قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل الثاني والثلاثون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل الثاني والثلاثون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل الثاني والثلاثون

تجمدت الكلمات على شفتي شيماء حيث وجدت يزيد واقفا أمامها، فحدقت فيه بأعين مذهولة، وتأملت ملامحه المتبلدة بنظرات شبه مرتعدة، بينما رمق هو رفيقة فرح – إيلين - بنظرات حادة وثاقبة و..
-يزيد بنبرة جادة: انتي بتقولي ايه؟

نظرت إيلين إليه باستغراب، وهزت رأسها في عدم فهم، في حين لم يحيد هو ببصره عنها، ثم...
-يزيد مكررا بنبرة أكثر جدية: اللي سمعته ده صحيح؟

ظلت إيلين تنظر إليه بعدم استيعاب، و..
-إيلين بنبرة شبه حائرة: سمعت ايه؟ أنا، أنا مش فاهمة حضرتك تقصد ايه بالظبط؟
-يزيد بنبرة محتقنة، ونظرات صارمة: موضوع هايدي!

استدارت إيلين برأسها في اتجاه شيماء، ونظرت إليها بنظرات حائرة، ثم عاودت النظر إلى يزيد و...
-إيلين وهي تتنحنح بحرج وبخفوت: احم، إنها، آآ، يعني كانت تعبانة
-يزيد متسائلا بنبرة جادة وشبه قاتمة، ونظرات جامدة: يعني هي مش صاحبتها؟

هزت إيلين رأسها بالنفي بحدة، و...
-إيلين بنبرة متلهفة، ونظرات ضيقة: لألأ، صاحبة مين، ده أنا اللي مودياها بنفسي عندها، هي أصلا متعرفهاش، وأنا اللي اقترحت عليها تروحلها لما موضوع، احم، آآ، تعبها زاد عن حده، والحمدلله هي طلعت كويسة وتحاليلها مافيهاش حاجة.

ضيق هو عينيه، ورمقها بنظرات كادت تخترقها و...
-يزيد متسائلا بترقب: اومال هايدي بتقول ان تحاليلها غير كده، وإنها راحتلها أكتر من مرة عشان تبقى حامل؟!

صعقت إيلين مما قاله، وشعرت بالدماء تغلي في عروقها، وظهر على وجهها بوادر الإنفعال و...
-إيلين بنبرة متعصبة: الكلام ده مش حقيقي، محصلش ابدا، هي أصلا مكانتش عاوزة تقولها حاجة شخصية عن نفسها، وأنا اللي قولتلها دي متجوزة يبقى إزاي كانت عاوزة تبقى حامل وهي أصلا ماشفيتهاش قبل كده، ده أنا اللي كنت معاها، وأنا اللي خدتها بنفسي..
ثم صمتت لبرهة قبل أن تتابع ب...

-إيلين بنبرة منفعلة وهي تشير بيدها: وبعدين هي قالت عنها كده ليه إن مكانتش تعرفها أصلا؟ ولا هو أي هبل يتقال نقوم نصدقه وخلاص.

حدجها يزيد بنظرات صارمة، ثم ضغط على أصابع يده في غضب، وجز على أسنانه بشراسة، ومن ثم أشاح بوجهه بعيدا عنها، و...
-يزيد لنفسه بنبرة متشنجة: أه يا بنت ال ***، بقى كنتي بتشتغليني أنا وفرح، وأنا اللي ظلمتها، وجيت عليها، وآآ، وكنت ناوي، استغفر الله العظيم، أنا أزاي مفكرتش انها ممكن تكون بتكدب وبتعمل لعبة قذرة علينا، كان فين عقلي ساعتها.

راقب الجميع يزيد بنظرات حذرة محاولين معرفة ما الذي يفكر فيه حاليا، فقد كان الأمر مفاجأة بالنسبة له..
قاطع آدم ذلك الصمت الذي ساد في المكان ب...
-آدم بنبرة متريثة: يزيد، انت معانا؟

انتبه هو إلى صوته، ورمقه بنظرات حادة توحي بالتوعد و..
-يزيد بنبرة متشنجة: عاوز ايه يا آدم؟
-آدم بهدوء حذر: أصل انت سكت فجأة وآآ..
-يزيد مقاطعا بصرامة: خلاص يا آدم.

شعرت إيلين باهتزازة في حقيبة يدها، فوضعت يدها بداخلها، ثم أخرجت هاتفها المحمول، ونظرت في شاشته، فوجدت أن المتصل هو زوجها أمير، فأدركت أنه ينتظرها بأسفل البناية..
مالت إيلين على شيماء، واقتربت من أذنها و...
-إيلين بنبرة هامسة: شيماء، أنا مضطرية أمشي لأحسن أمير جوزي جه تحت، وأنا اتأخرت.

وضعت شيماء يدها على ظهر إيلين، ثم ربتت عليه بحنو، و...
-شيماء بخفوت: مافيش مشكلة طبعا، ده انتي كتر خيرك على وجودك معانا
-إيلين بجدية، ونظرات لامعة: دي فرح مش بس صاحبتي، لأ دي اكتر من اختي، أنا بجد مقهورة على اللي حصلها ده
-شيماء وهي تزم شفتيها في امتعاض: ده حال الدنيا، بس رغم الظروف دي أن سعيدة إني اتعرفت عليكي
-إيلين مبتسمة بتصنع: شكرا ليكي حبيبتي
-شيماء بخفوت: وما تقلقيش عليها، أنا موجودة معاها.

-إيلين بنبرة متلهفة وهي تمط شفتيها: آووه يا ريت، لأني بجد هاموت من القلق عليها.

ثم أمسكت بهاتفها المحمول، و...
-إيلين بنبرة شبه جادة وهي مطرقة لرأسها: بصي ده رقمي، خليه معاكي، ولو في اي حاجة حصلت، أرجوكي كلميني على طول، هتلاقيني موجودة..
-شيماء وهي توميء برأسها إيماءة خفيفة: حاضر.

ثم دونت رقمها بعد أن هاتفتها، ومن ثم قبلتها في وجنتيها، واستأذنت الجميع بالإنصراف..

أشارت شيماء بعينيها لزوجها آدم، فنظر لها بنظرات متفحصة، وحاول أن يقرأ ما تقوله بشفتيها بخفوت، وخاصة أن يزيد كان يوليهما ظهره، ومحدقا بباب غرفة فرح..
أومىء آدم برأسه موافقا على ما تقول، ثم تحرك في اتجاه يزيد ووقف إلى جواره، ووضع يده على كتفه، وتنحنح في خفوت، ثم...
-آدم بنبرة هادئة، ونظرات حائرة: احم، هاتعمل ايه الوقتي؟

تنهد هو في إرهاق، ثم التفت برأسه ناحيته و...
-يزيد بنبرة متعبة: ولا حاجة
-آدم متسائلا بنبرة حائرة: يعني هاتمشي ولا آآ...
-يزيد بجدية شديدة، ونظرات ثابتة: انت بتقول ايه؟ أنا أعد هنا مع فرح، أكيد مش هامشي طبعا.

استدار آدم برأسه نصف استدارة، ثم أومىء برأسه لزوجته شيماء، ومن ثم عاود النظر إلى يزيد و...
-آدم بنبرة شبه متلعثمة: آآ، طب، طب احنا هنستأذن الوقتي عشان يعني آآ..
-يزيد وهو يهز رأسه بحركة متكررة، وبنبرة خافتة: روحوا انتو، أنا عارف انكم تعبانين معانا من امبارح.

تحركت شيماء في اتجاه يزيد، ثم أشارت بيدها و...
-شيماء بجدية، وبنظرات مترقبة: انت هتلاقينا عندك من النجمة، بس انت عارف، احنا سايبين سلمى لوحدها عند ماما، وآآ...
-يزيد مقاطعا بهدوء: مافيش داعي لأي مبرر، كتر خيركم على اللي عملتوه معانا
شيماء بنبرة عازمة، ونظرات جدية: إن شاء الله هتلاقينا عندك من صباحية ربنا
-آدم مبتسما بهدوء: بالظبط، يعني ادينا كام ساعة وهتلاقينا فوق دماغك.

-يزيد بنبرة عادية: خدوا راحتكم، أنا موجود، ولو احتاجت حاجة هاقولكم على طول
-آدم بنبرة متعشمة: بالله عليك لو في أي حاجة كلمني
-يزيد وهو يوميء برأسه بإيجاز: طيب.

ثم صافحه، ونظر إلى شيماء بإمتنان، ومن ثم انصرف كلاهما..

في قصر هايدي بالمريوطية
كانت هايدي غافلة في فراشها الوثير حينما رن هاتفها المحمول ليصدح رنينه في أرجاء الغرفة مما جعلها تتذمر بضيق، و..
-هايدي بنبرة غاضبة وهي مغمضة لعينيها: مين الغبي اللي بيتصل السعادي!

أمسكت بهاتفها المسنود على الكومود، ثم نظرت بنصف عين إلى اسم المتصل، ولكنها لم تتبين الرقم، فألقت الهاتف بعدم اكتراث إلى جوارها على الوسادة، ثم أغمضت عينيها لتغفو، ولكن تكرر الرنين مجددا، فمدت يدها لتمسك به، ومن ثم رفعته قليلا لتنظر إليه بزاوية عينها، فوجدت على الشاشة ( رقم خاص )، فزفرت في ضيق، ثم اعتدلت في فراشها، وضغطت على زر الايجاب و...
-هايدي هاتفيا بنبرة ناعسة: الوو، مين؟

-المتصل هاتفيا بنبرة باردة: صحي النوم يا مدام، ده أنا لو مكانك المفروض مانمش خالص.

انتبه هايدي إلى ذلك الصوت الذي سمعته من قبل، ودعكت عينيها بأطراف أصابعها و..
-هايدي بنبرة شبه خائفة، ونظرات غافلة: انت، انت مين؟
-المتصل بنبرة مخيفة: لحقتيني تنسيني يا دكتورة الآبلسة، ده أنا هاطلع **** ***!

اتسعت عينيها في ذهول، وأفاقت حواسها كاملة، وابتلعت ريقها في توجس، وحاولت أن تبدو شجاعة وهي تهاتفه و...
-هايدي بنبرة متحدية: اخرس يا حيوان، أنا لو وصلتلك ه، آآ...
-المتصل مقاطعا بشراسة: طب عشان طولة لسانك الزفر ده، روحي شوفي مركز الموت بتاعك حصله ايه؟
-هايدي بذعر: انت، انت بتقول ايه؟
-المتصل بنبرة مستفزة تحمل الإهانة: أنا مش باقول، أنا نفذت يا، يا ضاكتوورا.

ثم أغلق الهاتف دون أن ينتظر أي إجابة منها، في حين قفزت هي من على الفراش والرعب يتملكها مما يكون قد حدث للمركز الخاص بها..
لم تدر هايدي كيف بدلت ثياب نومها العارية بثيابها المنمقة، وكيف ركضت مسرعة كالبلهاء على الدرج وهي ( حافية ) القدمين لتكمل إرتداء حذائها المفتوح بداخل سيارتها المصطفة أمام باب القصر الضخم..
ثم قادتها بأقصى سرعة في اتجاه المركز الطبي الخاص بها..

في منزل فرح عبد الحميد
وقف يزيد أمام باب غرفة فرح مترددا في الدخول إليها، فهو يشعر بالخزي مما فعل معها، فهو بدون تفكير تسرع، وتصرف بغباء شديد، ولم يفكر أو يتصرف بعقلانية حينما رأى هايدي أمامه، وبالتالي انعكس هذا بطريقة سيئة على علاقته مع فرح والتي باتت مهددة بالانتهاء..

عقد يزيد كلتا يديه خلف رأسه، وظل يضغط على رقبته في توتر شديد، ثم جاب الصالة ذهابا وإيابا وهو يفكر في طريقة ما من أجل إصلاح ما أفسده..
ظل هو باقيا على تلك الحالة لبرهة من الوقت، ثم دفعه الشغف للدخول إلى الغرفة والإطمئنان عليها، فأخذ نفسا مطولا، ثم زفره على تمهل، وأمسك بالمقبض، وفتح الباب ودلف إلى الداخل..
تأمل يزيد فرح الغافلة في هدوء على فراشها بنظرات أسفة نادمة ودامعة في نفس الوقت..

كانت تلك هي المرة الأولى التي يرى فيها يزيد غرفة فرح، أو حتى يمكث في منزلها..
لقد كان يتمنى أن يدعى لزيارة هذا المنزل الدافيء في ظروف أفضل من تلك، ولكن ما باليد حيلة، وربما تكون الأقدار قد لعبت دورها في أن يحدث هذا لكي يتم اختبار مدى قوة علاقتهما وصلابتها...
إنه حقا إختبار صعب، وعلى يزيد أن يتجاوزه بنجاح، وإلا سيخسر حياته التي اختارها للأبد..

خشى أن تكون تلك اللحظات المعدودة التي يقضيها بصحبتها وهي غافلة هي اللحظات الأخيرة في علاقتهما سويا، فهي لم تعد كما كانت، ووفاة والدتها الحنون سينعكس بالضرورة عليها، ومن قبل أن تعرف بما صار معها كانت هي قد حسمت قرارها بالانفصال النهائي..
تنهد هو في حزن ممزوج بالآسى، ثم قرر أن ينفض عن عقله تلك الأفكار، ونظر إليها بأعين مليئة بالحنو والدفيء، وسلط بصره عليها، ثم سار بخطوات متمهلة في اتجاه فراشها..

جلس هو على طرف الفراش، وبدأ ينظر إليها بنظرات طويلة نادمة..
لقد كانت ساكنة تماما أمامه، ملامحها شاحبة، ووجهها يميل للصفرة، أنفاسها منتظمة رغم خفوتها..
أجفل هو عينيه في ضيق من نفسه، ثم زم شفتيه، وتنهد في حسرة ولكن بحرارة أكبر، ومن ثم رفع رأسه لينظر إليها بتمعن أكثر، و...

-يزيد لنفسه بخفوت، وبنبرة نادمة: غصب عني كنت وحش اوي معاكي، من غبائي مفكرتش للحظة إنك ممكن تكوني بريئة ومالكيش دعوة بهايدي، بس الغضب عماني، وأنا زي المجنون اتهورت معاكي..
ثم اختنق صوته وهو يخرج من جوفه، و...
-يزيد بنبرة متشنجة للغاية، وبأعين دامعة: يا ترى هتسامحيني بعد اللي عملته فيكي، ولا، ولا هتسيبني بجد؟

باتت الكلمات تخرج من حلقه بصعوبة شديدة، فأجفل بصره مجددا، ومد إصبعه ليمسح دمعة فرت من طرف عينه، ثم...
-يزيد بنبرة متحشرجة: أنا خايف أكون فعلا ضيعتك من ايدي!
ثم مد يده في تردد في اتجاه وجهها ليمسد على بشرتها الرقيقة، وما إن وضعها على وجنتها حتى انتفض فزعا..

لقد كانت بشرتها باردة للغاية، وأكثر شحوبا، فخشى أن يكون قد أصابها مكروها، فمد يده ليمسك بكف يدها ويتحسسه، فوجده مثلجا، فانقبض قلبه أكثر، وخفق بسرعة رهيبة، ثم نهض عن الفراش وهو ممسك بكف يدها، وقام بوضع يده الأخرى في جيب بنطاله ليخرج هاتفه المحمول، ثم عبث فيه لثوان قبل أن يضعه على أذنه و...

-يزيد هاتفيا بنبرة منزعجة: ألوو، أيوه يا دكتور، معلش أنا عارف إني بكلمك في الوقت المتأخر ده، بس عاوزك تجيلي على العنوان ده ضروري..!

في مركز ماميز الطبي
صفت هايدي سيارتها أمام باب مركزها الطبي، ثم ترجلت منها وركضت مسرعة في اتجاه البوابة الزجاجية..
أخرجت هي مفتاح المركز، وقامت بفتح الباب بعد أن أدخلت الرقم السري الخاص به، ومن ثم أضاءت ردهته، وجابت بعينيها المذعورتين المكان في رعب..
لقد كان كل شيء في مكانه، لا يوجد أي أثار لاعتداء أو لتخريب..
تلونت وجنتي هايدي بحمرة الغضب، وظلت تنظر حولها بريبة، و...

-هايدي بنبرة منفعلة: ما كل حاجة زي ما هي، اومال ابن ال *** كان بيشتغلني ولا ايه؟
ثم ضيقت عينيها ونظرت أمامها بأعين حادة كالصقر، وسارت بخطوات راكضة عبر الرواق في اتجاه غرفة مكتبها..
فتحت هي باب الغرفة لتتفاجيء بعلبة مغلفة موضوعة على مكتبها الزجاجي الفخم، فابتلعت ريقها في توتر، ثم سارت بخطوات متعثرة في اتجاه المكتب..
أمسكت هايدي بالعلبة الكرتونية المغلفة بأصابع يدها المرتجفة، وحدقت فيها بتفحص و..

-هايدي بنبرة مرعوبة: دي، دي دخلت هنا إزاي؟

فتحت هايدي العلبة لتتفاجيء بوجود أسطوانة أخرى مدمجة، مع ورقة مطوية، ففردتها لتقرأى فحواها، و..
-هايدي بخفوت، ونظرات زائغة: ( أيامك سودة معايا ).

طوت هي الورقة بعصبية، ثم ألقتها على الأرضية الرخامية الصلبة، و..
-هايدي بنبرة متشنجة: أنا مش هاخلص من الحيوان ده.

ثم صدح فجأة في ردهة المركز الخارجية صوت رنين هاتف أرضي، فقفزت في مكانها من الرعب، وسقطت العلبة من يدها على قدمها، فآلمتها بشدة، وثنت ركبتها لتفرك أصابع قدمها المتآلمة، ثم سارت بخطوات حذرة إلى خارج المركز، وهي ترمش بعينيها في رعب..
توقف الهاتف الأرضي عن الرنين، فتنفست هي الصعداء، ثم عادت إلى غرفة مكتبها مجددا لتفحص محتوى تلك الأسطوانة..

أدارت هايدي جهاز الحاسوب الخاص بها، ثم وضعت الأسطوانة في المكان المخصص لها، وانتظرت بترقب وهي تجلس على مقعدها..
لم تجد هي أي شيء بالأسطوانة، فقد كانت فارغة، مما جعلها تنفعل بتشنج و...
-هايدي بنبرة مغتاظة: هو أيه الموضوع بالظبط؟

رن هاتفها المحمول مجددا، فنظرت إلى شاشته فوجدت ذلك الرقم الخاص يتصل بها، فزفرت في غيظ، ثم ضغطت على زر الإيجاب و..
-هايدي هاتفيا بصراخ صادح يحمل التهديد: انت مفكر انك هتفلت بعد اللي بتعمله معايا، تبقى مجنون ومش عارف انت لعبت مع مين، ده أنا هانسفك، قسما بالله هامحيك من على وش الدنيا.

سمعت هي صوت ضحكات عالية مستهينة بها، ثم..
-المتصل هاتفيا بنبرة باردة: أنا بس حبيت أعرفك إني ممكن أوصلك في أي وقت، وأخليكي تلفي حولين نفسك
-هايدي بنظرات مشتعلة، ونبرة محتقنة: وأنا مش هاسيبك، أعرف بس انت مين، وهاخليك تندم على آآ...
-المتصل مقاطعا بحدة: الندم ده خليه للي زيك، بكرة هتلاقي فيلمك إياه منور على النت، حاجة أخر حلاوة.

-هايدي بانفعال شديد تحمل التهديد الصريح: اه يا سافل، أنا هوريك، أنا هاقتلك
-المتصل مقاطعا بنبرة صارمة: ولا تقدري تعملي حاجة..
ثم صمت للحظة قبل أن يتابع ب...
-المتصل بهدوء حذر: بس برضوه أنا هاطلع كريم معاكي..
-هايدي بنبرة محتقنة: انت عاوز مني ايه؟ عاوز ايييييه؟

-المتصل بهدوء مخيف: شوفي يا حالضاكتووورا، كل ملفات المرضى بتوعك وتحاليلهم المضروبة عندي، فاستعدي بقى للبلاغات اللي هتنزل على نافوخ أهلك لو عرفوا بده، لكن لو دفعتي 5 مليون جنية ليا أنا هاسكت وهاعتبر الورق ده عربون محبة بينا، ها ايه رأيك بقى؟

فغرت هي شفتيها في رعب شديد، ونهضت عن مقعدها، ودفعته بيدها للخلف، ثم سارت - وهي ممسكة بهاتفها بيدها الأخرى - في اتجاه خزانة معدنية مختبئة خلف إحدى اللوحات الشهيرة، وقامت بفتحها بعد أن ضغطت على عدة أرقام سرية، وكانت المفاجأة بالنسبة لها، حيث وجدتها خالية من أي شيء، فنظرت أمامها في هلع، وسقط الهاتف من يدها ليتحطم إلى أجزاء و...

-هايدي بنبرة مذعورة، ونظرات جاحظة: مش ممكن، مش معقول، أنا، أنا كده ضعت، أنا روحت في داهية.

شعرت هي ببرودة قارصة تتسرب إلى جسدها، ولم تعد قادرة على الوقوف، فجثت على ركبتيها، ووضعت كلتا يديها في وسط شعرها الهائج، وظلت محدقة أمامها في رعب حقيقي، ثم تجسد أمام ناظريها خيالات عما قد يصير لها في المستقبل من التعرض لفضيحة كبرى، وإغلاق مركزها الشهير، وكذلك إنهيار مستقبلها المهني، وربما السجن المشدد في حال تأكد الجميع من صحة تلك الأوراق التي بحوزة هذا المتصل...

في أحد المنتجعات الصحية الشهيرة
بداخل غرفة التدليك
وضع شريف الصباغ هاتفه المحمول إلى جواره بعد أن تنهد في ارتياح، ثم اعتلى وجهه ابتسامة شيطانية، ونظر أمامه بنظرات متشفية، و..
-شريف لنفسه بخفوت: ولسه يا هايدي يا بنت ال *****، هاتشوفي أيام ما يعلم بيها إلا ربنا معايا..
ثم تمدد على الطاولة المخصصة للتدليك، وأشار لأحد العاملين بيده لكي يبدأ في فرك جسده المتيبس، و...

-شريف بنبرة شبه آمرة: عاوزك تدلك كويس، يالا!

بدأ العامل في تدليك جسده، ثم سمع كلاهما صوت طرقات على باب الغرفة، فرفع شريف رأسه قليلا، وأشار للعامل بفتح الباب، فامتثل لأوامره، ثم سمح للطارق بالدخول..
دلفت إحدى الممرضات والتي تعمل لدى هايدي، وأطرقت رأسها في خجل حينما وجدت السيد شريف شبه عاري، و...
-صفية وهي تتنحنح في حرج: لامؤاخذة يا بيه، أنا، أنا مكونتش اعرف انك آآ..
-شريف مقاطعا بهدوء، ونظرات فاحصة: تعالي يا صفية، أنا بعمل مساج.

-صفية بتلعثم وهي مجفلة لعينيها: أنا، أنا جيت لحضرتك عشان أخد بقية، آآ، بقية الفلوس
-شريف مبتسما في تشفي، وبنظرات مشرقة: حقك يا صفية، ماهو لولا إنك عرفتيني باللي بنت الكلب دي بتعمله، مكونتش هاعرف أي حاجة ولا هاكشفها
-صفية بنبرة متلهفة: يا بيه خيرك انت والهانم سابق عليا، ده كفاية انكم متكفلين بمصاريف عيالي بعد أبوهم ما مات
-شريف بجدية: يا صفية ده انتي متربية على ايد الحاجة أمي، وطمر فيكي العشرة.

-صفية بنبرة أكثر تلهفا: عيب يا بيه تقول كده، ده أنا خادمتكم
-شريف مبتسما في رضا، وهو يشير بيده: طيب روحي على الحسابات تحت هتلاقيني سايبلك بقية حقك، فخديهم
-صفية بإبتسامة عريضة، ونظرات لامعة: ياخد عدوينك يا شريف بيه، وبلغ سلامي للهانم، وأنا تحت أمرك في أي حاجة
-شريف بنبرة جادة، ونظرات محذرة: انتي خدي بالك بس من الحيزبونة دي، وأوعي تجيبي سيرة لأي حد مهما كان باللي حصل، وإلا انتي اللي هتروحي فيها.

-صفية بنبرة حازمة: اطمن يا بيه، أنا ولا أعرف أي حاجة
-شريف مبتسما في اعجاب: برافو عليكي، روحي انتي بس عشان متتأخريش
-صفية وهي توميء برأسها، وبخفوت: حاضر يا بيه، عن اذنك!

ثم انصرفت الممرضة صفية وعلى وجهها ابتسامة سعادة خاصة بعد أن تلقت ذلك المبلغ المالي الضخم من السيد شريف الصباغ نظير تسريبها لمعلومات تخص ما يحدث للمرضى بداخل مركز ماميز الطبي من إفشال متعمد لعمليات الحقن المجهري...

في منزل فرح عبد الحميد
دلف الطبيب إلى خارج غرفة فرح بعد أن انتهى من الكشف عليها وتعليق بعض المحاليل الطبية لها، ثم أمسك بورقة بيضاء دون عليها بعض أسماء الأدوية الطبية، ومد يده بها إلى يزيد و...
-الطبيب بنبرة هادئة: اتفضل يا سيادة المقدم.

أمسك هو بالورقة ثم نظر إلى ما كتبه فيها، و...
-يزيد بجدية، ونظرات متوترة: هي حالتها خطيرة؟
-الطبيب بهدوء حذر: ماخبيش عليك، هي عندها حالة انهيار عصبي، ومحتاجة رعاية خلال الفترة الجاية، يعني، نصيحتي ليك توديها عند دكتور نفساني متخصص، ده أفضل ليها في المرحلة دي
-يزيد متسائلا بضيق، ونظرات مضطربة: هو ممكن حالتها تدهور؟
-الطبيب بنبرة متريثة: ده احتمال، لكن مع الرعاية اللازمة هتقدر تعدي الأزمة دي بسلام.

-يزيد بنبرة جادة: ربنا يسهل، معلش يا دكتور تعبتك معايا، وجبتك متأخر
-الطبيب مبتسما ابتسامة زائفة: ولا يهمك يا سيادة المقدم، أنا تحت أمرك في أي وقت.

ثم وضع يزيد يده في جيب بنطاله، وأخرج بعض النقود، وأعطاها للطبيب الذي نظر له بإمتنان، ثم اصطحبه إلى باب المنزل حيث انصرف الطبيب بعد أن صافحه..
استدار يزيد بجسده عائدا إلى غرفة فرح، ثم توقف أمام الباب مترددا في الدخول..

لقد كانت حالتها النفسية سيئة للغاية، وهو نوعا ما متورط فيما حدث لها، وعليه عبء كبير في أن يهون عليها المسألة ويخرجها من تلك الحالة ويعوضها عما فات، ولكن أمامه عقبة كبيرة هو كيفية جعلها تثق به من جديد، والأهم من هذا كله هل ستقبل هي حقا أن تستمر في علاقتها معه، وتتقبل وجوده في حياتها بعد الذي صار؟ أم أنها بمجرد أن تستعيد وعيها ستتركه على الفور...؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة