قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل العشرون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل العشرون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل العشرون

عاودت شمس الصباح للإشراق من جديد لتعلن عن بداية يوم أخر مليء بالمفاجأت والتحديات..

اجتمع معظم الضباط والمجندين على سطح الفرقاطة من أجل الاستعداد لاستئناف باقي أعمال المناورة التدريبية المشتركة، وكعادتها استيقظت فرح مبكرا لكي تنضم إلى البقية، وارتدت هذه المرة سويت شيرت من اللون الأخضر وأسفله بادي من اللون الأبيض، ومن الأسفل ارتدت بنطالا من الجينز الأزرق، ولم تنس أن تحاوط عنقها بوشاح من اللون الأبيض، كما ارتدت هويتها الخاصة بها، ووضعت في قدميها حذائا رياضيا من اللون الأبيض، أما شعرها فقد اكتفت بعقصه كليا للخلف على شكل كحكة، ولم تترك أي من خصلات شعرها تنسدل سواءا على وجنتيها أو حتى على جبينها، وما إن تأكدت من إنتهائها حتى دلفت خارج قمرتها وهي ممسكة بيدها كاميرتها..

بدى وجه يزيد مشرقا وهو يمر بين أفراد طاقمه، وبين الفنية والأخرى كان يلتفت برأسه للخلف بحثا عن فرح بعينيه حتى لا يفوت فرصة رؤيتها..
-يزيد لنفسه بتوتر: ايه اللي أخرها بس، دي بتطلع في ميعادها بالثانية، ولا تكون مش عاوزة تشوفني! بس أنا خلاص مش ناوي أسيبها..!

لاحظ آدم انفراج أسارير يزيد، وتبدل ملامحه للأفضل، فتوسم خيرا في أن يكون هناك أخبارا مبشرة..
-آدم لنفسه بنبرة متعشمة: الظاهر إننا هنسمع أخبار فل الفل قريب، أصل من النادر أوي إني أشوفك بتضحك كده يا يزيد، خير إن شاء الله، ربنا يديمها نعمة...

بعد لحظات كانت فرح متواجدة على سطح الفرقاطة، وكانت هي الأخرى على غير طبيعتها رغم أنها تعمدت أن تبدو جادة، ولكنها خشيت أن تلتقي عينيها بعيني يزيد فيكتشف أنها حقا تهتم به، وتكن له في قلبها شيئا ما..
-فرح لنفسها بخفوت: يا رب مايشوفني، أنا هحاول أدارى بعيد عنه، مش عاوزاه ياخد باله مني النهاردة، ربنا يعدي اليوم على خير..

لمحها يزيد من على بعد، فارتسمت على وجهه ابتسامة أكثر تفائلا، وبدى أكثر حماسة عن ذي قبل، ثم بمهارة وخفة، مرق بين أفراد طاقمه وهو يشجعهم على إظهار لياقتهم العالية في الجزء الأخير المتعلق بالمناورة من حيث عمليات الغطس لأعماق كبيرة، وأيضا التدريب مطاردة الغواصات المعادية وملاحقتها..

تحمست فرح لتلك الأجواء بعد أن كانت تخشاها قبل أيام قليلة، والتقطت بالكاميرا الخاصة بها صورا مميزة أخيرة تسجل أروع المشاهد التدريبية، وعلى قدر الإمكان حاولت ألا تكون على مقربة من يزيد، ولكن كان دوما أمام ناظريها، لا يحيد ببصره عنها..

وبعد يوم طويل مليء بالكثير من التدريبات، طلب قادة الأركان الالتقاء بقائدي الوحدات التدريبية، وكذلك مسئولي طاقم الفرقاطة في أحد السفن الرئيسية من اجل تكريمهم، والثناء على مجهودات الجميع..
تشجع يزيد للذهاب كثيرا، ولكنه فضل أن يقتنص تلك الفرصة في إصطحاب فرح معه، وبالفعل توجه إلى قمرتها، وطرق الباب المعدني، وانتظرها كي تفتح له..

بدلت فرح ملابسها، وارتدت زيا رياضيا، ثم سارت ناحية باب القمرة لتفتحه، وتفاجئت بوجود يزيد بعد أن فتحته قليلا و...
-فرح بنظرات مندهشة، ونبرة رسمية: سيادة المقدم
-يزيد باستغراب: سيادة المقدم.! لأ واضح انك أخدة الموضوع فورمال ( رسمي ) على الأخر..!

تنححنت فرح في حرج، ثم أطرقت رأسها للأسفل، وظلت مستندة بذراعها على الباب المعدني و..
-فرح بنبرة شبه جادة وهي مجفلة لعينيها: حضرتك عاوز ايه
-يزيد بنبرة هادئة، ونظرات متفحصة: ممكن تبصلي وأنا بكلمك.

اضطرت فرح أن ترفع عينيها قليلا للأعلى، وحدقت في عينيه مباشرة، وارتبكت ملامحها حينما رأته محدقا بها وعلى وجهه ابتسامة صافية و..
-يزيد بنبرة رخيمة: كده أحسن..
-فرح بإيجاز: خير
-يزيد بنبرة هادئة: عاوزك تجهزي عشان هتيجي معايا
-فرح متسائلة بحيرة: اجي معاك فين؟
-يزيد بهدوء: في حفل تكريم لقادة الوحدات المشاركة في المناورة.

-فرح وهي تعقد حاجبيها في إندهاش، وبنبرة متسائلة: طب وده إيه علاقته بيا، أنا ماليش دعوة بالتكريم ده.

وضع يزيد كلتا يديه في جيبي بنطاله، ثم اشتد في وقفته ورمق فرح بنظرات رومانسية و...
-يزيد مبتسما بعذوبة، وبصوت خافت: تحبي تيجي عادي، ولا بتكليف رسمي.

عضت فرح على شفتها السفلى، وأطرقت رأسها مجددا، و..
-فرح بهمس: اووف، يعني مش هاعرف أزوغ أبدا
-يزيد مبتسما أكثر، وبنبرة هادئة وهو يغمز لها: تؤ..!

ثم تنهد هو في ارتياح، و...
-يزيد متابعا بنفس الهدوء: معاكي 10 دقايق وتكوني جاهزة، أنا هستناكي فوق على السطح
-فرح بإقتضاب وهي تلوي شفتيها: طيب..!
-يزيد بنبرة محذرة، ونظرات جادة: ولو فكرتي تتأخري، هاجي أجيبك بنفسي...!

ثم سار مبتعدا عنها تاركا إياها في حالة تحسد عليها...
زفرت فرح في توتر، ثم أغلقت باب القمرة، ووضعت كلتا يديها على فروة رأسها، وظلت تعبث بشعرها في ارتباك و..
-فرح بخفوات: طب أعمل ايه بس، أنا مش عاوزة أكون معاه.

ثم تنهدت مجددا في انزعاج، وتوجهت ناحية خزانة ملابسها، وانتقت لنفسها بنطالا من الجينز الأسود، وقميصا حريريا من اللون النبيذي ذي أشرطة تعقد كفيونكة عريضة من عند الياقة، ثم اختارت حذائها الرياضي الأسود لكي ترتدي في قدميها..
بعد عدة لحظات كانت فرح قد انتهت تماما من إرتداء ملابسها، وتلك المرة قررت أن تترك شعرها ينسدل خلف ظهرها، ثم أخذت نفسا مطولا قبل أن تتجه إلى خارج قمرتها..

وقف يزيد وإلى جواره آدم وكلاهما متأنق في زيهما العسكري الأزرق ومستندين على حافة الفرقاطة، ثم..
-آدم بنبرة مرحة: معرفش ليه قلبي حاسس انك ناوي على حاجة النهاردة
-يزيد بهدوء حذر: وايه اللي مخليك تقول كده
-آدم بإيجاز: تصرفاتك.

اعتدل يزيد في وقفته، ثم رمق آدم بنظرات حادة، و..
-يزيد بنبرة متعجبة: تصرفاتي؟
-آدم بنفس النبرة الهادئة: اه، انت مش لاحظ إنك اتغيرت كتير
-يزيد بجدية: برضوه بتعيد نفس الكلام
-آدم بنبرة متريثة: ماهو عشان أنا صاحبك، فأنا أكتر واحد عارفك، وحافظك وصامك كمان.

مط يزيد شفتيه في تبرم، ثم أخذ نفسا مطولا، وزفره في هدوء، فتابع آدم حديثه ب...
-آدم بنبرة رزينة: أنا عارف ان جواك مشاعر لفرح، وده باين عليك، ولو انت مش عاوز تعترف بده لنفسك، فأنا آآ...
-يزيد مقاطعا بجدية: انا ناوي أتجوز فرح.

فغر آدم ثغره في صدمة، واتسعت عيناه في ذهول، فهو لم يتوقع مثل تلك العبارة تندفع خارج فم يزيد بتلك العفوية الممزوجة بالجرأة، ولكن قطع اندهاشه العجيب قدوم فرح التي رمقته بنظات حائرة و...
-فرح متسائلة بفضول: مالك يا آدم بيه؟

ظل آدم محدقا في يزيد، ثم التفت لينظر إلى فرح بنفس النظرات المذهولة، بينما ابتسم يزيد في ثقة حينما وجد فرح وهي متأنقة بشعرها المنسدل خلف ظهرها، وشعر بتسارع نبضات قلبه وهي تعبث بخصلات شعرها المتمردة وتعيدها للخلف، ثم أفاق من شروده، والتفت إلى آدم ورمقه بنظرات خبيثة و...
-يزيد بجدية: متخديش في بالك، ويالا عشان احنا اتأخرنا..

ثم أشار بيده لها لكي تتحرك هي أولا للأمام، في حين أمسك هو بذراع آدم، ودفعه معه قسرا وهو قابض على ذراعيه، ثم انحنى قليلا بجسده عليه، و...
-يزيد وهو يهمس محذرا له في أذنه: عارف لو فتحت بؤك بكلمة، هاحدفك في البحر، ومحدش هيلاقيلك طريق جرة
-آدم بتوجس: طيب..!

ثم استقل ثلاثتهم زورقا سريعا مع بعض الضباط الأخرين، وانطلقوا جميعا في اتجاه سفينة كبيرة مخصصة للاحتفال..

تم تكريم جميع المشاركين في المناورة بعد أن ألقى أحد القادة كلمة تشجيعية لهم، فتعالت التصفيقات في أرجاء تلك القاعة التي إزدانت من اجل هذا الحفل...
مر الوقت بطيئا على يزيد الذي كان يود الانفراد بفرح التي خطفت قلبه قبل أن تخطف أنظاره، كان يحاول أن يتصنع الفرصة من أجل الحديث معها، ولكن للأسف لم يستطع، فحينما ينتهي من الحوار مع أحدهما، يقاطعه أخر بالسؤال عن نتائج المناورة أو بالتهنئة له...

بينما كانت فرح مشغولة في عمل بعض اللقاءات الصحفية، وخاصة مع كبار القادة ( أركان الحرب ) والذي كانوا ذوي صلة بحرب تحرير سيناء، وبالفعل استطاعت أن تجمع معلومات إثرائية شيقة عن جوانب متعددة في تلك الحرب لتضيفها إلى تقريرها الأساسي..
بعد برهة، وبينما كانت فرح مندمجة في تصوير جانب من الحفل، وجدت يزيد يقف قبالتها وعلى وجهه ابتسامة عريضة و...
-يزيد مبتسما، وبنرة عادية: تسمحيلي ب 5 دقايق من وقتك.

-فرح وهي ترفع أحد حاجبيها في استغراب: ليه؟ في حاجة تانية؟
-يزيد وهو يوميء برأسه: أها..
زمت فرح شفتيها، ثم هزت رأسها بالايجاب، و..
-فرح بخفوت: طيب، اتفضل حضرتك قولي اللي انت عاوزه
-يزيد بجدية وهو يشير بيده: مش هاينفع هنا، يا ريت بس لو نطلع بره بعيد عن الدوشة دي
-فرح وهي تنظر حولها، وبنبرة ممتعضة: ماشي..

سارت فرح إلى جوار يزيد، ثم دلفا إلى خارج قاعة الاحتفال الداخلية الملحقة بالسفينة، وتوجها إلى ناحية سطح السفينة حيث استندت فرح بكفيها على حافة السفينة - والتي كانت قصيرة إلى حد ما – ومالت بجسدها للأسفل، وظلت محدقة لمياه البحر الحالكة، بينما جلس يزيد على الحافة، ووقف ينظر كليا إليها وهو عاقد ساعديه أمام صدره و...
-يزيد مبتسما، وبنبرة هادئة: الحفلة حلوة صح؟
-فرح بخفوت وهي تهز رأسها موافقة: أها.

-يزيد غامزا، وبنبرة هامسة: بس مش هاتكون أحلى منك.

توردت وجنتي فرح، ولكنها لم تلتفت إلى يزيد وظلت محدقة في مياه البحر محاولة تجنب إظهار ارتباكها الجلي أمامه..
تفنن يزيد في جذب انتباه فرح ببعض الأسئلة العادية – والمملة نوعا ما – من أجل خلق جو من الألفة في الحديث بين كليهما، وما إن تأكد من تجاوب فرح معه وإجابتها على معظم أسئلته بأريحية، حتى استجمع شجاعته لكي يسألها أحد أهم الأسئلة التي كانت تؤرق مضجعه ليلا لأيام عدة، و..

-يزيد متسائلا بتريث: كنتي بتحبي جوزك؟

تفاجئت فرح بهذا السؤال، فالتفتت إلى يزيد ورمقته بنظرات شبه لامعة، ثم عاودت النظر مجددا لمياه البحر، وتنهدت في انزعاج وهي ممسكة بخصلة من شعرها و..
-فرح بنبرة شبه حزينة: أنا منكرش إني كنت بحبه..
ثم صمتت لثوان محاولة السيطرة على نبرة مريرة تحاول الولوج خارج ثغرها، و...
-فرح بنبه شبه مختنقة: بس للأسف هو طلع مايستهلش الحب ده.

حدق يزيد أكثر في فرح، ونظر إليها بعينين كالصقر محاولة استنباط ما يدور في عقلها و...
-يزيد متسائلا بترقب: ليه؟
-فرح بنبرة حزينة، وعيني دامعتين: لأنه طلع خاين، وكداب، اتجوز عليا وخدعني باسم الحب وهو معايا، بس هو كان عايش حياته مع مراته وعياله
-يزيد متسائلا بفضول أكبر: معلش ممكن توضحيلي أكتر.

زفرت فرح من صدرها هواءا حارا يحمل آلما مريرا، و...
-فرح متابعة بنفس الحزن: احنا اتكتب كتبنا من سنتين، وبعدها هو سافر السعودية عشان يأمن مستقبله، والمفروض يعني بيجهز كان لبيتنا، بس هو لما راح هناك اتجوز، واستقر وعمل بيت وأسرة، ورغم ده كله، فضل ضاحك عليا لحد ما أنا اكتشفت الحقيقة يوم وفاته.

ثم انهمرت بعض العبرات الساخنة على وجنتها، فلوى يزيد فمه في ضيق أكثر، واستدار برأسه في اتجاه البحر، و...
-يزيد متسائلا بنبرة ممتعضة: ها، وبعدين؟

سردت فرح بنبرة آسفة ما مرت به من ظروف عقد قرانها بزوجها الراحل كريم، وما حدث بعده من توبيخات وتطاول من والدته السيدة سميرة، فأصغى يزيد لها بإنصات تام، ورغم أن بركانا كان يغلي بداخله، إلا أنه حاول قدر الإمكان ألا يظهر هذا الضيق والإنزعاج أمامها...

شعرت فرح لوهلة أنها أراحت صدرها من ذاك الثقل البغيض الذي كان يخنقها حينما أفاضت بما يجيش في صدرها ليزيد، ثم نظرت إليه من زاوية عينيها لتستشف منه حالته بعد أن عرف ما يخصها، فوجدته جامد الملامح، ووجهه ذو تعبيرات غير مفهومة، فقررت أن تغير مجرى الحديث، و..
-فرح وهي تتنحنح بخفوت: احم، آآ، هو أنا ممكن أسألك حاجة؟

في تلك اللحظة استدار يزيد بجسده، واستند بظهره على الحافة، ثم رمق فرح بنظرات متفحصة و..
-يزيد بجدية: اكيد
-فرح بنبرة متلعثمة، وهي مجفلة لعينيها: هو، هو انت ليه مش بتديني، فرصة إني، آآ، إني أتكلم، يعني، آآ، انت ليه مش بتسمعني للأخر
-يزيد بنبرة شبه جادة: معرفش، بس يمكن عشان مش بحب حد يعاند معايا.

-فرح بنبرة متلهفة، ونظرات ثابتة: بس أنا مش بعاند معاك، بالعكس أنا ببقى عاوزة أثبتلك إني أد المسئولية، وشاطرة في شغلي اللي بحبه
-يزيد بنبرة متهكمة: وأنا مش محتاج إثباتك ده، أنا أصلا مش مؤمن بعمل الست، بعتبره مضيعة للوقت، ومالوش لازمة.

تملكت الدهشة فرح، فرفعت أحد حاجبيها في استنكار و...
-فرح بجدية أكثر، ونظرات متعجبة: انت غلطان
-يزيد بنبرة شبه حادة: لأ أنا عند رأيي، طول ما الست بتشتغل هاتكون مهملة في بيتها ومع جوزها، وهاتيجي على حساب حياتها عشان خاطر شغلانة لا هتودي ولا هاتجيب.

-فرح بنبرة معترضة وهي تشير بيدها: على فكرة انت غلطان أوي، الست ممكن تكون ناجحة في شغلها وفي نفس الوقت مراعية بيتها كويس، وبعدين طالما الست قادرة توفق بين الاتنين، يبقى ايه المانع انها تشتغل، وانا أعرف ناس كتير ناجحين في عمل ده.

لوى يزيد فمه في عدم اقتناع، ورمق فرح بنظرات استخفاف، ثم نظر أمامه و...
-يزيد بنبرة شبه جادة: ده كله كلام فارغ، وهجس
-فرح بنبرة مصرة: اسمحلي أقولك برضوه إنك غلطان، وده مش حقيقي
-يزيد بنبرة متشنجة: بقولك ايه، انتي متعرفيش حاجة، الكلام سهل، وانتي واضح كده انك من بتوع الكلام وبس
-فرح بنبرة متحدية، ونظرات جادة: لأ أنا أقدر أثبتلك إني مش بتاعة كلام وبس، وفعلا أقدر أوفق بين شغلي وبيتي.

ابتسم فرح في خبث، ثم رمق فرح بنظرات ذات مغزى و..
-يزيد متسائلا بنبرة متريثة: إزاي هتثبتيلي ده؟ هتتجوزيني مثلا.

اكتست وجنتي فرح بحمرة الخجل، وانبعثت سخونة شديدة من وجهها، وشعرت بالارتباك الشديد، ثم أشاحت بوجهها بعيدا عنه، في حين ابتسم هو لها بغرور وثقة..
-فرح بنبرة متلعثمة: آآ، أنا، أنا مقصدش.

قرر يزيد أن يستغل تلك الفرصة لصالحه، و..
-يزيد بنبرة جادة: تلاقيكي خايفة متكونيش أد كلامك..!

ظلت فرح على حالة الارتباك الممزوجة بالخجل، ولم يهدأ وجهها، فحاولت أن...
-فرح بنبرة مضطربة، ونظرات مجفلة: أنا، آآ، أنا تعبانة وعاوزة أرجع الفرقاطة تاني..
ثم سارت فرح مسرعة لعدة خطوات إلى الأمام، فلحق بها يزيد ووقف قبالتها ليسد عليها الطريق و...
-يزيد بنبرة جادة: بس أنا خلصتش كلامي عشان تسيبني وتمشي.

حاولت فرح أن تتحرك من أمامه، وتسير في الاتجاه الأخر، ولكنه سد عليها الطريق مجددا، ووقف قبالتها و...
-يزيد متسائلا بهدوء: انتي ليه بتهربي مني؟
-فرح بنبرة خجلة، وهي تعبث بشعرها بأطراف أصابعها: من فضلك
-يزيد بنبرة لئيمة: بطلي لعب في شعرك بقى اللي مجنني ده...!

فغرت فرح شفتيها في عدم تصديق، فهي لم تتوقع أن يغازلها يزيد هكذا بعبارات صريحة، و..
-يزيد متابعا بخبث: برضوه مردتيش عليا
-فرح بنبرة متعلثمة: آآ، أرد عليك في ايه
-يزيد بنبرة هادئة، ونظرات متعشمة: في إني عاوز، أتجوزك.

اتسعت عيني فرح في ذهول أكبر، ورمقت يزيد بنظرات مشدوهة، وعجزت عن النطق، في حين أردف هو ب..
-يزيد متابعا بنبرة رخيمة: بصي أنا لا بحب اللف ولا الدوران، ومن الأخر كده انا قررت أتجوزك
-فرح بإقتضاب: وأنا أسفة، أنا مش مستعدة أتجوز حد الوقتي.

انتصب يزيد في وقفته، وتبدلت ملامحه للضيق سريعا، وعبس وجهه، و..
-يزيد بنبرة شبه ممتعضة: بس أنا مش حد، أنا يزيد جودة.

خشيت فرح أن تكون قد تسببت في إحداث مشكلة ما، لذا..
-فرح بتوجس: أنا، أنا.

ثم فجأة صدح في أرجاء السماء أصوات ألعاب نارية محدثة دويا هائلا، فانتفضت فرح فزعا، وارتمت عفويا في أحضان يزيد الذي تفاجيء بردة فعلها، وتسمر في مكانه دون أن يحرك حتى ذراعيه ليحاوطها، في حين أدركت هي خطئها، فانسلت على الفور من أحضانه، وتراجعت بظهرها عدة خطوات للخلف، وهي تتمنى لو تشق الأرض فورا وتبتلعها لجريمتها..

ظل يزيد محدقا في فرح وهو في حالة ذهول تام، فلم يخطر بباله أن يحدث هذا، ورغم أنه كان في حالة إندهاش شديد، إلا أنه لم ينكر أنه شعر بالسعادة الغامرة لأن فرح كانت للحظات ملك يديه، وفي أحضانه..
هزت فرح رأسها في استنكار لما حدث، وحاولت أن تجد مبررا لما فعلته، ثم وضعت يدها على شفتيها من أثر الصدمة، ولم تكف عن التراجع للخلف..

تنبه يزيد إلى أن فرح تقترب بظهرها من حافة السطح القصيرة، وأنها ربما تكون على وشك السقوط في المياه، والتعرض للغرق إن لم يكن التمزق بفعل ( رفاس ) السفينة القوي، فتبدلت ملامح وجهه سريعا للخوف، وارتمست علامات الزعر في عينيه و...
-يزيد بنبرة قوية: فرح...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة