رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثامن عشر
فتحت جفنيها وهي تنظر للمرة الثانية الى غرفة نومها مع زوجها الحالي، زوجها الذي أصر على عدم ترك أى ذكري لها مع زوجها السابق في فيلا العائلة وأصر أن يزيل أي ذكري مع زوجها الراحل لتبقي في منزل عزوبيته الضيقة، برغم أن الشقة لها لمسة عصرية ومجهزة مع كل وسائل الآدمية كما أخبرها في ذلك الشهر، وهي ما عليها سوى أن تبتسم ببرود اليه حتى فاجئها في يوم بحقيبة مليئة بملابس نوم جريئة وعلل قائلا أن ذلك زواجه الأول...
حررت خصلاتها السوداء من تلك التسريحة السخيفة وخلعت زينتها لتتفاجيء به يقتحم غرفة النوم بهيئته البوهيمية وهو يصيح بخشونة
- بتعملي ايه؟
أدعت التفكير للحظات ثم ابتسمت ببرود قائلة بجفاء
- اممم رايحة أخد شاور وبعدين البس قميص نوم لسواد عيونك ونخلص الليلة
تخلص من حذائه وجوربيه وهو يستمع إلى نبرتها الباردة كعيناها ليقول بوقاحة
- ومين قال إنى عايزك باردة معايا وعملية.
إلتمع المكر في عينيها وهي تهمس بصوت يحاكى فحيح الافعي
- لتاني مرة بقولك أحذر من اللي بتتمناه يا سراج
إقترب منها حتى حاصرها بطوله وضخامة جسده، عيناه تتقتحم عيناها الثلجية بأصرار وعزيمة ليرد بتهكم
- ايه هتجمد مثلا؟
رفعت إحدى حاجبيها لتقترب منه تبسط راحة يدها على موضع قلبه الرتيب قائلة ببساطة
- هتتحرق
لن يكذب تلك المرة
عيناها الزجاجية بهما إعصارًا على وشك تدمير الاخضر واليابس.
وكم يعشق المرأة المليئة بالمفاجات، وكم إشتاق للأيام الخوالى
دنا نحو اذنها وهو يقضم شحمة اذنها بحسية شديدة هامسًا بصوت اجش
- الستات مفيش اشطر منهم في الكلام بس
إن ظن انها سترتجف أو ترتعش إثارة فهو ليس بغبي، هو على وعده أن يزيل ذلك الجليد من روحها ليعلم أى إمرأة مشتعلة هي، سمعها تهتف بصوت جاد غير متأثر بلمساته الحسية التي تنعش أنوثتها باصرار وعزيمة من صاحبه
- أنا غيرهم أعرف كده كويس.
فك سحاب فستانها الأسود ليسقط على قدميها، لتقف أمامه شبه عارية، نصف عارية غير عابئة بمدى تأثيرها على الرجل الذي أمامها!، أو تعلم وغير عابئة ليقول بصوت حازم
- وأنا متشوق للوش التانى ليكي
بملابسها الداخلية التي اختارها بعناية من المحل النسائي يبدو مدمرا عليها، انها كتلة متفجرة الأنوثة وهي تعلم مقدار الجمال الذي تملكه، لكنها لم تعلمه بعد ليس برجل من يعلن هزيمته في الجولة الأولى، استفزها ببرود.
- لسانك أكلته القطة يعني
تألقت عيناها بشرر ناري وهي تضغط على وتر حساس يحاول تجاهله ما إن خطت بقدميها إلى غرفة نومه
- أنا مش عارفة انت ازاى بكل بجاحه وافقت تتجوزني وأنا كنت مرات أخوك
تمتم بجفاء وأنامله تقبض على راحة يده، جسده إشتعل بحمم لاهبة وهو يراها عازمة على ما تفعله
- الله يرحمه
ابتسامة ساخرة زينت شفتيها وهي تتابع.
- لأ واستعجلت في جوازنا ولا كأنك ملهوف عليا، رغم انا عارفة انك مش طايق تبص في وشي زي ما انا طايقة ابص في وشك
أغمض جفنيه وهو يحاول أن يتمسك في أعصابه كى لا يقتلها، يقسم أنه سيزهق روحها تلك الجافئة ذات اللسان السليط، إقترب قابضا على فكها بخشونة جعلها تتألم من قبضته
- واضح إن اخويا العزيز ربي ليكي ضوافر تخربش كل اللي بيقربلها وأنا أكتر من سعيد اني هعرف اغير دا.
انعشه شعورها بالالم تحت قبضته، اذا الباردة تشعر وتتألم وليست جمادًا، قست نظراته بطريقة مخيفة وهو يلمس شفتيها بانامله قائلا
- أولا شفايفك دي مش عايز اسمعها تتكلم عن حد غيري، حتى اخويا علاقتنا بقت راجل ومراته من الليلة دي واكيد انا مش عشان أسمع وأنا ساكت علاقتك الزوجية مع المرحوم ازاي؟
وقاحته لا حد لها وهي تراه يحل أزرار قميصه ببطء مثير للاعصاب لترفع عيناها ببرود ليتابع بصفاقة.
- ثانيا علشان أنا رجل دمي حر، كل ليلة يا أسرار كل ليلة أرجع ألاقيكي مستنياني هنا على السرير، حقي يا مراتي
إن ظن أنه انتصر في تلك المعركة الباردة فهو مخطيء، أطل عليها بعضلات جسده النافرة لتنظر نحوهما بعبوس قبل أن ترفع عيناها إلى عينه قائلة
- وحقوقي؟
رد بأستهزاء
- اتفضلي
كتفت ساعديها على صدرها وقالت
- بعد شهر العسل اللي أصريت عليه نرجع الفيلا.
إنفجر ضاحكا بسخرية، مجنونة هي ليجعلها تعود إلى منزل عشها الزوجي السابق، مجنون هو وبارد المشاعر ليجعلها تظل في منزل به رائحة زوجها عابقة في المنزل، رد بجمود
- شهر العسل ده ليا يا مراتي، انا بردو متجوزتش قبل كده، ثانيا شقتي هتفضلي فيها لحد لما أموت ووقتها...
صمت وهو يرفع لعيناها التي إهتزت ما إن نزع بنطاله ليهمس بصوت قاسي
- هكون حريص إن مراتي متفكرش في حد غيري لا انا عايش ولا انا ميت.
عاد مقتربا وعيناه بها وعيدًا خالصًا
لمس كتفها العارية ببعض الخشونة ليلصق جسدها بحرارة جسده، جسدها البارد إنتفض من حرارة جسده المنبعثة منه ورائحة الصابون الخاصة به طغت على أى رائحة اخري، تحركت يداها بجرأة على ذراعيه المفتولتين لتشعر بتصلب جسده تحت وطء لمساتها لتهمس بصوت مغوي قائلة
- ده ثالثا فيه رابعا؟
أصدر الامبراطور فرمانه الأخير قائلا ويداه تقبض على أصابعها الجرئية بخشونة شديدة جعلتها تتأوه بصوت خافت
- جمودك داخل أوضتنا تشيليه، ولو معرفتيش هكون مبسوط لما أشيله بنفسي
ثم اندفع يلفها بتملك وشفتيه تصارع شفتيها الباردتين، وعقله مليئة بالوعيد لتلك الباردة
سيزيل كل ليلة حائط الثلج بقذائفه الملتهبة وستنصهر يوما!
صاحت شادية باستنكار شديد وهي تري فضيحة ما حدث ليلة زفاف طليقها التي لم تشرف عليها بل كلفت أحد الرجال بالقيام بدورها، ما فعلته جيهان سيقضي على مستواها المهني
- يخربيتك يا جيجي
صاحت جيهان بمشاكسة
- أقل حاجه اعملها
عبست وقالت ببرود
- مكنش ليه داعي
صفعتها جيهان على رأسها وقالت بحدة
- بس انتي يا عبيطة هتبقي انتي وماهر
انفجرت فريال ضاحكة بتألق وعيناها البنية رائقة كمزاج صاحبتها، استفسرت بأهتمام.
- هو لسه مع الاميركية؟
صاحت جيهان بتأفف ولم تخفي غيرتها الدفينة من تلك الشقراء التي سلبت عقل اخيها
- ديه مبلطة هنا وشكلها مش سهلة
تمتمت شادية بعتاب
- جيجي اهدي وبطلي
تأففت جيهان بحدة لتغير مجرى الحديث وهي تهتف بأهتمام
- بمناسبة آخر الاخبار، وسيم عايزك في شغل
زفرت شادية يائسة وقالت
- تاني
غمغمت فريال ببساطة
- جربي روحي الاستوديو مش هتخسري، وسيم يقدر يطلعك مشهورة خلال يومين
إسترسلت جيهان بتحفيز.
- نوع جديد يا شادية جربيه
إلتفت نحو فريال قائلة
- سمعت إن فيه ممول أجنبي لبرنامجه
إنفجرت شادية ضاحكة وهي تمتم بيأس
- هو حد بيسمع حاجه للأشقر ده
ردت جيهان بغيظ شديد
- الأشقر ده بيجيله تمويل من برا لبرنامج تافه
هزت شادية رأسها، لن تتغير جيهان ستظل هكذا عقل طفلة صغيرة مهما كبرت ونضجت، قالت بابتسامة هادئة
- عموما احنا هنا علشان نبارك لفيرو
صفقت جيهان يداها وصاحت.
- بصي سيبيلي نفسك للأيام الجاية هي كلها كام أسبوع ويدووب نلحق نشتري
تمتمت فريال ببساطة
- اوكي
اقتربت جيهان تهمس بمكر وأختفي المرح من وجهها لتقول
- الساحرة الشريرة عرفت توقع القرصان
صاحت شادية فجأة وهي تقول بتعجب من عدم وجود الفرد الرابع
- صح هي فين رهف؟
تمتمت فريال ببساطة
- تلاقيها في المطعم مع نزار
تألق الخبث في عينى جيهان لتقول بنبرة حماسية تدبها في عروقهما
- طب ما نيجي نطب عليه ونشوف ايه الدنيا هناك.
ترا كم مر من الوقت على حديثها مع اسرار؟
أسبوع، أسبوع وهي تراجع أفعالها والعامان اللذان إعتكفتهما في حجرتها.
فريال ساعدتها بطريقة غير مباشرة من خلال حديثها الغامض انها هي الوحيدة التي تقدر على مساعدة نفسها، لكن لما لا يعلمون انه ليس بيدها كلما مر في كوابيسها أحداث ماضيها، كيف تنسي انها شاهدت بأم عيناها اغتصاب صديقتها دون أن تقدر على مساعدتها.
كيف تنسي لمساته القذرة على جسدها وفعلته الشنعاء في هتك براءتها؟!، كيف تستطيع أن تؤمن لأحد وتثق في رجل؟!
تستطيع المعاملة مع الرجال وهذا شيء ورثته في جين عائلتها أن من كسرها تستطيع أن تقف امامه صلبة دون أن ترمش بعيناها، تنهدت بتعب وهي تري تلك المسقعة لا تسترضي إعجاب الشيف العظيم نزار الشامي
صاحت بحدة طفيفة
-مطلعتش يا شيف
تذوق صوص الطماطم بأمتعاض شديد ثم قال ببرود
-الصلصة حده زيادة.
ثم تابع واكتسي وجهه علامة الرفض لما استطعمه في حلقه
-والملح كمان بدو تظبيط
المسقعة فشلت بها بجدارة وجميع من في المطعم أصبحوا ينظرون إليها بأستهجان، زمت شفتيها وهي تنظر بطرف عيناها إلى بيسان ونظراتها الشامتة لتقول
-ايه فشلت؟
كتف ساعديه وقال بجفاء
- كون انك طبختي شي مو معناه عينك بسهولة، رح جربك بالحلو
تلألأ بريق لامع في عيناها الزرقاوين وقالت
-أول ما بسمع حلو بييجي في بالي الماكرون.
استمع اليها وقال بنبرة جافه وعيناه الراكدة تتفحص تلك النظرة الزائغة والمرتعبة كلما اقترب منها دون قصد
-ولو ما اتوفر اللوز؟
أصبحت الآن يا نزار في ملعبى، رفعت عيناها اللامعتين لعيناه وكأنها تلقي حجر في بركته الضحلة
-بفكر في كب كيك
نظر إلى الساعة المزينة في رسغه وقال بلا مبالاة
-ممتاز معك وقت كافي لتجهيزي الكنافة.
ثم دون كلمة آخري تركها، جحظت عيناها حتى كادت أن تخرج من محجريهما، ماذا؟ ماذا قال؟، كنافة؟!، ذلك النرجسي البارد ستقتلع عيناه الراكدة، تقسم انها ستفعل وتحطم عرجفته معها.
ظلت ترغي وتزبد وهي تكاد تقلع خصلات شعرها من فرط الغضب والوعيد لتسمع تعليق سخيف
- مكانك مش هنا يا حبيبتي
ألجمتها بنظرات عيناها الشرسة، نظرة بها الجنون والغضب المتفاقم لتصيح رهف بلهجة حادة
- مطلبتش رأيك.
قفز في قلب بيسان الرعب لكنها أخفته جيدا وهي تهمس بشماتة
- كل اللي في المطبخ عارف فشلك الذريع وانك مجرد بت مدللة حبت تجرب المطبخ، هو طبعا يا حرام مقدرش يرفض طلب شريكته، كلها ايام وهتودعي المطبخ
أغمضت جفنيها وهي تعد للعشرة، عشرة وتقسم بعدها ستجرها من شعرها وستنسي ما لاقته من دروس الأتكيت من والدتها، فتحت جفنيها والجنون يسيطر عليها لتسمع تعليق ذكوري ساخر.
- بيسان اللي يسمعك دلوقتي ميشوفكيش أول ما جيتي ومكنتيش تعرفي الفرق بين الكزبرة الخضرا والبقدونس
نظرت بيسان إلى المدعو محمد بشيء من القرف لتزم شفتيها مغادرة، إلتف محمد إلى رهف وقال بنبرة هادئة
- محسوبك محمد
وأسترسل في الحديث قائلا بمرح
- اهم حاجة سيبك منها، كل بداية شيف عظيم كان بيحرق بيض وهو في مراحل التعليم
ألقي المدعو محمد ماء مثلج على نارها، ابتسامة غزت شفتيها وهي تهمس بعدم تصديق
- حرقت بيض؟
حمحم محمد بحرج وهو يعدل من ياقة قميصه الابيض والمطبوع عليه شعار المطعم
- ده وقت لما كنت في عيل عندي 17 سنة، بس دلوقتي لا أنا أبهرك
انجذبت نحوه رغما عنها في الحديث وعيناها يعكس اهتمامًا للمحاور أمامها، ربما لانه أول شيف يبادر الحديث معها عكس البقية؟!، استمعت اليه يقول
- ومن وقتها قررت أتعلم الطبخ ورغم اني سيبت علوم لكن الوضع هنا ما اختلفش.
عضت على شفتها السفلي بتوتر وهي تعلم أن مظهرها مخزي أمامه، يا ويلها إن رأتها السيدة الفت هانم هنا وهي في حالة مزرية، تمتمت بفضول
- ليه قررت تدخل كلية معظم اللي بيدخلها بنات
أجابها ببساطة وعرجفة أشبهت ذلك السوري ذو اللسان الناعم البارد
- معظم الشيف العالميين والطباخ رجالة
تمتمت بياس شديد، غرور الرجال لا حد له
- حتى انت لا حرااام
تمتم بغرور ذكروي وكأنه طاووس يفرد ريشه المبهر أمام الحيوانات الاخري.
- صدقي احنا بنافسكم في المطبخ و بجدارة
انفجرت ضاحكة بقوة وهي تري معالم وجهه المضحكة، تحكمت في نفسها وزجرت نفسها بعنف وهي تتذكر حديث والدتها ممنوع بنت الناس تضحك بصوت عالي، انتي تقدري تجذبي الراجل بأناقتك ومشيتك وصوتك الهادي الناعم ، نظرت اليه بفضول وهي تلقي سؤال شائك
- ورأي ماما ايه يا شيف؟
وقتها رأت ذلك الطاووس يخبئ ريشه وحمحم قائلا
- ست الكل أحطها فوق راسي.
تلك المرة إنفجرت في الضحك حتى كادت أن تذرف دموعها، تجمدت قدميها ما إن استمعت إلى صوت جهوري يصيح بقسوة
-خلينا نقلب المطبخ قهوه أحسن، محمد على شغلك
رأته يعتذر واستدار عائدا إلى عمله، نظرت اليه وجمدتها تلك النظرة المرعبة في عينيه
هل قالت أن عيناه راكدة، لما الان تري شعلة جحيمية وقسوة أرجفت أوصالها؟ّ!
صاح بلهجة قاسية وهو يقترب منها، وذبذبات جسده المشحونة تنتقل اليها.
-وانتي، الضحك والمياعه مو هنا، وهالمره اكتفيت بالتحذير بس
أجلت حلقها وهي تراه ينظر إليها بدنيوية، مشرفا عليها بطوله الفارع وجسده العضلي الذي يكاد يمزق قميصه الاسود، تمتمت ببرود
-مش أنا اللي تتكلم معايا باللهجة دي يا شيف، انا رهف الغانم
ابتسامه ساخرة زينت شفتيه قبل أن تجده يدنو نحوها وإقترابه الخطير اليها لأول مرة ثبتها، قدميها تسمرت تحت وطء كلماته النارية.
-ومين انتي يا رهف من دون اسم الغانم، مجرد طفلة مدللة صرلا فترة هون وكل مرة بتفشل فشل أكبر من التاني، مين انتي يا رهف؟، شو هوي كيانك وشغلك؟
اللعنة هو لا ينفك إلا وأن يستفزها، جزت على أسنانها بغيظ وأنفاسه الحارة التي تلفح في وجهها لم يهز بها شعرة تحت غضبها، شدت بقامتها ورفعت رأسها بكبرياء قائلة
-الكل شايفني مجرد طفلة مدللة، لكن اقسملك يا نزار أكلي عاجبك وانت بتتلكك علشان تمشيني.
نظرة عدم التصديق زينت عيناه التي عادت إلى لونهما الراكد ليقول ببرود وهو يبتعد عن تلك المساحة التي تخطاها
-رح نشوف، الكنافة يا شيف
هزت رأسها وقالت بسخرية
- ناوي حضرتك تطلب زنود الست ومدلوقة حلويات سورية
رد ببرودة اعصاب
-ماتستعجلي
استمعا إلى جلبة تحدث في الخارج وأصوات رجاله يهللون فرحا، يدعوا الله ألا تكون تلك المدعوة جيهان، عقد جبينه وهمس
-شو هالضجه؟
سارع بالمغادرة لتحلقه هي الأخرى بفضول، أبصر رجال المطعم ملتفين حول والدته التي ما أن رأته حتى هللت مرحبة
-حبيبي قرب عملتك طنجرة يبرق ورق عنب رح تاكل صابيعك وراها
ابتسم بدفء وهو يقترب نحوها ليقبل يديها قائلا بعتاب
-ماما ليش تعبتي حالك وأجيتي
ربتت عايشة على ظهره وقالت بفخر
-صحة وهنا يا شباب، كويس اني جبت علبتين مشان الوحوش.
وأخرجت العلبة الثانية التي اتت بها، وظلت تبحث عن امرأة قريبة ليقع بصرها على امرأة، بل فتاة خارقة الجمال رغم حالتها المزرية الا إنها تبدو مبهرة للغاية بهيئتها البسيطة، الفتاة لا يبدو عليها انها من الطبقة الكادحة، شيء من ملامحها ومسحة وجهها الأستقراطية تخبرها بذلك، اقتربت بفضول وقالت بمحبة
-اتفضلي يا بنتي دوقي.
دمعت رهف عيناها وهي تري عيناها الشبية بالبارد خلفها، لكن عيناها بهما عطف شديد ومحبة تغرقها، تذوقت واحدة وهي تكاد تبكي من حلاوة ما تذوقت، يحق له ذلك الجلف أن يطلب الأفضل دائما...
قلقت عايشة من تعابير تلك الفاتنة المشعة بتألق لتشعر بهنادي تقتحم دائرتهما وهي تتذوق بتلذذ قائلة
- تسلم ايدك يا حاجه عايشة
- صحة وعافية يا بنتي
صاحت بيسان بصوت مرحب وهي تلقي نفسها بين ذراعي عايشة بالعناق والقبلات الحارة قائلة.
- خالتي هنا، يا اهلا وسهلا
ربتت عايشة على ظهرها وقالت بعتاب
- والله أنا زعلانة منك يا بيسان
انسلت رهف وهنادي مبتعدتين لتهمس رهف بتعجب وهي تمسح دموعها التي هبطت رغما عنها
- خالتها؟
ثرثرت هنادي بطبيعتها المعهودة قائلة.
- اللي مخلي بيسان هنا بسبب الحاجة عايشة اتفقوا الاخوات أن عيالهم يتجوزوا، عيلة بيسان من اول ما اتولدت عايشين هنا في مصر والعكس لشيف نزار بقاله فتره بسيطة هنا لكن الكل يشهد بشغله وقد ايه في وقت قصير قدر يبني اسم ليه هنا
صاحت بعدم تصديق وهي تري لما تلك العدائية، الحمقاء تظن انها منافسة لذلك الجلف
- بجد؟
هزت رأسها متابعة
- ايوا لكن واضح أن الشيف نزار مش مدي أى رد فعل عن الموضوع ده.
صدح صوت انثوي مقتحما المطبخ في وقت باكر من العمل
- ايه ده مش حد يقول أن ده وقت استراحة
ذلك الصوت لم يكن سوى من جيهان التي جذبت عيون الرجال التي لهت عن الطعام، هز نزار رأسه يائسا من ذلك الدخول السينمائي للنجمة اللامعة، صاحت عايشة وهي تري شادية تلكز جيهان التي قفزت تتناول ورق العنب من بين الرجال
-شادية حبيبتي
ظهر الاندهاش على ملامح شادية لكنها رحبت بها بالعناق قائلة.
- حاجة عايشة والله وحشتيني ووحشتني أكلاتك
ربتت على ظهرها وقالت
- تعى للبيت مفتوح ليكي طول الوقت
خانتها رهف الدموع مرة اخري وهي تكاد تنفجر في بكاء سخيف، شعرت بلفحة حارة تضرب مؤخرة عنقها ونبرة باردة لا تتناسب مع تلك الزفرة الحارة يقول
- الكنافة يا شيف
تجلدت وهي تنظر اليه وكم بدت مقتربة منه بطريقة مفزعة لها، لكنها ثبتت امامه وهي تقول بعملية
- نابلسية؟
ابتسم وهو يحك ذقنه قائلا
- ورينا شطارتك.
نظرت إلى هنادي التي تلاهت عنها مقابل ورق العنب لتنظر اليه بعينيها الزرقاء الصافية قائلة
- وورق العنب؟
همس بلغة مصرية ناعمة وكأنه يكافئ طفلة صغيرة
- هكافئك بحلة ليكي من ايديا
توهجت زرقة عيناها وقالت بنبرة عملية
- خلال ساعات يا شيف ويجهز
هي تعلم انه لن يعجبه من المرة الاولي
وتعلم أنه سيتطلب منها تكرار ذلك الطبق لمرات كثيرة
لكنه سيكافئها بورق عنب سيصنعه من يديه
أيوجد حافز اكبر لتتذوق من يده لثاني مرة؟!
ذلك الأقتراب الحميمي رغم تصلب كلا وجههما أثار الفضول في نفس عايشة، اقتربت تهمس في أذن شادية المنشغلة بتناول ورق العنب
- شادية مين هاي البنت الجديدة
نظرت شادية بتركيز إلى الفتاة لتقول بلا مبالاة
- دي يا ست الكل رهف الغانم أخت صاحب القرية، بتسألي ليه بقي يا شقية
مطت عايشة شفتيها ثم قالت
-وش جديد وبعدين هالبنت مو بين عليها بتعرف تطبخ، شكلا بنت هاي هاي وكل شي بتتمناه بجيها، آخرتا تعمل شغلات البنات.
اقتربت تشاكسها قائلة
- عليها حته حلويات يا حاجه ولا أجدعها شيف
راقبت ملامح وجه ابنها الهاديء والذي يخفي بداخله الكثير وهو يشرف على بعض الاعمال في المطبخ لتقول بنبرة غامضة
- بنشوف.