفاجئه وهي ترتمي بين ذراعيه للمرة الأولى، من شدة صدمته لم يبادلها، لكنها لم تبالي يبدو أنها كانت في حاجتها إليه، نظر إلى وقاص ليجده ينظر بهدوء شديد وكأنه يتقبل وجوده واستحواذ ما هو له لبضع ثواني
بضع ثواني كانت كبلسم وضع على جرحه فأندمل.

اغلقت جيهان حاسوبها ما إن ابصرت شقيقها يتجه نحو سيارته، صاحت بصوت عالي
- يا هلا بالاخ الضال، قرب يا باشا
بان التردد على ملامح ماهر ليهز رأسه وهو يقترب منها، عبث في خصلاتها التي لونتها بألوان رمادية ليقول
- ظريفة يا جيجي
ثم جال بصره في الحديقة ليهمس بتعجب
- شادية فين؟
ما إن انتهى حتى رأت جيهان قدوم عاصفة تنهب الأرض نهبا ووجها الاسمر محتقن بشدة، صاحت جيهان بمشاكسة
- اهي جت ب الزعابيب بتاعتها.

رمت شادية حقيبتها ارضا وارتمت على مقعد فارغ لتصيح
- الحيوان، الجزمة، بقي انا يقولي البسي لبس محترم بدل لبس الرقاصات
تلاعبت جيهان بحاجبيها لتزفر شادية بنزق ما ان سمعت نبرة جيهان اللعوب
- قال كده عاصي؟
زمت شادية شفتيها وصاحت بغيظ
- لا وبيقولي ديه تعليمات بابا، انا هقوم اكسر ضلوعه
انفجرت جيهان ضاحكة لتنظر إلى أخيها الذي تجهم وجهه بضيق لتلقي تعبيرا خبيثا
- حيلك حيلك، ده لو حضنك هتتكسري
انفجر ماهر صارخًا بعنف.

- جيهاااااان
غمغم ماهر بحنق شديد وهو يتفحص ثوبها بضيق، اللعنة على سفره ونسيانه لفتاتين يحتاجونه أكثر منها تلك الجاحدة الماكرة
- انا هتصرف معاه، لكن هو عنده حق، لبسك مكنش كدا
امتعضت ملامح شادية وقالت
- جيجي بتلبس كدا
أجاب ماهر بقوة
- متنسيش انك اتحولتي يا شادية
ثم أطلق قذيفة يرميها في هدوء مريب
- انا جيت اقولكم اني هتجوز
همست جيهان ساخرة
- الشقرا
صاح بجمود شديد
- لا
انعقد حاجبا جيهان، لتسأل شادية
- مين؟

غمغم بلا مبالاة
- واحدة اتعرضت عليا
جحظت عينا شادية، لتنظر الفتاتان لبعضهما بدهشة
توقعا بعد كل مشاجرة بينهما النهاية تأتي بالصلح
لقد اعتدن على ذلك، ما الذي تغير؟
تمتمت جيهان بذهول
- بابا عرضها عليك؟
أومأ موافقًا
- ايوا
وضعت شادية خصلة سوداء خلف اذنها وقالت
- شوفتها؟
جانب البرود من ماهر لم يتعود عليه اطلاقا، تمتم ماهر
- اتكلمنا والدنيا تمام واتفقنا.

قام من مجلسه مستأذنا لتهب جيهان قائمة وهي تعلم ان ماهر تلك المرة لا يمزح، او يخدعهم خدعة سخيفة، صاحت بنزق
- ومارية؟
غمغم بجمود واكتسى وجهه ملامح الصرامة
- ماضي واتقفل
كادت جيهان تشد في شعرها من الجنون لتهمس
- يا ابن المجنونة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة