قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل الثامن والعشرون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل الثامن والعشرون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل الثامن والعشرون

صدم المقدم يزيد حينما رأى زوجته السابقة والبغيضة هايدي تقف أمامه بشموخها المستفز، وتفاجئت هي بزوجها الأسبق الحقود – من وجهة نظرها – يقف بكبريائه الصارخ أمامها و...
-هايدي بنظرات استعلاء، ونبرة متعصبة: بتعمل هنا ايه؟
-يزيد بنظرات نارية قاتلة، ونبرة متشنجة: إنتي اللي جاية هنا ليه؟

-هايدي وهي تلوي شفتيها في استهجان، وبنظرات احتقارية: أنا أروح المكان اللي أنا عاوزاه من غير ما حد زيك يسألني السؤال ده..!
-يزيد وهو يعض على شفتيه من الغيظ، وبنظرات شرسة: انتي تخرسي خالص وتغوري من وشي أحسنلك.

ابتسمت هايدي في استهزاء، ورمقته بنظرات أكثر استعلاء، ثم...
-هايدي بنبرة فظة، ونظرات وقحة: مش لايق عليك جو التهديد ده يا، يا سيادة الرائد، معمركش هاتكون أحسن مني برضوه!
-يزيد بنظرات حانقة، ونبرة متشنجة: غصب عنك بمليون مرة هاكون أفضل، وأنا بقيت المقدم يزيد جودة يا بنت ال، آآ..
-هايدي مقاطعة بنظرات متفحصة تحمل الاستنكار، وبنبرة استهزاء: ايه ده بجد، مقدم مرة واحدة.

ثم تعالت ضحكاتها الرقيعة التي تحط من الشأن، ورمقته بنظرات أكثر استهجانا و...
-هايدي بنبرة مستفزة تحمل الإهانة: لولا صاحبك اللي جالي واسترجاني وباس ايدي من سنين عشان أسيبك، كان زمانك محصلتش حتة عسكري مايسواش
-يزيد بنبرة صادحة، ونظرات نارية: اخرسي.

ثم رفع يده عاليا في الهواء مهددا بصفعها على وجنتها، ولكنه توقف عن فعل هذا في اللحظة الأخيرة، فرمقته هي بنظرات ساخطة و...
-هايدي بنبرة متشنجة وهي تشيح بيدها: فكر بس تلمسني وأنا هاخليك تندم لأخر يوم في عمرك.

-يزيد بنبرة مهددة، ونظرات شرسة: قسما بالله يا هايدي ماهرحمك، ماهسيبك يوم تتهني فيه بحياتك، أنا لو بس حاطيتك في دماغك هحول حياتي لجحيم، هاعيشك في كابوس، وانتي عارفة كويس إني أقدر أعمل كده، احسنلك احذريني، انتي لسه ماشوفتيش مني حاجة.

ضحكت هايدي مجددا بطريقة مستفزة على تهديد يزيد الصريح لها بالانتقام، ولكن بدأت ضحكتها تتلاشى تدريجيا حينما فكرت بإمعان فيما قاله، وبدأت تربط خيوط الأحداث الأخيرة مع ما قاله، و...
-هايدي متسائلة بتوجس، وبنظرات ثاقبة: انت بتهددني؟

-يزيد بصرامة، ونظرات جامدة ومحذرة وهو يشير بيده: سميه زي ما تسميه، لكن أنا لو طلعت في دماغي أدمرك، قسما بالله ما هصبر، في لحظة هتلاقيني ماحيتك من على وش الدنيا، الهيلمان اللي انتي عملاه ده كله هيتنسف في ثانية، ده أنا أعرف عنك بلاوي لو بس فكرت أكلم مش هتعرفي توري وشك للناس
-هايدي وهي تبتلع ريقها في توتر، وبنظرات شبه مضطربة: هاه، انت، انت بتقول ايه؟

-يزيد بنبرة اكثر صلابة، ونظرات قاسية: اللي سمعتيه يا هايدي هانم، يزيد بتاع زمان خلاص معدتش ليه وجود، واللي قدامك ده واحد تاني خالص غير اللي تعرفيه.

فكرت هي لوهلة فيما قاله، ونظرت إليه بنظرات متأنية مترقبة، و...
-هايدي بنبرة شبه متريثة: يعني، انت، انت اللي ورا آآ...
-يزيد مقاطعا بجدية وهو ينظر لها شزرا: لا ورا ولا قدام، أنا بنبهك من اللي ممكن أعمله فيكي، وأظن العينة بينة، فابعدي عني أحسنلك.

ظنت هايدي أن يزيد هو من يقف وراء تلك الأسطوانة المدمجة التي تحمل التسجيل المرئي الفاضح لها، وحاولت أن تستشف منه أي معلومات عن كونه صاحب تلك الأسطوانة أم لا، ولكنها لم تستطع، فقد كانت ردوده صارمة ومقتضبة، ثم نظرت أمامها بإمعان لتلمح الأجواء الخاصة بحفل عرس صغير، فضيقت عينيها، وحاولت أن تستشف ما الذي يحدث و...

-هايدي متسائلة بنبرة شبه ساخرة وهي تلوي شفتيها، وبنظرات متربصة: هه، وانت من امتى بتحضر أفراح؟ على ما أظن انك بتكره الجو ده
-يزيد بنبرة ساخطة، ونظرات منذرة: الكلام ده لما كنت أعرفك، لكن دلوقتي خلاص، حياتي بدأت من بعدك مع اللي أحسن منك بمليون مرة.

شعرت هي بالإهانة عقب عبارته الأخيرة، فاشتعل جسدها غيظا، وهزت ساقيها في عصبية، ثم رمقته بنظرات نارية و...
-هايدي بنبرة مندفعة: احترم نفسك، أنا محدش يتقارن بيا أبدا
-يزيد بنبرة أكثر سخوطا، وبنظرات استخفاف: ده أنا أبقى بظلمها لما أقارنها بواحدة زيك ماتسواش نكلة
-هايدي وهي تجز على أسنانها بحنق، وبنظرات متقدة من الغيظ: اخرس، أنا أحسن من أي واحدة تعرفها ولا تفكر حتى فيها، وأنا مش هاسيبك تتهنى للحظة.

-يزيد باستخفاف، وبنظرات مهينة: ولا تقدري تعملي حاجة، انتي خلاص بخ، معدتش تهميني في حاجة، فكرك إني بخاف، لأ تبقي غلطانة، أنا معدتش حاجة تفرق معايا طول ما مراتي فرح موجودة في حياتي
-هايدي متسائلة بعنجهية، ونظرات مميتة: هي اسمها فرح
-يزيد بنبرة جادة، ونظرات اعتزاز: هي فرح وكلها فرح..!

في نفس التوقيت رأت فرح زوجها يزيد وهو يقف على مدخل الحديقة ويتحدث مع إحدى السيدات والتي لا تضح معالم وجهها بسبب جسده العريض الذي يحجبه، فمالت برأسها على الجانب قليلا محاولة رؤيتها، و...
-فرح لنفسها بريبة، وبنظرات متفحصة: مين دي اللي يزيد واقف بيرغي معاها بقاله فترة، شكلها مش باين.

لاحظت السيدة فوزية أن ابنتها مشغولة البال وتنظر أمامها بطريقة مثيرة للشكوك، لذا وضعت يدها على فخذها و...
-فوزية متسائلة بجدية، وبنظرات ثابتة: فروووح، في ايه يا حبيبتي؟ انتي مش أعدة على بعضك ليه؟

انتبهت هي لوالدتها، وأدارت رأسها في اتجاهها، و..
-فرح وهي تتنهد بإنزعاج، وبنظرات شبه زائغة وهي تشير لزوجها: أصل يزيد يا ماما بقاله فترة عمال يرغي مع واحدة كده، وشكله مضايق أوي.

نظرت السيدة فوزية إلى حيث أشارت ابنتها، فرأته بالفعل يقف مولي ظهره لهما، ويتحدث مع شابة ما..
-فوزية بنبرة شبه جادة، ونظرات ضيقة: طب روحي شوفي ماله، انتي الوقتي مراته ومن حقك تكوني معاه
-فرح بنبرة متوجسة، ونظرات متوترة: بس يمكن يضايق لو اتحشرت في حاجة ماليش فيها
-فوزية بجدية، ونظرات راسخة: تتحشري ايه بس، انتي يا حبيبتي مراته اللي بيحبها، ويمكن هو محرج من الست دي وانتي هتعرفي تتصرفي.

مطت فرح شفتيها في حيرة، ثم هزت رأسها قليلا و..
-فرح بخفوت: اوكي يا ماما.

ثم نهضت هي عن مقعدها البلاستيكي، وسارت بدلال في اتجاه زوجها، وحاولت قدر المستطاع أن تلمح تلك المرأة التي يتحدث معها..

زمت شيماء شفتيها في ضيق، وظلت عابسة الوجه، مكفهرة الملامح، ثم نظرت أمامها فوجدت أعين السيدة فوزية مسلطة عليها وترمقها بنظرات شبه غاضبة، فاستدارت برأسها للناحية الأخرى و..

-شيماء لنفسها بخفوت وهي تلوي فمها في امتعاض: اوووف، هي بتبصلي كده ليه؟ أنا معملتش فيها حاجة غلط، أنا بس هاموت وأعرف يزيد عرف بنتها ازاي، ويا ترى هو عارف بحكاية جوازتها الأولى ولا لأ، آآخ، مش قادرة، نفسي أروح اتكلم بس آدم اللي حايشني..!

لم تكف السيدة فوزية هي الأخرى عن التحديق في شيماء ورمقها بنظرات معاتبة وهي تمط شفتيها في انزعاج و...
-فوزية لنفسها بنبرة حائرة: عملت ايه بس فيها عشان تعاملني بالشكل ده، ده أنا كنت مفكراها بنت أصيلة هتفتكرنا بالخير، لكن أقول ايه بس غير دوام الحال من المحال، ربنا يهديها هي واللي زيها.

وما إن اقتربت فرح من زوجها حتى اتضحت معالم المرأة المجهولة، وبالفعل تعرفت إليها على الفور، وارتسمت ابتسامة هادئة على ثغرها و...
-فرح مبتسمة بعذوبة، وبنظرات مبتهجة: مش معقول.

ثم سارت بخطوات سريعة إلى حد ما وهي ممسكة بذيل فستانها إلى أن وقفت خلفهما و...
-فرح بنبرة متحمسة، ونظرات مشرقة: دكتورة هايدي ازيك عاملة ايه؟

استدار يزيد فجأة بجسده للخلف وعلى وجهه علامات الاندهاش جلية، ثم رمقها بنظرات متفرسة شبه مشتعلة، بينما تابعت هي ب...
-فرح بنبرة هادئة، ونظرات صافية: منورة فرحي أنا ويزيد والله، أنا متخيلتش انك موجودة هنا، بجد أنا مبسوطة إني شوفتك
-يزيد متسائلا بنبرة شبه منفعلة، ونظرات مميتة: انتي تعرفيها؟

ابتسمت هايدي في سخرية مريرة، فقد عرفت للتو هوية تلك الفتاة التي تزوجها زوجها الأسبق، وظل يتباهى بها أمامها بغرور شديد، فرمقتها بنظرات متفحصة من رأسها لأخمص قدميها، ثم لوت شفتيها في تأفف و..
-هايدي بنبرة تحمل الإستهزاء: هو انتي تبقي مرات ال، آآ، المقدم يزيد
-فرح مبتسمة في خجل وهي مجفلة لعينيها، وبخفوت: أيوه..

شعر يزيد بالتخبط الشديد حينما رأى زوجته السابقة على معرفة بزوجته الحالية، وضيق ما بين حاجبيه، وقطب جبينه في تبرم، وظل يرمق كلاهما بنظرات شرسة ورأسه مشحون بألاف الأسئلة التي يريد معرفة إجابتها للتو...

لاحظت هايدي علامات الانزعاج التي بدت جلية على وجه يزيد، وكيفية تبدل ملامحه سريعا للضيق والتهجم، ففكرت في أن تستغل تلك الفرصة وتعكر عليه صفو تلك الأجواء الناعمة انتقاما منه وإرضاءا لنفسها المريضة، لذا عقدت ساعديها أمام صدرها، ثم مدت إحدى ساقيها قليلا للأمام، وتغنجت بجسدها بعنجهية و...

-هايدي بنبرة أشبه لفحيح الأفعى، ونظرات تباهي: ازيك يا، يا فرح، أخبارك ايه، وشغلك ماشي كويس، أنا مبسوطة انك عملتي اللي قولتلك عليه بالنص وعرفتي تتجوزي الباشا.

لم تفهم فرح ما الذي ترمي إليه هايدي بكلامها المبهم هذا، فضيقت عينيها في حيرة وتساؤل، ثم..
-فرح وهي تهز كتفيها في عدم فهم: ميرسي، بس أنا آآ...
-يزيد مقاطعا بلهجة شبه عنيفة: فرح، امشي دلوقتي.

اتسعت عيني فرح في استغراب، ونظرت إلى يزيد بدهشة و..
-فرح فاغرة شفتيها، وبنبرة مشدوهة: هاه، نعم؟

حدق فيها يزيد بطريقة ترتعد لها الأوصال، ثم أشار لها بعينيه و..
-يزيد بنظرات مخيفة، ونبرة قوية صارمة: ارجعي مكانك الوقتي يا فرح..!

ابتلعت فرح ريقها في توجس، فتلك النظرات الشيطانية لم تعهدها منه من قبل، و..
-فرح بنبرة خافتة ومتلعثمة: آآ، حاضر.

ورغم أنها كانت ترفض في قرارة نفسها أن تتركه وترحل دون أن تعرف السبب الحقيقي وراء طلبه الغريب هذا، إلا أنها خشيت أن تتسبب في مشكلة ما بإعتراضها عليه، ففضلت أن ترضخ لطلبه حاليا وتنسحب في هدوء، ثم تتحدث معه لاحقا عن سبب تغييره المفاجيء هذا...

تركتهما فرح وسارت مبتعدة عن المكان، في حين ظلت نظرة الشماتة والإزدراء جلية في عيني هايدي، ثم تفاجئت هي بقبضة يد يزيد الغاضب قابضة على ذراعها، ثم جذبها هو بعنف بعيدا عن المكان، و...
-يزيد بنظرات نارية قاتلة وهو يجز على أسنانه في غضب: تعالي معايا.

سار يزيد بها ناحية ردهة النادي، وحاولت هي أن تتخلص من أظافره المغروسة في ذراعها و...
-هايدي بنبرة متذمرة وهي تتأوه من الآلم، ونظرات قاتلة: ابعد عني، آآآه، سيب دراعي..!

استطاعت هايدي أن تخلص ذراعها من قبضته القوية، و...
-هايدي مبتسمة بسخرية: للدرجادي أنا حرقاك.

اشتعل يزيد غضبا، وغلت الدماء في عروقه، وكاد يفقد أعصابه، ولكنه جاهد ليسيطر على نفسه و..
-يزيد بنبرة متشنجة للغاية، ونظرات بغيضة: انتي تعرفي مراتي منين؟ ردي عليا!

رفعت هايدي أنامل كف يدها الأيسر أمام فمها، ثم زفرت هواءا ساخنا من شفتيها الملطختان بأحمر الشفاه الصارخ على طلاء أظافرها الجاف وكأنها تتعمد إغاظته أكثر، ثم رمقته بنظرات مغترة و...
-هايدي ببرود مستفز: ده أنا أعرفها من قبل ما انت تعرفها بكتير.

ضيق هو عينيه في غضب مميت، ورمقها بنظرات جارحة و..
-يزيد بنبرة متعصبة وهو مكور لقبضتي يده: قصدك ايه بكلامك ده؟

أرخت هي ذراعها، وحدقت فيه مباشرة و...
-هايدي ببرود أكثر، وبنظرات متفاخرة: قصدي أنا اللي بعتها ليك عشان توقعك، بس مكونتش مفكرة إنها هتنجح وتتجوزك بالسرعة دي.

احتقن وجهه أكثر بالدماء، وشعر أن صاعقة ما قد ضربت رأسه للتو، و...
-يزيد وهو يجز على أسنانه بنبرة هادرة: انتي كدابة!

لوت هي فمها في استهزاء، ثم رمقته بنظرات احتقارية قبل أن تردف ب...
-هايدي بنبرة فجة: فرح الصحفية، جاتلي من كام شهر هي وصاحبتها، ونفسها تخلف موت، بس للأسفل معرفتش، أصل عندها مشاكل في الرحم، وقالتلي انها مستعدة تعمل أي حاجة عشان تخلف..
ثم صمتت للحظات لتراقب ردة فعله التي كانت توحي بأنه على وشك الانفجار من حديثها الصادم، و..

-هايدي متابعة بنبرة متشفية، ونظرات شماتة: المهم هي جاتلي تاني بعدها تسترجاني عشان أشوفلها حل لمشكلتها قبل ما تتجوز، بس حقيقي متوقعتش انها تكون راسمة عليك، ولما عرفت وقتها متفاجئتش، بالعكس ساعدتها أكتر عشان توصلك لأنها كانت مش عارفة إزاي توقعك، وأنا عرفتها مداخلك ايه، وهي عملت اللي قولته بالحرف، أصل انتو الاتنين لايقين على بعض أوي، وتستاهلوا بعض!

لم يصدق يزيد أذنيه حينما سمع تلك الحقيقة الزائفة التي تخرج من فم تلك البغيضة، ظن أنه يتوهم ما يسمعه، ولكنها دعمت كلامها هذا ب...
-هايدي مكملة بنبرة باردة، ونظرات قاتمة: أنا عارفة انك مش هتصدقني بالساهل، بس ورق التحاليل بتاعتها عندي، أقدر أبعتهولك تشوفه، وهي نفسها لو سألتها مش هاتقدر تنكر، مبروك عليك الجوازة الجديدة يا، يا سيادة المقدم.

ثم ضحكت هي بطريقة رقيعة تثير النفوس اشمئزازا بعد أن أيقنت أنها نجحت في بث سمومها، وأفسدت عليه حياته، بل إنها دمرتها للمرة الثانية، لذا تركته على حالته المستشاطة من الغضب الجم، وانصرفت مبتعدة عنه وهي ترمقه بنظرات شامتة فقد ظفرت هي بمعركتها الحالية، وتلذذت بنشوة الانتصار...

تسمر يزيد في مكانه، لا يعرف ما الذي أصابه، فقد شعر أنه عقله قد شل تماما، ولم يعد قادرا على التفكير من هول المفاجأة الصادمة، حدق هو في نقطة بالفراغ أمامه وعينيه توحيان بأنهما جمرتان ملتهبتان توشكان على الاحتراق كمدا، و مر بباله طائف ذكرياته مع فرح، فإزدادت تشنجات وجهه، وغلت دمائه في عروقه حد الفوران، وأخذ يعتصر قبضة يده بقسوة شديدة..

ليس الأمر بالهين عليه، فقلبه الذي نبض من جديد كاد أن يقتلع من داخله وهو يظن أنه قد عاش في أكبر أكذوبة، وأنه سقط في خديعة ما يسمى بالحب البريء، وأن فراشته التي أحبها لعفويتها ما هي إلا عقربة سامة قد لسعته بذيلها بعد أن أسلم قلبه وروحه لها...

عادت فرح إلى مقعدها، وجلست إلى جوار والدتها ووجهها يوحي بأن هناك خطب ما قد حدث..
تمعنت السيدة فوزية فيها باستغراب، و...
-فوزية متسائلة بنبرة مهتمة: مالك يا فرووح؟ هو يزيد قالك حاجة تزعلك؟
-فرح بإقتضاب، ونظرات حزينة: لأ
-فوزية متسائلة بفضول، ونظرات متفحصة: أومال حصل ايه؟
-فرح وهي تطلق تنهيدة حارة من صدرها، وبنظرات منكسرة: مش عارفة يا ماما يزيد ماله.

-فوزية متسائلة بنبرة أكثر جدية: طب مين اللي كان بيكلمها دي؟
-فرح بخفوت: دي دكتورة اعرفها أنا وإيلين اسمها هايدي، بس الظاهر إن يزيد هو كمان طلع عارفها.

انتبهت السيدة فوزية لحديث ابنتها، واعتدلت في جلستها، ثم رمقتها بنظرات جادة و...
-فوزية متسائلة باهتمام: دكتورة هايدي، دي بتاعة ايه؟ وهو هيعرفها منين أصلا؟

في تلك اللحظة تحديدا انضم آدم إليهما وهو يحمل صينية مليئة بقطع الشيكولاته الصغيرة والمغلفة، ثم مد يده بها تجاه فرح و..
-آدم بنبرة حماسية، نظرات مبتهجة: احلى شيكولاتة لأحلى عروسة في الدنيا
-فرح مبتسمة ابتسامة زائفة: ميرسي
-آدم باستغراب: في ايه مالك؟ هو يزيد لحق يزعلك
-فرح بإيجاز، وهي مطرقة لرأسها: لأ أبدا
-آدم بنبرة مازحة: هو النكد لحق يوصلكم، ده أنتو لسه عرسان جداد، أكيد اتحسدتوا.

-فوزية بنبرة شبه جادة وهي تنظر لابنتها: بنتي حالها اتغير من ساعة ما شافت يزيد مع الدكتورة اللي اسمها هايدي
-آدم بنظرات جاحظة، ونبرة مصدومة وهو فاغر ثغره: مييييين؟

أظلمت الدنيا في عيني يزيد، وشعر بأنه كان فريسة أكذوبة كبيرة، وأن فرح استطاعت أن تخدعه بأسلحتها الأنثوية، وهو بدون تفكير ووعي قد استسلم لها، وانساق وراء قلبه، قلبه الذي خفق من جديد لها..

انطلقت شرارات الغضب من مقلتيه، وظل وجهه قاتما متجهما يوحي بالغضب المستعر، لقد تعهد لنفسه بألا يدع قلبه تحت وطأة أي أحد حتى لو كانت زوجته التي أحبها بصدق، وقرر ألا يترك تلك المسألة تمر مرور الكرام دون أن يحاسب من تورط فيها حسابا عسيرا..

نادى أحد الضباط على يزيد لكي يلفت إنتباهه ويهنئه بزيجته، ولكنه تركه وانصرف دون أن يكترث به، وسار بخطوات جنونية ناحية حديقة النادي وهو ينتوي شرا لفرح، في حين تعجب الضابط من حالته الغريبة تلك، ولكنه لم يعقب...

شعر آدم بأن هناك كارثة كبيرة ما على وشك الوقوع خاصة حينما عرف بأن يزيد قد قابل طبيبة تدعى هايدي والتي تسببت في تبدل حالته للضيق، فأيقن على الفور أنها ربما تكون زوجته السابقة الكريهة، وبالتالي لن تمر تلك الليلة على خير...
لذا أسند آدم الصينية على الطاولة، واستدار بجسده للخلف ليسير بخطوات أقرب للركض في الاتجاه الذي أشارت إليه فرح بيدها حينما تركتهما سويا..

اصطدم يزيد بجسد آدم بقسوة حينما كان يمرق بالممر الموصل للحديقة، فأوقفه الأخير بالقوة بعدما أمسكه من ذراعيه و...
-آدم متسائلا بتوجس، وبنظرات متفرسة: يزيد، في ايه اللي حصل؟ انت، قابلت هايدي فعلا؟
-يزيد بنظرات شرسة، ونبرة محتقنة: معاك مفتاح عربيتك؟

قطب هو جبينه في عدم فهم، ثم رمقه بنظرات حائرة و...
-آدم متسائلا بترقب: أيوه معايا، بتسأل ليه؟

رفع يزيد يده في مواجهة آدم، ثم رمقه بنظراته القاتمة قبل أن يتابع ب...
-يزيد بنبرة متصلبة وهو يجز على أسنانه: هاته!
-آدم بتوجس، ونظرات حائرة: ليه؟
-يزيد بنبرة أكثر حنقا، ونظرات مخيفة: هاتجيبه دلوقتي ولا أروح أشوف غيرك.

وضع آدم يده في جيب بنطاله العسكري ثم أخرج منه ميدالية المفاتيح التي تضم مفتاح سيارته وكذلك منزله وبعض المفاتيح الأخرى، ثم سحب المفتاح الخاص بالسيارة وأعطاه له و...
-آدم بنبرة قلقة، ونظرات مرتبكة: اتفضل، بس انت مقولتليش عاوزه ليه؟

جذب يزيد المفتاح بعنف من يد آدم، ثم تركه بعد أن دفعه من كتفه، ودلف إلى داخل حديقة النادي، فركض خلفه آدم وهو متوجس مما سيحدث لاحقا...

اقتربت شيماء من طاولة السيدة فوزية بعد أن لمحت فرح وهي تنهض من على مقعدها وتسير في اتجاه الطاولة الخاصة بالمأكولات، ثم وقفت قبالتها و...
-شيماء بنبرة ضائقة، ونظرات جادة: بصي بقى أنا معرفش انتي وبنتك ازاي وصلتوا ليزيد، بس أنا مش قابلة بموضوع الجوازة دي من غير ماهو يعرف حقيقتكم.

نهضت السيدة فوزية عن مقعدها، ورمقت شيماء بنظرات منذرة قبل أن تتجه ناحيتها بخطوات بطيئة، ثم وضعت يدها على كتفها و...
-فوزية بنبرة منزعجة: بصي يا بنتي الكلام اللي بتقوليه ده مايصحش، مش معنى إني ساكتة عن اللي بتقوليه ده إني راضية بيه..!
-شيماء بنبرة متشنجة، ونظرات جاحظة: ولا أنا موافقة على آآآ...

-فوزية مقاطعة بنبرة جادة: بصي يا بنتي قبل ما تقولي كلام تندمي عليه بعد كده يزيد عارف كل حاجة عن بنتي، وعارف هي بنت مين وكانت متجوزة قبل كده من مين، وأنا عارفة كل حاجة عنه، فبلاش تظني السوء في الناس وتحكمي عليهم لمجرد إن مش عاجبك الحال.

فغرت شيماء شفتيها في ذهول، و...
-شيماء بنبرة متلعثمة: هاه، ي، يعني هو عارف؟
-فوزية بنبرة جدية، ونظرات ثابتة: أه عارف كل حاجة.

شعرت شيماء بالحرج، وأطرقت رأسها في خجل، ثم...
-شيماء وهي تمط شفتيها في خفوت: آآ، أنا، أنا مش، آآ...
-فوزية بنبرة هادئة، ونظرات ضيقة: مافيش داعي تقولي حاجة، بس يا ربت قبل ما تتهمي أي حد اتأكدي الأول، لأن إن بعض الظن إثم..!

ثم تركتها السيدة فوزية وهي في قمة إحراجها وسارت مبتعدة عنها في اتجاه المرحاض..

دلف يزيد إلى داخل الحديقة، وألقى ببصره على المكان الذي تجلس فيه فرح ولكنه لم يجدها هي أو والدتها، فاكفهر وجهه أكثر، واستدار برأسه ليجوب المكان بعينيه في كل الاتجاهات إلى أن ثبت عينيه فجأة، حيث وجدها تقف إلى جوار إحدى طاولات المأكولات وهي ممسكة بكأس به مشروب بارد، فقبض على مفتاح السيارة بحدة، ثم سار في اتجاهها بخطوات أقرب للعدو..

كانت فرح مولية ظهرها للجميع وترتشف بعض القطرات من ذلك المشروب المنعش لكي تبلل حلقها الذي جف، ولكنها شرقت حينما وجدت من يقبض على ذراعها بعنف، وانحنت بجسدها للأمام و...
-فرح وهي تسعل وبنبرة مختنقة: كح، آآ، كح، الله!

ثم اعتدلت في وقفتها بعد أن جذبها يزيد بقسوة ناحيته، ثم..
-فرح بنظرات متعجبة، ونبرة شبه متحشرجة: ي، يزيد، في ايه؟

لم يجبها يزيد، وإنما رمقها بنظرات نارية احتقارية جعلت الرعب يتسرب إليها سريعا، ثم تحرك للأمام وهو يسحبها بقسوة من ذراعها معه، فتأوهت هي من الآلم و...
-فرح متسائلة بخوف، وبنظرات مضطربة: في ايه يا يزيد؟ انتي ماسكني كده ليه؟ ورايح بيا على فين؟
-يزيد بنبرة مشحونة بالغضب: هتعرفي كمان شوية
-فرح بتوجس، ونظرات متوترة: طب استنى بس، اصبر، طب أروح أكلم ماما أعرفها إن أنا معاك وأستأذنها، آآآ...

توقف يزيد عن الحركة ليقف في مواجهة فرح التي ظل قابضا على ذراعها بعنف، ثم رمقها بنظرات مميتة قبل أن يردف ب...
-يزيد وهو يجز على أسنانه بشراسة: أنا جوزك يا مدام، مافيش حاجة اسمها أمك بعد النهاردة!

قطبت هي جبينها في عدم فهم، ورمقته بنظرات متوترة للغاية، وشعرت بقشعريرة ما تدب في جسدها وهي ترى نظرات مخيفة توحي بالشر الدفين تنبعث من عينيه و...
-فرح بنبرة شبه مذعورة: انت، انت بتقول ايه؟ أنا، أنا مش فاهمة حاجة.

ثم جذبها مجددا من ذراعها بعد أن غرس أظافره أكثر فيه، وسار بها نحو باب النادي الخلفي..
حاولت هي أن تخلص ذراعها من قبضته، ولكنها عجزت عن فعل هذا، كما كادت أن تسقط على وجهها لأكثر من مرة بسبب تعثرها في فستانها، و..
-فرح بنبرة مرتعدة، ونظرات خائفة: بالراحة يا يزيد، في ايه لكل ده، أنا، أنا مش عارفة أمشي وآآ...

توقف يزيد عن الحركة ليرخي قبضة يده الممسكة بذراعها، ثم أحاط بها من خصرها، وانحنى بجذعه للجانب قليلا ليضع ذراعه الأخر من أسفل ركبتيها، ثم حملها بين ذراعيه، وقبض عليها أكثر، وسار بخطوات غاضبة للخارج وهو ينظر أمامه بوجه ذو تعبيرات غامضة و...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة