قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والعشرون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والعشرون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والعشرون

لم تتخيل فرح أنها ستركتب خطأ كهذا، فتراجعت للخلف عدة خطوات وهي ترتعش من الارتباك، حدق بها يزيد في ذهول ممزوج بالرعب حينما وجدها تقترب من حافة السفينة المفتوحة، فصدح بها عاليا لكي تتوقف و...
-يزيد بنبرة مخيفة: فرح، اثبتي في مكانك!

ارتعدت أوصال فرح أكثر على إثر صراخه العنيف، وتسمرت في مكانها، وجحظت عينيها وهي تنظر إليه في زعر، في حين ركض هو سريعا ناحيتها، ثم مد يده ناحيتها ليمسك بها من ذراعها، وجذبها بقوة ناحيته وبعيدا عن تلك الحافة، ثم ظل يوبخها على تصرفها الطائش، ولكنها لم تكن تستمع إلى كلمة مما يقول، بل كانت جامدة الملامح، متسعة العينين، باردة البشرة، شاحبة اللون، وفجأة شعرت أن الظلام يغشى عينيها، ومخدر ما يتسرب إلى جسدها، فلم تعد ساقيها قادرة على حملها، ولم تعد قادرة على تحمل ذلك العبء النفسي، فسقطت فاقدة للوعي..

انتفض يزيد فزعا حينما وجد فرح قد أغشي عليها فجأة بدون أي سبب، فأسندها بذراعه القوي، وحاول ألا يفلتها منه، ثم وضع يده على طرف ذقنها، وحاول تحريك وجهها لليمين تارة ولليسار تارة أخرى من أجل أن يتمكن من إفاقتها، ولكن بشرتها كانت باردة كلوح الثلج، فانقبض قلبه أكثر، وتوجس خيفة عليها، ثم انحنى بجذعه للأسفل قليلا ليضع ذراعه الأخر أسفل ركبتيها، ثم حملها بين ذراعيه، وضمها إليه في خوف، وسار بها راكضا إلى أن وصل إلى مدخل القاعة فرأه آدم، فارتسمت علامات الحيرة على وجهه، ثم ركض في اتجاهه، وحاول أن يفهم ما حدث، و..

-آدم بقلق شديد، ونظرات مضطربة: في ايه؟ مالها فرح
-يزيد بنبرة خائفة، ونظرات منزعجة: مش عارف.

ثم أشار لهما أحد الضباط بإصطحابها إلى داخل إحدى القمرات من أجل الكشف عليها، بالإضافة إلى عدم إثارة القلق بين باقي المتواجدين في أرجاء السفينة...

بعد مرور يومين، وبداخل إحدى الغرف العادية المخصصة للمرضى - ذات الحوائط الفاتحة – بإحدى المستشفيات العسكرية بالقاهرة، كانت السيدة فوزية جالسة على مقعد معدني ملاصق لفراش ابنتها، وممسكة بيدها بمصحف صغير تقرأ فيه بعض آيات القرآن الكريم، ثم استدارت برأسها لتنظر إلى ابنتها النائمة على الفراش، ومدت يدها لتمسح على جبينها، وعينيها دامعة عليها..

استمعت السيدة فوزية إلى صوت طرق خفيف على باب الغرفة، فعاودت النظر ناحية باب الغرفة المغلق بعد أن أغلقت مصحفها الصغير و...
-فوزية بصوت متعب: اتفضل.

أدير مقبض الباب، ثم فتح ليدلف يزيد إلى الداخل وهو مطرق الرأس و..
-فوزية بنبرة عذبة وهي تشير بعينيها: تعالى يا ابني.

سار يزيد بخطوات ثابتة في اتجاه الفراش، ثم رفع بصره لينظر إلى فرح التي لا تزال غافلة، و..
-يزيد متسائلا بصوت رخيم، ونظرات قلقة: هي عاملة ايه الوقتي؟

نهضت فوزية عن مقعدها، وأسندت مصحفها على الطاولة الصغيرة الموضوعة بجوار الفراش، و...
-فوزية وهي تتنهد بحزن: الحمدلله يا بني، الدكاترة طمنوني عليها
-يزيد مبتسما ابتسامة زائفة: خير ان شاء الله
-فوزية بصوت هاديء: كتر خيرك يا بني على اللي عملته معاها
-يزيد بجدية، ونظرات ثابتة: أنا معملتش حاجة، حضرتك مش عارفة فرح بالنسبالي ايه
-فوزية مبتسمة في رقة: ربنا يباركلك يا بني.

-يزيد متابعا بنفس الجدية: انا عارف ان ده مش وقته، بس أتمنى انك تكوني موافقة على طلب جوازي من فرح.

استدارت فوزية برأسها ناحية ابنتها، ثم..
-فوزية وهي تمط شفتيها في حزن: تقوم بس هي بالسلامة، وربنا يدبرها من عنده.

أوميء يزيد برأسه في اقتناع، ثم استأذن بالانصراف، وقبل أن يبتعد تماما، التفت برأسه ليرمق فرح بنظرات أخيرة قبل أن يفتح الباب ويغلقه من خلفه..
جلست السيدة فوزية على المقعد مجددا، ثم أرجعت رأسها للخلف و..
-فوزية بخفوت، ونظرات راجية: ربنا يجعلك معاه نصيب يا بنتي.

في منزل آدم الجزار بالقاهرة
جلس آدم على الآريكة المقابلة للتلفاز وهو يحمل طفلته الصغيرة سلمى يلاعبها ويمازحها، ثم قاطعهما صوت قرع لجرس الباب، فنهضت الطفلة سلمى من على حجر والدها، لتركض في اتجاه الباب لكي تفتحه على عجالة، فحاول آدم اللحاق بها و...
-آدم بنبرة شبه عالية: انتي يا لوما، استني أنا اللي هافتح.

لم تصغي الطفلة سلمى إلى أبيها، بل أمسكت بمقبض الباب وفتحته لتجد أمامها يزيد – الذي كان يرتدي قميصا صيفيا من اللون الأبيض، ومفتوح أزراره لصدره، ومن الأسفل بنطالا من الجينز الأزرق الداكن - فابتسم لها بعفوية، ثم مد كلا ذراعيه في اتجاهها لكي يحملها ويربت على ظهرها في حنية أبوية و...
-سلمى بنبرة طفولية مرحة: آمو زيت، وحستني تتير ( وحشتني كتير )
-يزيد بنبرة متلهفة: انتي أكتر يا روح عمو يزيد.

وقف آدم مستندا بذراعه على الباب وهو يرمق كلاهما بنظرات متفحصة و..
-آدم مازحا: ده مسلسل العشق الممنوع ولا ايه...!
-يزيد بجدية: طب وسع شوية خليني أقعد مع حبيبة قلبي.

فتح آدم الباب على مصرعيه، و...
-آدم بنبرة عادية وهو يشير بيده: اتفضل، ده البيت بيتك، ولو مش مكفيك أنا ممكن أخد شيماء وننزل
-يزيد مبتسما بثقة: لأ مش للدرجادي.

دلف يزيد إلى داخل غرفة المعيشة حيث أرادت الطفلة سلمى أن تمكث، وبالتالي لم يستطع يزيد أن يرفض لها طلب، ولحق بهما آدم بعد أن أغلق الباب، وأزاح بعض ألعاب سلمى من على الأرضية اللامعة...
ثم انضمت إليهم شيماء لاحقا وهي تعدل من وضعية طرحة إسدالها و..
-شيماء بنبرة سعيدة: يزيد باشا عندنا، أنا مش مصدقة نفسي والله
-يزيد بنبرة رخيمة: ازيك يا مدام شيماء.

-شيماء مبتسمة بحماس: الحمدلله تمام، المهم انت اخبارك ايه؟
-يزيد بإيجاز، وبنظرات ثابتة: أنا كويس
-شيماء بنبرة طبيعية، ونظرات مشرقة: يا رب دايما، هاتتغدى طبعا معانا
-يزيد وهو يهز رأسه بالنفي، وبنبرة جادة: لالالا مافيش داعي، أنا مش عاوزك تتعبي نفسك
-شيماء بنبرة مصرة: تعب ايه بس، ده الأكل مطبوخ وجاهز على الغرف على طول، وبعدين محدش يقدر يقول لمحشي شيماء لأ
-يزيد مبتسما بأريحية: هي العملية فيها محشي؟

-آدم مقاطعا بنبرة متلهفة، ونظرات متعشمة: ايوه محشي بكل الأصناف والأشكال، ودي من الحاجات النوادر اللي بتحصل عندنا
-يزيد وهو يمط شفتيه في استغراب: مممم، انت شوقتني أكل
-آدم بنبرة حماسية: ده انت هتاكل وتدعيلي
-يزيد متسائلا بفضول: هو انت اللي طابخ ولا ايه؟
-آدم وهو يهز رأسه بالنفي، وبنبرة واثقة: لأ طبعا، بس أنا تخصص محشي، باعرف أحكم عليه من الريحة.

رمقت شيماء آدم بنظرات متوعدة، ثم وضعت يدها في منتصف خصرها، و...
-شيماء بنبرة معترضة، ونظرات مترقبة: وهو أنا من امتى طبختلك حاجة وحشة؟

اعتدل آدم في جلسته، وثنى ساقه أسفل منه، ورمق زوجته بنظرات متوترة و...
-آدم بنبرة متوجسة: ده انتي مش بتطبخي إلا الحلو وبس.

أرخت شيماء ذراعها، ووقفت وهي مغترة من نفسها و...
-شيماء بجدية، ونظرات محذرة: ايوه كده اتعدل
-آدم وهو يلقي التحية العسكرية وبنبرة رسمية: تمام يا فندم.

ثم انصرفت شيماء تاركة إياهما ليتحدثا سويا بعد أن حملت صغيرتها معها إلى داخل المطبخ..
نهض آدم من على الآريكة، وتوجه ناحية يزيد ليجلس إلى جواره، و..
-آدم متسائلا بخفوت: ها أخبارها ايه؟
-يزيد وهو يتنهد بإنزعاج: لحد الوقتي مافيش جديد
-آدم متسائلا بفضول: بس انت مقولتليش على اللي حصل وخلاها تبقى كده
-يزيد بنبرة شبه جادة، ونظرات حادة: هو أنا هافضل أعيد وأزيد في الكلام ده.

-آدم بنبرة خافتة: يا يزيد احنا فجأة لاقيناك داخل القاعة وشايل فرح وهي مش في وعيها، وبعدها اتنقلت فورا على المستشفى هنا.

زفر يزيد في انزعاج جلي، ولم يجب على آدم الذي ظل يلاحقه بالأسئلة لكي يعرف ما الذي جرى بالتفصيل و...
-يزيد بضيق، ونظرات محتقنة: قولتلك يا آدم مافيش حاجة حصلت
-آدم متسائلا بإصرار: اومال فجأة طبت وقعت كده لوحدها؟
-يزيد بحنق: اهو ده اللي حصل.

مط آدم شفتيه في عدم اقتناع، ثم أشاح بوجهه للأمام لكي ينظر إلى الرواق المؤدي للمطبخ حتى يتأكد من عدم تصنت زوجته عليهما، ومن ثم أعاد رأسه لمكانها و..
-آدم بنبرة خافتة: طب انت فاتحت أمها في موضوع جوزاك من فرح؟

أوميء يزيد برأسه إيجابيا، فابتسم آدم في سعادة، ثم مال مجددا برأسه ناحية يزيد، و...
-آدم بنبرة أقرب للهمس: وطبعا الست مصدقت ان في عريس لقطة زيك لبنتها.

رمق يزيد آدم بنظرات امتعاض، ثم...
-يزيد بنبرة استنكار: تصدق أنا غلطان إني بحكي معاك في حاجة، انت بقيت شبه النسوان اللي أعدين على الشلت
- آدم بنبرة معترضة: والله انت كده بتظلمني، ده أنا غرضي اطمن عليك.

عودة مرة أخرى إلى المشفى العسكري
حل الليل على السيدة فوزية وهي مازالت تنظر إلى ابنتها وتدعو الله في نفسها أن يزيح عنها البلاء، ويشفيها مما هي فيه...
ثم تململت فرح قليلا في الفراش، قبل أن تحرك رأسها ناحية والدتها التي انتفضت في فزع من مكانها، ووقفت إلى جوارها ثم وضعت يدها على وجنتها لتمسح عليه في حنية و...
-فوزية بنبرة متلهفة، ونظرات لامعة: فرح، بنتي!

بدأت فرح تفتح عينيها تدريجيا، ثم أغلقتهما مجددا بسبب تأثير الإضاءة القوية على عينيها، ثم عادت لتفتحهما بحذر وظلت ترمش عدة مرات، و..
-فوزية بنبرة مشتاقة: حبيبتي يا بنتي، ألف حمد وشكر ليك يا رب.

سعلت فرح عدة مرات قبل أن تبدأ بالحديث، ثم..
-فرح بنبرة متحشرجة وضعيفة: ماما، أنا، أنا فين؟
-فوزية بنبرة متلهفة، ونظرات دافئة: انتي في المستشفى يا حبيبتي.

سعلت فرح مرة أخرى، فمدت فوزية يدها لتمسك بدورق للمياه، ثم أفرغت البعض في كوب زجاجي مسنود إلى جواره و..
-فوزية بنبرة قلقة: ألف سلامة عليكي حبيبتي، اشربي المياه دي.

مدت فرح يدها التي كانت ترتعش إلى حد ما لتمسك بالكوب، ثم ارتشفت منه بعض القطرات، ثم أعطته مجددا لوالدتها التي أسندته على الطاولة، ونظرت إلى يدها الأخرى لتجد إبرة طبية موضوعة بكفها، ومتصلة بمحلول ما معلق على حامل معدني، فتنهدت في تعب..
حاولت فرح أن تنهض عن الفراش، فعاونتها السيدة فوزية في رفعها قليلا، ووضعت من خلفها وسادة بيضاء ثم دثرتها بالملاءة الزرقاء جيدا و...
-فوزية بخفوت: كده أحسن يا فرووح.

-فرح بنبرة ضعيفة: أيوه.

جلست السيدة فوزية على طرف الفراش، وظلت تنظر إلى ابنتها بنظرات حانية ممزوجة بالسعادة و..
-فوزية بنبرة هادئة وعذبة: الحمدلله إن ربنا نجاكي، أنا كنت خايفة يجرالك حاجة.

رمقت فرح والدتها بنظرات مندهشة، ثم...
-فرح متسائلة بعدم فهم: هو في ايه اللي حصل؟ أنا مش فاكرة حاجة..!

قاطع حديثهما دخول ممرضة ما للغرفة، فابتسمت بهدوء حينما وجدت فرح قد أفاقت من غيبوبتها، و...
-ممرضة ما بنبرة طبيعية: حمدلله على السلامة يا أستاذة
-فرح بخفوت شديد: الله يسلمك
-فوزية متسائلة بلهفة: كده بنتي بقت كويسة؟

-ممرضة ما بنفس الثبات: اها، هي بخير، الدكتور كان متوقع انها هتفوق يا النهاردة يا بكرة بالكتير لأن مكنش فيها حاجة عضوية، الموضوع كان نفسي، بس لزيادة الحرص احنا هنسيبها لحد بكرة معانا، وبعد كده تقدر تروح لما الدكتور يصرحلها بده
-فوزية بأريحية كبيرة: الحمدلله يا رب، الله يطمنك يا بنتي زي ما طمنتيني عليها.

ثم انصرفت الممرضة بعد أن حقنت المحلول بحقنة ما، فتنهدت فرح في تعب، ثم نظرت إلى والدتها، وعاودت تكرار السؤال مجددا عليها، و..
-فوزية بنبرة شبه مضطربة: أنا كنت أعدة في البيت لاقيت واحد بيتصل بيا بيقولي انهم نقلوكي على المستشفى هنا عشان تعبتي فجأة، بصراحة أنا معرفش رجليا شالوني ازاي لحد ما جيت هنا، بس يزيد الله يكرمه طمني عليكي وآآ..
-فرح مقاطعة بنبرة مصدومة: يزيد.

-فوزية مبتسمة، وبنبرة مادحة: ربنا يباركله في صحته وفي شبابه، ماسبنيش للحظة، وفضل أعد جمبي لحد ما الدكتور طمنا عليكي.

شردت فرح فيما قالته والدتها، وظلت تحاول جاهدة تذكر ما حدث معها، ولكن قاطع شرودها صوت والدتها ب..
-فوزية بنبرة دافئة: بس باين عليه انه بيحبك أوي.

ارتسمت علامات الصدمة سريعا على وجه فرح المرهق و...
-فرح فاغرة شفتيها بذهول: هاه
-فوزية مبتسمة في لؤم: هو كمان طلبك للجواز
-فرح بنبرة مصدومة: اييييه؟

في تلك اللحظة سمع صوت طرقات خفيفة على الباب، و..
-فوزية بنبرة شبه عالية: ايوه، اتفضل.

فتح الباب بهدوء ليطل منه يزيد، فحدقت فيه فرح بنظرات مشدوهة، ثم التفتت بعينيها في اتجاه والدتها التي نهضت عن الفراش، واتجهت إليه وعلى وجهها علامات السعادة والرضا و...
-فوزية بنبرة رقيقة: تعالى يا يزيد يا بني، دي فرح لسه فايقة من شوية.

خجلت فرح من وجود يزيد أمامها خاصة بعد أن أخبرتها والدتها بأنه فاتحها في عرض الزواج منها، ثم توردت وجنتيها قليلا رغم شحوبهما..
وضعت السيدة فوزية يدها على كتف يزيد، ودعته للجلوس على المقعد الأخر الموجود بالغرفة، في حين لم يحيد يزيد بعينيه عن فرح، وظل يرمقها بنظرات غير مفهومة..

تابعت السيدة فوزية نظرات كليهما في هدوء، ثم فكرت في أن تترك لهما المجال ليتحدثا لدقائق دون أن يكون وجودها مزعجا، فبرغم كل شيء هي تثق في ابنتها وفي قراراتها، ولكنها بفراستها استطاعت أن تقرأ الحب الصادق في نفس يزيد..
-فوزية بنبرة رقيقة: ثواني يا ابني كده، هاروح بس أشوف ضغطي لأحسن حاسة انه مش متظبط.

اضطربت فرح عقب عبارة والدتها الأخيرة و...
-فرح بنبرة مرتبكة، ونظرات متوترة: طب، آآ، كلمي الدكتور يجي هنا
-فوزية بنبرة معترضة وهي تشير بيدها: ده هو هنا يا بنتي، دقيقة وجاية.

لم تترك فوزية أي مهلة لإبنتها لكي تعترض على خروجها حيث سارت بخطوات مسرعة ناحية باب الغرفة، ثم دلفت إلى الخارج تاركة باب الغرفة ( مواربا )..

تابع كلا من يزيد وفرح خروج السيدة فوزية من الغرفة بترقب شديد، ثم فجأة نهض يزيد عن مقعده ليتجه إلى فرح وعلى وجهه علامات صارمة، ثم جلس على طرف الفراش، وحدق بها بنظرات محتقنة و...
-يزيد بنبرة منزعجة: ايه اللي انتي عملتيه ده؟

ابتلعت فرح ريقها في توتر شديد وهي ترمقه بنظرات خائفة، وشعرت أن حبات عرق باردة تتسرب من جبينها، و..
-فرح بنبرة ضعيفة ومتلعثمة: أنا، أنا، عملت ايه؟

مد يزيد يده ليمسك بكف يد فرح الموضوع به الإبرة الطبية، وربت عليه في حنية شديدة و...
-يزيد بنبرة عميقة، ونظرات متفحصة: خضتيني عليكي، ينفع كده!

خجلت فرح كثيرا، ولم تعرف بماذا تجبه، وشعرت أن حبات العرق الباردة تحولت فجأة إلى نيران متأججة تلهب جبينها، في حين أردف هو ب..
-يزيد متابعا بصوت آجش، ونظرات عاشقة: اوعي تكون مفكرة إنك هتهربي مني، تبقي غلطانة، انا خلاص قررت إننا هانكون سوا.

اغتاظت فرح من طريقته الواثقة والممزوجة بالغرور الشديد، بالإضافة إلى اقتناعه التام بأنها قد وافقت على عرض زواجه المفاجيء، و..
-فرح بنبرة معترضة، ونظرات ضيقة: ده على اعتبار إن أنا ماليش رأي!
-يزيد مبتسما بغرور، وبنظرات جادة: تحبي يكون الموضوع ودي ولا أمر تكليف زي تملي
-فرح وهي تزفر في ضيق: يوووه
-يزيد بنفس الغرور المستفز: ما هو إنتي يا فراشتي ماينفعش معاكي إلا كده.

ثم حدق يزيد في عينيها لعدة ثوان قبل أن يرفع بصره للأعلى و...
-يزيد مازحا بخفوت: بس عاوزين نظبط الشعر المنكوش ده، لحسن مش هايطلع حلو في الصور
-فرح فاغرة شفتيها في حرج: هه.

هز يزيد رأسه وهو يبتسم، و..
-يزيد بهدوء، وثقة: أصل أنا محبش حد يشوف مراتي وهي كده..!
-فرح بنظرات مشدوهة، وهي فاغرة شفتيها بصورة أكبر: مين
-يزيد بجدية، وهو يغمر لها: انتي، يا، يا فراشتي...!

ثم نهض عن الفراش بعد أن طبع قبلة حانية على كف يدها، وسار مبتعدا عنها، ولكن قبل أن يدلف إلى خارج الغرفة، استدار بجسده كليا ناحيتها، ثم حدق بها بنظرات رومانسية و...
-يزيد بنبرة عميقة: هتوحشيني..
ثم طبع قبلة أخرى في الهواء وأرسلها إليها، في حين رمشت هي عدة مرات غير مصدقة لما رأته توا..

في تلك اللحظة تحديدا فتحت باب الغرفة رفيقتها إيلين، فتفاجئت بذلك الرجل ذو الجسد الرياضي العريض والمفتول وهو يسد الطريق عليها، فتنحنحت في حرج و..
-إيلين بنبرة متلعثمة: آآ، هي، هي مش دي أوضة فرح عبد الحميد.

التفت يزيد إلى إيلين، ورمقها بنظرات متفحصة دارسة إياها، و...
-يزيد بجدية، ونظرات ثابتة: أه هي الأوضة، اتفضلي هتلاقيها صاحية..
ثم تنحى يزيد جانبا ليفسح المجال لها لكي تمر، ولكنها ظلت متسمرة في مكانها غير مستوعبة لهوية هذا الرجل الغريب وثقته الزائدة بنفسه..
لم تختلف حالة فرح كثيرا عن حالة إيلين، بل على العكس كانت فرح في أشد حالتها ذهولا وصدمة..

تحرك يزيد خطوة للأمام، وتابعته إيلين بفضول شديد، فأراد هو أن يثير فضولها أكثر لذا استدار مجددا برأسه ناحية فرح و...
-يزيد بنبرة جادة وواثقة، وهو يغمز لها: هاشوفك تاني، وده إجباري مش اختياري يا، فراشتي..!
-إيلين فاغرة شفتيها في اندهاش شديد، وبنظرات جاحظة: ف، آآ، فراشتي
-فرح بنبرة مصدومة: لأ، كده كتير..!

ثم أمسكت فرح بالملاءة التي تدثرها، ورفعتها على وجهها لتغطيه في حرج أشد...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة