قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث والثلاثون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث والثلاثون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثالث والثلاثون

الأمر الذي اتخذته لاعادة بناء حياتها كان بمساعدة اسيا، اسيا التي ضمتها تحت جناحها وهي تخبرها عن النظام العمل المكتبي المختلف نهائيًا عن مضيفة الطيران، رغم أن الأمر مملا بعض الشيء، لكن هذا العمل اتخذته تحدي لها وله.
يجب أن تثبت له ان غيابها لإعادة تكوين نفسها، يجب أن تعود محاربة لساحة المعركة مرة أخرى.

لكن اليوم الذي جعل سعادتها تنقلب منذ أن علمت بمجيء شقيقته إلى عنوان مكتبها، لا تعلم كيف حصلت على العنوان، لكنها ما يهم أنها هنا الآن، رغمًا عنها تفحصت مارية ملامح شادية السمراء المشابه لسمار بشرة ماهر ويعود ذلك فضلا لطبيعة الطقس في موطن والدها، عيناها البندقية تشبههان عيناه كثيرًا وإن كانت عيناه بهما غلظة وقسوة مغلفة، ضيفتها بكوب من القهوة وانتظرت سماع ما جاءت إليه...

ما إن القت شادية قنبلتها حتى هبت مارية واقفة، زمت شفتيها منفجرة بجنون
- هو اتجنن
ارتشفت شادية القهوة وهي تستمتع بمذاقها، لتقول بجدية
- كان لازم تعرفي بأي شكل، بلاش غباء منك وروحي رجعيه
تعثرت و وتقهقرت جيوشها النارية، ارتمت على المقعد خائرة القوى لتهمس بتردد
- لكن...!
وضعت شادية قدح القهوة على الطاولة المستديرة التي أمامها لتقوم من مجلسها وهي تقترب من مارية تشدد من أزرها، صاحت بصلابة.

- ماهر لو مرجعش ليكي، مش هيبص في وشك
تجمعت الدموع في مقلتيها حتى تشوشت الرؤية، ضيق تنفس اعتراها وهي تحاول ان تلتقط أنفاسها بصعوبة، انحدرت الدموع دون أدنى تحفظ وهي تهمس بحشرجة
- شادية انا
تنهدت شادية وهي تزفر بيأس، تلك المرأة تحتاج من ينتشلها من تخبطاتها وليست هي من تشد ماهر، سحبت حقيبتها وهي تفتحها تخرج بطاقة دعوة الخطبة
- واضح انى افتكرت انك بتحبيه، وخسارة انى جيت هنا بدون فايدة.

وضعت البطاقة بين يديها لتقول بجدية
- ده كارت دعوة الخطوبة، فكري معندكيش غير ايام محدودة
غادرت شادية وبقت مارية تحدق في بطاقة الذهبية بشرود، تأملت البطاقة وهي تود أن تمزق البطاقة وهو إربًا، همست بإنهيار
- يعني انا اصلح من نفسى علشان استحقه يختار أول ست تجيله
صدر صوت شقيقتها آسيا الساخر
- مارية متبقيش غبية، اخته لو محستش ان اخوها بيحبك مكنتش جت.

رفعت مارية عيناها تتطلع إلى شموخ شقيقتها وعنفوانها، ملامح اسيا كانت تشبهها إلى حد كبير قبل أن تتعرف على نضال، بل قبل أن يكسرها، تلعثمت وهي تجفف دموعها بكف يديها قائلة
- لكن
سحبت آسيا البطاقة وهي تنظر الى ميعاد الخطبة المزعومة، تبرمت شفتى آسيا وقالت بتهكم
- الخطوبة فاضلها ايام، العريس مستعجل انه يتخلص منك باسرع وقت.

شعلة نار اشتعلت في فؤادها، ماجت عيناها الشبيهة بعيني القطط وهي تنظر إلى آسيا لتهب من مجلسها قائلة
- مش هسيبه ليها، ماهر ليا انا
ستعود إلى أرض العاصمة، ذلك النذل الجبان ستريه كيف يختار إمرأة غيرها وقلبه يستسلم بإرادته لها.

استمع نضال الى صوت جلبة في الخارج وصوت إعتراض سكرتيرته الحازمة من الدخول إلى مكتبه سابق ميعاد، مما جعل نضال يترك أوراق العمل و قام من مقعده وهو يعد سرًا، ثلاثة، إثنان، واحد
بدأ العرض..
اقتحم سراج باب مكتبه وهو يلهث من فرط النيران المندلعة في صدره، وضع نضال كفيه في جيب بنطاله وهو يشير بحزم بالخروج الى السكرتيرة التي قدمت خلفه وملامح الأسف يعتري وجهها، خرجت وأغلقت الباب خلفها لتعود إلى مكتبها.

عينان متوعدة وأخرى ساخرة، الاولى تخرج لهيبًا والثانية مستمتعة بالعرض السيرك المقدم له، اقترب سراج وهو يمسكه من تلابيب سترته بحزم شديد لينفجر في وجهه هادرًا
- هي فييييييييين
ابتسامة ساخرة زينت ثغره وهو يرفع يداه ليزيح قبضة سراج قائلاً
- اهدي يا وحش ورق اعصابك، لولا اني مقدر ظروفك كنت عملت تصرف تاني
رفع سراج قبضة يديه وهو على وشك لكم ذلك الأحمق، ابيضت شفتاه وهو ينفجر في وجهه.

- نضااال بلاش تستفزني انت مش قدي
قابله برود يذكره ببرود إمرأته، سبها بداخله وسب ذلك الأحمق الذي أمامه، تلك المرأة جعلته يبحث عنها كالمجنون في منزل عائلة عمها التي استقبلت الخبر بصدمة، يعلم أن نضال هو الوحيد المقرب لها من عائلتها، ولكم يمقت مجيئه إلى ذلك الماجن.
ذلك الرجل يذكره دائمًا بأيام شبابه الطائشة، يتذكر ايام عربدته، زفر قائلا بنفاذ صبر
- فين اسرااار؟
أجاب نضال ببرود
- معرفش.

عاد سراج يتمسك بكمي قميص نضال الباهظ الثمن لينفجر في وجهه صائحًا
- بقولك راحت فين
غمغم نضال بجمود
- انت جاي تفش غلك فيا، روح شوف مراتك راحت فين
كز سراج على اسنانه وهو ينفجر بغضب
- انت الوحيد المقرب ليها، يا اخى نفسي افهم علاقتكم ببعض ازاى
رأي لمعة التسلية في عينىّ نضال ليهمس نضال بمكر
- عايز تعرف مسمي علاقتنا يعنى؟

لكمه سراج بقوة على جانب وجهه، مما جعل جسد نضال يتراجع عدة خطوات للخلف اثر قبضة سراج، لمس نضال موضع القبضة وهو ينظر إليه بشراسة شديدة، يستطيع أن يحول ذلك المكتب لحلبة مصارعة، لكن يوجد ما هو أهم، اقترب نحو مكتبه وهو يأخذ صندوق أسرار ليقول بنبرة غامضة
- بعتتلى هدية مخصوص ليك
نظر سراج بحاجبين معقودين الى الصندوق الخشبى الذي رآه قبلاً، تناول منه الصندوق وهو يقول
- ايه ده
غمغم نضال بلا مبالاة
- شوفها.

ازدرد لعاب سراج، يخشى أن داخل الصندوق به مصيبة، بل كارثة ستحل على سماء الجميع!

تمللت فريال في نومها بعد تلك الليلة العصيبة، تتذكر استيقاظها من الكوابيس المفزعة لكن ذراع حانية كانت تطمئنها وتبث لروحها إطمئنانًا لم تستأنه قبلاً، فتحت جفنيها بنعاس شديد ليقابلها عينان شديدة الحلكة، اتسعت عيناها البنية بجحوظ وهي تعتدل في رقدتها لتهمس بصوت ابح
- وقاص.

وكأنه وجد متنفس لغضبه، كان يراقب استسلامها للنوم لمدة ثلاث ليالى في فراشهما، وكأنها تهرب من واقعها، تلك الغبية المغفلة تشجعت امام ذلك الجرذ لساعة أو ساعتين، والساذجة الأخرى جيهان التي أقرت بكل شيء عندما لم تستطيع اقتفاء أثرها، ابتسم بشراسة وقال
- اخدتي حقك بايدك، استريحتي كدا، نارك بردت
ازدردت ريقها بتوتر وهي ترى أنامله تنغرس في لحم جسدها، تأوهت بوهن هامسة
- وقاص.

حدجها بنظرة مميتة جعل لسانها ينخرس لتطبق شفتيها وهي تراه ينتفض قائمًا من الفراش وكأنه يشعر بالقرف منها!
- ريحي انتي تعبانة، رايح اشوف رهف
انتفضت من مضجعها وهي تتمسك به، رباااه تخشى أن يهجرها، لن تتحمل هجره ابدًا، يكفي تلك الكلمات المطمئنة التي كان يبثها في داخلها كلما استيقظت من كابوس يؤرق مضجعها، سدت عنه الطريق وهي تهمس بتوسل
- وقاص اسمعني.

لن يسامحها على ما فعلته، لن يسامحها ابدًا، قبض على ذراعها بخشونة وهو يقربها منه حتى اصطدمت بنيتها الضعيفة ببنيته الضخمة، ارتعبت وارتجف جسدها بشوق وهي تسمعه يصيح بلهجة مميتة
- قولتلك حقك وهجيبهولك، ممكن تقوليلي ايه كان هيجرى لو بنت خالك مبلغتنيش باللى حصل، ممكن تفهميني ايه هيحصل، للدرجة مش واثقة فيا.

أهانت رجولته وجرحت كبريائه بفعلتها، عضت شفتها السفلى وهي تحارب الدموع التي تجمعت في عيناها، لمست وجهه بكفيها وقالت
- وقاص ابدا، انا واثقة بيك جدا والله، بس انا عارفة لو اخدت الخطوة قبلي ووصلتله عمري ما هحس اني اخدت حقي
لفحت انفاسًا ساخنة وهي ترى شحوب وجهه وشفتيه التي ابيضتا وقبضة يداه اللذان يحاربهما بقوة كى لا يدك عنقها، همست باستجداء.

- انتي علمتني يعني ايه الدفا من جديد، علمتني الحب يا قاص والحنية، مشاعر كتير ادفنت جوايا انت أحيتها من جديد
هز راسه ساخرًا، هو المصلح النفسي إذا لها، شعر بالاختناق الى ما توصل اليه، انتزع يديها وقال بجمود
- لطاما كل واحد بيعرف ياخد حقه بايده، ظهرتى ليه قدامي
سارعت تقاطعه
- لان انا عايزاك ومحتجالك جدا.

لم تعترف بحبها، ما تشعره نحوه لم يصل للحب اطلاقا، هز وقاص رأسه وهو يفكر بسخرية، هل تتوقع تلك الساحرة أن تحل من جديد؟، سخر وهو يقول
- وايه كمان؟
تلعثمت وهي تري توحش عيناه، لا تعلم لما شعرت ان ما ستقوله لن يعجبه
- قلبك ده يقدر يدفى قلوب اللى حواليك
ابتسم بسخرية وهو يمسك عضدها يسحبها اليه بقوة ليهمس بخطورة
- وانا؟
اتسعت عيناها و ارتجفت اوصالها وهو يقول
- انا مين يقدر يصلح غلطاتى، يقبل عيوبى.

بهت وجهها وهي تفكر في إبعاد ما قاله، أي عيوب وغلطات يتحدث عنها؟! تمتمت بارتجاف
- وقاص انا معاك يا حبيبي، فكرت كتير وخوفت اقولك تيجى تحبسني هنا، كان لازم اطلع خوفي وقهرتي
صدر ضحكة خشنة وهو يهمس بخطورة
- تعرفيني كويس يا فريال
امتنعت عن الرد وهي تنظر اليه بتفحص، تحاول استكشاف كلماته الغامضة، تحاول ان تراه بصورة مختلفة، كيف تضعه في صورة أخرى؟!، نظرت الى عينيه بشرود لتجده يقول.

- انا مش بصورة ملاك زي ما انتي متخيله
ثم تركها، بل نبذها بالمعني الحرفي لتنظر الى الباب الذي خرج منه بشرود، ماذا يقصد؟!

تنفس سراج بحدة وهو ينظر الى الصندوق الخشبى الصغير، لا يعلم لما هو غير مطمئن اطلاقا، حك ذقنه وقد حسم امره وهو يفتح الصندوق، أخرج الاوراق وهو يراهم مرتبين ومتدرجين في الالوان من الأقدم إلى الأحدث، أمسك ورقة تحولت صفراء بفعل الزمن وهو يقرأ بصوت مسموع لما كتبته، يبدو الخط طفولي بعض الشيء.

رأيته صدفة في النادى بملامحه الخشنة وغرته التي تسقط على جبهته مما اضاف العبثية لملامحه، فتاة بطبعى لا تستطيع أن تلفت انتباه شابًا جريئًا مثله، حتى أنا لم أقدر على لفت انتباه لقلة خبرتى لكن حينما رأيته ينتقل من إمرأة لأخرى في النادى علمت أنه ليس أميرى المناسب
عبس وعقد جبينه وهو يترك الورقة وسحب التي تليها، ليتلهم سطور كلماتها.

أتذكر رؤيته حينما كنت في حفلة النادى، كنت ارتدى العوينات ويداه كانت ملتفة حول خصر امرأة شقراء، كنت أنا بالنسبة للمرأة لا شيء، لا اعلم كيف مراهقتي الغبية إنجذبت إلى رجل عابث مثله!
ازدرد ريق سراج وهو لا يدع عقله التفكير للحظة، سحب الورقة التي تليها.

نضجت وكبرت، إكتشفت ان الحياة ليست بالوردية التي توقعتها، بل يوجد ما هو أهم وأولها الدراسة، اجتهدت كثيرًا وانا ادفن انثوتى التي تتصارع كثيرًا للخروج، دفنتها حية وانا اتطلع الى المستقبل، مرحى لقد نجحت
دلك سراج عنقه وهو يزفر بحنق، كظم غيظه وهو يسحب الورقة التي تليها.

لم اتوقع أن القدر يسخر مني لتلك الدرجة، نعم قررت ان اترك جانبى العاطفى جانبًا لكن أن اراه مجددًا في حفلة خطبتى!، لقاء عابر من عينيه العابثة، رأيت نظرة الإعجاب تلمع في عينيه ليتفشى بداخلى غرور انثوي لكنني وئدت ما شعرت به ما إن هبطت عيناى على خاتم خطبتي، فخطيبي لا يستحق الخيانة ابدًا وقلت الحياة ستعوضني خيرًا!

زمجر سراج بوحشية، تلك، كيف، كيف لم يشعر، كيف لم يشعر بوجودها، رباااه كيف، سحب ورقة أخرى وهو يلمس اثار دموع من صاحبة الرسالة، دمعات استقبلتها الورق واحتضنتها عندما علمت أنها الملجأ الوحيد للتنفس عن وحدتها ومشاركة مشاعرها المرهفة.

تزوجت خطيبى، دفنت مشاعر المراهقة، نعم استطعت ونجحت نجاحًا ساحقًا، كنت مجرد سلعة، عمى اعتبرني بضاعة يتاجر بها امام الجميع، لم اعترض، لكن نظرات حماتى هي أكثر ما رعبتني، توقعت انني سأحصل على الراحة لكنه كان مجرد باب من أبواب الجحيم
تهدجت انفاس سراج وهو يغمض جفنيه للحظات، مصرًا على المتابعة، أعطته تلك الاوراق لانها تعلم انها لن تستطيع أن تواجهه، تلك الماكرة، سحب ورقة أخرى وهو ينهش حروفها وكلماتها.

إهانة تلقيت، حاولت المعاملة بالحسنى لكنها رفضت، تعاملنى وكأننى لا ارقى لطبقتها الراقية، اتهامات باطلة ألقتها في وجهى، وزوجي كان يصدقها، الذي من المفترض أن يكون الحامى الخاص بى تركنى!
اجلي حلقه وهو يسحب ورقة أخرى
صدمة أودت بحياة زوجي بسببها هي، بسبب اصرارها على تركِ للمنزل، كانت تريد منى الخروج لكن إلى أين سأرحل وانا لن اجد من يتلقفني بذراعيه يخبرنى انه معى دائمًا وابدا؟!

تحشرج صوت سراج وهو يمسح دمعة فارة من عينيه
- يالله
تابع قراءة ورقة أخرى، حروف كلماتها كانت سريعة وكأنها تفش حنقها ومقتها في الورقة التي تحملت قسوتها.

صبرت كثيرًا حتى بلغ صبرى متنهاه، ما قالته في حقي، اننى مجرد امراة فاسقة تتنقل من فراش لآخر من شركاء زوجى، بل تلصصت على وانا في مركز السيدات لتجعل شخصًا يلتقط صورًا فاضحة وترسلها الى زوجي الذي من صدمته لم يتحمل وقضى أيامه الاخيرة في العناية المركزة، لذا بدأت انتقامى الخاص.

اتسعت عيناه بذهول، صدمة جعلته يعيد ما كتبته، والدته بعثت شخصًا خلفها ليأخذ صورًا لها وتبعث الصور لأخيه، لا يتصور حقد والدته يصل بها إلى تلك الطريقة، سحب ورقة أخرى وهو يقرأ ما بها.

عذرًا ورقتي اهملتك كثيرًا لكن لم يكن شيء جديد في حياتى أخبرك به إلا اننى تزوجته، القدر عاد يسخر منى من جديد وهو يعيدني اليه، رغمًا عنى تأثرت به، منذ اعوام وانا صغيرة بلهاء انتظره ان يلقي بنظرة ولو خاصة لى، لكن هو كما هو، رغم الشيب الذي بدأ يغزو شعره الا هو إنه رأيته سابقًا بوهيمى، شهواني يرغب امرأة تدفء فراشه لا أكثر.

شهواني! حدق سراج في تلك الكلمة، أهذا ما استطاعت أن تصفه به منذ أن اقترب منها؟!، زم سراج شفتيه ورغم عنه دقة خائنة في قلبه وهو يرى كلمات عشقها المتوارية وكأنها تخجل الاعتراف بها، رباااه صاح بها سراج، ملكة الجليد تحبه منذ مراهقتها التعيسة..
عقد جبينه بضيق وهو يرى أنه سحب آخر ورقة، قرأ رسالتها.

سراج، لم اجد سوى تلك الاوراق لتعرف عنى كما رغبت، لا تسألني لما بعثتها الآن، يوجد أوراقى الأخرى خاصة لشيراز هانم اعتقد ان مشاعري لها الاجدر بى ان احتفظ بها لنفسي، إهمالي لحرف الراء لانني كنت اعاني منذ فترة طفولتى حتى مراهقتى لنطق حرف الراء بوضوح، لكن عزمت على النطق بالحروف الصحيحة وإعطاء كل حرف حقه ونجحت مثل سلسلة نجاحات عملي، اخترت تلك النهاية لأنها الأفضل لى ولك، ارجو ان ترسل ورقة طلاقى لنضال، أعرف كيف ساتواصل معه، أشكرك على الايام السابقة سراج وحظًا موقفًا لعملك الذي تحبه بشغف، سأشق طريقًا آخر بعيدًا عن الجميع ولا أعلم ماذا يخبئه القدر لى من أشخاص آخريين.

استقام سراج من جلسته، نضال، تريده ان يطلقها ويرسل الورقة لنضال لتصل إليها، ذرع الارض جيئة وذهابا وهو يفكر في الأشخاص الآخرين، كم رجلا تقصد؟ الكثير صحيح!، تلك المرأة تستطيع أن تجعل الرجال يلفوا أعناقهم لرؤية فتنتها التي تظهرها بكل وقاحة، صاح بتوعد
- اجيبك يا اسرار واقسملك ما هخليكي تشوفي نور الشمس إلا بإذنى.

لا تصدق فرح اتصال تلك صاحبة عمل المشبوهة بها، تخبرها بوجود زبون خاص، لقد هددتها واخبرتها ان ستفضحها في منطقتها وجيرانها إن لم تأتي.
وها هي الآن تقف أمامها مذلولة، تعلم أن طريق العهر يناسبها ويناسب شخصيتها، هذا ما تستحقه للحصول على المال الوفير ونسيانه
تمتمت فرح الى صاحبة العمل، السيدة الأربعينية عابسة الوجه وهي تحاول أن تعدل قرارها
- انا قولتلك انها كام اسبوع واجيلك.

نعم مجرد ايام لتنهي أيام عدتها وتلتفت الى عملها الجديد، نظرت اليها صاحبة الشقة وهي تتفحصها بضيق
- والله يا عنيا انتى اللي جيتي هنا وطلبتي الشغلانة، ومحدش ضربك على ايدك وقالك تعالى.

عضت فرح على شفتها السفلى وهي تنظر الى الرجل الذي خرج من الغرفة مغلقًا سحاب بنطاله والمرأة تتبعه خلفه وشرشف بالكاد يغطي عريها، كانت على وشك التقيؤ وهي تجد أن تلك المرأة تقترب من سيدة الشقة تعطيها المال لتغمز المرأة بشقاوة في حديث أعين لا تعلمه، تمتمت فرح بقلق
- لكن...!
اعترضت السيدة قائلة وهي تصيح بلهجة حادة.

- بدون لكن يا عنيا الزبون مستنيكى على نار من اول ما شاف صورتك، شرفيني وارفعي راسنا وانتى وشطارتك بقي في السعر، الزبون لازم يتكيف
همت بالرفض لكن وجدت رجلاً غليظًا سحب ذراعها متوجهًا بها الى احدى الغرف، تسمع الى ضحكات خليعة ورقص بذيء من النساء للرجال لتبتلع ريقها وهي تنساق كالشاة إلى الذبح حينما دفعها الرجل إلى غرفة وأوصد الباب ليمنع عنها الفرار.

اختنقت أنفاسها وهي تنظر الى الغرفة تتفحص اضائتها الخافتة التي منعتها من رؤية الرجل لترى ظله وهو يقف مواجها لها، ارتعدت أوصالها واصوات الضحكات الخليعة من الخارج تصلها، أصوات السباب اللاذع يصلها بكل وضوح، جحظت عيناها وكتمت شهقتها حينما استمعت إلى أصوات رجل وإمرأة في الغرفة التي بجوارها يصل هو الآخر بوضوح، لا تعلم لما حاسة اذنها تعمل بقوة لكنها لم تنتبه سوى لنبرة الرجل
- اقلعى.

اطلقت صرخة ثم كتمتها بكف يدها وهي تعود للخلف عدة خطوات، صوت الضحكات الخليعة تطن اذنيها، شل عقلها وجسدها عن العمل وهي تهمس بإضطراب
- ايه؟
- احنا لسه هنتكلم بقولك اقلعي، خليني أشوف سعرك يستاهل ولا لأ
صوت الرجل لم تستطيع أن تميزه وصوت الطنين في اذنها بدأ يزعجها، علمت انها في كارثة، كارثة سقطت فيه بغبائها، انتفضت ما إن استمعت الى تعليق الرجل
- واضح انك بتيجي بالطريقة التانية وماله، خلينا في العنف.

ودت الصراخ، لكن لسانها ألجم بطريقة فظيعة وهي تشعر بإقتراب ظله الضخم نحوها، سيأكلها، سيفترسها حية، غمغمت اسمه بضياع
- نضال
انفاس حارقة لسعت بشرتها وهي تشعر بانامله تتجرأ للمس مفاتنها، عضت على شفتيها وهي تنكس وجهها ارضًا، نزع بلوزتها والقاها ارضًا وانامله اتجهت نحو البنطال ليفتح سروالها، دس بوجهه في عنقها وهو يتنفس عطر جسدها بنشوة..

لا تشعر، لا تتحرك، كل أجهزتها ومراكز الحس والشعور توقفت عن العمل، هي غير قادرة على الاستيعاب أن رجلا يلمسها، قبلاته تتناثر على طول جيدها لتسمع صوته الساخر وهو يهمس في اذنها بإغواء
- الصراحة ازعل جدًا انك قدرتى تنسينى بالشكل ده.

الحقيقة والخيال بينهما خيط رفيع للغاية
هي تصورت وجوده، تخيلته هو، لكن أن تسمع صوته في ذلك المكان الموبوء؟!
مجيئها الى هنا مجرد حركة تمرد
غضب
سخط منه
نعم، كل ذلك، فترة مكوثها تحت جناحه أو تحت قبضته بالمعنى الأدق ترغبها، ليست مجنونة لكن عذابه هو ارحم من عذاب والدتها، رغمًا عنها هي منجذبة له
تلك هالة الغموض التي أسرتها.

كالفراشة التي تجذبها النيران، نيران ظنتها دافئة، لتحرق جناحها وتتركها تتعذب حتى الموت.
جحظت عيناها وكأن وسائل الاحساس عادت من مجرد كلماته، كانت تريده أن يكون هنا بأي طريقه، يهددها أو يعنفها ليست مشكلة، لكن تبقى بجواره.

مذلولة نعم، ميؤوسة، إلى حد كبير، ذليلة في حبه، قولوا كما تشاؤون، هو فقط يسمح لها الولوج إلى عالمه المقفر وستضع هي أول بذرة عشق في أرضه، ستنتظر أمد الدهر حتى تتغلغل حبة عشقها في أرضه القاحلة.
همست اسمه بتيه شديد قبل أن تخر ساقطة بين يديه فاقدة للوعي
- نضال.

تلقفها نضال وهي بين ذراعيه ألبسها بلوزتها ليحملها خارجًا، وقبل أن يخرج القى غمزة نحو المرأة الأربعينية التي كانت تدخن من الارجلية ونظراتها حملت خبثًا واضحًا وهي تربت على صدرها الذي عبء بالآلاف من الجنيهات لمدة قليلة، خمس دقائق فقط وكسبت الالافات، ستفكر في توسيع نطاق عملها لجذب رجال الأعمال بدلا من الشباب الطائشين.

فتحت جفنيها وهي ترفرف بأهدابها، تغضن جبينها وهىتشم عبق رائحة نضال في الوسادة، بل الشرشف به عبق رائحته المزلزلة لقلبها، نهضت من مضجعها وهي تنظر الى أركان الغرفة التي جمعتها بنضال، ازدردت ريقها بوضوح حينما تقابلت العيون
بهم حديث خفي
بعيدًا كل البعد عن سخط اللسان
بعيدًا عن التزييف
العيون هي أصدق ما تقوله العواطف.

فغرت شفتيها وهي تراه يقترب منها بخبث شديد، بطوله الفارع وعضلات جسده النافرة جعلت عيناها تستقر رغمًا عنها على عينيه، همس بسخرية وخطوة واحدة التي تفصلهما جسديًا
لكن روحيًا يوجد بعد المشرق والمغرب معًا
- ايه وحشتك يا بيبي
رأت ذلك البريق في عينيه وهو يتفحص جسدها، هبطت عيناها نحو جسدها، لتشهق مفزعة وهي تمسك قميصه الذي ترتديه، حدقت به بذهول لتدمدم بسخط
- انت، انت مجنون.

جالت بعيناها نحو الغرفة، جرت نحو الباب وهي تحاول ان تفتحه بفشل، نكست رأسها حينما استمعت الى ضحكته المجلجلة، لتدور على عقبيها وهي تصرخ هادرة
- انا بعمل ايه هنا
عض نضال شفته السفلى بحسية، يرى مفاتن جسدها أسفل قميصه، ابتسم وهو يرى تلك المرأة تبهره بتفكيرها الساذج
تطلب اهتمامًا منه فتلقي نفسها بين براثن الجحيم، ولانه المراقب الصامت سيختار الوقت اللازم للتدخل.

كان يرى ارتعاشة جسدها حينما دفعها الرجل نحو الغرفة بل تصلب جسدها من عناقه، لتهمس في النهاية إسمه بنجدة وكأنه ليس على بعد قدم منها!، هي قررت ان تضعه في اختبار وقرر هو وضعها في اختبار اكبر.
أن يعلمها إن كان تريد سلك ذلك الطريق ما يجب عليها أن تدفعه، وذلك القميص الآخر يضاف لضمن اختباره
غمغم ببساطة
- سؤال غريب يا فرح تطريحه ليا.

زفرت فرح بيأس، رغم تلك الدقة الخائنة في قلبها نحو عيناه التي تفترسها حية، لكن يجب أن تلعب دور صعبة المنال، محاولة في ترميم كرامتها؟!
صاحت بنبرة ساخطة
- انا بعمل ايه في بيتك
اقترب نضال من جسدها الذي يدعوه للمس، لفعل ما يهويه عقله الجامح، تأثرت وهي تلتصق بظهرها في الباب لتقع عيناها على عينيه الكسولتين، حاصرها بذراعيه على جانبى جسدها وهو يهمس
- مش ده اللي كنتي بتسعي ليه.

تلجلجت وهي تمسد عنقها بتوتر وهي ترى عينيه الذئبية لا تدع انشًا من جسدها دون ان يختم صكه عليها، همست بتوتر وهي ترى دنو وجهه منها
- انا مكنتش بسعي لحاجة
ابتسم ابتسامة جانبية وهو يعلم تلك المرأة لما تخطط، مد أنامله ليلمس وجهها قائلاً بنعومة
- فرح انا اكتر واحد عارفك كويس، وعارف تفكيرك ايه.

ارتعد جسدها من اثر لمسته، ازاحت يديه وهي تحاول الخروج من حصاره، لكن حركة واحدة جعلت صدرها الذي يصعد ويهبط من فرط انفاسها المتأججة يلتصق بصدره الحجرى
تابع هامسا في اذنها
- دخلتي سكة ملكيش فيها وانتي تعتبري لسة على ذمتي
تلك الغلافة الناعمة بها قسوة شديدة، لاحظت نبرته العنيفة، ارتفعت عيناها وهي تنظر اليه بصلابة قائلة
- انا مش على ذمتك يا نضال، انا وانت انتهينا.

مال بوجهه يتنفس في جيدها، انغرست اشواك من شعر وجهه في عنقها وهي تسمعه يقول
- ومين اللي قالك انى هكون تحت رهنك
استمعت الة همهمته العنيفة ليمسك ذقنها وهو يقول
- البيت متقفل علينا انا وانتى، ف ايه رأيك نعيد ليلة دخلتنا؟
كل محاولة منها للبعد يزداد اقترابه الجحيمي، ضاقت انفاسها وهي تشعر ان ذراعيه تكاد تحطم ضلوعها، عيناه بهما وحشية بدائية ولا تعلم سبب لتغيره، زفرت حانقة.

- انت مجنون مستحيل اوافق على الجنان ده
امسك خصلات شعرها البنية بقوة لتتألم من قبضته، حاولت نزع أصابعه بيأس لتسمع سخريته الخشنة
- تهربك سببه ايه؟ الحبيب اول ما عرف بطلاقك رجع يعيد وصاله
أجلت حلقها، عماد الحبيب القديم كان يطلب وصالها حينما علم بطلاقها، يشهد الله انها اخبرته ان قلبها متعلق بزوجها فقط، زاد من خشونته وسحق جسدها وهو يتابع.

- انتي عارفة ان اي حاجه تخصني او تلزمني عمري ما بفرط فيها، بحط عيني عليها واعرف كل تحركاتها
همست اسمه بضعف
- نضال
سكن جسده وهو يترك شعرها، اهتزت الدنيا من حولها لتتشبث بذراعيه وهي تريح راسها على كتفه، انامله تداعب خصلات شعرها وهو يحملها متجها نحو فراشه، ارقدها على الفراش قائلاً
- كان لازم تجربة الخوف، لازم الخوف علشان تفوقي من طريق كنتي بتمشيه مش عارفة مخاطره.

نهجه هذا يجننها، عضت على شفتها السفلى بإرهاق، قلة النوم واضطرابها عن الأكل جعلها المنهزمة الأولى في بداية المعركة، أنامله كانت تجد طريقًا في كل شبر من جسدها، حاولت زجره، منعه، لكن جسدها تخشب ولسانها ألجم، توسلته بعيناها لتركها وهو لم يلبى، أصابعه انغرست بقوة في مرفقها ليقول
- وأول اسم نطقتيه مين؟، انا
همست بارتجاف وهي تجد ثقلاً في لسانها
- بتستغل كل حاجه لصالحك
تمتم نضال ساخرًا
- اتعودت على كده.

اغمضت فرح جفنيها بإرهاق
- انا مستحيل ارجع لجحيمك تانى
كاذبة، هذا ما قاله نضال سرًا
اقترب منها وهو يهمس في اذنها
- انا رديتك لعصمتي، اللعب اللي لعبتيه عليا عايزة اقولك انك نجحتي فيه وبجدارة، هنيئًا يا فرح الغانم
فتحت جفنيها ونظرت اليه بجحوظ، حاولت ان تستعلم سبب تغيره، بل سبب ذلك اللقب الذي نطقه أول مرة.
أمعقول؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة