قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل التاسع والعشرون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل التاسع والعشرون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل التاسع والعشرون

تفاجئت فرح بما فعله يزيد، وظلت تركل بقدميها في الهواء محاولة مقاومة قبضتيه المحكمة حولها، و...
-فرح بنظرات مصدومة، ونبرة خجلة: يزيد، ايه اللي انت بتعمله ده؟

لم يجبها يزيد، بل ظل صامتا ومستمرا في تحركه خارج النادي، ولأكثر من مرة حاولت هي أن تفهم منه ما الذي أصابه لكي يتصرف معها بتلك الطريقة الغريبة والعنيفة في نفس الوقت، ولكنه ظل باقيا على وضعه الغامض..

بعد لحظات معدودة كان يزيد قد وصل إلى سيارة آدم المصطفة بجوار سور النادي، ثم أنزل فرح لتقف على قدميها، ولكنه أحاطها من خصرها بذراعه ولم يتركها تفلت منه، ثم مد يده إلى داخل بنطاله العسكري الأزرق، وأخرج مفتاح السيارة، وفتح به الباب الملاصق لها، ثم دفعها بحدة وقسوة إلى داخل المقعد الأمامي، ومن ثم صفقه بقوة..
ظلت هي تنظر إليه بريبة محاولة فهم ما الذي يدور في رأسه، ولكن كان كل شيء مبهما بالنسبة إليها..

-فرح بنبرة شبه خائفة، ونظرات مرتعدة: يا يزيد فهمني في ايه بالظبط؟
دار هو حول السيارة وتابعته هي بعينيها الحائرتين، ثم جلس خلف المقود، وأدار المحرك، وهي مازالت تنظر إليه بريبة، ثم ضغط على دواسة البنزين، ومن ثم انطلق بها بسرعة رهيب يشق الطرقات المظلمة دون أن ينبس بكلمة، وملامح وجهه توحي بشر دفين..

أسرع آدم في اتجاه زوجته شيماء التي كانت تعدل من هندام ابنتها سلمى، ثم وضع يده على ظهرها و...
-آدم بنبرة متوجسة، ونظرات جادة: شيماء.

انتبهت له زوجته، ثم اعتدلت في وقفتها و...
-شيماء بنبرة مهتمة، ونظرات ضيقة: ايوه يا حبيبي، في ايه؟
-سلمى بنبرة طفولية: بابي حبيبي
-آدم مبتسما ابتسامة زائفة: لوما حبيبة قلبي، روحي العبي شوية في المراجيح اللي هناك دي
-سلمي وهي توميء برأسها في سعادة: هييييه، حاضل ( حاضر )
ثم ركضت الصغيرة مبتعدة قليلا عن كلاهما، في حين راقبتها شيماء بعينيها، بينما أردف آدم ب...

-آدم بنبرة شبه قلقة، ونظرات مرتبكة: في مصيبة هتحصل.

تبدلت ملامح وجهها للانزعاج والضيق، ورمقته بنظرات متوجسة، و...
-شيماء بنبرة مضطربة: يا ساتر يا رب، مصيبة ايه دي؟
-آدم بنبرة حانقة: اللي ما تتسمى موجودة هنا
-شيماء متسائلة بإهتمام: مين دي؟
-آدم بنبرة ساخطة، ونظرات استهجان: هايدي
-شيماء بعدم فهم، ونظرات حائرة: هايدي مين؟
-آدم وهو يلوي فمه في امتعاض: هايدي، طليقة يزيد
-شيماء فاغرة شفتيها في صدمة، وبنظرات جاحظة: مييييين؟!

دلفت السيدة فوزية إلى خارج المرحاض، وعادت إلى حديقة النادي الخلفية وظلت تبحث عن ابنتها وزوجها، ولكن للأسف لم تجد كلاهما، وظلت تجوب ببصرها المكان محاولة إيجادهما، ثم لمحت رفيقه آدم وهو يقف إلى جوار زوجته شيماء، فقررت أن تتوجه إليهما لتستفسر منهما عن ابنتها.

وبالفعل سارت بخطوات بطيئة ومنهكة في اتجاههما إلى أن وقفت خلف آدم و...
-فوزية بنبرة مرهقة، ونظرات حائرة: معلش يا بني هاعطلك شوية.

انتبه آدم لها، ثم استدار بجسده كليا في اتجاهها، بينما أحرجت شيماء منها، ونظرت إليها بنظرات شبه خجلة، و..
-آدم بنبرة مهتمة، ونظرات جادة: ولا يهمك يا حاجة فوزية، أنا معاكي، اتفضلي أمري وأنا أنفذ
-فوزية بنبرة خافتة ومتأنية: كتر خيرك يا بني، مايؤمرش عليك عدو..
-آدم بنبرة أكثر اهتماما: خير إن شاء الله؟
-فوزية متسائلة بنبرة شبه مضطربة، ونظرات حائرة: مشوفتش يا بني بنتي فرح و جوزها؟

-آدم بنظرات قوية، ونبرة جادة: أنا شوفت يزيد من شوية كان عاوز مفتاح عربيتي، لكن الصراحة فرح لأ
-فوزية وهي تمط شفتيها في ضيق: طب راحت فين دي؟
-شيماء مقاطعة بنبرة شبه جادة: جايز تكون معاه، ماتكلميها حضرتك كده على الموبايل وتشوفي هي فين؟
-فوزية بوجه ممتعض، ونظرات شبه زائغة: هي مش معها موبايل للأسف.

مدت شيماء يدها ووضعتها على ذراع زوجها، ثم...
-شيماء بنبرة جادة للغاية، ونظرات ثابتة: طب ما تكلم يزيد يا آدم يمكن زي ما بقولك مع بعض
-آدم بخفوت وهو يوميء برأسه: ماشي، ماشي.

وضع آدم يده في جيب بنطاله، ثم أخرج هاتفه المحمول، وضغط على عدة أزرار، ثم وضع الهاتف على أذنه، وانتظر أن يأتيه الرد، ولكن فقط صوت رنين الهاتف دون أي إجابة...

رن هاتف يزيد بداخل جيب بنطاله، ولكنه لم يعبىء به، وظل مسلطا بصره أمامه، وممسكا بمقود السيارة وهو يجز على أسنانه في حنق جلي..
دب الرعب في أوصال فرح وهي ترى تبدل حال يزيد بشكل مخيف، وجف حلقها من شدة التوتر، وحاولت جاهدة أن تبدو متماسكة أمامه، ولكنها كانت مذعورة بشدة..
كانت الأشياء تمر من أمام عينيها بسرعة البرق، وذلك بسبب سرعة السيارة الجنونية، و...

-فرح بنبرة شبه مرتعدة، ونظرات خائفة: يزيد من فضلك هدي السرعة شوية، آآ، احنا، احنا كده ممكن نعمل حادثة.

تجاهلها هو عن عمد، ولم يلتفت إليها، فاضطرت هي أن تمد يدها المرتجفة ناحية ذراعه لتربت عليه في خوف و...
-فرح بنبرة شبه راجية، ونظرات مرتعدة: بليز يا يزيد، هدي السرعة شوية، أنا، أنا خايفة أوي.

انتفض هو فور أن رأها واضعة يدها على ذراعه، والتفت ناحيتها، ثم رمقها بنظرات حانقة ومخيفة في ذات الوقت أصابتها بالهلع والخوف وجعلت الكلمات تتجمد في حلقها، ثم سحبت يدها المرتعشة سريعا لتعيدها إلى مكانها، وانكمشت أكثر في مقعدها، وابتلعت ريقها في توجس شديد..

لم يدر يزيد ما الذي أصابه، ولكنه كان ساخطا غاضبا على كل شيء حوله، فقد ظن أن فرح كهايدي، لا تختلف عنها في شيء، مجرد أنثى أخرى مخادعة وكاذبة استغلته من أجل تحقيق رغبة شيطانية في الانتقام منه دون أن تهتم لمشاعره الصادقة...

في حديقة النادي
لم يكف آدم عن الاتصال بيزيد الذي كان لا يجيب عليه مطلقا، مما جعل السيدة فوزية تصاب بالقلق، و..
-فوزية بنبرة خائفة، ونظرات مضطربة: استرها يا رب، عديها على خير
-شيماء متسائلة بقلق، ونظرات حائرة: برضوه لسه مردش عليك؟
-آدم وهو يزم شفتيه في تبرم: لأ لسه.

شعرت السيدة فوزية بأن ساقيها لا تقويان على حملها، وأن جسدها الكبير المنهك لم يعد قادرا على تحمل أي ضغط عصبي أخر، فترنحت قليلا للخلف، وكادت أن تفقد توازنها، ولكن أسرعت شيماء إليها حيث مدت كلتا ذراعيها وأسندتها قبل أن تسقط، وسارع آدم هو الأخر في الإمساك بها و...
-شيماء بنبرة مذعورة، ونظرات خائفة: إلحق يا آدم
-آدم بخوف، ونظرات مضطربة: حاجة فوزية، يا حاجة فوزية..!

ثم تعاون الاثنين في إسناد السيدة فوزية إلى أن وصلا إلى أقرب مقعد بلاستيكي، فمد آدم يده ليمسك بالمقعد من مسنده، ثم سحبه على مقربة من السيدة فوزية، وجاهدت زوجته شيماء في وضعها على المقعد و...
-فوزية بنبرة منهكة وضعيفة للغاية وهي مغمضة لعينيها: بنتي، أنا، أنا عاوزة بنتي فرح
-شيماء بنبرة خائفة: اتصرف يا آدم، الست هاتروح مننا
-آدم بنبرة شبه آمرة، ونظرات حائرة: طب خليكي معاها، وأنا هاتصرف.

-شيماء بنبرة مليئة بالهلع: بسرعة يا آدم، بسرعة!

ثم تركهما آدم وركض سريعا في اتجاه ردهة النادي ليطلب المساعدة...

لم تعلم فرح إلى أين يتجه بها يزيد، وخشيت أن ينتوي شرا معها لذا قررت أن تستجمع شجاعتها، و...
-فرح بنبرة شبه جادة، ونظرات مضطربة: يزيد، لوسمحت قولي احنا رايحين فين.

استدار هو برأسه في اتجاهها ورمقها بنظرات احتقارية حادة وهو مكفهر الوجه، ولكنها رغم خوفها أعادت تكرار سؤالها ب...
-فرح بنبرة أكثر حدة: يزيد، رد عليا، أنا بسألك احنا رايحين فين.

زفر هو بضيق واضح، وظل ينظر أمامه، فإشتعلت فرح من الغيظ، و..
-فرح بنبرة شبه مرتعشة، ونظرات خائفة: والله لو مرديت عليا يا يزيد لأفتح باب العربية وأحدف نفسي.

حدق فيها هو بنظرات مشمئزة، ثم نظر أمامه مجددا وهو يقود السيارة بسرعة جنونية..
شعرت هي بالحنق لتجاهله إياها بصورة متعمدة ومهينة في نفس الوقت، و...
-فرح بنبرة حادة نسبيا: أنا مش بهزر يا يزيد، يا إما ت آآآ...

لم تكمل هي عبارتها الأخيرة حيث ضغط يزيد فجأة على مكابح السيارة ليوقفها في منتصف الطريق، فإرتدت فرح للأمام واصطدم كتفها بقسوة ب ( تابلوه ) السيارة، مما جعلها تتألم بشدة، ورغم هذا تحاملت على نفسها، وحاولت إخفاء الآلم، وبدأت تلملم نفسها من جديد، واستدارت برأسها ناحيته، وإستندت بجسدها في اتجاه باب مقعدها، في حين ظل هو ناظرا أمامه وعينيه تكادان تنفجران من الحنق...

ترددت هي في بدء الحديث، ولكن لا مهرب من معرفة ما الذي يدور، لذا أخذت نفسا عميقا، ثم زفرته على مهل وبحذر، وأطرقت رأسها للأسفل وظلت تفرك في أصابع يدها المتعرقة بتوتر شديد و...
-فرح بنبرة شبه متلعثمة، ونظرات مجفلة: ممكن آآ، يعني، بعد اذنك تقولي في ايه اللي مخليك متعصب، أوي، كده!

أدار يزيد رأسه فجأة في اتجاهها، ورمقها بنظرات نارية مخيفة جعلتها تنكمش على نفسها في رعب، ثم...
-يزيد بنبرة هادرة وهو يشير بيده: أيوه، أيوه اعملي فيها البريئة اللي معملتش حاجة
-فرح وهي تبتلع ريقها في توجس، وبنظرات زائغة: آآ، أنا، أنا مش فاهمة انت، انت بتكلم على ايه؟
-يزيد بصراخ عنيف، ونظرات شرسة: بطلي استعباط بقى، انتي ايه؟ شيطانة، سهل عندك تلعبي على مشاعر الناس..

فغرت هي شفتيها في ذهول غير مستوعبة لما يقوله لها، وظنت أنها تتوهم ما تسمعه، في حين تابع هو ب..
-يزيد بصراخ أعنف، ونظرات مرعبة: ليه عملتي فيا كده، قبضتي كام عشان تكملي تمثليتك دي؟
-فرح متسائلة بنظرات مصدومة، ونبرة محبطة: انت، انت بتقول ايه؟ أنا مش فاهمة حاجة من الكلام الغريب ده، قبضت ايه، ومشاعر ايه اللي ضحكت عليك فيها؟
-يزيد بحنق، ونظرات شرسة: يخربيت كده، انتي انسانة معدومة الضمير.

-فرح بنبرة حادة، ونظرات ضيقة: بس بقى، انت بتغلط فيا ليه؟ أنا عملت فيك ايه؟ ماتفهمني بدل ما أنت عمال تتهمني بحاجات أنا مش فهماها.

أخذ يزيد نفسا مطولا، ثم زفره بغل، وضرب بقبضة يده على المقود مما أفزع فرح أكثر، وجعلها تتراجع في مقعدها للخلف محاولة تجنبه، و..
-يزيد وهو يجز على أسنانه في ضيق جلي، وبنظرات مميتة: تقدري تنكري إنك تعرفي الزفتة هايدي يا فرح؟

-فرح بنبرة شبه مرتعدة، ونظرات مضطربة: أنا، أنا منكرش إني أعرفها، هي الدكتورة بتاعي، وآآ، وكنت باخد استشارتها في حاجة، بس، اللي أنا مستغرباه انت مضايق منها ليه؟ بالعكس هي دكتورة شاطرة وآآ..
-يزيد مقاطعا بصراخ صادح، ونظرات محتقنة للغاية: انتي هتجننيني معاكي، يعني مش عارفة ليه مش طايقها، ولا انتي بتكملي الملعوب بتاعك؟ هي موصياكي تعملي كده.

-فرح وهي تبتلع ريقها في خوف، وبنظرات شبه جادة: ملعوب! أنت بتكلم كده ليه؟ هو أنا قولتلك أنا معرفهاش، ما أنا آآ...
-يزيد مقاطعا بشراسة: انتي واحدة كدابة.

حاولت هي أن تتحكم في نفسها، وألا تذرف الدموع أمامه، فقد كانت هناك غصة في حلقها تؤلمها بشدة، وبدأ صوتها يتحشرج، و..
-فرح باستغراب شديد، ونبرة شبه مختنقة: انت، انت بتقول عني كده ليه؟
-يزيد بتذمر جلي: لأنها الحقيقة..!
ثم صمت لبرهة ليخرج فيها تنهيدة مريرة، ومن ثم...
-يزيد بنبرة محبطة، ونظرات محتقنة: أنا ماندمتش في حياتي على حاجة عملتها غير على جوازي منك، ومنها!

شعرت فرح أن دلوا من الماء المثلج قد أسقط توا فوق رأسها، حيث عقدت حاجبيها في صدمة كبيرة، وقطبت جبينها في اندهاش، واتسعت عينيها في ذهول مفاجيء، ثم...
-فرح بنبرة مشدوهة، ونظرات جاحظة: انت، انت كنت متجوز ه، هايدي؟
-يزيد بزمجرة مخيفة: أيوه كنت متنيل متجوزها، اعملي بقى انك عبيطة ومش عارفة ده!

ثم رمقها بنظرات مهينة قبل أن يكمل ب...
-يزيد بتهكم صارخ: يا شيخة ده انتي طلعتي استاذة في التمثيل!

اعتدلت فرح في جلستها، وحدقت أمامها بنظرات مذهولة مصدومة، ثم..
-فرح بنبرة متلعثمة: آآ، يعني، يعني أنا، مش أول واحدة في حياتك، وهي، هي تبقى مراتك.

اشتعل يزيد غيظا منها، فقد ظن أنها تمارس عليه نوعا جديدا من الألاعيب الصحفية التي تجيدها، لذا مد يده، وأمسك بها من ذراعها، وجذبها بقسوة منه ناحيته، فمال جسدها في اتجاهه، ورغم أنها كانت تحاول الابتعاد عنه إلا أنها لم تستطع، فقد كان أقوى منها، ثم حدق مباشرة في عينيها بنظرات مليئة بالكره والحقد، نظرات لم تعهدها هي منه من قبل و...

-يزيد وهو يجز على أسنانه في وحشية: اقسم بالله لو ما بطلتي الاستعباط اللي انتي فيه ده لأدفنك هنا وآآآ...
سحبت فرح يدها من قبضته، وأرجعت نفسها للخلف، ثم رمقته بنظرات شبه دامعة، و...
-فرح بصراخ حاد: بس بقى كفاية حرام عليك، أنا، أنا مش مصدقة نفسي، أنا ازاي آآآ، ازاي اتسرعت ووافقت على الجوازة دي، ازاي اتهبلت في عقلي ووافقت أتجوز واحد معرفش عنه حاجة.

-يزيد وهو يلوي فمه في تهكم، وبنظرات ساخطة: ده على أساس ان أمك مقالتلكش حاجة، ده انتي المفروض تاخدي اوسكار أحسن منافقة!

لم تجب عليه فرح بل اكتفت برمقه بنظرات استنكار، ثم مدت يدها لتمسك بمقبض الباب لتفتحه، ولكن أسرع يزيد بإمساكها بعنف من ذراعها وجذبها ناحيته، ومنعها من الترجل من السيارة، وأمسك بها من معصميها بقبضتي يده، و...
-يزيد بنبرة متصلبة: أنا مخلصتش كلامي عشان تسيبني وتمشي.

تلوت فرح بذراعيها أمامه محاولة تحرير نفسها، ولكنه ضغط أكثر بقبضتيه عليها ليؤلمها و..
-فرح بنبرة متشنجة، وأعين دامعة: سيبني، أنا مش عاوزة أسمع منك حاجة، ابعد عني
-يزيد بحدة تحمل الاهانة، ونظرات محتقنة: مش بمزاجك يا مدام، آآه صح، نسيت أباركلك على دخلتك من حبيب القلب الأولاني، كنتي مفكراني مغفل مش هاعرف، هادبس من غير ما اكتشف انك آآ...

-فرح مقاطعة بنظرات مشتعلة من الغيظ، وصوت شبه باكي ومتحشرج: حرام عليك كفاية ظلم فيا بقى، انت بتتهمني بحاجات محصلتش، وأنا خلاص معنتش قادرة استحمل
-يزيد بنبرة مهينة، ونظرات اشمئزاز: والله، مش قادرة خلاص، ليه؟ مقبضيش من اللي مشغلاكي كويس؟ ولا هي رجعتك بنت عشان آآآ...
-فرح مقاطعة بنبرة حادة ومنفعلة للغاية، ونظرات حمراء: اخرس، أنا أشرف من أي واحدة انت كنت تعرفها، فمتجيش تعمل عليا راجل وآآ..

تفاجئت فرح بيزيد يضم معصميها معا بقبضة يد واحدة، ثم رفع يده الأخرى لينهال بها على وجهها، ويصفعها بقسوة على وجنتها، ثم...
-يزيد بنبرة عنيفة، ونظرات تحمل الشر والتوعد: اخرسي يا بنت ال ***، مفكراني هفأ، ده أنا أرجل من اللي كنتي متجوزاه قبلي، وهاعرفك الوقتي أنا راجل إزاي..!

في تلك اللحظة تحديدا شعرت فرح أنها وقعت في خطر محدق، وأنها أخطأت حينما انفعلت بشدة عليه، والآن ستتحمل نتيجة خطئها...

في النادي
ركض آدم في اتجاه الاستقبال الملحق بالنادي باحثا عن وجود أي طبيب من أجل اسعاف السيدة فوزية التي انهارت تماما على المقعد، فأرشده أحد العاملين إلى القاعة المتواجد بها بعض الأطباء من أجل الندوة الطبية، فأسرع في خطاه ناحية القاعة، ثم توقف مترددا أمام بابها بعد أن قرأ اسم الندوة المطروحة و...

-آدم لنفسه بخفوت وتردد، ونظرات حائرة: طب دول بتوع حقن مجهري، أتصرف أنا الوقتي إزاي؟ هما أكيد بيفهموا يعني، ماهم مش دكاترة على الفاضي لازم أخد أي حد معايا يكشف على الست بدل ما تروح مننا..!

ثم دلف إلى داخل القاعة، ولكنه تسمر في مكانه حينما وجد هايدي تقف قبالته وترمقه بنظرات احتقارية، فنظر هو شزرا إليها، وهو عابس الوجه، ثم تجاهلها، فلا وقف لإضاعته مع أمثالها، وسار في اتجاه أحد الأشخاص الذين يبدو عليهم الوقار والهيبة، ثم..
-آدم بنبرة جادة وهو يقف خلفه: من فضلك يا دكتور، لو سمحت!

انتبه الطبيب عبد الرحيم إليه، والتفت بجسده ناحيته، ونظر إليه بنظرات متفحصة، ثم...
-عبد الرحيم بنبرة رسمية: ايوه يا حضرت الظابط، في حاجة؟
-آدم بتلهف وهو يشير بيده: ممكن بس تيجي معايا شوية، في ست كبيرة و مريضة تعبانة أوي برا ومحتاجة مساعدة، وأنا، وأنا مش عارف أتصرف معاها ازاي
-عبد الرحيم بجدية واهتمام: طب هي فين؟ وريهاني
-آدم بنبرة ممتنة، وهو يضع يده على كتف الطبيب: هناك، تعالى معايا وأنا أوريهالك.

-عبد الرحيم بنبرة أكثر جدية: ماشي..!

ثم انصرف كلاهما بخطوات شبه راكضة إلى خارج القاعة، بينما ظلت هايدي تتابعهما بنظرات متشفية وهي جالسة على مقعدها بخيلاء، و...
-هايدي بنبرة خافتة لنفسها، ونظرات تحمل نشوة الانتصار: أحسن، خليهم يقضوا ليلة سودة شبه خلقتهم!

كانت السيدة فوزية تلهث وهي تتنفس بصعوبة على المقعد البلاستيكي الذي تجلس عليه، وأرجعت هي رأسها للخلف، بينما أمسكت شيماء بكف يدها الذي كان شبه باردا، ثم مالت عليها بجسدها في محاولة للتحدث معها وإبقائها واعية و...
-شيماء بنبرة قلقة، ونظرات مضطربة: اطمني يا، يا ست فوزية، إن، إن شاء الله هاتبقي كويسة
-فوزية بنبرة ضعيفة للغاية وهي مغمضة لعينيها: بنتي، بنتي.

-شيماء وهي تبتلع ريقها في ارتباك، وبنظرات منزعجة: متقلقيش عليها، هي، هي أكيد مع يزيد، يعني مش لوحدها
-فوزية بنبرة أكثر ضعفا وهي تتنفس بصعوبة: ي، يزيد، قوليله ياخد باله منها، مايسبهاش، هي، هي أمانة في رقبته
-شيماء بتوجس شديد، ونظرات خائفة: اطمني والله، ده يزيد بيحبها، ومش آآ...

لم تكمل شيماء جملتها حيث رأت السيدة فوزية وهي تميل برأسها على الجانب، وفمها مفتوح بطريقة مريبة، فتسرب الخوف إليها، ومدت يدها لتضرب بها قليلا على وجنتها، ثم وضعت يدها الأخرى على صدرها، وبدأت في هز جسدها المرتخي و...
-شيماء بنظرات مذعورة، ونبرة خائفة: ست فوزية، ست فوزية ردي عليا، يا ست فوزية سمعاني، يالهوي!

ثم اعتدلت في وقفتها، واستدارت برأسها لتبحث عمن يساعدها، و...
-شيماء بنبرة عالية، ونظرات قلقة: يا ناس، حد يلحقني بسرعة!

تجمهر بعض المتواجدين في الحديقة سريعا حول شيماء والسيدة فوزية، فتراجعت شيماء خطوة للخلف، في حين جثى أحد الضباط على ركبتيه أمامها، ومد يده ليمسك بمعصمها، وبدأ في تفحص نبضها، في حين وضع شخص أخر اصبعيه على شريانها السباتي الموجود برقبتها لتفقد نبضها، ويده الأخرى على فمها للتأكد من تنفسها، ثم نظر كلاهما إلى الأخر بنظرات غريبة، ومن ثم نهض الضابط، واعتدل في وقفته، واستدار بجسده ليواجه شيماء و...

-الضابط بنبرة شبه جادة، ونظرات آسفة: أنا مش عارف أقولك ايه، بس، بس آآ، هي
-شيماء بنظرات جاحظة وهي تضع يديها على صدرها، وبنبرة شبه متلعثمة: م، ماتت!
-الضابط وهو يوميء برأسه ايماءة خفيفة: البقاء والدوام لله
-شيماء بصراخ: يا نصيبتي!

وصل آدم إلى حيث الحشد المجتمع أمام مقعد السيدة فوزية وعلى وجهه علامات التوجس والخوف، ثم نظر إلى زوجته فوجد ملامح وجهها شاحبة، ونظراتها دامعة للغاية، فانقبض قلبه، ووجه بصره ناحية السيدة فوزية ليتفحصها، فوجدها مغمضة لعينيها، وذراعيها مرتخيين إلى جوارها، ورأسها مائل على الجانب، و..
-آدم متسائلا بترقب: في، في ايه؟

اقترب الطبيب عبد الرحيم من السيدة فوزية، وبدأ هو الأخر في تفحص حالتها على عجالة، وبدأت الهمهمات الجانبية في الانتشار بين الواقفين، ثم اعتدل في وقفته، واتجه إلى آدم وهو يمسح وجهه بكف يده في توتر، و...
-عبد الرحيم بنبرة خافتة، ونظرات حزينة: للأسف، مش هانقدر نعملها حاجة، هي ماتت
-آدم فاغرا فمه في صدمة، وبنظرات مشدوهة: ايييييه!

أحكم يزيد قبضة يده على رسغي فرح التي كانت تقاومه بشدة وتحاول التحرر منه، ثم نهض قليلا من مقعده، وألقى بثقل جسده على جسدها الضعيف، ثم مد يده الأخرى أسفل مقعدها ليسحب المقبض الخاص به حتى يرجع مسند الظهر للخلف، وبالتالي يتحول المقعد إلى فراش صغير..
صرخت فرح بشدة فيه وهي تبكي بحرقة محاولة إرجاعه إلى رشده و...
-فرح بصراخ مذعور، ونظرات راجية وباكية: سيبني حرام عليك، ابعد عني، لألألألأ..

-يزيد بنبرة شرسة، ونظرات ميتة: مش ده اللي كنتي عاوزاه، إنك تتجوزيني، رفضاني الوقتي ليه؟ ولا مفكراني مش هاكون زي المرحوم!

اخذت فرح تبكي بحرقة وهي تشهق عاليا، و..
-فرح بنبرة مختنقة ومتشنجة: حرام عليك، حرام، أرجوك ارحمني، أنا، أنا آآ...
-يزيد مقاطعا بنبرة أكثر شراسة: انتي ماشوفتيش مني حاجة
-فرح وهي تهز رأسها في رفض، وبنبرة صارخة: لألألألأ!

ثم عمد هو إلى تثبيت ذراعيها للأمام، وآلمها بشدة بضغطه عليهما، ونظر إليها بنظرات تحمل من الوعيد ما جعلها ترتجف بشدة وهي مسجاة على مقعد السيارة الجلدي أسفل منه، هو لم يرد أن يقترب منها أو حتى يتلمسها تحت أي ظرف، ولكنه أراد أن يبث في نفسها الذعر، أن يجعلها تشعر بفداحة ما ارتكبت..

ظل هو على وضعه هذا لثوان معدودة، موهما إياها أنه سيعتدي عليها، ثم أرخى قبضتي يده عنها، ورمقها بنظرات مقززة، ومن ثم نهض بعيدا عنها، واعتدل في مقعده، وقام بترتيب هندامه، ثم استدار ناحيتها برأسه، و..
-يزيد بنبرة مهينة، ونظرات احتقارية: أنا مايشرفنيش إني ألمس واحدة قذرة زيك، أو أخليها تبقى مراتي، إنتي واحدة ماتستهلش تكون حتى خدامة عندي..!

لم تجب هي على إهانته البغيضة لها، بل وضعت راحتي يدها على وجهها لتختبيء خلفهما، وظلت تبكي بمرارة شديدة وشهقاتها تصدح في داخل السيارة، في حين ضرب هو مجددا على مقود السيارة و...
-يزيد بنبرة عنيفة وآمرة: اخرسي خالص، مش عاوز أسمع صوتك!

حاولت هي كتم شهقاتها، ولكنها عجزت عن فعل هذا، لقد انهارت تماما أعصابها، ولم تعد قادرة على التحكم في انفعالاتها...

زفر يزيد مجددا في ضيق، ثم صرخ فيها بإنفعال حاد كي تكف عن هذا، فارتعدت هي منه، وبدأت تنتحب بخفوت، وهي مازالت مختبئة خلف وجهها، فتملكه الضيق أكثر، ثم وضع يده على رأسه، وظل يحك في شعره بعصبية مفرطة، ثم أمسك بمقبض الباب الملاصق له، وفتحه، وترجل من السيارة، ثم صفق الباب بقوة خلفه، ومن ثم ركله بقدمه وهو يزمجر بعنف، فانتفضت هي فزعة في مقعدها، وشهقت في رعب، فرمقها بنظرات قاسية قبل أن يسير مبتعدا عن السيارة لعدة خطوات للأمام...

اعتدلت فرح في جلستها، وظلت تتفحص جسدها بيديها المرتجفتين وتتأكد من أن فستانها مازال موضوعا عليها، ويغطي جسدها الذي شعرت أنه قد تعرى تماما بمجرد لمسة يزيد العنيفة عليها..

هي لم تتخيل أنه سيفعل بها هذا، أنه سيفكر في اهانتها، أو حتى محاولة الاعتداء عليها دون أن تقترف أي ذنب، لم يخطر ببالها أنه كان متزوجا من قبل، أو أن لديه حياة خاصة سابقة به، فهي لم تعرف عن ماضيه إلا القليل، ولم تسع لمعرفته، فكيف الآن يتهمها بأنها دبرت ما حدث كله مع زوجته السابقة التي اتضح أنها الطبيبة التي ذهبت إلى مركزها الطبي مرة واحدة فقط..

أخذ يزيد يزفر مرارا وتكرارا وهو يضرب بقدمه الأرض بعصبية جلية، وظل ينفس تنهيدات حارة من صدره المثقل بالهموم، هو نوعا ما يشعر بأنه قد تسرع في قراره بالارتباط بها، وأنه أخطأ حينما وثق بالحب مجددا و..
-يزيد لنفسه بخفوت متشنج: ليه، لييييه يحصلي كده؟!

ثم صمت لبرهة قبل أن ينظر امامه بنظرات جامدة، و..
-يزيد بنبرة جافة: أنا هطلقها، واحدة زي دي ماينفعش تكون مراتي، أو أديها حتى اسمي!
ثم قطع انفعاله المفرط صوت رنين الهاتف المحمول الموضوع بداخل جيب بنطاله، فتنهد بضيق، ثم أخرج الهاتف لينظر إليه و...
-يزيد بحنق: وده وقتك يا آدم..!

زفر مرة أخرى قبل أن يجيب على اتصالاته المتكررة، و..
-يزيد هاتفيا بنبرة عصبية: عاوز ايه يا آدم
-آدم هاتفيا بنبرة حزينة: انت روحت فين يا يزيد؟
-يزيد بنبرة متصلبة: أنا روحت في داهية، عاوز ايه مني؟!
-آدم متسائلا بنبرة منكسرة: هي فرح معاك؟
-يزيد بنبرة مقتضبة ووجهه مكفهر للغاية: أه متنيلة أهي
-آدم بنبرة شبه جادة: طب معلش ابعد شوية عنها لأني عاوز أبلغك بحاجة.

-يزيد وهو يزفر في ضيق وانفعال: اوووف، انت عاوز ايه؟ اخلص وقول
-آدم وهو يبتلع ريقه في مرارة وآسى: الحاجة فوزية..!
-يزيد بنبرة متأففة، ونظرات ضيقة: مالها دي كمان؟
-آدم بخفوت حزين: الحاجة فوزية ماتت.

اتسعت مقلتي يزيد فجأة، وفغر شفتيه في صدمة، ثم استدار برأسه في اتجاه فرح التي كانت تنظر إليه بخوف وذعر، ورمقها بنظرات مذهولة و...
-يزيد بنبرة مشدوهة: انت بتقول ايه؟
-آدم بنبرة حزينة ومحذرة: اللي انت سمعته يا يزيد، الحاجة فوزية ماتت، اوعى بس انت تقول لفرح، هاتها الأول على النادي، وبعد كده هنحاول نتصرف ونبلغها، ماشي؟
-يزيد متسائلا بصدمة، وبنظرات ثابتة: طب، طب ده حصل امتى؟

-آدم بنبرة حزينة: بعد ما انتو مشيتوا، المهم ارجع حالا عشان الدنيا هنا مقلوبة، والكل منتظركم
-يزيد وهو يمط فمه في حزن: طيب..
-آدم بإيجاز: اوكي، سلام.!

أنهى يزيد المكالمة مع آدم وهو متسمر في مكانه، متصلب في جسده، عاجز عن التفكير، لا يعرف كيف سيتصرف الآن، فوفاة السيدة فوزية كانت كالصاعقة المدوية التي ضربت رأسه، وأصابته بالشلل، لقد فقد قدرته على التفكير الصائب خاصة أنه في وضع يحسد عليه، فهو بات يبغض زوجته التي ظن أنها خدعته، وفي نفس الوقت يشفق على حالها، فهو متيقن من إرتباطها الوثيق بوالدتها فكيف سيتعامل مع تلك المسألة، ولكن الأخطر من هذا كله هو كيف سيخبر فرح بهذا الخبر المحزن والآليم...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة