قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل السابع والعشرون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل السابع والعشرون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل السابع والعشرون

لمحت فرح والدتها وهي تدلف إلى داخل ردهة النادي ومستندة بيدها على ذراع المجند الذي يصطحبها، فانتفضت من مكانها وعلى وجهها علامات الاندهاش الممزوجة بالسعادة، ثم سارت بخطوات سريعة نحوها، وهي تهتف ب...
-فرح بنبرة عالية، ونظرات سعيدة: ماما.

ارتسمت علامات البهجة على وجه السيدة فوزية حينما رأت ابنتها متألقة في هذا الفستان الرائع، ونظرت إليها بنظرات مليئة بالحنو، ثم فتحت ذراعيها لإبنتها التي إرتمت في أحضانها و...
-فرح بنبرة خافتة وشبه باكية: ماما، أنا مش مصدقة انك جيتي
-فوزية بنبرة سعيدة وهادئة: حبيبتي يا فرووح، ربنا يهنيكي يا قلبي..
ثم إنسلت هي من أحضان والدتها، ولكنها ظلت ممسكة بكفي يدها و...

-فرح متسائلة بنبرة متشوقة: أومال انتي جيتي ازاي هنا يا ماما؟
-فوزية مبتسمة بصفاء: ربنا يباركله يزيد، هو اللي جابني.

ضيقت فرح عينيها في اندهاش، و..
-فرح بنبرة شبه مصدومة: ي، يزيد
-فوزية وهي توميء برأسها، وبنظرات راضية: أيوه يا بنتي، كتر خيره قالي على المفاجأة اللي عملهالك وآآ...
-فرح مقاطعة بنبرة شبه منزعجة: يعني انتي كنتي عارفة يا ماما؟
-فوزية مبتسمة في لؤم: طبعا، أومال انتي مفكرة انه هايعمل حاجة من غير ما يرجعلي، هو انتي مالكيش أهل.

عضت فرح على شفتيها من الغيظ، فقد كانت أخر من يعلم بمسألة عقد قرانها، ورغم هذا لم تنكر أنها كانت ترقص طربا من داخلها، فعما قريب ستصبح زوجة ذلك المغوار..

التفت آدم برأسه للخلف ليلمح السيدة فوزية وهي تعانق ابنتها، و...
-آدم بنبرة متلهفة وهو يشير بكلتا يديه: حماتك جت يا عريس، كده أنا براءة.

استدار يزيد برأسه أيضا ليرى السيدة فوزية وهي تتحدث مع ابنتها وعلى وجهيهما علامات الرضا والسرور، فشعر بالارتياح و...
-يزيد بجدية: الحمدلله، كده كله تمام، عن اذنكم أشوف المأذون..
-آدم مبتسما بسعادة: حقك يا عريس، ده الليلة ليلتك.

أمسكت الطفلة سلمى بسترة والدها العسكرية وقامت بجذبها بشدة للأسفل لتلفت انتباهه و...
-سلمى مقاطعة بنبرة طفولية: بابي، ممكن آلعب في الدنينة ( الجنينة )
-آدم مبتسما، وبنبرة أبوية مليئة بالحنو: روحي يا حبيبتي، بس ابعدي عن الولاد، ومتلعبيش معاهم
-سلمى بنبرة مرحة: حاضل ( حاضر )، مس هالعب غير مع آمزة ( حمزة )
-آدم بنبرة جادة: ان كان ده ماشي...

ثم انتبه لما قالته ابنته، وعقد ما بين حاجبيه في استغراب، ثم...
-آدم متسائلا بجدية: مين آمزة ده؟
-سلمي بنبرة طفولية سعيدة: ثاحبي ( صاحبي )
-آدم مدعيا الصدمة: اييييه؟

ثم ركضت الصغيرة في اتجاه حديقة النادي الخلفية لتلهو مع رفاقها الصغار تاركة والدها متعجبا من حال ابنته...
مالت شيماء على زوجها آدم، ثم اقتربت برأسها من أذنه و...
-شيماء هامسة: اومال فين عروسة يزيد؟ أنا مش شايفاها
-آدم مازحا وبخفوت وهو يشير بعينيه: هو انتي اتعميتي ولا ايه، ماهي قدامك أهي
-شيماء بنبرة حائرة وهي تجوب ببصرها المكان: فين بالظبط؟

-آدم بجدية: يا شيمو اللي لابسة فستان سمني ولا بيج، أنا مش عارف ملته ايه، بس هي دي عروسته، فرح...!
-شيماء وهي تعقد ما بين حاجبيها في دهشة: مين؟

ضيقت شيماء عينيها لتنظر إلى عروس يزيد المرتقبة، وشعرت أن وجهها نوعا ما مألوفا بالنسبة لها..
-شيماء لنفسها بخفوت، ونظرات حائرة: الوش ده شكله مش غريب عليا، أنا متأكدة ان شوفت البنت دي قبل كده، بس يا ترى فين؟

ولكن حينما رأت السيدة العجوز الواقفة إلى جوارها باتت تساورها الشكوك، وتذكرت أين رأتها من قبل، فلم تكن ذكرى رؤيتها بالمسألة سهلة النسيان، بل على العكس، مازالت تتذكر وقائع الصدام الحاد الذي وقع في منزل الأستاذ بركات مع والدة المتوفي ومع تلك السيدة وابنتها..

وحينما حدقت بتمعن شديد في تلك الفتاة التي أشار عليها زوجها والمستندة على كتف السيدة العجوز، حتى اتسعت عينيها بشدة، وارتسمت علامات الذهول الممزوجة بالصدمة على قسمات وجهها، وفغرت شفتيها في عدم تصديق...
-شيماء بنبرة مذهولة: مش معقول..!
-آدم مبتسما بتفاخر: ها ايه رأيك بقى، زي القمر
-شيماء فاغرة شفتيها في صدمة: مش ممكن..!
-آدم وهو يزم شفتيه في اعجاب: عندك حق متصدقيش، هي أمورة فعلا، حاجة كده تاخد العقل.

-شيماء بنبرة مصدومة، وأعين جاحظة: استحالة!
-آدم وهو يلوي فمه في انبهار: ما أنا بقولك ده كان من رابع المستحيلات ان يزيد باشا يتجوز، تيجي الفراشة دي تاخد قلبه وعقله.

لكزت شيماء آدم في كتفه بشدة، ثم أشارت بعينيها المتسعة إلى فرح و...
-آدم متأوها من الآلم: آآآه، في حد يخبط جوزه كده
-شيماء بنبرة مصدومة، ونظرات مذهولة: إنت عارف أصلا دي مين؟
-آدم بنبرة واثقة: آه طبعا، دي فرح بنت عم فرغلي
-شيماء بحدة: انت هتهزر يا آدم، بقولك انت عارف حكايتها ايه أصلا، ولا كانت مع مين ولا آآآ...

-آدم مقاطعا بجدية: بقولك ايه يا شيمو، أنا مش محتاج أعرف عنها حاجة، يزيد عارف كل حاجة عنها وآآ...
-شيماء مقاطعة بنبرة أكثر حدة: يا آدم دي كانت متجوزة قبل كده وجوزها ميت من قريب وأمه بهدلتها وآآآ...
-آدم بنبرة شبه مصدومة: ايه؟ نعم؟
-شيماء بنبرة شبه متشنجة: ماهو لو انت تصبر وتسمعني أنا هاحكيلك عن كل حاجة
-آدم وهو يلوي فمه في استغراب: طب قولي يا أم العريف.

تحدث المقدم يزيد مع المأذون الشرعي الذي سيتولى مهمة عقد قرانه، وبدأ العاملون في النادي في تجهيز المكان الذي ستستكمل فيه باقي الإجراءات...

في نفس التوقيت رفضت الطبيبة هايدي أن تدلف إلى داخل النادي ريثما يتم استقبالها الاستقبال اللائق بها، و...
-هايدي هاتفيا بنبرة حادة: أسفة يا دكتور عبد الرحيم، أنا مش هادخل من غير ما يترحب بيا كويس، أنا مش أي حد
-عبد الرحيم هاتفيا بنبرة شبه راجية: بس يا د. هايدي الندوة بدأت، وصعب إننا نوقفها وآآ...
-هايدي بنبرة متعصبة، ونظرات محتقنة: خلاص اعتبرني مجتش، وأنا هارجع القاهرة حالا.

-عبد الرحيم بنبرة متوجسة وراجية: خلاص يا دكتورة، اهدي بس، أنا هاتصرف، بس أرجوكي ماتمشيش، لحظة بس هارتب الدنيا وهنعملك اللي عاوزاه
-هايدي بنبرة شبه متشنجة، ونظرات حادة: قدامك ربع ساعة يا دكتور عبد الرحيم، أكتر من كده بدقيقة واحدة أنا هاكون في طريقي للقاهرة، سلام.

ثم أغلقت الهاتف دون أن تنتظر أي رد منه، وتوجهت بخطوات متعجلة إلى ناحية المرحاض الملحق بالنادي...

توجه يزيد إلى السيدة فوزية وعلى وجهه علامات السعادة جلية، ثم مد يده ليصافحها بحرارة و..
-يزيد بنبرة هادئة: حمدلله على سلامتك يا حاجة فوزية
-فوزية مبتسمة بحماس: الله يسلمك يا بني، بس أنا ليا عندك عتاب
-يزيد بنظرات ثابتة، ونبرة شبه قلقة: عتاب! هو في حاجة حصلت
-فوزية مبتسمة، وبنبرة عذبة: ينفع برضوه تقولي يا حاجة، واحنا شوية وهنبقى عيلة واحدة، انت تقولي يا ماما يا أمي.

ابتسم يزيد من زاوية فمه، ورمقها بنظرات مشرقة، ثم...
-يزيد بنبرة رزينة: لأ عندك حق يا، يا أمي!

أمسكت السيدة فوزية بكف يده، ثم ربتت عليه في حنو و...
-فوزية بنبرة دافئة: تسلملي يا بني..
ثم استدارت برأسها ناحية ابنتها، وغمزت لها و...
-فوزية بنبرة مهتمة: بس عروستك زي القمر، صح ولا أنا غلطانة.

أطرقت فرح رأسها في خجل، في حين تأملها يزيد بأعين العاشق الحالم و...
-يزيد مبتسما بثقة: وهو في واحدة في جمال فراشتي..!

سردت شيماء بإيجاز لزوجها آدم ما الذي حدث أمام ناظريها منذ أشهر مضت من جدال حاد ومشاجرة عنيفة تم التراشق فيها بالسباب والألفاظ بين تلك السيدة العجوز وبين والدة زوج فرح..
أصغى آدم بانصات تام لكل ما قالته زوجته، ولم يعقب عليها، ثم...
-شيماء بنبرة جادة، ونظرات ثابتة: ها ايه رأيك بقى في كل اللي أنا حكيتهولك ده
-آدم بنبرة هادئة: والله مش عارف.

-شيماء بنبرة أكثر جدية: يعني ايه مش عارف، انت لازم تعرف يزيد بده، برضوه هو صاحبك وواجبنا عليه اننا نعرفه بحقيقة الناس دول
-آدم بنبرة متريثة: بس أنا مش شايف غلط في اللي قولتيه.

ضيقت شيماء عينيها أكثر، ورمقته بنظرات ثاقبة، ثم...
-شيماء بنبرة شبه ممتعضة: قصدك ايه؟
-آدم بهدوء حذر: أقصد أن يزيد قبل ما يقرر انه يتجوز فرح كان سأل كويس عنها، وعرف تقريبا كل اللي حصلها، فمعتقدش ان موضوع تافه زي ده ممكن يفرق معاه
-شيماء بنبرة منفعلة نسبيا: بقى أنا كلامي تافه؟ يا آدم انت ماشوفتش الست وقتها كانت بتعمل ايه، تحس ان البت دي كانت عاملة مصيبة وآآ..

-آدم مقاطعا بجدية، وهو يشير بيده: مالناش دعوة، يزيد مش عيل صغير، هو فاهم كويس هو بيعمل ايه
-شيماء بنبرة حادة: أنا هاقوله برضوه، وبعدها هو حر يعمل اللي عاوزه
-آدم بنبرة شبه حاسمة: شيماء أنا قولت ايه، مالناش دعوة بموضوع يزيد، هو حر مع البنت اللي اختارها، وأنا بصراحة ماشوفتش منها حاجة وحشة، بالعكس البنت محترمة وأخلاق
-شيماء بنبرة شبه مغتاظة: انت هتشكر فيها قدامي.

-آدم بنبرة ساخرة: خلاص هالف وراكي وأشكر فيها..!
-شيماء بحنق، وبنظرات نارية: آدم..!

حضر أحد العاملين بالنادي إلى المقدم يزيد وطلب منه أن يتوجه مع الباقين إلى الحديقة الداخلية حيث تم إعداد الطاولات الخاصة بمراسم عقد القران، فشكره يزيد، ثم أشار بيده للسيدة فوزية ولفرح لكي يسيرا معه إلى هناك..

مرت السيدة فوزية ومعها ابنتها من أمام آدم وزوجته، ولكن لم تنتبه أي منهما لهما، ثم دلفا ناحية الحديقة وهما يتمتمان بكلمات غير مفهومة، ولكن كانت السعادة تبدو جلية على وجه فرح رغم محاولتها الجاهدة إخفاء هذا...
ضغطت شيماء على ذراع زوجها وهي ترمق فرح بنظرات نارية و...
-شيماء بخفوت وهي تجز على أسنانها: هما يا آدم، أنا مش هاتوه عنهم، أمانة عليك تقول ليزيد.

-آدم محذرا، وبنظرات قوية ومتوعدة: شيماء، خلاص الكلام في الموضوع ده انتهى، أنا مش هاقول حاجة ليزيد، وهو ربنا يهنيه مع مراته، ماشي، ولو انتي قولتي حاجة هاتبقى زعلة كبيرة بينا، فاهمة!
-شيماء على مضض، وبنظرات مغتاظة: ماشي، ماشي، أووف.!

انتهت الطبيبة هايدي من وضع اللمسات النهائية من مساحيق التجميل على وجهها بداخل المرحاض، ولم تغفل عن وضع أحمر الشفاه الملفت بكميات كبيرة لتبرز شفتيها بطريقة مغرية، ثم وضعته بداخل حقيبتها، وقامت برفع كلتا يديها عاليا لتضعهما في فروة رأسها لتعبث بشعرها وتنثره بطريقة مثيرة للخلف، ثم بدأت تتغنج أمام المرآة بتباهي وتعالي مستفز..
رن هاتفها مجددا، فأجابت على الاتصال وهي مازالت تنظر للمرآة و..

-هايدي هاتفيا بنبرة باردة: ألوو
-عبد الرحيم هاتفيا بقلق: ألوو، ايوه يا دكتورة هايدي، انتي فين؟
-هايدي ببرود وقح: عملت اللي طلبته يا دكتور
-عبد الرحيم وهو يلوي فمه في امتعاض: ايوه، الكل منتظرك في الريسبشن بتاع النادي!
-هايدي مبتسمة في غرور: كويس، دقيقة وهاكون عندك
-عبد الرحيم بإيجاز: مستنينك يا دكتورة.

ثم أغلقت هاتفها وهي تبتسم بتشفي لنفسها في المرآة، ثم مدت إصبعها الصغير ناحية شفتها السفلية لتمسح بقايا أحمر الشفاه التي تمردت وخرجت عن الخط المحدد لها..

في حديقة النادي
التف غالبية الضباط وأسرهم حول كلا من يزيد وفرح ليشهدوا على مراسم عقد قرانهم والذي انتشر كسرعة انتشار النار في الهشيم، فقد كان الخبر مفاجأة غير متوقعة لأي أحد، كما أن بعض من القادة قد باركوا تلك الزيجة الميمونة، وتمنوا حياة زوجية سعيدة لذلك الثنائي المميز..

كانت فرح تخشى أن تكون قد تسرعت في قرارها بالموافقة على تلك الزيجة، خاصة أنها قد مرت بتجربة قاسية مع زوجها الأسبق كريم، ولكن رغم خوفها هذا إلا أنها كانت تشعر بالارتياح، فهناك شيء يطمئنها في يزيد، جديته وإصراره، ربما صلابته وعزيمته، أشياء لم تجدها في كريم، بالإضافة إلى أنها كانت تكن مشاعرا حقيقية له، ربما هي إلى الآن لم تبوح له بما يجيش في صدرها، ولكنها لم تكن لتقدم على تلك الخطوة الهامة في حياتها ما لم تكن واثقة في مشاعرها وإحساسها..

توقفت شيماء على مسافة ليست بالبعيدة من الجميع تراقب ما يحدث بنظرات شرسة ومحتقنة، فهي تظن أن يزيد قد خدع في تلك الفتاة، وأن غشاوة الحب تعميه عن رؤية حقيقتها، ولكن ليس بيدها حيلة، فقد أقسم آدم عليها إن افتعلت أي مشاكل سوف يقاطعها، وربما يؤدي هذا إلى هدم حياتها، فأثرت الصمت، ولكن على مضض جلي...

تابعت السيدة فوزية ابنتها، وتمعنت في قسمات وجهها، فوجدتها هادئة راضية، عينيها مشرقتان، تلمعان بوميض مميز، فاطمئن قلبها عليها، وأيقنت أن يزيد سيكون السند الحقيقي لها، بلي، هو الذي سيعوض ابنتها عن معاناة الماضي، فقد رأت الحب الصادق والطاهر في أعينه، وتأكدت من صدق مشاعره حينما أخبرها بكل أمانة عن نيته في الارتباط بإبنتها ورغبته الشديدة في الزواج منها، كما أنه لم يكذب فيما يخص ماضيه..

لذا رفعت السيدة فوزية بصرها إلى السماء، وحمدت الله في نفسها كثيرا، فهو نعم الزوج الذي رزقهما الله إياه...

حدق آدم برفيقه المقرب ورأى صدق الحب يظهر جليا عليه، ورغم ما قالته زوجته، إلا أنه لن يتجرأ على أن يتفوه بكلمة ليعكر صفو يومه، فيزيد مهما كان متعقل غير متخبط في قراراته، وحينما يعقد العزم على شيء، فهو لا يتركه إلا حينما ينتهي منه، وهو واثق تمام الثقة أن يزيد لم يقدم على تلك الخطوة إلا بعدما تأكد من رغبته الحقيقية في الزواج من تلك الفراشة التي حركت قلبه المتحجر لسنوات...

انتهى المأذون من مراسم عقد القران، وخطت فرح بذلك القلم الأزرق توقيعها على وثيقة الزواج وهي تبتسم في حياء، في حين تعالت الصيحات والتهليلات من معظم الضباط المتواجدين، وتحولت الأجواء الهادئة إلى أجواء حماسية يغلب عليها صوت الرجال الجهوري..
مالت السيدة فوزية على ابنتها بجسدها، ثم مدت ذراعها لتحاوطها من ظهرها، وانحنت برأسها على جبينها لتقبلها فيه بعاطفة أم جياشة و..

-فوزية بنبرة سعيدة: ألف مبروك يا بنتي، ربنا يكتبلك السعادة في حياتك كلها
-فرح بخفوت ممزوج بالحياء: الله يبارك فيكي يا ماما.

ثم اقترب آدم من رفيقه يزيد، واحتضنه بقوة وهو يربت على ظهره و...
-آدم بنبرة متحمسة: مبروك يا عريس، عقبال الليلة الكبيرة ان شاء الله، وهنضربلك ساعتها صواريخ تحية من الفرقاطة نفسها
-يزيد مبتسما بهدوء: الله يبارك فيك يا آدم.

ثم استدار آدم برأسه للخلف، وأشار لزوجته بيده و...
-آدم بنبرة شبه عالية: تعالي يا شيموو باركي لعريسنا.

لوت شيماء فمها في امتعاض، ثم سارت بخطوات متثاقلة وهي تقترب منهما، و...
-شيماء بوجه شبه عابس، ونبرة متبرمة: مبروك.

رمقها يزيد بنظرات متعجبة، و...
-يزيد بهدوء حذر: الله يبارك فيكي.

ثم مال على آدم قليلا برأسه و...
-يزيد متسائلا بخفوت: هي مراتك مالها؟
-آدم مبتسما ابتسامة زائفة: متخدش في بالك، ده العادي بتاعها
-يزيد وهو يعيد رأسه للخلف: أها..

وقف بعض الأطباء والمهتمين بالبحث العلمي في ردهة الفندق، ومعهم بعض الفتيات الصغيرات اللاتي يحملن في أيديهن باقات من الورد وذلك من أجل استقبال الطبيبة هايدي..
سارت هايدي بخطوات واثقة متعالية متباهية نحو الجميع، ولم تنس أن تنظر إليهم بنظرات احتقارية وهي تتأمل هيئتهم العامة ثم..
-هايدي بنبرة شبه جافة: هاي..
-عبد الرحيم بابتسامة زائفة: ازيك يا دكتورة هايدي، منورانا كلنا، اتفضلي، الكل في انتظارك.

رمقت هايدي الطبيب عبد الرحيم بنظرات متأففة، ثم لوت شفتيها ذات اللون الأحمر الصارخ في ضيق و...
-هايدي بنبرة فجة: طب يالا لأني اتخنقت من الريحة هنا..!

ثم سارت وهي متغنجة بخطوات أكثر تعاليا إلى داخل قاعة النادي المخصصة للندوة..
تابعها الطبيب عبد الرحيم وهي تختفي من أمامه بوجه مكفهر و...
-عبد الرحيم لنفسه بخفوت، ونظرات اشمئزاز: ده أنا اللي اتخنقت، ربنا يجعلها أخر ندوة ليكي معانا...!

التفتت السيدة فوزية برأسها ناحية اليسار فلمحت شابة ما ملامحها مألوفة بالنسبة لها تقف إلى جوار كلا من آدم ويزيد، فضيقت عينيها وحاولت جاهدة أن تتذكر أين رأتها، و...
-فوزية متسائلة في نفسها: أنا فاكرة اني شوفت البنت دي قبل كده، فين يا فوزية، فين..؟!

وضعت فوزية إصبع يدها على مقدمة جبينها، ثم أطرقت رأسها للأسفل تتأمل الحشائش الخضراء الموجودة أسفل قدميها، وفجأة رفعت رأسها للأعلى بعد أن أضاءت عينيها و...
-فوزية بنبرة متلهفة: بس، خلاص افتكرت، هي البنت الطيبة اللي ساعدتنا يوم الزيارة المشؤومة، ايوه هي، أنا متأكدة، بس يا ترى هي بتعمل ايه مع يزيد وصاحبه؟ أحسن حاجة أعملها إني أروح أسلم عليها وأعرف هي موجودة هنا ليه..!

ثم نهضت عن المقعد البلاستيكي الذي كانت تجلس عليه، فنظرت إليها فرح باستغراب و...
-فرح متسائلة بحيرة: ماما، انتي رايحة فين؟
-فوزية بنبرة دافئة: هاسلم على واحدة أعرفها وجيالك تاني
-فرح وهي تعقد حابيها في اندهاش أكبر، وبنبرة متسائلة: مين دي يا ماما؟
-فوزية بهدوء: واحدة انتي مش هاتفتكريها، شوية ورجعالك يا حبيبتي.

ثم تحركت هي في اتجاه شيماء بخطوات بطيئة...

بدأت الندوة الطبية بتصفيق حاد للطبيبة هايدي، وبعد نبذة مختصرة عن أهم أعمالها، قام الطبيب عبد الرحيم بدعوتها إلى اعتلاء المنصة من أجل الحديث عن موضوع الندوة والذي يتناول التقنيات العلمية الحديثة المستخدمة في عملية الحقن المجهري..

نهضت هايدي عن مقعدها الذي كان يتوسط الطاولة المغطاة بالشراشف الذهبية، ثم سارت بخطوات واثقة نحو المنصة الخشبية ذات اللون البني الداكن، ووقفت بثقة مغترة أمامها، ورمقت الجميع بنظرات استعلاء قبل أن تبدأ حديثها الجاد عن موضوع الندوة..
لا يستطيع أي أحد أن ينكر أنها كانت متميزة بحق في عملها رغم فظاظتها وعنجهيتها، فقد كانت متمرسة في مهنتها وتجيدها بإحترافية...

استغل يزيد فرصة تواجد فرح بمفردها، وقرر أن يجلس إلى جوارها ليحظى معها ببعض الخصوصية، لذا اقترب منها بخطوات واثقة، ثم سحب أحد المقاعد البلاستيكة وألصقه بجوار مقعدها، وجلس عليه، ثم أسبل عينيه لها، ونظر إليها بنظرات رومانسية ناعمة تتفحصها بتمهل شديد، فأجفلت هي عينيها في خجل وحياء، وتوردت وجنتيها من نظراته المتفحصة لها عن قرب..

ثم مد يده ليمسك بكف يدها الرقيق، فارتجف جسدها، وشعرت بقشعريرة تدب في كل أوصالها، وحاولت أن تسحب كفها منه، ولكنه أحكم قبضة أصابعه عليه، ورمقها بنظرات جريئة، وإزدادت ابتسامته الرجولية ثقة و..
-يزيد بنبرة أقرب للهمس: ايدك ساقعة أوي
-فرح بخفوت شديد: آآ، عادي
-يزيد بنبرة أقل همسا: لأ مش عادي، لأن قلبي قايد نار بحبك
-فرح بنبرة متلعثمة وهي تشعر بالحرج: لو سمحت، ب..

-يزيد مقاطعا بنبرة عميقة: مافيش لو سمحت بين الراجل ومراته، الوقتي من حقي أقول اللي أنا عاوزه براحتي، صح ولا أنا غلطان يا، يا مدام يزيد جودة.

ابتسمت فرح في حياء أكثر، وظلت مطرقة لرأسها، فمد يزيد يده الأخرى، ووضعها على طرف ذقنها، ثم رفع رأسها للأعلى قليلا، وأداره ففي اتجاهه، لتنظر هي في عينيه المحدقتين بها مباشرة و...
-يزيد بنبرة رخيمة: انتي حبيبة قلبي يا فرح، أنا بحبك
-فرح بنبرة هامسة للغاية: و، وأنا، كمان
-يزيد بنبرة منفاجئة، ونظرات قوية: ايه؟

اشتعلت وجنتيها بحمرة الخجل، وارتعش جسدها أكثر، وحاولت أن تبعد وجهها عنه، ولكن أصر يزيد على أن تظل عينيه مسلطتين على عينيها و...
-فرح بنبرة محرجة، ونظرات مجفلة: م، مافيش
-يزيد بنبرة جدية، ونظرات ثابتة: لأ في، أنا سمعت حاجة كده، وعاوز أسمعها تاني
-فرح بنبرة هامسة: لأ مقولتش
-يزيد بنبرة شبه آمرة: فرح قوليها تاني وإلا هتخليني أجبرك تقوليها قصاد الكل.

اتسعت عينيها في ذهول، وتجمدت ملامح وجهها عقب عبارته الأخيرة و..
-فرح بنظرات مصدومة وهي فاغرة شفتيها: ايه؟
-يزيد بنبرة اكثر جدية، ونظرات لئيمة: شوفي انتي عاوزة ايه، يا تقوليها تاني، يا هخليكي تقوليها قصاد الناس دي كلها.

ابتلعت فرح ريقها في حياء، وأطرقت رأسها مجددا، وأمسكت بأصابع كف يدها الأخر بطرف فستانها في توتر، و..
-فرح بنبرة شبه مسموعة: أنا، أنا بحبك
-يزيد مدعيا عدم السمع: ايه؟ أنا مش سامع حاجة، هو انتي بتكلمي نفسك؟ علي صوتك شوية، وبعدين أنا عاوز أشوف وشك وانتي بتقوليها.

عضت هي على شفتها السفلى في ارتباك، ثم رفعت عينيها لتنظر إليه بنظرات خجلة و...
-فرح بنبرة خافتة ومتلعثمة: آآ، أنا، أنا ب، بحبك
-يزيد بنبرة جادة: برضوه مسمعتش، انتي ماينفعش معاكي الطيبة، خلاص أنا هاطلع أمر إداري بإنك آآآ...
-فرح مقاطعة بنبرة معترضة: بليز يزيد، أنا مكسوفة
-يزيد مبتسما بغرور وهو يغمز لها: يزيد، هو في أحلى من كده اسم طالع من البؤ المسمسم ده..

رفعت فرح يدها لتضعها على طرف خصلتها التي تغطي جبينها لتعبث بها في خجل أكثر، في حين جذب يزيد كفها ناحية فمه، ثم قبلة في حب وهو يرمقها بنظرات دافئة...

اقتربت السيدة فوزية من شيماء إلى أن وقفت خلفها، ثم مدت يدها لتضعها على كتفها و...
-فوزية بخفوت، ونظرات عادية: ازيك يا بنتي.

انتفضت شيماء في مكانها، ثم استدارت بجسدها كليا لترى صاحبة ذلك الصوت الأنثوي الهاديء، فإذ بها تتفاجيء بتلك السيدة العجوز تقف خلفها وترمقها بنظرات مليئة بالحنو والامتنان..
-شيماء فاغرة شفتيها في ذهول وبنظرات استغراب شديدة: إنتي؟
-فوزية بنبرة عذبة، ونظرات صافية: ايه يا بنتي مش فكراني؟ أنا الحاجة فوزية اللي قابلتيها في بيت ال، آآ، المرحوم كريم
-شيماء بنفس النبرة المصدومة: هاه.

-فوزية متابعة بهدوء: انتي كنتي ساعدتي بنتي لما تعبت بعد اللي حصل وآآ..
أغلقت شيماء فمها المذهول، وابتلعت ريقها على عجالة، ثم رمقت السيدة فوزية بنظرات حادة قبل أن تردف ب...
-شيماء مقاطعة بجدية تحمل التهكم: أيوه فكراكي، هو انتو تتنسوا أصلا
-فوزية مبتسمة بعذوبة، وبنظرات ناعمة: طب الحمدلله إنك افتكرتيني، أنا كنت خايفة متعرفنيش وتفتكريني بتطفل عليكي ولا حاجة.

-شيماء وهي تمط شفتيها بتشنج: لأ أنا عرفاكي كويس يا حاجة، بالحق مبروك لبنتك، أنا اتفاجئت انها عروسة يزيد
-فوزية بنبرة استغراب، ونظرات شبه متسعة: الله هو انتي تعرفي المقدم يزيد
-شيماء وهي تلوي شفتيها في ضيق: اه طبعا، ده صاحب جوزي الأنتيم
-فوزية مبتسمة في سعادة: والله! يا محاسن الصدف، ده الدنيا فعلا صغيرة، أنا بنتي بقى هي آآ...
-شيماء مقاطعة بنبرة جادة: مراته، ما أنا عارفه.

اتسعت مقلتي السيدة فوزية في اندهاش، و..
-فوزية بنبرة متعجبة: والله، ماشاء الله، ده انتي يا بنتي مافيش حاجة تخفى عليكي
-شيماء بنبرة ممتعضة: لأ، بس اللي مستغرباه هو إزاي المقدم يزيد اتلم على بنتك.

قطبت السيدة فوزية جبينها في حيرة، ثم رفعت أحد حاجبيها و...
-فوزية بنبرة استغراب: اتلم! قصدك ايه؟

وهنا قاطع آدم حديثهما الغير مفهوم بالنسبة للسيدة فوزية ب...
-آدم بنبرة عالية: منورانا يا حاجة فوزية
-فوزية بنبرة جدية، ونظرات متفحصة لشيماء: شكرا يا بني.

التفت هو إلى زوجته، ورمقها بنظرات ثابتة، و...
-آدم مبتسما وبنبرة مترقبة: أنا شايف انكم اتعرفتوا على بعض يا شيموووو
-شيماء وهي تلوي فمها على مضض: أه
-فوزية باقتضاب: أيوه يا بني
-آدم وهو يتنحنح في خشونة: واضح اننا جيت قطعت عليكم كلامكم صح
-شيماء وهي تزم شفتيها في تبرم: أه يا آدم
-فوزية بنبرة شبه جادة: على العموم فرصة سعيدة إني شوفتك تاني، عن اذنك..!

ثم تركتهما السيدة فوزية، وسارت مبتعدة عنهما، واتجهت إلى حيث تجلس ابنتها، في حين حدق بها آدم بنظرات متربصة و..
-آدم متسائلا بتوجس: انتي عملتي ايه في الست؟
-شيماء بنبرة ساخطة، ونظرات متأففة: وهو أنا لحقت أعمل حاجة، ما أنت جيت!
-آدم بتذمر: والله، طب كويس إني جيت في وقتي، بدل ما كانت الدنيا تولع..

-شيماء بنبرة معترضة: والله اللي انت بتعمله في صاحبك ده حرام، المفروض نحكيله على كل حاجة نعرفها، وبعد كده هو يختار هو عاوز ايه
-آدم بجدية: مالوش لازمة الكلام ده دلوقتي، خلاص فرح بقت مرات يزيد
-شيماء بنبرة شبه غاضبة: كان ممكن يتأجل الجواز لحد ما آآ...
-آدم مقاطعا بضيق، وهو يشيح بيده: يوووه، ارحمي دماغ أهلي، أنا ماشي، وهاسيبك كده تهري وتنكتي في نفسك.

-شيماء بنبرة شبه عالية: يا آدم سايبني ورايح فين، استنى بس
-آدم بنبرة شبه ساخرة: رايح أطوع في الحرب يمكن أرتاح من التربنة اللي عملتيهالي دي..!

انتهت الطبيبة هايدي من الجزء الأول من الندوة، وقررت أن تترك المنصة وتذهب إلى الخارج لتستنشق بعض الهواء المنعش، خاصة بعد أن تملكها الحنق من محاصرة أحد الأطباء لها ببعض الأسئلة المستفزة لها عن غلو أسعار مركزها الطبي، وفشل العديد من عمليات الحقن المجهري لنفس المريضة، ومن ثم نجاحها، وبالتالي لم تستطع أن تجيب عليه بأريحية، وكانت ردودها مقتضبة وغير وافية مما زاد من الشكوك حولها، لذا فضلت أن تنسحب بكرامة مدعية شعورها بالاختناق من هواء القاعة الغير متجدد..

-هايدي لنفسها بنبرة حانقة، ونظرات مغتاظة: أوووف، أخر مرة أجي حاجة بالشكل ده، هو أنا ناقصة واحد زي ده يعملي تحقيق على شغلي، بس دي غلطتي من الأول اني جيت على نفسي ووافقت أحضر ندوة بالمستوى الزبالة ده..!

ثم سارت بخطوات شبه متعجلة في اتجاه مدخل حديقة النادي.

عادت السيدة فوزية إلى ابنتها وزوجها يزيد، ثم جلست على مقعدها ووجهها يبدو عليه التجهم والانزعاج إلى حد ما، وإستندت برأسها على مرفقها، فالتفتت فرح إليها ورمقتها بنظرات متفرسة و...
-فرح متسائلة بحيرة: ماما، مالك؟ في حاجة مضيقاكي
-فوزية بإقتضاب، وبنبرة شبه منزعجة: لأ يا بنتي، أنا كويسة
-فرح بنبرة أكثر حيرة، ونظرات استغراب: شكلك بيقول غير كده، طمنيني يا ماما.

-فوزية بنبرة شبه حادة: أنا كويسة يا حبيبتي، بس تلاقي مجهود السفر والسكة طالع عليا.

لم تقتنع فرح بما قالته والدتها، وظلت تنظر إليها بتفحص محاولة معرفة ما الذي يدور في عقلها...
استأذن يزيد بالذهاب من أجل الاطمئنان على إعداد العشاء الذي طلب تحضيره خصيصا من أجل زوجته و...
-فرح بنبرة هادئة، ونظرات خجلة: مافيش داعي لده كله
-يزيد بنبرة متحمسة، وهو يغمز لها: دي لقمة بسيطة ترم عضمنا، حاجة لا تذكر كده، لكن لسه عشا الدخلة إن شاء الله، هايبقى حكاية.

-فوزية بنبرة مهتمة: لأ عشا الدخلة ده عندي يا بني، أنا اللي هعمله بايدي
-يزيد مبتسما بسعادة: إن شاء الله يا أمي!

ثم تركهما وانصرف في اتجاه مدخل الحديقة وهو يطلق صافرة خافتة من فمه، ولكنه توقف فجأة عن الصفير، وتبدلت ملامحه للعبوس والضيق حينما رأى تلك التي يبغضها، تلك التي دمرت حياته وحطمت أحلامه وهي تقف بشموخها وكبريائها المستفز أمامه، كور هو قبضة يده في غضب، ورمقها بنظرات حادة من مقلتي عينيه التي اشتعلت كجمرتين من النيران و...
-يزيد وهو يجز على أسنانه في انزعاج جم: انتي...!

لم يقل إندهاش هايدي عن يزيد بدرجة واحدة، بل على العكس تسمرت في مكانها حينما رأته أمامها، وفغرت شفتيها في صدمة، وتبدلت ملامح وجهها للانزعاج، بلى إنه ذلك الذي كان يوما زوجها، الذي كره نجاحها، لم يتغير يوما، ولم تنس ملامحه بعد..
نظرت إليه شزرا و...
-هايدي بنبرة مستفزة وهي تلوي فمها في تهكم، ونظرات مشمئزة: انت...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة