قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني والثلاثون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني والثلاثون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني والثلاثون

كانت هناك سيارة على بعد مسافة ليست ببعيدة عن ذلك البيت، كان نضال يستمع إلى أصوات تأوه العزيز بعدما تأكد أن أحمد زرع ميكروفونات في جميع الغرف، انعقد حاجباه وهو يستمع إلى صوت تلك المرأة الشرسة وهي تأخذ بحقها بكل قوة، غير خائفة ومذعورة من أن الذي يقف امامها يكون هو السبب في تعاستها..

تنهد زافرا بحرارة وهو يهمس، متى ستصبح رهف بكل ذلك العنفوان والطاقة الجبارة لتقف أمام من سبب في آذيتها؟!، هو فعل ونجح في ذلك بل تخطي محنته، رغم ان فلسفته غريبة
لكن لا يوجد أفضل من مواجهة أكبر مخاوفك بدلا من أن تتوارى من خلف حجاب.
كان نضال مذهول من ما تقوله فريال عن ذلك الرجل، استمع الى صوت الرجل الذي بجانبه
- ندخل يا باشا.

هز نضال رأسه نافيًا وهو يرى تلك اللعبة ازدادت اثارة، من كان يعلم أن خلف ما تخبئه تلك المرأة من كوارث ستقلب حياة أخيه الهادئة، همس بتسلية شديدة
- لا واضح ان اللعبة احلوت اووى
غمغم الرجل بقلق شديد وهو يستمع إلى عويل من الرجل الذي أصبح تحت رحمتها
- ممكن يحصلها حاجه.

كان نضال سيتدخل برجاله لإنهاء تلك الكارثة قبل ان تقع، لكن ما إن سمع صوت تأوه الرجل وكأن هناك من ضربه على رأسه حتى آمر رجاله بالتوقف والانتظار لفترة حتى يتأكدوا انها بخير، وحتما تلك المرأة لم تخيب ظنه ابدًا
يعلم أن وقاص سيصل إلى هنا خلال فترة قصيرة، يعلم جيدًا ان من اختارهم خبراء في تخصصاتهم للتجسس بأنواعها، همس بمكر
- مش هيحصل، عرف يختار مراته صح.

صدق حدسه ما إن استمع إلى صوت زمجرة شرسة من سيارة تقترب من البيت ليترجل صاحبه وقد اسودت ملامحه قتامة وفي يديه يحمل سلاح، ابتسم نضال وهو يأمر السائق بالتحرك...
رغم مراوغة رجاله حينما قاموا بتتبع سيارته وهو قادم إلى ذلك المكان المقفر، إلا انه وصل الى هنا في النهاية، رنين هاتف من رجله جعله ينظر إلى بغموض دارسًا ملامحه
رأي تبدل سحنة رجله وهو يغلق المكالمة ليهمس
- باشا
نظر اليه باهتمام ليتابع الرجل بجمود.

- فيه معلومات جديدة بخصوص المدام فرح
ابتسم نضال بسخرية
- ايه رجعت تنزل
هز الرجل رأسه وهتف بصلابة
- نزلت مرة واحدة الصبح لمكان حضرتك مش هتصدق هي تكون فيه
خيالاته واسعة تكاد تذهب به إلى عالم مختلف عن هنا، غمغم وهو يهتف بسخرية ملازمة له
- راحت فين؟
رد الرجل بثبات
- بيت دعارة.

سكنت ملامح نضال لحظة أو لحظتين، لتتوهج حدقتيه وهو يبتسم بإتساع شديد، يبدو أن القطة تنبش في بيت من آواها، أشار لسائقه بالتحرك إلى مكان منزله وهو يستعد الى ملحمة أخيه القادمة.

ترجل وقاص من سيارته وهو يأمر السيارة التي تبعته خلفه بأن يظلوا في اماكنهم، داخله مراجل تغلى من الغضب، توحشت عيناه وغادر بهما معالم الانسانية وهو يتوعد لنضال الذي يظن أنه في لعبة محاكاة وليس واقعًا، هرب بسيارته الرياضية من رجاله الذين يتبعونه، شكر الرجل الذي أعطاه قبس من الأمل حينما توصل الى اشارة هاتف عزيز ولم يشعر بنفسه سوى انه هنا، دك الأرض دكًا وهو يقتحم باب جار عليه الزمن وقد رفع صمام الأمان عن سلاحه.

استمع الى زمجرات انثى مجروحة وصوت يشبه السوط يلقي على جسد شخص يصرخ بألم، اقترب نحو مصدر الصوت وهو يستمع إلى زمجرة فريال الشرسة
- يا كلب، يا نجس
تخشب جسده عند مقدمة الغرفة وهو يراها تقف امامه بكل تحفز، تلطم وجهه بكل عنف وهي تخربش بأظافرها في وجهه
- عديت كل لطمة على وشى، كل ضرب علمته على جسمي، كل علامة شوهت جسمي
ادخل سلاحه وهو يستمع إلى هذرها الشديد.

- بعتني بالرخيص يا عزيز، رغم كل شيء انا عملته ليك، استحملتك كتير لحد ما فاض بيا
اقترب منها من الخلف وهو يضم جسدها الذي ثار بشدة، كانت تتلوى من بشدة، امسك الحزام من يديها ونزعه بقوة وهو يهمس في اذنها
- فريااال
حاولت الهرب بساقيها الحرة، لكنه شدها بقوة إليه لتنظر اليه، انفجر في وجهها صائحًا
- فريااال فوقي.

عيناها كانت ك بركتين من الدم، شعرها القصير ثائر بوحشية، صدرها يعلو ويهبط بسرعة وهي تخرج انفاسًا ملتهبة في وجهه، سكن جسدها ما إن حطت عيناها على عينيه القاتمتين
أصبحت ساقيها كالهلام واهتزت حدقتها ما إن رأت نبع دافيء، ملجأ دافيء التمسته في احضانه
خرت ساقطة بين ذراعيه وهي تهمس بضياع
- وو، وقااااص
ألقي نظرة مزدرية على الجسد المكبل قبل أن يحمل جسد فريال المغشى عليه خارجًا من ذلك المكان الموبوء.

تقدم احدى رجاله ما إن اشار اليه، صاح بصرامة
- شيل الحيوان ده وارميه مع الكلاب اللي هناك
ثم تنهد زافرًا بضيق وهو يضع فريال في المقعد الخلفي، تلك المجنونة كانت مستعدة للاختطاف، ما رآه منذ قليل أبهره بل ألجم لسانه، طبع قبلة حانية على جبينها وهو يسارع الرحيل قاصدًا إلى المشفى.

تنهد سراج زافرًا بحرارة وهو يبعثر بانامله بخصلات شعره، صمت والدته لا يحبذه بل برود أسرار هذا أكثر ما يستفزه بعد أن قررت الاعتياد على ذاتها، تنأي بنفسها بعيدة عنه وكأنها تخشى منه، يعلم ان قناعها اللعين على وشك أن ينهار لكنها تعيد ترميم ما تصدع، فتح باب الشقة وأغلقها متوجهًا نحو غرفته لكن تخشبت قدميه وهو يعيد النظر إلى تلك الفاتنة المغوية.

كانت تنتظره وهي تجلس على الاريكة المقابلة لباب الشقة، ساقيها المغريتين كانت تتحداه أن يقترب ويلمسهما
نيران اشعلت فؤاده وهو يراقب هيئتها الانثوية الصارخة، لم تكن تظهر فتنتها بإستخدام مساحيق التجميل وثوبها من الشيفون الأحمر المحتشم بخلاعة كان يستفزه، تمتم بصوت أجش
- غريبة.

خصلاتها المتمردة كانت تتحرك وهي تتقدم إليه تلمسه باغراء شديد وهو يكاد يحرق تلك الشعلة في بركانه الثائر، يداها كانت تعبث في ازرار قميصه وهي تلتصق به بشدة هامسة أمام شفتيه
- ايه هي اللي غريبة.

تلك ليست أسرار، ضيق عيناه وهو يرى بريق غريب يلمع في سماء عيناها، أنامله خانته، جسده طالبه بذلك الدفء، يعلم تلك المرأة ستفكر به أنه مجرد رجل يبحث عن انثي لكي يفرج بها كبته، لكن متى ستعلم انه يرغب ذاتها هي التي تمنعه بكل قوة عنه؟
تلكأت أصابعه عند عنقها وهو يلمسها بحسية حتى أتت رجفتها الأولى، صاح بجمود
- انك مستنياني.

ابتسمت وهي تسدل اهدابها لتغطي ثورة عيناها من لمساته الجريئة، تجرأت وهي تفك ازرار قميصه لتهمس بصوت ناعم
- كنت بستناك
قبض بخشونة على يديها ليرفع ذقنها الى مستواه وهو يقول بحنق
- أسرار
نظرت الى عيناه بشدة، تغوص في عيناه السرمدية بنوع من التيه، همست وهي تتعلق بعنقه
- وحشنى قربك ليا
زفر سراج بحنق وهو يغمغم بحنق منها ويداه ضمت خصرها اليه بقوة
- انتى سخنة؟
هزت رأسها نافية وهي تقترب منه تدس بوجهها في عنقه.

- مجهزالك الحمام
رحماااك يا ربى، همس بها سراج وهو يتوجه إلى فراشهما، تلك الباردة، بل المشتعلة، الأجدر أن يقول البركانية، لا يستطيع أن يجاريها ابدا، لم تكن ابدا المبادرة لكن مبادرتها تلك بمثابة شعلة أمل
وضعها على الفراش وهو يقول
- لا ده احنا اتطورنا.

لمست شفتيه بجرأة وهي تري اهتزاز حدقتيه، وضعت أناملها على عرقه النابض الذي يختض بقوة لترسل رعشة كهربائية تسير في أطراف جسدها، همست وهي تري شفتيه على وشك النطق بشيء
- شايفها في عنيك، قولها
شهقت ما ان سطحها على الفراش ليعتليها بجسده الضخم، شهقت بذهول اكبر لاعترافه
- أسرار، أنا بحبك.

كانت تتوقع ان يخبرها انها جميلة، يتغني في جمالها، يهمس بافتتان لسحرها في اذنها بكلمات لم تسمعها سوى منه، شبح ابتسامة ساخرة ظهر على شفتيها وهي تغمغم
- قلتها لكام واحدة غيري
صاح بخشونة وهو يمسك عنقها بأنامله
- انتى بس
- مش مصدقاك
لم تصدقه بالطبع، انسلت بصعوبة من ذراعيه ليعيدها اليه بقوة وخشونة لتصبح مزروعة بين جنبات صدره، يخنق أنفاسها وهو يخرج لهيبا من شفتيه.

عينيه الداكنتين مشتعلة برغبة مجنونة، تعلم هي مجرد لمسة واحدة وسيخرج جميع جنونه
كان ينظر الى عينيها يصرخ بجنون الى عينيها لتعطيه الاشارة الخضراء..
لاحظ ملامح الألم البادية على وجهها ليهمس بقلق
- وجعتك؟
هزت رأسها نافيه وهي ترى عيناه لا تزيح عن شفتيها لتهمس
- لا.

زفر سراج بحنق وهو يخلع قميصه ليلقيه ارضًا وقبل أن يغادر ذلك السحر وتهب في وجهه واصفة إياه بالهمجية وعديم النظافة، كبلها جيدًا وهو يلمس وجهها بشغف شديد
- انتى حقيقة؟
وجاءت إنبثاقة أمل
تلك المرة هي تدعوه لقربها
تسمح له بالتوغل الى خفايا لم يصلها بعد
همست بصوت مغوي
- جرب.

نائمًا على الفراش و ابتسامة راضية تعتلي ثغرة، الباردة أذهلته بليلة لم يحلم بها يومًا، ما زال دائخًا بمذاقها، تملل وهو يشعر ببرودة الطرف للذي بجانبه، تلمس مكانها ليجد الفراش بارد، عقد حاجبيه وهو ما زال غامضًا جفنيه، صوت رنين هاتفه جعله يفيق شاتمًا من يتصل به في ذلك الوقت، سحب الهاتف من الكمود الذي بجواره ليرد بصوت ناعس أجش
- الوو
استمع إلى زمجرة من والدته
- بقى هي دى اللى كنت بتتحامى لها قدامي.

طار النوم من عينيه وهو يفرك جبهته باحثًا عن اثر لزوجته، تثائب وهو يقول
- فيه ايه يا امى؟
صاحت شيراز بعصبية
- فيه مصيبة وحلت فوق دماغنا يا سراج، الشركة بتغرق، مراتك سحبت كل أسهمها من المؤسسة والعملاء اول ما عرفوا سحبوا ايديهم هما كمان.

اتسعت عيناه وهو يهب واقفًا على قدميه يتلمس الارضية الباردة، لا وجود لرائحة القهوة، ولا وجود لأثر عبقها، عاد بجنون الى غرفة النوم وهو يفتح الخزانة ليجد الجزء الخاص بملابسها خالي، خبط بكف يده على الخزانة مزمجرًا بقسوة
- أسراااار
نظر الى الهاتف الذي القاه ارضًا وانقطع الاتصال بوالدته لتقع عيناه على ورقة بيضاء موضوعة عل طاولة الزينة، خطف الورقة وهو ينهب الحروف نهبًا.

لن أقول اسفه بحق ما فعلته بوالدتك هي تستحق ذلك، أراك تتخبط بشدة كما فعل ضياء لذلك أخترت انا حلا بديلا عنك، لن اقول اسفه بحق ليلة أمس، ابعث ورقة حريتي ولا تبحث عنى، لن تجدني يا سراج، انتهت اللعبة، ولست نادمة ابدًا عليىليلة أمس، أشكرك على تلك الليلة، وداعا.

ألقى الورقة بعد أن تطلع إلى نفسه في المرآة، جسده يعلو ويهبط بجنون وعيناه محتقنه بالغضب، امسك قنينة عطر خاص بها ليلقيه بقوة على المرآة صائحًا بصوت جهوري
- أسرااااااااااااااااار.

دقة أولي ودقة ثانية
ما الفرق بين الدقتين
اختلاف العمر، نضوج ربما؟!
ربما كان الأول ساذجًا والثانى أشد سذاجة؟!
تنشقت عبير الصباح وهي تنظر الى النيل بشرود شديد، خروجها من حياة سراج، مجرد حل لم تجد بديلا عنه، سراج متحفز بشدة لكل فعل وحركة تقوم بها، لم تجد سوى ما فعلته ليلة أمس، أن تنتزع نفسها من بين ذراعيه و تسحب حقيبتها التي أعدتها أمس وتغادر الى مكان لا يعلمه أحد.

فترة تحتاجها للتفكير مليًا، سراج أصبح شخص خطرا على حياتها وقد شعرت برضوخها له، زفرت بحرارة وهي تلمس بأناملها صندوق خشبي متوسط الحجم به جميع أوراقها، بل مشاكلها النفسية ولم تجد سوى ورقة ترحبها بسعة صدر لتبث شكواها.
أجفلت ما إن شعرت بيد توضع على كتفها، التفت اليه لترى نضال ينظر إليها بتبرم شديد، زم شفتيه وقال
- هربتي ليه؟

شعرت به يجلس بجوارها، مستندًا بذراعيه على المقعد الخشبي و ممدا بساقيه الطويلة، همست أسرار باختناق
- نضال، حياتنا مينفعش تستمر بالطريقة دي
رفع نضال عيناه نحوها ليرى دمعة فرت من عينيها، شدها بقوة اليه واحتضن وجهها بكفيه قائلا بحنق
- بصيلي يا أسرار، خوفتى منه؟

عضت أسرار على شفتها السفلى بحرج، لا تعلم كيف ستكون حياتها بدون نضال، نضال المدافع الأول والحامي لحياتها لولا الفارق العمر الذي بينهما لربما كنت له مشاعر خاصة؟!، يكفي انه الرجل الوحيد الذي يؤازر محنتها، نضال بالنهاية أخ انجبته الحياة لها، ابتسمت بمرارة شديدة
- خوف؟، نضال اعتقد دي اخر كلمة ممكن تقولها ليا.

زفر نضال بحنق، تلك الغبية أخبرها بعدم موافقته للزواج من سراج، بل كاد ان يزهق روحها حينما أخبرته قبل عقد القران بأسبوع، مرر أنامله على خصلات شعره وهو يكاد أن ينتزع خصلات شعره من جذورها، صاح بنبرة قاسية
- هتروحي فين؟
هزت اسرار كتفيها بلا مبالاة، هبطت بعيناها الى الساعة المزينة برسغها، هذا موعد استيقاظ سراج، أجلت حلقها واجابت
- أى حتة مبقتش فارقة كل الامكان زي بعضها.

ابتسامة خبيثة شقت شفتيه وهو يرى ذلك الخوف المنجلى في عينيها وهي تنظر إلى ساعة يدها مرتين كل دقيقة، يكفي ان تلك الحمقاء ايقظته من نومه قبل أن يكتشف كالابله مثل زوجها باختفائها بلمح البصر، غمغم بمشاكسة
- سراج طلع مش سهل
حدجته بنظرة مميتة من عينيها الباردتين لتهمس بنبرة ذات مغزى
- وفرح كذلك، ارجعلها يا نضال، انت محتاج ست تحنن قسوة قلبك ومفيش غيرها.

لاحظت التجهم الذي تجلى في وجهه، اقتربت تلمس كتفه لتشعر بتصلب جسده تحت اناملها، همست بنبرة ناعمة
- هي الوحيدة المناسبة ليك، تعرف تطلع شحناتك السلبية وتستحملك وتراعي شمس الغانم، عايز ست تريحك مش ست تقعد تناكف معاها اظن ان حيلك اتهد بعد جنونك.

رغم عنه ابتسم بدفء وهو ينظر الى عينيها، هز رأسه يائسًا وهو يعلم اعتراضها على اتخاذ نهج والده، هو لم يختار ذلك الطريق ابدًا، بل ذلك الطريق اغراه بقوة وظن ان ما يفعله سيجعل الجميع يلتفت إليه، يستمع إلى نصيحة من احدهم الذين امتنعوا عن تعليمه خبرات الحياة بل تركوه يتخبط بكل قسوة بمفرده، لكن يد حانية تساعده، تشجعه على الوقوف دائمًا وعدم الانكسار
يد اخبرته إن وقع فليقع على ظهره.

وقتها ينظر الى السماء، ينظر إلى أعلى نقطة بإمكان عيناه المجردة الوصول إليها، ليستطيع الوقوف مرة أخرى بصلابة وعزم شديد.
أجاب نضال بسخرية
- الحاجة الوحيدة اللي عملتها صح انها سميتها شمس
زفرت اسرار بيأس، ذلك المجنون إن عثر على طريقها قبل اختفائها لا تضمن ردة فعله، تخشي أم تخاف؟ أم الأجدر بها انها تشعر بالشعورين معًا، سراج رجل مجنون ولا تستطيع أن تأمن لردة فعله، صاحت اسرار
- انا محتاجه امشي دلوقتي، طولت.

غامت عيناه وهو يكتم ضيقه ليقول
- متبعديش يا أسرار
- مش بإيدى
صاح بلهجة حادة وهو ينهض هو الآخر، يسير بجوارها وهو يراها ممسكة بصندوق خشبى محتضنة إياه بقوة الى صدرها
- سراج غير ضياء يا أسرار واكيد استحالة يقبل اللى حصل
قاطعت طريقه وهي تقف بكامل جسدها أمامه لترد بحدة
- سراج هيكون بين نارين يا نضال، مكنش بأيدى اللي عملته بس لازم يعرف هي عملت ايه فيا، مكنتش عايزة اهز صورتها هي ف الاخر امه.

اشتعلت النيران في عينىّ نضال وهو يتذكر ما فعلته تلك الشمطاء الحقيرة، اللعنة كيف تفكر تلك الحقيرة بل كيف تجرأت وفعلتها وهي تستبيح بلحم عرضها، غمغم نضال بقسوة
- انتى لو تسيبيني يا اسرار
ياليت، ضياء خيب املي كثيرًا، وأخشى رد فعل سراج، بالنهاية هي امهما، تمتمت بنبرة ساخرة
- اخدت حقي خلاص، واعتقد عمره ما هيقبل أبقى على ذمته بعد اللي هيشوفوه.

مدت بالصندوق إليه وهو يعلم أن الصندوق مرسل إلى سراج وما هو سوى رسول، حمل الصندوق بيديه وقال بنبرة غامضة
- تستحقي الحب يا اسرار
غمزت بمشاكسة وهي تشير إلى قلبه
- أنت أحق بيه مني
شيعها نضال بعينه حتى صعدت الى سيارتها وانطلقت الى طريق غير بارز معالمه، عاد يقع عينه على الصندوق وهو يفكر في عدد اللكمات التي سيتلقاها من ذلك البوهيمي!

قضت رهف يومها بصحبة جيهان، لا تصدق ابدًا شادية وجيهان شقيقتان؟، إنهما مختلفتان فر الملامح والتصرفات رغم هيئة ملابسهما المتشابهة، لكنها تستأنس وجود الفتاتين جدًا بصحبة فريال التي اطمأنت انها عادت الى البيت مرة أخرى، كانت جيهان تساعدها في تلميم اشيائها من الغرفة لتستعد لوصول وقاص الى المشفى في أى لحظة كما اخبرها وعودتهما إلى القرية، صوت نقرات على الباب جعل رهف ترفع بعيناها نحو الطارق الذي هتف بصوت رخيم.

-مساء الخير
صفرت جيهان ما إن أبصرت باقة الزهور وغمزت لرهف بمكر انثوي لتقول
-اهووووو نزار مشرفنا بالورود
تفاجأت رهف من وجود نزار في العاصمة بل في المشفى تحديدًا، نظرت الى جيهان التي تتلاعب بحاجبيها بمكر، تعلنها صراحة أنها من جعلته يستر الى هنا، توعدت لها رهف بشدة وهي تسمع إلى تعليق نزار الحانق
-بلا غلاظة جيهان
وضعت جيهان يدها على قلبها بتأثر لصوته الشامى لتصيح بنبرة سخيفة.

-انت مدوب نص البنات بلهجتك دي، اهدى كده ووريها وش الخشب بتاع المطعم عشان تفوق
عقد نزار جبينه وهو يغمغم بصلابة
-جيهان لبرا اذا سمحتي
رفعت جيهان حاجبها، ابتسمت بمكر، الشيف العظيم واقع في حب تلك الغبية، لم تراه جدي بتلك الدرجة، كان يستطيع أن يرسم أعلى درجات ضبط النفس أمام سماجتها لكن الأن
السيد متشوق للانفراد بأميرته، مصمصت شفتيها وصاحت بتبرم
-ايه لزمة لو سمحتي بعد تهزيئك.

أجلت رهف حلقها و همست بنبرة جادة إلى جيهان
-جيهان
زفرت جيهان وهي ترسم الغضب لكن داخلها يكاد يرقص سعادة، امسكت بهاتفها الذي وضعته جانبًا لتقول بنبرة متهكمة وهي ترمق نزار بضيق
-افضي المكان للحبايب لما نشوف حد هيتحرك فيكم ولا نقعد سنتين عقبال مااشوف ابو الهول ينطق.

أبتسم نزار ما إن وصلته رسالتها، رأى تلك الشعلة المتمردة في عيني جيهان ما ان علمت انها لم تستفزه بقدر المستطاع كما حدث منذ قليل، تنفس الصعداء ما إن غادرت واغلقت الباب خلفها لينظر نزار إلى رهف وعيناه بهما اسفًا ليقول وهو يقدم باقة الزهور إليها
- حمدلله على السلامة
تلعثمت وقد تخضب وجهها من الخجل لتهمس
-الله يسلمك.

لا يعلم نزار كيف قدم إلى هنا؟، هاتف شادية متسائلا عن حالة رهف وسبب تغيبها عن العمل، لتأتيه الصاعقة حينما أخبرته بايجاز ان حادث قد وقع لها، لم تفسر له وهي تخبره أنها في طريقها للمطار، لذا لم يجد سوى الاتصال ب جيهان التي تصنعت البكاء الهستيري وهي تخبره عن وجودها في العناية المركزة، ذلك الخبر جعل قلبه يختض بعنف وضيق شديد أعتري صدره، شيء عنيف يكتم انفاسه، لا يعلم كيف جاء إلى هنا؟ لا يتذكر أي شيء، كل ما فعله أنه قدم على وجه السرعة ملبى نداء قلب يصرخ بقوة نحو المشفى سائلا عن اسمها في مكتب الاستقبال ليخبره عن رقم غرفتها، ما إن استعلم حالتها بتفحص وهو يكتشف أن ذراعها قد خلع عن موضعه، خر ساقطًا على أقرب مقعد وهو يلتقط انفاسه بصعوبة و صوت لهاثه يتردد في أذنيه.

وقتًا طويلا مر عليه وهو يحاول تجميع ما تشتت منه قبل أن يغادر المشفى لاقرب محل زهور ويعود بباقة مناسبة، تنهد وهو يكتم ما يجيش في صدره وهو يراها تفرك يديها بقوة، صاح بنبرة ماكرة
-طبعا مرتاحة لا عندك طبخ ولا نفخ مشغلة
يعلم كيف يضغط على زر الاشتعال عندها، توقفت يداها عن الفرك لترفع عيناها تنظر اليه بجنون
-بتقر يعني
ابتسم بخفة وقال بنبرة هادئة
-لا سمح الله مو هيك القصد، بس بظن انك مرتاحة بغيابك من المطعم.

تهكمت ملامح رهف وهي تضع ساعديها على صدرها قائلة
-انت معترف يعني أنك انسان متسلط وعايز...
رأت ذلك الجنون في عينيه الراكدتين، جنونًا مريبًا أرسل قشعريرة لسائر اطراف جسدها وهي تستمع إلى صوته الرخيم
- شو؟
ترددت وهي تسدل اهدابها، تخفي تأثيرها جيدًا منه، تعلم أن عيناها تفضحانها دوما، لتهمس
-بلاش لان فيها قطع رقاب.

انفجر نزار ضاحكًا وهو لا يصدق تلك، تخشي منه، يشعر بها كلما يتقرب خطوة تعود للخلف، خفت ضحكاته ما ان استمع الى تعليقها الجريء
-ضحكتك حلوة بدل ما تكشر وت...
ظهرت لمعة في عينيه الراكدة، عضت على شفتها السفلى بتوتر وهي تقول بصراحة
- مش بعاكس ولا بجامل بقول الحقيقة
انفجر نزار مقهقهًا، تلك المرأة تنتقم منه، تذكر أنه مدح جمالها في حفل زفاف شقيقها، اسدل اهدابه وهو يخفي تأثيره عليها ليغمغم.

- ليش حاسس اني سمعت هالكلام قبل هيك
في الخارج،
كانت بيسان تتلصص عليهما، لا تصدق انه جاء للعاصمة من أجل تلك الفتاة وهي تظن أن أمر جلل جعله يأتي إلى هنا لتتبعه هي بسيارتها دون أن يشعر بها، يجب أن تخبر والدتها وخالتها بتعجيل مراسم تلك الخطبة المزعومة، توعدت لرهف بالكثير وهي لن تجعلها تأخذ نزار منها.

نزار لها هي فقط، اجفلت على شخص وضع يده على كتفها، استدارت لتقع عيناها على جيهان، الفتاة اللامعة، تآكلها الحنق و جيهان تحاول تذكر ملامح تلك المرأة
- يا آنسه في حاجه؟
تمتمت بيسان بغيظ شديد
- مفيش
رفعت جيهان حاجبها وقالت وهي تعقد ذراعيها على صدرها
- بتدوري على حد؟

هربت بيسان من امامها وهي تركض فارة منها، جعدت جيهان جبينها، ذلك الوجه لا تعلم لما تتذكره جيدًا؟!، القت نظرة عابرة عبر الزجاج وهي تري الانسجام السحري بينهما، تنهدت زافرة بحرارة وهي تبعثر خصلات شعرها الفضية، ترى من هو الرجل سيكون مدله بحبها وعيناه لا تحيد عنها، تعرف فقط هويته و تقسم أنها لن تتركه من يديها، فجاة شهقت بقوة ما إن تذكرت هوية تلك الفتاة
- البت دي مش غريبة عليا، البت الملزقة للواد الملزق.

عينا الفتاة كان بهما شررًا ناريًا، انقبض قلبها وهي تهمس بتوتر
- مش مطمنة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة