قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل التاسع عشر

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل التاسع عشر

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل التاسع عشر

دلفت فرح إلى داخل أحد المحال التجارية الخاصة ببيع الإكسسوارات والهدايا التذكارية، وظلت تتجول بين أروقة المحل المختلفة والمليئة بالعديد والعديد من الأشياء المميزة، وجابت ببصرها بين جميع الأرفف المثبتة على الحوائط، وأيضا الحوامل المعدنية..

ترددت فرح في انتقاء ما تريد شراؤه من أجل والدتها، ورفيقتها إيلين، ولكن مر ببالها حديث آدم عن الاحتفال بعيد مولد يزيد، فتنهدت في ضيق، وازدادت حيرتها، هل تشتري له هدية رمزية، أم تتجاهل هذا الحديث برمته..
وضعت فرح يدها على رأسها، وأمسكت بخصلة من شعرها وظلت تلويها حول إصبعها في توتر، و..

-فرح لنفسها بنبرة حائرة: طب أعمل ايه الوقتي؟ أطنش، ولا أجيبله هدية، طب ما أنا لو جبتهاله هيقول عني ايه؟ ولو مجبتش برضوه احتمال يقولي إني مش معبراة، ولا بخيلة، أوووف، يا ربي، انا محتارة، بجد مش عارفة اعمل ايه..

توقفت فرح أمام أحد الأرفف المعلق عليها بعض القلادات، ولفت نظرها قلادة ذكورية مميزة، حيث كانت القلادة مكونة من رباط جلدي أسود، ويتدلى في نهايته ( ضرس ) لسمكة القرش مصنوع من العاج، أعجبت فرح بالقلادة كثيرا، وظنت أنها ستكون مناسبة ليزيد كهدية لعيد مولده، فهي بسيطة وغير متكلفة، وربما ستكون مقبولة إن أعطته إياها..

أقنعت فرح نفسها بأن تلك الهدية مناسبة، وبالتالي مدت يدها لتمسك بها، ورفعتها إلى الأعلى لتنظر إليها بعينيها عن كثب..
ثم تحركت ببقية أرجاء المحل وإنتقت لوالدتها ( سبحة ) مصنوعة من الخرز الملون، ولإيلين إطار فضي لوضع الصور بداخله..

توجهت لاحقا إلى ( الكاشير ) لكي تدفع تكاليف الهدايا، وطلبت من البائعة أن تغلف القلادة وتضعها في حقيبة بمفردها، وتضع الهديتين الأخرتين في حقيبة أخرة، فابتسمت لها البائعة في رقة و...
-البائعة بنبرة هادئة: تحبي العلبة بتاعة القلادة تكون حمرا ولا لون تاني؟
-فرح بجدية، ونظرات مرتبكة: لألأ، خليها علبة سوداء
-البائعة بهدوء: حاضر..

وبالفعل قامت البائعة بوضع القلادة في علبة كرتونية صغيرة سوداء، ثم قامت بلفها بشريط فضي صغير، ووضعتها في حقيبة بلاستيكية صغيرة، لقد خشيت فرح إن انتقت ليزيد علبة هدايا من لون مميز ك ( الأحمر ) أن يتم تفسيرها بصورة خاطئة، لذا فضلت أن يكون لونها عاديا..

ظل يزيد يعاتب آدم على تصرفه الأحمق ( من وجهة نظره ) أثناء وجود فرح، في حين ظلت الابتسامة السخيفة مرتسمة على وجه آدم وهو محدق به بنظرات متفائلة و...
-يزيد بنبرة حانقة: انت بجد انسان غريب، ازاي تفكر تعمل كده
-آدم بنبرة واثقة: بكرة تيجي تشكرني على اللي عملته معاك، وتبوس راسي كمان
-يزيد بضيق، ونظرات مغتاظة: ده أنا هاكسر راسك الناشفة دي، حد كان قالك إني عاوز هدية منها.

-آدم بنبرة مستفزة: مش لازم تقول، كفاية أنا أحس
-يزيد بنبرة متهكمة: والله! وانت بقى عاملي فيها حساس الجيل
-آدم بنبرة هادئة للغاية: يا يزيد أنا أكتر واحد في الدنيا دي عارفك كويس، طب انت مش حاسس انك متغير من ساعة ما فرح دخلت حياتك؟
-يزيد فاغرا فمه: هه..
استمر آدم في توضيح بعض النقاط الغافلة عن يزيد والخاصة بمشاعره، وكيف أنه قد لاحظ أن وجود فرح قد أحدث تغييرا كبيرا في حياته، وأن هذا التغيير كان للأفضل..

كان يزيد متيقنا أن آدم قد أصاب في قوله، ولكنه كان يأبى أن يفصح عما بداخله، وأثر الصمت عن التفوه بأي حديث يؤكد كلام آدم..

بعد برهة من الوقت، عادت فرح إلى حيث تركت آدم ويزيد وهي تحمل في يدها الحقائب الصغيرة، ثم ظلت تجوب بعينيها المكان باحثة عن كلاهما، ولكنها للأسف لم تجدهما، فقررت أن تجلس بجوار النافورة الراقصة وتنتظرهما، ولكن لفت نظرها موقف حدث بين إحدى السيدات وطفلة صغيرة..

كان سيدة ما تبدو في أوائل الثلاثينيات من عمرها – وترتدي عباءة سوداء مطرزة - تعنف طفلة صغيرة لا تتجاوز السادسة من عمرها بطريقة مستفزة، ثم تركتها فجأة وانصرفت، فنهضت فرح من مكانها، وتوجهت إلى تلك الطفلة الصغيرة بخطوات سريعة..
كانت الطفلة تبكي بدموع غزيرة، فجثت فرح على إحدى ركبتيها أمام تلك الطفلة، ومدت يدها لتمسك بكفها الرقيق و...

-فرح متسائلة بنبرة هادئة ونظرات متوجسة: ايه يا حبيبتي، مالك بتعيطي كده ليه؟ ومين دي اللي بتزعقلك؟
-الطفلة بصوت باكي: دي ماما
-فرح بنفس الثبات الانفعالي: وماما بتزعقلك ليه؟
-الطفلة بنبرة باكية: عشان أنا كنت عاوزة أروح معاها وهي مردتش
-فرح بنظرات متعجبة، ونبرة متوجسة: يعني ماما سابتك ومشيت؟
-الطفلة وهي توميء برأسها: اه.

عضت فرح على شفتيها من الغيظ، والتفتت برأسها في كل الاتجاهات لكي تبحث عن تلك الوالدة المستهترة التي تركت طفلتها بمفردها في وسط مكان مزدحم بالعديد من الأشخاص دون أي اكتراث لها..
وقفت فرح على ساقيها، ثم احتضنت الطفلة الصغيرة بكلا ذراعيها، ومدت يدها بداخل حقيبتها العملية لتخرج منشفة ورقية، ومن ثم أعطتها للطفلة الصغيرة لكي تجفف دموعها..

لمحت فرح والدة تلك الطفلة وهي تقف أمام أحد المحال المخصصة لبيع ( الإيشاربات ) و الطرح، فرمقتها بنظرات نارية، ثم خطت ناحيتها بخطوات راكضة وهي ممسكة بكف يد الطفلة الصغيرة..

ثوان قليلة مرت قبل أن تقف فرح أمام تلك السيدة، ومن ثم...
-فرح بنبرة شبه غاضبة، ونظرات حادة: بعد اذنك يا مدام.

التفتت تلك السيدة ذات البشرة القمحية إلى فرح، ورمقتها بنظرات استغراب، ثم أجفلت بصرها قليلا للأسفل لتجد ابنتها الصغيرة تقف مختبأة خلف فرح، فمدت يدها على عجالة لتمسك بالصغيرة، ومن ثم جذبتها بقسوة و...
-سيدة ما بنبرة متعصبة: تعالي يا زفتة هنا
-الطفلة بصراخ: عااا، ماما.

تدخلت فرح فورا، ووضعت ذراعها أمام السيدة لتمنعها من سحب الطفلة بتلك الطريقة العنيفة، و...
-فرح بحنق: في ايه يا مدام، بالراحة شوية على البنت، مش طريقة دي
-سيدة ما بغضب: دي بت قليلة الآدب، ناقصة رباية، وعاوزة قطم رقبتها
-فرح متسائلة بضيق شديد: ليه يعني؟ هي عملت ايه لكل ده؟

في نفس التوقيت كان يزيد وآدم قد دلفا خارج محل مجاور لمحل الإيشاربات، فرأى كلاهما فرح وهي تتحدث إلى سيدة غريبة وممسكة بطفلة صغيرة و..
-يزيد متسائلا بنظرات ضيقة، ونبرة جادة: هي مش دي فرح اللي واقفة تكلم الست دي
-آدم وهو يوميء برأسه: اه هي
-يزيد متسائلا بفضول: طب بتعمل ايه معاها؟ ومين البت اللي مسكاها في ايدها دي
-آدم بتوجس: لاحسن تكون بتتخانق.

-يزيد بنبرة منزعجة وهو يضرب كتف آدم: طب تعالى بسرعة نشوف في ايه.

تحرك الاثنين في اتجاه فرح وتلك السيدة، واستمعا إلى الحوار الدائر بينهما و...
-فرح بنبرة مغتاظة: بس ده مش مبرر إنك تضربيها بالشكل ده
-سيدة ما بنبرة غل: يعني يا أبلة أسيبها تيجي ورايا وأنا قولتلها تتنيل تقعد مع جدتها، وهي مصممة تعاندني
-فرح بنبرة غاضبة: طب ماتخديها معاكي، هيحصل ايه يعني؟
-سيدة ما ببرود: وأخدها ليه؟ دول هما 5 ولا 10 دقايق عقبال ما أشتري اللي أنا عاوزاه، وبعدين بنت ال *** دي بتستهبل.

ارتسمت علامات الصدمة على وجه فرح، وعقدت حاجبيها في ذهول، ثم..
-فرح بنبرة مشدوهة: يا مدام دي طفلة
-سيدة ما بنبرة مستفزة: طفلة ايه، دي بغلة، انتي عارفة دي في سنة كام KG2..!
-فرح فاغرة شفتيها في ذهول أكبر: نعم؟ KG2؟!
-سيدة ما بنبرة جامدة: أه
-فرح بنظرات مصدومة، ونبرة عاجزة: يعني لسه في حضانة
-سيدة ما بنبرة غير مكترثة: أه، بس بعرف تروح المدرسة وترجع لوحدها زي الطحشة أهي.

-فرح بنبرة حانقة: يا مدام ده اسمه استهتار.

لوت تلك السيدة فمها في امتعاض، ثم رمقت فرح بنظرات احتقارية من رأسها لأخمص قدميها و..
-سيدة ما بنبرة قانطة: بصي يا أستاذة انتي، البت دي بنتي وأنا عارفاها، وهي ماينفعش معاها إلا كده، دي متسلطة عليا
-فرح بنبرة إصرار: وأنا بنصحك لوجه الله، عارفة لو إنتي كلمتيها بالعقل والله هي هتسمعلك وآآآ...

-سيدة ما مقاطعة بحدة: بقولك دي متسلطة عليا، تقوليلي أكلمها بالعقل، يا شيخة ده أنا عندي أربع نصايب غيرها، ربنا ياخدها ويريحني منها
-فرح بنبرة حانقة: يا ستي حرام عليكي، ماتدعيش على بنتك، ده الأطفال نعمة من ربنا...
لقد حفرت تلك العبارات البسيطة في عقل يزيد، وجعلته يحدق في فرح بنظرات رومانسية، فلم يكن يتخيل أنها مثله شغوفة بالأطفال، وتحنو عليهم سواء كانوا يقربون لها أم لا..

وفي تلك اللحظة بالذات أدرك يزيد أن فرح هي الزوجة التي تناسبه حقا، هي تلك المرأة التي طالما نشدها، الأم الحنون، والزوجة العطوف، هي نعمة أرسلها الله إليه، وعليه ألا يضيعها، ولكنه سوف ينتظر قدوم الفرصة المناسبة لمفاتحتها في هذا الموضوع المصيري، ولن يتركها ترحل من وحدته العسكرية قبل أن يكون عاقدا قرانه عليها..

التفت آدم إلى يزيد لينظر إليه بنظرات متغحصة محاولا سبر أغوار عقله، فقد عرف أن كلمات فرح سوف تلمس روح يزيد الهائمة، بلى، لقد كان الموقف عفويا، ولكن سيترتب عليه الكثير من التطورات لاحقا..

انصرفت السيدة القاسية وهي تجر ابنتها، وتلكزها بحدة في جانبها، وتوبخ لها إهانات لاذعة، في حين ظلت فرح متسمرة في مكانها غير مصدقة أنه توج أمهات بمثل تلك القسوة والجمود، ثم استدارت بجسدها لتتفاجيء بيزيد وآدم محدقان بها، ففغرت شفتيها في ذهول، ثم عضت على شفتيها مجددا، وابتلعت ريقها، وسارت في اتجاههما و..
-فرح بنبرة متلعثمة، ونظرات شبه مرتبكة: أنا، أنا كنت بدور عليكم، انتو، آآ، انتو كنتوا فين؟

-آدم مبتسما ابتسامة عريضة: احنا هنا أهوو.

ظل يزيد صامتا، ولكنه لم يحيد بعينيه عن فرح، بل ظل ممعنا فيها، متأملا إياها بنظرات حالمة، والهة..
أدارت فرح رأسها في اتجاه يزيد، فوجدته محدقا بها بطريقة أخجلتها، مما جعل وجنتيها تتورد سريعا، ثم أطرقت رأسها للأسفل، في حين وزع آدم نظره بين كلاهما، ولم تختفي تلك الابتسامة العريضة من على وجهه، وأيقن أن الأخبار السارة ستعلن عما قريب..
مرت لحظات والجميع على تلك الوضعية، فشعرت فرح بالخجل أكثر و...

-فرح بنبرة خافتة: طب يالا بينا، أظن الوقت أتأخر
-آدم مبتسما بثقة، وهو يغمز ليزيد: انا بقول كده برضوه، وأهو كل تأخيرة وفيها خيرة..
سار الجميع عائدين إلى أول ميدان سوهو، حيث بدأ بقية أفراد الضباط في التجمع، ثم استقل كل مجموعة منهم سيارة أجرة من أجل العودة إلى الفندق حتى يستقلوا الحافلة ويعودوا إلى الميناء مجددا لإستئناف مناورتهم التدريبية..

وصل غالبية الضباط إلى مدخل الفندق الفخم، وبدأت الأحاديث الجانبية العالية بين الجميع حول اليوم وكيف كان ممتعا لمعظمهم..

بحثت فرح بعينيها عن يزيد الذي كان قد تركها قبل برهة ليذهب مع رفاقه إلى المرحاض بعد أن عادوا للفندق، وترددت في إعطائه هديته، ولكنها عقدت العزم على أن تقدمها اليوم بما أنه يوم مولده، لذا ظلت ترمق الحاضرين بنظرات متفحصة بحثا عنه، وفي النهاية رأته يقف في الخلف بمفرده، ومستندا على أحد الأعمدة الجرانتية، فابتلعت ريقها في توتر، وفركت أصابع يدها في ارتباك، وقبضت على ذراع حقيبتها بشدة، ثم سارت حوله وهي تقدم خطوة، وتؤخر الأخرى، لقد كانت تخشى أن يفهمها يزيد بصورة خاطئة، ويظن بها السوء، ولكنها حاولت أن تقنع نفسها أنها مجرد هدية لعيد مولده، لا أكثر ولا أقل..

لم تكمل فرح تفكيرها المشحون، حيث وجدت نفسها واقفة قبالة يزيد الذي اعتدل في وقفته حينما رأها، كما اعتلت شفتيه ابتسامة عذبة و..
-يزيد بنبرة رخيمة: بنفسك جاية عندي
-فرح وهي تتنحنح في حرج وبنبرة متلعثمة: آآ، أنا كنت، آآ، أنا..
-يزيد متسائلا بخفوت: انتي ايه؟

وقف آدم من على بعد يراقب كلاهما بنظرات متفائلة، ولكن تبدلت ملامحه للانزعاج فورا حينما لمح منذر وهو يتجه صوبهما و...
-آدم بنبرة متوجسة، ونظرات قلقة: أوبااا، كتلة الرخامة جت، أنا لازم أزحلقه بسرعتة قبل ما يطب على الاتنين.

بالفعل ركض آدم مسرعا في اتجاه منذر، ثم اصطدم به عن عمد، وكاد أن يوقعه على الأرضية الرخامية اللامعة، ولكن تمالك منذر نفسه، في حين ظل آدم ممسكا به و..
-منذر بنبرة منزعجة: مش تاخد بالك يا باشا
-آدم بنبرة متوترة: آآ، معلش.

أزاح منذر ذراع يزيد القابض على كتفه، ولكن تشبث آدم به أكثر، وحاول ابعاده في الاتجاه العكسي و...
-آدم بنبرة شبه جادة: تعالى معايا
-منذر بعدم فهم وهو مصر على إبعاد ذراع آدم: أروح معاك فين؟
-آدم وهو يجز على أسنانه في حنق: في داهية، آآ، قصدي عاوز أخد رأيك في حاجة.

وبالفعل نجح آدم في إبعاد منذر عن الاقتراب من يزيد وفرح، وترك لهما الفرصة ليحظيا ببعض الحديث الهاديء..

مدت فرح يدها داخل حقيبتها العملية، و أخرجت منها حقيبة بلاستيكية صغيرة، ثم رفعت يدها في اتجاه يزيد، و...
-يزيد متسائلا بفضول: دي ايه دي؟
-فرح بنبرة خجلة: آآ، دي عشانك.

رفع يزيد أحد حاجبيه في استغراب، وضيق عينيه نوعا ما و...
-يزيد بنبرة شبه جادة: عشاني
-فرح وهي توميء برأسها بنبرة مرتبكة: آآ، اها، عشان عيد ميلادك.

مط يزيد فمه قليلا، ثم رمق فرح بنظرات فاحصة و...
-يزيد بنفس النبرة الجادة: عيد ميلادي!

هزت فرح رأسها تلك المرة ولم تجبه، في حين أمسك يزيد بالحقيبة البلاستيكية الصغيرة، ووضع إصبعيه بداخلها لكي يخرج تلك العلبة السوداء الصغيرة المغلفة بشريط فضي، تابعته هي بنظرات مترقبة، وعلى وجهها علامات توتر جلية..

أحل يزيد الشريط الفضي، وفتح العلبة لينظر إلى ما بداخلها، فوجد قلادة مميزة يتدلى منها ضرس كبير لسمكة قرش، فاعتلى ثغره ابتسامة إعجاب، فتنهدت فرح في إرتياح، ولكنه أغلق العلبة فجأة، ومد يده بها مجددا في اتجاه فرح و..
-يزيد بنبرة جامدة: أسف أنا مش بقبل هدايا...!

تبدلت ملامح فرح سريعا من الارتياح للانزعاج، وعبس وجهها كليا، وحدقت في يزيد بأعين مذهولة، وشعرت بغصة ما في حلقها، وإنقباضة في قلبها و..
-فرح بعدم تصديق: هاه
-يزيد بنفس الجمود: مش عاوز حاجة منك، مالك مستغربة ليه؟ ولا هو عادي ليكي، وغريب عليا..!

ابتلعت فرح ريقها في إحراج شديد، وأطرقت رأسها في خزي، فقد ظنت أنها أخطأت وتسرعت حينما فكرت أن تعطي تلك الهدية له...
ثم ابتسم يزيد في ثقة وغرور، ورمق فرح بنظرات لئيمة و..
-يزيد بنبرة مغترة: عشان تعرفي شعوري لما انتي رفضتي تاخدي هديتي، بس أنا غيرك عمري ما هردلك حاجة جبيتها إيديكي..
رفعت فرح رأسها، ونظرت إلى يزيد بنظرات مصدومة، في حين أمسك هو بالقلادة، ورفعها ناحية فمه، ثم قبلها قبلة مطولة و...

-يزيد بنبرة عميقة: دي أغلى حاجة جتلي يا، يا فراشتي..!

اكتست وجنتي فرح كلية بحمرة الخجل، ورفعت أصابع يدها لتعبث بخصلة شعرها في ارتباك، بينما ظل يزيد محدقا بها برومانسية..
ثم صدح في المكان صوت أبواق الحافلات لتعلن عن وصولها، وبدأ الجميع في الصعود عليهم، وسار كلا من يزيد وفرح معا، وركبا سويا في الحافلة، ورغم أن الحديث بينهما كان قليلا طوال طريق العودة، لكن لم يتوقف للحظة قلبهما عن الخفقان بإسم الحب...

عاد الجميع إلى الفرقاطة، ودلف معظم الضباط والمجندين إلى القمرات الخاصة بهم..
دلفت فرح إلى داخل قمرتها، وأوصدت الباب خلفها، ثم ارتمت على الفراش المعدني لتتذكر تلك اللحظات التي قضتها اليوم مع يزيد، وكشفت لها عن الكثير من الأمور...
لم يكف يزيد هو الأخر عن التفكير في فرح، وقضى معظم ليلته وهو محدقا بقلادتها التي يمسكها بيده، و...
-يزيد بنبرة عازمة: بكرة هاتكوني بتاعتي للأبد..!

ثم قبض يزيد على القلادة أكثر بكف يده وهو يبتسم في ثقة شديدة...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة