قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل السادس والعشرون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل السادس والعشرون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل السادس والعشرون

فغرت فرح شفتيها في ذهول كبير عقب طلب يزيد الصادم لها بالزواج، و...
-فرح بنظرات مشدوهة، ونبرة مصدومة: انت، انت بتقول ايه؟
-يزيد بجدية، ونظرات ثابتة: بقولك على اللي هاعمله الوقتي.

استدارت فرح بجسدها قليلا ناحيته، وأرجعت ظهرها للخلف وهي جالسة في مقعدها و...
-فرح وهي تبتلع ريقها في تخوف: انت، انت بتهزر صح؟
-يزيد بحسم: لأ
-فرح بنبرة حانقة، ونظرات حادة وهي تشير بيدها: لو سمحت يا سيادة المقدم، الحاجات دي مافيهاش هزار وآآ...
حدق هو فيها بنظرات ثابتة تحمل الثقة و...
-يزيد مقاطعا بنبرة حازمة: فرح، أظن انك عارفة كويس أنا امتى بهزر وأمتى بتكلم جد.

رفعت فرح أحد حاجبيها، ورمقته بنظرات ضيقة و...
-فرح بنبرة منزعجة: وانت الوقتي بتكلم جد؟
-يزيد بجدية، ونظرات ثابتة: أيوه، وكلامي واضح، النهاردة هاتجوزك
-فرح بحدة، وقد أشاحت بوجهها بعيدا عنه: لأ مش هايحصل.

وضع يزيد راحتي يده على وجهه، ثم فركه لعدة مرات قبل أن يبعدهما، وينظر في اتجاهها وعلى وجهه علامات جادة للغاية و...
-يزيد بهدوء حذر: شوفي يا فرح ماهو أنا مش هانزل من الباص ده النهاردة إلا وانتي مراتي، سواء كان اجباري، اختياري، بالرضا، بالعافية، أنا خدت قراري خلاص
-فرح بنبرة معترضة، ونظرات مغتاظة: وأنا فين من ده كله؟ ماليش رأي؟ مجرد واحدة بس ب، آآآ...
-يزيد مقاطعا بنبرة عميقة: فرح، أنا بحبك...!

اتسعت عيني فرح مرة أخرى في اندهاش، وتبدلت تعبيرات وجهها سريعا من الانزعاج إلى الخجل، وأجفلت عينيها للأسفل، وظلت تفرك في أصابع يدها بتوتر و...
-فرح بنبرة أقرب للهمس وبتلعثم: لو، لو سمحت، م، مافيش داعي ل، آآ..

-يزيد مقاطعا بنبرة هادئة تحمل الأشواق: أنا بحبك أوي يا فرح، ومش قادر أستحمل انك تبعدي عني، أو إن حد تاني غيري يبصلك حتى لو ربع بصة، انتي مش حاسة بالنار اللي جوايا وأنا شايف الكل النهاردة وهما بياكلوكي بعينيهم، وأنا وسطهم واقف عاجز مش قادر أعمل حاجة، خلاص معنتش مستحمل
-فرح بنبرة متحشرجة وخافتة: احم، بس، بس اللي انت بتقوله ده ماينفعش وآآ...
-يزيد بجدية: لأ ينفع، أنا مافيش حاجة تقف قصادي.

صمتت فرح للحظات محاولة استعادة هدوئها والسيطرة على انفعالاتها و..
-فرح متابعة بنبرة مرتبكة: إلا الجواز، أنا، أنا أصلا ماينفعش أتجوز من غير ما ماما تكون معايا وآآ..
-يزيد مقاطعا باستغراب: يعني كل مشكلتك ان أمك مش معاكي
-فرح بحدة وهي تشير بيدها: من فضلك اسمها ماما مش أمك
-يزيد مبتسما بهدوء: يا ستي مش هاتفرق، اعتبريها معانا
-فرح وهي تعقد حاجبيها في اندهاش، وبنبرة متعجبة: تقصد ايه؟

-يزيد بغرور مستفز: هتعرفي بعدين.

ثم صمت الاثنين لثوان، فاعتدل يزيد في جلسته، وحدق في فرح بنظرات والهة، وظل يتأملها بنظرات ممعنة قبل أن يتابع ب...
-يزيد متابعا بنبرة خافتة: وطبعا ده معناه انك موافقة، ده حتى بيقولوا السكوت علامة الرضا
-فرح بنبرة شبه جادة: رضا ايه، لأ بص أنا بهاودك على أد عقلك
-يزيد وهو يلوي فمه في امتعاض: لا والله، شايفاني مجنون قدامك.

-فرح بتوجس: مش قصدي، بس، بس الجواز ده محتاج ترتيبات خاصة و أنا مش هارضى إن، آآ..
-يزيد مقاطعا بنبرة حاسمة: شوفي بقى انتي أخرك معايا إني أكتب كتابي عليكي النهاردة، وده بس عشان خاطر الست أمك، قصدي مامتك، كلمة اعتراض واحدة زيادة، قسما بالله هاتكون دخلة ووقتي، وأنا قراراتي نافذة، وأظنك مجرباني، ماشي؟

زفرت فرح في ارتباك، ولم تجب عليه وظلت تفكر فيما قاله، فأيقن هو بأن صمتها هذا معناه قبولها بعرضه الأخير، فاعتلى ثغره ابتسامة انتصار، ثم نهض عن مقعده، ووقف إلى جواره و...
-يزيد بلهجة شبه آمرة: يالا بينا يا عروسة، أكيد الكل منتظرنا
-فرح بخفوت وهي تلوي شفتيها في سخط: أوام عملتني عروسة
-يزيد بلهجة صارمة وهو يغمز لها: بلاش لوية البوز دي عشان بتشائم، احنا داخلين على جواز، ها، جواز!

ابتسمت فرح ابتسامة زائفة ووجهها ممتعض، بينما بادلها يزيد ابتسامة الثقة وهو يرمقها بنظرات مغترة، ثم سار كلاهما نحو باب الحافلة ليترجلا منها، ويدلفا بخطوات بطيئة - إلى حد ما - إلى داخل النادي..

طلب يزيد من فرح أن تنتظره في ردهة النادي ذات الأرضية الرخامية اللامعة، وأشار لها بيده لكي تجلس على أحد الأرائك العريضة الموجودة بها، فتوجهت هي إلى هناك، وجلست على أريكة صغيرة، وظلت تجوب المكان ببصرها متفحصة محتوياته..
لاحظت هي أن النادي لم يتغير كثيرا عن الماضي، فقد اعتادت أن تأتي إلى هنا مع رفيق والدها الراحل حيث تعلمت هواية التصوير الفوتغرافي وشردت في ذكرياتها البعيدة...

توجه يزيد إلى رفيقه آدم وطلب منه أن يستعين بمعارفه من أجل احضار ( مأذون شرعيا ) من أجل عقد قرانه على فرح، صدم الأخير صدمة كبيرة، واعتلى وجهه علامات التعجب الممزوجة بالاندهاش و...
-آدم بنبرة متعجبة، ونظرات جاحظة: يخرب عقلك يا يزيد، انت هتعمل ده بجد
-يزيد بجدية: احترم نفسك، وهو الجواز فيه هزار.

-آدم بنبرة غير مصدقة، ونظرات مصدومة: مش معقول، وأنا اللي كنت مفكرك هتستنى لحد ما الغلبانة دي تسلم نمر وتقولك اتجوزني يا سيادة المقدم، حبني يا سيادة المقدم، ده انت خالفت كل توقعاتي
-يزيد بنبرة شبه صارمة: بطل هزار وروح اعمل اللي قولتلك عليه وإلا هاقلب على الوش تاني معاك
-آدم بنبرة مازحة، ونظرات قلقة: وعلى ايه أجيب لنفسي الكلام، الطيب أحسن يا عريس، ولأن الحلال أجمل، سأجيب المأذون لسعادتك!

-يزيد بحدة وهو يربت على كتفه بقوة: طب انجز..
-آدم وهو يوميء برأسه: حاضر
-يزيد متابعا بجدية: وماتنساش تكلم الحاجة فوزية تشوف هي وصلت لفين دلوقتي.

رفع آدم هاتفه المحمول للأعلى قليلا لكي يراه يزيد، ثم..
-آدم مبتسما في ثقة: لأ اطمن، أنا متابع مع المجند اللي راح يجيبها من بيتها
-يزيد بإيجاز: تمام..
ثم انصرف آدم مسرعا إلى الخارج وهو واضع لهاتفه المحمول على أذنه، بينما عاود يزيد أدراجه إلى فرح، وجلس على الأريكة المقابلة لها، ووضع ساقا فوق الأخرى، وظل محدقا بها بنظرات دقيقة و...

-يزيد متسائلا بخفوت يحمل المزاح: تحبي مين يكون شاهد على عقد جوازنا؟ رئيس الأركان ولا وزير الدفاع بنفسه
-فرح بنبرة مرتبكة: آآ، مش عاوزة حد..
-يزيد مبتسما في غرور: حقك تطلبي اللي عاوزاه النهاردة، دي فرصة يا فراشتي.

ثم حضر إليهما أحد العاملين بالنادي وهو يحمل صينية بها كأسين من المشروب البارد ثم وضعهما على الطاولة الزجاجية الصغيرة التي تتوسط الأرائك و...
-العامل بنبرة رسمية: اتفضلوا يا فندم، المشروب ده لحضراتكم
-يزيد متسائلا بجدية: من مين؟
-العامل بنبرة هادئة وهو يشير بعينيه: من الرائد اللي واقف هناك ده.

التفت يزيد برأسه إلى حيث أشار العامل فوجد الرائد منذر وهو يلوح له بيده وعلى وجهه ابتسامة سخيفة و...
-منذر بنبرة عالية وهو يغمز لهما: منورين..!

لوى يزيد فمه في امتعاض، ثم هز رأسه في تأفف، وأشاح بوجهه بعيدا عنه و...
-يزيد بنبرة شبه حانقة: أهوو أنا هاجيب الغتيت ده يشهد على عقد الجواز عشان أخليه يتفرس بدل ما هو حارق دمي.

ظهر شبح ابتسامة على شفتي فرح، ورغم أنها حاولت إخفائها إلا ان ملامح وجهها كانت توحي بأنها تضحك، فرمقها يزيد بنظرات عاشقة و..
-يزيد بخفوت آسر: ما احنا بنعرف نضحك أهو، ولا أنا مكتوبلي أشوف الوش الخشب.

تنحنحت هي في حرج، ووضعت يدها على فستانها لتمسك به بأصابعها وتعبث فيه بتوتر، فتابع هو ارتباكها بنظرات متشوقة، ولم يحيد ببصره عنها لفترة طويلة...

في قاعة أخرى بالنادي
بدأ المهتمين بالمؤتمر العلمي الطبي الرابع والخاص بأحدث ما قدمه العلم في مجال الحقن المجهري بالتوافد إلى داخل تلك القاعة المكيفة حيث ستقام تلك الندوة بعد قليل..
وصل الطبيب عبد الرحيم إلى القاعة وبدأ في مصافحة كل من يعرفه ومن لا يعرفه وعلى وجهه ابتسامة مصطنعة، ثم رفع يده لينظر في ساعته و..

-عبد الرحيم لنفسه بضيق: كل ده ومجتش، ده معدتش فاضل على ميعاد الندوة إلا نص ساعة، الواحد غلطان انه يعتمد عليها، ياباي، لولا بس انها شاطرة في مجالها ومطلوبة مكونتش لجأتلها..!

ثم قاطع شروده صوت أحد الأشخاص ب...
-شخص ما بنبرة عالية: دكتور عبد الرحيم
-عبد الرحيم بنظرات جادة، ونبرة منزعجة: ايوه
-شخص ما بنبرة هادئة: اتفضل شرفنا على المنصة، 5 دقايق وهنبدأ الندوة
-عبد الرحيم بنظرات قلقة، ونبرة ممتعضة: حاضر، بس مستني مكالمة الدكتورة هايدي.

ثم أخرج هاتفه المحمول من جيب سترته السوداء، وأمسك به وبدأ يعبث ببعض الأزرار، ومن ثم وضع الهاتف على أذنه، و...
-عبد الرحيم بنبرة ضائقة: اوووف، ردي بقى..!

في مكان ما على طريق القاهرة الاسكندرية الصحراوي
تعطلت السيارة التي تقل الطبيبة هايدي، وترجل السائق الخاص بها منها ليفحصها، في حين وقفت هي بجوار السيارة وهي تزفر في انزعاج جلي، وعلى وجهها علامات شر مستطر..
ثم رن هاتفها المحمول، فأمسكت به، ونظرت في شاشته، و...
-هايدي لنفسها بنبرة ساخطة: اوووف، انت السبب يا دكتور عبد الرحيم، ولو مكونتش وافقت على حضور المؤتمر المقرف ده مكنش ده بقى حالي.

ثم ضغطت على زر الايجاب، وهي غاضبة للغاية و...
-هايدي هاتفيا بنبرة متعصبة: أيوه يا دكتور
-عبد الرحيم هاتفيا بنبرة قلقة: ايوة يا د. هايدي، انتي فين؟
-هايدي بنبرة منفعلة، ونظرات محتقنة: هاكون فين يعني يا دكتور عبد الرحيم، موجودة على الطريق بس العربية اتعطلت بيا، والسواق بيحاول يصلحها بقاله ساعة
-عبد الرحيم بتوجس: يا ساتر يا رب، طب وهتعملي ايه الوقتي؟

-هايدي بنبرة متشنجة: معرفش، أديني مستنياه يشوف صرفة فيها
-عبد الرحيم بنبرة متلهفة: طب قوليلي انتي فين بالظبط عشان أبعتلك عربية تجيبك، مش معقول هانسيبك واقفة على الطريق كده
-هايدي بنبرة متذمرة: خلاص يا دكتور عبد الرحيم، أنا هاتصرف، انت بس ركز في المؤتمر لحد ما أشوف هاعمل ايه
-عبد الرحيم بنبرة قلقة: طب خليكي على اتصال بيا يا دكتورة، وأنا برضوه مش هاسيبك وهحاول أتصرف...!

في نفس التوقيت، كانت هناك سيارة قادمة على الطريق متواجد بداخلها السيدة فوزية ومعها أحد المجندين العسكريين و...
-فوزية متسائلة بنبرة عادية: قربنا نوصل يا بني، ولا لسه قدامنا كتير؟
-المجند بنبرة رسمية: 10 دقايق وهانكون جوا البلد
-فوزية بنبرة راجية: ربنا يسلم طريقنا، ونوصل بالسلامة.

ثم لمحت السيدة فوزية من نافذتها المجاورة سيارة ما متعطلة، وتستند على بابها شابة ما، وينحني أمام مقدمة السيارة شخص ما، فعقدت ما بين حاجبيها، وحدقت فيهما بتوجس و..
-فوزية لنفسها بخفوت: يا ساتر يا رب، لأحسن يكونوا واقعين في مشكلة..
تحركت السيدة فوزية في مقعدها قليلا، ثم وضعت يدها على كتف المجند لتنبهه و...
-فوزية بنبرة مضطربة: الله يكرمك يا بني وقف العربية وشوف الناس اللي هناك دول.

ثم أشارت بيدها إلى حيث توجد السيارة و..
-فوزية وهي تستدير برأسها، وبنبرة شبه متلهفة: هما دول يا بني، شايفهم
-المجند بجدية: ايوه، بس أنا معنديش أوامر إني أقف
-فوزية بنبرة صافية: معلش يا بني، اكيد هما محتاجين مساعدة، وربنا مابينساش حد.

ألحت السيدة فوزية على المجند لكي يقف بالسيارة، فاضطر أسفا أن يلبي رغبتها، وصف السيارة على جانب الطريق، ثم ترجل منها، وسار عائدا للخلف في اتجاه السيارة المعطلة..
ثم لحقت هي به بخطوات بطيئة نوعا ما إلى أن وصلت إلى السيارة و...
-فوزية بنبرة حائرة: سلامو عليكم يا بنتي، في ايه اللي حصل؟

رمقت هايدي السيدة فوزية بنظرات متعالية و...
-هايدي بامتعاض: وانتي مالك؟

صعقت السيدة فوزية من ردها الفظ، وفغرت فمها في اندهاش و..
-هايدي مكملة بنبرة مستفزة: أنا مش ناقصة بلاوي تتحدف على أول الليل عليا.

شعرت السيدة فوزية بالحرج الشديد، و..
-فوزية بنبرة حزينة، ونظرات مخذولة: أنا كان غرضي أساعدك يا بنتي، مش عاوزة منك حاجة، على العموم انا بعتذر ان كنت أزعجتك، عن اذنك، يالا يا بني.

ثم سارت ومن خلفها المجند تاركين تلك المتسلطة متسمرة في مكانها..
أدركت هايدي أنها تسرعت حينما أساءت لتلك السيدة المسنة دون أن تعرف سبب قدومها إليها، فربما كانت تود حقا مساعدتها، لذا ركضت خلفها و...
-هايدي بنبرة شبه عالية: يا حاجة، استني معلش.

لم تلتفت إليها السيدة فوزية، بل سارت في طريقها نحو السيارة، ثم وجدت من يضع يده على كتفها، فاستدارت برأسها للجانب لتجدها تلك الوقحة و...
-فوزية بنبرة منزعجة: خير
-هايدي بنبرة جافة: معلش يا حاجة، أنا، مقصدش أزعلك، بس فعلا أنا مضايقة من اللي حصلي و، وكنت مفكرة إنك، إنك حد بيستظرف
-فوزية بنبرة خافتة: وهو أنا وش ده يا بنتي.

-هايدي وهي تتنحنح بخشونة: احم، مقصدش، بس انتي عارفة اكيد نوعية الناس اللي ممكن نقابلها على الطريق وفي حتة مقطوعة زي كده وآآ..
-فوزية مقاطعة بنبرة شبه جادة: خلاص يا بنتي، حصل خير
-هايدي بنبرة شبه متلعثمة: طيب أنا، قصدي، يعني ينفع أركب معاكي توصليني بس لأقرب مكان
-فوزية بهدوء: اه طبعا، تعالي يا بنتي.

ثم أشارت لها بيدها لكي تركب معها السيارة، في حين تابعهما السائق الخاص بالطبيبة و..
-السائق بنبرة شبه مغتاظة: وربنا الست دي غلطانة انها تاخدها معاها، أنا لو مكانها أدهسها بالعربية، ولية فقر..!

في الردهة الملحقة بنادي اليخت
بحثت شيماء عن زوجها آدم بين الضباط المتواجدين، ولكنها لم تجده، فعبس وجهها، وقبضت أكثر على كف يد ابنتها و...
-شيماء لنفسها بنبرة ضائقة: راح فين ده كمان، المفروض يكون هنا وسط أصحابه بس انا مش شيفاه! اوووف منك يا آدم، دايما مدوخني وراك
-سلمى بنبرة طفولية: مامي، بابي فين؟
-شيماء بنبرة منزعجة، ونظرات حائرة: أديني بدور عليه يا لوما
-سلمى مبتسمة بسعادة: ماسي ( ماشي ).

ثم لمحت بطرف عينها يزيد وهو يجلس قبالتها، ولكن على بعد منها، فتهللت أساريرها نوعا ما و..
-شيماء بنبرة متحمسة: بس، يزيد أهوو، يبقى أكيد هو عارف آدم فين!

ثم سارت بخطوات سريعة ناحيته، وسحبت من خلفها ابنتها الصغيرة التي صاحت عاليا ب...
-سلمى بنبرة طفولية مرحة: آمو زيت، آمو زيت ( عمو يزيد ).

تركت الطفلة سلمى يد والدتها لتركض في اتجاه يزيد، بينما حاولت هي اللحاق بها ولكن بخطوات متمهلة حتى لا تتعثر في فستانها الحريري ذو اللون النبيذي، والذي يغطي جميع أجزاء جسدها ماعدا رسغيها..
وما إن رأهما يزيد حتى نهض من مكانه، وتوجه سريعا ناحيتهما..

استدارت فرح برأسها لتنظر إليه وهو يبتعد عنها، فرأت الصغيرة التي تركض في اتجاهه، ثم انحنى هو بجذعه للأسفل ليمسك بالصغيرة بين ذراعيه، ثم حملها عن الأرض، وأسندها على ذراعه، وأحاطها بالذراع الأخر و...
-يزيد بنبرة أبوية مليئة بالحنو وهو يقبلها من وجنتها: لوووما حبيبة قلبي، مووووه
-سلمى بخفوت طفولي: وحستنى أوي، فين آلوستي ( وحشتني أوي، فين عروستي )؟

التفت يزيد برأسه للخلف، فرأى فرح محدقة به، فابتسم لها ابتسامة عريضة، ثم غمز لها بعينه اليسرى و..
-يزيد بنبرة شبه عالية: عروستك موجودة هنا، وشوية وهاتشوفيها يا لووما..!

أدارت فرح رأسها بعد أن شعرت بالحرج من تلميح يزيد الصريح عنها، ونظرت بعينيها إلى الأسفل محاولة تخفيف حدة توترها...

اقتربت شيماء من يزيد، ثم مدت يدها لتعدل حجابها الذهبي اللامع المصنوع من قماش الستان و..
-شيماء بنبرة شبه غاضبة: ازيك يا يزيد باشا، أخبارك ايه؟
-يزيد مبتسما في هدوء: الحمدلله يا مدام شيماء، أخبارك انتي ايه، واخبار حبيبة قلبي لووما ايه؟ أكيد مدوخاكي صح..
ثم بدأ يزيد في دغدغة الصغيرة سلمى والتي تعالت ضحكاتها بسعادة، بينما ظلت شيماء متجهمة الوجه و..
-شيماء بنبرة منزعجة: كويسين.

-يزيد وهو يعقد حاجبيه في استغراب، وبنظرات متفحصة: واضح ان في حاجة مضايقاكي، صح ولا أنا غلطان؟
-شيماء وهي تلوي فمها على مضض: هايكون مين غير صاحبك ودارعك اليمين
-يزيد وهو يرمقها بنظرات ثابتة، وبنبرة جادة: آدم
-شيماء بإمتعاض: هو في غيره اللي مدوخني وراه، ومجنني
-يزيد مبتسما بهدوء: حرام عليكي، ده آدم طيب وخدوم.

-شيماء بتهكم: خدوم مع كل الناس إلا مراته، طب أنا راضية ذمتك ينفع يسيب مراته في بلد غريبة كده لوحدها من غير ما يسأل عليها
-يزيد وهو يتنحنح في خشونة: احم، آآ، معلش، أمسحيها فيا المرادي، أنا السبب.

عقدت شيماء حاجبيها في اندهاش، ورمقته بنظرات استغراب، ثم..
-شيماء بنبرة حائرة: تقصد ايه؟
-يزيد بهدوء حذر: أقصد أنا بعته كذا مشوار يخصني
-شيماء متسائلة بفضول: مشاوير ايه دي؟
-يزيد مبتسما بعذوبة: مشاوير تخص جوازي
-شيماء وهي فاغرة شفتيها في صدمة، وبنظرات جاحظة: اييييه؟ انت هتتجوز؟
-يزيد بنبرة شبه جادة: ايوه.

-شيماء بنبرة متحمسة، ونظرات مشرقة: بجد، ألف ألف مليون مبرووووك يا سيادة المقدم، والله أنا مصدومة ومش عارفة أقول ايه، بس بجد أحلى خبر انت قولته النهاردة
-يزيد مبتمسا نصف ابتسامة من بين أسنانه، وبنبرة عادية: الله يبارك فيكي
-شيماء بنبرة أكثر حماسة: أتاري آندومي مزأطط بقاله فترة، اكيد كان عارف ومخبي عليا
-يزيد بجدية: مين أندومي ده؟
-شيماء مبتسمة ابتسامة عريضة: ده آدم، أصلي بحب أدلعه.

-يزيد وهو يلوي فمه في سخرية: لايق عليه اسم المكرونة ده..
-شيماء متسائلة بفضول زائد: تلاقيه كان عارف من بدري، ماهو سوسة بيعرف كل حاجة ويدكنها، يعني هو كان معاه كل التفاصيل صح؟
-يزيد باستغراب: لأ أبدا، أنا لسه قايله قريب
-شيماء لنفسها بنظرات متوعدة، ونبرة خافتة وجادة: بس أما يجي، أنا هاجيب أرار كل حاجة منه
-يزيد متسائلا بجدية: بتقولي حاجة يا مدام شيماء؟
-شيماء بنبرة متلعثمة: آآ، لأ، م، مافيش.

ظلت فرح مطرقة لرأسها في خجل، وفضلت ألا تنظر مجددا خلفها رغم الفضول الذي كاد يقتلها من أجل رؤية المرأة التي يتحدث معها يزيد وذلك خشية أن يراها هو مجددا وهي تختلس النظرات إليه...

ظلت السيدة فوزية تثرثر مع الطبيبة هايدي بحديث عابر، ثم تفاجئت حينما علمت أن وجهتهما واحدة و...
-فوزية بنبرة مشدوهة: ده أنا رايحة نفس المكان عشان كتب كتاب بنتي هناك
-هايدي بنبرة شبه باردة: بجد، طب مبروك
-فوزية بنبرة متشوقة: الله يبارك فيكي يا دكتورة، عقبالك ان شاء الله
-هايدي ببرود مستفز: لأ، انا مش بتاعة جواز.

-فوزية بنبرة متعجبة، ونظرات استغراب: ليه بتقولي كده، بكرة ربنا يرزقك بابن الحلال اللي يستاهلك
-هايدي بإقتضاب: لأ مش عاوزة، انا أفضل من غير رجالة
-فوزية بنبرة ملحة: هو في واحدة تقدر تعيش من غيرهم، دول هما السند اللي في الدنيا دي
-هايدي بنبرة فظة: أه أنا أقدر، ومش محتاجة لواحد في حياتي، هما أخرهم عندي ينفذوا أوامري بالحرف.

زمت السيدة فوزية شفتيها في امتعاض، ولم تعقب، فحديث الطبيبة هايدي عن تعاملها مع الرجال كان مستفزا للغاية...

بعد برهة عاد آدم للداخل ومعه أحد الأشخاص، والذي كان يرتدي حلة سوداء ويحمل في يده حقيبة جلدية، ثم أشار له بالجلوس في ردهة النادي على أحد الأرائك، ومن ثم تركه وتوجه سريعا إلى يزيد و...
-آدم بنبرة مليئة بالحماسة: يزيد باشا، كله تمام وتحت السيطرة.

وإذ به يتفاجيء بوجود زوجته وصغيرته على مقربة من يزيد، فإنفرجت أساريره أكثر و...
-آدم بنبرة سعيدة، ونظرات متفائلة: ايه ده، زوجتي وابنتي هنا، يا مرحبا يا مرحبا
-سلمى بنبرة مرحة: بابي..!
-شيماء بحنق، وبوجه شبه مكفهر: لأ واضح الترحيب العالي منك..
ثم استدارت برأسها نحو يزيد، وأشارت بيدها و...
-شيماء بنبرة ممتعضة: شايف صاحبك يا سيادة المقدم.

-يزيد مبتسما بهدوء: معلش يا مدام شيماء، هانعمل ايه بس، ربنا أراد انه يكون كده
-آدم مازحا: أيوه، وعلى رأي الشاعر المبجل حنظلة ضربت الودع، ملاقتش صاحب جدع ..!
-شيماء بنبرة مغتاظة وهي تشير بإصبعها: شايف عمايله، أهو كل ما أجي أكلمه جد يهزر بالشكل المستفز ده
-آدم مبتسما ببلاهة: المهم اننا بنكمل بعضنا يا شيمو..
-يزيد مقاطعا بحسم: طب عملت اللي طلبته منك.

-آدم وهو يميل برأسه للجانب، وبنبرة أكثر جدية: عيب عليك، انت معاك رجالة
-يزيد مبتسما بإرتياح: تمام أوي
-آدم متسائلا بفضول: اومال شوفتي العروسة المزة يا شيموو؟
-شيماء وهي تجز على أسنانها في ضيق: والله!
-آدم بنبرة مبتهجة للغاية: اووف، دي مزة السنين، طوربيد مدمر للغواصات، صاروخ أرض جو للعبارات، حاجة كده ماتوصفش، طيعمة زي المارونج لاسيه وآآآ...

شعرت شيماء أن دمائها تغلي وزوجها يتغزل في تلك الفتاة، وبدأت عينيها تحتقن من الغيظ، في حين أمسك يزيد بعنق آدم، ولف ذراعه حوله، وبدأ يضغط عليه في ضيق جلي و...
-يزيد بنبرة متعصبة: مش هاسيبك النهاردة
-آدم متأوها من الآلم، وبنبرة مختنقة: آآآه، آآ، الحقيني يا شيمو، آآ، هاتخنق.

رمقته شيماء بنظرات ساخطة، ثم انحنت بجسدها لتحمل صغيرتها بين ذراعيها و..
-شيماء بنبرة تحمل الشماتة: أحسن، عشان تعرف إن الله حق..
-آدم بنبرة متحشرجة للغاية: خلاص يا عم يزيد، أنا، انا أسف، معنتش هافتح بؤي تاني
-يزيد بنبرة متوعدة، ونظرات مغتاظة: أبدا، اذا كان مراتك نفسها مش عاجبها عمايلك، أنا مش سايبك النهاردة..!
-آدم بتوجس: توبت والله، أخر مرة، سيب بقى، منظري بقى فانلة قصاد قادة الأركان.

ثم أرخى يزيد ذراعه عنه، فاعتدل آدم في وقفته، وبدأت في ترتيب هندامه العسكري من جديد و...
-آدم وهو يفرك عنقه من الآلم، وبنبرة خافتة: آآ، الحمدلله، كانت هتنكسر..!

في نفس التوقيت وصلت السيارة التي تقل السيدة فوزية إلى بوابة النادي، و...
-فوزية متسائلة بنبرة هادئة وهي تجوب ببصرها المكان: هو ده المكان يا بني؟
-المجند بنبرة رسمية: ايوه يا حاجة
-فوزية بنبرة ممتنة: كتر خيرك يا بني، صدعناك طول الطريق
-المجند بنبرة جدية: ولا يهمك، أنا موجود عشان حضرتك.

ثم التفتت فوزية برأسها إلى الطبيبة هايدي الجالسة بجوارها و..
-فوزية متسائلة بحيرة: نازلة يا بنتي معايا ولا آآ...
رمقتها هايدي بطرف عينيها وهي تنظر إليها شزرا و...
-هايدي بإيجاز: اها، لحظة بس.

ثم أمسكت بهاتفها المحمول وظلت تعبث في أزراره، و...
-فوزية بهدوء: براحتك يا بنتي..
ترددت السيدة فوزية في إخبار تلك الطبيبة بأنها تود الترجل من السيارة، وشعرت بالحرج لتركها بمفردها، ولكن لا مفر من تركها، فالوقت قد تأخر، وهي لا تريد إضاعته اكثر من هذا، لذا بادرت ب..
-فوزية بنبرة شبه متلعثمة وهي مجفلة لعينيها: آآآ، أنا، انا هستأذن يا بنتي، يعني هاسيبك وأروح أشوف العروسة.

-هايدي وهي تلوي شفتيها في تأفف: أنا مش بنتك، بس أوكي براحتك.

اغتاظت السيدة فوزية من ردها الوقح، وعاتبت نفسها لأنها تحدثت معها بعشم وأريحية، ثم..
-فوزية بضيق واضح: كتر خيرك، سلامو عليكم.

ثم أمسكت بالمقبض وفتحت الباب، وترجلت من السيارة وهي تغمغم بخفوت...
رمقتها هايدي بنظرات احتقار، ثم عاودت الاتصال بالطبيب عبد الرحيم لتبلغه بوصولها، ولكي يرتب استقبالها الحافل في ردهة النادي...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة