قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع والثلاثون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع والثلاثون

رواية في قبضة الإمبراطور الجزء الأول للكاتبة ميار عبد الله الفصل التاسع والثلاثون

- عايزة تقنعيني انك حبيتي ماهر بالسهولة دي
نطقت بها فرح وهي تنظر الى مارية التي تسير بجوارها في إحدي المراكز التجارية الضخمة حاملة معها شمس الصغيرة، زفرت مارية بيأس
- حتى انتى
قالت فرح بوضوح شديد وهي تنظر الى احدي المعروضات من خلف الزجاج
- ما هو مش معقولة اول ما غاب حبتيه، اكيد حسيتي بشعور الحب و انكرتيها
اعترضت مارية طريقها وقالت بحنق.

- انكرتها من بدري، انتي عارفة اول ما شوفته في المطار وكان بيتريق عليا اني كلامى نصه انجلش، غصب عنى انجذبت ليه
عقدت فرح ذراعيها على صدرها، لا تعلم مجرى صداقتها مع مارية، لكن صحبتها جيدة وومتعة، لا تعلم منذ ارتباطها بنضال وكل شيء يخرج عن سيطرتها، تمتمت بحنق
- ونضال؟
ابتسمت مارية وهي ترى النبرة الغيورة من انثى لرجلها، اقتربت منها وهي تهمس بوضوح.

- اعجاب لحظي، مطولش، المفروض كنت اعرف نهاية العلاقة دي، بس انا كابرت وكملت
عقدت فرح حاجبيها، يالهي انها تصادق إمراة كانت من ضمن لائحة زوجها، ما هذا الجنون؟!
هزت رأسها وقالت بعند
- نفسي اصدقك الصراحة.

صاحت مارية بهدوء شديد وهي تلاعب شمس الصغيرة، تعلم ان فرح ملازمة للبيت أكثر من الخروج، لم تجد سوى ان تقابلها في المركز التجاري لتشتري بعضًا من مستلزماتها ومستلزمات صغيرتها، لكن ما عكر صفو التسوق وجود رجل ضخم الجثة على مقربة منهما للحماية
- ومتصدقيش ليه، انتي حبيتي نضال مش كدا، عنيكي بتجري عليه اول حد مش كدا
ابتسمت بحنين وهي تتذكر ملامح ماهر الحبيبة لتهمس.

- انا عنيا بتيجي عليه، عشت طفولة صعبة يا فرح محدش يقدر يتخيلها، يكون ليكي عيلة هنا وعمرها ما تسأل عنك
تابعت فرح بنزق شديد
- او وسطهم وميهتموش غير بمصلحتهم
تنهدت مارية وهي تتابع السير لتقول
- الحياة قاسية اووي، بس بتدينا امل لبكرا، حب جديد، صداقة قوية، تكوين اسرة جديدة. علاقة اخوية قوية، كل ده يهون علشان ينسيكي مرارة الماضي
صمت قليلاً وهي تتطلع الى ملامح فرح لتهمس.

- نضال بيحبك، واضح عليه ده، انا عمري ما شوفته كدا
تمتمت فرح ببرود شديد
- بيحبني، مبقتش اصدق
زمت مارية شفتيها وهي تود ان تفيق تلك المجنونة البائسة، لا تريدها ان تصل لنفس مرحلتها البائسة وتخسر الجميع من حولها، صاحت مارية بصرامة شديدة
- اجمدي كدا، هتتعبي معاه شوية، بس سابلك الباب مفتوح ليكي انتي، قربي منه، حاولي تعرفيه
تغضن وجهها وهي تمتم بألم
- ماهر يسيبلي الفرصة، مش عارفة هقنعه بحبي ازاي ليه.

تمتمت بنبرة مختنقة
- اظن كفاية كدا، شمس تعبت، هقابلك بكرا.

وضعت جسد الصغيرة على ذراعيها واستأذنت مغادرة وهي تسابق الرياح، تأملتها فرح وهي تختفي بين الحشد لتتابع السير بين الحشود بدون وعي، شعرت بيد غليظة تمسك ذراعها وحينما همت ان تصرخ قربها المثلم اليه بقوة وهو يحضن خصرها واضعا القماش على انفها، جحظت عيناها برعب وهي تنظر إلى الحارس الذي غاب عنها بين الحشد الضخم لتخر ساقطة وآخر ما وقع عيناها، عينا الرجل الغاضبة.

كان قد انتهي من إجتماعه وخرج جميع الموظفين في الفندق، فك اول زرين من القميص وهو يشعر بإختناق يجثم انفاسه، امسك هاتفه وهو يتصل بالحارس الذي أمره على حراستها وحراسة صغيرته الا ان اتصال الحارس جعله يعقد جبينه يتساؤل، رد على اتصاله قائلاً بجفاء
- خير
تمتم الحارس
- باشا، المدام والبنت اتخطفوا
جحظ عينا نضال وهو يهب من مجلسه قائلا بعنف.

- انت اتجننت انت بتقول ايه؟، اقسم بالله ساعتين زمت أن ما لقيتها ليا تصرف معاك، مش بدفع فلوس لشوية بهايم أنا
اغلق المكالمة بحدة دون أن يستمع الى رد منه، تصاعد نغمة رسالة في هاتفه من رقم خاص، ليفتح الرسالة وهو يبصر ان الرسالة صورة فرح الغائبة عن الوعي وشمس الصغيرة النائمة في احضانها، تأجحت النيران في داخله وهو يري رسالة نصية يقول.

حبيت تلعب معايا يا نضال الغانم، بس متنساش ان اللي بيلعب بديله معايا بعرف اجيبه راكع
اسود وجهه قتامة وهو يسبه بعنف ويتوعد له، خبط بقوة على سطح طاولة الاجتماع
ذلك الخبيث عرف كيف يلعب معه وكيف جعله يأتي اليه راكعًا
- بتلعب معايا بالنار، ورحمة أمى ما انا سايبك.

اخشى من النساء ومكرهن
اخشي من المتيمة بعشقك
واخشي مرتين من التي تلفظ مرارا بكرهها لك وكل ذرة في كيانها يصرخ عشقا لك.
سراج الحسيني.

الاوراق أصبحت مكشوفة وجميع من في اللعبة ظهروا على حقيقتهم، ما تبقي الآن هر خطوته التي يعلم أنها غير عادلة للطرفين، من ناحية هو مع أسرار ويشعر بروحها الثائرة لكن من تواجهها هي والدته، والدته مليئة بالحقد والكراهية لزوجته، الأفضل أن تظلا مبتعدتان لفترة حتى تستعيد نفسها من أوهامها، يتمنى أن يحدث ذلك في أقرب وقت!

ابتسم ساخرا وهو يمرر أنامله على لحيته، من يخدع؟، يخدع نفسه لأنه عالم ان والدته ولو بعد دهر لن تتغير، والدته طبعت على اخيه المرحوم، لا يملك حلا سوى الدعاء، هذا ما يملكه وابتعاد أسرار عن محيط شيراز.

دلف الى الشقة الساكنة سوى من رائحة الطعام التي اثارت معدته بشدة، تقدم الى المطبخ ليرى ام سعيد، المرأة المناضلة التي وقفت في سوق الرجال بكبرياء تبيع الفول والفلافل والحق يشهد لم يرى انها مثل باقى البائعين ما أن يشتهروا يقللو من جودة طعامهم، القي تحية سريعة لابنتها التي ذات السادسة عشر وتساعدها، ابتسم نحو المرأة والله يشهد كيف اصرت على رعاية زوجته وهو في عمله، تنهد زافرا بحرارة وهو يرى الطعام الذي لم تمسه.

- لسه بردو مصممة متاكلش
هزت ام سعيد راسها نافية وهي تصيح بنبرة متألمة
- حاولت وغلبت معاها
كبح ثائرته وهو يبتسم بامتنان نحوها
- تمام يا ام سعيد، معلش تعبتك وجبتك من شغلك
شهقت مستنكرة وقالت
- هو ده بردو يصح يا ابنى، ده انت في غلاوة ابنى سعيد بالضبط، خيرك مغرقنا ومش عارفة اودى جمايلك فين
ابتسامة دافئة وهو يغمغم بمرح
- ربنا يخليكي لينا يا ام سعيد، الصراحة من غير اكلك مكنتش هعرف اروح فين.

عدلت من طرحتها على رأسها ما ان انهت تنظيف الاطباق، الحق يقال انها المرة الأولى التي تدلف إلى شقته كان دائما حارس العقار يأخذ طلبياتها من أسفل العقار وهي تذهب مسرعة مرة أخرى نحو السوق، امثال سراج في تلك الطبقة قليلة للغاية، هو لم يتأخر في توظيف ابنها في الورشة الخاصة به، زجرت ابنتها بعيناها وهي تأمرها بالنهوض لتقوم على مضض وهي تضع كتبها في حقيبتها، غمغمت بابتسامة هادئة.

- استأذن انا بقى، الأكل في الصينية متسخن
اوصلها حتى باب الشقة وحينما أغلق باب الشقة عبست ملامحه وهو يتوجه نحو غرفة النوم بملامح نارية، فتح باب الغرفة بقوة ادى إلى صدور شهقة مستنكرة من أسرار الت انتفضت من فراشها مفزوعة، صاح بحدة وهو يزيح الشرشف عنها
- بلاش شغل العيال ده، اصحيلى
توقفت عيناه إلى ما ترتديه، اتسعت عيناه جحوظا وهو يراها ترتدي ثوب أسود من الدانتيل، اتغويه؟

عقد جبينه وهو يشيح بعينيه الوقحتين من تأمل جسدها الذي نحف لكنها ما زالت مبهرة، عينيها الناعستين تنظر اليه بعبوس شديد، شفتيها المنفرجتين وهي تعبث باناملها في خصلات شعرها، عيناه خانته وهو يراقب تمللها كقطة صغيرة تموء طالبة التدلل من سيدها، انحسر ثوبها واظهر ساقيها المهلكتين، تتحداه أن يلمسهما ويلمس نعومتهما، زفر حانقا بقهر وهو كاد ان ينفجر في وجهها صائحة ان ترتدي ثوب محتشم، لكن تلك الأثواب هو من اختارها، هل دعت أم سعيد تراها هكذا شبه عارية؟!

- شافتك بالمنظر ده؟
صاح بها بغضب جهوري وهو يمسك ذراعيها بخشونة لتتسع عينيها الباردتين سابقا والتي يثير الزوبعة الآن في عالمه لتنفى قاطعه
- لا ابدا، مدخلتهاش الاوضة وبما ان الاوضة مفيهاش لبس غير ده فاضطريت البسه
كادت أن تسترسل في تبرئة نفسها الا انه قاطعها بخشونة
- مش بتاكلي ليه؟، عايزة تموتي من الجوع؟

اجفلت من تغيره لمجرى الحديث، يثبت سراج انه دائما مختلف عن زوجها الراحل، رأت عيناه تتفحص بشدة وتقيس ما تغير بعد شهر من غيابها، تمتمت بنفي
- مليش نفس
تغيرت لمسه يداه لتصبح هادئة وهي تمرر بحنو على ذراعيها لترتعد اسرار من لمساته الناعمة لتزدرد ريقها بتوتر وهي تسمعه يتمتم بخشونة
- ملكيش نفس اممم، أسرار
أجابت بصوت هاديء
- نعم.

الجم سراج وحشه الهائج في صدره وهو يقرص ذراعيها بقوة لتتأوه بضعف وما تفعله تثير به ما لا يتوقعه الآن، صاح بعنف
- هتاكلر
هزت رأسها نافية وهمست
- مليش نفس يا سراج، مش بقدر احط اكل في بقى
ابتسم ببرود وهو يقول
- وماله نخليه دلوقتى.

وفجأة حملها كتفه كما يفعل رجل الكهف متوجها نحو المطبخ، صدقت ما ان قالت عنه همجي وشهوانى، وتشتاق إلى لمساته بقوة، عضت على شفتها السفلى وهي تزجر نفسها بعنف على ما يمر في عقلها، أغلقت جفنيها وهي تشعر بالدوار يلف رأسها لتهمس بضعف
- سراج، بطل جنان.

اللعنة على سراج وعلى اسمه الذي تنطقه مثيرا به مشاعر لا يود ان يخوضها الان، تنهد سراج حانقا وهو يجلسها بعنف على مقعد الطاولة لتتشبث بقميصه بقوة وهي ترفع عيناها الى عينيه اللتين اجفلتها، أنه يكاد يمنع نفسه عنها وهي ترى أن عينيه تلتهمها حية، رفرفت بأهدابها وهي تراه يصيح بحنق
- انا مخبى شياطينى، استهدى بالله كده واتعدلى معايا.

كبحت ابتسامة شقية، لن يصمد البوهيمي الخاص بها لشهر، تعيد ما فعلته منذ مجيئه وترتدي تلك الثياب الوحيدة في غرفتهما ولن تشعر بالذنب مرة اخرى، لن تدفن مشاعرها كما فعلت وتخبره كيف كانت تراه حينما كانت تعاني من حب من طرف واحد.
تناولت لقمة من يده وهي تمضغ الطعام بصعوبة لتشعر بالاختناق وهي تبلع اللقمة بصعوبة لتنظر اليه هامسة بألم
- هو انت عمرك ما شوفتني يا سراج؟، كنت شفافة.

صب جل اهتمامه عليها وهو ويضم وجهها بكفيه ليهمس بحرارة الهب جسدها
- عيني عمرها ما جت على عينك وبصلتك الا لما بقيتي مراتى
اعترضت بنفى
- ويوم الخطوبة بتاعتى
صاح بلهجة صارمة، يعترف انه اعجب حينما راها أول مرة في حفل خطبه اخيه، لكن لم يهتم بعدها إطلاقا، مجرد جميلة جذبت انتباهه مثل باقي النساء في الحفل
- عمر ما عيني هتبص على واحدة ملك حد يا اسرار، مش للدرجة دي بالصورة المقززة اللي انتي شيفاني.

بكت بحرقة وهي تنظر اليه بلوم وعتاب شديد، همست بحرقة
- غصب عني، الليلة دى كانت الفيصل انى اموت قلبي بأيدي
اهتز جسدها بقوة وهي تنهار في البكاء أمام سراج وهو يشاهد حالتها المزرية، ضمها بكل قوة الى ذراعيه وهو يمسح على شعرها مرات عديدة هامسا في اذنها ببضع آيات قرانية هدأت من نوبتها الهستيرية، هدأ بكائها لتلف ذراعيها حول خصره العضلي لتهمس بضعف.

- انا ضعيفة يا سراج، ضعيفة بجد، محدش حاسس بيا، كل اللي نفسي فيه مش بقدر احققه
استكانت بعد فترة من صوته الاجش في قراءة بعض الايات من الذكر الحكيم، دفنت وجهها بقوة في صدره، تلك المرة كطفلة صغيرة باحثة عن دفء ووجدته بين ذراعى ذلك الرجل.
لم يخونها ابدا مشاعرها لتقع في حب ذلك الرجل العابث سابقا، لكن بعد ان يضيع الحلم ويأتي مرة أخرى طالبا منك الحب؟

ربااااااه، زفرت دموع وهي تشعر بأنامله تمرر على خصلات شعرها لتسمعه يهمس
- انا حلمك
تجمد جسدها وهي ترفع عيناها اليه، يتبلع بقوة وبكل جبروت يهدد حصونها الواهية، لقد فاز تلك المرة في معركته، غمغمت بسخرية مريرة
- بس جيت متأخر
صاح بصوت جهوري
- حلمك، وهفضل كده
نزعت نفسها بقوة عنه، لن تضعف مرة اخرى، تمتمت بنبرة واهية
- لأ، مش عايزة اعيش نفس العذاب تاني، سراج مقدرش اجبرك على حاجه انت مش قادر تديه حقه.

جذبها بقوة اليه لتسقط على جسده، تلعن ضعف جسدها، يفوقها قوة باضعاف سابقة، يحملها الان وقتما يريد وهي غير قادرة حتى الاعتراض بصوت او نبرة زاجرة، صاح بلهجة غاضبة
- قصدك ايه؟
سيقتلها ان تفوهت بتلك الكلمة الغبية كما تخبره في رسائلها الغبية، الا يكفي انه حتى الان لا يعلم أين اختبأت كل تلك المدة عنه
أجلت اسرار حلقها وهي تسدل اهدابها بعيدا عن عينيه المتقدة لتهمس.

- انا وشيراز هانم، صدقني بعدنا ارحم، يمكن انت مش شايف الصورة من جميع النواحي بس انا جربت يا سراج، ومقدرش اعيد تانى
صاح بقوة وهو يرفع عيناها الى عينيه ليجمدها بقوة بجبروت صوته
- حياتك معايا حاجه وامي حاجه تاني، عارف ادي لكل واحدة حقها، طلعي من دماغك اي شيء سلبى ومتفكريش فيه، اقتلك يا اسرار لو عرفت انك بتفكري فيه مجرد تفكير
شحب وجهها وهي لا تصدق ايغار منه، ايغار من شخص ميت؟، تمتمت بذهول.

- ده اخوك في النهاية
أغمض جفنيه وهو لا يصدق الى ما الت اليه الامور، كيف يغار هو من شخص ميت، بل واخيه وهي ارملة اخيه السابقة، الامور على وشك أن تخرج من مدارها إن لم يتحكم هو في مقود القيادة، صاح بلهجة صارمة
- علشان اخويا اعملي ده، اقفلي أي دفاتر قديمة خلينا نركز في مستقبل جديد، هنتعب يا اسرار ومش هنلاقي دوا لجروحنا
هبت واقفة وهي تنظر اليه بشرر ناري، واقفة بتصلب أمامه وذقنها مرفوع بكبرياء وأنفه.

- انا بقالي سنين متعذبة، الرحمة بقي
امسك ذراعها بخشونة وهو يدمدم بسخط
- رحمة!، رحمة يا اسرار، سايبه البيت وهربتي من حضنى والله اعلم كنتي فين وعايشة وسط مين؟
كادت ان تصرخ في وجهه متحملة كل الالم وذلك الدوار الذي داهمها متهمة اياه بعدم الثقة لكنه خرسها حينما امسك شعرها بقوة.

- ازاي وحدك؟، انتي عارفة انا كان بيجيلى كوابيس انك بتصرخي وبتناديني وانا متكتف ومش عارف اوصل لمكانك، مين فينا الأناني يا هانم، انا ولا انتى؟!
كلاهما، اجابت سرا وهي تنظر الى عينيه القاتمتين وعيناها تغوص رغما عنها الى عمق عينيه الداكنتين، همست بسخرية
- انانية لانى لمرة واحدة في حياتى فكرت في نفسى
دمدم صارخا
- ايوا انانية، لانى فكرت انى اقدر اعرفك وقتها اكتر.

سراج موجوع منها بقوة، شهقت بقوة وهي تنظر الى عينيه، تهز رأسها نافية لتقول
- ورسايلي؟
صاح بلهجة لاذعة
- عايزة اسمعه منك انتى
تنهدت اسرار وقالت بتعب
- هنوصل ايه للنهاية ولا حاجه، يبقي الحال على ما هو عليه
ثم واصلت بجمود
- ممكن تديني تليفوني اللى واخده
زجرها بقوة وهو يغمغم بسخرية يتفحصها من منابت شعرها حتى أنامل قدميها
- لا، احمدي ربنا انك صاغ سليم وبتتكلمي معايا غيري كان رقد مراته في المستشفى.

اتسعت عيناها وهي تسمعه يتمتم بخشونة
- من بكرا نجيب شنطة هدومك واشوف الهانم كانت مختفية فين
سرها الأخير يريد معرفته، وقفت في منتصف المطبخ ولم تشعر بمغادرته سوى من صوت باب الشقة الذي أغلق بعنف، أغمضت جفنيها وهي تدعو ربها ان لا يراهما أحد من الحى الشعبى!

مسح وقاص العرق المتصفد من جبينه ليصيح بصوت متهدج بعدما ألقي غضبه و حنقه من ذلك النجس عزيز، يالله كم يكره رؤية وجهه كلما قدم إلى هنا و يسمح بأن يلقي عليه جام غضبه وينتهى الأمر به كجثة هامدة، سحبه الحارس جسد عزيز إلى غرفة في الداخل ليلتفت وقاص وهو يعيد زر اكمامه ليقول بجفاء نحو احمد
- الإقامة عجبتكم ولا مش مريحة، نريحها لو حابين.

لم يجب احمد وهو ينظر اليه برعب، لا يصدق أسفل تلك الملابس الباهظة هناك وحش كاسر يخرج من سجنه وينقض عليهما ويلتهمهما بشراسة، أخفض وقاص وجهه وهو يتنفس بعمق، ليرفع وجهه وينظر نحو أحمد الذي قبض عليه حينما علم من احد معارفه أنه قرر الهرب من الطريق الصحراوى لإحدى قبائل البدو، صفع وجهه بقوة حتى سقط أحمد من اثر قوة الصفعة، امسكه وقاص من تلابيب قميصه ليعيد صفع وجهه مرة أخرى ليصيح في وجهه.

- يا اخي انت اخر واحد توقعت انك تشترك في عملية دنيئة زي دي
حاول أحمد الابتعاد من بطش الوحش ليمسح احمد الدماء المنبثقة من فمه قائلا بوهن
- الفلوس يا باشا
ركله وقاص بقدمه على بطنه ليصرخ احمد متأوها بضعف، رفسه وقاص بقدمه بغضب وهو يصيح بحنق
- على أساس المرتب مش مكفيك، هو ده نهاية الطمع
امسك احمد قدميه وهو يركع بصورة مخزية على قدميه طالبا العفو، كما العبد يريد الهرب من بطش سيده
- عيلتي يا باشا.

ازاحه وقاص بعنق وهو يركل جسده بعيدا عن ذلك الحقير ليصيح
- عيلتك عارفين انك في شغل برا مصر هتكون مطول فيه شوية
تأوه احمد وهو يحاول النهوض على قدميه ليهمس بندم
- غلطة ومش هتتكرر
رمقه باستخفاف ليبصق في وجهه قائلا
- كان لازم تعمل الف حساب قبل ما تفكر تخطف مراتى
هرب من عقابه حينما اتى حارسه الذي هتف بصوت اجش
- باشا
رفع عينيه نحو حارسه ليقول الحارس بجمود
- وصلت.

ركله بقوة وهو ينفض عنه الأتربة ليتوجه خارجا من المستودع، زر وقاص ازرار قميصه ليسمع إلى حارس المستودع يقول
- اعمل ايه في التانين
تذكر ماجد الذي أدمن على المخدرات نتيجة الجرعات التي أخذها بانتظام، زفر بحنق قائلا
- ماجد ده كارت محروق رجعه لاهله، أما الكلب التاني مش عايز اشوف وشه
صاح الحارس بقلق وحديثه متمركز حول عزيز
- ممكن يكون فيه قلق
ابتسم بسخرية قائلا.

- عزيز مجرد كلب إذا اختفى فيه عشرة غيره ياخدوا مكانه
هز الحارس راسه ليقول
- تمام يا باشا
وجه بصره نحو الحارس الآخر ليقول بنبرة جامدة
- شوف ايه التعامل اللي حصل معاهم، كفاية انهم اتاخدوا بشكل مش لطيف
هز الحارس رأسه قائلا
- تمام يا باشا
ابتسامة صفراء زينت ثغره وهو يتخيل الآن وجه نضال، هو من بدأ اللعب بالنيران فليتحمل نيرانها كما يفعل مع الجميع.

ثائرا ومنفعل بقوة، أخرج شيطانيه والكل اصبح يخشاه ويتفادى التعامل معه منذ أن اختطفت زوجته وابنته، تهدجت انفاسه بعنف وهو ينظر إلى غرفة مكتبه التي حدث بها زلزال قوي يكاد يبلغ قوته 8 ريختر، يقسم انه لن يرحم وقاص أن رآه
يقسم لن يرحمه، يختطف زوجته امام عيناه ذلك الحقير، تنفس بغضب حينما استمع الى طرقات على باب غرفة مكتبه، امر بصوت اجش بالدخول وما أن دخل الحارس حتى صاح بوحشية
-قولي يا وش الخير.

غمغم الحارس وهو يجلي حلقة، لأول مرة يرى رئيسه في العمل غاضب بثورة
-للاسف مش عارفين ندخلها
زادت معالم وجهه شراسة وعيناه القاتمة تثير الفزع في القلوب، ضرب بقوة على سطح مكتبه ليصيح بهدر
- معرفتش ازاي، اومال البقر اللى هناك بيعملوا ايه
تصبب العرق من جبين الرجل ليجيب
- ولاءهم ليه
لقد لعبها باحتراف، ذلك الحقير أخرج جميع جواسيسه من تلك القرية الذكية اللعينة، هدر بعنف
- ولاء ليه!، غور من وشي دلوقتى.

غادر الرجل من أمام وجهه، ليضم قبضة يديه وهو يطرق سطح المكتب بعنف قائلا بسخط
- ماشي وقاص، تعمل معايا انا كده.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة